الكتاب الأخضر من تأليف زعيم ليبيا السابق معمر القدافي في عام ١٩٧٥م، ويعتبر كتابا مقدسا عند المفكر القدافي، والذي يظهر للقارئ أنه الدستور غير المعلن للفكرة الجماهيرية العظمى عند القدافي. يعد "الكتاب الأخضر" موسوعة فكرية، تعطي للبحث بعدا سياسا، ويقع الكتاب حوالى ٢٠٠ صفحة من القطع الصغير بغلاف ذهبي، كتبت بصيغة دستور لا يعجز عنه القارئ عن قراءته، ينتقل من فكرة إلى أخرى بعبارات تعجز عنها الفصاحة. يتعرض الكتاب حول مسائل معقدة عجزت عنها البشرية بتقديم حلول لها، حول أنظمة الحكم وإشكالية العلاقة بين الحاكم والمحكومين، وإشكالية أداة الحكم في الفكر السياسي، حول التجارب الإنسانية والمشكل الاقتصادي أو ثروة المجتمع وكيفية توزيعها "الإشتراكية ، الرأسمالية"، حول النظرية العالمية الثالثة" القبيلة، والأسرة، والمرأة، والفن، والأقليات". يتكون الكتاب الأخضر من ثلاثة فصول الفصل الاول الركن السياسي ويتناول فيه مشاكل السياسة والسلطة في المجتمع. الفصل الثاني الركن الاقتصادي حلول المشاكل الاقتصادية التاريخية بين العامل ورب العمل. الفصل الثالث الركن الاجتماعي وفيه طروحات عن الأسرة، والام ،والطفل، والمراة، والثقافة، والفنون. معمرالقدافي بين العبقرية والجنون القدافي سياسي عسكري ولد في مدينة سرت الليبية، ينتمي إلى قبائل القذاذفة كبرى القبائل الليبية، إستولى على السلطة في إنقلاب عسكري، تبني فكرة الوحدة القومية العربية، ألف "الكتاب الأخضر" الذي نقد فيه الديمقراطية النيابية من أساسها، وألف "الكتاب الأبيض"، الذي دعا فيه بناء دولة "إسراطين" تجمع بين فلسطين وإسرائيل كحل لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط، وتخلى عن التقويمين الهجري والميلادي، بنى نظاما غريبا في ليبيا، ودعا إليه ليلا نهارا، وسماه "الجماهيرية العظمى"، ليس بالجمهوري ولا الملكي، لا يحكم البلاد بل يقود ويتزعم، لكنه عمليا جميع كل الصلاحيات في يديه، وامتد حكمه لأكثر من أربعة عقود، ، وتم الإطاحة بنظامه وقتله إثر ثورة ١٧ فبراير شباط ٢٠١١ حل إشكالية الديمقراطية عند المعمر القدافي إشكالية الديمقراطية أو ما يعرف بـ "جدلية الحاكم والمحكوم" لاتزال موضع نقاش بين المفكرين، وقد اتفق علماء القانون والسياسة على أن الحكام قلة من الأفراد أو فرد واحد يتولى زمام الأمة، وإن اختلفت إجراءت وصوله إلى الحكم، فلذلك لا يعقل أن يكون عدد الأصغر هو الحاكم بينما العدد الأكبر هو المحكوم، لأن الديمقراطية كما عرفوها حكم الشعب نفسه بنفسه وليس عن طريق واسطة. وهذا لا ينطبق إلا في الديمقراطية المباشرة التي هي شبه مستحيلة اليوم. ويرى القدافي أن الديمقراطية تعنى سلطة الشعب وتحرير الإنسان من الهيمنة، والمجتمعات التي تحكمها الصفوة "القلة" تعبر عن استلاب لسلطة الشعب، ومن ثم هي حكم الأقلية للأكثرية، ولا تتحقق فيها الحقوق الطبيعية. ويرى القدافي أن الانتخابات التي يفوز فيها مرشح بنسبة "٥١%" كما يقتضي النظام الديمقراطي النيابي المتبع في العالم كله تقريبا دكتاتورية في ثوب ديمقراطي مزيف، بحجة أن ٤٩% من الشعب لم ينتخبوها بل فرضت عليهم وهي عين الدكتاتورية. المجالس الشعبة تدجيل! ويرى أن المجالس النيابية تدجيل عن الديمقراطية ولا نيابة عن الشعب في الديمقراطية الحقيقية، لأن وجود النائب يغني غياب الأصلي ولا ديمقراطية بغياب الشعب. لا فرق بين حكم الأحزاب السياسية و القبائل! ويرى المقدافي أن الأحزاب السياسية دكتاتورية العصر، إذ إن الحزب هو جزء للكل والسيادة لا تتجزء، ويتكون الحزب عادة إما من ذوي المصالح الواحدة، أو الرؤية الواحدة، أو الثقافة الواحدة، أو المكان الواحد، أو العقيدة الواحدة، ويريدون تحقيق مصالحهم أو فرض رؤيتهم أو بسط عقيدتهم على المجتمع ككل، ولا يجوز ديمقراطيا أن يحكم هولاء كل الشعب الذي تختلف وتتباين أفراده، ومصالحه وآراءه، فبسط رؤية واحدة دكتاتورية حديثة. فإذا كانت القبيلة مجموعة تشترك في أصل واحد، فإن الحزب مجموعة تشترك في رؤية أو ثقافة واحدة، وكذلك الطبقة مجموعة من المجتمع ذات مصالح خاصة فلافرق بينهم، فالجتمع الذي يحكمه حزب واحد مثل المجتمع الذي تحكمه قبيلة معينة أو طبقة معينة ! الاستفتاء دخيل على الديمقراطية! إن الذين يقولون "نعم" والذين يقولون " لا" لم يعبرو عن إرادتهم، لأنه يجب أن يعبروا عن السبب؛ فالذي قال "لا" يجب أن يسبب لماذا لم يقل "نعم" والعكس، وماذا يريد كل واحد منهم. ويرى أن إبداع "نعم"، "ولا" ما هي إلا تغطية لفشل التجارب الناقصة في حل المشكلة الديمقراطية. المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية كحل بديل يرى القدافي أن الأسلوب الديمقراطي الوحيد هو أسلوب المؤتمرات ويقترح في كتابه تقسيم الشعب إلى مؤتمرات شعبية أساسية، يختار كل مؤتمر أمانة له، ومن مجموع أمانات المؤتمرات مؤتمرات شعبية غير أساسية، ثم تختار جماهير تلك المؤتمرات الشعبية لجانا شعبية إدارية، فتصبح كل المرافق تدار بواسطة لجان شعبية، وتصير اللجان الشعبية التي تدير المرافق مسؤولة أمام المؤتمرات الشعبية الأساسية. وأخيرا بعد هذه الجولة القصيرة من الجزء الأول للكتاب الأخضر يتبين لنا أن الديمقراطية بغض النظر عن تلفيقاتها لم تلب حاجات العالم، وأنها تؤيد حكم رجل واحد، والعالم يبحث اليوم رغم استعانته بالنظريات الليبريلية التي تدعو إلى المواطنة، و احترام حقوق الأقليات عن نظام بديل شامل عن الديمقراطية الزائفة وقد صدر عام ٢٠٠٩م كتاب "مجتماعات ما بعد الديمقراطية" لباحث أمريكي ويعد أول محاولة تفتح آفاقا أخرى. فرغم تناول الفكر الغربي مسألة جدلية الحاكم والمحكوم، وعقيدة المجتمع " الدستور" منذ قرون إلا أن الفكر المعمر القدافي المنادي للديمقراطية المباشرة له رؤية خاصة رغم صعوبة تطبيقها على أرض الواقع. أكثر من ٦ سنوات فى صومالى تايمز

ذكر فى هذا الخبر