** هدم فندق الكونتنيننتال .. الموازنة بين التاريخ والاستثمار ** لو بتعدي على ميدان الأوبرا في وسط البلد أكيد هتلاحظ المبنى القديم الضخم اللي بيطل على شارع الجمهورية وشارع عدلي وشارع 26 يوليو، ولو عديت مؤخراً يبقى أكيد شفته وهوا بيتهد .. هنا هنتكلم عن قصة اللي بيحصل، وبنحاول نقدم رؤية واقعية تراعي الجوانب الأثرية والحضارية وأيضاً الاقتصادية والاستثمارية. ليه الفندق ده مهم؟ فندق الكونتنيننتال مبنى أثري عريق، اتبنى من 119 سنة، وبيكتسب أهميته من مكانه القريب من مقرات حكومية وكمان من حديقة الأزبكية ودار الأوبرا الملكية زمان، وده اللي منحه ميزة وجود أحداث وشخصيات مهمة .. كان من رواده الملك فاروق وسعد زغلول ووزراء العهد الملكي، وفيه تم اعلان استقلال مصر (تصريح 22 فبراير)، بالاضافة لشخصيات أجنبية منها أجاثا كريستي، والضابط الانجليزي توماس لورانس (الشهير بلورانس العرب)، وشخصيات حكومية أوروبية. مساحة أرض الفندق 10 آلاف متر، ويشمل أكتر من 100 غرفة. الفندق مقفول منذ سنة 1985، ويعاني من الإهمال الشديد، رغم ان اللي بيملكه سابقاً كان الحكومة، وبيملكه حالياً برضه الحكومة بشكل غير مباشر، حيث انتقلت ملكيته سنة 1996 إلى شركة ايجوث المملوكة للشركة القابضة للسياحة والفنادق التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام. ***** ليه وزارة الآثار ماضمتش الفندق ليها؟ لأن القانون بينص على مرور 100 سنة من عمر المبني ليكون أثري، لكن تم الدفع ان المبنى جرى تعديله أكتر من مرة وبالتالي مش هو ده المبني الاثري اللي تنطبق عليه الشروط. ولأنه وضعه القانوني انه ملكية خاصة، فوزارة الآثار هتحتاج تدفع تعويضات كبيرة لشركة ايجوث. بالاضافة الي انه تضرر بشكل كبير، واختفت كتير من معالمه بسبب واجهات المحلات. بناء على كدا المبني مصنف بالفئة ج في المباني ذات الطراز المميز في جهاز التطوير الحضاري، وده ما يعني انه مسموح بهدم المبنى مع الحفاظ على واجهته الأصلية. لكن المهندس محمد أبوسعدة، رئيس جهاز التنسيق الحضاري، قال لموقع المنصة إن تفسير النقطة دي مختلف، وهوا إننا "نستعيد الواجهة الأصلية"، وبالتالي احنا عايزين نهدمه بالكامل وبعدها هنعيد البناء حسب الشكل الأصلي، ووزارة الآثار سجلت مفردات الفندق كي لا تضيع. ***** القضاء يقول ترميم، والحكومة تقرر الهدم.. هل المبنى آيل للسقوط فعلا؟ سنة 2000 صدر حكم لصالح ملاك المحال، بازالة غرف السطح فقط وبقاء المبنى مع ترميمه وان حالته آمنة تسمح بذلك. الشركة استخرجت رخصة ترميم في 2001، لكن لم تنفذ، وقدمت طعن واترفض في 2006 والمحكمة كررت نفس الحكم. في نفس السنة طلع قانون للحفاظ على المباني المميزة اللي مش داخلة في إطار المباني الأثرية، اللي بموجبه ادرج الفندق في مقايمة المباني المميزة. في 2010 الشركة قدمت طعن لوقف الحكم السابق، عشان عايزة تهد المبني كله، ولاحقاً الشركة بتقول إنها رممت أجزاء من المبني الا ان غرفة انهارت في 2014. في المقابل أصحاب المحلات بيقولوا ان مفيش أي ترميم تم، وإن فيه اصرار على هدم المبني عن طريق اضعاف حالته، وهدم بعض الحوائط والاعمدة فيه حسين منصور، واحد من اتنين كلفهم أصحاب المحال بالدفاع عنهم، قال لموقع المنصة إن لجنة من خبراء وزارة العدل ولجنة هندسية من جامعة الأزهر أثبتوا أن المبنى غير آيل للسقوط "وفي حالة اتزان كامل"، وده اللي اعتمدت عليه مذكرة النيابة الإدارية رقم 238 الخاصة بالفندق في أبريل 2017. ***** حتى القرار المتجاوز ماتنفذش..! المفروض طالما في نزاع قانوني، مايصدرش حكم إداري قبل الفصل النهائي من القضاء، لكن اللي حصل انه في ديسمبر 2016 مجلس الوزراء برئاسة المهندس شريف إسماعيل تجاوز الجانب القضائي وطلع قرار بهدم المبني لصالح الشركة، ولكن ب 3 شروط 1 عدم الهدم إلا بعد إخلاء المبنى من الأرواح والممتلكات. 2 تعويض مالكي ومستأجري المحلات. (133 محل و267 ورشة فيهم حوالي 2000 عامل) 3 تقديم مشروع هندسي متكامل يتضمن الحفاظ على الواجهة التاريخية ذات الطراز المعماري المميز اللي بتطل علي شارع عدلي. اللي حصل إن القرار ده نفسه متنفذش، الشركة بدأت الهدم وأعلنت انها المرحلة الأولى تشمل الدورين التالت والرابع، بدون اخلاء المكان، وبدون التسوية مع شاغلي المحلات والورش، وكمان بدون طرح المشروع الهندسي. المخالفات دي خلت الحي نفسه هوا اللي عمل محضر بايقاف الهدم خلال الشهر الماضي. المخطط حاليا انه يحصل ان تم انشاء شركة تبني الفندق من أول وجديد، ويكون جزء منها شركة ايجوث، بالاضافة إلى مستثمرين آخرين. ***** إيه البديل؟ البديل هوا التوازن، مينفعش الحكومة تتعامل بمنطق الجنيه غلب الكارنية، وطالما هيجيب فلوس يبقى نهد ونبيع، وفي المقابل مينفعش يفضل المكان مهجور ومُهدر. المطلوب شراكة حقيقية، بين الشركة، وممثلي الشاغلين، وممثلين عن الجهات الحكومية المختلفة ذات الصلة وعلى رأسها وزارة الآثار، واستشارة المختصين من جهات المجتمع المدني المعنية، (ولو في وضع مثالي كانت دي أولوية ممثلي المجلس المحلي المنتخبين اللي مش موجودين للأسف!). الخطوة الأولى لجنة مهنية محايدة يرتضيها الكل من البداية، مادامت الشركة وداعميها الحكوميين مش معترفين باللي فات، لحسم وضع المبنى نهائياً، وممكن اختيار اللجنة من أساتذة كلية الهندسة مثلا. وثانياً الوصول لحلول عادلة مع الشاغلين بتفاوض جاد. وثالثاً الأصل هوا الحفاظ على المبنى الأثري أو لو ظهر انه فعلا لا يمكن يبقى على الأقل واجهته زي ما هيا بالظبط، والتجديد على أساس ان اللي يظل هنا هوا الفندق ده مش أي مشروع آخر. والفندق يدار باسس استثمارية احترافية تعتمد في تسويقه على تاريخ الشخصيات الشهيرة عالميا اللي كان فيه .. وحيث ان الكلفة ضخمة جدا وهو استثمار طويل المدى، فالمطلوب دراسة جدوى جذابة للقطاع الخاص مصري أو أجنبي، وممكن الاستعانة بشركات ادارة الفنادق الدولية اللي إيجوث بتتعامل معاها بالفعل، محدش ضد ده من حيث المبدأ، لكننا ضد انه يتم بالشكل المخالف ده. دايماً فيه ناس بتحاول تزنقنا بين خيارين سيئين، في الحالة دي لما تعترض على هدم التاريخ، واهدار الحقوق، يقولك أمال انت عايز تسيبه خرابة؟ .. لا إحنا بايدنا دايما نختار خيارات تالتة أفضل في كل حاجة ببلدنا، من أصغر الأمور لأكبر الأمور. الموقف المصري اتفضل البديل دردش مع العيلة المصادر أول تعليق about 6 years in الموقف المصري