تقرير.. كيف يواجه مجلس إدارة البورصة الجديد تحديات السوق؟. قبل ٦٤ عاماً كتب إيميل ليفى رئيس البورصة المصرية تقريره السنوى عن أداء البورصة ونمو نشاطها والذى بلغ ذروته ليمثل عدد الشركات المقيدة فى السوق ثلث الشركات المساهمة المؤسسة فى الدولة برأسمال سوقى ٢١٧ مليون جنيه، يصعب تقدير هذه القيمة فى الوقت الحالى وبعد ٦٤ عاماً فى ظل ضعف بيانات التضخم وأسعار الفائدة لسنوات طويلة، إلا أن قيمته الحالية تمثل رقماً أكبر بكثير من رأس المال السوقى الحالى. وكتب ليفى فى مذكراته، أن «السكة الحديد والتليفون واللاسلكى والطيران ما هى إلا ثمرة جهود المضاربين.. دور السوق هو معاونة البلاد فى تنمية موارد ثروتها الزراعية والصناعية، والتجارية» فهل ينجح مجلس إدارة البورصة الحالى فى معاونة البلاد فى تنمية مواردها وتسهيل قيد شركات تؤسس عبر أموال المضاربين تمثل العلامة الفارقة. تخطط مصر لاستعادة مكانة سوق الأوراق المالية خلال استراتيجية التنمية ٢٠٣٠، بعد اتجاه هابط طويل الأجل لمساهمة البورصة المصرية فى الاقتصاد المصرى منذ انتهاء الاحتلال الانجليزى فى خمسينات القرن الماضى. «البورصة» قارنت الوضع الحالى للبورصة المصرية مقارنة بأسواق العالم، وفقاً لبيانات البنك الدولي، مع بيانات متحف البورصة عن تاريخ السوق منذ القرن الـ١٩. وتراجع تمثيل البورصة المصرية فى الناتج المحلى الإجمالى بصورة قاسية خلال السنوات الـ٧ الأخيرة، لتصل إلى ٣% بنهاية العام ٢٠١٦ مقابل ١٧% فى سنة ٢٠١٠ ونحو ١٠٠% فى ٢٠٠٧. الوضع المصرى حالياً متراجع فى متوسطات أسواق الدول النامية والفقيرة، والمتقدمة والناشئة، وأسواق بلاد متخلفة اقتصادياً، ومن ثم حتى يستعيد السوق مكانته يحتاج إلى طفرات قوية فى القيمة السوقية للشركات المقيدة الحالية، بجانب سيل من الطروحات لشركات قوية من الناحية المالية، بقيمة سوقية مرتفعة على غرار «انبي» التى يصل رأسمالها إلى ٦٠٠ مليون دولار. ويمثل سوق المال السعودى ٤٧.٤% من الـGDP، بنهاية ٢٠١٦، مقابل ٣٨.١% خلال سنة ٢٠١٠، فى اشارة إلى تنمية قوية لمساهمة سوق المال السعودى، والتى تدرس حالياً طرح «مطار الرياض» بالسوق بعد اختيار بنك «جولدمان ساكس» ﻹدارة الطرح كما تمثل بورصة قطر ١٢.٤%، و٣.٧% لسوق سلطنة عمان، حتى الاردن، فإن سوقها للأوراق المالية به ٦.٧% من قيمة ما تنتجه الدولة من سلع وخدمات. وعلى صعيد دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التى تنتمى مصر فى التصنيف اليها، يصل المتوسط العام إلى ٢١.٦% مقابل ١٩.٩% فى ٢٠١٠، ومن ثم البورصة المصرية أقل بنسبة ٨٦% عن مثيلتها فى نفس المنطقة الجغرافية. وتمكنت دول متعددة فى تحقيق طفرات على مستوى تمثل سوق الأوراق المالية فى هيكل الاقتصاد، ولاسيما الصين التى تمثل بورصتها ١٦٣.٤% من قيمة إنتاج الدولة من السلع والخدمات، واليابان بنسبة ١٠٥.٩%. ونجحت جنوب أفريقيا فى إحداث طفرة على مستوى بورصتها لترتفع مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى من ٧٤% فى ٢٠١٠، إلى ١٣٦.٥%. سلطّت رضوى السويفى رئيس قسم البحوث الاقتصادية ببنك الاستثمار فاروس القابضة إلى أن تمثيل البورصة المصرية فى الناتج المحلى الإجمالى خلال الفترة الحالية ضعيف جداً فى ضوء متغيرات سعر العملة المحلية بعد تعويم الجنيه، إلا الاقتصاد فى مصر لديه فرص للنمو، وأن البورصة تمكنت من تحقيق تواجد فعال فى الناتج المحلى الإجمالى خلال فترات زمنية ماضية. وذكرت السويفى، أن البورصة نجحت فى جذب القوى الشرائية للمتعاملين من فئة المؤسسات الأجنبية بعد التعويم، بقيمة مشتريات صافية نحو ٩ مليارات جنيه ما يبرهن على ثقة الأجانب فى خطوات نمو الاقتصاد، ومن ثم يبقى قائماً بقوة أن تحدث البورصة المصرية زيادة فى قيمتها السوقية بالجنيه المصري، ومن ثم الدولار الأمريكي، وبذلك يتحسن تمثيل سوق المال فى الناتج المحلى الإجمالى خاصة مع تراجع قيمة الدولار المتوقع أمام الجنيه فى ضوء الإصلاحات الاقتصادية. من جهته، سلط محمد نبراوى مدير الاستثمار بشركة اتش سي، الضوء على ضعف وغياب تمثيل العديد من القطاعات الاقتصادية عن البورصة المصرية، على الرغم من وجود العديد من الشركات التى تملك مراكز مالية قوية فى قطاعات متعددة إلا أن البورصة المصرية محرومة منها. وضرب المثل بالقطاعات الاستهلاكية التى يتميز بها السوق المصرى ولاسيما التعليم والصحة، علاوة على عدم نشاط اسهم البنوك المقيدة باستثناء التجارى الدولى وكريدى اجريكول، بل وغياب بنوك قوية عن القيد فى البورصة. وتحدث مدير الاستثمار بشركة اتش سي، عن برنامج الطروحات الحكومية الذى أعلنت عنه الحكومة، وأشار إلى قدرته على رفع القيمة السوقية للبورصة، وجذب استثمارات أجنبية غير مباشرة، إلا أنه يبقى من المهم انتقاء الشركات كبيرة الحجم التى تلفت انظار المؤسسات الأجنبية بعد تراجع قيمة الجنيه المصري. وقال إن دعم البورصة عبر الطروحات لا يقتصر فقط على الحكومة لأن القطاع الخاص فى مصر يعج بالشركات كبيرة الحجم إلا أنها لا تهتم بالتواجد فى البورصة. وقال هانى جنينة الخبير الاقتصادي، إن البورصة منصة للتمويل ومن ثم يتعين استغلالها فى تمويل توسعات الشركات والحكومة من خلال الأدوات المختلفة، كما أن نشاط ورواج تعاملات سوق المال يمثل تأمين تخارج المستثمرين الأجانب من يحفزهم على ضخ الاستثمارات فى مصر. أشار إلى أن قيد الشركات فى البورصة يعزز اختراق مظلة الحوكمة والإفصاح للشركات المصرية، ومن ثم يؤمن عملها وفقاً لمناهج مدروسة ومعلنة. لفت إلى انخفاض تمثيل البورصة فى العديد من الدول ولاسيما المانيا إلا أنها من الدول المتقدمة وتملك اقوى اقتصاد له مستقبل فى تنمية مستدامة، على العكس من مصر التى تحتاج إلى رفع كفاءة مكونات الاقتصاد لتحفيز نمو ما تنتجه الدولة من سلع وخدمات. وعانى رأس المال السوقى للبورصة المصرية خلال الفترة الماضية من انكماش قوى مقوماً بالدولار بعد تعويم الجنيه، وبحسب التقديرات الأخيرة فإن قيمة رأس المال السوقى للبورصة نحو ٧٠٠ مليار جنيه تعادل ٣٩ مليار دولار. وقالت الحكومة المصرية خلال برنامجها للإصلاح الاقتصادى أنها لن تتخلى عن سوق المال وأنه جزء من خطتها للإصلاح عبر برنامج قوى للطروحات الحكومية، وتوقعت جمع ١٠ مليارات دولار من الطروحات الحكومية خلال٥ أعوام. وأسفرت المرحلة الأولى من انتخابات مجلس إدارة البورصة عن فوز ٢ من المرشحين ممن تحدثت برامجهم الانتخابية عن أهمية تمثيل البورصة المصرية فى الناتج المحلى اﻹجمالي، إذ قال احمد أبوالسعد العضو المنتدب لشركة رسملة، وعضو مجلس إدارة البورصة المنتخب، إنه يخطط لرفع رأس المال السوقى للبورصة إلى ٢٠٠ مليار دولار لرفع تمثيله فى الناتج المحلى الاجمالي. قال إيهاب سعيد عضو مجلس إدارة البورصة المنتخب، إنه يستهدف تفعيل بيع الأسهم على المكشوف، ومضاعفة رأسمال البورصة السوقي، ضمن برنامجه الانتخابى لعضوية مجلس إدارة البورصة. واكتملت المقاعد المنتخبة فى مجلس إدارة البورصة أمس الأول بفوز هاشم السيد رئيس شركة المصريين للاسكان وأحمد بهاء الدين شلبى العضو المنتدب لشركة «ام بى للهندسة»، كما تم تعيين محسن عادل نائباً لرئيس البورصة المصرية وأحد المهتمين بتطوير السوق قبل عضويته فى مجلس إدارة البورصة فى الدروة المنتهية وحتى بعد انتخابه وتعيينه، فهل تتفق الرؤى لتغيير واقع سوق المال. وقال اميل ليفى رئيس سوق الأوراق المالية بالقاهرة، عام ١٩٥٣ إنه يجرى التعامل فى بورصات القاهرة والإسكندرية، على سندات الدولة المصرية، وعلى سندات الشركات المصرية واسهمها وهذه الشركات مصرفية وعقارية وشركات مبان وفنادق وخدمات عامة ونقل وشركات صناعية وتجارية. وقال للمصريين آنذاك، إن استثمار صاحب رأس المال عن طريق البورصة هدف مزدوج من خلال استثمار امواله فى قيم يرجو منها عائد، ومعاونة البلاد فى تنمية موارد ثروتها الزراعية والصناعية، والتجارية. وفى عام ١٩٠٠، كانت توجد ٧٩ شركة رأسمالها ٢٩ مليون جنيه، وارتفعت فى ١٩٠٧ إلى ٢٢٨ شركة برأسمال ٩١ مليون جنيه، واستقرت فى العام ١٩٥٣ عند ٢١١ شركة مقيدة من أصل ٦٥٠ شركة مساهمة مصرية مؤسسة على نحو قانوني. وربط «ليفي» بين المضاربة وتمويل المشروعات الجديدة، وقال إنه بدون المضاربة لا يمكن أن توجد المشروعات الجديدة لأنها وحدها هى التى تمول المشروعات الجديدة والاكتشافات الجديدة والوسائل المستحدثة للإنتاج ووسائل النقل. وفى العصر الحديث، مر ٣٢ شهراً على استحداث البورصة المصرية للمادة ٨ بقواعد القيد التى تنظم تأسيس الشركات عبر الطرح فى البورصة، دون استخدامها على الرغم من تجهيز الحكومة عشرات المشروعات القومية الكبرى، ولكن مازال الاتجاه إلى التمويل التقليدى أو الموازنة العامة للدولة وجهة الحكومة الرئيسية، فهل تتكاتف جهود مجلس الإدارة الجديد فى إقناع الحكومة فى قدرة سوق المال على جمع الأموال ومراقبة إدارتها بكفاءة. وقال شريف سامى، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية إن الهيئة وضعت استصدار تشريعات تسهل عمليات التمويل غير المصرفى ضمن أولوياتها الفترة الأخيرة فى ضوء العجز الذى تعانى منه الموازنة العامة للدولة، إلا أن نقص نشر الوعى بين الجهات المعنية بهذه التشريعات عطل الاستفادة منها. حوالي ٨ سنوات فى البورصة