إسقاط المقاتلة السورية يعقّد خطة إعادة العلاقات الأمريكية الروسية كتبت هدير محمود بعد انهيار الوعود التي قطعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال حملته الإنتخابية وعقب تنصيبه بفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الدب الروسي والنسر الأمريكي، ومع اتخاذ واشنطن إجراءات استفزازية في مواجهة موسكو، عاد الحديث عن رغبة الخارجية الأمريكية في إعادة إحياء وتطوير العلاقات مع روسيا، الأمر الذي يرى العديد من المراقبين أنه بات مستحيلًا أو على الأقل يتطلب العديد من التنازلات الأمريكية. خطة أمريكية كشفت بوابة “باز فيد” الأمريكية، نقلًا عن مسؤول كبير في وزارة الخارجية، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، أعد خطة لإعادة إحياء العلاقات مع روسيا وانتشالها من الحضيض، لا تتضمن طموحات كبيرة لكنها تركز على هدف إقامة “علاقات عمل بناءة” مع موسكو، وقال المصدر إن “وزير الخارجية الأمريكي يعترف بأن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا وصلت إلى الحضيض، وما نسعى لتحقيقه هو عدم انحدارها أكثر نحو هاوية سحيقة”. وأضاف المسؤول أن خطة تيلرسون، تتضمن ٣ نقاط رئيسية لإعادة إحياء العلاقات مع موسكو، أولها إقناع موسكو بالامتناع عن القيام بأعمال عدائية ضد الولايات المتحدة ومصالحها، وإفهامها أن الولايات المتحدة سترد على الإجراءات التي تعتقد أنها موجهة ضد مصالحها، أما النقطة الثانية فتتضمن الحوار مع روسيا بشأن القضايا ذات الاهتمام الاستراتيجي بالنسبة للولايات المتحدة، بما في ذلك سوريا وكوريا الشمالية، حيث يسعى تيلرسون للتوصل إلى مزيد من النشاط بالتنسيق مع روسيا في مكافحة تنظيم “داعش”، ومع ذلك فإن الوزير الأمريكي لا يعرف كيفية تحقيق ذلك، أما بالنسبة لكوريا الشمالية، فمن المفترض وقف نمو التبادل التجاري بين روسيا وكوريا الشمالية لعزل بيونج يانج ومحاصرتها كما تريد أمريكا، فيما تركز النقطة الثالثة في الخطة الأمريكية على أهمية الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي مع روسيا، بما في ذلك الحد من التسلح وخاصة الأسلحة النووية. وذكرت البوابة الأمريكية أن الفارق الرئيسي بين هذه الخطة ومبادرة الرئيس السابق باراك أوباما لإعادة العلاقات مع روسيا، يتمثل في أن خطة تيلرسون لا تنطوي على دعم مستمر للدول المحيطة بروسيا ضد أعمال عدائية مزعومة من قبل موسكو، وهذه الجهود في الماضي تضمنت توسيع حلف شمال الأطلسي إلى الشرق، والعديد من البرامج الهادفة لما يسمى “دعم الديمقراطية”. تصعيد للأزمة السياسية تأتي هذه الخطة الأمريكية بعد أيام قليلة من تصعيد مفاجيء للأزمة السياسية بين روسيا وأمريكا على خلفية إسقاط التحالف الدولي بقيادة واشنطن مقاتلة تابعة للجيش السوري “سو ٢٢” في منطقة الرصافة بريف الرقة الجنوبي، أثناء تنفيذها مهمة قتالية ضد تنظيم “داعش” في المنطقة، وهو ما أثار غضب موسكو نظرًا لكون هذا الحادث يأتي بعد سلسلة تحذيرات روسية إلى القوات الأمريكية التي استهدفت خلال الأشهر القليلة الماضية قوات وقواعد عسكرية تابعة للجيش السوري تارة في التنف وتارة أخرى في الحسكة وتارة ثالثة في ريف حمص، حيث حذرت وزارة الخارجية الروسية الولايات المتحدة مجددًا من تكرار اللجوء إلى القوة العسكرية ضد قوات الجيش السوري، واعتبرت إسقاط التحالف لطائرة حربية سورية دعمًا للإرهابيين. وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، في أول رد روسي رسمي على الضربة الأمريكية بريف الرقة تلقينا بقلق وانزعاج نبأ الضربة التي استهدفت طائرة تابعة لسلاح الجو السوري، وشدد الدبلوماسي الروسي نعتبر هذه الضربة استمرارًا لنهج الأمريكيين المبني على تجاهل أحكام القانون الدولي، وتابع ما هو إلا عدوان، إنه دعم للإرهابيين أنفسهم الذين تحاربهم الولايات المتحدة بإدعاءاتها حول سياستها لمكافحة الإرهاب. الغضب الروسي ظهر في تعليق وزارة الدفاع الروسية العمل بمذكرة أمن التحليقات الموقعة بين واشنطن وموسكو بشأن الأجواء السورية، وحذرت من أن وسائل الدفاع الجوي الروسي ستتعامل مع أي جسم طائر كهدف، حيث أعلنت أنها تعلّق التعامل مع الجانب الأمريكي في إطار المذكرة الخاصة بمنع الحوادث وضمان أمن التحليقات في سياق العمليات بسوريا، وطالبت الوزارة القيادة العسكرية الأمريكية بإجراء تحقيق دقيق في الحادثة وتزويد الجانب الروسي بالمعلومات حول نتائج هذا التحقيق والإجراءات المتخذة في أعقابه، مشددة على أنه “في المناطق بسماء سوريا، حيث ينفذ الطيران الحربي الروسي مهماته القتالية، ستواكب وسائل الدفاع الجوي الروسية الأرضية والجوية أي أجسام طائرة، بما فيها المقاتلات والطائرات المسيّرة التابعة للتحالف الدولي وسيتم رصدها غربي نهر الفرات باعتبارها أهدافًا جوية”. في ظل هذه التوترات السياسية المتصاعدة بين روسيا وأمريكا في الشأن السوري، إضافة إلى التصريحات والملاسنات والاتهامات المتبادلة بين مسؤولي الطرفين من حين إلى آخر، ناهيك عن تشديد الإدارة الأمريكية العقوبات المفروضة على روسيا بشكل دوري تقريبًا، يبقى الحديث عن تطبيع العلاقات الأمريكية الروسية دربًا من دروب الخيال، حيث يرى العديد من المراقبين أن الإدارة الأمريكية في ظل سياستها الحالية القائمة على محاولات الهيمنة على العالم، وتعظيم قوتها في منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد، وإثارة الفتن والمؤامرات على منافسيها مثل روسيا والصين، هي بعيدة كل البعد عن إعادة إحياء علاقات سياسية متميزة مع موسكو. ما يقرب من ٧ سنوات فى البديل