الحكومة اللبنانية الجديدة ... آمال وتطلعات

over 8 years in قنا

بيروت في 21 ديسمبر /قنا/ أجواء من التفاؤل والأمل تسود في لبنان على المستويين الرسمي والشعبي بعد تشكيل الحكومة الجديدة ، برئاسة سعد الحريري قبل عيدي الميلاد ورأس السنة، وذلك عقب انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية بعد عامين ونصف من الفراغ الرئاسي لينهي حالة التعطيل لمؤسسات الدولة والتي أفرزت أعباء اقتصادية واجتماعية إضافية في البلد الذي شهد هزات أمنية على وقع الأوضاع في سوريا.

وقد تم يوم الأحد الماضي الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة برئاسة سعد الحريري، وهي الحكومة الأولى في عهد الرئيس العماد ميشال عون الذي انتخب في 31 أكتوبر الماضي بعد فراغ رئاسي دام منذ مايو 2014 على وقع أزمة سياسية في البلاد. 
وشارك في الحكومة الثلاثينية 30 وزيرا، معظم الفرقاء السياسيين من فريقي ما يعرف بقوى 8 و14 آذار، بمن فيهم "حزب الله" الذي يعتبر الخصم السياسي للحريري في الساحة الداخلية، باستثناء حزب "الكتائب" الذي رفض المشاركة بوزير دولة، أي دون حقيبة وزارية .
آمال وتطلعات يتمناها اللبنانيون من الحكومة التي ولدت بعد بداية انفراج سياسي إثر انتخاب عون رئيسا، وهي لحظة انتظرها اللبنانيون طويلا على أمل أن تضع حدا لمشاكلهم المعيشية والاقتصادية بالدرجة الأولى .
وقد التقت مراسلة وكالة الأنباء القطرية "قنا" في بيروت سياسيين ومواطنين للوقوف على آمالهم خلال فترة تولي الحكومة، التي لن تتجاوز الأشهر القليلة بسبب انتهاء ولاية البرلمان الممدد لنفسه في آخر يونيو القادم، وبالتالي يتوجب إجراء الانتخابات في شهر مايو القادم كحد أقصى لأنه ووفقا للدستور اللبناني "تعتبر الحكومة مستقيلة حكما في حال انتهت صلاحية المجلس النيابي وتتحول الى حكومة تصريف أعمال" .
وأجمع السياسيون على ضرورة أن تكون أولويات هذه الحكومة، والتي أطلقوا عليها وصف "حكومة انتخابات"، إجراء الانتخابات النيابية والتعاون مع البرلمان لإقرار قانون انتخابي جديد .. مؤكدين في الوقت ذاته على ضرورة إيلاء الشأن الاقتصادي والمعيشي للمواطنين الاهتمام اللازم من المسؤولين الى جانب إرساء الاستقرار الأمني .  
وقال النائب مروان فارس عضو كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي لـ "قنا"، إن "من المهام الملقاة على عاتق الحكومة كثيرة وأولها مساعدة مجلس النواب في وضع قانون جديد للانتخابات النيابية".. موضحا أن إقرار قانون للانتخابات هو من مهام مجلس النواب، ولكن الحكومة تساعد في إطار مشاريع قوانين التي تتقدم بها..لافتا إلى وجود اقتراح قانون على أساس اعتماد مبدأ النسبية تقدمت به حكومة رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، وهو من اقتراحات القوانين المهمة برأيه والذي من الممكن أن تتقدم به الحكومة الحالية من جديد .
وشدد فارس على أهمية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها.. مشيرا إلى "احتمال" إجراء تجديد تقني لمجلس النواب الحالي من ثلاثة الى ستة أشهر ريثما يتم الانتهاء من إقرار قانون جديد للانتخابات.. مؤكدا اتفاق جميع الفرقاء السياسيين على إجراء الانتخابات النيابية في وقتها ودون تمديد لمجلس النواب.
وأوضح عضو كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي أن حزبه مع إقرار قانون للانتخابات النيابية على أساس اعتماد لبنان دائرة واحدة على قاعدة النسبية، وهو ما يعيد الحق للبنانيين في اختيار ممثليهم.. معتبرا أن ذلك "سيكون خطوة مهمة في سياق إلغاء الطائفية السياسية". 
وطالب فارس بضرورة تطبيق الدستور اللبناني الذي ينص على إلغاء الطائفية السياسية.. مبينا أن المادة 95 من الدستور تشير الى أن المطلوب من المجلس النيابي اللبناني المنتخب على أساس المناصفة "وضع خطة مرحلية لإلغاء الطائفية السياسية وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية، إضافة الى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء وشخصيات سياسية وفكرية واجتماعية".
وحول آماله من هذه الحكومة ومن الحكومات القادمة، قال "لبنان لا يمكن أن يصل الى حل مختلف لمشاكله دون إلغاء الطائفية".. مؤكدا ضرورة "وضع حد لاستشراء الفساد" وفقا لما يطالب به الرئيس اللبناني . 
وكان الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، قال في تصريحات له بعد تشكيل الحكومة، "صحيح أن مهمة الحكومة الحالية إجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها، ولكن هذا لا يعني تراخيها في متابعة الأمور الحياتية الملحة وتسيير شؤون المواطنين، لا سيما استكمال تنفيذ المشاريع الإنمائية المجمدة، وتفعيل عملية الاستفادة من الثروة النفطية والغازية، ومكافحة الفساد، إضافة الى واجب السهر على مواجهة التحديات الأمنية والإرهابية".
من جانبه، قال النائب خالد زهرمان عضو كتلة "المستقبل"، لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، إن أمام الحكومة اللبنانية الجديدة "الكثير من التحديات والاستحقاقات وأولها إقرار قانون جديد للانتخاب وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها.. والجميع يعرف أن الحكومة هي حكومة انتخابات ولكن بنفس الوقت ذلك لا يعفيها من المهام الأخرى الواجب القيام بها".. لافتا إلى أن الموضوع الاقتصادي يجب أن يكون في سلم الأولويات، إلى جانب إقرار الموازنة لأن لبنان منذ عام 2005 لم يشهد موازنة وهو أمر غير سليم . 
وأضاف أنه "من مهام الحكومة أيضا تثبيت الاستقرار الأمني لأن لبنان يعيش وسط منطقة مشتعلة، مع ضرورة توفر الدعم من قبل القرار السياسي بالبلاد من أجل فعالية عمل الأجهزة الأمنية التي تقوم بدورها على أكمل وجه ضمن الإمكانات المتوفرة لها".. مشددا على ضرورة اهتمام الحكومة بالوضع الاقتصادي والمالي لأن المؤشرات والتقارير المختصة تدل أنه في حال عدم اتخاذ التدابير اللازمة خلال فترة قريبة "قد يؤدي الوضع القائم الى الانهيار الاقتصادي".. مطالباً الحكومة بالاهتمام بملف التعيينات وملء الشواغر في الدولة لتسيير أمور الناس .
مواطنون لبنانيون على اختلاف طوائفهم ومن كافة المناطق والتيارات السياسية أعربوا لـ "قنا"، عن آمالهم في أن تعطي الحكومة أولوية للشأن الاقتصادي وتأمين الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء.. مؤكدين أن إجراء الانتخابات النيابية مهمة ،ولكن الأهم أن تؤدي الى نتيجة تحقيق مطالبهم بعد سنوات من الأزمات المعيشية والاقتصادية في ظل انعدام الخدمات والفرص الوظيفية .
وعقب إعلانها، أكد سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية الجديدة، في تصريح صحفي، أن حكومة الوفاق الوطني ستنكب فورا على معالجة ما يمكن معالجته في عمرها الذي لن يتخطى بضعة أشهر من الأزمات التي تواجه المواطنين، وعلى رأسها مشاكل النفايات والكهرباء والمياه.. وقال إنه "ستكون أولى مهمات هذه الحكومة، الوصول بالتعاون مع المجلس النيابي إلى قانون جديد للانتخابات، يراعي النسبية وسلامة التمثيل، لتنظيم الانتخابات النيابية في موعدها منتصف العام".. لافتا الى أنه يمكن اعتبار هذه الحكومة حكومة انتخابات.
وأكد الحريري أن الحكومة الجديدة تضع في رأس أولوياتها المحافظة على الاستقرار الأمني الذي ينعم به لبنان في ظل الحرائق التي تعم المنطقة من حوله، وعزل لبنان عن التداعيات السلبية للأزمة السورية، مع تحمل المجتمع الدولي مسؤوليته كاملة في مساعدة لبنان بشأن أعباء نزوح السوريين الهاربين من الوحشية التي تقف حلب اليوم شاهدا عليها . 
وقد تم تسمية سعد الحريري رئيسا للحكومة اللبنانية في 3 نوفمبر الماضي بعد المشاورات النيابية الملزمة التي أجراها الرئيس العماد ميشال عون لتكليف رئيس للحكومة عقب انتخابه رئيسا وإنهاء فترة شغور رئاسي استمرت عامين ونصف العام منذ مايو 2014 وحتى انتخاب عون منذ ما يقارب الشهر ونصف.. وحكومة الحريري تأتي خلفا للحكومة التي ترأسها تمام سلام منذ عام 2014 .
وتحمل الحكومة التي يرأسها الحريري رقم 74 منذ استقلال البلاد عام 1943 وهي ثاني حكومات الحريري خلال مسيرته السياسية التي بدأها بعد اغتيال والده، رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، عام 2005 حيث تسلم رئاسة الحكومة المرة الأولى عام 2009.. ومن المفترض ألا تتجاوز مدة هذه الحكومة ستة أشهر بسبب انتهاء ولاية البرلمان الممدد لنفسه في آخر يونيو القادم ، أي يتم إجراء الانتخابات في شهر مايو القادم كحد أقصى لأنه ووفقا للدستور "تعتبر الحكومة مستقيلة حكما في حال انتهت صلاحية المجلس النيابي وتتحول الى حكومة تصريف أعمال".
وكان مجلس النواب اللبناني قد أقر في 5 نوفمبر 2014  تمديد ولايته  لمدة سنتين وسبعة أشهر إضافية تمتد حتى 20 يونيو 2017، لتكون المرة الثانية التي يمدد فيها البرلمان لنفسه عن ولايته الأصيلة المحددة في قانون الانتخابات بأربع سنوات، وذلك بعد التمديد الأول الذي تم في شهر مايو 2013 .
وأمام الحكومة الجديدة عدة ملفات أبرزها إنجاز قانون جديد للانتخابات النيابية وإجراء الانتخابات قبل انتهاء ولاية مجلس النواب، اضافة الى الاهتمام بقضايا معيشية وخدماتية للمواطن في ظل وجود مشاكل في قطاعي الماء والكهرباء، إلى جانب معالجة الوضع الاقتصادي المترهل مع دين عام تجاوز 73 مليار دولار في ظل عدم إقرار موازنة عامة بالبلاد منذ عام 2005. 
كما يثقل كاهل الاقتصاد اللبناني تزايد أعداد النازحين السوريين الذين يتجاوز عددهم مليون ونصف في ظل صعوبة الحكومة اللبنانية والجهات الدولية المانحة على تأمين احتياجاتهم.. ومن واجبات الحكومة العمل مع الجهات المعنية بالدولة لتثبيت الاستقرار الأمني في ظل المخاطر المحدقة على وقع الأوضاع في سوريا.

Share it on