مدى مصر

النقض تؤيد حبس ضابط و٥ أمناء شرطة بتهمة قتل طلعت شبيب بقسم الأقصر مدى مصر ٢٥ أكتوبر ٢٠١٧ قضت محكمة النقض اليوم، الأربعاء، برفض ثلاثة طعون مقدمة من ضابط شرطة وخمسة أمناء ووزير الداخلية على أحكام بالحبس الصادرة ضد الشرطيين الست في قضية مقتل طلعت شبيب بعد تعذيبه بقسم شرطة الأقصر، وأيدت الأحكام الصادرة ضدهم، بالإضافة إلى استمرار إلزام وزارة الداخلية بدفع تعويض مدني مؤقت لأرملة شبيب عن نفسها وبصفتها وصية على أبنائه بواقع مليون ونصف مليون جنيه، بحسب المحامي الحقوقي خالد علي. كانت محكمة جنايات الأقصر قد قضت في يوليو ٢٠١٦ بالحبس المشدد للملازم أول هاني سمير سبع سنوات وحبس خمسة من أمناء الشرطة ثلاث سنوات مع الشغل بتهمة ضرب أفضى إلى الموت، وبراءة سبعة متهمين آخرين، ثلاثة ضباط وأربعة مجندين. وتعود وقائع القضية إلى نوفمبر ٢٠١٥ الذي شهد إلقاء القبض على طلعت شبيب على يد قوة من الشرطة اقتادته إلى قسم الشرطة، حيث قضى ثلاث ساعات ونصف قبل أن يلقى مصرعه إثر اعتداء أفراد من الشرطة عليه. وكانت واقعة مقتل شبيب قد أشعلت غضب أهالي منطقة العوامية في الأقصر، التي خرج المئات من سكانها في مسيرات غاضبة وقتها مطالبين بـ«القصاص»، وتنديدًا بانتهاكات وزارة الداخلية. وقال علي لـ «مدى مصر» إبان حكم محكمة الجنايات أن المحكمة عاقبت المتهمين المدانين بأقصى عقوبة يتضمنها قانون العقوبات على تهمتي الضرب الذي أفضى إلى الموت والاشتراك في الضرب الذي أفضى إلى الموت، وهما التهمتان اللتان أحالت بهما النيابة العامة القضية إلى المحكمة، مضيفًا «كنا قد طالبنا المحكمة في المقابل بتعديل التهم لتشمل التعذيب واستخدام القسوة، وفي حال كانت المحكمة قد وافقت على طلبنا لكانت العقوبة قد بلغت الإعدام».
لماذا تتعثر جهود استرداد الأموال؟.. قضية حسين سالم مثالًا محمد حمامة ٢٤ أكتوبر ٢٠١٧ يكشف تقرير تنشره منظمتي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية و Public Eye السويسرية غدًا، اﻷربعاء، عن تفاصيل جديدة تخص فساد حسين سالم، رجل اﻷعمال المصري والصديق المقرب من الرئيس اﻷسبق حسني مبارك. ويركز التقرير الذي حصل «مدى مصر» على نسخة منه على دراسة حالة «سالم» ومحاولات استرداد أمواله المجمدة من سويسرا عبر إعادة سرد تفاصيل قصته، وإجابة الأسئلة العالقة. وشهدت حالة «سالم» جدالًا استمر طوال سنوات، وانتهت بالتصالح بينه والحكومة المصرية في أغسطس الماضي. وتكشف الدراسة عن العراقيل التي تواجه قضايا استرداد اﻷموال المنهوبة ومكافحة الفساد وغسيل اﻷموال في العالم. طبقًا ﻷرقام البنك الدولي في ٢٠١١ حسب التقرير، صودرت واستردت أموال تبلغ قيمتها حوالي ٥ مليارات دولار منذ نهاية التسعينيات (حوالي نصفها من سويسرا). ولا يمثل هذا المقدار أي أهمية إذا عرفنا أن حجم اﻷموال غير الشرعية التي تتدفق خارج الدول تتراوح قيمتها بين ٢٠ ٤٠ مليار دولار سنويًا. وبحسب التقرير، فإن ما حدث خلال سنوات مع حسين سالم منذ تجميد أمواله في سويسرا في أعقاب ثورة يناير ٢٠١١ وحتى التصالح معه، يكشف عن القصور القانوني والقضائي فيما يتعلق بمكافحة الفساد وغسيل اﻷموال، وحق استرداد اﻷموال المهربة من ذوي السلطة والنفوذ. التجميد أصدرت الحكومة السويسرية قرارًا بتجميد أصول قائمة من ١٢ شخصًا شملت مبارك نفسه والمقربين من حاشيته، ومنهم حسين سالم بعد ساعات من استقالة مبارك في ١١ فبراير ٢٠١١. وقدرت صحيفة التليجراف المصرية ثروته وثروة عائلته ب ٤ مليار دولار. تخرج «سالم» من كلية التجارة بجامعة القاهرة عام ١٩٥٦. بحسب تقرير لصحيفة اﻷهرام، عمل «سالم» أولًا في صندوق دعم النسيج براتب شهري متواضع بلغ ١٨ جنيهًا (٥١ دولارًا أمريكيًا بحسب سعر الصرف وقتها)، أو ما يعادل ٤٤٥ دولارًا أمريكيًا بأسعار اليوم. وفي عام ١٩٦٣، وبحسب تقرير اﻷهرام، قابل «سالم» أمين هويدي، الذي كان سفيرًا لمصر في المغرب وقتها وأصبح لاحقًا وزيرًا للدفاع ورئيسًا للمخابرات. وحين عُين «هويدي» سفيرًا لمصر لدى العراق في العام ذاته، أحضر «هويدي» «سالم» معه للعمل مديرًا لفرع الشركة العربية في بغداد. بعد عودته إلى مصر لرئاسة المخابرات، أحضر «هويدي» «سالم» معه مرة أخرى. ثم أرسله في بعثات إلى دول الخليج، التي بدأ فيها علاقات قد تصبح محورية في رحلة صعوده. بعد تولي أنور السادات رئاسة مصر في عام ١٩٧٠، خضع «هويدي» للإقامة الجبرية كجزء من حملة السادات ضد أعضاء نظام ناصر المقربين، ويُعتقد أن «سالم» قطع علاقته به وأصبح جزءً من نظام السادات الجديد. وطبقًا لتقرير صحيفة اﻷهرام، أصبح «سالم» رئيسًا لمجلس إدارة شركة اﻹمارات العربية التجارية مستندًا في ذلك على علاقاته. عملت الشركة كمستورد للمواد الغذائية لدولة الإمارات العربية. ويُعتقد أنه في هذا الوقت، بدأ سالم في تجميع ثروته الضخمة، طبقًا للتقرير. اختلاس أموال من المعونة اﻷمريكية بعد توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام ١٩٧٩، بدأت الولايات المتحدة إمداد مصر بمعدات عسكرية كجزء من برنامج المساعدات اﻷمريكية إلى مصر. أسس «سالم» شركة اسمها EATSCO، والتي حصلت على حق توريد شحنات أسلحة من أمريكا إلى مصر في العام ذاته. لا يُعرف كيف تمكن سالم من الفوز بهذه الصفقة الحيوية، لكن لن يمر وقت طويل قبل أن يتورط «سالم» في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات في قضية فساد كبيرة تتعلق بشركة EATSCO أمام المحاكم اﻷمريكية بسبب تسليمه البنتاجون فواتير مزيفة. اعترف «سالم» بالذنب في تحصيل قيمة أموال زائدة من البنتاجون بقيمة ٨ ملايين دولار. بحسب أوراق القضية، قدمت EATSCO فواتير مزيفة تخص ٣٤ شحنة بين عامي ١٩٧٩ و ١٩٨١. قضية ميدور دخل «سالم» قطاع الطاقة عبر تأسيس شركة اسمها ميدور مع شريك إسرائيلي اسمه يوسف بن مايمان عام ١٩٩٤ برأسمال بلغ ٣٠٠ مليون دولار، شارك «سالم» فيها بنسبة ٤٠% عبر شركته السويسرية ماسكا. تخصصت الشركة في بناء معامل لتكرير البترول. لكن الخسائر لاحقت أعمال الشركة خصوصًا بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية ضد الاحتلال اﻹسرائيلي عام ٢٠٠٠. في حوار له مع صحيفة «المصري اليوم»، قال مدحت يوسف، الرئيس السابق لشركة ميدور، إن اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية دفع المملكة العربية السعودية لوقف إمداد بترول خام ﻷي معمل تكرير يشارك فيه إسرائيليين، ما تسبب في خسائر للشركة، خاصة أن معمل التكرير التابع لها كان مصممًا بشكل خاص لخام البترول السعودي. مع هذا، وبين عامي ١٩٩٨ و ٢٠٠١، باع «سالم» أسهمه في شركة ميدور على أربعة مراحل بقيمة زادت عن قيمتها اﻹسمية بـ ٥٠ مليون دولار أمريكي على الرغم من أن الشركة لم تحقق أي أرباح منذ تأسيسها وحتى باع «سالم» أسهمه فيها. من اشترى هذه اﻷسهم بسعرها المبالغ فيه؟ البنك اﻷهلي المصري المملوك للدولة هو من اشترى هذه اﻷسهم عبر شركة «أوفشور» سرية اسمها NBF Cayman المحدودة. ولا تُعرف الأسباب التي تمكن من خلالها ملاك الشركة من بيع أسهمهم فيها لبنك تمتلكه الحكومة بقيمة تتجاوز بكثير قيمتها اﻹسمية، ما أدى إلى حصولهم على كمية هائلة من اﻷرباح على حساب الخزينة العامة للدولة. قضية خط غاز شرق المتوسط في قضية أخرى تعرف بـ«فضيحة تصدير الغاز ﻹسرائيل»، واتهم فيها مسؤولون سابقون من بينهم سامح فهمي وزير البترول في حكومة مبارك بتبديد أموال عامة عبر بيع غاز طبيعي لشركة شرق المتوسط للغاز شركة أخرى يمتلكها حسين سالم بأقل من سعره باﻷمر المباشر دون مناقصة بغرض إعادة بيعه لشركة الكهرباء اﻹسرائيلية. كان سامح فهمي شريكًا في شركة ميدور التي أمتلكها «سالم» قبل أن يصبح وزيرًا للبترول. بحسب شهادة عبدالخالق عياد، الرئيس السابق للهيئة العامة للبترول، في قضية تصدير الغاز، طلب «سالم» في أبريل عام ٢٠٠٠ من سامح فهمي شراء غاز طبيعي بنية تصديره إلى تركيا وإسرائيل بسعر ١.٥ دولار مليون وحدة حرارية بريطانية، على أن يظل السعر دون تغيير طوال مدة العقد. كما أوضح محمد كامل العيسوي، وكيل أول وزارة البترول لشؤون الغاز، في شهادته أنه كُلف بإعداد دراسة لتحديد تكلفة إنتاج الغاز الطبيعي لتحديد سعر بيعه إلى شركة «سالم». انتهت الدراسة إلى أن تكلفة اﻹنتاج تبلغ ١.٥ دولار مليون وحدة حرارية بريطانية (أي نفس السعر الذي عرضه سالم للشراء)، وقُدمت إلى اللجنة العليا للغاز والتي يرأسها فهمي نفسه. في مرحلة لاحقة، تقدمت شركة شرق المتوسط المملوكة لـ«سالم» بعرض لشراء الغاز بسعر أقل ٠.٧٥ دولار مليون وحدة حرارية بريطانية (أي نصف تكلفة اﻹنتاج التي حددها تقرير العيسوي). وفي يوم التقدم بالعرض، قام سامح فهمي بتعيين حسن عقل، نائب مدير الهيئة العامة للبترول، ﻹعداد تقييم جديد تخصم منه تكلفة الرسوم والضرائب التي تدفعها الهيئة في عملية اﻹنتاج، إضافة إلى خصم التكلفة الكبيرة لاستخراج البترول في حقول غرب الدلتا. وقدرت الدراسة الجديدة تكلفة إنتاج جديدة تنخفض كثيرًا عن الدراسة اﻷولى ووصلت إلى ٠.٦٨ دولار مليون وحدة حرارية بريطانية، أي أقل من نصف السعر المبدئي. السعر الثاني بعد الخصم ، هو ما وافق عليه وزير البترول، وهو القرار الذي أقره رئيس الوزراء في سبتمبر ٢٠٠٠. ولم يُوقع العقد مع شرق المتوسط إلا بعدها بخمس سنوات في يونيو ٢٠٠٥ بنفس سعر عام ٢٠٠٠ المنخفض على الرغم من الارتفاع العام في أسعار الغاز الطبيعي وقتها. يمكن ملاحظة الانخفاض الكبير في السعر عند مقارنته مثلًا بسعر الغاز الطبيعي الروسي، أحد أرخص أنواع الغاز في العالم، والذي بلغ ٣.٢٤ دولار مليون وحدة حرارية بريطانية في أبريل ٢٠٠٠، ووصل إلى ١٢ دولار مليون وحدة حرارية بريطانية بحلول منتصف ٢٠٠٨ (أي ما يزيد عن ١٧ ضعف السعر الذي دفعته شركة شرق المتوسط). وطبقًا لشهادة عمر سليمان، نائب الرئيس ورئيس المخابرات اﻷسبق، في قضية تصدير الغاز، بيع الغاز الطبيعي من شركة الغاز الحكومية إلى شركة شرق المتوسط بسعر ٠.٧٥ ١.٢٥ دولار، والتي تبيعه بدورها لشركة الكهرباء اﻹسرائيلية بسعر ٢.٢٥ دولار،وهو ما مكنهم من تجميع هامش ربح خرافي تراوحت قيمته بين ٣٣% إلى ٥٥%. كما شهد «سليمان» أيضًا أن «سالم» حظي بصداقة استمرت طوال ٢٠ سنة مع مبارك، الذي كلفه بتأسيس شركة الغاز بغرض تصديره إلى إسرائيل بسبب خبرة «سالم» السابقة مع اﻹسرائيليين في «ميدور». فيلات شرم الشيخ في منتصف التسعينيات، «باع» «سالم» لمبارك وزوجته وولديه خمس فيلات متلاصقة بمساحة إجمالية بلغت٢٢ ألف و٤٣٥ متر مربع في بقعة رئيسية في مدينة شرم الشيخ السياحية بسعر رمزي. ومنذ هذا الوقت، أصبحت شرم الشيخ وجهة مبارك المفضلة، وعاش فيها خلال الفترة بين اﻹطاحة به، وجلبه للمحاكمة. دفعت عائلة مبارك ٨٤ جنيهًا لكل متر مربع في الفيلات الخمسة في المتوسط، بينما كان متوسط سعر المتر ﻷرض كهذه في بقعة مماثلة خلال هذا الوقت ١٦٩٧ جنيهًا، أي ٥٤ ضعف السعر الذي دفعته عائلة مبارك، بحسب تقديرات تقرير رسمي شملته أوراق قضية محاكمة القرن. وفي وصف آخر «أقل من نصف مليون دولار أمريكي لخمس فيلات على مساحة أرض تجاوزت ٢٠ كيلومتر مربع". وبعد استقالة مبارك، اعتُبر «بيع» الفيلات الخمسة التي تجاوزت مساحتها ٢٠ كيلو متر مربع رشوة في محكمة، لكن القضية أُسقطت في النهاية بسبب قانون التقادم. الصلات السويسرية ترجع صلات حسين سالم السويسرية إلى سبعينيات القرن الماضي. تكشف وثيقة بنكية أوردها التقرير أن حسين سالم وزوجته فتحا حسابًا بنكيًا في بنك كريدي سويس Credit Suisse في جنيف. وبحسب التقرير، استُخدم هذا الحساب على اﻷرجح في استقبال ودفع عمولات ترتبط بصفقة فاسدة في مشروع ميدور لبناء مصنع للغاز في مصر. في عام ١٩٧٥، سجل «سالم» شركة في جنيف تدعى ماسكا Maska برأسمال ٢٥٠ ألف فرنك سويسري. وفي عام ١٩٨٩، أسس شركة أخرى في جنيف اسمها فنادق جالاكسي. ولا تزال أنشطة الشركة اﻷخيرة مجهولة إلى حد بعيد. بحسب وثيقة رسمية كشف عنها جهاز الكسب غير المشروع وأوردها التقرير، وبحساب الفارق بين القيمة الاسمية للأسهم وبين السعر، الذي بيعت به للبنوك الحكومية، حققت «ماسكا» أرباحًا تصل إلى ٤٩.٦ مليون دولار أمريكي عبر بيع أسهم لعدد من البنوك الحكومية (بنك قناة السويس والبنك اﻷهلي المصري) بقيمة أكبر من قيمتها الحقيقية على الرغم من أنها لم تحقق أرباحًا تبرر ارتفاع قيمة أسهمها. ما بعد الربيع العربي بدأت السلطات السويسرية تحقيقاتها ضد حسين سالم في ٢٠١١، وقررت تجميد جزء من أصوله. وفي ٦ سبتمبر ٢٠١٢، أضافت سويسرا أسماء «سالم» وأقاربه لقائمة تجميد اﻷموال الرسمية التي صدرت قبلها بسبعة عشر شهرًا في أعقاب اﻹطاحة بمبارك. الخطوة كانت على اﻷرجح دبلوماسية أكثر من أي شيء. لهذا، ومنذ سبتمبر ٢٠١٢، جُمدت أموال «سالم» استنادًا إلى قرارين منفصلين. وشملت قائمة التجميد السويسرية وقتها ٣١ شخصًا. نشرت صحيفة سويسرية تقريرًا ثريًا، ذكر أن سويسرا جمدت أموالًا ترتبط بنظام مبارك تصل قيمتها إلى ٦٩٣ مليون دولار أمريكي. اعترفت السلطات لاحقًا أن المبلغ في الحقيقة يفوق هذا، ويتجاوز ٧٠٠ مليون دولار أمريكي. التعاون القضائي الطريق المعتاد في إجراءات استرداد اﻷصول يكون عبر إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة، وهو كما يوضح الاسم طلب تتقدم به أحد الدول للحصول على مساعدة قانونية من بلد أخرى في قضايا عابرة للحدود غالبًا ما تكون قضايا فساد. خلال الشهور التي تلت الربيع العربي، حاولت السلطات السويسرية سلوك هذا الطريق، ووفروا الدعم للسلطات المصرية الجديدة عبر توضيح كيفية قبول طلب عبر إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة. قام خبراء سويسريون بزيارة القاهرة في ١١ ١٢ مايو ٢٠١١. وفي ١٨ مايو ٢٠١١، بدأ مكتب النائب العام السويسري السلطة القضائية المستقلة المسؤولة عن التحقيق في الجرائم العابرة للحدود إجراءاتها الخاصة بالتحقيق في غسيل اﻷموال المصرية. بأن طلب بيانات مالية من البنوك التي جُمدت أموال مصرية فيها. كما طلب منهم أيضًا البحث عن أي حسابات بنكية غير معلنة. استهدفت التحقيقات الجنائية في البداية ١٤ شخصًا، أي أكثر من العدد الوارد في قائمة التجميد التي أصدرها المجلس الفيدرالي في فبراير ٢٠١١ (١٢ شخصًا). كما أرسل النائب العام السويسري ٣٠ طلبًا على اﻷقل للمساعدة القانونية المتبادلة إلى مصر، بحسب بيان صحفي أصدره مكتبه في يناير ٢٠١٦. وفي سبتمبر ٢٠١١، اتخذ النائب العام قرارًا هامًا بتوسيع نطاق التحقيق لينظر في احتمالية وجود منظمة إجرامية. طبقًا للقانون السويسري، فإن هذه هي الحالة القانونية الوحيدة التي يقع عبء اﻹثبات فيها على المتهم ويُسمح فيها بمصادرة اﻷموال، لكن هذا يتطلب إثبات وجود منظمة إجرامية. لكن التقرير أورد عددًا من الصعوبات التي تواجه طريق المساعدة القانونية المتبادلة. أولًا، واجهت السلطات المصرية صعوبة في التعامل مع الطلبات. في أغسطس ٢٠١٢، نشرت صحيفة سويسرية تقريرًا جاء فيه أن السلطات السويسرية وافقت على ثلاث طلبات مساعدة قانونية من إجمالي ٤٠ طلبًا تقدمت بها مصر إلى سويسرا. ثانيًا، تمتعت السلطات المصرية بوضعية مزدوجة فيما يتعلق باﻹجراءات السويسرية يمكن لمصر استخدام إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة، باﻹضافة إلى إمكانية الحصول على ملفات عبر محامين يمثلون الحكومة المصرية في سويسرا. في البداية، وافقت محكمة الجنايات السويسرية في عام ٢٠١١ على حق مصر في التمتع بهذه الوضعية المزدوجة. لكن بعد شهور قليلة، وبسبب عدم الاستقرار السياسي وغياب الاستقلال القضائي في مصر، ألغت محكمة سويسرية هذه الوضعية. ثالثًا، بذل المتهمون المصريون ومحاموهم كل ما في وسعهم لتعطيل أي تقدم في التحقيقات السويسرية. تقدموا مرارًا بطلبات إلى السلطات السويسرية لرفع التجميد عن أموالهم. رُفضت هذه الطلبات، لكن التقرير يلاحظ أنها تمكنت من عرقلة سير التحقيقات لوقت طويل. العقبة اﻷخيرة جاءت في يونيو ٢٠١٥ حين قررت نيابة فيدرالية سويسرية إسقاط تهمة المنظمة اﻹجرامية ضد حسين سالم. نجحت مصر في الاستئناف ضد القرار في محكمة جنايات فيدرالية، ما أجبر مكتب النائب العام المصري على اﻹبقاء على التحقيق جاريًا. لكن بدا من الواضح أن مكتب النائب العام السويسري يواجه صعوبات في إثبات هذه الاتهامات. رفع التجميد استقبل مكتب النائب العام السويسري مذكرة دبلوماسية من الحكومة المصرية في ٢٦ مايو ٢٠١٦ (مذكرة رقم ٨٥) جاء فيها إن حسين سالم وزوجته ليسا قيد أي تحقيقات قضائية في مصر، وهو اﻷمر الذي لم يكن صحيحًا وقتها. وفي ٢ أغسطس ٢٠١٦، وقعت هيئة الكسب غير المشروع في مصر اتفاقًا بالتصالح مع حسين سالم يقضي بإسقاط كل التهم المتبقية ضده وربما بعض حاشيته أيضًا. في المقابل، أعرب «سالم» في بيان رسمي أنه مستعد للتنازل عن ٧٥% من ثروته للحكومة المصرية. وبحسب صحيفة اﻷهرام، تقدم النائب العام المصري بطلبات إلى ثلاث دول بينها سويسرا بـ«رفع التجميد عن أموال وأصول حسين سالم وأسرته بعد تصالحه النهائي مع الحكومة المصرية، بعدما دفع عملاق اﻷعمال مبلغ ٥٩٦.٥ مليون دولار أمريكي للحكومة. ويمثل المبلغ ٧٥% من إجمالي أصوله داخل وخارج مصر». وفي أعقاب التصالح، وفي ديسمبر ٢٠١٦، أصدر مكتب النائب العام السويسري بيانًا صحفيًا كشف فيه عن رفع التجميد عما يقرب من ربع اﻷصول المصرية التي جُمدت في أعقاب الربيع العربي (حوالي ١٨٠ مليون فرنك سويسري) وأوضح النائب العام السويسري أنه «اضطر إلى إسقاط إجراءات جنائية ضد عدد من اﻷفراد في سويسرا». وأفاد بيان النائب العام السويسري أن التحقيقات السويسرية في اﻷموال المصرية مازالت جارية ضد ستة أشخاص فقط. وفي فبراير ٢٠١٧، تقلصت قائمة تجميد المجلس الفيدرالي إلى ١٦ شخصًا فقط، أي ما يقرب من نصف عدد اﻷشخاص الذين كانوا عليها (٢٩ شخصًا) قبلها بشهور قليلة. المحاكمات في مصر تعقّب التقرير ٤٠ قضية فساد بدأت بعد ثورة ٢٠١١ ضد ١٦ شخصًا ينتمون إلى نظام مبارك، وانتهى إلى هذه اﻹحصائيات بحلول ٦ أبريل ٢٠١٧، تمت تبرئة ١٤ من بينهم. في ١٠ قضايا على اﻷقل، حصل المتهمون على البراءة بعد إدانتهم في حكم أول درجة. في ٤ قضايا على اﻷقل، عقد المتهمون صلحًا بعد إدانتهم بحكم أول درجة. أُسقطت خمس تهم نتيجة التصالح قبل صدور حكم. (وتُظهر موافقة المتهمين على التصالح عن طريق دفع أموال توقعهم أحكامًا باﻹدانة في هذه القضايا.) صدرت أحكام غيابية في تهمتين. أُسقطت قضية واحدة بالتقادم. (على الرغم من توصيات منظمة الشفافية الدولية بأن يبدأ حساب فترة سقوط القضايا بالتقادم منذ مغادرة الموظف العام منصبه، إلا أن القانون المصري استمر حتى وقت قريب في حساب الفترة منذ تاريخ ارتكاب الجريمة. سمحت قاعدة السقوط بالتقادم هذه بالبراءة في واحدة من أهم قضايا الفساد والتي شملت مبارك و«سالم»، وهي قضية فيلات شرم الشيخ.) صدرت أحكام نهائية بالإدانة في ثلاث اتهامات فقط (في نفس القضية). مازالت ست قضايا أخرى قيد المحاكمة. من بين ٤٠ تهمة، انتهت سبع ببراءات في الدرجة اﻷولى. التصالح الغامض في ديسمبر ٢٠١٥، أصدرت المحكمة اﻹدارية حكمها في دعوى أقامتها مؤسسة حرية الفكر والتعبير والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية. ألزم الحكم مجلس الوزراء بتقنين حق المواطنين في الوصول إلى المعلومات والبيانات المتعلقة بالتسوية بين الحكومة والمستثمرين فيما يتعلق بالخصخصة واﻷموال العامة. بموجب هذا الحكم، تلتزم الحكومة باﻹفصاح عن المعلومات المتعلقة بهذه التسويات على أن تكون المعايير واﻷسباب واﻷسس واضحة فيما يتعلق بكل تسوية. و«على الرغم من وضوح الحكم القضائي، تمت عملية التصالح مع حسين سالم فيما يقارب السرية الكاملة»، بحسب التقرير. ويوضح التقرير أنه على سبيل المثال، لم يُنشر النص الكامل لاتفاق «سالم» مع السلطات المصرية بشكل رسمي حتى اﻵن. كما لم تصدر أي من المؤسسات التي تولت تنفيذ الاتفاق بيانات رسمية لتوضيحه. أحد المواقع اﻹخبارية نشر نسخة من الاتفاق، تؤكد هذه النسخة الوحيدة من الاتفاق إلى جانب تصريحات المسؤولين ومحاميّ حسين سالم أنه تنازل بالفعل عن ٧٥% من كافة أصوله، وهو ما قدره محاموه بقيمة حوالي ٥.٥ مليار جنيه. لكن تقارير إعلامية أشارت إلى أن هذا المجموع البالغ ٣١١ مليون دولار بحسب سعر الصرف في أغسطس ٢٠١٧ لا يمكن أن يرقى إلى نسبة ٧٥% من ثروته، مرجحة أن هذه النسبة تساوي ٢٠% فقط. البنوك السويسرية في ٢٠١١، حللت FINMA، ، هيئة اﻹشراف السويسري على اﻷسواق المالية، تطبيق واجبات غسيل اﻷموال بواسطة الوسطاء الماليين، والذين قبلوا أموالًا جرى تجميدها بعد الربيع العربي. انتهى التحليل إلى إعداد تقرير لم يخرج إلى العلن في بادئ اﻷمر. لكن تحت ضغط كبير من المجتمع المدني السويسري، أصدرت FINMA تقريرًا موجزًا، امتنعت فيه عن تسمية البنوك التي شملها تحقيقهم. ولاحظ التقرير أن «تقدير معظم المؤسسات المالية فيما يتعلق بالالتزام بتطبيق إجراءات وافية يتراوح بين كافٍ إلى جيد». وعثرت FINMA على مخالفات في أربع حالات فقط بين ٢٠ حالة جرى التحقيق فيها، لكنها لم تحدد أسماء هذه الحالات اﻷربع. ما العمل؟ اقترح التقرير ضرورة التغلب على العراقيل التي تواجه عمليات استرداد اﻷموال المنهوبة ومكافحة الفساد وغسيل اﻷموال. ودعا إلى إيجاد طرق بديلة لإجراءات المساعدة القانونية المتبادلة حين تصبح غير كافية. وأضاف التقرير أن منظمة Public Eye في سويسرا دعت لفترة طويلة إلى إيجاد آليات بديلة إدراكًا منها لصعوبات طريق المساعدة القانونية المتبادلة، معتبرًا أن هذا «قد يقلص هذا التأثير الكبير لعبء اﻹثبات في السياقات المماثلة، ويساعد قضايا كما في حالة مصر». كما أشار التقرير إلى ضرورة مقاومة حصانة المسؤولين وحاشيتهم عن التركيز على استرداد اﻷموال بشكل سريع، مؤكدا أنه «لسوء الحظ، تفضل حكومات مثل حكومة مصر الحالية أن تحصل على حصة من اﻷموال سريعًا بدلًا من مقاومة الحصانة». وأفاد التقرير أنه قد تكون هناك أسباب جيدة لهذا، مثل أن تكون هذه الحكومات في حاجة ماسة للأموال في أوقات عدم الاستقرار السياسي، كما يحدث بعد سقوط أنظمة الحكم.، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى وجود أسباب سيئة أيضا؛ حيث قد يرغب أحد المسؤولين في استرداد اﻷموال فقط لتحقيق الشعبية. وفي أحيان أخرى، تصبح مثل هذه التسويات وسيلة لنيل حماية النخب القوية والمتأصّلة. وفي أحيان أخرى، يكون اﻷمر مجرد فساد. ويوصي التقرير بضرورة تركيز الجهود على بناء أُطر أكثر فعالية لمكافحة غسيل الأموال، إلى جانب سياسات استرداد اﻷصول. ويوضح التقرير أن «من بين معظم تدفقات اﻷموال غير الشرعية، يتم التعرف على جزء ضئيل للغاية منها، جزء أصغر منها يُجمد، وأصغر تتم مصادرته وإعادته»، ما يعتبره «يوفر [...] دليلًا كافيًا على أن عمليات استرداد اﻷصول طويلة ومعقدة وغالبًا مخيبة للآمال». ويعتبر التقرير أن الطريقة اﻷفضل لمنع الفساد رفيع المستوى هو منعه عبر التأكد من أن الوسطاء الماليين يلتزمون بمعايير مكافحة غسيل اﻷموال بشكل دقيق، ويرفضون اﻷموال غير الشرعية.
إلى الرئيس ماكرون لا بد من وقف الدعم غير المشروط للسيسي بهي الدين حسن وديميتريس كريستوبولوس ٢٤ أكتوبر ٢٠١٧ لا يمكن لزيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى باريس أن تمر دون أي رد فعل من قبل الرئيس الفرنسي، وذلك بعد أن بنى المشير السيسي بكل تؤدة نظاما استبداديًا وقمعيًا منذ انقلاب الثالث من يوليو ٢٠١٣ دون مواجهة أي معارضة قوية ورسمية، لا من جانب بروكسل ولا من باريس، حتى الآن، ودون صدور أي بلاغ حول وأد سيادة القانون في البلاد، ولا الإعلان عن أي دعم لفائدة ما تبقى من الحركة الديمقراطية المصرية. بالعكس، فإن مصر أصبحت تعد حليفًا استراتيجيًا في الحرب ضد الإرهاب في المنطقة. وتحت عنوان هذه «الحرب على الإرهاب» يُقمع اليوم المجتمع المدني المصري، فأي من يوجه نقدًا للحكومة، من محامين وصحفيين ومثقفين ونقابيين ومدافعين عن حقوق الإنسان يدفع ثمنًا باهظًا، كما تُتخذ إجراءات متزايدة الشدة والقسوة، خاصة ضد نشطاء المجتمع المدني مثل محمد زارع، والمتهم بـ«التآمر مع كيانات أجنبية للإضرار بالأمن الوطني»، وذلك لمشاركته في آليات تابعة للأمم المتحدة تهتم بالدفاع عن حقوق الإنسان. محمد زارع هو قيادي في الحركة المصرية لحقوق الإنسان، وقد حصل مؤخرًا على جائزة «مارتن إينالز» بينما قد يصدر ضده في مصر حكم بالسجن المؤبد فيما يعرف بـ«قضية التمويل الأجنبي». القمع المسلط على المجتمع المدني شمل إلى اليوم عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين من ضمنهم ١١ فردًا يقبعون حاليًا في السجن، وعشرة أفراد جُمّدت ممتلكاتهم، كما مُنع ٢٨ من مغادرة التراب المصري، أما المضايقات القضائية والاختفاء القسري وحالات التعذيب وسوء المعاملة داخل السجون فهي متكررة ولا تُعد. ومهما كان السبب الحقيقي للإيقاف، فإن تهم «الإرهاب» تنهال لتشكّل سيفًا مسلطًا على كامل المجتمع المدني المصري، وخاصة على المدافعين عن حقوق الإنسان، ما قد يفرز سياسة هدّامة تعمل من جانب على إسكات القوى الضرورية لإنجاح الجهود الرامية إلى الحد من التطرف المتزايد، ومن جانب آخر تحث على الراديكالية وتزيد من انعدام الأمن في البلاد. وكما يشهد العديد من النشطاء، ومن بينهم المدوّن علاء عبدالفتاح وأحمد ماهر المعارض القديم للرئيس مبارك والمنسق العام لحركة ٦ أبريل، فإن تنظيم الدولة الإسلامية يجنّد عناصره أكثر فأكثر في داخل السجون المصرية، ما يجعل من منظومة السجن المصري أحد أخطر حلفاء الإرهاب. وللمزيد من إثارة القلق، جرى في شمال سيناء، بحسب السلطة المصرية، القضاء على أكثر من ستة آلاف «إرهابي» خلال السنوات الأخيرة، بينما لا ينسب لمجموعة «ولاية سيناء» التابعة للدولة الإسلامية أكثر من ألف مقاتل. وهذا العدد غير المتناسب من الضحايا، أغلبهم من المدنيين، لا يمكنه سوى أن يُوظَّف للدعاية للمجموعة الإرهابية ولتمكينها من فرصة جديدة لتعبئة المزيد من الجهاديين. وقد يسأل أحدهم عن عدد حالات القتل خارج القضاء والاختفاء القسري والتجاوزات التي اقترفتها قوات الأمن المصرية في هذه المنطقة وفي غيرها من المناطق، وما نتائج ذلك؟ ويأتي الجواب ليبين أن عدد الهجمات الإرهابية في شمال سيناء قد تجاوز ٢٦١ هجمة في ٢٠١٣ إلى ٦٨١ في ٢٠١٦. في ظل كل هذه الأوضاع، لا يزال قانون يرجع إلى نوفمبر ٢٠١٣ يجرّم التظاهر ويمنع أي شكل من أشكال المعارضة السلمية، كما يعمل على تركيع الصحافة المستقلة، أما عمليات العنف ضد الأقليات، وخاصة المسيحيين الأقباط، فهي متكررة دون أن تتحمل السلطة المصرية مسؤولياتها في توفير الحماية لها، ولا تعدو الهجمات التي قامت بها قوات الأمن والإعلام المصري في الأسابيع الأخيرة ضد مجتمع المثليين ومزدوجي الميول الجنسي والمتحولين جنسيًا سوى ستار من الدخان يسعى لإخفاء فشل السيسي في احتواء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي جعلت الواقع اليومي للمصريين يدور بين تضخم مالي خارج عن السيطرة وبطالة مستمرة وفساد مزمن وانتهاكات واسعة النطاق للحريات. عندما تنتهج الحكومة القمع الوحشي ضد أي صوت يعلو داخل المجتمع المدني وتنشر خطابًا شعبويًا ومتعصبًا فهي لا محالة تؤجّج نيران المعارضة الراديكالية. وأمام هذه الانتهاكات، التي لا تعدو الأمثلة المذكورة منها أعلاه أن تكون قطرة من فيضها، فقد أخلّت فرنسا بمهمتها في الدفاع عن حقوق الإنسان، والأسوأ هو أن «باريس» دفعت خلال السنوات الثلاث الأخيرة تعاونها الاقتصادي والعسكري مع مصر إلى أقصاه، حيث كانت مصر، في سنة ٢٠١٥، أول بلد أجنبي يقتني رسميًا الطائرات المقاتلة من نوع رافال. وإضافة إلى هذه الطائرات التي صنعتها شركة «داسولت.. Dassault»، فقد نص العقد الموقَّع بين البلدين سنة ٢٠١٥ على بيع بارجة متعددة المهام من نوع «دي سي إن إس..DCNS » وقذائف انسيابية من نوع «سكالب.. SCALP »، وقذائف جو جو من نوع «ميكا.. MICA»، ما مكّن المصنعين الفرنسيين من مبالغ طائلة بلغت ٥.٢ مليار يورو. هل كان هذا هو ثمن الصمت على الانتهاكات التي يرتكبها نظام السيسي؟ في شهر يوليو ٢٠١٧، عندما جرى الكشف عن صفقة عُقدت سنة ٢٠١٤ لبيع لمنظومة استعلام Cerebro من قبل المؤسسة الفرنسية Amesys، لصالح السلطة المصرية التي قد تكون استخدمتها للتعرف على معارضين سياسيين أو نشطاء حقوقيين ومراقبتهم وإيقافهم وتعذيبهم، تأكدت مخاوفنا، فلم تكن تلك المرة الأولى التي تأتي فيها مؤسسة Amesys بمثل هذه الأفعال، فقد باعت منظومة مماثلة تسمى Eagle إلى النظام الليبي، خلال حكم معمر القذافي، وخضعت بسبب ذلك لتحقيقات قضائية بتهمة «التواطؤ في أعمال تعذيب». حان الوقت لأن تكف الدبلوماسية الفرنسية عن لعب دور الوسيط لصالح مصنعي السلاح الفرنسيين، لأنه يقترن بخطر ارتكاب انتهاكات جسيمة لأحكام معاهدة تجارة الأسلحة، التي صدّقت عليها باريس سنة ٢٠١٣ كما للقانون الدولي عمومًا. وإذا ما ارتأت فرنسا الحفاظ على علاقة «مميزة» مع مصر فلا يمكن أن يحدث هذا سوى في إطار الشفافية، ولا بد أن تكون كافة الاتفاقيات التجارية مشروطة بالاحترام التام لحقوق الإنسان. سيدي الرئيس، إن المضي في الصمت وفي قبول مثل هذه التجاوزات باسم «الحرب على الإرهاب» لن يؤدي سوى لنتائج عكسية، حيث تساهمون بذلك في تغذية عدم الاستقرار وفي انعدام الأمن في الضفة الأخرى من المتوسط، كما تتخلون في ذات الوقت عن المصريين وهم يواجهون إحدى أحلك فترات الديكتاتورية في تاريخهم.
السعودية تعلن عن أول مشروعاتها على تيران وصنافير مدى مصر ٢٤ أكتوبر ٢٠١٧ أعلن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان اليوم، الثلاثاء، عن مشروع المملكة الجديد «نيوم»، كجزء من خطة «المملكة ٢٠٣٠»، والذي يتضمن مساحة جغرافيًا قدرها ٢٦ ألف و٥٠٠ كم مربع من أراضيها متضمنة جزيرتي تيران وصنافير، اللتان تنازلت عنهما الحكومة المصرية للمملكة العام الجاري. وبحسب موقع المشروع، الذي يشرف عليه لجنة يرأسها ولي العهد، باستثمارات قدرها ٥٠٠ مليار دولار أميركي، ومن المنتظر أن تنهي أولى مراحله في العام ٢٠٢٥. وفي وثيقة حقائق المشروع المرفقة بالموقع، فإنه من المخطط أن يتضمن المشروع عدد من المشاريع الاقتصادية، والبنية التحتية، بالإضافة إلى المرافق السكنية. إذ من المفترض أن يتضمن جسر ربط بري بين المملكة ومصر. ومن المخطط أيضًا أن يتضمن المشروع استثمارات في استغلال الطاقة المتجددة وتوليد الطاقة الشمسية. وكذلك مشروعات طبية وبحثية في مجالات الأبحاث الجينية والخلايا الجزعية والهندسة الحيوية. وفي مجال الإعلام، من المقرر أن يتضمن المشروع إقامة مراكز للهيئات والجهات الإعلامية، واستديوهات تصوير وتسجيل. وبحسب الحكومة السعودية، فإن المشروع «يوفر فرصة للحد من تسرب الناتج المحلي الإجمالي، عبر إتاحة فرصة للاستثمار داخل المملكة لكل من يستثمر أمواله في الخارج. وبالتالي تقليل التسرب المالي نتيجة قلة الفرص الاستثمارية الضخمة». ومن المقرر أيضًا أن تطبق نفس القواعد المطبقة على إقامة الأجانب الراغبين في الإقامة على أراضي المشروع. وكان مجلس الوزراء المصري أعلن، يونيو الماضي، عن تصَدَّيق الرئيس عبدالفتاح السيسي على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، والتي تتضمن التنازل عن الجزيرتين لصالح المملكة. وجاء إقرار الاتفاقية وسريانها رغم استمرار معركة قضائية، كانت قد بدأت قبل ما يزيد على العام، بين معارضين لتنازل مصر عن الجزيرتين وبين هيئة قضايا الدولة (محامي الحكومة). حصل الفريق اﻷول خلالها على حكم من محكمة القضاء الإداري، ثم حكم نهائي وبات من المحكمة الإدارية العليا ببطلان التوقيع على الاتفاقية، فيما حصل الفريق الثاني على حكمين من محكمة اﻷمور المستعجلة بوقف تنفيذ حكمي القضاء الإداري والإدارية العليا بشأن الاتفاقية.
مُحَدَّث التغطية في غياب المعلومات الرسمية.. بين ما تريده الدولة وما يصل إليه الإعلام هبة عفيفي وعمر سعيد «تجاهل الاستفسارات الإعلامية وعدم الرد على الطلبات وعدم توفير أي معلومات يقوض شفافية ودقة وإنصاف وحياد التغطية. يجب توفير المعلومات حتى لا يضطر الصحفي للبحث عن مصادر أخرى»، هكذا علّق فولكر شفينك، مدير مكتب التليفزيون اﻷلماني بالقاهرة على الاتهامات التي وجهتها الهيئة العامة للاستعلامات، فضلًا عن عدد من التقارير ومقالات الرأي في الصحف المصرية، للوكالات الأجنبية التي تناولت أخبار الهجوم اﻷخير الذي شهده طريق الواحات مساء الجمعة. كانت أنباء هجوم إرهابي في طريق الواحات قد بدأت في التواتر منتصف يوم الجمعة الماضي، دون وجود أي إفادات رسمية بهذا الشأن، قبل أن تبدأ مواقع الصحف المصرية والوكالات الأجنبية في نقل أخبار عن الاشتباكات، اعتمد معظمها على ما وصف بـ «مصادر أمنية»، في حين اعتمد بعضها على ما نقلته وكالة رويترز تحديدًا. وفي حين بدأت اﻷخبار بمقتل ثلاثة شرطيين، ارتفع العدد بعد ذلك إلى ١٤، ثم إلى ٢٠، ثم ٣٠، لتنشر الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية بيانًا حول الواقعة في العاشرة من مساء اليوم نفسه، لم تذكر فيه أية أرقام للضحايا، لتستمر المواقع الإخبارية المصرية واﻷجنبية في الاعتماد على «مصادرها اﻷمنية»، التي ارتفع العدد بحسبها إلى ما يزيد على ٥٠ مع حلول منتصف الليل. وفي الثامنة من مساء اليوم التالي، السبت، نشرت وزارة الداخلية بيانًا عن الهجوم، قالت فيه إن عدد القتلى بين صفوفها هو ١٦ شرطيًا فقط، فضلًا عن ضابط مفقود، بخلاف وجود ١٥ قتيلًا بين صفوف العناصر المسلحة. عقب بيان الداخلية بساعات شن ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، أثناء استضافته في برنامج هنا العاصمة على قناة سي بي سي، هجومًا على وكالة رويترز للأنباء، وشبكة بي بي سي، قبل أن تصدر الهيئة بيانًا بالمعنى نفسه، يدين تغطية الوكالة والشبكة العالميتين للحادث. واستنادًا للفارق في رقم الضحايا بين ما أعلنته الوكالات وما أعلنته وزارة الداخلية، وصفت «العامة للاستعلامات» كلًا من رويترز وبي بي سي بـ «عدم الدقة»، كما طالبتهما بنفي ما نشرتاه من أرقام والإلتزام بالحصيلة الرسمية الواردة في بيان الداخلية. وفي حين اعتبر رشوان أن تأخّر وزارة الداخلية في الإعلان عن المعلومات بشأن الهجوم كان مبررًا لاعتماد المؤسستين على مصادر خارجية. إلا أنه شكك في معرفة مصادر المؤسستَين بما جرى خلال الهجوم، مضيفًا أنه طالب مدير مكتب إحداهما بـ «رفد المصدر الذي يتعامل معه». وكرر المجلس اﻷعلى للإعلام المعنى نفسه الذي قاله رشوان حين اعتبر في اجتماع عقده أمس اﻷحد أن «غياب المعلومات لعدة ساعات ليس مبررًا لاستخدام الشائعات المنسوب صدورها لمصادر مجهولة، خاصة فيما يتعلق بأحداث تمس الأمن القومي للبلاد». وفيما اكتفت وزارة الداخلية بالبيانين اللذين أصدرتهما بخصوص الواقعة، استمرت الصحف المصرية في نشر تغطيات للحادث تضمنت تحليلات ﻷسباب حدوثه وملابساته، اعتمدت فيها على مصادر أمنية. من جهته، قال مدير مكتب التليفزيون الألماني لـ «مدى مصر» إن الممثلين الرسميين لوزارة الداخلية لم يردوا على استفساراتهم طوال يوم حادث طريق الواحات. وأضاف شفينك أن بعض ممثلي الداخلية أنهوا الاتصال بالصحفيين أثناء المكالمات. ولم تملك «الاستعلامات» معلومات تمد الصحفيين بها، بحسب شفينك. فضلًا عن إتاحة معلومات قليلة للتليفزيون المصري تضمنت قائمة بأسماء الضحايا ومقاطع فيديو لموقع الحادث، نشرها التليفزيون عصر السبت. لاحقًا، وفي بيان أصدرته اليوم، الثلاثاء، أعادت الهيئة العامة للاستعلامات مطالبتها للعديد من وكالات الأنباء العالمية، على رأسها رويترز وبي بي سي، بالاعتذار عن نشرها معلومات مغلوطة في ما يخص أعداد ضحايا هجوم الواحات الأخير، أو نشر أسماء «الضحايا المزعومين» لهذا الحادث. كانت بي بي سي ورويترز قد نشرتا تقاريرًا صحفية ردًا على انتقادات الهيئة في بيانها اﻷول، قبل صدور بيان اليوم، وقالت رويترز إن ثلاثة مصادر مختلفة أكدت لصحفييها أن عدد ضحايا الهجوم ٥٢. وقال المتحدث الرسمي للوكالة «نحن نتعامل بجدية مع التزامنا بنشر الأخبار بشكل عادل ودقيق، وكنا حريصين هنا على نشر الجانب الخاص بوزارة الداخلية للأحداث بالإضافة إلى معلومات استقيناها بشكل مستقل من مصادر أخرى». وقالت هيئة الاستعلامات في بيان اليوم إنها أرسلت خطابين لرؤساء مكاتب رويترز وبي بي سي بالقاهرة، طالبتهما بـ «إما نفي صحة ما سبق لها نشره من أرقام للضحايا تخالف الأرقام الرسمية، والاعتذار عن عدم دقة هذه المعلومات ومصادرها أو ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺆﻛﺪ أرقامها، ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺆﻛﺪ ﻋﺪﻡ ﺻﺤﺘﻬﺎ، ﻓﺘﻘﻮﻡ ﺑﻨﺸﺮ ﺃﺳﻤﺎء ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺰﻋﻮﻣﻴﻦ». وأشارت الهيئة في بيانها إلى عدد من «الإجراءات المهنية» التي يتعين على هذه الوكالات اتخاذها للتأكد من أرقام الضحايا، ومنها «قيام الصحفيين والمراسلين العاملين بمكتبيهما بمصر، وهم بالعشرات، بالبحث الميداني عن الوفيات والإصابات المزعومة في كل محافظات مصر»، أو «قيام وكالة رويترز وشبكة BBC بالبحث في كل مكاتب الصحة بالبلاد التي تصدر شهادات الوفاة وتصاريح الدفن لأي متوفي في مصر»، أو «القيام بالفحص والتقصي المهني عن الاسماء المزعومة لشهداء وجرحى، والتي وردت في بعض التقارير الصحفية وصفحات التواصل الاجتماعي قبل صدور البيان الرسمي لوزارة الداخلية، ولم ترد فيه لبيان مدى صحتها وإذا ما كان منها اسم واحد لم يرد في هذا البيان»، أو «أخيرًا وهو ما قد يكون من قبيل المبالغة، أن تنشر وكالة رويترز وشبكة BBC بكل الوسائل الإعلامية المتاحة لهما، نداءً لكل من قد يكون لديه قرابة أو معرفة باسم شهيد أو مصاب مزعوم لم يرد في البيان الرسمي لوزارة الداخلية، للتواصل معهما وإرسال معلوماته عنه إليهما». في هذا الصدد، أكد مصدر طبي على صلة بعلاج مصابي الحادث لـ «مدى مصر» أن الرقم الذي أعلنته وزارة الداخلية، ١٢ ضابطًا و٤ مجندين، يتطابق مع من وصلت جثامينهم إلى مستشفيات الشرطة في العجوزة ومدينة نصر، والذين تم توقيع الكشف عليهم من قبل الطب الشرعي. وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته «حالة المصابين بشكل عام مستقرة، والإصابات متنوعة بين الإصابة بأعيرة نارية وكسور في عظام الأطراف. وعدد منهم تحدث إلى النيابة التي تحقق في الحادث». كان مستخدمو الإنترنت قد تداولوا قائمة نشرها ضابط شرطة، بزعم أنها أسماء ضحايا الحادث، الذين قدرتهم القائمة بـ ٨٠ شخصًا، وورد بالقائمة أسماء ٢٤ ضابطًا. غير أن «مدى مصر» حقق في القائمة المتداولة، وظهر أنها تضم أسماء ضباطًا من القوات المسلحة، قتلوا خلال الأعوام والشهور الماضية في عمليات إرهابية في سيناء. ومن بين هؤلاء، العميد السيد فوزي، قائد معسكر الزهور في الكتيبة ١٠١، والذي قتل في يناير ٢٠١٥ في هجوم على المعسكر في العريش. وكذلك العقيد أحمد الدرديري، الذي قتل في مارس الماضي على إثر هجوم مسلح على كمين في الشيخ زويد. والمقدم حازم إبراهيم، قائد الكتيبة ٥ مشاة في قطاع الشيخ زويد، والذي قتل برصاصة قناص في سبتمبر ٢٠١٦. والمقدم مصطفى الوتيدي، الذي قتل إثر انفجار عبوة ناسفة في العريش في يوليو ٢٠١٥. والمقدم أحمد عبد النبي، الذي قتل إثر انفجار عبوة ناسفة في العريش في يناير ٢٠١٦. والمقدم شريف عمر الذي قتل في العريش في مارس ٢٠١٦. والرائد خالد دبور، المقتول إثر هجوم على كمين كرم القواديس في أغسطس ٢٠١٦. والمقدم محمد هارون قائد كمين الجورة، الذي قتل متأثرًا بجراحه بعد استهداف الكمين بعبوة ناسفة. كما ضمت القائمة اسم الضابط أحمد مشهور، شقيق النقيب المتوفي في حادث طريق الواحات، مصطفى مشهور، والذي لا يزال على قيد الحياة، ويعمل في إدارة العمليات الخاصة في قطاع الأمن المركزي. لم يكتف بيان هيئة الاستعلامات اﻷول بإدانة الوكالات اﻷجنبية في مسألة اﻷرقام فقط، بل انتقد كذلك اللغة المستخدمة في التغطية الخبرية. لام بيان الهيئة على بي بي سي تعليقها على اقتباس من بيان الداخلية حول الواقعة بـ «العناصر التي وصفتها بالإرهابية»، ما اعتبرته الهيئة إشارة إلى عدم موافقة الشبكة على وصف الوزارة لمنفذي الهجوم بـ «الإرهابيين»، ولام على رويترز كذلك استخدامها لفظ militants، (مقاتلين) التي اعتبرها رشوان تحمل مدلولًا إيجابيًا بدلًا من «إرهابيين». رشا عبد الله، الأستاذ والرئيس السابق لقسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكية في القاهرة، قالت لـ «مدى مصر » إن المعيار المهني يفرض على الصحفي استخدام ألفاظ حيادية مثل «قتيل» أو «مقاتل» بدلًا من الألفاظ المحملة بالأحكام؛ «شهيد» و «إرهابي». وأضافت «من حق المواطن أن يحتسب القتلى عند الله شهداء ولكن الصحفي لا يملك أن يقول ذلك». بدوره، اعتبر أحد المراسلين اﻷجانب في مصر أن بيان الهيئة العامة للاستعلامات ينمّ عن «أسلوب أبوي، فضلًا عن التحدث بشكل مهين إلى المراسلين الأجانب». المراسل، الذي تحدث لـ «مدى مصر» مفضلًا عدم ذكر اسمه، أضاف موضحًا «عندما يقع حادث كبير تهاجم الدولة مَن ينقل المعلومات بدلًا من المسؤول عنه، وذلك في محاولة من جانبها لإخفاء ما جرى». وأشار المراسل نفسه إلى أن الصحفيين أصبحوا يلجأون إلى مصادر أخرى غير بيانات وزارة الداخلية للتأكد من دقة المعلومات، وذلك بعدما فقدت بيانات وزارة الداخلية مصداقيتها، وذلك بعد أن تبيّن نشرها لمعلومات غير صحيحة في حوادث سابقة مثل «مقتل الطالب الإيطالي جيوليو ريجيني» أو «تفاصيل المعارك الدائرة في شمال سيناء». من جانبه قال محمود كامل، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إن المسئول عن التجاوزات أو الضعف في التغطية هو الجهة الرسمية التي لم تتح معلومات تسمح للإعلامي بنقل الصورة للمواطن. وأضاف أن التعتيم الذي حدث يؤكد على أهمية إصدار قانون حرية تداول المعلومات، والذي يعمل المجلس «الأعلى لتنظيم الإعلام» على إعداد مسودته حاليًا. فيما أشار كامل إلى تضاؤل قدرة اﻹعلام المحلي على التغطية المهنية، وذلك بعد استبعاد الكثير من الإعلاميين لأسباب سياسية فضلًا عن تصدير «مَن لا علاقة لهم بالمهنة ومَن لا يلتزمون بأبسط قواعد المهنية أو مواثيق الشرف الصحفي»، حسب تعبيره. كان المجلس الأعلى للإعلام قد انتقد في بيانه أمس اﻷول ما وصفه بالتجاوزات من جانب الإعلام في تغطية «هجوم طريق الواحات» منها ظهور «خبراء روجوا لقصص لا أساس لها من الصحة». كما أصدرت نقابة الصحفيين من جانبها بيانًا، يوم السبت، لإدانة الحادث الإرهابي، دعت فيه المواطنين للإبلاغ للجهات الأمنية الشرطية أو العسكرية عن أي «تجمعات» أو «تحركات تثير الريبة». وهو البيان الذي قال محمود كامل لـ «مدى مصر» إنه صدر دون تشاور بين أعضاء المجلس. بينما قال سكرتير النقابة حاتم زكريا لـ «مدى مصر» إن البيان «صدر بشكل عاجل، ولا خلاف بشأن ما جاء فيه». وأضاف « إيه المشكلة.. كل المواطنين لازم تعمل كده (الإبلاغ عن أي تجمع). في ٢٥ يناير لما كنّا نشك في حد كنا بنسلمه لقوات الجيش». في الوقت نفسه أشارت رشا عبد الله إلى أن مناخ العمل في مصر، وبشكل خاص التغطية الصحفية للمناطق التي تحجم السلطات من حرية الوصول إليها مثل شمال سيناء أو مناطق العمليات بالصحراء الغربية، تجعل السبيل الوحيد أمام الصحفي للوصول إلى المعلومات هو اللجوء لمصادر غير معلنة. مما يحقق للمواطن حق المعرفة. وأضافت «لا توفر السلطات المعلومات، ولا يستطيع الصحفي التواجد بنفسه في مكان الحدث أو الاستعانة بشهود عيان، وذلك لخلو المناطق المستهدفة من التغطية الصحفية من السكان في حالة شمال سيناء أو المناطق الصحراوية». كما أوضحت الأستاذ بالجامعة الأمريكية أن المؤسسة الإعلامية تضع معاييرها الداخلية التي تحكم سياسة نشرها واستخدامها لمعلومات بعد التأكد من صحة المعلومات عن طريق مصدرين مختلفين. فيما اعتبر المدرب الإعلامي ياسر عبد العزيز أن استراتيجية الاتصال التي تتبعها الدولة حاليًا، في مواكبة الحرب على الإرهاب، تقوم «على ثلاثة مرتكزات أساسية، أولها التعتيم والتحفظ فى نشر أخبار الإرهاب ووقائع المواجهة معه، وثانيها السيطرة على مصادر الأخبار والمعلومات المتداولة فى هذا الصدد، عبر قصرها على المصادر الرسمية دون سواها، وثالثها «التقديم الإيجابي» للوقائع والأحداث، بما يخدم الروح المعنوية للقوات النظامية والمؤسسات والمواطنين». وفي مقاله المنشور بجريدة «الوطن» أمس، الإثنين، اعتبر عبد العزيز أن «تلك الاستراتيجية فى حاجة إلى مراجعة لثلاثة أسباب رئيسة، أولها أن التعتيم والتحفظ لم يعد هدفاً قابلاً للتحقق بسبب التغيرات التى طرأت على المجال الاتصالى، والدور المتصاعد لـ«السوشيال ميديا». وأضاف أنه «بموازاة ما يصدر عن المصادر الرسمية بشكل رسمى، هناك ما يصدر عن تلك المصادر نفسها بشكل غير رسمى، وهناك أيضاً الطرف الآخر فى المواجهة الإرهابية، الذى يمتلك آلته الإعلامية الفعالة، بالإضافة بالطبع إلى المصادر الإعلامية والمعلوماتية الأخرى، وبعضها كما أسلفنا يقف فى معسكر المناوءة، وبذلك لا توجد فرصة للتعتيم غالباً». ورأى عبد العزيز كذلك أنه «لم يعد بالإمكان إلزام التغطيات الإخبارية المواكبة للعمليات الإرهابية بقصر التزود بالمعلومات على المصادر الرسمية، لأن تلك المصادر تتباطأ أحياناً، وتمتنع فى أحيان أخرى، وفى كل الأحوال فإنها تقدم جانباً واحداً من الصورة، ما يفرض على وسائل الإعلام أن تسعى إلى تغطية جوانب أخرى من مصادر معتبرة حتى وإن لم تكن رسمية». فضلًا عن أن «مفهوم «التقديم الإيجابى» الذى تعتمده الاستراتيجية الاتصالية بداعى المحافظة على الروح المعنوية للدولة والقوات النظامية والجمهور، ثبت أنه لم يعد إيجابياً… لأن الجمهور عادة ما يترك هذا النمط من المعالجة، بعدما يتيقن من أنه أخفق فى المعرفة من خلاله، ويلجأ مباشرة إلى أنماط أداء أخرى، تبقيه أكثر علماً بما يجرى من تطورات مهمة، والأخطر من ذلك، أنه يفقد الثقة فى المنظومة الإعلامية الوطنية بأكملها». كان أبريل الماضي قد شهد انتقاد الرئيس عبد الفتاح السيسي للتغطية الإعلامية لحادثتي تفجير كنيستي المرقسية بالإسكندرية، ومار جرجس في طنطا، مطالبًا القنوات الفضائية بالتوقف عن بث مشاهد تفجيرهما، وهو ما امتثلت له القنوات بالفعل بعدما كانت تذيع مشاهد التفجير بشكل مكرر. ويتصدر المشهد الإعلامي في مصر حاليًا هيئة الاستعلامات، وهي هيئة حكومية تتبع رئاسة الجمهورية وهي المسؤولة عن تنظيم عمل الصحافة اﻷجنبية في مصر، فضلًا عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الذي يترأس كلًا من «الهيئة الوطنية للصحافة» و«الهيئة الوطنية للإعلام»، والمشكلين بقرارات جمهورية من السيسي في أبريل الماضي. في الوقت نفسه يعاني عدد من المواقع الإخبارية، من بينها «مدى مصر»، ومنصات إلكترونية أخرى، من الحجب في مصر. ورصد تقرير قرار من جهة مجهولة، الصادر عن مؤسسة «حرية الفكر والتعبير»، مطلع الشهر الجاري، وصول عدد المواقع إلى ٤٣٤ موقعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *في السابعة مساء يوم الثلاثاء، ٢٤ أكتوبر، تم إضافة معلومات للتقرير حول البيان الثاني لهيئة الاستعلامات، ورد وكالة رويترز وشبكة بي بي سي على البيان اﻷول للهيئة، وحديث مصدر طبي عن عدد الضحايا الذين استقبلتهم مستشفيات الشرطة، وقائمة متداولة بزعم أنها تخص ضحايا الحادث.
ماكرون ليس وارد إعطاء دروس للسيسي في حقوق الإنسان مدى مصر ٢٤ أكتوبر ٢٠١٧ علق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مؤتمر صحفي مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي، على المطالبات بشأن الالتفات إلى الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة المصرية، قائلًا «ليس وارد إعطاء دروس للرئيس السيسي في مجال حقوق الإنسان». وأضاف ماكرون، أنه مدرك للظروف الأمنية التي يتحرك فيها الرئيس السيسي، حيث لديه تحدى استقرار بلاده ومكافحة التطرف الديني. وكانت عدة منظمات حقوقية عالمية أصدرت أمس، الإثنين، بيانًا تطالب فيه ماكرون بإدانة الانتهاكات الحقوقية التي تمارسها الحكومة المصرية، وأخذها في الاعتبار قبل التوقيع على اتفاقيات تعاون وسلاح جديدة. ونددت المنظمات الموقعة على البيان وهي مراسلون بلا حدود، والشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان، وكورديناسيون سود، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ومعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، باستمرار تصدير فرنسا معدات عسكرية لمصر في ظل القمع المستمر للمدافعين عن حقوق الإنسان. فيما أعلن وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لو مير، في حديث لراديو أوروبا ١، اليوم، الثلاثاء، أن فرنسا تبحث عقد صفقة إضافية مع مصر لبيع ١٢ طائرة رافال عسكرية، مشيرًا إلى أن وزارة المالية الفرنسية ستبحث قدرة الحكومة المصرية على دفع ثمن الصفقة. وفي بيان منفصل، طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش، أمس، الإثنين، حكومة ماكرون بالتوقف عما أسمته «سياسات فرنسا المخزية» تجاه مصر، وطالبت ماكرون باستغلال اجتماعه الأول مع السيسي كـ «فرصة لمراجعة الدعم الاقتصادي والأمني والعسكري المقدم من فرنسا إلى الحكومة المصرية، وجعل ذلك الدعم مشروطًا بتحسن ملموس للحقوق». وأوضح بيان هيومن رايتس ووتش أن مصر من أكبر مستوردي الأسلحة من فرنسا، لافتًا إلى أن مصر وقعت صفقات شراء أسلحة ومعدات عسكرية مع فرنسا بقيمة ١٠ مليارات دولار منذ ٢٠١٤.
حكايات الإجهاض «الخلاص» غدير أحمد ٢٤ أكتوبر ٢٠١٧ *الحكاية الثانية في سلسلة حكايات الإجهاض. * القصة كما روتها صاحبتها، وفي بعض المناطق تنقل الكاتبة عنها نصًا. طبيب ومشرط، هذا كل ما احتجته في تلك اللحظة.. قليل من المُخدّر وقدر من النظافة، والكثير من المواساة. هناك في غرفة عمليات الولادة بإحدى المستشفيات الخاصة بكفر الشيخ، أغمضتُ عيني عمّا رأيته للتو؛ كان ابني ملفوفًا بكيس شفاف، يخفق قلبه ببطء أكثر كل ثانية، حتى توقف عن الحركة. وتوقفتُ عن الصراخ، وتوقَفَت أمي عن البكاء. وغبتُ عن الوعي. رأيت الدم وتمنيت لو أني ظللت نائمة، حتى لا أعيش التجربة مرة أخرى في صحوي، وعشرات في كوابيسي. حين أفقت رأيتني أخبط رأسي في الحائط، ورأيتُ جلد أختي في أظافري مخلوط بدمائها. أمسكتها بقوة، لم تأتني قبلها. هي تبكي وأمي تصرخ ووالدي يبحث عن دكتور أبلغنا بعد بدء الإجهاض أنه لن يُساعدني إلا لو رأى رأس الجنين تخرج من الرحم، «حرام»، هكذا قالها، وهكذا حكم عليّ بأسوأ تجربة أشفقت فيها على نفسي وكرهتها في الوقت نفسه. تركني الطبيب من الواحدة ظهرًا إلى الحادية عشر مساءً، أقتل ابني بنفسي، وبنصف وعي استطعت معه إدراك الأحداث. لماذا انتهى بي الحال هنا؟ أنا فعلت كل ما يجب فعله، طبقت كل ما قرأته. كل تعليمات الطبيب. كل ما وسعني فعله لأحافظ على الحمل. لماذا انتهى بي الحال وأنا أجهضه؟ مَرمية في مستشفى لا طبيب ولا تمريض. هذا رحمي، أنا أريد الحمل. لماذا يا رب؟ عدتُ بنصف وعيي إلى خمسة شهور مضت. إلى مطب في الشارع لم يره زوجي فاهتزت السيارة ووضعت يدي على بطني لأول مرة. كنتُ كالذي يربُت على كتف شخص مُرددًا «لا بأس، أنت بخير»، انتبهت لما فعلته وابتسمت وقلت «أنا حاسة إني حامل، هحلل بكره». في اليوم التالي قفزتُ فرحًا بعد نتيجة التحليل وأحمد لمعت عينيه من الفرحة. أنا حامل، رغم أني أجلت الحمل فترة، لكنها مفاجأة طيبة. أحببتها كما أحببت أحمد. أسابيع قضيناها بين محال ملابس الأطفال وبين زيارات الدكتور لمتابعة الحمل. حرصت في كل زيارة أن أسمع نبض الطفل، وعرفت أنه ولد. مضيتُ أيامًا أقرأ له وأغني وأتحسسه. تحمست وتخيلت زوجي يُدللني أكثر وأكثر. يُقبّل بطني بين الحين والحين. يُعد لي إفطارًا ذات يوم. اممم حسنًا، أحمد لن يُعد الإفطار، هذه تهيؤات. آه لو أنه فقط يتوقف عن طلب كوب الماء من المطبخ أو مُناداتي من غرفة الجلوس لإطفاء أنوار غرفة النوم. مؤكد ستُصبح حياتنا أكثر رومانسية. خمسة شهور مرّت وأنا أجهز وأرتب للولادة. وفي يوم استيقظت على ماء بين فخذيّ. فورًا توجهتُ إلى طبيب أخبرني أن الماء المحيط بالجنين، تم فقده بالكامل تقريبًا. وأنه لا فائدة من استمرار الحمل، سيموت في كل الأحوال. ولكنه سينتظر رأي دكتور علم أجنة ليتأكد من التشخيص. هذا الجنين سيموت. أجمع الطبيبان، وأعطياني تقارير طبية قالوا إنها تُبيح إجهاضي في أي مُستشفى، بما أني متزوجة، وبما أن هناك ضرورة طبية للإجهاض، لكن كلاهما شدد على أنه لن يُجهض لي بنفسه. كلمات الأطباء ما زالت تتكرر داخلي «الأولاني قالي بذوق وبشياكة أنا ما بعملش إجهاض. والتاني قالها صراحة أنا مش هعمل حاجة. طيب طمني، فهمني، أنا دي أول مرة ليّا. كان فيه إهمال. وكان فيه عدم شرعية. وكان في حاجات بتخليني أحس بالذنب وأنا كنت باقنع نفسي إن مفيش حاجة أحس بالذنب ناحيتها». «كان نفسي أحتفظ بالبيبي لحد السابع وبعدها يدخل الحضّانة، بس ما لحقتش». أيام قليلة، وبدأت أفقد كميات أكبر من الماء المحيط بالجنين وباتت حالتي الصحية من سيئ لأسوأ، وارتفعت حرارتي. كل شيء يدفعني إلى الإجهاض. هذا الذي لم يكن خيارًا بل أمر واقع. توجهت من القاهرة إلى كفر الشيخ لأكون بين عائلتي. وأعدتُ الكشف عند طبيب متدين، رغبة أخيرة مني في أن أسمع كلمة حرام. لم تفلح حيلتي؛ كانت حالتي الصحية أسوأ مما أتصور. وأُضيف صوت ثالث لصالح الأطباء. وظلت رغبتي صفرية مخلوطة بصورة طفل ميت. هنا، استسلمت، وأعطاني الطبيب دواء مهبلي مُحفز للإجهاض. كنا في الثانية عشر ظهرًا. «ما كانش باصص ناحيتي. كان باصص الناحية التانية. وإيديه عارفة هي رايحة فين بس بغشومية. وصوابعه كانت تخينة. بالإضافة إلى اللامبالاة بتاعة روحي دلوقتي ولما يبقى الطلق ينتظم ابقي كلميني. وأنا دي أول تجربة حمل ليا فبالتالي دي أول تجربة إجهاض أو ولادة ليّا. فأنا مش فاهمة يعني إيه الطلق ينتظم. مش عارفة يعني إيه طلق». انصرفت إلى المنزل حيث سمعت ما لم أحب سماعه في هذا اليوم تحديدًا. قالوا «ربنا هيعوض عليكي واللي جاي خير. وإن ربنا ما بيعملش حاجة وحشة. فأنا مش فاهمة إزاى ما بيعملش حاجة وحشة وأنا هنا دلوقتي؟» على أي حال لم يخبرني الطبيب أن الدواء يُسبب نزيفًا، وها قد بدأ النزيف وأنا الآن في الطريق إلى المستشفى لا أعرف أي مصير ينتظرني. اتصلنا بالطبيب الذي ترك هاتفه عن عمد بلا إجابة. ومنذ وصولي المستشفى وأنا بلا طبيب. تنصحني نساء عائلتي بالضغط أو (الحزق) لأدفع الجنين خارج الرحم، كمَن تلد في زمن آخر. ورغم معلوماتي بأنها خطوة أخيرة في وجود الطبيب، إلا أن الوجع صعب الاحتمال، ضغطت وضغطت وضغطت. انهارت قوايّ، وتزاحمت صرخاتي مع أنفاسي أيهما سيخرج أولًا. «طول الوقت وأنا في الإجهاض كنت حاسة إنه بيقاوم. وجسمي بيطرده. وإن أنا مكانه وأنا بطرده. وإن أنا أمانُه، وأنا بطرده. كنت حاسة إنه بيعافر علشان يفضل عايش، وأنا بعافر علشان يموت. أنا بعافر. الطلق معافرة. أنا بعافر بكل حاجة فيّا، باخبط في الحيطة. ليه؟ علشان الوجع يخلص. والوجع يخلص إمتى؟ لما أموت. بس أنا خايفة أموت». انخفض ضغطي وعرقت وبدأت أفقد الوعي. «افتحوا بطني وطلعوه. في اللحظة دي كنت حاسة بأعلى درجة إحساس بالذنب هو لسه عايش، ولسه بينبض. عايش وأنا جسمي عاوز يتخلص منه. أنا جسمي بيتخلص من بيبي عايش. البيبي ده أنا كنت باقول إني بحبه كل الحب ده. البيبي ده أنا محتفظة بصور السونار بتاعته. البيبي ده أنا كنت كل مرة عاوزة أسمع صوت دق قلبه. البيبي ده أنا كنت باروح كل أسبوعين للدكتور علشان بس عايزة أشوفه. فأنا في اللحظة دي، أنا عايزة أتخلص منه بأي شكل، حتى لو كان قيصرية. حتى لو كان هو كام سنتي ومش هيوجعني وهو طالع، بس أنا تعبت». هرول والدي مرات بين مكتب مدير المستشفى وبين طبيبة رفضت مُتابعتي لأن الأطباء لا يتعدّون على حالات زملائهم. هل يُمكنني الآن إضافة بعض من الإنسانية والمهنية إلى قائمة أمنياتي؟ كم تمنيت أن تراني. أن تفحص رحمي. أن تطُمئني. «أنا مفيش حد بيطمني. أنا مش عارفة إيه اللي ممكن يحصلي». بعد نزيف دام أكثر من سبع ساعات «البيبي نزل. في اللحظة دي ما كانش فيه دكتور موجود في المستشفى. الرحم كان فتح وأنا كان عندي الطلق، فـ خلاص الولد نزل. جسمي طلعه». «ما شوفتوش. حسيت بيه. وجع بشع. سكون. وهو بيخرج كان في لحظة كده موجعة وإحساس بدفع مريب وكأنه خلاص الموضوع خلص، حتى الوجع سكن كتير. اللحظة اللي قبل ما الدكتور ييجي ويقطع الخلاص كنت مستنية لحظة الدفع القوية دي علشان هو يخرج والموضوع ينتهي. كان كل اللي بفكر فيه حقيقي هو إن الموضوع ما بينتهيش. مش هينتهي. حتة مني لسه متعلقة بيّا، وأنا برضه بدور على حد يقطعها مني. يقطعها عني». هرول أبي مجددًا في طرقات المستشفى، يصيح كأنه يفقد شخصين، أحدهما ما زال ينازع الموت «محتاجين حد يقطع الخلاص». هنا، تدخّل مدير المستشفى أخيرًا، وقطع لي الخلاص بنفسه وبيديه. ورفض إعطاءنا أي أوراق تثبت مُتابعتي مع الطبيب. وقبل أن نغادر وفق طلبه، حضر صديق والدي لزيارتي وهو طبيب نساء وتوليد وطلب إدخالي غرفة العمليات لتنظيف الرحم. مشيت إلى غرفة العمليات، ودمائي على ساقيّ. ابني ميّت ورائي، وها أنا أنجو بنفسي. في غرفة تفتقر إلى أدنى درجات النظافة، شعرت بأني «أجهض في عيادة تحت بير السلم في القاهرة». صعدت إلى سرير الولادة على كرسي بلاستيكي قذر كالموجود في حمام جدتي. أتجمّد من البرد ولم يتعب أحد نفسه بتغطيتي. اعتمدوا على أني سأنام، ويا ليتني نمت. في انفراجة ساقيّ على السرير فقدت آخر ما علّقني بالطفل، كما فقدت حرارة جسمي بسبب التكييف. برد ورجفة لم ينتهيا إلا حين احتضنت الطفل قبل ساعات من تنظيفه ودفنه. كلانا الآن نظيف ولم يعُد بحاجة للآخر. هو تخلص من سوائلي كما لو أنه يولد. وأنا تخلصت من مشيمتي، ومن إيماني. هو يغادر إلى عالم جديد، وأنا باقية يلومونني على خسارتي وكأني تعمدتها. يمنعون المتزوجات حديثًا من زيارتي لأنه «فال وحش». نبذوني من البداية للنهاية. أنا هنا مع شعوري بذنبٍ لم أقترفه. «يمكن علشان خوفت على نفسي لما ما لقتش حد يقطع لي الخلاص. يمكن للدرجة دي حاسة بالذنب ناحيته. أنا خُفت على نفسي فعلًا. خُفت على حياتي». أنا هنا مع نصف وعي حفظ الموقف بتفاصيله. مع ثدي مُنتفخ ومُتأهب لإرضاع صغير منحته الحياة موتًا مُبكر. تسألينني كيف كان وجود الطبيب سيُغير الموقف؟ على الأقل «كان هيحسسني بالأمان. كان هيجنبني موقف الخلاص. كان هيجنبني موقف تأخر دخول العمليات. والخوف والهلع اللي كانوا في أهلي وفيا. كنت هاح س بالشرعية. لأن كلمته حسستني بالذنب زيادة. حسسني إن يا ستي كل التقارير اللي معاكي دي بليها واشربي ميّتها، أنا مش هاحط إيدي في حاجة. أنا مش هاساعدك». أنا هنا مع بقايا خوفي، مع توسلات وصلوات غير مسموعة «يا رب اختار لي ما تخيرنيش. يا تديني القوة والمعطيات اللي تخليني أقدر أكمل وده اختياري، يا تختار أي حاجة إنشالله يموت جوايا، ريحني من إحساس إني اخترت، وأنا ما اخترتش». أشهر قليلة وحملت للمرة الثانية. هذه المرة مسكت اختبار الحمل وعينيّ مفتوحة كأني أتحدى سوء اختياره «للحظة حسيت إن أنا مش عاوزه البيبي ده». ههه! طريف أني أكملت الحمل وأنجبت بنت مُتعايشة مع مرض مزمن ليس له علاج، وأحبها وأتقبلها. والأطرف أن تجربة الحمل اختلفت وكذلك الولادة. استمروا في تلك العبارات المستفزة «ربنا عوض عليكي أهو»، والولادة كانت في مستشفى تُشبه تلك التي لا تعرف الدولة عنها شيء. اهتمام ملحوظ أثناء الولادة. الجميع مُستعد. الطبيب حاضر. التمريض مُتعاون. واحتفاء لافت للانتباه بعد الولادة. نعم، أنجبت. هذا الرحم يُنجب. هذه المرأة مُنجبة. أنا مُنتجة بمقاييسهم. أما مقاييسي فمختلفة، كما هي دائمًا. ظلت ذكرى الطفل هاجس يُراودني. افترقنا وجمعتنا الكوابيس. أحلم بنساء مربوطات بحبال ومُعلقات من أرجلهن، مثلي تمامًا. وأغزل الكروشيه وأقص خيوطه. لأكتشف في كل مرة أني أنسجها حولي، وأني أتلاشى داخلها بأوجاعي وأفكاري الانتحارية واكتئابي. أقص الخيوط لأعقُدها، فلا تنفك. أقصها وأقص معها كل صرخة صرختها ذلك اليوم ليقطعوا عني حبل خلاصي، فأخلص. «أنا الحبل اللي بيني وبينه ما كُنتش لاقيه حد يقطعه. لسه أنا وهو مربوطين ببعض. حتى بعد ما طلع ومات. عرفت إن الخلاص ده مش خلاص. مفيش خلاص. التجربة دي مفيش منها خلاص». الصورة المرفقة لـ رنا رفيق
التغطية في غياب المعلومات الرسمية.. بين ما تريده الدولة وما يصل إليه الإعلام هبة عفيفي وعمر سعيد ٢٣ أكتوبر ٢٠١٧ «تجاهل الاستفسارات الإعلامية وعدم الرد على الطلبات وعدم توفير أي معلومات يقوض شفافية ودقة وإنصاف وحياد التغطية. يجب توفير المعلومات حتى لا يضطر الصحفي للبحث عن مصادر أخرى»، هكذا علّق فولكر شفينك، مدير مكتب التليفزيون اﻷلماني بالقاهرة على الاتهامات التي وجهتها الهيئة العامة للاستعلامات، فضلًا عن عدد من التقارير ومقالات الرأي في الصحف المصرية، للوكالات الأجنبية التي تناولت أخبار الهجوم اﻷخير الذي شهده طريق الواحات مساء الجمعة. كانت أنباء هجوم إرهابي في طريق الواحات قد بدأت في التواتر منتصف يوم الجمعة الماضي، دون وجود أي إفادات رسمية بهذا الشأن، قبل أن تبدأ مواقع الصحف المصرية والوكالات الأجنبية في نقل أخبار عن الاشتباكات، اعتمد معظمها على ما وصف بـ «مصادر أمنية»، في حين اعتمد بعضها على ما نقلته وكالة رويترز تحديدًا. وفي حين بدأت اﻷخبار بمقتل ثلاثة شرطيين، ارتفع العدد بعد ذلك إلى ١٤، ثم إلى ٢٠، ثم ٣٠، لتنشر الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية بيانًا حول الواقعة في العاشرة من مساء اليوم نفسه، لم تذكر فيه أية أرقام للضحايا، لتستمر المواقع الإخبارية المصرية واﻷجنبية في الاعتماد على «مصادرها اﻷمنية»، التي ارتفع العدد بحسبها إلى ما يزيد على ٥٠ مع حلول منتصف الليل. وفي الثامنة من مساء اليوم التالي، السبت، نشرت وزارة الداخلية بيانًا عن الهجوم، قالت فيه إن عدد القتلى بين صفوفها هو ١٦ شرطيًا فقط، فضلًا عن ضابط مفقود، بخلاف وجود ١٥ قتيلًا بين صفوف العناصر المسلحة. عقب بيان الداخلية بساعات شن ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، أثناء استضافته في برنامج هنا العاصمة على قناة سي بي سي، هجومًا على وكالة رويترز للأنباء، وشبكة بي بي سي، قبل أن تصدر الهيئة بيانًا بالمعنى نفسه، يدين تغطية الوكالة والشبكة العالميتين للحادث. واستنادًا للفارق في رقم الضحايا بين ما أعلنته الوكالات وما أعلنته وزارة الداخلية، وصفت «العامة للاستعلامات» كلًا من رويترز وبي بي سي بـ «عدم الدقة»، كما طالبتهما بنفي ما نشرتاه من أرقام والإلتزام بالحصيلة الرسمية الواردة في بيان الداخلية. وفي حين اعتبر رشوان أن تأخّر وزارة الداخلية في الإعلان عن المعلومات بشأن الهجوم كان مبررًا لاعتماد المؤسستين على مصادر خارجية. إلا أنه شكك في معرفة مصادر المؤسستَين بما جرى خلال الهجوم، مضيفًا أنه طالب مدير مكتب إحداهما بـ «رفد المصدر الذي يتعامل معه». وكرر المجلس اﻷعلى للإعلام المعنى نفسه الذي قاله رشوان حين اعتبر في اجتماع عقده أمس اﻷحد أن «غياب المعلومات لعدة ساعات ليس مبررًا لاستخدام الشائعات المنسوب صدورها لمصادر مجهولة، خاصة فيما يتعلق بأحداث تمس الأمن القومي للبلاد». وفيما اكتفت وزارة الداخلية بالبيانين اللذين أصدرتهما بخصوص الواقعة، استمرت الصحف المصرية في نشر تغطيات للحادث تضمنت تحليلات ﻷسباب حدوثه وملابساته، اعتمدت فيها على مصادر أمنية. من جهته، قال مدير مكتب التليفزيون الألماني لـ «مدى مصر» إن الممثلين الرسميين لوزارة الداخلية لم يردوا على استفساراتهم طوال يوم حادث طريق الواحات. وأضاف شفينك أن بعض ممثلي الداخلية أنهوا الاتصال بالصحفيين أثناء المكالمات. ولم تملك «الاستعلامات» معلومات تمد الصحفيين بها، بحسب شفينك. فضلًا عن إتاحة معلومات قليلة للتليفزيون المصري تضمنت قائمة بأسماء الضحايا ومقاطع فيديو لموقع الحادث، نشرها التليفزيون عصر السبت. لم يكتفي بيان هيئة الاستعلامات بإدانة الوكالات اﻷجنبية في مسألة اﻷرقام فقط، بل انتقد كذلك اللغة المستخدمة في التغطية الخبرية. لام بيان الهيئة على بي بي سي تعليقها على اقتباس من بيان الداخلية حول الواقعة بـ «العناصر التي وصفتها بالإرهابية»، ما اعتبرته الهيئة إشارة إلى عدم موافقة الشبكة على وصف الوزارة لمنفذي الهجوم بـ «الإرهابيين»، ولام على رويترز كذلك استخدامها لفظ militants، (مقاتلين) التي اعتبرها رشوان تحمل مدلولًا إيجابيًا بدلًا من «إرهابيين». رشا عبد الله، الأستاذ المساعد والرئيس السابق لقسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكية في القاهرة، قالت لـ «مدى مصر » إن المعيار المهني يفرض على الصحفي استخدام ألفاظ حيادية مثل «قتيل» أو «مقاتل» بدلًا من الألفاظ المحملة بالأحكام؛ «شهيد» و «إرهابي». وأضافت «من حق المواطن أن يحتسب القتلى عند الله شهداء ولكن الصحفي لا يملك أن يقول ذلك». بدوره، اعتبر أحد المراسلين اﻷجانب في مصر أن بيان الهيئة العامة للاستعلامات ينمّ عن «أسلوب أبوي، فضلًا عن التحدث بشكل مهين إلى المراسلين الأجانب». المراسل، الذي تحدث لـ «مدى مصر» مفضلًا عدم ذكر اسمه، أضاف موضحًا «عندما يقع حادث كبير تهاجم الدولة مَن ينقل المعلومات بدلًا من المسؤول عنه، وذلك في محاولة من جانبها لإخفاء ما جرى». وأشار المراسل نفسه إلى أن الصحفيين أصبحوا يلجأون إلى مصادر أخرى غير بيانات وزارة الداخلية للتأكد من دقة المعلومات، وذلك بعدما فقدت بيانات وزارة الداخلية مصداقيتها، وذلك بعد أن تبيّن نشرها لمعلومات غير صحيحة في حوادث سابقة مثل «مقتل الطالب الإيطالي جيوليو ريجيني» أو «تفاصيل المعارك الدائرة في شمال سيناء». من جانبه قال محمود كامل، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إن المسئول عن التجاوزات أو الضعف في التغطية هو الجهة الرسمية التي لم تتح معلومات تسمح للإعلامي بنقل الصورة للمواطن. وأضاف أن التعتيم الذي حدث يؤكد على أهمية إصدار قانون حرية تداول المعلومات، والذي يعمل المجلس «الأعلى لتنظيم الإعلام» على إعداد مسودته حاليًا. فيما أشار كامل إلى تضاؤل قدرة اﻹعلام المحلي على التغطية المهنية، وذلك بعد استبعاد الكثير من الإعلاميين لأسباب سياسية فضلًا عن تصدير «مَن لا علاقة لهم بالمهنة ومَن لا يلتزمون بأبسط قواعد المهنية أو مواثيق الشرف الصحفي»، حسب تعبيره. كان المجلس الأعلى للإعلام قد انتقد في بيانه أمس ما وصفه بالتجاوزات من جانب الإعلام في تغطية «هجوم طريق الواحات» منها ظهور «خبراء روجوا لقصص لا أساس لها من الصحة». كما أصدرت نقابة الصحفيين من جانبها بيانًا، أمس اﻷول، لإدانة الحادث الإرهابي، دعت فيه المواطنين للإبلاغ للجهات الأمنية الشرطية أو العسكرية عن أي «تجمعات» أو «تحركات تثير الريبة». وهو البيان الذي قال محمود كامل لـ «مدى مصر» إنه صدر دون تشاور بين أعضاء المجلس. بينما قال سكرتير النقابة حاتم زكريا لـ «مدى مصر» إن البيان «صدر بشكل عاجل، ولا خلاف بشأن ما جاء فيه». وأضاف « إيه المشكلة.. كل المواطنين لازم تعمل كده (الإبلاغ عن أي تجمع). في ٢٥ يناير لما كنّا نشك في حد كنا بنسلمه لقوات الجيش». في الوقت نفسه أشارت رشا عبد الله إلى أن مناخ العمل في مصر، وبشكل خاص التغطية الصحفية للمناطق التي تحجم السلطات من حرية الوصول إليها مثل شمال سيناء أو مناطق العمليات بالصحراء الغربية، تجعل السبيل الوحيد أمام الصحفي للوصول إلى المعلومات هو اللجوء لمصادر غير معلنة. مما يحقق للمواطن حق المعرفة. وأضافت «لا توفر السلطات المعلومات، ولا يستطيع الصحفي التواجد بنفسه في مكان الحدث أو الاستعانة بشهود عيان، وذلك لخلو المناطق المستهدفة من التغطية الصحفية من السكان في حالة شمال سيناء أو المناطق الصحراوية». كما أوضحت الأستاذ بالجامعة الأمريكية أن المؤسسة الإعلامية تضع معاييرها الداخلية التي تحكم سياسة نشرها واستخدامها لمعلومات بعد التأكد من صحة المعلومات عن طريق مصدرين مختلفين. فيما اعتبر المدرب الإعلامي ياسر عبد العزيز أن استراتيجية الاتصال التي تتبعها الدولة حاليًا، في مواكبة الحرب على الإرهاب، تقوم «على ثلاثة مرتكزات أساسية، أولها التعتيم والتحفظ فى نشر أخبار الإرهاب ووقائع المواجهة معه، وثانيها السيطرة على مصادر الأخبار والمعلومات المتداولة فى هذا الصدد، عبر قصرها على المصادر الرسمية دون سواها، وثالثها «التقديم الإيجابى» للوقائع والأحداث، بما يخدم الروح المعنوية للقوات النظامية والمؤسسات والمواطنين». وفي مقاله المنشور بجريدة «الوطن» اليوم، اعتبر عبد العزيز أن «تلك الاستراتيجية فى حاجة إلى مراجعة لثلاثة أسباب رئيسة، أولها أن التعتيم والتحفظ لم يعد هدفاً قابلاً للتحقق بسبب التغيرات التى طرأت على المجال الاتصالى، والدور المتصاعد لـ«السوشيال ميديا». وأضاف أنه «بموازاة ما يصدر عن المصادر الرسمية بشكل رسمى، هناك ما يصدر عن تلك المصادر نفسها بشكل غير رسمى، وهناك أيضاً الطرف الآخر فى المواجهة الإرهابية، الذى يمتلك آلته الإعلامية الفعالة، بالإضافة بالطبع إلى المصادر الإعلامية والمعلوماتية الأخرى، وبعضها كما أسلفنا يقف فى معسكر المناوءة، وبذلك لا توجد فرصة للتعتيم غالباً». ورأى عبد العزيز كذلك أنه «لم يعد بالإمكان إلزام التغطيات الإخبارية المواكبة للعمليات الإرهابية بقصر التزود بالمعلومات على المصادر الرسمية، لأن تلك المصادر تتباطأ أحياناً، وتمتنع فى أحيان أخرى، وفى كل الأحوال فإنها تقدم جانباً واحداً من الصورة، ما يفرض على وسائل الإعلام أن تسعى إلى تغطية جوانب أخرى من مصادر معتبرة حتى وإن لم تكن رسمية». فضلًا عن أن «مفهوم «التقديم الإيجابى» الذى تعتمده الاستراتيجية الاتصالية بداعى المحافظة على الروح المعنوية للدولة والقوات النظامية والجمهور، ثبت أنه لم يعد إيجابياً… لأن الجمهور عادة ما يترك هذا النمط من المعالجة، بعدما يتيقن من أنه أخفق فى المعرفة من خلاله، ويلجأ مباشرة إلى أنماط أداء أخرى، تبقيه أكثر علماً بما يجرى من تطورات مهمة، والأخطر من ذلك، أنه يفقد الثقة فى المنظومة الإعلامية الوطنية بأكملها». كان أبريل الماضي قد شهد انتقاد الرئيس عبد الفتاح السيسي للتغطية الإعلامية لحادثتي تفجير كنيستي المرقصية بالإسكندرية، ومار جرجس في طنطا، مطالبًا القنوات الفضائية بالتوقف عن بث مشاهد تفجيرهما، وهو ما امتثلت له القنوات بالفعل بعدما كانت تذيع مشاهد التفجير بشكل مكرر. ويتصدر المشهد الإعلامي في مصر حاليًا هيئة الاستعلامات، وهي هيئة حكومية تتبع رئاسة الجمهورية وهي المسؤولة عن تنظيم عمل الصحافة اﻷجنبية في مصر، فضلًا عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الذي يترأس كلًا من «الهيئة الوطنية للصحافة» و«الهيئة الوطنية للإعلام»، والمشكلين بقرارات جمهورية من السيسي في أبريل الماضي. في الوقت نفسه يعاني عدد من المواقع الإخبارية، من بينها «مدى مصر»، ومنصات إلكترونية أخرى، من الحجب في مصر. ورصد تقرير قرار من جهة مجهولة، الصادر عن مؤسسة «حرية الفكر والتعبير»، مطلع الشهر الجاري، وصول عدد المواقع إلى ٤٣٤ موقعًا.
قبل لقاء السيسي وماكرون.. منظمات حقوقية عالمية تطالب الرئيس الفرنسي بإدانة الانتهاكات في مصر مدى مصر ٢٣ أكتوبر ٢٠١٧ في أولى أيام زيارة للرئيس عبد الفتاح السيسي لفرنسا والتي تتضمن أول لقاء له مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أصدرت عدة منظمات حقوقية عالمية اليوم، الإثنين، بيانًا تطالب فيه ماكرون بإدانة الانتهاكات الحقوقية التي تمارسها الحكومة المصرية، وأخذها في الاعتبار قبل التوقيع على اتفاقيات تعاون وسلاح جديدة. ونددت المنظمات الموقعة على البيان وهي مراسلون بلا حدود والشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان وكورديناسيون سود والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، باستمرار تصدير فرنسا معدات عسكرية لمصر في ظل القمع المستمر للمدافعين عن حقوق الإنسان. وفي بيان منفصل، طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش حكومة ماكرون بالتوقف عما أسمته «سياسات فرنسا المخزية» تجاه مصر، وطالبت ماكرون باستغلال اجتماعه الأول مع السيسي كـ «فرصة لمراجعة الدعم الاقتصادي والأمني ​​والعسكري المقدم من فرنسا إلى الحكومة المصرية، وجعل ذلك الدعم مشروطًا بتحسن ملموس للحقوق». وأوضح بيان هيومن رايتس ووتش أن مصر من أكبر مستوردي الأسلحة من فرنسا، وأن مصر قد وقعت صفقات شراء أسلحة ومعدات عسكرية مع فرنسا بقيمة ١٠ مليارات دولار منذ ٢٠١٤. كانت الإدارة الفرنسية السابقة بقيادة فرنسوا هولاند واجهت انتقادات مماثلة بسبب علاقتها الودية مع مصر واتفاقات تصدير الأسلحة بين البلدين التي تمت دون التفات من الحكومة الفرنسية للانتهاكات الحقوقية بمصر. وطالبت المنظمات في بيانها اليوم فرنسا بالالتزام بـ «الموقف المشترك للمجلس الأوروبي» الذي وقعته في ٢٠٠٨ والذي يتطلب «منع إصدار رخصة تصدير إذا كانت هناك مخاطر واضحة لاستخدام التكنولوجيا العسكرية أو المعدات التي سيتم تصديرها للقمع الداخلي» أو «في ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني». كان الكاتب الصحفي الفرنسي آلان جريش، رئيس التحرير السابق لجريدة «لو موند ديبلوماتيك»، فسر في حوار سابق مع «مدى مصر» استمرار العلاقات الودية بين مصر وفرنسا رغم توتر العلاقات مع بلدان أوروبية أخرى مع تصاعد القمع داخل مصر قائلاً «المبرر العلني في فرنسا للتحالف بين النظامين هو الحرب على الإرهاب، وأن مصر حليف قوي في هذه الحرب. لكن في الواقع فإن الجانب الأكثر أهمية في هذه العلاقة هو الاقتصاد. تحت الظروف الاقتصادية السيئة في فرنسا استطاعت عقد صفقة بيع طائرات الرافال، بعد أكثر من عقد من الزمن دون بيع أي منها، بالإضافة لبيع معدات عسكرية أخرى». يتضمن برنامج زيارة الرئيس لفرنسا والتي تستغرق ثلاثة أيام، مقابلات مع رئيسيّ الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ الفرنسيَّين، بالإضافة للقاءات مع كبار رجال الأعمال. كانت الحكومة المصرية قد شنت هجمة عنيفة على المجتمع المدني والعاملين في حقوق الإنسان في السنوات الماضية تضمنت فرض منع سفر وتحفظ على أموال عدد كبير من العاملين بحقوق الإنسان المتهمين بتلقي تمويل أجنبي بشكل غير مشروع في القضية رقم ١٧٣ لعام ٢٠١١ التي ما زال التحقيق فيها مستمرًا.
معركة كركوك السيناريوهات المختلفة بعد سقوط «قدس الأكراد» محسن عوض الله ٢٣ أكتوبر ٢٠١٧ في ٢٢ سبتمبر الماضي، وفي أحد ساحات مدينة أربيل، وقف مسعود برزاني، رئيس إقليم كردستان، أمام حشد كبير من أنصاره، معلنًا رفضه لكل الضغوط الدولية التي مورست عليه من أجل تأجيل الاستفتاء أو إلغائه، ومعلنًا استعداده للموت في سبيل استقلال كردستان، وفي ١٧ أكتوبر، في مدينة كركوك، انسحبت قوات البشرمكة الكردية، التي يعد برزاني قائدها الأعلى، دون قتال مسلمة المدينة للقوات العراقية. فصل بين المشهدين أقل من ٢٥ يومًا، ولكن النتائج المترتبة عليهما أعادت الأكراد سنوات طويلة للخلف. نكسة كردية في صبيحة ١٧ أكتوبر، فوجئ شعب كردستان العراق بدخول ميليشيات الحشد الشعبي والقوات العراقية مدينة كركوك، وبسيطرتها على مطار المدينة ومعسكراتها ومنشآتها النفطية، دون أدنى مقاومة من البشمركة الكردية التي تُعد هي جيش الدفاع الكردستاني. مدينة كركوك، الغنية بالنفط والغاز والتي وصفها الزعيم الكردي الراحل مؤخرًا، والرئيس السابق للعراق، جلال طالباني، بأنها «قدس الأكراد»، هي إحدى المناطق المتنازع عليها بين الأكراد والسلطة المركزية في بغداد، بالإضافة إلى محافظة نينوى وديالى وصلاح الدين، فرسميًا، لا تنتمي كركوك لإقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي منذ سنة ١٩٧٤. لم يصدّق الأكراد أعينهم وهم يرون علم كردستان يُنزَل من فوق ديوان محافظة كركوك ويُستبدل به العلم العراقي، مع إقالة محافظ المدينة الكردي نجم الدين كريم وتعيين آخر تابع للحكومة الاتحادية. مع غروب شمس ١٧ أكتوبر، كانت القوات العراقية قد أحكمت سيطرتها على مدينة كركوك بالكامل، لأول مرة منذ عام ٢٠١٤، معلنة ذلك في بيان رسمي. نظر الأكراد حولهم، فلم يجدوا قائدهم مسعود برزاني الذي أعلن منذ أقل من شهر واحد استعداده للموت دفاعًا عن استقلال كردستان، فضلًا عن تأكيده على أن قوات الإقليم لن تنسحب من مناطق «سُفك دم كردي على ترابها»، بحسب تعبيره الذي يشير لمشاركة الأكراد في الحرب ضد تنظيم داعش في مناطق متنازع عليها مع بغداد، أبرزها كركوك. خيانة أم تنسيق مشترك؟ اختفي برزاني، البالغ من العمر ٦٨ عامًا، والذي يحكم كردستان منذ إنشاء النظام الرئاسي عام ٢٠٠٥، مكتفيًا بإصدار بيان عن القيادة العامة لقوات البشمركة حذّر فيه الحكومة العراقية من كونها «ستدفع ثمنًا باهظًا لحملتها على كركوك»، ومتهمًا فصيلًا من الاتحاد الوطني الكردستاني، أحد الحزبين الرئيسيين في الإقليم، بـ«الخيانة لمساعدته بغداد في العملية». ورغم الإعلان المسبق عن كلمة مرتقبة للبرزاني، إلا أنه جرى إبدالها ببيان من رئاسة الإقليم يصف ما حدث في كركوك بـ«المجزرة» التي تعرض لها الشعب الكردي، ويتهم في الوقت نفسه سياسيين أكرادًا بالتورط في الأحداث. كما شبه كوسرت رسول، والنائب الأول لرئيس الإقليم، ما حدث في كركوك بـ«مجزرة الأنفال» التي شنها صدام حسين ضد الأكراد، متهمًا عناصر بحزبه بالتآمر والخيانة. لكن تصريحات برزاني ونائبه، قد تتناقض مع تصريحات فاضل ميراني، سكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتولي رئاسته مسعود برزاني رئيس الإقليم، حيث كشف ميراني في تصريحات تليفزيونية لفضائية «الحدث» أن انتشار القوات العراقية بكركوك استند على تنسيق مسبق مع بغداد. لافتًا إلي أنه كان هناك اتفاق بين البشمركة مع رئاسة أركان الجيش والدفاع العراقية، في اجتماع عُقد بتاريخ ٢٩ سبتمبر، على عودة البشمركة لحدود ما قبل معركة الموصل. تراشق سياسي واتهامات بسرقة النفط على الناحية المقابلة، من جبهة معارضة برزاني، كانت ردود فعل قيادات حزب الاتحاد قوية، ومعبّرة عن حجم الانقسام داخل الإقليم والخلافات حول مسألة الاستفتاء، حيث أرجع الرئيس العراقي فؤاد معصوم، وهو نفسه قيادي في حزب الاتحاد الكردستاني، سبب ما حدث في كركوك لخطوة الاستفتاء التي أقدم عليها رئيس الإقليم برزاني، وما أثارته من خلافات مع حكومة بغداد. وأشارت وسائل إعلام كردية وإيرانية أن هيرو إبراهيم طالباني، زوجة الراحل جلال طالباني، اتهمت بارزاني «بالتواطؤ» من أجل مصالحه الشخصية. لاهور شيح جنكي، نجل شقيق الزعيم الكردي جلال طالباني، والمسؤول عن جهاز مكافحة الإرهاب بحزب الاتحاد، أعلن أن حزبه لن يضحي بأبنائه من أجل تعزيز سلطة مسعود برزاني، مضيفًا «كنا نقوم بحماية الشعب الكردي بينما كان برزاني يسرق النفط». كما كرر حسين إسماعيل، عضو برلمان كردستان عن الجماعة الإسلامية، اتهام رئيس كردستان المنتهية ولايته، مسعود بارزاني، بسرقة النفط طيلة الأعوام السابقة لصالح عائلته وحزبه، داعيًا الأحزاب الكردية لمنع بارزاني من الاستمرار في السلطة لوقت آخر. تذكير بتسعينيات الأكراد اتهامات الخيانة المتبادلة بين أكبر حزبين بالإقليم، دفعت البعض للتخوف من تطورات الأوضاع لمواجهة عسكرية وحرب أهلية تعيد للأذهان أجواء الحرب الأهلية بالإقليم في التسعينات. حيث توقع ملا بختيار، مسؤول المكتب السياسي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، اندلاع حرب أهلية في إقليم كردستان وانقسامه إلى إدارتين بسبب الأزمة الحالية، محملًا قادة الإقليم المسؤولية عن هذا، بسبب إجرائهم الاستفتاء وتداعياته. كما رجّح النائب عن ائتلاف «دولة القانون» بالبرلمان العراقي، كامل الزيدي، احتمالية حدوث انقلاب ضد رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني. وكان الإقليم قد شهد في التسعينات حربًا دموية بين حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» بقيادة جلال طالباني، وحزب «الديمقراطي الكردستاني» بقيادة مسعود بارزاني. وقتها تقدمت قوات حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، التي تحظى بعلاقات جيدة بإيران، نحو أربيل، وانتزعت السيطرة على عاصمة الإقليم من حزب بارزاني، فما كان من الأخير إلا أن ذهب إلى بغداد طالبًا العون من صدام حسين، والذي تدخل بقوات الجيش العراقي لينتزع السيطرة على العاصمة من طالباني ويسلمها لبارزاني. ولكن منذ إطاحة الغزو الأمريكي بصدام حسين عام ٢٠٠٣، تعاون الحزبان إلى حد كبير في إدارة المنطقة الكردية، حيث سيطرت قوات «الاتحاد الوطني» على السليمانية، وتحكمت قوات «الديمقراطي» بأربيل ودهوك. وبينما تولى البرزاني رئاسة الإقليم، تولى جلال طالباني، القيادي بحزب الاتحاد الوطني، رئاسة العراق وقتها، وهو منصب شرفي خُصّص للأكراد في عراق ما بعد صدام. غضب شعبي ارحل! تطورات الأحداث في كركوك، والاتهامات المتبادلة بين أكبر حزبين بالإقليم، أثارت حالة من الاحتقان بين القوى السياسية الأخرى والنشطاء الأكراد، حيث اعتبرت «حركة التغيير»، أحد القوى السياسية المؤثرة بالإقليم، أن الوضع في كردستان لن ينصلح إلا بتنحي مسعود بارزاني عن رئاسة الإقليم. كما أن رئيس برلمان إقليم كردستان «المعطَّل»، يوسف محمد، طالب رئيس الإقليم، مسعود برزاني، بتقديم استقالته «حفاظًا على ماء وجهه» بحسب تعبيره. وفي بيان لها، طالبت قائمة «الجيل الجديد» الكردستانية بارزاني وقيادة الأحزاب الحاكمة في الإقليم بتقديم استقالاتهم فورًا، لكونهم «السبب في الأوضاع الحالية»، مهددة باللجوء للشارع لإسقاط الحكومة الفاشلة في حال لم تقر قيادات الإقليم بالمسؤولية عن هذه الاحداث. وعلى المستوى الشعبي، اشتعلت حالة من الغضب بين النشطاء الأكراد على مواقع التواصل الإجتماعي، حيث ظهرت دعوات تطالب برحيل مسعود برزاني والتخلص من كل الزعامات التي أضاعت حقوق الشعب الكردي لخدمة مصالحها الحزبية والقبلية. وتظاهر العشرات من شباب كردستان صباح الأربعاء الماضي أمام مقر حزب الاتحاد الوطني متهمين قياداته بالتورط في تسليم كركوك للجيش العراقي والحشد الشعبي. مستقبل الإقليم لا يبدو مستقبل إقليم كردستان مبشرًا، وقد تشهد الأيام المقبلة اختفاء اسم الإقليم من المشهد الدولي بشكل كامل، في ظل الهجمة العسكرية العراقية على الإقليم، واستخدام ساسة العراق مصطلح «شمال العراق» بدلًا من لفظ «الإقليم الكردي». كما أن نائب قائد القوات البرية بالجيش الإيراني العميد أحمد رضا بوردستان، وفي تصريحات صحفية أمس الأحد، كشف عن النية العراقية لـ«احتلال» الإقليم بالكامل خلال الأيام المقبلة. وبعيدًا عن التهديدات بالاحتلال العسكري، فالأزمة المعيشية تتصاعد نتيجة الحصار الاقتصادي وانخفاض صادرات النفط عبر ميناء جيهان التركي لأقل من الثلث، ولا تزال المرتبات معطّلة نتيجة الحصار المفروض من قبل حكومة بغداد. سياسيًا، وفي ظل الخلاف الشديدة بين حزبي الاتحاد والديمقراطي، فإن تمزق الإقليم بين إداراتين وارد بشدة، حيث طُرح احتفاظ الحزب الديمقراطي، بقيادة برزاني، بإدارة مدينتي أربيل ودهوك، وفي المقابل يدير حزب الاتحاد، في ظل علاقته الجيدة بحكومة بغداد، مدينة كركوك ومحافظة السليمانية. وطالب أعضاء في مجلس السليمانية بفك الارتباط المالي مع كردستان، ووقع ١٢عضوًا بالمجلس على بيان يطالب بعقد اجتماع عاجل لمناقشة تأمين الحكومة العراقية لميزانية المحافظة والوقود فيها. أما برزاني نفسه، وفي ظل الدعوات الشعبية والسياسية لإقالته، فقد أضحى مستقبله في مهب الريح، حتى أن الأمر وصل لدعوة حركة التغيير لإلغاء منصب رئيس الإقليم أصلًا، وتوزيع صلاحياته على رئاسة البرلمان والحكومة. يبدو أن سقوط حلم «الدولة المستقلة»، أو تأجيله، قد يغيران كثيرًا من الأوضاع بكردستان، وفي كل الأحوال، فإن أوضاع كردستان بعد ١٧ أكتوبر ستختلف تمامًا عن الأوضاع قبلها، سواء لحسابات سياسية داخلية أو عبر ضغوط دولية أو حتى لاندلاع انتفاضة شعبية محتملة. في ظل هذه الأجواء المشحونة، تبقى الكلمة للشعب الكردي، فهو الأدرى بمصالحه والأجدر بالتعبير عنها.
الشرطة تُخلي سبيل ٢٠٠ من مشجعي الأهلي وعرض ٥ على النيابة مدى مصر ٢٣ أكتوبر ٢٠١٧ أخلت قوات الشرطة باﻹسكندرية سبيل ٢٠٠ من مشجعي النادي اﻷهلي أمس، اﻷحد، دون تحرير محاضر لهم. كما قررت نيابة العامرية أول إخلاء سبيل ٢٨ مشجعًا بضمان محل إقاماتهم، واستمرار التحقيق اليوم، اﻹثنين، مع اثنين آخرين بعد طلب التحريات الخاصة بهما، وذلك بعد توجيه اتهامات بحيازة تذاكر مقلدة لهما، بحسب المحامي محمد حافظ. كما وجهت نيابة العامرية ثان اتهامًا ﻷحد المشجعين بحيازة قلم ليزر، واثنين آخرين بتهمة حيازة تذاكر مقلدة. كانت قوات الشرطة ألقت القبض على العشرات من مشجعي النادي اﻷهلي أمس، اﻷحد، من محيط استاد برج العرب أثناء توجههم لمشاهدة مباراة النادي اﻷهلي مع فريق النجم الساحلي التونسي في بطولة أفريقيا، ومحطة مصر بالمنشية، وموقف محرم بك، وبوابات المدينة. وأوضح حافظ أن الشرطة وزعّت المعتقلين على أقسام شرطة العامرية أول وثاني، وكرموز والعطارين، بالإضافة إلى مديرية الأمن القديمة (قسم شرطة اللبان). وأشار حافظ أن أسباب القبض على المشجعين تنوعت بين ارتدائهم تيشيرتات عليها شعارات مثل «المجد للشهداء» أو «٧٤ شهيد» أو «أولتراس أهلاوي»، أو حيازتهم تذاكر مُقلدة أو حضورهم للمباراة بدون تذاكر. كما تضيّق قوات الأمن على المشجعين ممن يرتدون تيشيرتات بغطاء للرأس، وتمنعهم من دخول الاستاد. حوادث القبض جاءت على الرغم من تواصل إدارة النادي الأهلي مع وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، يوم ١٤ أكتوبر، للموافقة على حضور ٥٠ ألف مشجع للمباراة وهو ما وافقت عليه الوزارة. وأعلنت هيئة سكك حديد مصر أمس، الأحد، عن تشغيل قطارين إضافيين من القاهرة إلى مدينة برج العرب والعكس لنقل الأعداد المتزايدة من جماهير النادي الأهلي. وتعددت وقائع القبض على الجمهور أثناء محاولته حضور مباريات «أبطال أفريقيا» التي يُسمح فيها بحضور الجمهور إلتزامًا بقرارات الاتحاد الأفريقي لكرة القدم. وكانت وزارة الداخلية قد اتخذت قرارًا بمنع حضور جماهير الكرة من حضور المباريات المحلية عقب وقوع «مذبحة استاد بورسعيد» التي سقط فيها ٧٢ من مشجعي النادي الأهلي.
مسرحية «التجربة الدنماركية» كوميديا معاصرة عن الأسرة المصرية هبة عفيفي ٢٣ أكتوبر ٢٠١٧ رغم تطابق عنوان مسرحية «التجربة الدنماركية»، التي تُعرض على مسرح الفلكي، مع اسم فيلم عادل إمام الشهير، الذي تسبب في موجة هوس بالممثلة اللبنانية نيكول سابا، فإن المسرحية لا يجمعها بالفيلم سوى العنوان. في بداية المسرحية المنتَجة من قبل شركتي عالم موازي وأنتروبيا، راودني إحساس أنني بصدد مشاهدة نسخة عصرية من المسرحية الكلاسيكية «العيال كبرت»، حيث الأب المتسلط ذو الصوت العالي، دائم الحسبنة على أحوال الأسرة، والأم قليلة الحيلة، التي تنحصر حياتها في بيتها، وأولادهما مختلفي الشخصيات، فهناك الابن الأكبر الطموح والابن الأصغر الذي تظهر عليه البلاهة، وأختهم المتهورة مفرطة الحركة. برغم تلك التركيبة المُستهلَكة لم أفقد حماسي، ربما لأن منبع الفكاهة في المسرحية التي جرى تأليفها في ورشة ارتجالية؛ مُتشرِّب بديناميكية الأسرة المعاصِرة، بالإضافة لأنها تطورت لتقدم محاكاة حساسة لكل من الأسرة والمجتمع المصريين، مضفرة كل ذلك بأجواء فانتازيا عالية المستوى. يواجه كريم، الابن الأكبر، اعتراض أسرته على ولعه بالتمثيل، الذي تعتبره انحرافًا عن المسار المفترض من أن يصبح موظفًا وربًا لأسرة. يعنّفه أبوه على تضييع وقته، ولا يكترث أشقاؤه بحضور عروضه. أما والدته فتفوض فيه أمرها لله. وعندما يسألها الدعاء له بالنجاح في أول أيام عرض مسرحية «هاملت» في الجامعة، التي يلعب فيها دور البطولة، ترد عليه بالجملة الشهيرة للأم المصرية «ربنا يهديك». يعود كريم من عرضه المسرحي، والذي وعد أباه بأنه سيكون آخر عهده بالتمثيل، وقد تلبّسته شخصية هاملت، غير قادر على الفكاك منها. وتتعقد الأمور، عندما يؤكد الطبيب لعائلته أن لا سبيل لعودته لشخصيته الحقيقية إلا بقيام الأسرة نفسها بالانخراط في اللعبة، وتمثيل المسرحية معه حتى نهايتها. خلق هذا الوضع المركّب كوميديا طبيعية، نتجت عن مفارقة دخول الأب والأم لعالم المسرح من أداءات وتدريبات راقصة مفعمة بالنشاط والتحرر، نشهد من خلالها انقلاب حالهم من الجمود والتجهم، إلى تقبّل تدريجي لاختلافات الحياة وبهجتها. تعتبر أسرة كريم مثالًا نموذجيًا للأسرة المصرية العادية، حيث السلطة الأبوية المسيطرِة، والأم محدودة الأفق التي لا يجد ابنها الأصغر وسيلة للفت انتباهها أفضل من إخبارها أنه كسر طبقًا من « النيش». هذا بالإضافة لطبيعة التعاملات الحَذِرة بين الأفراد والجو العام الملّبد بالضيق والهموم والملل والرهبة من الخروج عن المألوف. غير بنائها العام المُحاكي لشكل الأسرة، تتشبّع المسرحية بتفاصيل كثيرة مألوفة بالنسبة لنا في مصر، كشخصية البواب، وكونه ممثلًا عن سلطة اجتماعية. فنجده يدخل الشقة ويضع ساقًا على ساق مبديًا رأيه في أحوال البيت، بشكل يعكس فعليًا القيمة الكبيرة التي تعطيها الأسرة المصرية له بوصفه ممثلًا عن المجتمع، ما يزيد من تضييقهم على تصرفات الأبناء، وجاعلًا هَم الأم الأول، عندما تتأخر ابنتها في الخارج « البواب هيقول ايه؟!» ساعدت المؤثرات المُحكَمة من موسيقى وإضاءة؛ في الانتقال السلس من حياة الأسرة التقليدية إلى عالم كريم الفانتازي. وأثبتت نجاحها في المشهد الصعب لانسلاخ كريم التدريجي من شخصية هاملت والعودة لشخصيته، بشكل جاء أشبه للمشاهد السينمائية لاستحضار« العفاريت». في هذا المشهد، وبعد أن ينهر كريم أخاه؛ لارتدائه القميص الخاص به، يستدير ليتلو جزءًا من مونولوج هاملت الأسطوري «أكون أو لا أكون» والذي يعطي بعدًا آخر لصراعه مع أسرته. وقبل أن تصبح مفارقة اضطرار الأسرة التقليدية للانخراط في عالم الفن مملة، تُنقِذ المسرحية نفسها، بإدخالها ممثلين آخرين عن المجتمع المصري، إلى قلب الدراما، لتتسع الدائرة. فالضابط الذي يقتحم المنزل لسماعه أن «أشياءً غريبة» تحدث به؛ يعكِس الهوس الأمني الذي يعانيه المجتمع بسبب محاربة الدولة وتجريمها لكل ما هو خارج عن المألوف. يبقى الضابط والأمين الذي يتبعه كظله في المنزل، ليشاركا بدورهم في المسرحية مع كريم، بعد تلقيهما أوامر من لواء شرطة، توسّطت عنده الأسرة، بل ويتم استدعاء متهمين مقبوض عليهم من سيارة الترحيلات المنتظِرَة تحت المنزل، ليتخذوا أماكنهم في مشهد إعادة تمثيل هاملت للحظة قتل أبيه الملك المغدور به، أمام عمّه ليختبر ردة فعله. في رأيي كان مشهد غناء مجموعة المتّهمين لقصة هاملت بطريقة مهرجان شعبي يتحدث عن الخيانة، هو أقوى لحظات المسرحية الكوميدية، خاصة عندما تصل الأغنية لذروتها، ونجدهم يرقصون ويرددون بصخب «واللي زاد ف الخيانة الأم اتجوزت العم». بالرغم من الطابع الكوميدي الغالب على المسرحية إلا أن دراما الصراع بين كريم وأبيه والتي أودت به إلى الانهيار جاءت حقيقية ومؤثرة. فكلمات الأب لابنه المغيّب في عباءة هاملت، جاءت معبرة عن دافع الحب الموجود وراء تصرفات الآباء، وعكست مأساة عائلات مصرية كثيرة، التي تعاني من السلطة الأبوية حسنة النية في بعض الأحيان، لكنها قد تخنق وأحيانًا تدمر. وقد تكون الطبيعة السريالية للمشاهِد التي ينخرط فيها الأب في عالم التمثيل والتي تساعده في استيعاب طموح ابنه؛ تعبيرًا منصِفًا عن مدى صعوبة خلخلة الجمود المسيطِر على المجتمع، والذي يجعل احتمالية تَفهُّم أب متزمت لحلم ابنه بالتمثيل؛ بنفس ضآلة احتمالية أن يقوم هذا الأب بالرقص بنفسه على خشبة المسرح. تعود مسرحية التجربة الدنماركية لمسرح الفلكي اليوم، ويستمر عرضها حتى نهاية أكتوبر الجاري.
محامٍ القبض على نحو ١٥٠ من مشجعي «الأهلي» بالإسكندرية مدى مصر ٢٢ أكتوبر ٢٠١٧ ألقت قوات الشرطة في محافظة الإسكندرية اليوم، الأحد، القبض على العشرات من مشجعي النادي الأهلي قبل مباراة الفريق مع النجم الساحلي التونسي في مباراة العودة بالدور نصف النهائي من دوري أبطال أفريقيا. وقال المحامي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، محمد حافظ، إن عدد المعتقلين تجاوز ١٥٠ مشجعًا حتى الآن. وأضاف حافظ أن الشرطة بدأت في القبض على مشجعين من محيط استاد برج العرب، حيث تُقام المباراة، ومحطة مصر بالمنشية، وموقف محرم بك، وبوابات المدينة. وأن الشرطة وزعّت المعتقلين على أقسام شرطة العامرية أول وثاني، وكرموز والعطارين، بالإضافة إلى مديرية الأمن القديمة (قسم شرطة اللبان). وأشار حافظ أن أسباب القبض على المشجعين تنوعت بين ارتدائهم تيشيرتات عليها شعارات مثل «المجد للشهداء» أو «٧٤ شهيد» أو «أولتراس أهلاوي»، أو حيازتهم تذاكر مُقلدة أو حضورهم للمباراة بدون تذاكر. كما تضيّق قوات الأمن على المشجعين ممن يرتدون تيشيرتات بغطاء للرأس، وتمنعهم من دخول الاستاد. تواصلت إدارة النادي الأهلي مع وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، يوم ١٤ أكتوبر، للموافقة على حضور ٥٠ ألف مشجع للمباراة وهو ما أقرّته الوزارة. وأعلنت هيئة سكك حديد مصر اليوم، الأحد، عن تشغيل قطارين إضافيين من القاهرة إلى مدينة برج العرب والعكس لنقل الأعداد المتزايدة من جماهير النادي الأهلي. كانت الدائرة ٢١ بمحكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة، قد قررت إخلاء سبيل ستة من أولتراس أهلاوي اليوم، الأحد، مع تدابير احترازية تقتضي البقاء في قسم الشرطة ثلاثة أيام أسبوعيًا، غير أن النيابة استأنفت قرار إخلاء السبيل. ومن المنتظر أن يُنظر استئناف النيابة بعد غد، الثلاثاء، بحسب المحامي بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، عمرو محمد. كانت الشرطة قد ألقت القبض على تسعة من أعضاء أولتراس أهلاوي آواخر شهر يناير الماضي، قبل أيام من ذكرى «مذبحة ستاد بورسعيد»، واستمر تجديد حبسهم طوال الفترة الماضية. ووجهت لهم النيابة تهمتي التحريض على التظاهر والانضمام لجماعة أُسست على خلاف القانون والدستور. وأخلي سبيل اثنين من المتهمين في أغسطس الماضي، ومن المنتظر عرض المتهم التاسع منفردًا خلال الأيام المقبلة. وتعددت وقائع القبض على الجمهور أثناء محاولته حضور مباريات «أبطال أفريقيا» التي يُسمح فيها بحضور الجمهور إلتزامًا بقرارات الاتحاد الأفريقي لكرة القدم. وكانت وزارة الداخلية قد اتخذت قرارًا بمنع حضور جماهير الكرة من حضور المباريات المحلية عقب وقوع «مذبحة استاد بورسعيد» التي سقط فيها ٧٢ من مشجعي النادي الأهلي. كانت الشرطة قد ألقت القبض على ١٧ من جمهور النادي الأهلي من محيط ستاد برج العرب، يوم ٨ يوليو الماضي، وذلك عقب مباراة الأهلي والقطن الكاميروني. وفي اليوم التالي، ألقت الشرطة القبض على ٢٦١ من مشجعي نادي الزمالك عقب مباراة ناديهم مع أهلي طرابلس الليبي، من محيط الاستاد نفسه.