هل سيكون ٢٠١٧ عام استهداف الكمائن؟

أكثر من ٧ سنوات فى التحرير

شهدت إحدى محافظات الصعيد (الوادي الجديد)٬ أمس عملية إرهابية متطورة ضد نقطة ارتكاز شرطية على طريق أسيوط ـ الواحات بالكيلو ٨٠، أسفرت تلك العملية عن استشهاد ٨ من قوات الأمن (حتى كتابة سطور هذا المقال)٬ وإصابة ٥ آخرين٬ وتأتي تلك العملية بعد أيام قليلة من استهداف ثلاثة كمائن أمنية بسيناء، منها كمين المطافي بالعريش بمحافظة شمال سيناء، والذي أسفر عن استشهاد أكثر من ٨ أفراد من قوات الشرطة. 
تلك العمليات الإرهابية الأخيرة تطرح العديد من التساؤلات، ومنها: هل حدث تغيير في المستهدفات من قبل العناصر الإرهابية بمصر خلال بداية عام ٢٠١٧؟ وهل هذا التغيير في المستهدف يرتبط بتنظيم محدد؟ ومن قام بالعملية الإرهابية أمس (كمين النقب)؟

«١»

هشام عشماوي

يوليو ٢٠١٤ يعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة عن استشهاد ٢٢ مجندا وضابطا بالقوات المسلحة على أثر العملية الإرهابية بمنطقة الفرافرة٬ حيث أعلن تنظيم 
(المرابطون) بقيادة الإرهابي هشام عشماوي مسئوليته عن تلك العملية الإرهابية٬ هشام عشماوي (ضابط مفصول من القوات المسلحة عام ٢٠٠٤، مسئول التدريب بتنظيم بيت المقدس سابقا) حيث أعلن انفصاله عن تنظيم بيت المقدس بعد مبايعة تنظيم بيت المقدس لأبو بكر البغدادي (داعش) خلال عام ٢٠١٤ وتغيير المسمى لتنظيم (ولاية سيناء) بدلا من تنظيم بيت المقدس٬ هذا الأمر دفع الإرهابي هشام عشماوي لإعادة التأكيد على بيعته لأيمن الظواهري وتنظيم القاعدة٬ وتكوين تنظيم جديد باسم (المرابطون) ونقل تمركز التنظيم الجديد خارج حدود الدولة المصرية واستقراره بدولة ليبيا بمنطقة (درنة) على بعد عدة كيلو مترات من الحدود الغربية المصرية، وبالتبعية قام الإرهابي هشام عشماوي بنقل نشاطه الإرهابي خارج حدود سيناء، لتتمركز في المنطقة الغربية لسهولة التحرك من وإلى ليبيا، مقر التنظيم الجديد، بجانب خبرة الإرهابي هشام عشماوي بالمنطقة الغربية لمصر، حيث كان ضابطا بالصاعقة بمنطقة الفرافرة٬ فخبرته بالمنطقة الغربية وبطبيعة الأرض الصحراوية ومعلوماته عن نقاط التمركز الأمني لقوات الجيش بالمنطقة جعلت من تلك المنطقة مستهدفا سهلا لدى تنظيم المرابطين بقيادة هشام عشماوي٬ ولكن ومنذ آخر عملية إرهابية عام ٢٠١٤ (الفرافرة ٢)٬ انتهى تقريبا نشاط تنظيم المرابطين بالمنطقة الغربية نتيجة ثلاثة عوامل الأول: دفع قوات الجيش بمعدات حديثة (قادمة من روسيا) خاصة بمراقبة الحدود العامل الثاني: التعاون المصري مع حكومة طبرق وقوات الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر لضبط الحدود، بل وصل الأمر للقيام بعمليات عسكرية نوعية بمنطقة درنة معقل تنظيم المرابطين وأنصار الشريعة وبعض التنظيمات الإرهابية التابعة لتنظيمي القاعدة وداعش، وكان أشهر تلك العمليات النوعية من قبل الدولة المصرية هو ضرب منطقة درنة في أعقاب ذبح داعش للمصريين بدولة ليبيا، وعلى الرغم من وجود تنظيم داعش في منطقة سرت الليبية ومقتل المصريين بمنطقة سرت فإن القوات الجوية المصرية وجهت ضربة جوية لمنطقة درنة لأنها معقل التنظيم الحقيقي والمهدد الأول للأمن القومي المصري، هذا بجانب بعض العمليات النوعية الخاصة من قبل قوات الجيش الليبي، وبعض عناصر النخبة المصرية والتعاون الاستخباراتي مع القوات الفرنسية الموجودة على الأراضي الليبية. العامل الثالث: التقارب في العلاقة بين قبائل الصحراء الغربية والقوات المسلحة، مما ساعد على الحد من انتشار العمليات الإرهابية بتلك المنطقة٬ تلك العوامل الثلاثة كانت عاملا مهما في وقف العمليات الإرهابية في المنطقة الغربية٬ ولكن ماذا حدث؟ 
لماذا حدثت عملية إرهابية (كمين النقب) بالقرب من محيط المنطقة الغربية؟ 
هل عاد تنظيم المرابطين بقيادة الإرهابي هشام عشماوي لممارسة النشاط الإرهابي بالمنطقة الغربية؟ هل تنظيم بيت المقدس هو من قام بتلك العملية الإرهابية؟ أم تنظيم العنف العشوائي (لواء الثورة وحسم نموذج)؟

«٢»

سيناريوهات منفذ عملية النقب

هناك أربعة احتمالات عن الجهة المنفذة للعملية الإرهابية أمس (كمين النقب)٬ التي أسفرت عن مقتل ٨ شهداء من الشرطة، ويمكن تناول تلك الاحتمالات على النحو التالي.

الاحتمال الرابع «المستبعد»

خلال الأشهر الماضية وجهت قوات حرس الحدود ضربات عنيفة تجاه المهربين على طول خط الحدود بين مصر وليبيا، وهو ما جعل قوات الأمن عدوا لدى مافيا التهريب٬ مما يدفع إلى وضع احتمال قيام عناصر من المهربين بالعملية الإرهابية الأخير (كمين النقب) كما حدث منذ عدة أشهر بقيام بعض المهربين بإطلاق النار على قوات الأمن٬ ولكن يأتي هذا الاحتمال ليحتل المرتبة الأخيرة في سلسلة الاحتمالات لسببين. 
الأول: أن المستهدف هو كمين لقوات الشرطة وليس لقوات الجيش (حرس الحدود). السبب الثاني: لأن الكمين المستهدف يبعد عن خط الحدود مسافة كبيرة بجانب بعد الكمين (النقب) عن خطوط التهريب المتعارف عليها.

الاحتمال الثالث «ضعيف»

للوهلة الأولى يطرح اسم تنظيم بيت المقدس كواحد من منفذي أي عملية إرهابية٬ وعلى الرغم من قدرة التنظيم للقيام بمثل تلك العمليات فإن طرح اسم تنظيم بيت المقدس كمنفذ لعملية كمين النقب أمس احتمال ضعيف لثلاثة أسباب الأول: يمر تنظيم بيت المقدس بمرحلة صعبة على المستوى التنظيمي خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وخصوصا بعد مقتل زعيمه (أبو دعاء الأنصاري) في وقت يحدث حالة من الجدل داخل التنظيم حول الاستمرار في بيعة تنظيم (داعش) وأبو بكر البغدادي أو يتم العودة لتنظيم القاعدة ومبايعة أيمن الظواهري. 
السبب الثاني: ارتفاع حدة المواجهة مع قوات الأمن في سيناء ومحاولة التتظيم بالقيادة الجديدة (أبو هاجر الهاشمي) لإعادة ترتيب الوضع التنظيمي بعد تراجع قوة التنظيم من حيث السيطرة على بعض المناطق بعد دخول القوات المسلحة العديد من قرى وأحياء الشيخ زويد ورفح والسيطرة عليها، ومن جهة أخرى تتداول بعض التحليلات والأخبار الدولية عن تنامي حدة التوتر بين أفراد تنظيم بيت المقدس بعد تولي (أبو هاجر الهاشمي) كمسئول عن التنظيم لضعف عدد المصريين في هيكلة التنظيم، حيث ترجح بعض التحليلات إلى أن مسئول التنظيم (أبو هاجر الهاشمي) ضابط سابق بالجيش العراقي وسيطرة عدد كبير من مسئولي التنظيم من جنسيات غير مصرية مع تهميش المصريين داخل قيادة التنظيم. 
السبب الثالث: لم يسبق لتنظيم بيت المقدس القيام بعملية إرهابية بالمنطقة الغربية بعد انفصال (هشام عشماوي) عن التنظيم وعلى الجانب الآخر تأتي تكتيكات العملية بمستوى ضعيف من حيث العناصر الإرهابية والأدوات المستخدمة بالعملية مقارنة بتكتيكات وأدوات العمليات الإرهابية التي يقوم بها تنظيم بيت المقدس.

الاحتمال الثاني «متوسط»

هل قام هشام عشماوي بتنفيذ العملية الإرهابية؟ 
يمكن الإجابة عن هذا التساؤل بضعف احتمالية قيام هشام عشماوي بهذه العملية الإرهابية نتيجة سببين، الأول: تنظيم هشام عشماوي يقوم باستهداف مستمر لقوات الجيش وليس لقوات الشرطة، ويرجع ذلك لأسباب نفسية تجاه الجيش بعد فصله من القوات المسلحة. 
السبب الثاني: أن خبرة هشام عشماوي بطبيعة المنطقة تدفعه للقيام بعملية أكبر كما حدث في العمليتين الإرهابيتين (الفرافرة ١ ـ ٢)٬ بجانب استخدام سيارة دفع رباعي عليها عدد قليل من العناصر الإرهابية تستخدم إطلاق النار كوسيلة وحيدة للمواجهة، تكتيك ضعيف بالنسبة لخبرات تنظيم المرابطين في العمليات الإرهابية.

الاحتمال الأول «الأقوى»

بالنظر فيما نشر حول العملية الإرهابية بوسائل الإعلام منذ ساعات (حتى كتابة سطور هذا المقال)٬ بقيام عناصر إرهابية تستخدم سيارة دفع رباعي، يمكن استنتاج أن عددا الإرهابيين لا يتجاوز أكثر من ٧ أفراد على الأكثر نتيجة مساحة السيارة المستخدمة بالعملية الإرهابية٬ واستخدام تلك العناصر سلاحا رشاشا، يستخدم في أغلب العمليات الإرهابية في العمق المصري٬ مع الوضع في الاعتبار توقيت العملية ومكانها٬ وهي نقطة ارتكاز أمني طبيعية غير مستهدفة٬ وبعد وضع كل النقاط السابقة نجد تشابه تلك العملية الإرهابية من حيث التوقيت والمستهدف والأدوات المستخدمة فى العملية مع عملية كمين العجيزي بالمنوفية، حيث أعلن تنظيم ما يسمى (لواء الثورة) قيامه بالعملية الإرهابية٬ وأيضا تقترب تكتيكات تلك العملية من عملية كمين الهرم خلال شهر ديسمبر ٢٠١٦ مع اختلاف الأدوات المستخدمة في العملية، وقد أعلن تنظيم ما يسمى «حسم» تنفيذه للعملية الأخيرة بالهرم٬ وإذا تمت إضافة تهديد تنظيم «حسم» بقيامه بعملية إرهابية خلال ٤٨ ساعة (حيث أعلنت حركة حسم منذ أيام عن تنفيذها عملية إرهابية خلال ٤٨ ساعة على صفحة الحركة)٬ ومن ثم ترجح تلك النقاط السابقة احتمالية قيام إحدى تنظيمات ما يسمى (بالإرهاب العشوائي) سواء كانت (حسم أو لواء الثورة) ولا فرق بينهم من حيث النشأة والتبعية، يضاف إليهم تنظيما (العقاب الثوري٬ والمقاومة الشعبية)٬ بالقيام بالعملية الإرهابية أمس (كمين النقب).

«٣»

وبعيدًا عن سيناريوهات منفذي العملية الإرهابية (كمين النقب)٬ هناك ملاحظة خلال الأشهر الماضية، خصوصا خلال شهري ديسمبر ٢٠١٦ ويناير ٢٠١٧ هو استهداف مرتفع للكمائن الأمنية٬ فخلال ثلاثين يوما يتم استهداف ستة كمائن، وجميعهم لقوات الشرطة، فهل يمكن اعتبار ما أعلنه (أبو هاجر الهاشمي) في تصريحاته بجريدة «النبأ» التابعة لتنظيم داعش في العدد ٦٠ بأن المستهدف خلال المرحلة القادمة، سيكون كمائن قوات الأمن ودعوة كل أعضاء التنظيم والتنظيمات الأخرى باستهداف الكمائن الأمنية سواء كانت ثابتة أو متحركة٬ بعد مرحلة من تراجع استهداف الكمائن خلال عام ٢٠١٦ واعتماد تنظيم بيت المقدس وباقي التنظيمات الإرهابية خلال عام ٢٠١٦ على العبوات الناسفة في مواجهة عناصر قوات الأمن٬ فهل سيكون عام ٢٠١٧ عام استهداف الكمائن؟ وما استراتيجية المواجهة؟ 
السؤال الأخير يمكن أن نجيب عنه من خلال مؤشر الكمائن (استراتيجية جديدة)٬ وهو مؤشر من إعداد كاتب هذا المقال، سيتم نشره فى المرحلة القادمة.

شارك الخبر على