واشنطن والعلاقات مع إيران

ما يقرب من ٥ سنوات فى الشبيبة

د. فيصل القاسمصحيح أن أمريكا تحاول لأول مرة في تاريخها منع إيران من تصدير النفط الذي يشكل حوالي 44% من دخلها القومي، إلا أن إيران تتعرض للعقوبات الأمريكية والغربية عموماً منذ وصول عام 1979. وقد تعايشت إيران مع تلك العقوبات طوال تلك الفترة، لا بل إنها بنت قوتها العسكرية والنووية والاقتصادية في ظل العقوبات. وقد نجحت في تكوين مكانة مميزة في المنطقة وهي تحت العقوبات، فماذا كانت ستفعل أكثر من ذلك يا ترى لو لم تكن محاصرة أمريكياً وغربياً بالضغوط والعقوبات الاقتصادية؟ بعبارة أخرى، لم تنجح العقوبات يوماً في لي الذراع الإيراني، بل جعلته أشد عوداً وأقوى شكيمة.قد يقول البعض إن الإدارة الأمريكية الحالية عازمة على تقليم أظافر العملاق الإيراني هذه المرة. ويرى البعض أيضاً أن كل رئيس أمريكي يأتي بمشروع يختلف عن الذي سبقه، والمشروع الترامبي هذه المرة ذبح إيران، لكن الوقائع الجيوسياسية والاقتصادية والعسكرية والسياسية تعارض هذا التحليل، فإيران اتفقت معها أو اختلفت ليست جمهورية موز، بل هي قوة إقليمية عظمى لها مشروعها، ولا نرى أي مؤشرات على أن المشروع الإيراني في المنطقة سيتراجع أو سيضعف رغم كل الخزعبلات الأمريكية. والسؤال الآخر: هل تستطيع أمريكا وإسرائيل فعلاً طرد إيران من سوريا مثلاً؟ ألا يتقدم حلفاء إيران على الأرض في أكثر من مكان؟ هل تتصورون أن إسرائيل يمكن أن تقضي على حزب الله؟ ألم تفشل إسرائيل في مواجهة حركة حماس التي لا تمتلك خمسة بالمائة مما يمتلكه حزب الله من صواريخ يمكن أن تطال هذه المرة كل المدن الإسرائيلية وليس حيفا وما بعد حيفا؟من السخف القول إن أمريكا هي التي مكنت إيران من رقبة بعض البلدان مثلاً. لماذا لم تتقاسم أمريكا النفوذ في بعض المناطق مع العرب مثلاً؟ الجواب بسيط، لأن إيران أقوى على الأرض، وهي أكثر قدرة على تنظيم أنصارها من غيرها. وبالتالي، فإن أمريكا لم تجد لها شريكاً أفضل من الإيرانيين بسبب نفوذهم وقوتهم التنظيمية والسياسية مقارنة مع العرب.لهذا يجب ألا يفرح خصوم إيران من العرب بالضغوط الأمريكية على إيران، ومن السخف أيضاً أن يعتقدوا أن واشنطن تحاصر إيران وتضغط عليها من أجل هذا أو ذاك. هذه قمة السخف والصبيانية السياسية. فقد علمتنا التجارب أن أمريكا تحترم الأقوياء حتى لو كانوا خصومها وتحتقر الضعفاء حتى لو كانوا حلفاءها.ولو تحدثت إلى الديمقراطيين في أمريكا لسمعت لهجة مختلفة تماماً عن العلاقات المستقبلية بين أمريكا وإيران، حيث يرى كبار الباحثين والمطلعين الأمريكيين أن الضغوط والعقوبات التي يفرضها ترامب على إيران هي عقوبات تكتيكية مرحلية وليست استراتيجية، وأن كل الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب ضد إيران يمكن أن يقلبها الديمقراطيون رأساً على عقب عندما يعودون إلى البيت الأبيض قريباً. وقد قال باحثون كبار إن الديمقراطيين يمكن أن يعيدوا العمل بالاتفاق النووي بين إيران والغرب الذي ألغاه ترامب، ويمكن أن تعود المياه إلى مجاريها وأكثر بين الأمريكيين والإيرانيين في قادم الشهور فيما لو فاز الحزب الديمقراطي بالانتخابات الرئاسية المقبلة في أمريكا.إعلامي ومقدم برنامج الاتجاه المعاكس في قناة الجزيرة

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على