انتهت مهمتكم.. أخرجوا

حوالي ٥ سنوات فى الشبيبة

د.فيصل القاسمليس سراً أبداً أن أمن إسرائيل من أهم مقدسات أمريكا وأوروبا وحتى روسيا وكل الأنظمة العربية عموماً.لقد أقسم الجميع منذ عقود وعقود على حماية أمن إسرائيل بكل السبل والوسائل، حتى لو تطلب ذلك التضحية بالمصالح الخاصة لتلك الأطراف. أمن إسرائيل لا يعلو عليه أمن في العالم، وبالتالي لا يمكن أن يسمح الغرب وعلى رأسه أمريكا للطير الطائر أن يخترق أو حتى يقترب من حدود إسرائيل المقدسة.ولا ننسى أن أهم أوراق اعتماد الطواغيت حماية أمن إسرائيل.وغالباً ما تعمل إسرائيل بعقلية الملك حيرود عندما يتعلق الأمر بحماية أمنها، فليس هناك مجال للمجازفة مطلقاً ولو كانت نسبة الخطورة واحداً بالمليون. ومعروف أن الملك حيرود قد قام ذات يوم بقتل كل المواليد الجدد عندما قالوا له إن أحد المواليد سيصبح ملكاً وسيهدد عرشك، فاغتال كل الرضع خشية أن يصبح أحدهم فعلاً ملكاً ذات يوم يهدد ملكه. ولا ننسى كيف قامت الدولة العبرية بتدمير المفاعل النووي العراقي وهو على الهيكل خشية أن يصبح العراق صاحب قوة نووية تهدد إسرائيل.ليس مسموحاً بأي سلاح في المنطقة يمكن أن يهدد إسرائيل ولو واحداً بالمائة. وقد شاهدنا في الماضي كيف وصلت الطائرات الإسرائيلية إلى أفريقيا عندما تعرض أمن أحد مواطنيها للخطر. إسرائيل بعبارة أخرى مستعدة أن تذهب إلى أقاصي المعمورة لمواجهة أي خطر يمكن أن يهدد أمنها . الضربات الاستباقية الإسرائيلية عمل مقدس في الاستراتيجية الإسرائيلية. وبما أن إسرائيل تخشى على أمنها من مخاطر قد تكون في آخر الكون، فكيف يا ترى سمحت لعشرات الميليشيات بدخول سوريا بكل عتادها وعديدها وأن تصل إلى حدودها في القنيطرة ودرعا؟ هل يعقل أن الصواريخ وعشرات الألوف من المرتزقة وصلوا إلى تخوم الجولان السوري المحتل ولم تشاهدهم الأقمار الصناعية الإسرائيلية والأمريكية؟ هل كانت الكهرباء مقطوعة في إسرائيل وقتها يا ترى؟ بالطبع لا.لقد وجدت أمريكا وإسرائيل نفسيهما في مواجهة الثورة السورية في ورطة تاريخية وقد كان أمامهما خياران، الخيار الأول أن يتركا الشعب السوري يقيم دولة ديمقراطية حضارية حداثية صناعية تنافس إسرائيل.ومعروف عن الشعب السوري أنه إذا تحرر يمكن أن يحقق المعجزات، فلم يصل السوريون إلى أي بلد في العالم إلا وتفوقوا في كل المجالات، لكنهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً في بلدهم لأنهم غير مسموح لهم بإنجاز أي نهضة سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو تكنولوجية في سوريا يمكن أن تهدد سلامة إسرائيل وأمنها ومستقبلها. ماذا تفعل إسرائيل عندما وجدت أن السوريين يمكن أن ينجزوا ثورة تصبح مضرباً للمثل في المنطقة؟ بالطبع لا يمكن مطلقاً أن تسمح بهذا، فقد نامت إسرائيل قريرة العين على مدى عقود بفضل إبقاء الشعوب تحت السيطرة ومنعها من تحقيق أي نهضة، فكيف تسمح تل أبيب بأن تتحرر تلك الشعوب لتهددها؟ مستحيل.وجدتها وجدتها، صاحت إسرائيل، لنسمح لقوى كثيرة بدخول سوريا، فنضرب عصفورين بحجر واحد، أولاً نقضي على الثورة السورية وثانياً نؤسس لصراعات طويلة تدوم لعقود وربما قرون.تعالي يا هذا إلى سوريا كي تدمر الثورة السورية.أنت أهون الشرين بالنسبة لنا، ومن السهل التعامل معك فيما لو ركبت رأسك وطالبت بأثمان عالية مقابل تدمير سوريا وتهجير السوريين وتخريب ثورتها والقضاء على أحلام شعبها بأن يكون حراً أبياً محترماً في دولة ديمقراطية حرة لكل أبنائها.باختصار فقد كانت القوى التي دخلت سوريا بالنسبة للإسرائيليين والأمريكيين الخيار الأفضل والأسهل.وعندما بدأت تطالب بنفوذ كبير في سوريا وترفع صوتها ضد إسرائيل التف الحبل الأمريكي حول عنقها.لقد سألوا مستشار الأمن القومي الأمريكي الشهير بريجنسكي ذات يوم: «ألستم نادمين على صناعة تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى التي انقلبت عليكم الآن وأصبحت تهددكم» فأجاب بريجنسكي: «لقد كان أمامنا خياران: أن نترك الاتحاد السوفياتي أقوى منافس لنا في العالم يهددنا، أو نصنع جماعات متطرفة تستطيع أن تساهم في القضاء على الاتحاد السوفياتي، فوجدنا أن الخيار الثاني أسهل وأفضل بكثير، حتى لو عادتنا فيما بعد». وهكذا تعاملت إسرائيل مع القوى التي دخلت سوريا. بعبارة أخرى لقد كانت الجماعات التي دخلت إلى البلاد مجرد أداة في المشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة، وكما هو معروف فإن الأدوات كمناديل الكلينكس تكون في الجيب قبل الاستخدام، وبعد الاستخدام تُرمى في سلة المهملات.إعلامي ومقدم برنامج الاتجاه المعاكس في قناة الجزيرة

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على