للتواصل والحوار أصول وقواعد

أكثر من ٦ سنوات فى الشبيبة

علي بن راشد المطاعنيشاركت الأسبوع الفائت في جلسة مسائية أطلق عليها (الفاعلون والقضايا الوطنية) كإحدى جلسات منتدى التواصل الحكومي جمعت العديد من المسؤولين في الجهاز الحكومي ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وطرحت موضوعات في الجلسة مثل الثقة في الأجهزة الحكومية والقضايا الوطنية، إلا أن الأطروحات وحتى التسميات لم تكن إلا استنتاجات شخصية وليست علمية يمكن أن يُعتمد عليها أو تقييمها على أرض الواقع ولا يجب الارتكاز عليها كثيرا لأنها لا تستند إلى معايير علمية في قياس حجم الظاهرة إن وجدت، كما لم تكن هناك دراسات دقيقة تتيح لنا الوقوف على المشكلات والتيقن من جديتها كقضايا تشغل الرأي العام أو القضايا الوطنية.ففي الوقت الذي نشجّع فيه على فتح قنوات الحوار والتواصل الاجتماعي مع الآخر، إلا أنه لا ينبغي التوجس خيفة مما يطرح في وسائل التواصل الاجتماعي باعتبار أن الأطروحات التي قُدّمت والنقاشات التي دار حولها السجال استمرت لما يربو عن ساعتين تقريبا كانت أكثر من عادية ولم تأت بجديد ولم تعد إلا أن تكون ملاحظات على الممارسات في العمل الحكومي ‏وأخطاء تكتنف أي عمل إنساني إذ الكمال لله وحده، ولم يتوقف الحديث عنها يوما واحدا ولن يتوقف في أي مجتمع حي يشارك في صياغة القرار وهكذا هي عمان وأبناؤها جُبلوا على الحوار والمناقشة المفضية للمصلحة العامة بمعاول البناء وليس الهدم.ولكن في البداية لا بد أن نؤكد بأن الحراك في المجتمع ليس غريبا أو جديدا؛ فهو موجود منذ الأزل سواء في المجالس أو وسائل الإعلام. فعندما نطرح موضوعا يتلخص في أن الثقة مهزوزة في الحكومة فهذا المفهوم نراه مطاطيا إذ لم يعرف لنا بوضوح ماهية الثقة وأدواتها ووسائلها، وكيف تم التوصل لهذا الاستنتاج؟ وهل تم إجراء دراسات من قِبل جهة مستقلة خرجت بهكذا نتيجة؟ لذلك فقياس الرأي العام هو علم بذاته من علوم الإعلام يؤطر مثل هذه الظواهر والمشكلات ‏بأسس ومقاييس علمية دقيقة. كما يجب علينا معرفة الكثير من الجوانب منها نسبة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من مجموع السكان، وما هي نسبة انتشار الإنترنت في السلطنة إلى غير ذلك من المحددات العلمية في علم الإحصاء.إن ما يؤخذ على من حضروا الجلسة والمتفاعلين في وسائل التواصل الاجتماعي هو السلبية المقيتة التي تخيّم على الكثيرين بدون الالتفات إلى المتحقق في هذا الوطن وواجبات الأفراد تجاه مجتمعهم وبلادهم، وربما للعديد من الجوانب لا يمكن إغفالها وهي نفسها التي يطلق عليها في وسائل الإعلام الصحافة الصفراء التي تنهج الإثارة لكي تحصد قراء من خلال الإثارة والسلبية والنقد والسلخ للحصول على متابعين وهميين.وهذا ما يجب أخذه في الاعتبار وعدم التوجس منه كثيرا، وضبطه ببعض الأُطر والتشريعات التي من الأهمية أن تكون متناسبة مع المساحات المتاحة للتعبير بحيث لا تُستغل سلبا في تجييش الأمور وخلط الأوراق من الداخل والخارج من الذين يهمهم إثارة القلاقل بالعبث في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، خاصة أن الحروب أصبحت اليوم إعلامية تغزو الساحات وهناك من يطبّل لها ومستعد للتعاون معها وهذا يجب تداركه.وعلى الجانب الآخر لا نغفل بأن تفعيل أجهزة التواصل الحكومية هو الحل عبر منظومة عمل تركز على الإمكانات التي تكتنزها هذه الأجهزة وتدحض في الوقت المناسب الإشاعات وترد على كل من يتهكم وتفضح المتقولين وتتفاعل مع الأوساط المحلية بكفاءة عالية فهذه مسَلمات العمل الإعلامي منذ زمن بعيد يجب أن تكون مرتكزا للتفاعل لكي تحدث ذاك التوازن في إدارة الرأي العام.بالطبع التحديات كثيرة والصعوبات ماثلة وحاضرة، والتواصل بمعناه الواسع لا يعني السعي لإقامة مجتمعات افتراضية وهشة التكوين كبيوت الرمال يقيمها الأطفال على الشواطئ؛ فما تحقق على ثرى هذه الأرض من معدلات تنموية عالية ومن نعمة وأمن يعيش المواطن في كنفه يتعيّن أن نقابله بنبذ الكسل والاتكالية والنأي عن ثقافة المقارنات المفضية لجدل لا نهاية له وليس العكس. بل نحمد الله على ما يُتاح من مساحات حرية لا حدود لها إلا الالتزام بالأدب والقيم والأخلاقيات في الحوار التي حثنا عليها ديننا الحنيف وسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم وقيمنا وأعرافنا قبل كل شي، فلا يجب أن ننسلخ عنها لركوب الموجة أو الجنوح لحب الشهرة والذات على حساب الوطن، فالحرية والنقد في بلادنا افضل بكثير من الدول التي ترمي بأبنائها العاقين كما تصفهم وراء الحدود وتجرّدهم من جنسياتهم لمجرد أنهم لا تعجبهم البشوت أو أنهم ينتقدون عدم تناسق الألوان أو الممارسات العامة، فما نشهده من حرية ومساحة يجب أن نحمد المولى عز وجل عليها حتى لا تزول يوما ما.نأمل أن تكون الحوارات والأطروحات منطقية وعلمية وذات مدلولات ومعان وأهداف محددة؛ من أجل الوصول لتوصيات حقيقية نعرف عبرها سر الداء ليتسنى لنا وصف العلاج الناجع، وهذا هو الهدف والغاية والمبتغى من كل تواصل أو حوار.. وأن يكون النقد بنَّاءً يحمل حلولا وأفكارا ترتقي بالوطن إلى هامات المستقبل.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على