فني تبريد براتب وزير!

حوالي ٥ سنوات فى الشبيبة

علي بن راشد المطاعنياتصلت بشاب عماني فني تبريد ترك وظيفة بإحدى الشركات الكبرى براتب مغر لكي يفتح محل صيانة مكفيات ‏كرائد أعمال، وطلبت منه صيانة المكيفات بمنزلنا، وأعطاني موعدا بعد 5 مايو أي بعد أسبوعين تقريبا من تاريخ الاتصال به، وسألته لماذا طول هذه الفترة؟ فرد قائلا إن العمل مجدول معه وإذا اتصلت بعد ساعة سوف يكون موعدك بعد 5 مايو لأن الاتصالات لصيانة المكيفات مستمرة لا تتوقف أبدا، ودفعني الفضول الصحفي إلى استطراد الحديث معه استأذنته بكتابة هذا المقال عنه، كتجربة رائد أعمال يشق طريقه في العمل الحر بصلابة في مجال فني آلاف من فرص العمل فيه يعمل فيها الأجانب، وسألته لماذا لا يزيد عدد الفرق التي تعمل معه؟وردّ عليّ بأن أبحث له عن شباب عمانيين لكي يعملوا معه لمواجهة الضغط في العمل وتسريع المواعيد الطويلة في انتظار الصيانة، فقلت له: كيف أبحث لك عن شباب فنيين لكي يعملوا معك وأنا أبحث عمن يعمل صيانة لمكيفاتي؟ فرد بأن الشباب ينتظرون الوظائف الحكومية يوما بعد الآخر، رغم إلحاحه عليهم بالعمل الحر كزملاء ومحاولاته المستميتة لكي ينخرطوا في هذا المجال المربح إلا انهم كما وصفهم يرغبون باعمال ادارية، وقال إن البعض يرغب في العمل بعد الساعة 11 صباحا لكي ينام الصبح، وآخرون يرغبون في وظائف إدارية بحتة وهكذا دواليك. الواقع للأسف يقولها بمرارة تعبّر عن تحسّفه من الكسل الذي ينتاب شرائح واسعة من الشباب في هذا الوقت الذي يميل كل الميل إلى الوظائف السهلة وينتظر قطار الوظيفة أينما كانت في حين أن العمل الحر بين يديه، الأمر الذي يتطلب مراجعة هذا الواقع.وسألت الشاب المتحمّس عن الدخل من مهنة العمل الحر في صيانة المكيفات والفرق بينها وبين الوظيفة وقال بكل وضوح بأنه كان يعمل براتب 750 ريالا، والآن يحصل على 200 ريال في المتوسط يوميا كصافي دخل بعد خصم التكاليف ورواتب العاملين معه كمساعدين أي متوسط دخله الشهري 6000 ريال وهو ما يعادل راتب وزير تقريبا، وهو يقسم العمل إلى فريقين كل فريق يعمل به 3 أفراد، ويطمح لأن يوسع عمله لأكثر من ذلك في الفترة القادمة إذا حصل على موظفين من خلال إعلان عن وظائف في وسائل الإعلام.‏ولم يكتف الشاب بالصيانة الدورية السنوية للمكيفات فقط ‏وانما لديه صيانة بعقود ثابتة مع بعض الجهات والمؤسسات والأفراد -على حد قوله- توفر له دخلا ثابتا يمكن من خلاله أن يبلور عمله بشكل مستدام ولا يترك الأمور للصدفة لكي تقرر، وهو اتجاه إيجابي لدى مثل هؤلاء الشباب الطامحين في تأسيس مشروعات خاصة بهم والعمل بكفاءة عالية في تأسيس أعمال الحرة.إن هذا النموذج الناجح في العمل الذاتي يعكس مدى جدوى المهن الحرة في المجالات الفنية على وجه الخصوص وأهمية استثمار مثل هذه النماذج لكي يكونوا قدوة لغيرهم من الشباب الذين ينتظرون قطار الوظيفة في الجهات الحكومية و الخاصة.وإن المثل العربي يقول صاحب المهنة لا يضيع، ‏وما هذه النماذج من الشباب العماني الطامحين نحو تأسيس أعمال حرة‏ إلا دليل على التأكيد على هذا الاتجاه. الصحيح الذي يجب أن نوفر له كل الظروف المناسبة لسبر أغواره.بالطبع الأعمال كهذه وغيرها لا بد أن تكتنفها الصعوبة والتعب ولكن مع الإصرار والعزيمة التي لا تلين ولا تعرف الكلل والملل من الطبيعي أن تشق طريقها نحو المستقبل المشرق بامتهان المهن.نأمل أن نشجّع مثل هذه الطاقات ومنحها المزيد من العمل والثقة اللامحدودة في القيام بالأعمال الحرة فهو المستقبل الذي يجب أن نركز عليه ولا يسعنا في الختام إلا أن نشكر عزان، ‏الشاب الذي يعمل في مجال التبريد الذي يشتد الطلب عليه في هذه الأيام كإحدى الطرق التي يجب أن نشجّع بها الشباب. ونحتفظ بهاتف الشاب لمن يرغب في الخدمة بعد 5 مايو 2019م.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على