انتخاب وتوطين المحافظين هو الحل

about 9 years in أخبار اليوم

لو تقمص أي منا دور الفنانة الراحلة ماري منيب وسأل أي محافظ «إنتِ تشتغلي إيه»؟!!..سيفاجأ بأن معظم المحافظين لا يعرفون مواصفات ومتطلبات وظيفتهم!!..وذلك يرجع في الأساس إلي أن اختيار المحافظين، وكذلك الوزراء وكبار موظفي الدولة، لا يتم في الأغلب بمعيار الكفاءة كما يحدث في بلاد العالم المتقدم وإنما بالمحسوبية ومحاباة أهل الثقة علي حساب أهل الخبرة !!..محافظ سوهاج مثلا نموذج كاشف وفاضح واجهتُ به مع زملاء صحفيين من أبناء المحافظة وزير التنمية المحلية أحمد زكي بدر..وقلنا له إن الناس علي وشك الانفجار وإن الإنجاز الوحيد للمحافظ هو تدهور الخدمات وتفاقم معدلات الفقر والبطالة والمرض فضلا عن حرمان شباب المحافظة من ممارسة الرياضة مجانا حيث يتم تأجير ملاعب مراكز الشباب لهم مقابل خمسة جنيهات في الساعة لكل شاب!!..وجاءت تقارير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء مؤكدة لشهادتنا..إذ أعلن رئيس الجهاز أن محافظات الصعيد هي الأفقر في مصر وأن سوهاج ثاني أفقر محافظة بعد أسيوط!!..وكما توقعنا، لم يفعل الوزير شيئاً ولم يغير المحافظ..وكانت المفاجأة الصاعقة لنا أن شقيق المحافظ اللواء (أ.ع.) عضو في لجنة التنمية المحلية المُكلفة باختيار المحافظين!!..وباتت أقصي أمانينا أن يتكرم سيادة اللواء علينا ويُرقي شقيقه بنقله إلي محافظة أقل فقراً من سوهاج !!..
تلك هي المشكلة التي أدت إلي تخلف المحافظات وتدهور الأحوال وتفاقم البطالة بها إلي الحد الذي جعلها بيئة خصبة لدعايات وإعلام الإخوان ودفع بملايين المُعدمين والمُحبطين من أبناء الأقاليم إلي شد الرحال إلي عاصمة المحروسة بحثاً عن لقمة عيش حتي ولو علي موائد الرحمن أو في صفائح القمامة، وعن ملجأ حتي ولو في العشوائيات..ولو استمرت سياسة الاعتماد علي محافظين فاشلين من الشلة والأقارب وأهل الثقة فلا تنتظروا أي نهاية لكارثة العشوائيات!!..وللخروج نهائياً من براثن هذه الحلقة الجهنمية المفرغة علينا البدء من حيث انتهي العالم المتقدم وتطبيق المعايير الديمقراطية في منظومة المحليات برمتها بما يتطلبه ذلك من انتخاب القيادات من المحافظ وحتي رئيس القرية بناءً علي برامج واضحة وتفصيلية بشأن خطط التنمية والتطوير وطرق تنفيذها وتمويلها..فالانتخاب الحر المباشر كفيل باختيار أفضل العناصر أو أقلها سوءاً..والمرشح لمنصب المحافظ أو غيره سيكون بالطبع من مواطني المنطقة وليس غريبا عنها..وبذلك يتحقق هدف «توطين» المناصب لأن أهل مكة أدري بشعابها..وسيكون المرشح بطبيعة الحال مطالباً بتقديم برامج تفصيلية وعملية عن خططه للتخلص من القمامة وإنشاء وإصلاح الطرق والمنشآت التعليمية والصحية وكيفية إدارتها وصيانتها..وإذا لم ينجح فإن «الصندوق» كفيل بالتغيير واختيار الأجدر والأكفأ..ومن حسن الحظ أن الدستور منحنا لأول مرة (المادة 109) خيار انتخاب المحافظين وقيادات المحليات كما ألزمت المادة 176 منه الدولة بدعم «نظام اللامركزية» لمنح المحليات صلاحيات واسعة لتنمية الأقاليم.. وأكد الرئيس أن المحافظ «رئيس جمهورية في محافظته»..
وحتي يتسني تغيير طريقة اختيار المحافظين والقيادات المحلية لتكون بالانتخاب، يبقي التأكيد علي ضرورة توخي الدقة والنزاهة عند التعيين والبعد عن المحسوبية والمجاملات..فضلا عن محاسبة المحافظين الحاليين عما أنجزوه وخاصة في ملفات سهلة مثل القمامة ومخالفات المباني وإشغالات الطرق..وحتي يحين أوان التغيير «الديمقراطي» علينا البحث عن أهل الخبرة والكفاءة..ويكفي أن نعلم أن النجاح في إدارة المحليات كان طريق العديد من رؤساء الدول لبلوغ مناصبهم مثل الفرنسي جاك شيراك والإيراني أحمدي نجاد والتركي رجب إردوغان الذين بزغ نجمهم بعد نجاحهم كعمد لعواصم بلادهم..وذلك يؤكد أن الديمقراطية هي السبيل الأمثل لحُسن الاختيار وسرعة الإنقاذ والإنجاز وفرز قيادات جديدة وشابة ومؤهلة لتحقيق التنمية والنهضة المنشودة..

Share it on