رواتب لذوي الإعاقة
حوالي ٦ سنوات فى الشبيبة
علي بن راشد المطاعنيرغم ما تقدمه الدولة من جهود للعناية بذوي الاعاقة في المجتمع، الا ان هذه الجهود لا تزال في الحد الادنى المطلوب، خصوصا اذا ما تم مقارنتها بما يقدم لفئات اجتماعية اخرى تمتك القدرة على العمل، ولا تحتاج للعناية الخاصة الي يحتاجها ابناؤنا واخوتنا من ذوي الاعاقة، فهذه الشريحة من المواطنين هم الأجدر على الإطلاق بل هم أكثر الشرائح المستحقة "لكل" الدعم وكل الرعاية وكل الإهتمام ، وكل المزايا ، وكل الهبات ، وكل العطايا ، تقديرا وإحتراما لأوضاعهم الصحية والحياتية والنفسية والمعنوية الخاصة والإستثنائية، التي لم يصنعوها، فالواقع الذي يعيشونه قدر لهم، ومصيرهم ان يظلوا بين جدرانه العالية، لايستطيعون منه فكاكا، ودورنا كدولة وكمجتمع ان نحتويهم ونوفر لهم رعاية تعينهم على حياتهم الخاصة والشديدة الخصوصية .ومن هذا المنطلق يجب علينا إعادة تقييم الإهتمام الرسمي بهذه الفئة بنحو شامل وجذري ، ماديا كان أو صحيا، حتى لو إقتضى الأمر صرف راتب شهري معتبر لكل حالة، راتب يلبي الإحتياجات الخاصة التي يحتاجونها وهي بالقطع تفوق كثيرا إحتياجات الأصحاء بمئات المرات ، إن لم تكن بألوف المرات .فهذه الفئات أكثر حاجة للعناية المادية والصحة من فئات اخرى يصرف لها قدر من المال مثل فئات الضمان الاجتماعي الذين تصرف لهم الدولة إعانات شهرية وفق حالات و عدد أفراد الأسرة، فذوي الاعاقة بكل المقاييس تكلفة معيشتهم و رعايتهم تفوق مقدرة كل فرد سواء من حيث الاقامة أو الأجهزة التعويضية والعلاج و الرعاية الخاصة وغير ذلك مما يوفر لهم حياة تقربهم من الحياة الطبيعية، الأمر الذي يفرض إعادة تقييم أوضاع المعوقين وما تقدمه الحكومة لهم مقارنة بذات الفئات في الدول الأخرى و مقارنة مع غيرهم من أفراد المجتمع الأصحاء.فيجب علينا لا ندع أمر ذوي الاعاقة على عاتق عائلاتهم ، خاصةعندما يضيق بها الحال ، و يصبح ذوو الاعاقة عبئا عليهم، بشكل يجعل تلك الاسر مع قسوة الحاجة، اشد قسوة من المرض ذاته، وتبدأ الاسر في مرحله الاهمال والقسوة و غيرها وهو ما لا نرتضيه ان يكون في بلادنا ، فالاهمية تقتضي ان تمنح هذه الشرائح اكثر مما يمنح لغيرهم من مواطنين الاصحاء ، وعلينا الاقتداء بالتجارب العالمية التي توفر لتلك الفئة نسبة من الوظائف تكون شرطا على كل مؤسسة حكومية او خاة، مع توفير اعمال تناسب قدراتهم، بالاضافة إلى تحمل الدولة كافة الاعباء العلاجية، وتوفير خدمات اجتماعية واعفائهم من كافة الرسوم، وغيرها مما نراه يقدم لنظرائهم في الدول الاخرى .فالعديد من الدول سبقتنا إلى الإقرار بهذا الواقع ، فعمدت من تلقاء ذاتها إلى إنصافهم وتوقيرهم وتوفير كل متطلباتهم الحياتية والمعيشية بل وتفصيل العديد من المهن على مقاسهم ليسهموا في بناء أوطانهم بإعتبارهم منتجين وفاعلين وليسوا أوعية لتقلي الإعانات والعطايا ، بذلك يتم الإقرار بأدميتهم وإنسانيتهم ويدفعهم هذا الإقرار النبيل إلى التجويد والإبداع كل في مجال إختصاصه ، كما إنه لن ينتابهم أبدا أي إحساس بالنقص أو الدونية ، مما يسهل إندماجهم في مجتمعاتهم وفي محيطهم الأسري وتلك غاية لا تقدر بثمن عندما يجد كل أفراد المجتمع أنفسهم متساوون في الحقوق والواجبات بدون تفريق بينهم بسبب إعاقة أو غيرها .واقعيا فإن الإهتمام الذي تحظى به هذه الفئة في السلطنة لا يمكننا وصفه بغاية المنى ، أو كل الطموح ، بل لربما أقل من المستويات العالمية المتعارف عليها في الأعراف والمواثيق الدولية في هذا الشأن ، فنجد العديد من الدول رصدت بالفعل معاشات أو مرتبات شهرية لمن تعذر تفصيل مهنة له تتناسب مع إمكاناته الجسدية أو العقلية .كما إنه وفي الوظائف المعلن عنها في القطاعين العام والخاص فإن لهذه الفئة وضعها الخاص أيضا ، فيتم الإعداد والرصد المسبق لإٍستيعاب عدد مقدر منهم في مختلف المهن والتخصصات ، ونجد وعبر الإهتمام الكبير بهم في المجتمعات الأوروبية على سبيل المثال لا الحصر نجدهم يلتحقون بالتعليم حتى أعلى درجاته الجامعية وفوق الجامعية لذلك نجد منهم العلماء والخبراء وأساتذة الجامعات ويؤدون مهامهم الوظيفية والإجتماعية والأسرية كما ينبغي .نأمل أن تجد هذه الفئة من أبناء الوطن المكان اللائق بها في عقد المجتمع ، فهم لايقلون عن الأخرين في أي شيء ، فقط يتعين علينا الإقرار بأهليتهم في الحقوق والواجبات ، عندها فسيبدعون بالتأكيد كل في مجاله وكل في إختصاصة، وان نعي ان ما نقدمه من رعاية لهم سيفتح الطريق لسواعدهم لتساهم في البناء، فلولا هذه الرعاية لم تستفد الانسانية من علم ستيفن هوكينج عالم فيزياء الكبير، ولا استمتعنا بموهبة فريدا كاهلو الفنية، ولا قرئنا روائع الكاتبة هيلين كيلر، أو الاديب المصري طه حسين، وغيرهم من النماذج الذين اعطتهم الدولة الاهتمام المطلوب، فقدموا لدولهم والانسانية جمعاء خدمات جليلة.