حصاد ٢٠١٦.. ألمانيا تودع العام بجرائم إرهابية وإخفاق أمني

أكثر من ٧ سنوات فى أخبار اليوم

لم تكد تمر قرابة الشهرين على حادث انتحار اللاجئ السوري «جابر البكر» في زنزانته، والتي كانت مثار انتقادات واسعة لأجهزة الأمن الألمانية إلى حد الوصف بـ«الفضيحة»، حتى واجهت الشرطة أزمة أكبر جراء تقصير أمني كبير في حادث الاعتداء الإرهابي على أحد أسواق عيد الميلاد في برلين، لينتهي عام 2016 في ألمانيا بتقصير أمني في ظل تحديات هائلة.

تقصير أمني

حادثة اقتحام سوق عيد الميلاد، كشفت عن تقصير أمني كبير«قبل وأثناء وعقب» الجريمة، وتركت علامات استفهام جديدة تضاف إلى التساؤلات التي أثارتها قضية جابر البكر قبل ذلك بشهرين عندما أقدم الشاب السوري المتهم بالإعداد لتفجير ضخم في مطار برلين على الانتحار داخل زنزانته ليدفن معه كنز معلوماتي كبير، وفقا لمراقبين ألمان.

في حادثة «البكر» التي وقعت في منتصف أكتوبر الماضي أخفقت أجهزة الأمن في تتبع نشاط الشاب البالغ من العمر 22 عاما، حتى أنه سافر إلى سوريا مرتين وعاد إلى ألمانيا وهو في وضع لاجئ، الإخفاق الأخر هو عندما علمت أجهزة الأمن بمخططة لاستهداف مطار برلين، وفشلت في اصطياده والقبض عليه، إلا أن شابين سوريين تمكنا من الإمساك به وتسليمه للشرطة، الإخفاق الأخر هو انتحار المتهم داخل زنزانته.

الجريمة الإرهابية الأخيرة والتي كان بطلها الشاب التونسي أنيس عامري (24 عاما)، كشفت عن قصور كبير أيضا في أداء الأجهزة الأمنية الألمانية.

بعد الجريمة الإرهابية اعتقلت الشرطة شابا باكستانيا واحتجزته لمدة 24 ساعة حتى أعلنت أنه حدث خطأ وتم إطلاق سراحه، وبعد الهجوم بيومين تعلن الشرطة أنها تلاحق شابًا تونسيا من طالبي اللجوء عثرت على حافظة نقوده وبها هويته وتفاصيل حياته داخل الشاحنة التي اقتحمت السوق، وهو ما كان مثارا للسخرية والانتقادات من جانب المراقبين وحتى المواطنين العاديين.

وكان التساؤل الأكثر استغرابا: هل كانت الشرطة في حاجة إلى يومين لتفتيش الشاحنة بجدية؟

ألغاز وتساؤلات

بدأت بعد ذلك التساؤلات حول الألغاز التي أثارتها القضية وبدأت وسائل الإعلام الألمانية تقوم بدورها في كشف الكثير من الأمور التي وضعت الشرطة الألمانية في وضع حرج.. إلى حد أن كتبت صحيفة «دير بوستالين» الساخرة تقريرا بعنوان الشرطة تعثر على المشتبه به في صندوق «القفازات» داخل الشاحنة.

وقالت الصحيفة الإلكترونية التي يتابعها أكثر من 14 مليون زائر إن المشتبه به في طريقة إلى سجن ليبزج، إشارة إلى السجن الذي انتحر فيه اللاجئ السوري جابر البكر.

ويضاف إلى ما سبق ما تم الكشف عنه بأن الشاب كانت له ميول تطرف وكان معروفا لدى أجهزة الأمن، وأنه خطير ومتطرف يهدد الأمن العام ومع ذلك لم يتم توقيفه.

وتم الكشف عن أنه سبق وأن وُضع المشتبه به تحت المراقبة بعدما تم الاشتباه بأنه كان يعد لعملية سطو من أجل شراء أسلحة أوتوماتيكية وتنفيذ اعتداء.

كما كشفت تقارير أخرى أن السلطات كانت على علم بأن العامري أعلن استعداده داخل الأوساط المتطرفة في ألمانيا للقيام بعملية انتحارية.

بيروقراطية النظام الفيدرالي

هذه المعلومات عندما تضاف إلى التقصير الذي تم في التعامل مع أوراق الهوية التي عثرت عليها الشرطة في الشاحنة، والإصرار من جانب الشرطة على احتجاز مشتبه به بريء وهو الشاب الباكستاني، يفسره رفائيل بير أستاذ علم الإجرام في أكاديمية الشرطة بمدينة هامبورج في حوار مع  «دي دبليو» بأن ذلك سببه تعدد الفاعلين الأمنيين، فهم كثيرون ولا يعرف فيه طرف ما يفعله الطرف الآخر، وبالتالي فهو يعتبر ذلك مؤشرا على تعقيدات بيروقراطية وليس فشلا في الدولة الألمانية.

ويشير «بير» إلى أن «شبكات العمل الأمني تعمل بشكل جيد لكن لها تعقيدات ناجمة عن النظام الفيدرالي، وبالتالي فالوضع الحالي هو الثمن الذي ندفعه من أجل الحرية.

ويمكن التدليل على ذلك من خلال ما رصدته مجلة «التايم» التي قالت في تقرير بعنوان: «كيف فشلت الشرطة الألمانية مرتين في حالة هجوم برلين»، إنه بعد يومين من الجريمة استعدت الشرطة وحشدت عدتها في انتظار مداهمة مركز اللاجئين المسجل فيه العامري، ولكن بعد تأخير كبير أخبر أحد ضباط الشرطة الألمانية، محرر المجلة، أن هناك مشكلة في أمر التفتيش، والنتيجة أن عملية المداهمة تمت في اليوم التالي.

التعاون في مكافحة الإرهاب الدولي

السجل الإجرامي للعامري كان معروفا فقد سجن لفترة في ايطاليا، والسلطات الأمنية الألمانية كانت تراقبه، وأخيرا ما كشفته عنه صحيفة نيويورك من أن السلطات الأمريكية صنفت العامري على أنه يميل إلى التطرف وانه أجرى اتصالا مع تنظيم «داعش»، كما أن السلطات المغربية كشفت أنها حذرت السلطات الألمانية من خطورة الشاب. وهذا الأمر يثير العديد من علامات الاستفهام حول جدية الخطط الدولية والتعاون في مكافحة الإرهاب؟

حدود هشة

عقب الجريمة تمكن الشاب التونسي من الفرار عبر الحدود إلى إيطاليا قاطعا مسافة تزيد على ألف كيلومترا، حاملا سلاحا ناريا دون أن يتم توقيفه أو تشديد الإجراءات الأمنية في مناطق العبور حتى يتم اصطياده.

لكن القدر كان في انتظاره في ميلانو على يد شرطي متدرب بادره برصاصة ردا على رصاصته التي استقرت في كتف زميله الذي أوقفه للتأكد من هويته.

وبذلك يكون العامري قد خطط لجريمته في ألمانيا، ثم سافر إلى إيطاليا ليسرق أداة الجريمة (الشاحنة)، ثم يعود ليرتكب الاعتداء في برلين دون أن يشعر به أحد، ثم يعود إلى إيطاليا مرة أخرى ليلقى حتفه مصادفة.

 المثير للاستغراب أن كاميرات المراقبة رصدت الشاب التونسي في برلين في اليوم التالي لجريمته، ومع ذلك تمكن من الفرار والعبور إلى إيطاليا.

صحيفة «دي فيلت» بدورها تساءلت كيف تمكن العامري من ترك ألمانيا بهذه السهولة رغم أن السلطات تبحث عنه منذ الأربعاء، مؤكدة أن السلطات الألمانية كانت معتقده لآخر لحظه أنه لم يغادر الأراضي الألمانية، مما يعني أن هذه النهاية لم تكن متوقعة.

ميركل في مرمى النيران

كل هذه التفاصيل، أثارت الانتقادات للسلطات الأمنية ولسياسة المستشارة ميركل، من جانب حلفائها قبل خصومها، فقال «أرمين لاشيت» القيادي في الحزب الديمقراطي المسيحي الذي تقوده ميركل: «ليست هذه هي الطريقة لضمان أمن ألمانيا».

وأضاف: «المعلومات التي لدينا عن الطريقة التي عملت بها السلطات تشكل صدمة". أما ستيفان ماير المسئول أيضا في حزب ميركل، فقال إن قضية العامري تؤكد الثغرات في النظام القائم "كما لو أننا ننظر إليه بمكبر».

عام دموي

وبشكل عام، شهدت ألمانيا منذ بداية 2016 عدة هجمات وراح ضحية بعضها قتلى وجرحى، وقد نفذ معظمها في محطات للقطارات.

وكان آخر هذه الهجمات إطلاق نار في مجمع أولمبيا التجاري بمدينة ميونيخ.

ففي فبراير أصيب شرطي ألماني بعد طعنه بسكين من قبل فتاة تبلغ من العمر 15 عاما في محطة هانوفر للقطارات.

وفي 10 مايو، قتل شخص وأصيب ثلاثة آخرون خلال عملية طعن نفذها مواطن ألماني في محطة قطار بمدينة ميونيخ.

وفي 23 يونيو قتلت الشرطة رجلا احتجز 25 رهينة في دار للسينما بمدينة فيرنهايم غربي ألمانيا.

وفي 18 يوليوأصيب أربعة أشخاص في عملية طعن نفذها شاب أفغاني في قطار لنقل المسافرين قرب فورتسبورج جنوبي ألمانيا، قبل أن تقتله الشرطة.

وفي مساء الجمعة 22 يوليو أطلق عدة مسلحين النار عشوائيا في مجمع أولمبيا التجاري بمدينة ميونيخ، وأسقطوا تسعة قتلى و21 جريحا.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على