«عمان».. الانسان والمكان والحلم الجميل

أكثر من ٧ سنوات فى الدستور

عمان-الدستور- محمود كريشان

سكنت عينيك يا عمان فالتفتت.. إلي من عطش الصحراء أمواه
وكأس ماء أوان الحر ما فتئت.. ألذ من قُبلٍ تاهت بمن.. تاهوا
اذا.. هي عمان.. مثل كل طفولة بريئة.. تعشق الورد ورائحة الأصالة المتدفقة في الصباحات الجميلة من الجوري الشهري الناهض في البيوت القديمة.. وهي ايضا عمان التي حين تتطلع اليها كمدينة حالمة، يغفو أهلها بأمان ويصبحون على حلم جميل اسمه الأردن الهاشمي العزيز المفتدى ..عندها يورق القلم ..ويزهر ويثمر.. أرقّ من ورق الورد.. وأطيب من ريح المسك.. وأهدأ من يمامة البيت العماني، التي تعشش فوق أشجار الحواكير الندية.
عمان..يا كلَّ الخير..كلَّ العشقِ..كلَّ المحبة.. ويا أهلَ عمان..طبتم منبتاً.. وطبتم نشأة..ونحن نمضي بمعيتكم في جولة دستورية نغوص خلالها بلقطات سريعة من ذاكرة المكان والانسان والزمان في قاع المدينة..مدينة الحب الأخوي فيلادلفيا العظيمة.

عمان.. تواريخ هامة
تضمن كتاب «من زاره الى عمان» تواريخ هامة شهدتها العاصمة عمان وهي على النحو التالي:
كان العام 1923 يشهد تشييد بناء الجامع الحسيني الكبير الذي بني على الطراز العثماني بلون الحجر الابيض والوردي، فيما كان العام 1924 يشهد تشييد قصر رغدان العامر والذي بناه المغفور له الملك المؤسس عبدالله بن الحسين «طيب الله ثراه» وروعي في بنائه طراز العمارة الاسلامية، وكان العام 1925 يشهد تأسيس أول صيدلية في عمان لصاحبها يوسف عصفور، وأول سينما في عمان وهي سينما البتراء في ذات العام وكان عام 1926 يتم فيه افتتاح فندق فيلادلفيا وهو أول فندق يقام في عمان من فئة الدرجة الاولى، وكذلك تأسيس المدرسة الاهلية للبنات وهي أول مدرسة بنات في عمان.
أما في العام 1927 فقد قامت الجمعية التبشيرية الايطالية بتشييد المستشفى الايطالي – الطلياني، وفي شهر تموز من عام 1927 وقعت هزة ارضية في عمان، كذلك تأسيس جريدة الاردن في عمان في ذات السنة، وأول اصدار وطني للطوابع الاردنية في العام ذاته، فيما شهد عام 1928 هجوم أفواج هائلة من الجراد واستمر الهجوم حتى عام 1930.
د.المعاني.. حقائق وأرقام
يقول الوزير الأسبق ورئيس الجامعة الاردنية السابق د. وليد المعاني انه وفي السنة التالية لإفتتاح الجامعة الأردنية، أي في عام 1963 تقدم لإمتحان الثانوية العامة 3954 طالبا و طالبة، نجح منهم 2529 بنسبة 64% كانت الجامعة الأردنية قد قبلت 168 طالبا في عامها الأول 1962 وهذا ما تم نشره في جريدة أخبار الأسبوع «طبعة خاصة» لإصدار أسماء الناجحين يوم 23/7/1963
المحيسن.. وشارع الطلياني!..
يقول الدكتور والباحث العماني احمد زيد المحيسن «شارع الطلياني» له صفاته المختلفة عن بقية شوارع عمان القديمة ، من حيث الاسم والموقع والوظيفة الاجتماعية والتجارية ، حيث تشير المعلومات ان اسم الشارع جاء بسبب وجود «المستشفى الطلياني» في محيطه، بإعتباره احد اقدم المستشفيات العاملة في كافة مناطق عمان ، وبقي لهذا الشارع خصوصة في ذاكرة اهل المدينة حتى يومنا هذا حيث تنتشر فيه محال بيع الملابس الأوروبية المستعملة، بالاضافة لموقف سيارات سرفيس الوحدات والأشرفية، ومحال بيع الستائر.
شاي وسمنة.. وبلابيف
تشير المعلومة ان شركة شرقطلي العريقة في سوق السُكر وسط البلد كانت لها وكالات «شاي الحصانين» و»شاي الولد» و»بلابيق إكسترا».
فيما كانت وكالات شاي الفراشة وحليب داني بوي لشركة وهبي تماري، بينما كانت سمنة الغزالين وكبريت ثلاثة نجوم وصابون الجمل لشركة ابناء مثقال عصفور في شارع بسمان حتى الآن.
د. كاتبي.. وحي المعانية
د. موفق كاتبي وهو احد اقدم واعرق وأمهر أطباء عمان ومن سكان حي المعانية سابقا يقول: في أكثر بيوت حي المعانية لا بد من وجود نبتة العطرة، يضيفون ورقها إلى الشاي تسمى نعنع معاني .
واضاف كاتبي: قال لي أبي في ذات يوم: سلم على عمك «الباشا» فسلمت عليه وقبلني، وقلت لأبي: هذا رجل مثلنا، فأجابني: هذا وجيه معان حامد باشا الشراري .
ويذكر أن سكان الحي يشكلون مزيجا جميلا عائليا من ابناء معان ومن الشوام والاكراد والشركس والفلسطينيين القدماء لكن اطباع جميع سكان الحي وعادتهم متشابهة من جهة التقاليد والاطعمة ونمط العيش، فيما ابناء معان في الحي دوما على تواصل مع مدينتهم حيث يتميزون بانهم يقومون بواجبهم الانتخابي في مدينة معان ومن يزور الحي من معان ينام عند اقاربه الذين يتمتعون بذات مزايا المعيشة في مدينة معان، وفي الحي -ايضا- كانت بداية انطلاقة فرقة معان للفنون الشعبية الشهيرة من خلال ابوخالد الخطيب والشيخ عباس ابوجري ال خطاب «ابورامي» وشقيقه العازف العريق بسام عباس ابوجري ال خطاب واسماء اخرى عديدة، ومسجد ابي القاسم وهو من اقدم واعرق مساجد عمان وهو بحاجة الى صيانة عاجلة ومصلى للسيدات لبناء طابق علوي نظرا لاقبال ابناء الحي منقطع النظير على اداء الصلوات.
وفي الحي كان احد اقدم العاملين في سكة الحديد المرحوم على الترك ابوسليمان وهو من تركيا اصلا وحضر الى الحي مع الدولة العثمانية وله ابناء في الحي هم المرحوم سليمان الترك ابوهاني والضابط الاسبق في القوات الخاصة عادل الترك وهليل الترك «ابوأيمن» وشوكت الترك وعدنان الترك، فيما كانت حاكورة منزل المرحومة الحاجة أم زهير حويلة تضم اصناف الورود والياسمين وشجرة توت ضخمة وكانت الحاكورة ملتقًى لعجائز الحي في الصباح والمساء.
هنا.. الدوار الثالث
يعتبر الدوار الثالث في جبل عمان احد اعرق الأماكن الفخمة في عمان القديمة، حيث يضم قصر زهران الملكي العامر، ومبنى وزارة الخارجية السابق، ووزارة الإعلام، ورئاسة الوزراء وقد كانت تقع مكان وزارة العدل حالياً، و دائرة المباحث والتي أصبحت المخابرات العامة فيما بعد، والسفارة الفرنسية، ودائرة المطبوعات والنشر، ودوائر وسفارات ووزارات أخرى مهمة جداً.
ولأن هذا الدوار، كان يمثل المجتمع العماني المخملي، فقد كان فيه في ذات زمن، العديد من الأماكن الترفيهية الأنيقة والفخمة، مثل بار ثري سيركال ، مطعم معتوق، و الريفيرا و أنكل سام و فندق هشام والمطعم الهندي ومطعم عمارة البرج، وروميو .. وأماكن جميلة أخرى يعرفها أبناء عمان القديمة بكل ما فيها من جمال ومتعة وترفيه ورقي.
رجل الخير.. المرحوم الطويل
يعتبر المرحوم الحاج محمود حمد الله زايد الطويل «أبو حسن» احد وجوه الخير والبر والإحسان في المجتمع العماني وكان التجسيد الحقيقي للوحدة الوطنية، حيث يعتبر المرحوم الطويل من الوجهاء الذين نذروا انفسهم لإصلاح ذات البين والاعمال الخيرية التطوعية في كافة المجالات الانسانية.
مجمل القول.. ستبقى عمان الاسرة الاردنية الواحدة من شتى اصول اهلها ومنابتهم الكريمة، يتشبثون بعراقة العاصمة الهاشمية الفتية الأبية، لتبقى دوما وأبدا جميلة الجميلات.. و:
عمّان في القلب أنت الجمر والجاه ببالي عودي مري مثلما الآه
لو تعرفين وهل إلاك عارفة هموم قلبي بمن بروا وما باهوا

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على