مقدمة نشرة الاخبار OTV واشنطن تتراجع وتتواضع وطهران تتواضع لكن لا تتراجع

ما يقرب من ٥ سنوات فى تيار

بين افريقيا وغرب اسيا والجزيرة العربية وشرق ايران يعيش حيوان شرس قوي شجاع لا يهاب افعى ولا ضبعا لا نمرا ولا نسرا لا اسدا ولا احدا , حيوان صغير نسبيا بحجم ابن آوى اسمه غرير العسل ( honey badger ) . مخالبه تستطيع حفر نفق بدقائق وصوته يشبه زئير الاسد وجهازه المناعي يتحمل عضة افعى الكوبرا التي تقتل فيلا لا بل اكثر يقتل غرير العسل الكوبرا ويأكلها بسمها ودمها ولحمها ولا يرف له جفن . باختصار تتحاشاه وحوش الغاب وينطبق عليه القول : الله يسعدو ويبعدو . ما يحصل بين واشنطن وطهران منذ 40 عاما يشبه الى حد ما العلاقة بين غرير العسل وباقي وحوش الغاب . فرضت واشنطن العقوبات على ايران فردت طهران بالهجمات على الطائرات المسيرة اليوم والمخيرة غدا ربما . واشنطن تحجم وطهران تقدم . الحرس الثوري الذي صنفته اميركا منظمة ارهابية يسقط طائرة اميركية ويعلن دون خجل او وجل ومن دون تردد او حرج مسؤوليته عن الحادثة . ترامب يهدد ويندد ثم يتراجع ويتواضع . يلتمس لايران اعذارا مثل ان اسقاط الطائرة قد يكون حصل عن طريق الخطا او ان احدا ربما ضغط على الزر الخطا ويرد الحرس الثوري عليه اليوم ليجاريه ويداريه ويراعيه بالمنطق ذاته فيعلن ان هناك احتمالا بأن يكون تجاوز المجال الجوي الايراني نجم عن خطأ فردي ارتكبه جنرال اميركي . التماس متبادل للاعذار منعا لاشتعال خطوط التماس في الخليج والمنطقة وهو ما لا يحتمله رجل الاعمال ترامب وما لا تتحمله صفقة القرن الطائرة على بساط الاعمال والاموال والاحتلال والاستهبال لانظمة حولت بوصلتها وباعت قبلتها وبدلت عباءتها .
اذا واشنطن تتراجع وتتواضع وطهران تتواضع لكن لا تتراجع . لا حرب لكن لا مفاوضات . ايران المأزومة اقتصاديا وماليا تدفع بالامور الى حافة الهاوية وتجر معها واشنطن مثل شمشون والفلسطينيين . وواشنطن المحرجة تبحث عن رد اعتبار لمكانتها لكن الدولة العميقة فيها لا تأسف على ترامب وتتمنى له ان يغرق اكثر فأكثر , وبريطانيا تهرع الى ايران مثلما هرع تشامبرلين الى ميونيخ العام 1938 لاسترضاء المانيا لنزع فتيل الحرب فلا ربح السلام ولا منع الحرب .
من الان فصاعدا تحولت ايران ناخبا اساسيا في السباق الرئاسي الى البيت الابيض العام 2020 مثلما كانت لاعبا وناخبا وصوتا تفضليا في انتخابات 1981 التي جاءت برونالد ريغان واطاحت بجيمي كارتر واخرجت الرهائن الاميركيين من سفارة واشنطن في طهران الملتحفة عباءة اول ثورة اسلامية تصل الى الحكم في العصر الحديث .
بعد اسقاط الطائرة المسيرة لم تعد واشنطن مخيرة : اما رد الاعتبار واما درء الاضرار . وبين البراغماتية الاميركية والواقعية الايرانية يمكن توفير المخارج والاعذار .

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على