أسرار الصندوق الأسود

ما يقرب من ٨ سنوات فى أخبار اليوم

في ٣ فبراير ١٩٤٧ تلقي المأسوف علي شبابه الجنيه المصري آخر شهادة صمود في وجه الدولار الأمريكي الذي لم يجد من حينها من يقول له: اتلم!

في ذلك التاريخ كانت دور السينما في القاهرة مشغولة بالعرض الأول لفيلم «غني حرب» لبطليه كمال الشناوي وبشارة واكيم الذي تناول احوال ما بعد الحرب العالمية الثانية، وفي احد مشاهده يقول الشناوي لبشارة انه يمتلك عيادة تدر عليه دخلا يقدر بـ ٤ أو ٥ جنيهات ليرد الثاني: يعني ٢٠ دولار أو ١٠٠ شلن.

وفي ذات الاثناء كانت مدينة بريتون وودز الامريكية تشهد وقائع ميلاد عصر جديدما بعد الحرب العالمية الثانية، يمكن تسميته «عصر سيادة الدولار والهيمنة الأمريكية»، حيث كانت وفود ٤٤ دولة تكتب شهادة انتقال الهيمنة الاستعمارية من بريطانيا العظمي إلي الولايات المتحدة الامريكية، وانتزاع السيطرة الاقتصادية علي العالم  من الجنيه الاسترليني ومركز لندن المالي إلي الدولار الامريكي ووول ستريت في واشنطن مع اقرار نظام اقتصادي عالمي جديد بعد مفاوضات بدأت منذ عام ١٩٤٤ واستقرت علي انشاء صندوق النقد الدولي بنظام يتمحور أولا وأخيرا حول الدولار الأمريكي ليكون الأساس في تحديد باقي عملات العالم الذي بات يخضع للهيمنة الأمريكية اثر نصيبها الكبير في رأس مال البنك بـ٢٫٩ مليار دولار من إجمالي ٨٫٨ مليار امتلكت به حق الدولة المرجحة -وحدها- للتصويت عند الخلاف علي قرار واستخدام حق الفيتو ضد ما لا يعجبها من قراراته، وذرا للرماد في العيون استقروا علي تقليد ألا يكون رئيس البنك امريكيا.

ومما يدعو للضحك والبكاء في التعامل مع الصندوق والحصول علي مساعداته إلزام الدول الراغبة في الاقتراض منه -زي حالتنا- بتقديم ما يسمي بـ «خطاب النوايا».

 تقدم من خلاله الدولة مقترحاتها للاجراءات التي ستتخذها لضمان سداد القرض ويصر الصندوق علي أن اتفاقياته مع الدول المقترضة ليست اتفاقيات دولية، وبالتالي فليس هناك حاجة إلي أن يصادق عليها برلمان الدولة المعنية، ويقدم القرض علي مراحل لضمان إلتزام الدولة المدينة بطريقة السداد وانصياعها لما فرضه عليها.

هذا الصندوق الأسود أعطي نفسه حق مراقبة مدي الوفاء بمتطلبات الإدارة الرشيدة، وهو ما يسمونه بـ «الحوكمة» وبذلك اعطي لنفسه حق التدخل في سيادة الدول المدينة وهو ما يفسر طول المباحثات بين الصندوق وحكومات الدول الراغبة في الاقتراض. وفي عام١٩٧٩ وضع الصندوق ما يسمي بـ «برامج التكيف الهيكلي» التي تضمنت شروطا عامة لجميع طالبي القروض أخطرها: خفض قيمة العملة الوطنية. وخصخصة المشاريع الحكومية وأملاك الدولة.

تلك بعض اسرار الصندوق الاسود المسمي تمويها «صندوق النقد الدولي» والشائع تسميته في الشارع المصري منذ الثمانينيات بـ «صندوق النكد الدولي» والذي نبه كثير من المحللين الاقتصاديين إلي ان مكاسب النمو الاقتصادي في العالم حسب شريعته وسياسته واشتراطاته ورؤيته سوف توزع علي فئة ضئيلة العدد، أما الفقراء و المستضعفون والبؤساء والعاطلون عن العمل فيخسرون ما تكسبه هذه الفئة القليلة،

 الحل أولا وأخيرا يكمن في الانتاج وضرب المفسدين واستعادة ما نهبوه من هذا الشعب وهو يساوي مئات بل آلاف المليارات من الجنيه -المأسوف علي شبابه- كفيلة بكف مد أيدينا للئيم الأسود المسمي «صندوق النقد الدولي» فهل نحن فاعلون؟

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على