الصحراء الغربية جبهة أعاد «حادث الواحات» الإنذار بخطورتها مي شمس الدين ٢٢ أكتوبر ٢٠١٧ خلال السنوات القليلة الماضية كانت الجبهة الشرقية لمصر، وتحديدًا في شمال سيناء، تعد المسرح اﻷكبر للعمليات التي استهدفت مئات من أفراد الجيش والشرطة، غير أن العملية اﻷخيرة التي شهدتها صحراء الواحات تأتي إبرازًا لخطورة الجبهة الغربية للحدود المصرية كمسرح آخر للعمليات في الحرب على الإرهاب. ومنذ الإطاحة بالرئيس اﻷسبق محمد مرسي في يوليو ٢٠١٣، احتفظت الجهة الشرقية باهتمام لافت نتيجة لعمليات تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذي تحول اسمه إلى «ولاية سيناء» بعدما أعلن ولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في عام ٢٠١٤، قبل أن تتمدد العمليات المسلحة لتشمل توغلًا أكبر في عمق الوادي، مع اتجاه «ولاية سيناء»، وتنظيمات ناشئة أخرى مثل «حسم» وخلايا نوعية مختلفة يُعتقد في ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين، لتنفيذ عمليات استهدفت منشآت وأهداف مدنية وعسكرية في القاهرة والدلتا والصعيد. غير أن الهجوم الإرهابي الأخير بمنطقة الواحات، على بعد ١٣٥ كيلو متر من محافظة الجيزة والذي أودى بحياة ١٦ من عناصر الشرطة، بحسب بيان الداخلية، و٥٣ بحسب مصادر أمنية لـ «مدى مصر» أعاد الجبهة الغربية للواجهة منذرًا بخطورتها. تكمن خطورة الصحراء الغربية أولاً في اتساع رقعة المواجهات بين قوات الأمن المصري والتنظيمات والعناصر الإرهابية المتمركزة في هذه المنطقة. والتي تنوعت طبيعة العمليات المتبادلة فيها بين الطرفين ما بين إحباط عمليات تهريب للأسلحة ومواجهات مباشرة بين قوات الجيش والشرطة والعديد من العناصر المسلحة المتمركزة في الصحراء الغربية أو في امتدادات الظهير الصحراوي لعدد من محافظات الصعيد. بالإضافة إلى ذلك، تزداد خطورة الصحراء الغربية كمسرح هام لمثل هذه العمليات كونها ملاصقة للحدود المصرية مع ليبيا، والتي شهدت عمليات تهريب أسلحة وعناصر إرهابية يُشار إلى انتمائها إلى فروع تنظيمات داعش والقاعدة هناك. ومنذ الإطاحة بمرسي، بدأت القوات المسلحة في الإعلان عن العديد من عمليات إحباط تهريب أسلحة وسيارات دفع رباعي عبر الحدود مع ليبيا. ففي ٢٧ يوليو ٢٠١٣ أعلن المتحدث بإسم القوات المسلحة المصرية عن إحباط محاولة تهريب ٢٠٠ بندقية خرطوش وذخائر في مناطق تبغبغ وجبل الحدونة وعين صافى شرق مدينة سيوة، كانت محملة على أربع سيارات دفع رباعي. وزاد الإعلان عن إحباط عمليات تهريب مشابهة بشكل ملحوظ في العام الحالي، إذ أعلنت القوات المسلحة في مايو الماضي عن تدمير القوات الجوية المصرية لـ ١٥ سيارة دفع رباعي محملة بالأسلحة على الحدود المصرية في ليبيا في عملية عسكرية استمرت قرابة الـ ٤٨ ساعة. وفي يونيو الماضي، أعلنت القوات المسلحة المصرية عن إحباط محاولة مشابهة لتهريب أسلحة عبر الحدود المصرية مع ليبيا، بعد تدمير القوات الجوية ١٢ سيارة دفع رباعي محملة بالأسلحة والذخائر. ولعل الحدث الأكبر الذي لفت الأنظار لنشاط المجموعات المسلحة في الصحراء الغربية كان مقتل ٢١ من ضباط وجنود القوات المسلحة في استهداف لكمين بالكيلو ١٠٠ بمدينة الفرافرة بمحافظة الوادي الجديد في يوليو ٢٠١٤، وهو الهجوم الذي تبناه تنظيم «المرابطون» المسلح بقيادة ضابط الصاعقة المصري المفصول من الخدمة هشام عشماوي، وهو أحد التنظيمات المشكوك في مسؤوليتها عن هجوم الأمس. وفي ديسمبر من العام نفسه أعلن تنظيم ولاية سيناء التابع لداعش مسؤوليته عن قتل خبير البترول الأمريكي بشركة أباتشي وليم هندرسون بعد اختطافه من قلب الصحراء الغربية خلال عملية سرقة سيارات، في أغسطس من العام نفسه. وجاء عام ٢٠١٥ ليجعل الصراع في منطقة الصحراء الغربية أكثر سخونة، حيث بدأ بتحطم طائرة تابعة للقوات الجوية، في أغسطس، أثناء مطاردة مسلحين بمنطقة سترة جنوب شرق واحة سيوة، وهو الحادث الذي أسفر عن مقتل أربعة من عناصر القوات الجوية وإصابة إثنين آخرين، بعد عطل فني مفاجئ أثناء عملية المطاردة. وأفاد المتحدث باسم القوات المسلحة وقتها أن القوات تمكنت من تدمير أربع عربات للمسلحين وضبط خمس عربات أخرى. وفي الشهر نفسه، أعلن تنظيم ولاية سيناء عن ذبح رهينة كرواتي الجنسية يدعى توميسلاف سلوبك، كان مسلحون قد اختطفوه يوم ٢٢ يوليو، من مدينة السادس من أكتوبر، أثناء توجهه إلى عمله بإحدى المواقع البترولية في منطقة الواحات. وفي سبتمبر من العام نفسه، قامت قوات الأمن المصرية، عن طريق الخطأ، بقتل ١٢ شخصًا وإصابة ١٠ أخرين بينهم سائحين مكسيكيين كانوا في قافلة سياحية بقلب الصحراء الغربية، حيث اشتبهت القوات في كونهم عناصرًا إرهابية. وحسب ما أعلنته وزارة الداخلية في بيانها وقتها، كان الضحايا يستقلون أربع سيارات دفع رباعي، تواجدوا بها في منطقة محظورة. وأضاف البيان أن الحادث جاء «أثناء قيام قوات مشتركة من الشرطة والقوات المسلحة بملاحقة بعض العناصر الإرهابية بمنطقة الواحات بالصحراء الغربية» لكنها لم تفصح عن أي تفاصيل أخرى. وبعد مقتل السائحين المكسيكيين بشهر، أعلنت قوات الأمن عن مقتل ٢٠ من العناصر المسلحة والقبض على ٢٢ آخرين خلال اشتباكات دامية بين القوات المسلحة وعناصر وصفها تحقيق نشرته جريدة الوطن بالمتسللة عبر الحدود مع ليبيا، والمنتمية لتنظيم الدولة الإسلامية هناك. وطبقًا لـ «الوطن»، فإن العملية العسكرية استمرت لمدة ٤٨ ساعة باستخدام الأسلحة الثقيلة في الظهير الصحراوي لمحافظة أسيوط داخل الصحراء الغربية. وفي يونيو ٢٠١٦، أعلنت القوات المسلحة عن مقتل ضابطين وأربعة مجندين في هجوم مفاجئ من عناصر تنتمي لعصابات تهريب مسلحة، وقالت مصادر أمنية لقناة العربية وقتها إن الهجوم وقع في منطقة عين دلة بمركز الفرافرة بالوادي الجديد، حيث أُلقي القبض على ثلاثة من المهربين. وبدأ عام ٢٠١٧ بهجوم استهدف كمين النقب الواقع على طريق الوادي الجديد أسيوط السياحي، والذي أسفر عن مقتل ثمانية من عناصر الشرطة وإصابة إثنين، حيث وقعت اشتباكات بين القوة الأمنية المتواجدة بالكمين ومسلحين. وفي هجوم أكثر دموية، قام تنظيم الدولة الإسلامية بإعلان مسؤوليته عن استهداف حافلة تقل مواطنين أقباط كانوا في طريقهم إلى دير اﻷنبا صموئيل، غرب مركز العدوة، وذلك أثناء مرور الحافلة بأحد الطرق الفرعية الصحراوية قرب الطريق الصحراوي الغربي الواقع بدائرة مركز شرطة العدوة. وأسفر الهجوم عن مقتل ٢٨ مواطنًا. وفي رد على الهجوم، قصفت القوات المسلحة عددًا من المواقع الليبية، وأعلن المتحدث أن القوات الجوية قامت بتنفيذ ضربات جوية ضد «تجمعات من العناصر الإرهابية بالأراضى الليبية بعد التأكد من اشتراكهم فى التخطيط والتنفيذ للحادث الإرهابى الغادر الذى وقع اليوم بمحافظة المنيا». وتركزت الضربات الجوية المصرية على مدينتي درنة، التي يتمركز بها «مجلس شورى المجاهدين» التابع للقاعدة، وجفرة، حيث كانت قوات المشير خليفة حفتر تقوم بحملة عسكرية في ذلك الوقت. وأصدر المجلس بيانًا نفى فيه علاقته بهجوم المنيا، مؤكدًا أنه «لا علاقة لمجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها بما حدث في مصر من اعتداءات على المدنيين العزل؛ فعمليات المجلس موجهة فقط ضد الميليشيات المُسلحة التي تستهدف المدينة، سواء كانت من تنظيم الدولة [الدولة الإسلامية] أو من قوات حفتر. وليس من سياسة المجلس استهداف المدنيين العزل في ليبيا فضلًا عن استهدافهم في مصر». وبعد هذا الهجوم بأيام، وتحديداً في ٣١ مايو، لقي أربعة من أفراد القوات المسلحة مصرعهم إثر اشتباكات مع عناصر مسلحة في منطقة الواحات الغربية، وأوضحت القوات المسلحة وقتها أن قوات برية كانت تمشط المنطقة، حينما «انفجر أحد الأحزمة الناسفة الخاصة بالعناصر الإرهابية»، ما أسفر عن مقتل ثلاثة ضباط وجندي واحد. وبعد الهجوم على حافلة الأقباط، أعلنت وزارة الداخلية عن تتبعها لخلية تسمى «خلية عمرو سعد» تابعة لتنظيم داعش، زعمت الوزارة أنها المسؤولة عن سلاسل الهجوم على الأقباط في الوادي، وأن معاقل تواجد وتدريب عناصرها تتركز في الظهير الصحرواي لعدد من المحافظات، وهو ما حدا بقوات الأمن لتكثيف ضرباتها في تلك المناطق. ففي ٢٣ يوليو الماضي، أعلنت الداخلية عن مقتل ٨ أشخاص، وصفتهم بمُسلحي حركة «حسم»، وذلك أثناء عملية تبادل لإطلاق النار خلال مداهمة أمنية لموقع بالظهير الصحراوي لمركز سنورس بالفيوم. وبحسب البيان، كانت الشرطة تشتبه في كون الموقع «معسكرًا تدريبيًا للحركة». كما قامت الشرطة لاحقًا بمداهمتين أُخرتين في محافظتي الشرقية والجيزة، للقبض على ٥ ممَن وصفتهم بأعضاء التنظيم كذلك. واستمرت قوات الأمن في أغسطس الماضي في تمشيط الظهير الصحراوي لعدة محافظات بالصعيد منها قنا والأقصر وسوهاج والوادى الجديد وأسيوط «لمحاصرة باقى أعضاء خلية تفجير الكنائس الهاربة وسط الدروب والكهوف والتى يتزعمها الإرهابي الهارب عمرو سعد». كان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد افتتح، في ٢٥ يوليو الماضي، قاعدة محمد نجيب العسكرية بمدينة الحمام في مرسى مطروح، وهي القاعدة التي وصفتها تقارير صحفية بالأكبر في مصر وشمال أفريقيا، فيما بدا كمحاولة للتعامل مع الخطر القادم من الغرب. أكثر من ٦ سنوات فى مدى مصر