** الشركة المصرية لتجارة الأدوية.. قصة الاقتصاد والسياسة في مصر ** لما نيجي نتكلم عن مرتبات موظفين في شركة حكومية المنطقة أوي حاجة تيجي في دماغنا إيه؟ إنها خاضعة للحد الأقصى للأجور. طيب لو ضيفنا ان الشركة دي خسرانه ٦٠٠ مليون جنيه ومهددة بالإفلاس يبقا ايه الوضع؟ المنطقي طبعا انه مفيش مكافآت أو نسبة أرباح تتصرف للموظفين. لكن العكس تماما هو اللي حصل في الشركة المصرية لتجارة الأدوية، اتصرف ٧ شهور مكافآت وحوافز للعاملين عن السنة اللي فاتت، والأهم هوا إن رئيس الشركة السابق اللواء طارق عبدالرحمن عبداللطيف أخد مبلغ ١٨٧ ألف جنيه تحت بند "إضافي وحوافز"، وبنفس البند تم منح مبلغ ١٥٢ ألف جنيه للعضو المنتدب للشئون المالية والإدارية رشدي الشرقاوي. هوا ده اللي شايفينه قدامنا بالوثائق المرفقة واللي انفردت بنشرها جريدة البديل. **** ايه اللي حصل للشركة؟ الشركة المصرية لتجارة الأدوية هي أكبر شركة دواء حكومية، بخبرة كبيرة في استيراد الأدوية وتوزيعها، عبر عشرات الفروع والصيدليات وشبكات التوزيع. الشركة دي هيا اللي عبر خمسين سنة مسؤولة عن توفير أدوية الأورام وألبان الأطفال والانسولين وغيرها. لحد السنة الي فاتت كانت الشركة بتحقق مكاسب كبيرة، وفي سنة ٢٠١٥ ٢٠١٦ كانت الشركة كسبانة صافي ربح ١٣٦ مليون جنيه، لكن فجأة في السنة المالية ٢٠١٦ ٢٠١٧ بقت الخساير ٦٠٠ مليون جنيه! الرقم ده معناه ان الشركة مهددة بإعلان الافلاس والإغلاق، لأن ده أكتر من "نصف رأس مال المصدر" والقانون ينص على حل الشركة لو وصلت لذلك إلا لو قررت لو قررت الجمعية العمومية غير كدا. بالفعل الجمعية العمومية قررت استمرار الشركة. ليه الشركة خسرت؟ السبب الرئيسي كان ان وزارة الصحة تعاقدت على توريد لبن الأطفال المدعم بسعر ما قبل التعويم، والشركة حاسبة الدولار على ٨.٥ جنيه، ثم حصل التعويم فارتفعت الكلفة لأكثر من الضعب، لكن وزارة الصحة رفضت أي تعديل للسعر وكمان ماطلت في السداد بشكل مريب وغريب. لما الحكومة الممثلة بوزارة الصحة تتسبب بالضرر الرهيب ده لشركة حكومية برضه، ومجالها يمثل فعلا أمن قومي، فأقل ما يقال إنه فشل وعدم مسؤولية من كل المسؤولين الحكوميين اللي لهم صلاحية التدخل ولم يفعلوا. وفيه احتمال تاني هو التعمد لو عرفنا ان السنة اللي فاتت في مارس ٢٠١٦ حصلت أزمة كبيرة بسبب تلاعب حول مناقصة توريد الألبان المدعمة، حيث تم الغاء مناقصة فازت بها الشركة كمتقدم وحيد، وتم عمل تعديلات في الشروط الفنية للمناقصة متفصلة مخصوص للسماح بشركتين خاصتين مالتي فارما المملوكة لأحمد العزبي، والمتحدة للصيادلة، ثم برضه الشركة الحكومية فازت بعد قدمت عرض أفضل سعر ٣١.٥ جنيه للعلبة بينما المنافسين قدموا ٣٢ جنيه، ثم حصلت محاولة تاني بضغوط مسؤولين في الوزارة على الشركة لقبول دخول شريك من القطاع الخاص، وهو ما تم ابلاغ الأجهزة الرقابية به حسبما نُشر بجريدة البوابة وقتها في ملف مطول. وبرضه في سبتمبر ٢٠١٥ اتشهر جداً اعلان نشرته الشركة يحمل استغاثة بالرئيس السيسي بسبب رغبة وزارة الصحة بسحب مناقصة توريد الألبان منها لصالح شركات خاصة، وبعدها بفترة قصيرة حصلت أزمة الألبان اللي اتكلمنا عنها وقتها. فيه أطراف تتعمد ان الشركة تخسر وتختفي لمصالح آخرين. ***** نرجع تاني لقصة المكافئات والحوافر . في نص السنة المالية تقريبا، يناير ٢٠١٧ استقال رئيس الشركة السابق الدكتور عادل طلبة، وبعض الأخبار بتقول انه استقال بسبب الازمة مع وزارة الصحة، وجه بعده المحاسب رشدي الشرقاوي مؤقتا لمدة اسبوعين، لحد ما تم تعيين اللواء طارق عبدالرحمن، اللي بدوره اتنقل لمنصب آخر في بداية أكتوبر الجاري وجه مكانه المدير الحالي الدكتور أحمد حجازي. رئيس الشركة الجديد أحمد حجازي صرف المكافئات للاتنين اللي قبله، طارق عبدالرحمن ورشدي الشرقاوي بالمبالغ الضخمة اللي ذكرناها بأول المووضع. المتحدث باسم الشركة قال للبديل ان الفلوس اللي اتصرفت دي مش ارباح وانما حوافز وبدلات حضور جلسات، وبيقول ان البدلات دي حق أصيل لرئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب حسب القانون ٢٠٣ لسنة ١٩٩١. بسبب ثغرات في قانون الحد الأقصى للأجور بعض الجهات عرفت تاخد أحكام باستثنائها منه، وكان منها في ٢٠١٦ حكم بأن العاملين بالشركة القابضة للتشييد والتعمير لا يخضعون لقانون الخدمة المدنية، وهو ما قيل وقتها انه يعني بالتبعية ان كل شركات قطاع الأعمال العام هتكون خارج القانون .. لكن مش واضح هل تم عمل ده بشكل قانوني ولا لا؟ لكن الحقيقة ان ده جنون، لأن لو دي شركة حكومية يبقى يتطبق عليها القانون، ولو دي شركة قطاع خاص بحت يبقى معيارها المكسب فحد يجيبلنا في العالم كله شركة قطاع خاص خسرانة وبتصرف المكافآت دي؟! الدولة رفضت قانون حرية تداول المعلومات، اللي بموجبه كان مفروض نعرف مين بيقبض كام، ومكناش هنضطر نستني تسريب صحفي عشان نعرف مشكلة زي دي. لو كان ده بيحصل في شركة واحدة، وفي مجال خدمي عادي زي الصحة، فمبالنا باللي بيحصل في شركات ووزارات أضخم بكتير جداً. عندنا حوادث مشابهة جداً كنا اتكلمنا عنها قبل كدا، زي قصة عضو البرلمان أشرف العربي اللي النائب العام طلب رفع الحصانة عنه للتحقيق معاه في فساد مالي حصل لما كان مدير مصلحة الضرايب، وحصلوا على ٥ مليون و٢٥٧ ألف جنيه خلال حوالي سنة ونص، من يوليو ٢٠٠٩ حتى فبراير ٢٠١١. الرقابة الإدارية اكتشفت انه وزملائه كانو بيشكلو لجان واجتماعات وهمية وبياخدوا بدلات مادية رهيبة بشكل قانوني مقابل حضورهم الوهمي! برضه قضية فساد وزارة الداخلية اللي كان متهم فيها عدد من اللواءات، لما كان ٩٠ لوا بياخدو بدلات قيمتها عشرات الملايين لكل واحد، ووصل الإجمالي لمليار و١٣٥ مليون جنيه كحافر ل"مواجهة الأهداف الأمنية". ايه اللي بيحصل طيب لما بيتم التحقيق في وقائع زي دي؟ بالنسبة لعضو البرلمان فمجلس النواب رفض يرفع الحصانة عن اشرف العربي وماحدش قدر يحقق معاه لحد النهاردة. أما قضية فساد الداخلية فالقاضي قال بوضوح "لا وجه لإقامة الدعوة الجنائية"، لإن دي حوافز كانت بتتضاف ليهم على المرتب، يعني وضعهم قانوني تماماً!!! وبالتالي مفيش حتى مصالحة حصلت مع القيادات دي ولا رجعت فلوس للدولة. ليه الفلوس دي بتتصرف رغم وجود قانون الحد الأقصى للأجور؟ شرحنا قبل كده إنه أولا مافيش عقوبات على صرف رواتب اعلى من الحد المسموح بيه، وثانياً مفيش آلية أصلا لحساب دخول الموظفين. وقت تولي الوزير أحمد درويش لوزارة التنمية المحلية سنة ٢٠٠٤ كان المفروض تتفعل منظومة لربط التعاملات المميكنة كلها بالرقم القومي، وده يتم بشكل علني في اطار حرية تداول المعلومات لكن كل مرة بيفتح الكلام في الموضوع ده بيتدفن تاني. الحد الأقصى للأجور ده قانون مهم جدا، خاصة انه بيقفل باب فساد (قانوني) رهيب، لكنه واقعيا لا يتم تطبيقه، بينما قوانين تاني بتتطبق بحسم زي قانون التظاهر مثلا، الكلام عن هيبة الدولة ووجوب تنفيذ القانون بحسم بيظهر بالمزاج ويختفي بالمزاج! من جديد بنكرر اللي بنقوله دايما ان الاقتصاد فيه جانب رئيسي سياسي بحت، وأبسط حاجة قدامنا هنا كمان إن موقع البديل المهني اللي كشف القصة محجوب بقاله شهور بلا أي سند! الحلول التقنية كتير منها موجود بالفعل ومنها اللي عند الحكومة نفسها قبل المعارضة، لكن المهم هوا الارادة السياسية. هل عايز تعمل ده فعلا أم لا؟ وايه الأفضل لمن يحكم سواء من حيث المصلحة المباشرة أو من حيث الكلفة السياسية؟ وما مدى قدرة أصحاب المصلحة، الناس، على الرقابة والمشاركة؟ دي الأسئلة اللي لازم كلنا سوا نجد إجاباتها.. دردش مع العيلة الموقف االمصري اتفضل البديل *** مواضيع سابقة عن قصة النائب اشرف العربي وتشكيل لجان وهمية عن قضية فساد وزارة الداخلية وآليات لمكافحة الفساد *** المصادر بأول تعليق. لو عجبكو اللي بتقروه في صفحتنا احكو عنه لأهلكم وأصدقائكم وتعالو شاركونا بردود أفعالهم. لو عندكم أي تجارب أو خبرات أو معلومات عن موضوع البوست اكتبولنا في الكومنتات أو ابعتولنا في الصفحة أو على إيميل الصفحة almawkef.almasry ، وهننشر ما يفيد أعضاء الصفحة. أكثر من ٦ سنوات فى الموقف المصري