مدى مصر

مجدي عبد الغفار «الناجي الأكبر» من العمليات الإرهابية عمر سعيد ومصطفى محيي ٢٥ أكتوبر ٢٠١٧ «اوعوا حد يقول اللي حصل تقصير أمني»، قالها رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي مخاطبًا الشعب في ديسمبر ٢٠١٦، تعليقًا على حادث تفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية، والذي راح ضحيته ٢٩ شخصًا. وبعد أربعة أشهر ، وعقب تفجير كنيستي مار جرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية تمت مصادرة جريدة البوابة ليومين متتاليين، ١٠ و١١ أبريل، لمطالبتها بـ «محاسبة» وزير الداخلية مجدي عبد الغفار على ما اعتبرته تقصيرًا أمنيًا. وقد أدى التفجيران لمقتل ٥٠ قتيلًا. بعد حادث «طريق الواحات»، يوم الجمعة الماضي، لم يناقش رئيس الجمهورية إن كان هناك تقصيرًا أمنيًا أم لا، فيما اكتفى بتأكيده على بسالة رجال الشرطة، وذلك خلال اجتماعه مع القيادات الأمنية، الأحد الماضي، بتأكيده على بسالة رجال الشرطة، فيما لم تتطرق التغطيات الإعلامية إلى مسؤولية وزير الداخلية عن دماء أفراد وزارته الذين قُتلوا، ١٦ بحسب بيان الوزارة، وأكثر من ٥٠ بحسب تقارير إعلامية أخرى. غير أن الحادث اﻷخير يبدو نقطة انطلاق لمناقشة موقع وزير الداخلية من المحاسبة، عبر مراجعة سريعة لولايته، باستعراض لأهم الهجمات التي تعرضت لها قوات الشرطة، فضلًا عن العمليات الإرهابية الكبرى التي فشلت الداخلية في منعها، والتي أظهرت القيادة السياسية رغمًا عنها تمسكًا واضحًا بعبد الغفار، ربما لم يحظ به سابقيه. كان تعيين اللواء، المتقاعد، مجدي عبد الغفار وزيرًا للداخلية في مارس ٢٠١٥، وذلك إحياءً لتقليد قديم تنازلت عنه القيادة السياسية منذ ثورة يناير، بأن يكون الوزير آتيًا من قطاع «مباحث أمن الدولة»، «اﻷمن الوطني» فيما بعد. وهو ما خلق أملًا في تحسن قدرة اﻷجهزة المعلوماتية في الوزارة على ممارسة عملها، بشكل يساهم في حصار الجماعات المسلحة، بعدما ترأس الوزارة منذ يناير ٢٠١١ خمسة وزراء كانوا يعملون قبل توليهم للمنصب في قطاع اﻷمن العام. بخلاف التساؤلات حول تأخّر محاسبة الوزير، تسبب حادث «طريق الواحات» في إعادة حالة من السخط في الوزارة، كانت قد بدأت مع تولي عبد الغفار للوزارة، في مارس من العام قبل الماضي. وهو ما فسره ضابط كبير في الوزارة، رفض ذِكر اسمه، بقوله «منذ عودته من المعاش للوزارة عمل الوزير على وأد حالة الأمل التي اجتاحتنا. كان همه الأول الثأر من كل الضباط الذين أهملوه عندها أُحيل للتقاعد، فأخرج بعضهم من الخدمة. وأحال البعض الآخر إلى أعمال هامشية. هنا تأكد أن الرجل يخوض معارك شخصية أولًا، ثم يأتي كل شيء في المقام الثاني». ميدانيًا؛ بدأت ولاية عبد الغفار بشكل ساخن منذ اللحظة الأولى، فبعد ثلاثة أشهر فقط، استطاعت مجموعة مسلحة اغتيال النائب العام السابق هشام بركات بتفجير سيارة مفخخة في منطقة مصر الجديدة. جرت عملية الاغتيال في منطقة مؤمنة بشكل كبير لتواجد منشآت عسكرية وسيادية بها. وعلى الرغم من إلقاء القبض على المجموعات المتورطة في العملية، إلا أن ذلك لم ينف نجاح عملية اغتيال أحد أكبر قيادات الدولة في قلب عاصمتها. وفي ٣١ أكتوبر من العام ٢٠١٥، تمكن تنظيم «ولاية سيناء» من تفجير طائرة روسية في وسط سيناء، بعدما أقلعت من مطار شرم الشيخ، مما أسفر عن مقتل ٢٢٤ شخصًا. وكان للحادث تبعات سلبية على السياحة في مصر. اللافت في الأمر أن التنظيم تبنى الحادث، وفي وقت لاحق، أعلنت السلطات الروسية ومصادر مخابراتية أمريكية عن تصفية المجموعة المسؤولة عنها، إلا أن الحكومة المصرية لا تزال ترفض الاعتراف بأن الحادث كان نتيجة لعمل إرهابي. كما طالت الضربات الإرهابية في عهد عبد الغفار مقار مؤسسات دينية مسيحية، أدت إلى مقتل عشرات من المواطنين المسيحيين. البداية كانت في ديسمبر الماضي بالتفجير الانتحاري داخل الكنيسة البطرسية، الملاصقة لمقر الكاتدرائية بحي العباسية، أحد أكثر المقار المسيحية تأمينًا في مصر، مما أدى لمقتل ٢٩ شخصًا وإصابة ٤٩ آخرين. بعدها، وفي أبريل الماضي، نجح انتحاريان في تفجير نفسيهما في كنيستي مار جرجس بطنطا، والمرقسية بالإسكندرية، في يوم عيد أحد السعف، مما أدى إلى مقتل أكثر من ٤٥ شخصًا، وإصابة ١٢٦ آخرين، ونجا من انفجار «المرقسية» البابا تواضروس الثاني الذي كان قد غادر الكنيسة قبل الانفجار بدقائق. وامتد استهداف المواطنين المسيحيين إلى هجوم مسلح على أتوبيس كان يقل عددًا من المواطنين المسيحيين في طريقهم لزيارة دير «الأنبا صموئيل» في محافظة المنيا، والذي أسفر عن مقتل ٢٨ شخصًا. وبخلاف استهداف المقرات الدينية والمواطنين المسيحيين، استهدفت التنظيمات المسلحة مقري بعثتين دبلوماسيتين في القاهرة الكبرى في يوليو ٢٠١٥. فقد تعرض مبنى القنصلية الإيطالية بوسط القاهرة للتفجير مما أسفر عن تضرر أجزاء من المبنى ومقتل أحد المارة وإصابة ١٠ آخرين. كما قُتل مجند وأصيب ثلاثة آخرين بينهم شرطيان عندما أطلق مسلحون يستقلون سيارة النار على رجال شرطة مكلفين بحراسة سفارة النيجر بالجيزة. أما الهجمات المسلحة اﻷكثر تكرارًا وتنوعًا، خلال العامين الماضيين، فكانت الهجمات المُستهدِفة للقوات الشرطية نفسها، خاصة التي نفذها تنظيم «حسم» المُسلَّح، والتي تدعي الداخلية اعتقال العشرات منه، وذلك ضمن القضية المعروفة إعلاميًا بقضية «الحراك المسلح». في ديسمبر ٢٠١٦، تمكنت عناصر تنظيم «حسم» من تنفيذ أولى عملياتها، إذ زرعت عبوة ناسفة ملاصقة لكمين ثابت بحي الهرم في محافظة الجيزة، مما أدى إلى مقتل ٦ ضباط و٣ جنود وإصابة ٣ آخرين. واستمر استهداف كمائن الشرطة كنمط مستمر للعمليات المسلحة في القاهرة وخارجها، سواء عن طريق زرع عبوات ناسفة أو الاشتباك المسلح مع أفراد الكمين. ففي ١٧ فبراير ٢٠١٦، قُتل أمين شرطة وأصيب اثنين آخرين في هجوم على كمين أمني بالبدرشين. كما قُتل ٨ من أفراد الشرطة وأصيب ٣ آخرين في هجوم على كمين بالوادي الجديد. وقتل ضابطين وأمين شرطة وأصيب ٣ آخرون في هجوم على كمين بحي مدينة نصر في ٢ مايو الماضي. وبخلاف الكمائن، تكرر خلال اﻷعوام الماضية استهداف مواكب أمنية متحركة. ففي يونيو الماضي، هاجمت عناصر مسلحة سيارة ترحيلات على طريق الأوتوستراد في حي المعادي وأطلقت عليها النيران، مما أسفر عن مقتل ضابط وإصابة ٤ آخرين. وفي الشهر نفسه قُتل ضابط وأصيب آخر في انفجار عبوة ناسفة، زُرعت على جانب الطريق الدائري في مسار سيارة تقلّ قوة من قطاع الأمن المركزي. وفي يوليو الماضي هاجم مسلحون كمين أمني في مركز شرطة البدرشين بمحافظة الجيزة، واستطاعوا الفرار بعد قتل عنصرين من الشرطة و٣ مجندين. وكان شرطيًا قد قُتل وأصيب ثلاثة آخرون في هجوم على سيارة ترحيلات في الفيوم، في ٨ أغسطس ٢٠١٥. ولم يقتصر نشاط المجموعات النوعية على تنظيم «حسم»، إذ نجح تنظيم آخر، هو «لواء الثورة»، في تنفيذ ضربة كبيرة نالت من ضابط رفيع المستوى في القوات المسلحة، وذلك باغتيالهم العميد أركان حرب عادل رجائي، قائد إحدى فرق المشاة بالجيش، أمام منزله في مدينة العبور، فيما انسحبت المجموعة المنفذة من موقع الحادث دون أي ملاحقة. وفي واقعة نوعية، جرت في مايو ٢٠١٦، قُتل ٨ من أفراد المباحث بحلوان، يرتدون ملابس مدنية، أثناء استقلالهم لسيارة ميكروباص.مما أشار إلى أن المسلحين كانوا على علم بخط سير رجال الشرطة. وقبل أيام من الواقعة السابقة، انقطع ٤ ضباط شرطة بقطاع العمليات الخاصة عن العمل، وهو ما جعلهم مثارًا للشكوك، قبل أن تظهر أسماؤهم ضمن أمر إحالة ٢٩٢ شخصًا إلى القضاء العسكري، متهمين بمحاولة اغتيال الرئيس عبد الفتاح السيسي. فيما كشف قطاع التفتيش في وزارة الداخلية عن تعاون بين قيادات وضباط من الوزارة مع مطلوبين للجهات الأمنية في حوادث سابقة. وكان أبرز هذه الحوادث، واقعة التعاون مع عصابة جنائية متورطة في تجارة المخدرات وقتل ضباط شرطة، والتي كشفت التحقيقات فيها عن وجود علاقة بين ١٥ ضابطًا والعصابة، أحدهم لواء من قيادات الوزارة، كان يتقاضى منهم ٣ ملايين جنيه مقابل إبلاغهم عن أوقات الحملات الأمنية المقررة. كان حادث «طريق الواحات»، نهاية الأسبوع الماضي، قد دفع البعض للحديث عن احتمالية وجود تسريب للمعلومات اﻷمنية لمصلحة العناصر المسلحة، بشكل سمح لهم بنصب كمين لقوات اﻷمن، في حين استبعد البعض وجود «خيانة» ما، مكتفين بالإشارة لاحتمال وجود سوء استعداد. ونقلت صحيفة «المصري اليوم» عن مصادر من وزارة الداخلية أن كلًا من قطاع التفتيش والرقابة، والأمن الوطني، والأمن المركزي، والأمن العام فتحت تحقيقًا مشتركًا للبحث عن أوجه القصور المحتملة في العملية، خاصة فيما يتعلق بكفاءة استجواب العناصر التي أرشدت عن مكان العملية، وكذلك عدم كفاءة الاتصالات اللاسلكية. الاستعراض السريع السابق للعمليات الإرهابية التي تمت أثناء تولي عبد الغفار لمنصب وزير الداخلية، لم يشمل العمليات التي وقعت في محافظة شمال سيناء واستهدفت أفراد الشرطة. فرغم أن ما يحدث في سيناء يُدار من جانب جهات أُخرى بخلاف وزارة الداخلية، لا ينفي ذلك تبعية القوات الشرطية في شبه الجزيرة الحدودية للوزارة التي يترأسها عبد الغفار، والتي سقط عدد كبير من أفرادها في عمليات تنوعت بين استهداف دوريات أمنية بعبوات ناسفة مزروعة على جانب الطريق، أو قتل أفراد شرطة أمام منازلهم أو أثناء تحركهم بسيارات خاصة، فضلًا عن استهداف الكمائن الأمنية. كانت الشرطة قد أعلنت في ١٧ يونيو ٢٠١٥ عن مقتل ضابط وإصابة ٣ جنود في انفجار عبوة ناسفة بدورية أمنية بالعريش، وتكرر أسلوب تنفيذ الحادثة نفسه، في شهر أغسطس من العام نفسه، وتسبب في مقتل ضابط ومجند. فيما أسفرت حادثة شهر أكتوبر من العام نفسه عن مقتل ضابط شرطة وإصابة عريف ومجند. وفي حين تكررت حوادث مشابهة، في الأعوام التالية، مما أكد على قدرة العناصر المسلحة في شمال سيناء على رصد تحركات الدوريات الأمنية وتحديد خطوط سيرها. كما أعلنت الشرطة، في ٩ أغسطس الماضي، عن مقتل ضابط وأمين شرطة ومجندين بعد أن هاجمهم مسلحون عقب اجتياز كمين بئر العبد باتجاه مدينة العريش، وكان الأربعة يستقلون السيارة الخاصة بضابط الشرطة. وفي الشهر نفسه، قام مسلحون بإطلاق النار على ضابط شرطة، وذلك أمام منزله بحي الكرامة في العريش مما أدى إلى مقتله، مما يشير إلى معرفة العناصر المسلحة التحركات اليومية لأفراد الشرطة المقيمين في المدينة. وتسببت الهجمات على الكمائن الأمنية في سقوط أعداد كبيرة من القتلى في صفوف الشرطة. فعلى سبيل المثال قُتل ٩ من أفراد الشرطة في هجوم على كمينين أمنيين بالعريش، في ٩ يناير الماضي. في سبتمبر الماضي، هاجمت عناصر مسلحة كمين أمني على طريق القنطرة العريش، مما أدى إلى مقتل ١٨ عنصر من الشرطة، وإصابة الآخرين، مع تمكن العناصر المتورطة في الحادث من الفرار. وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات رسمية أو أُخرى صادرة عن مراكز بحثية عن العمليات الإرهابية التي جرت منذ تولي عبد الغفار للمنصب، في مارس من عام ٢٠١٥، وحتى الآن، إلا أن دراسة سابقة صدرت عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أظهرت أن ٦٠٢ عملية إرهابية كانت قد جرت منذ تولي الوزير الحالي لمنصبه وحتى ديسمبر من العام الماضي.
طريق الواحات هل يكون «داعش» هو من فعلها؟ أحمد كامل البحيري ٢٥ أكتوبر ٢٠١٧ في ٢٠ أكتوبر الجاري، شهد الكيلو ١٣٥ بطريق الجيزة الواحات اشتباكات بين قوات الأمن الشرطية وبعض العناصر المسلحة المتطرفة، أثناء محاولة قوات الأمن اقتحام أحد نقاط التمركز لتلك العناصر في صحراء جنوب الجيزة. بناء على بيان وزارة الداخلية، فقد أسفرت المداهمات عن استشهاد ١٦ من قوات الأمن وإصابة ما يقرب من الـ١٣، ولم تعلن الجهات الأمنية بعد أي معلومات عن العناصر المتطرفة التي جرت مواجهتها، مكتفية بوصفها بـ«العناصر الإرهابية». تطرح هذه العملية الأمنية تساؤلات حول الطبيعة التنظيمية لتلك العناصر المتطرفة، وحول سبب سقوط عدد كبير من قوات الأمن أثناء المداهمة. ١ من الفاعل؟ أدت حالة الغموض والارتباك التي صاحبت تلك الأحداث لتضارب المعلومات والأخبار، ما ساعد بدوره على تحقيق الهدف الأساسي للتنظيمات الإرهابية؛ إحداث حالة من الارتباك المجتمعي المصحوب بالخوف. فيما يلي نحاول طرح هذا الارتباك جانبًا، واقتراح سيناريوهات محتملة حول طبيعة العناصر المتطرفة التي جرى استهدافها من قبل قوات الشرطة، من ناحية مدى ارتباطها التنظيمي مع أحد التنظيمات الإرهابية، سواء كانت تنظيمات متطرفة داخلية أو عابرة للحدود. للإجابة على هذا التساؤل، نورد هنا ثلاثة احتمالات يمكن ترتيبها طبقًا لقوة كل منها بناء على بعض المؤشرات. أولًا، الاحتمال المستبعد حسم تداولت بعض وسائل الإعلام بيانًا منسوبًا لحركة حسم تعلن فيه تبعية العناصر المتواجدة في منطقة الاشتباكات لها، ولكن هناك ملاحظات عديدة تضعف من هذا الاحتمال، بل توصله لمرتبة الاحتمالات المستبعدة، ومنها أولًا، البيان المنسوب لحركة حسم لم يُعلن على صفحات الحركة، سواء على موقع تليجرام أو تويتر، وهو ما يضعف من صحة البيان. ثانيًا، بتحليل تكتيكات حركة حسم في مجمل العمليات الارهابية التي نفذتها خلال عام ونصف، نجد أغلب عملياتها الإرهابية تعتمد على مسارين، أولهما إطلاق النار مباشرة على نقاط ارتكاز أمنية أو على مركبات وعناصر شرطية وأمنية، كما حدث لدى استهداف مركبة شرطية أعلى الطريق الدائري بمحافظة الفيوم، ما أسفر عن استشهاد مجند وإصابة أربعة آخرين خلال شهر يوليو من العام الجاري. وثانيهما هو وضع عبوات ناسفة أسفل ارتكازات أمنية ثابتة أو على جانبي الطريق، كما حدث لدى استهداف سيارة للأمن المركزي على طريق أوتوستراد المعادي، ما أسفر عن مقتل ضابط شرطة وإصابة آخر وثلاثة مجندين. يشير هذا لكون تنظيم حركة حسم أقرب للتنظيمات البدائية، من حيث قدرات أفراده وإمكانياته التسليحية والتكتيكية. وبتحليل مضمون عملية المداهمة بطريق الواحات، بناء على المعلومات المتاحة، نجد أن العناصر المتطرفة استخدمت سلاحًا متوسطًا وثقيلًا شمل قذائف آر بي جي وقذائف هاون ومدافع ١٤.٥ مم.. إلخ. ومثل هذا التسليح يحتاج لقدرات خاصة للتدرب عليه. كما أننا نجد، بناء على تحليل بعض تفاصيل العملية، أن العناصر المتطرفة تمتعت بمستوى عال من التدريب والتأهيل والمعرفة بفنون المواجهات والتكتيكات القتالية. ثالثًا، بناء على تحليل عمليات المداهمة التي نفذتها قوات الأمن الشرطية خلال الأشهر الفائتة لأماكن اختفاء عناصر حركة حسم، نجد أن كثيرًا من هذه العناصر تتخفى في أوساط مناطق سكنية بقلب القاهرة. حيث تختلف تكتيكات القتال في المدن السكانية عن طبيعة المواجهة في الصحراء، التي لم تتدرب عليها عناصر حسم. تلك الملاحظات تضعف احتمالية تورط حركة حسم، أو تجعلها احتمالًا مستبعدًا. ثانيًا، الاحتمال الضعيف «المرابطون» بزعامة هشام عشماوي رجّح العديد من المتابعين احتمالية قيام تنظيم «المرابطون»، بزعامة الإرهابي هشام عشماوي، وهو واحد من أهم العناصر المطلوبة لدى قوات الأمن المصرية، خاصة قوات الجيش، حيث عشماوي، الضابط المفصول من القوات المسلحة ومسؤول التدريب بتنظيم بيت المقدس سابقًا، هو من أعلن فك الارتباط التنظيمي عن تنظيم بيت المقدس، بعد مبايعة الأخير لأبي بكر البغدادي (داعش) في سبتمبر ٢٠١٤، وبناء عليه تغيّر المسمى التنظيمي إلى «ولاية سيناء». دفع هذا عشماوي لإعادة التأكيد على الارتباط التنظيمي للقاعدة، واستمرار بيعته لأيمن الظواهري، مع تكوين تنظيم جديد باسم «المرابطون»، ونقل تمركز التنظيم الجديد خارج حدود الدولة المصرية، ليستقر بمنطقة درنة بليبيا، على بعد ما يقرب من ٢٠٠ كيلومترًا من الحدود الغربية المصرية، ونقل نشاطه الإرهابي للمنطقة الغربية خارج حدود سيناء، لسهولة التحرك من ليبيا، مقر التنظيم الجديد، وإليها، بالإضافة لخبرة عشماوي بالمنطقة الغربية لمصر، حيث خدم كضابط بالصاعقة بمنطقة الفرافرة، فخبرته بالمنطقة الغربية وبطبيعة الأرض الصحراوية وبمعلوماته عن نقاط التمركز الأمني لقوات الجيش بالمنطقة، جعلت من تلك المنطقة هدفًا سهلًا لدى تنظيم «المرابطون» بقيادته. دفعت تلك الأسباب البعض لترجيح احتمالية تبعية العناصر في منطقة الواحات لتنظيم «المرابطون»، ولكن بتحليل مسار تحركات «المرابطون»، منذ آخر عملية إرهابية نفّذها التنظيم عام ٢٠١٤ (الفرافرة ٢)٬ والتي انتهت بإصابة عشماوي ومجموعة من العناصر التابعة للتنظيم، نجد عددًا من الملاحظات التي تضعف احتمالية ترجيح هذا المسار، ومنها أولًا، أن تنظيم «المرابطون» يتمركز على مسافة تقترب من ٨٠٠ كيلومترًا من منطقة المواجهة، وهي مسافة كبيرة بالنسبة لعملية نقل الأفراد والمعدات، بجانب المصاعب في عملية تلقي التعليمات بشكل مستمر. ثانيًا، ضعف تواجد العناصر التابعة لتنظيم القاعدة في الداخل المصري، حيث أغلب التنظيمات تتبع داعش تنظيميًا، أما الباقي فتنظيمات متطرفة جديدة خرجت من عباءة اللجان النوعية التابعة للجنة الإدارية للإخوان في الداخل. ثالثًا، لكي تدخل عناصر من تنظيم «المرابطون» إلى البلاد، فهناك ثلاث مسارات. المسار الأول هو جنوب منطقة إمساعد الليبية حتى شمال واحة سيوة، وهي منطقة تقع تحت سيطرة الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر، من الناحية الليبية، ومن ناحية أخرى تعتبر من المناطق الأكثر تأمينًا من قبل الدول المصرية نتيجة دفع قوات الجيش بمعدات حديثة قادمة من روسيا ٢٠١٥، ومن الولايات المتحدة ٢٠١٧، خاصة بمراقبة الحدود في هذه المنطقة الممتدة من جنوب السلوم إلى واحة سيوة، ونتيجة التقارب في العلاقة بين القبائل في هذه المنطقة والقوات المسلحة، ما يساعد على ضبط الحدود بتلك المنطقة. أما المسار الثاني، فهو جنوب واحة جغبوب، وهي النقطة الأسهل بالنسبة للعناصر الإرهابية المسلحة، للتنقل من ليبيا وإليها، وتقع تلك المنطقة تحت سيطرة تنظيم داعش ليبيا، حيث جرت السيطرة عليها من قبل التنظيم بعد هزيمته في معركة سرت على يد قوات البنيان المرصوص خلال شهر يوليو من العام الجاري ٢٠١٧، فقد أشارت بعض التقديرات الليبية والدولية لانتقال مقاتلي داعش إلى جنوب شرق ليبيا على بعد ٣٥ كيلومترًا من الحدود المصرية، ما يضعف احتمالية انتقال عناصر «المرابطون» من هذا المسار، لوقوعها تحت سيطرة داعش. أما المسار الثالث فهو جنوب مصر بالقرب من مثلث العوينات على الحدود المصرية الليبية السودانية، وهو مسار طويل جدًا يتجاوز الألفي كيلومتر، لانتقال عناصر «المرابطون» من درنة في الشمال الشرقي إلى جنوب ليبيا، ثم الانتقال إلى وسط الصحراء حتى صحراء الجيزة، وهو ما يجعل من هذا المسار مستحيلًا بالنسبة لعناصر «المرابطون». رابعًا، رغم ارتفاع قدرات مسلحي تنظيم «المرابطون»، من الناحية القتالية والتكتيكية، إلا أن عدد عناصر تنظيم «المرابطون»، طبقًا لبعض التقديرات الدولية، لا تتجاوز بضع العشرات، ما يصعّب من قدرة التنظيم على الدفع بأعداد إلى هذه المنطقة، نتيجة الضعف العددي لعناصر التنظيم. خامسًا، إذا كانت عناصر تابعة لتنظيم «المرابطون» متواجدة بالفعل بالمنطقة، كانت قوات الجيش هي من ستأخذ مبادرة المداهمة، لأسباب ترجع لمعرفة قوات الجيش بقدرات تنظيم «المرابطون» القتالية من ناحية، ولأهمية التنظيم لدى القوات المسلحة، حيث يعتبر هشام عشماوي، مع ثلاثة من قيادات التنظيم، من أهم العناصر المطلوبة لدى قوات الجيش لأسباب عدة. ثالثًا، الاحتمال المرجّح جنود الخلافة الاحتمال المرجح حول طبيعة العناصر التي تواجدت أثناء عملية المداهمة بصحراء الواحات هو كونهم عناصر تابعة لتنظيم جنود الخلافة، أو ما يُطلق عليه تنظيم «الدولة الإسلامية مصر». ظهر هذا التنظيم في الربع الأخير من العام الفائت ٢٠١٦، ونفّذ العديد من العمليات الإرهابية الكبرى، بداية من العملية ضد كنيسة البطرسية في ١١ ديسمبر ٢٠١٦، وتفجيرات كنيستي مارجرجس ومارمرقس في ٩ أبريل ٢٠١٧، مرورًا بتفجيرات كمين النقب على طريق الواحات، بالقرب من منطقة المداهمة في الكيلو ١٣٥، وانتهاء بالعملية الإرهابية المعروفة باسم «أقباط المنيا»، والتي أسفرت عن مقتل ١٦ قبطيًا بصحراء المنيا في ٢٦ مايو ٢٠١٧. ترجيح هذا الاحتمال يأتي استنادًا لخمسة أسباب السبب الأول أن تلك المنطقة تعتبر موقع نشاط وتمركز لعناصر داعش، والذي بدأ منذ يوليو ٢٠١٥، حيث جرى اختطاف مهندس كرواتي يدعى «توماسلاف سلوبك»، من طريق الواحات، وأعلن تنظيم داعش في أغسطس ٢٠١٥ إعدامه بقطع رأسه. السبب الثاني سهولة انتقال الأفراد والسلاح من ليبيا، نتيجة سيطرة تنظيم داعش على المنطقة المقابلة بالداخل الليبي. السبب الثالث إعلان وزارة الداخلية خلال الأشهر الستة الماضية عن العديد من المداهمات بالمنطقة الصحراوية، الواقعة من جنوب الجيزة وصولًا لصحراء أسيوط، بحثًا عن عناصر تنظيم جنود الخلافة، ما يدل على تمركز هذا التنظيم في تلك المنطقة التي دارت بها اشتباكات الجمعة الماضية. السبب الرابع تنظيم «الدولة الاسلامية مصر» هو من التنظيمات التي تضم عناصر ذات قدرات عالية من حيث التدريب والتسليح، كما ظهر في مجمل العمليات الإرهابية التي نفذها التنظيم خلال عام. وتدل المقارنة بين تسليح ومهارات تلك العمليات الإرهابية وبين المُعلن عنه من معلومات حول المداهمة وتكتيكات صدِّ الهجوم الأمني على تشابه في فنون القتال واستخدام السلاح. السبب الخامس بالإطلاع على نص التحقيقات مع بالمتهمين في عمليات تفجيرات الكنائس المصرية، والمنشورة في وسائل الإعلام، نجد أن أحد المتهمين، وليد أبو المجد عضو تنظيم «الدولة الاسلامية مصر»، قد اعترف بمساعدة الإرهابي عمرو سعد في نقل أسلحة ومواد غذائية لعناصر التنظيم، المتواجدة بصحراء جنوب الجيزة بالقرب من منطقة الواحات، وهي نفس المنطقة التي دارت بها الاشتباكات الأخيرة. وبتحليل مضمون اعترافات المتهم أبو المجد نجد أن أغلب مواقع التنظيم تتمركز في المنطقة الصحراوية الواقعة بين الجيزة والواحات والفيوم. هذه الأسباب الخمسة ترجّح احتمالية تواجد تنظيم جنود الخلافة «الدولة الاسلامية مصر» في منطقة المداهمة التي نفذتها قوات الشرطة بالكيلو ١٣٥ طريق الواحات. ٢ لماذا سقط كل هذا العدد؟ ويأتي التساؤل الثاني حول أسباب سقوط ١٦ ضحية من قوات الشرطة، بناء على بيان وزارة الداخلية، خلال الاشتباك مع العناصر الإرهابية. والرد عليه ينطلق من احتمالين الاحتمال الأول هو تمكن العناصر الإرهابية المسلحة من رصد تحركات قوات المداهمة، بناء على ما جرى إعلانه من تفاصيل حول عملية المداهمة، حيث خرجت قوات أمنية من محافظة الفيوم لإجراء مسح بالمنطقة قبل المداهمة بثلاثة أيام، ما قد يكون سهّل عملية رصدها من قبل العناصر المتطرفة. الاحتمال الثاني يدور حول طبيعة المعلومات التي حصل عليها جهاز جمع المعلومات، فنقص المعلومات قد يؤدي لسيناريو أقرب لما حدث أثناء المداهمة بطريق الواحات، حيث المعلومة المخابراتية لا تعني فقط أماكن اختباء عناصر متطرفة، وإنما تشمل أيضًا أعداد تلك العناصر ونوعية التسليح المتوفر لديها، وبناء على تلك المعلومات يضع ضباط تحليل المعلومة وقيادات العمليات خطة المداهمة، والتي تشمل أعداد القوات وطبيعة العناصر المشاركة والتجهيزات من حيث السيارات ونوعية السلاح المتوافر لدى القوات، بجانب التنسيق مع بعض الأجهزة الأخرى المعنية، مثل القوات المسلحة، لطلب الدعم الجوي أو المساندة البرية منها. من وجهة نظري فالاحتمال الثاني هو الأرجح. فـ«عدم اكتمال المعلومات»، أو بالأحرى «المعلومات المنقوصة» هي ما أدت لوضع خطة اقتحام لم ترتق لمستوى العملية وطبيعتها. ٣ آليات المواجهة ويبقى التساؤل الأخير عن آليات مواجهة التنظيمات الارهابية في المحافظات الحدودية وفي العمق المصري، الدلتا والوادي، وتتطلب هذه المواجهة أمرين. أولًا فهم وتحليل طبيعة وبنية كل تنظيم من التنظيمات الإرهابية، فالحديث عن تكتيكات مواجهة تنظيم ولاية سيناء، بشكل مشابه للحديث عن تكتيكات مواجهة تنظيم «المرابطون»، وبشكل مشابه لمواجهة الكتل السائلة من العناصر الإرهابية وجماعات العنف، هو خطأ في فهم بنية كل تنظيم، وهو ما ينعكس على آليات المواجهة ويضعف احتمالية تحقيق نتائج ملموسة في مكافحة الإرهاب. ثانيًا من المهم الحديث سيكولوجيًا عن تكنيكات مواجهة العناصر الإرهابية ذات الطبيعة الانتحارية، فالطبيعة الانتحارية للإرهابيين لا تهتم كثيرًا بتشديد العقوبات في قانون الإجراءات الجنائية وإعلان حالة الطوارئ، ولكن هذا ينعكس على المجتمع العادي، ويؤثر على المجال العام، بل ويساعد على إحداث نتائج عكسية تهيئ المجال لتلك التنظيمات نحو المزيد من الاستقطاب. وفي النهاية، تظل التساؤلات حول ملابسات واقعة الكيلو ١٣٥ طريق الواحات مطروحة، وتظل السيناريوهات مفتوحة، ورحم الله شهداءنا وحفظ مصر.
النقض تؤيد حبس ضابط و٥ أمناء شرطة بتهمة قتل طلعت شبيب بقسم الأقصر مدى مصر ٢٥ أكتوبر ٢٠١٧ قضت محكمة النقض اليوم، الأربعاء، برفض ثلاثة طعون مقدمة من ضابط شرطة وخمسة أمناء ووزير الداخلية على أحكام بالحبس الصادرة ضد الشرطيين الست في قضية مقتل طلعت شبيب بعد تعذيبه بقسم شرطة الأقصر، وأيدت الأحكام الصادرة ضدهم، بالإضافة إلى استمرار إلزام وزارة الداخلية بدفع تعويض مدني مؤقت لأرملة شبيب عن نفسها وبصفتها وصية على أبنائه بواقع مليون ونصف مليون جنيه، بحسب المحامي الحقوقي خالد علي. كانت محكمة جنايات الأقصر قد قضت في يوليو ٢٠١٦ بالحبس المشدد للملازم أول هاني سمير سبع سنوات وحبس خمسة من أمناء الشرطة ثلاث سنوات مع الشغل بتهمة ضرب أفضى إلى الموت، وبراءة سبعة متهمين آخرين، ثلاثة ضباط وأربعة مجندين. وتعود وقائع القضية إلى نوفمبر ٢٠١٥ الذي شهد إلقاء القبض على طلعت شبيب على يد قوة من الشرطة اقتادته إلى قسم الشرطة، حيث قضى ثلاث ساعات ونصف قبل أن يلقى مصرعه إثر اعتداء أفراد من الشرطة عليه. وكانت واقعة مقتل شبيب قد أشعلت غضب أهالي منطقة العوامية في الأقصر، التي خرج المئات من سكانها في مسيرات غاضبة وقتها مطالبين بـ«القصاص»، وتنديدًا بانتهاكات وزارة الداخلية. وقال علي لـ «مدى مصر» إبان حكم محكمة الجنايات أن المحكمة عاقبت المتهمين المدانين بأقصى عقوبة يتضمنها قانون العقوبات على تهمتي الضرب الذي أفضى إلى الموت والاشتراك في الضرب الذي أفضى إلى الموت، وهما التهمتان اللتان أحالت بهما النيابة العامة القضية إلى المحكمة، مضيفًا «كنا قد طالبنا المحكمة في المقابل بتعديل التهم لتشمل التعذيب واستخدام القسوة، وفي حال كانت المحكمة قد وافقت على طلبنا لكانت العقوبة قد بلغت الإعدام».
لماذا تتعثر جهود استرداد الأموال؟.. قضية حسين سالم مثالًا محمد حمامة ٢٤ أكتوبر ٢٠١٧ يكشف تقرير تنشره منظمتي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية و Public Eye السويسرية غدًا، اﻷربعاء، عن تفاصيل جديدة تخص فساد حسين سالم، رجل اﻷعمال المصري والصديق المقرب من الرئيس اﻷسبق حسني مبارك. ويركز التقرير الذي حصل «مدى مصر» على نسخة منه على دراسة حالة «سالم» ومحاولات استرداد أمواله المجمدة من سويسرا عبر إعادة سرد تفاصيل قصته، وإجابة الأسئلة العالقة. وشهدت حالة «سالم» جدالًا استمر طوال سنوات، وانتهت بالتصالح بينه والحكومة المصرية في أغسطس الماضي. وتكشف الدراسة عن العراقيل التي تواجه قضايا استرداد اﻷموال المنهوبة ومكافحة الفساد وغسيل اﻷموال في العالم. طبقًا ﻷرقام البنك الدولي في ٢٠١١ حسب التقرير، صودرت واستردت أموال تبلغ قيمتها حوالي ٥ مليارات دولار منذ نهاية التسعينيات (حوالي نصفها من سويسرا). ولا يمثل هذا المقدار أي أهمية إذا عرفنا أن حجم اﻷموال غير الشرعية التي تتدفق خارج الدول تتراوح قيمتها بين ٢٠ ٤٠ مليار دولار سنويًا. وبحسب التقرير، فإن ما حدث خلال سنوات مع حسين سالم منذ تجميد أمواله في سويسرا في أعقاب ثورة يناير ٢٠١١ وحتى التصالح معه، يكشف عن القصور القانوني والقضائي فيما يتعلق بمكافحة الفساد وغسيل اﻷموال، وحق استرداد اﻷموال المهربة من ذوي السلطة والنفوذ. التجميد أصدرت الحكومة السويسرية قرارًا بتجميد أصول قائمة من ١٢ شخصًا شملت مبارك نفسه والمقربين من حاشيته، ومنهم حسين سالم بعد ساعات من استقالة مبارك في ١١ فبراير ٢٠١١. وقدرت صحيفة التليجراف المصرية ثروته وثروة عائلته ب ٤ مليار دولار. تخرج «سالم» من كلية التجارة بجامعة القاهرة عام ١٩٥٦. بحسب تقرير لصحيفة اﻷهرام، عمل «سالم» أولًا في صندوق دعم النسيج براتب شهري متواضع بلغ ١٨ جنيهًا (٥١ دولارًا أمريكيًا بحسب سعر الصرف وقتها)، أو ما يعادل ٤٤٥ دولارًا أمريكيًا بأسعار اليوم. وفي عام ١٩٦٣، وبحسب تقرير اﻷهرام، قابل «سالم» أمين هويدي، الذي كان سفيرًا لمصر في المغرب وقتها وأصبح لاحقًا وزيرًا للدفاع ورئيسًا للمخابرات. وحين عُين «هويدي» سفيرًا لمصر لدى العراق في العام ذاته، أحضر «هويدي» «سالم» معه للعمل مديرًا لفرع الشركة العربية في بغداد. بعد عودته إلى مصر لرئاسة المخابرات، أحضر «هويدي» «سالم» معه مرة أخرى. ثم أرسله في بعثات إلى دول الخليج، التي بدأ فيها علاقات قد تصبح محورية في رحلة صعوده. بعد تولي أنور السادات رئاسة مصر في عام ١٩٧٠، خضع «هويدي» للإقامة الجبرية كجزء من حملة السادات ضد أعضاء نظام ناصر المقربين، ويُعتقد أن «سالم» قطع علاقته به وأصبح جزءً من نظام السادات الجديد. وطبقًا لتقرير صحيفة اﻷهرام، أصبح «سالم» رئيسًا لمجلس إدارة شركة اﻹمارات العربية التجارية مستندًا في ذلك على علاقاته. عملت الشركة كمستورد للمواد الغذائية لدولة الإمارات العربية. ويُعتقد أنه في هذا الوقت، بدأ سالم في تجميع ثروته الضخمة، طبقًا للتقرير. اختلاس أموال من المعونة اﻷمريكية بعد توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام ١٩٧٩، بدأت الولايات المتحدة إمداد مصر بمعدات عسكرية كجزء من برنامج المساعدات اﻷمريكية إلى مصر. أسس «سالم» شركة اسمها EATSCO، والتي حصلت على حق توريد شحنات أسلحة من أمريكا إلى مصر في العام ذاته. لا يُعرف كيف تمكن سالم من الفوز بهذه الصفقة الحيوية، لكن لن يمر وقت طويل قبل أن يتورط «سالم» في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات في قضية فساد كبيرة تتعلق بشركة EATSCO أمام المحاكم اﻷمريكية بسبب تسليمه البنتاجون فواتير مزيفة. اعترف «سالم» بالذنب في تحصيل قيمة أموال زائدة من البنتاجون بقيمة ٨ ملايين دولار. بحسب أوراق القضية، قدمت EATSCO فواتير مزيفة تخص ٣٤ شحنة بين عامي ١٩٧٩ و ١٩٨١. قضية ميدور دخل «سالم» قطاع الطاقة عبر تأسيس شركة اسمها ميدور مع شريك إسرائيلي اسمه يوسف بن مايمان عام ١٩٩٤ برأسمال بلغ ٣٠٠ مليون دولار، شارك «سالم» فيها بنسبة ٤٠% عبر شركته السويسرية ماسكا. تخصصت الشركة في بناء معامل لتكرير البترول. لكن الخسائر لاحقت أعمال الشركة خصوصًا بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية ضد الاحتلال اﻹسرائيلي عام ٢٠٠٠. في حوار له مع صحيفة «المصري اليوم»، قال مدحت يوسف، الرئيس السابق لشركة ميدور، إن اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية دفع المملكة العربية السعودية لوقف إمداد بترول خام ﻷي معمل تكرير يشارك فيه إسرائيليين، ما تسبب في خسائر للشركة، خاصة أن معمل التكرير التابع لها كان مصممًا بشكل خاص لخام البترول السعودي. مع هذا، وبين عامي ١٩٩٨ و ٢٠٠١، باع «سالم» أسهمه في شركة ميدور على أربعة مراحل بقيمة زادت عن قيمتها اﻹسمية بـ ٥٠ مليون دولار أمريكي على الرغم من أن الشركة لم تحقق أي أرباح منذ تأسيسها وحتى باع «سالم» أسهمه فيها. من اشترى هذه اﻷسهم بسعرها المبالغ فيه؟ البنك اﻷهلي المصري المملوك للدولة هو من اشترى هذه اﻷسهم عبر شركة «أوفشور» سرية اسمها NBF Cayman المحدودة. ولا تُعرف الأسباب التي تمكن من خلالها ملاك الشركة من بيع أسهمهم فيها لبنك تمتلكه الحكومة بقيمة تتجاوز بكثير قيمتها اﻹسمية، ما أدى إلى حصولهم على كمية هائلة من اﻷرباح على حساب الخزينة العامة للدولة. قضية خط غاز شرق المتوسط في قضية أخرى تعرف بـ«فضيحة تصدير الغاز ﻹسرائيل»، واتهم فيها مسؤولون سابقون من بينهم سامح فهمي وزير البترول في حكومة مبارك بتبديد أموال عامة عبر بيع غاز طبيعي لشركة شرق المتوسط للغاز شركة أخرى يمتلكها حسين سالم بأقل من سعره باﻷمر المباشر دون مناقصة بغرض إعادة بيعه لشركة الكهرباء اﻹسرائيلية. كان سامح فهمي شريكًا في شركة ميدور التي أمتلكها «سالم» قبل أن يصبح وزيرًا للبترول. بحسب شهادة عبدالخالق عياد، الرئيس السابق للهيئة العامة للبترول، في قضية تصدير الغاز، طلب «سالم» في أبريل عام ٢٠٠٠ من سامح فهمي شراء غاز طبيعي بنية تصديره إلى تركيا وإسرائيل بسعر ١.٥ دولار مليون وحدة حرارية بريطانية، على أن يظل السعر دون تغيير طوال مدة العقد. كما أوضح محمد كامل العيسوي، وكيل أول وزارة البترول لشؤون الغاز، في شهادته أنه كُلف بإعداد دراسة لتحديد تكلفة إنتاج الغاز الطبيعي لتحديد سعر بيعه إلى شركة «سالم». انتهت الدراسة إلى أن تكلفة اﻹنتاج تبلغ ١.٥ دولار مليون وحدة حرارية بريطانية (أي نفس السعر الذي عرضه سالم للشراء)، وقُدمت إلى اللجنة العليا للغاز والتي يرأسها فهمي نفسه. في مرحلة لاحقة، تقدمت شركة شرق المتوسط المملوكة لـ«سالم» بعرض لشراء الغاز بسعر أقل ٠.٧٥ دولار مليون وحدة حرارية بريطانية (أي نصف تكلفة اﻹنتاج التي حددها تقرير العيسوي). وفي يوم التقدم بالعرض، قام سامح فهمي بتعيين حسن عقل، نائب مدير الهيئة العامة للبترول، ﻹعداد تقييم جديد تخصم منه تكلفة الرسوم والضرائب التي تدفعها الهيئة في عملية اﻹنتاج، إضافة إلى خصم التكلفة الكبيرة لاستخراج البترول في حقول غرب الدلتا. وقدرت الدراسة الجديدة تكلفة إنتاج جديدة تنخفض كثيرًا عن الدراسة اﻷولى ووصلت إلى ٠.٦٨ دولار مليون وحدة حرارية بريطانية، أي أقل من نصف السعر المبدئي. السعر الثاني بعد الخصم ، هو ما وافق عليه وزير البترول، وهو القرار الذي أقره رئيس الوزراء في سبتمبر ٢٠٠٠. ولم يُوقع العقد مع شرق المتوسط إلا بعدها بخمس سنوات في يونيو ٢٠٠٥ بنفس سعر عام ٢٠٠٠ المنخفض على الرغم من الارتفاع العام في أسعار الغاز الطبيعي وقتها. يمكن ملاحظة الانخفاض الكبير في السعر عند مقارنته مثلًا بسعر الغاز الطبيعي الروسي، أحد أرخص أنواع الغاز في العالم، والذي بلغ ٣.٢٤ دولار مليون وحدة حرارية بريطانية في أبريل ٢٠٠٠، ووصل إلى ١٢ دولار مليون وحدة حرارية بريطانية بحلول منتصف ٢٠٠٨ (أي ما يزيد عن ١٧ ضعف السعر الذي دفعته شركة شرق المتوسط). وطبقًا لشهادة عمر سليمان، نائب الرئيس ورئيس المخابرات اﻷسبق، في قضية تصدير الغاز، بيع الغاز الطبيعي من شركة الغاز الحكومية إلى شركة شرق المتوسط بسعر ٠.٧٥ ١.٢٥ دولار، والتي تبيعه بدورها لشركة الكهرباء اﻹسرائيلية بسعر ٢.٢٥ دولار،وهو ما مكنهم من تجميع هامش ربح خرافي تراوحت قيمته بين ٣٣% إلى ٥٥%. كما شهد «سليمان» أيضًا أن «سالم» حظي بصداقة استمرت طوال ٢٠ سنة مع مبارك، الذي كلفه بتأسيس شركة الغاز بغرض تصديره إلى إسرائيل بسبب خبرة «سالم» السابقة مع اﻹسرائيليين في «ميدور». فيلات شرم الشيخ في منتصف التسعينيات، «باع» «سالم» لمبارك وزوجته وولديه خمس فيلات متلاصقة بمساحة إجمالية بلغت٢٢ ألف و٤٣٥ متر مربع في بقعة رئيسية في مدينة شرم الشيخ السياحية بسعر رمزي. ومنذ هذا الوقت، أصبحت شرم الشيخ وجهة مبارك المفضلة، وعاش فيها خلال الفترة بين اﻹطاحة به، وجلبه للمحاكمة. دفعت عائلة مبارك ٨٤ جنيهًا لكل متر مربع في الفيلات الخمسة في المتوسط، بينما كان متوسط سعر المتر ﻷرض كهذه في بقعة مماثلة خلال هذا الوقت ١٦٩٧ جنيهًا، أي ٥٤ ضعف السعر الذي دفعته عائلة مبارك، بحسب تقديرات تقرير رسمي شملته أوراق قضية محاكمة القرن. وفي وصف آخر «أقل من نصف مليون دولار أمريكي لخمس فيلات على مساحة أرض تجاوزت ٢٠ كيلومتر مربع". وبعد استقالة مبارك، اعتُبر «بيع» الفيلات الخمسة التي تجاوزت مساحتها ٢٠ كيلو متر مربع رشوة في محكمة، لكن القضية أُسقطت في النهاية بسبب قانون التقادم. الصلات السويسرية ترجع صلات حسين سالم السويسرية إلى سبعينيات القرن الماضي. تكشف وثيقة بنكية أوردها التقرير أن حسين سالم وزوجته فتحا حسابًا بنكيًا في بنك كريدي سويس Credit Suisse في جنيف. وبحسب التقرير، استُخدم هذا الحساب على اﻷرجح في استقبال ودفع عمولات ترتبط بصفقة فاسدة في مشروع ميدور لبناء مصنع للغاز في مصر. في عام ١٩٧٥، سجل «سالم» شركة في جنيف تدعى ماسكا Maska برأسمال ٢٥٠ ألف فرنك سويسري. وفي عام ١٩٨٩، أسس شركة أخرى في جنيف اسمها فنادق جالاكسي. ولا تزال أنشطة الشركة اﻷخيرة مجهولة إلى حد بعيد. بحسب وثيقة رسمية كشف عنها جهاز الكسب غير المشروع وأوردها التقرير، وبحساب الفارق بين القيمة الاسمية للأسهم وبين السعر، الذي بيعت به للبنوك الحكومية، حققت «ماسكا» أرباحًا تصل إلى ٤٩.٦ مليون دولار أمريكي عبر بيع أسهم لعدد من البنوك الحكومية (بنك قناة السويس والبنك اﻷهلي المصري) بقيمة أكبر من قيمتها الحقيقية على الرغم من أنها لم تحقق أرباحًا تبرر ارتفاع قيمة أسهمها. ما بعد الربيع العربي بدأت السلطات السويسرية تحقيقاتها ضد حسين سالم في ٢٠١١، وقررت تجميد جزء من أصوله. وفي ٦ سبتمبر ٢٠١٢، أضافت سويسرا أسماء «سالم» وأقاربه لقائمة تجميد اﻷموال الرسمية التي صدرت قبلها بسبعة عشر شهرًا في أعقاب اﻹطاحة بمبارك. الخطوة كانت على اﻷرجح دبلوماسية أكثر من أي شيء. لهذا، ومنذ سبتمبر ٢٠١٢، جُمدت أموال «سالم» استنادًا إلى قرارين منفصلين. وشملت قائمة التجميد السويسرية وقتها ٣١ شخصًا. نشرت صحيفة سويسرية تقريرًا ثريًا، ذكر أن سويسرا جمدت أموالًا ترتبط بنظام مبارك تصل قيمتها إلى ٦٩٣ مليون دولار أمريكي. اعترفت السلطات لاحقًا أن المبلغ في الحقيقة يفوق هذا، ويتجاوز ٧٠٠ مليون دولار أمريكي. التعاون القضائي الطريق المعتاد في إجراءات استرداد اﻷصول يكون عبر إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة، وهو كما يوضح الاسم طلب تتقدم به أحد الدول للحصول على مساعدة قانونية من بلد أخرى في قضايا عابرة للحدود غالبًا ما تكون قضايا فساد. خلال الشهور التي تلت الربيع العربي، حاولت السلطات السويسرية سلوك هذا الطريق، ووفروا الدعم للسلطات المصرية الجديدة عبر توضيح كيفية قبول طلب عبر إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة. قام خبراء سويسريون بزيارة القاهرة في ١١ ١٢ مايو ٢٠١١. وفي ١٨ مايو ٢٠١١، بدأ مكتب النائب العام السويسري السلطة القضائية المستقلة المسؤولة عن التحقيق في الجرائم العابرة للحدود إجراءاتها الخاصة بالتحقيق في غسيل اﻷموال المصرية. بأن طلب بيانات مالية من البنوك التي جُمدت أموال مصرية فيها. كما طلب منهم أيضًا البحث عن أي حسابات بنكية غير معلنة. استهدفت التحقيقات الجنائية في البداية ١٤ شخصًا، أي أكثر من العدد الوارد في قائمة التجميد التي أصدرها المجلس الفيدرالي في فبراير ٢٠١١ (١٢ شخصًا). كما أرسل النائب العام السويسري ٣٠ طلبًا على اﻷقل للمساعدة القانونية المتبادلة إلى مصر، بحسب بيان صحفي أصدره مكتبه في يناير ٢٠١٦. وفي سبتمبر ٢٠١١، اتخذ النائب العام قرارًا هامًا بتوسيع نطاق التحقيق لينظر في احتمالية وجود منظمة إجرامية. طبقًا للقانون السويسري، فإن هذه هي الحالة القانونية الوحيدة التي يقع عبء اﻹثبات فيها على المتهم ويُسمح فيها بمصادرة اﻷموال، لكن هذا يتطلب إثبات وجود منظمة إجرامية. لكن التقرير أورد عددًا من الصعوبات التي تواجه طريق المساعدة القانونية المتبادلة. أولًا، واجهت السلطات المصرية صعوبة في التعامل مع الطلبات. في أغسطس ٢٠١٢، نشرت صحيفة سويسرية تقريرًا جاء فيه أن السلطات السويسرية وافقت على ثلاث طلبات مساعدة قانونية من إجمالي ٤٠ طلبًا تقدمت بها مصر إلى سويسرا. ثانيًا، تمتعت السلطات المصرية بوضعية مزدوجة فيما يتعلق باﻹجراءات السويسرية يمكن لمصر استخدام إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة، باﻹضافة إلى إمكانية الحصول على ملفات عبر محامين يمثلون الحكومة المصرية في سويسرا. في البداية، وافقت محكمة الجنايات السويسرية في عام ٢٠١١ على حق مصر في التمتع بهذه الوضعية المزدوجة. لكن بعد شهور قليلة، وبسبب عدم الاستقرار السياسي وغياب الاستقلال القضائي في مصر، ألغت محكمة سويسرية هذه الوضعية. ثالثًا، بذل المتهمون المصريون ومحاموهم كل ما في وسعهم لتعطيل أي تقدم في التحقيقات السويسرية. تقدموا مرارًا بطلبات إلى السلطات السويسرية لرفع التجميد عن أموالهم. رُفضت هذه الطلبات، لكن التقرير يلاحظ أنها تمكنت من عرقلة سير التحقيقات لوقت طويل. العقبة اﻷخيرة جاءت في يونيو ٢٠١٥ حين قررت نيابة فيدرالية سويسرية إسقاط تهمة المنظمة اﻹجرامية ضد حسين سالم. نجحت مصر في الاستئناف ضد القرار في محكمة جنايات فيدرالية، ما أجبر مكتب النائب العام المصري على اﻹبقاء على التحقيق جاريًا. لكن بدا من الواضح أن مكتب النائب العام السويسري يواجه صعوبات في إثبات هذه الاتهامات. رفع التجميد استقبل مكتب النائب العام السويسري مذكرة دبلوماسية من الحكومة المصرية في ٢٦ مايو ٢٠١٦ (مذكرة رقم ٨٥) جاء فيها إن حسين سالم وزوجته ليسا قيد أي تحقيقات قضائية في مصر، وهو اﻷمر الذي لم يكن صحيحًا وقتها. وفي ٢ أغسطس ٢٠١٦، وقعت هيئة الكسب غير المشروع في مصر اتفاقًا بالتصالح مع حسين سالم يقضي بإسقاط كل التهم المتبقية ضده وربما بعض حاشيته أيضًا. في المقابل، أعرب «سالم» في بيان رسمي أنه مستعد للتنازل عن ٧٥% من ثروته للحكومة المصرية. وبحسب صحيفة اﻷهرام، تقدم النائب العام المصري بطلبات إلى ثلاث دول بينها سويسرا بـ«رفع التجميد عن أموال وأصول حسين سالم وأسرته بعد تصالحه النهائي مع الحكومة المصرية، بعدما دفع عملاق اﻷعمال مبلغ ٥٩٦.٥ مليون دولار أمريكي للحكومة. ويمثل المبلغ ٧٥% من إجمالي أصوله داخل وخارج مصر». وفي أعقاب التصالح، وفي ديسمبر ٢٠١٦، أصدر مكتب النائب العام السويسري بيانًا صحفيًا كشف فيه عن رفع التجميد عما يقرب من ربع اﻷصول المصرية التي جُمدت في أعقاب الربيع العربي (حوالي ١٨٠ مليون فرنك سويسري) وأوضح النائب العام السويسري أنه «اضطر إلى إسقاط إجراءات جنائية ضد عدد من اﻷفراد في سويسرا». وأفاد بيان النائب العام السويسري أن التحقيقات السويسرية في اﻷموال المصرية مازالت جارية ضد ستة أشخاص فقط. وفي فبراير ٢٠١٧، تقلصت قائمة تجميد المجلس الفيدرالي إلى ١٦ شخصًا فقط، أي ما يقرب من نصف عدد اﻷشخاص الذين كانوا عليها (٢٩ شخصًا) قبلها بشهور قليلة. المحاكمات في مصر تعقّب التقرير ٤٠ قضية فساد بدأت بعد ثورة ٢٠١١ ضد ١٦ شخصًا ينتمون إلى نظام مبارك، وانتهى إلى هذه اﻹحصائيات بحلول ٦ أبريل ٢٠١٧، تمت تبرئة ١٤ من بينهم. في ١٠ قضايا على اﻷقل، حصل المتهمون على البراءة بعد إدانتهم في حكم أول درجة. في ٤ قضايا على اﻷقل، عقد المتهمون صلحًا بعد إدانتهم بحكم أول درجة. أُسقطت خمس تهم نتيجة التصالح قبل صدور حكم. (وتُظهر موافقة المتهمين على التصالح عن طريق دفع أموال توقعهم أحكامًا باﻹدانة في هذه القضايا.) صدرت أحكام غيابية في تهمتين. أُسقطت قضية واحدة بالتقادم. (على الرغم من توصيات منظمة الشفافية الدولية بأن يبدأ حساب فترة سقوط القضايا بالتقادم منذ مغادرة الموظف العام منصبه، إلا أن القانون المصري استمر حتى وقت قريب في حساب الفترة منذ تاريخ ارتكاب الجريمة. سمحت قاعدة السقوط بالتقادم هذه بالبراءة في واحدة من أهم قضايا الفساد والتي شملت مبارك و«سالم»، وهي قضية فيلات شرم الشيخ.) صدرت أحكام نهائية بالإدانة في ثلاث اتهامات فقط (في نفس القضية). مازالت ست قضايا أخرى قيد المحاكمة. من بين ٤٠ تهمة، انتهت سبع ببراءات في الدرجة اﻷولى. التصالح الغامض في ديسمبر ٢٠١٥، أصدرت المحكمة اﻹدارية حكمها في دعوى أقامتها مؤسسة حرية الفكر والتعبير والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية. ألزم الحكم مجلس الوزراء بتقنين حق المواطنين في الوصول إلى المعلومات والبيانات المتعلقة بالتسوية بين الحكومة والمستثمرين فيما يتعلق بالخصخصة واﻷموال العامة. بموجب هذا الحكم، تلتزم الحكومة باﻹفصاح عن المعلومات المتعلقة بهذه التسويات على أن تكون المعايير واﻷسباب واﻷسس واضحة فيما يتعلق بكل تسوية. و«على الرغم من وضوح الحكم القضائي، تمت عملية التصالح مع حسين سالم فيما يقارب السرية الكاملة»، بحسب التقرير. ويوضح التقرير أنه على سبيل المثال، لم يُنشر النص الكامل لاتفاق «سالم» مع السلطات المصرية بشكل رسمي حتى اﻵن. كما لم تصدر أي من المؤسسات التي تولت تنفيذ الاتفاق بيانات رسمية لتوضيحه. أحد المواقع اﻹخبارية نشر نسخة من الاتفاق، تؤكد هذه النسخة الوحيدة من الاتفاق إلى جانب تصريحات المسؤولين ومحاميّ حسين سالم أنه تنازل بالفعل عن ٧٥% من كافة أصوله، وهو ما قدره محاموه بقيمة حوالي ٥.٥ مليار جنيه. لكن تقارير إعلامية أشارت إلى أن هذا المجموع البالغ ٣١١ مليون دولار بحسب سعر الصرف في أغسطس ٢٠١٧ لا يمكن أن يرقى إلى نسبة ٧٥% من ثروته، مرجحة أن هذه النسبة تساوي ٢٠% فقط. البنوك السويسرية في ٢٠١١، حللت FINMA، ، هيئة اﻹشراف السويسري على اﻷسواق المالية، تطبيق واجبات غسيل اﻷموال بواسطة الوسطاء الماليين، والذين قبلوا أموالًا جرى تجميدها بعد الربيع العربي. انتهى التحليل إلى إعداد تقرير لم يخرج إلى العلن في بادئ اﻷمر. لكن تحت ضغط كبير من المجتمع المدني السويسري، أصدرت FINMA تقريرًا موجزًا، امتنعت فيه عن تسمية البنوك التي شملها تحقيقهم. ولاحظ التقرير أن «تقدير معظم المؤسسات المالية فيما يتعلق بالالتزام بتطبيق إجراءات وافية يتراوح بين كافٍ إلى جيد». وعثرت FINMA على مخالفات في أربع حالات فقط بين ٢٠ حالة جرى التحقيق فيها، لكنها لم تحدد أسماء هذه الحالات اﻷربع. ما العمل؟ اقترح التقرير ضرورة التغلب على العراقيل التي تواجه عمليات استرداد اﻷموال المنهوبة ومكافحة الفساد وغسيل اﻷموال. ودعا إلى إيجاد طرق بديلة لإجراءات المساعدة القانونية المتبادلة حين تصبح غير كافية. وأضاف التقرير أن منظمة Public Eye في سويسرا دعت لفترة طويلة إلى إيجاد آليات بديلة إدراكًا منها لصعوبات طريق المساعدة القانونية المتبادلة، معتبرًا أن هذا «قد يقلص هذا التأثير الكبير لعبء اﻹثبات في السياقات المماثلة، ويساعد قضايا كما في حالة مصر». كما أشار التقرير إلى ضرورة مقاومة حصانة المسؤولين وحاشيتهم عن التركيز على استرداد اﻷموال بشكل سريع، مؤكدا أنه «لسوء الحظ، تفضل حكومات مثل حكومة مصر الحالية أن تحصل على حصة من اﻷموال سريعًا بدلًا من مقاومة الحصانة». وأفاد التقرير أنه قد تكون هناك أسباب جيدة لهذا، مثل أن تكون هذه الحكومات في حاجة ماسة للأموال في أوقات عدم الاستقرار السياسي، كما يحدث بعد سقوط أنظمة الحكم.، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى وجود أسباب سيئة أيضا؛ حيث قد يرغب أحد المسؤولين في استرداد اﻷموال فقط لتحقيق الشعبية. وفي أحيان أخرى، تصبح مثل هذه التسويات وسيلة لنيل حماية النخب القوية والمتأصّلة. وفي أحيان أخرى، يكون اﻷمر مجرد فساد. ويوصي التقرير بضرورة تركيز الجهود على بناء أُطر أكثر فعالية لمكافحة غسيل الأموال، إلى جانب سياسات استرداد اﻷصول. ويوضح التقرير أن «من بين معظم تدفقات اﻷموال غير الشرعية، يتم التعرف على جزء ضئيل للغاية منها، جزء أصغر منها يُجمد، وأصغر تتم مصادرته وإعادته»، ما يعتبره «يوفر [...] دليلًا كافيًا على أن عمليات استرداد اﻷصول طويلة ومعقدة وغالبًا مخيبة للآمال». ويعتبر التقرير أن الطريقة اﻷفضل لمنع الفساد رفيع المستوى هو منعه عبر التأكد من أن الوسطاء الماليين يلتزمون بمعايير مكافحة غسيل اﻷموال بشكل دقيق، ويرفضون اﻷموال غير الشرعية.
إلى الرئيس ماكرون لا بد من وقف الدعم غير المشروط للسيسي بهي الدين حسن وديميتريس كريستوبولوس ٢٤ أكتوبر ٢٠١٧ لا يمكن لزيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى باريس أن تمر دون أي رد فعل من قبل الرئيس الفرنسي، وذلك بعد أن بنى المشير السيسي بكل تؤدة نظاما استبداديًا وقمعيًا منذ انقلاب الثالث من يوليو ٢٠١٣ دون مواجهة أي معارضة قوية ورسمية، لا من جانب بروكسل ولا من باريس، حتى الآن، ودون صدور أي بلاغ حول وأد سيادة القانون في البلاد، ولا الإعلان عن أي دعم لفائدة ما تبقى من الحركة الديمقراطية المصرية. بالعكس، فإن مصر أصبحت تعد حليفًا استراتيجيًا في الحرب ضد الإرهاب في المنطقة. وتحت عنوان هذه «الحرب على الإرهاب» يُقمع اليوم المجتمع المدني المصري، فأي من يوجه نقدًا للحكومة، من محامين وصحفيين ومثقفين ونقابيين ومدافعين عن حقوق الإنسان يدفع ثمنًا باهظًا، كما تُتخذ إجراءات متزايدة الشدة والقسوة، خاصة ضد نشطاء المجتمع المدني مثل محمد زارع، والمتهم بـ«التآمر مع كيانات أجنبية للإضرار بالأمن الوطني»، وذلك لمشاركته في آليات تابعة للأمم المتحدة تهتم بالدفاع عن حقوق الإنسان. محمد زارع هو قيادي في الحركة المصرية لحقوق الإنسان، وقد حصل مؤخرًا على جائزة «مارتن إينالز» بينما قد يصدر ضده في مصر حكم بالسجن المؤبد فيما يعرف بـ«قضية التمويل الأجنبي». القمع المسلط على المجتمع المدني شمل إلى اليوم عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين من ضمنهم ١١ فردًا يقبعون حاليًا في السجن، وعشرة أفراد جُمّدت ممتلكاتهم، كما مُنع ٢٨ من مغادرة التراب المصري، أما المضايقات القضائية والاختفاء القسري وحالات التعذيب وسوء المعاملة داخل السجون فهي متكررة ولا تُعد. ومهما كان السبب الحقيقي للإيقاف، فإن تهم «الإرهاب» تنهال لتشكّل سيفًا مسلطًا على كامل المجتمع المدني المصري، وخاصة على المدافعين عن حقوق الإنسان، ما قد يفرز سياسة هدّامة تعمل من جانب على إسكات القوى الضرورية لإنجاح الجهود الرامية إلى الحد من التطرف المتزايد، ومن جانب آخر تحث على الراديكالية وتزيد من انعدام الأمن في البلاد. وكما يشهد العديد من النشطاء، ومن بينهم المدوّن علاء عبدالفتاح وأحمد ماهر المعارض القديم للرئيس مبارك والمنسق العام لحركة ٦ أبريل، فإن تنظيم الدولة الإسلامية يجنّد عناصره أكثر فأكثر في داخل السجون المصرية، ما يجعل من منظومة السجن المصري أحد أخطر حلفاء الإرهاب. وللمزيد من إثارة القلق، جرى في شمال سيناء، بحسب السلطة المصرية، القضاء على أكثر من ستة آلاف «إرهابي» خلال السنوات الأخيرة، بينما لا ينسب لمجموعة «ولاية سيناء» التابعة للدولة الإسلامية أكثر من ألف مقاتل. وهذا العدد غير المتناسب من الضحايا، أغلبهم من المدنيين، لا يمكنه سوى أن يُوظَّف للدعاية للمجموعة الإرهابية ولتمكينها من فرصة جديدة لتعبئة المزيد من الجهاديين. وقد يسأل أحدهم عن عدد حالات القتل خارج القضاء والاختفاء القسري والتجاوزات التي اقترفتها قوات الأمن المصرية في هذه المنطقة وفي غيرها من المناطق، وما نتائج ذلك؟ ويأتي الجواب ليبين أن عدد الهجمات الإرهابية في شمال سيناء قد تجاوز ٢٦١ هجمة في ٢٠١٣ إلى ٦٨١ في ٢٠١٦. في ظل كل هذه الأوضاع، لا يزال قانون يرجع إلى نوفمبر ٢٠١٣ يجرّم التظاهر ويمنع أي شكل من أشكال المعارضة السلمية، كما يعمل على تركيع الصحافة المستقلة، أما عمليات العنف ضد الأقليات، وخاصة المسيحيين الأقباط، فهي متكررة دون أن تتحمل السلطة المصرية مسؤولياتها في توفير الحماية لها، ولا تعدو الهجمات التي قامت بها قوات الأمن والإعلام المصري في الأسابيع الأخيرة ضد مجتمع المثليين ومزدوجي الميول الجنسي والمتحولين جنسيًا سوى ستار من الدخان يسعى لإخفاء فشل السيسي في احتواء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي جعلت الواقع اليومي للمصريين يدور بين تضخم مالي خارج عن السيطرة وبطالة مستمرة وفساد مزمن وانتهاكات واسعة النطاق للحريات. عندما تنتهج الحكومة القمع الوحشي ضد أي صوت يعلو داخل المجتمع المدني وتنشر خطابًا شعبويًا ومتعصبًا فهي لا محالة تؤجّج نيران المعارضة الراديكالية. وأمام هذه الانتهاكات، التي لا تعدو الأمثلة المذكورة منها أعلاه أن تكون قطرة من فيضها، فقد أخلّت فرنسا بمهمتها في الدفاع عن حقوق الإنسان، والأسوأ هو أن «باريس» دفعت خلال السنوات الثلاث الأخيرة تعاونها الاقتصادي والعسكري مع مصر إلى أقصاه، حيث كانت مصر، في سنة ٢٠١٥، أول بلد أجنبي يقتني رسميًا الطائرات المقاتلة من نوع رافال. وإضافة إلى هذه الطائرات التي صنعتها شركة «داسولت.. Dassault»، فقد نص العقد الموقَّع بين البلدين سنة ٢٠١٥ على بيع بارجة متعددة المهام من نوع «دي سي إن إس..DCNS » وقذائف انسيابية من نوع «سكالب.. SCALP »، وقذائف جو جو من نوع «ميكا.. MICA»، ما مكّن المصنعين الفرنسيين من مبالغ طائلة بلغت ٥.٢ مليار يورو. هل كان هذا هو ثمن الصمت على الانتهاكات التي يرتكبها نظام السيسي؟ في شهر يوليو ٢٠١٧، عندما جرى الكشف عن صفقة عُقدت سنة ٢٠١٤ لبيع لمنظومة استعلام Cerebro من قبل المؤسسة الفرنسية Amesys، لصالح السلطة المصرية التي قد تكون استخدمتها للتعرف على معارضين سياسيين أو نشطاء حقوقيين ومراقبتهم وإيقافهم وتعذيبهم، تأكدت مخاوفنا، فلم تكن تلك المرة الأولى التي تأتي فيها مؤسسة Amesys بمثل هذه الأفعال، فقد باعت منظومة مماثلة تسمى Eagle إلى النظام الليبي، خلال حكم معمر القذافي، وخضعت بسبب ذلك لتحقيقات قضائية بتهمة «التواطؤ في أعمال تعذيب». حان الوقت لأن تكف الدبلوماسية الفرنسية عن لعب دور الوسيط لصالح مصنعي السلاح الفرنسيين، لأنه يقترن بخطر ارتكاب انتهاكات جسيمة لأحكام معاهدة تجارة الأسلحة، التي صدّقت عليها باريس سنة ٢٠١٣ كما للقانون الدولي عمومًا. وإذا ما ارتأت فرنسا الحفاظ على علاقة «مميزة» مع مصر فلا يمكن أن يحدث هذا سوى في إطار الشفافية، ولا بد أن تكون كافة الاتفاقيات التجارية مشروطة بالاحترام التام لحقوق الإنسان. سيدي الرئيس، إن المضي في الصمت وفي قبول مثل هذه التجاوزات باسم «الحرب على الإرهاب» لن يؤدي سوى لنتائج عكسية، حيث تساهمون بذلك في تغذية عدم الاستقرار وفي انعدام الأمن في الضفة الأخرى من المتوسط، كما تتخلون في ذات الوقت عن المصريين وهم يواجهون إحدى أحلك فترات الديكتاتورية في تاريخهم.
السعودية تعلن عن أول مشروعاتها على تيران وصنافير مدى مصر ٢٤ أكتوبر ٢٠١٧ أعلن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان اليوم، الثلاثاء، عن مشروع المملكة الجديد «نيوم»، كجزء من خطة «المملكة ٢٠٣٠»، والذي يتضمن مساحة جغرافيًا قدرها ٢٦ ألف و٥٠٠ كم مربع من أراضيها متضمنة جزيرتي تيران وصنافير، اللتان تنازلت عنهما الحكومة المصرية للمملكة العام الجاري. وبحسب موقع المشروع، الذي يشرف عليه لجنة يرأسها ولي العهد، باستثمارات قدرها ٥٠٠ مليار دولار أميركي، ومن المنتظر أن تنهي أولى مراحله في العام ٢٠٢٥. وفي وثيقة حقائق المشروع المرفقة بالموقع، فإنه من المخطط أن يتضمن المشروع عدد من المشاريع الاقتصادية، والبنية التحتية، بالإضافة إلى المرافق السكنية. إذ من المفترض أن يتضمن جسر ربط بري بين المملكة ومصر. ومن المخطط أيضًا أن يتضمن المشروع استثمارات في استغلال الطاقة المتجددة وتوليد الطاقة الشمسية. وكذلك مشروعات طبية وبحثية في مجالات الأبحاث الجينية والخلايا الجزعية والهندسة الحيوية. وفي مجال الإعلام، من المقرر أن يتضمن المشروع إقامة مراكز للهيئات والجهات الإعلامية، واستديوهات تصوير وتسجيل. وبحسب الحكومة السعودية، فإن المشروع «يوفر فرصة للحد من تسرب الناتج المحلي الإجمالي، عبر إتاحة فرصة للاستثمار داخل المملكة لكل من يستثمر أمواله في الخارج. وبالتالي تقليل التسرب المالي نتيجة قلة الفرص الاستثمارية الضخمة». ومن المقرر أيضًا أن تطبق نفس القواعد المطبقة على إقامة الأجانب الراغبين في الإقامة على أراضي المشروع. وكان مجلس الوزراء المصري أعلن، يونيو الماضي، عن تصَدَّيق الرئيس عبدالفتاح السيسي على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، والتي تتضمن التنازل عن الجزيرتين لصالح المملكة. وجاء إقرار الاتفاقية وسريانها رغم استمرار معركة قضائية، كانت قد بدأت قبل ما يزيد على العام، بين معارضين لتنازل مصر عن الجزيرتين وبين هيئة قضايا الدولة (محامي الحكومة). حصل الفريق اﻷول خلالها على حكم من محكمة القضاء الإداري، ثم حكم نهائي وبات من المحكمة الإدارية العليا ببطلان التوقيع على الاتفاقية، فيما حصل الفريق الثاني على حكمين من محكمة اﻷمور المستعجلة بوقف تنفيذ حكمي القضاء الإداري والإدارية العليا بشأن الاتفاقية.
مُحَدَّث التغطية في غياب المعلومات الرسمية.. بين ما تريده الدولة وما يصل إليه الإعلام هبة عفيفي وعمر سعيد «تجاهل الاستفسارات الإعلامية وعدم الرد على الطلبات وعدم توفير أي معلومات يقوض شفافية ودقة وإنصاف وحياد التغطية. يجب توفير المعلومات حتى لا يضطر الصحفي للبحث عن مصادر أخرى»، هكذا علّق فولكر شفينك، مدير مكتب التليفزيون اﻷلماني بالقاهرة على الاتهامات التي وجهتها الهيئة العامة للاستعلامات، فضلًا عن عدد من التقارير ومقالات الرأي في الصحف المصرية، للوكالات الأجنبية التي تناولت أخبار الهجوم اﻷخير الذي شهده طريق الواحات مساء الجمعة. كانت أنباء هجوم إرهابي في طريق الواحات قد بدأت في التواتر منتصف يوم الجمعة الماضي، دون وجود أي إفادات رسمية بهذا الشأن، قبل أن تبدأ مواقع الصحف المصرية والوكالات الأجنبية في نقل أخبار عن الاشتباكات، اعتمد معظمها على ما وصف بـ «مصادر أمنية»، في حين اعتمد بعضها على ما نقلته وكالة رويترز تحديدًا. وفي حين بدأت اﻷخبار بمقتل ثلاثة شرطيين، ارتفع العدد بعد ذلك إلى ١٤، ثم إلى ٢٠، ثم ٣٠، لتنشر الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية بيانًا حول الواقعة في العاشرة من مساء اليوم نفسه، لم تذكر فيه أية أرقام للضحايا، لتستمر المواقع الإخبارية المصرية واﻷجنبية في الاعتماد على «مصادرها اﻷمنية»، التي ارتفع العدد بحسبها إلى ما يزيد على ٥٠ مع حلول منتصف الليل. وفي الثامنة من مساء اليوم التالي، السبت، نشرت وزارة الداخلية بيانًا عن الهجوم، قالت فيه إن عدد القتلى بين صفوفها هو ١٦ شرطيًا فقط، فضلًا عن ضابط مفقود، بخلاف وجود ١٥ قتيلًا بين صفوف العناصر المسلحة. عقب بيان الداخلية بساعات شن ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، أثناء استضافته في برنامج هنا العاصمة على قناة سي بي سي، هجومًا على وكالة رويترز للأنباء، وشبكة بي بي سي، قبل أن تصدر الهيئة بيانًا بالمعنى نفسه، يدين تغطية الوكالة والشبكة العالميتين للحادث. واستنادًا للفارق في رقم الضحايا بين ما أعلنته الوكالات وما أعلنته وزارة الداخلية، وصفت «العامة للاستعلامات» كلًا من رويترز وبي بي سي بـ «عدم الدقة»، كما طالبتهما بنفي ما نشرتاه من أرقام والإلتزام بالحصيلة الرسمية الواردة في بيان الداخلية. وفي حين اعتبر رشوان أن تأخّر وزارة الداخلية في الإعلان عن المعلومات بشأن الهجوم كان مبررًا لاعتماد المؤسستين على مصادر خارجية. إلا أنه شكك في معرفة مصادر المؤسستَين بما جرى خلال الهجوم، مضيفًا أنه طالب مدير مكتب إحداهما بـ «رفد المصدر الذي يتعامل معه». وكرر المجلس اﻷعلى للإعلام المعنى نفسه الذي قاله رشوان حين اعتبر في اجتماع عقده أمس اﻷحد أن «غياب المعلومات لعدة ساعات ليس مبررًا لاستخدام الشائعات المنسوب صدورها لمصادر مجهولة، خاصة فيما يتعلق بأحداث تمس الأمن القومي للبلاد». وفيما اكتفت وزارة الداخلية بالبيانين اللذين أصدرتهما بخصوص الواقعة، استمرت الصحف المصرية في نشر تغطيات للحادث تضمنت تحليلات ﻷسباب حدوثه وملابساته، اعتمدت فيها على مصادر أمنية. من جهته، قال مدير مكتب التليفزيون الألماني لـ «مدى مصر» إن الممثلين الرسميين لوزارة الداخلية لم يردوا على استفساراتهم طوال يوم حادث طريق الواحات. وأضاف شفينك أن بعض ممثلي الداخلية أنهوا الاتصال بالصحفيين أثناء المكالمات. ولم تملك «الاستعلامات» معلومات تمد الصحفيين بها، بحسب شفينك. فضلًا عن إتاحة معلومات قليلة للتليفزيون المصري تضمنت قائمة بأسماء الضحايا ومقاطع فيديو لموقع الحادث، نشرها التليفزيون عصر السبت. لاحقًا، وفي بيان أصدرته اليوم، الثلاثاء، أعادت الهيئة العامة للاستعلامات مطالبتها للعديد من وكالات الأنباء العالمية، على رأسها رويترز وبي بي سي، بالاعتذار عن نشرها معلومات مغلوطة في ما يخص أعداد ضحايا هجوم الواحات الأخير، أو نشر أسماء «الضحايا المزعومين» لهذا الحادث. كانت بي بي سي ورويترز قد نشرتا تقاريرًا صحفية ردًا على انتقادات الهيئة في بيانها اﻷول، قبل صدور بيان اليوم، وقالت رويترز إن ثلاثة مصادر مختلفة أكدت لصحفييها أن عدد ضحايا الهجوم ٥٢. وقال المتحدث الرسمي للوكالة «نحن نتعامل بجدية مع التزامنا بنشر الأخبار بشكل عادل ودقيق، وكنا حريصين هنا على نشر الجانب الخاص بوزارة الداخلية للأحداث بالإضافة إلى معلومات استقيناها بشكل مستقل من مصادر أخرى». وقالت هيئة الاستعلامات في بيان اليوم إنها أرسلت خطابين لرؤساء مكاتب رويترز وبي بي سي بالقاهرة، طالبتهما بـ «إما نفي صحة ما سبق لها نشره من أرقام للضحايا تخالف الأرقام الرسمية، والاعتذار عن عدم دقة هذه المعلومات ومصادرها أو ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺆﻛﺪ أرقامها، ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺆﻛﺪ ﻋﺪﻡ ﺻﺤﺘﻬﺎ، ﻓﺘﻘﻮﻡ ﺑﻨﺸﺮ ﺃﺳﻤﺎء ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺰﻋﻮﻣﻴﻦ». وأشارت الهيئة في بيانها إلى عدد من «الإجراءات المهنية» التي يتعين على هذه الوكالات اتخاذها للتأكد من أرقام الضحايا، ومنها «قيام الصحفيين والمراسلين العاملين بمكتبيهما بمصر، وهم بالعشرات، بالبحث الميداني عن الوفيات والإصابات المزعومة في كل محافظات مصر»، أو «قيام وكالة رويترز وشبكة BBC بالبحث في كل مكاتب الصحة بالبلاد التي تصدر شهادات الوفاة وتصاريح الدفن لأي متوفي في مصر»، أو «القيام بالفحص والتقصي المهني عن الاسماء المزعومة لشهداء وجرحى، والتي وردت في بعض التقارير الصحفية وصفحات التواصل الاجتماعي قبل صدور البيان الرسمي لوزارة الداخلية، ولم ترد فيه لبيان مدى صحتها وإذا ما كان منها اسم واحد لم يرد في هذا البيان»، أو «أخيرًا وهو ما قد يكون من قبيل المبالغة، أن تنشر وكالة رويترز وشبكة BBC بكل الوسائل الإعلامية المتاحة لهما، نداءً لكل من قد يكون لديه قرابة أو معرفة باسم شهيد أو مصاب مزعوم لم يرد في البيان الرسمي لوزارة الداخلية، للتواصل معهما وإرسال معلوماته عنه إليهما». في هذا الصدد، أكد مصدر طبي على صلة بعلاج مصابي الحادث لـ «مدى مصر» أن الرقم الذي أعلنته وزارة الداخلية، ١٢ ضابطًا و٤ مجندين، يتطابق مع من وصلت جثامينهم إلى مستشفيات الشرطة في العجوزة ومدينة نصر، والذين تم توقيع الكشف عليهم من قبل الطب الشرعي. وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته «حالة المصابين بشكل عام مستقرة، والإصابات متنوعة بين الإصابة بأعيرة نارية وكسور في عظام الأطراف. وعدد منهم تحدث إلى النيابة التي تحقق في الحادث». كان مستخدمو الإنترنت قد تداولوا قائمة نشرها ضابط شرطة، بزعم أنها أسماء ضحايا الحادث، الذين قدرتهم القائمة بـ ٨٠ شخصًا، وورد بالقائمة أسماء ٢٤ ضابطًا. غير أن «مدى مصر» حقق في القائمة المتداولة، وظهر أنها تضم أسماء ضباطًا من القوات المسلحة، قتلوا خلال الأعوام والشهور الماضية في عمليات إرهابية في سيناء. ومن بين هؤلاء، العميد السيد فوزي، قائد معسكر الزهور في الكتيبة ١٠١، والذي قتل في يناير ٢٠١٥ في هجوم على المعسكر في العريش. وكذلك العقيد أحمد الدرديري، الذي قتل في مارس الماضي على إثر هجوم مسلح على كمين في الشيخ زويد. والمقدم حازم إبراهيم، قائد الكتيبة ٥ مشاة في قطاع الشيخ زويد، والذي قتل برصاصة قناص في سبتمبر ٢٠١٦. والمقدم مصطفى الوتيدي، الذي قتل إثر انفجار عبوة ناسفة في العريش في يوليو ٢٠١٥. والمقدم أحمد عبد النبي، الذي قتل إثر انفجار عبوة ناسفة في العريش في يناير ٢٠١٦. والمقدم شريف عمر الذي قتل في العريش في مارس ٢٠١٦. والرائد خالد دبور، المقتول إثر هجوم على كمين كرم القواديس في أغسطس ٢٠١٦. والمقدم محمد هارون قائد كمين الجورة، الذي قتل متأثرًا بجراحه بعد استهداف الكمين بعبوة ناسفة. كما ضمت القائمة اسم الضابط أحمد مشهور، شقيق النقيب المتوفي في حادث طريق الواحات، مصطفى مشهور، والذي لا يزال على قيد الحياة، ويعمل في إدارة العمليات الخاصة في قطاع الأمن المركزي. لم يكتف بيان هيئة الاستعلامات اﻷول بإدانة الوكالات اﻷجنبية في مسألة اﻷرقام فقط، بل انتقد كذلك اللغة المستخدمة في التغطية الخبرية. لام بيان الهيئة على بي بي سي تعليقها على اقتباس من بيان الداخلية حول الواقعة بـ «العناصر التي وصفتها بالإرهابية»، ما اعتبرته الهيئة إشارة إلى عدم موافقة الشبكة على وصف الوزارة لمنفذي الهجوم بـ «الإرهابيين»، ولام على رويترز كذلك استخدامها لفظ militants، (مقاتلين) التي اعتبرها رشوان تحمل مدلولًا إيجابيًا بدلًا من «إرهابيين». رشا عبد الله، الأستاذ والرئيس السابق لقسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكية في القاهرة، قالت لـ «مدى مصر » إن المعيار المهني يفرض على الصحفي استخدام ألفاظ حيادية مثل «قتيل» أو «مقاتل» بدلًا من الألفاظ المحملة بالأحكام؛ «شهيد» و «إرهابي». وأضافت «من حق المواطن أن يحتسب القتلى عند الله شهداء ولكن الصحفي لا يملك أن يقول ذلك». بدوره، اعتبر أحد المراسلين اﻷجانب في مصر أن بيان الهيئة العامة للاستعلامات ينمّ عن «أسلوب أبوي، فضلًا عن التحدث بشكل مهين إلى المراسلين الأجانب». المراسل، الذي تحدث لـ «مدى مصر» مفضلًا عدم ذكر اسمه، أضاف موضحًا «عندما يقع حادث كبير تهاجم الدولة مَن ينقل المعلومات بدلًا من المسؤول عنه، وذلك في محاولة من جانبها لإخفاء ما جرى». وأشار المراسل نفسه إلى أن الصحفيين أصبحوا يلجأون إلى مصادر أخرى غير بيانات وزارة الداخلية للتأكد من دقة المعلومات، وذلك بعدما فقدت بيانات وزارة الداخلية مصداقيتها، وذلك بعد أن تبيّن نشرها لمعلومات غير صحيحة في حوادث سابقة مثل «مقتل الطالب الإيطالي جيوليو ريجيني» أو «تفاصيل المعارك الدائرة في شمال سيناء». من جانبه قال محمود كامل، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إن المسئول عن التجاوزات أو الضعف في التغطية هو الجهة الرسمية التي لم تتح معلومات تسمح للإعلامي بنقل الصورة للمواطن. وأضاف أن التعتيم الذي حدث يؤكد على أهمية إصدار قانون حرية تداول المعلومات، والذي يعمل المجلس «الأعلى لتنظيم الإعلام» على إعداد مسودته حاليًا. فيما أشار كامل إلى تضاؤل قدرة اﻹعلام المحلي على التغطية المهنية، وذلك بعد استبعاد الكثير من الإعلاميين لأسباب سياسية فضلًا عن تصدير «مَن لا علاقة لهم بالمهنة ومَن لا يلتزمون بأبسط قواعد المهنية أو مواثيق الشرف الصحفي»، حسب تعبيره. كان المجلس الأعلى للإعلام قد انتقد في بيانه أمس اﻷول ما وصفه بالتجاوزات من جانب الإعلام في تغطية «هجوم طريق الواحات» منها ظهور «خبراء روجوا لقصص لا أساس لها من الصحة». كما أصدرت نقابة الصحفيين من جانبها بيانًا، يوم السبت، لإدانة الحادث الإرهابي، دعت فيه المواطنين للإبلاغ للجهات الأمنية الشرطية أو العسكرية عن أي «تجمعات» أو «تحركات تثير الريبة». وهو البيان الذي قال محمود كامل لـ «مدى مصر» إنه صدر دون تشاور بين أعضاء المجلس. بينما قال سكرتير النقابة حاتم زكريا لـ «مدى مصر» إن البيان «صدر بشكل عاجل، ولا خلاف بشأن ما جاء فيه». وأضاف « إيه المشكلة.. كل المواطنين لازم تعمل كده (الإبلاغ عن أي تجمع). في ٢٥ يناير لما كنّا نشك في حد كنا بنسلمه لقوات الجيش». في الوقت نفسه أشارت رشا عبد الله إلى أن مناخ العمل في مصر، وبشكل خاص التغطية الصحفية للمناطق التي تحجم السلطات من حرية الوصول إليها مثل شمال سيناء أو مناطق العمليات بالصحراء الغربية، تجعل السبيل الوحيد أمام الصحفي للوصول إلى المعلومات هو اللجوء لمصادر غير معلنة. مما يحقق للمواطن حق المعرفة. وأضافت «لا توفر السلطات المعلومات، ولا يستطيع الصحفي التواجد بنفسه في مكان الحدث أو الاستعانة بشهود عيان، وذلك لخلو المناطق المستهدفة من التغطية الصحفية من السكان في حالة شمال سيناء أو المناطق الصحراوية». كما أوضحت الأستاذ بالجامعة الأمريكية أن المؤسسة الإعلامية تضع معاييرها الداخلية التي تحكم سياسة نشرها واستخدامها لمعلومات بعد التأكد من صحة المعلومات عن طريق مصدرين مختلفين. فيما اعتبر المدرب الإعلامي ياسر عبد العزيز أن استراتيجية الاتصال التي تتبعها الدولة حاليًا، في مواكبة الحرب على الإرهاب، تقوم «على ثلاثة مرتكزات أساسية، أولها التعتيم والتحفظ فى نشر أخبار الإرهاب ووقائع المواجهة معه، وثانيها السيطرة على مصادر الأخبار والمعلومات المتداولة فى هذا الصدد، عبر قصرها على المصادر الرسمية دون سواها، وثالثها «التقديم الإيجابي» للوقائع والأحداث، بما يخدم الروح المعنوية للقوات النظامية والمؤسسات والمواطنين». وفي مقاله المنشور بجريدة «الوطن» أمس، الإثنين، اعتبر عبد العزيز أن «تلك الاستراتيجية فى حاجة إلى مراجعة لثلاثة أسباب رئيسة، أولها أن التعتيم والتحفظ لم يعد هدفاً قابلاً للتحقق بسبب التغيرات التى طرأت على المجال الاتصالى، والدور المتصاعد لـ«السوشيال ميديا». وأضاف أنه «بموازاة ما يصدر عن المصادر الرسمية بشكل رسمى، هناك ما يصدر عن تلك المصادر نفسها بشكل غير رسمى، وهناك أيضاً الطرف الآخر فى المواجهة الإرهابية، الذى يمتلك آلته الإعلامية الفعالة، بالإضافة بالطبع إلى المصادر الإعلامية والمعلوماتية الأخرى، وبعضها كما أسلفنا يقف فى معسكر المناوءة، وبذلك لا توجد فرصة للتعتيم غالباً». ورأى عبد العزيز كذلك أنه «لم يعد بالإمكان إلزام التغطيات الإخبارية المواكبة للعمليات الإرهابية بقصر التزود بالمعلومات على المصادر الرسمية، لأن تلك المصادر تتباطأ أحياناً، وتمتنع فى أحيان أخرى، وفى كل الأحوال فإنها تقدم جانباً واحداً من الصورة، ما يفرض على وسائل الإعلام أن تسعى إلى تغطية جوانب أخرى من مصادر معتبرة حتى وإن لم تكن رسمية». فضلًا عن أن «مفهوم «التقديم الإيجابى» الذى تعتمده الاستراتيجية الاتصالية بداعى المحافظة على الروح المعنوية للدولة والقوات النظامية والجمهور، ثبت أنه لم يعد إيجابياً… لأن الجمهور عادة ما يترك هذا النمط من المعالجة، بعدما يتيقن من أنه أخفق فى المعرفة من خلاله، ويلجأ مباشرة إلى أنماط أداء أخرى، تبقيه أكثر علماً بما يجرى من تطورات مهمة، والأخطر من ذلك، أنه يفقد الثقة فى المنظومة الإعلامية الوطنية بأكملها». كان أبريل الماضي قد شهد انتقاد الرئيس عبد الفتاح السيسي للتغطية الإعلامية لحادثتي تفجير كنيستي المرقسية بالإسكندرية، ومار جرجس في طنطا، مطالبًا القنوات الفضائية بالتوقف عن بث مشاهد تفجيرهما، وهو ما امتثلت له القنوات بالفعل بعدما كانت تذيع مشاهد التفجير بشكل مكرر. ويتصدر المشهد الإعلامي في مصر حاليًا هيئة الاستعلامات، وهي هيئة حكومية تتبع رئاسة الجمهورية وهي المسؤولة عن تنظيم عمل الصحافة اﻷجنبية في مصر، فضلًا عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الذي يترأس كلًا من «الهيئة الوطنية للصحافة» و«الهيئة الوطنية للإعلام»، والمشكلين بقرارات جمهورية من السيسي في أبريل الماضي. في الوقت نفسه يعاني عدد من المواقع الإخبارية، من بينها «مدى مصر»، ومنصات إلكترونية أخرى، من الحجب في مصر. ورصد تقرير قرار من جهة مجهولة، الصادر عن مؤسسة «حرية الفكر والتعبير»، مطلع الشهر الجاري، وصول عدد المواقع إلى ٤٣٤ موقعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *في السابعة مساء يوم الثلاثاء، ٢٤ أكتوبر، تم إضافة معلومات للتقرير حول البيان الثاني لهيئة الاستعلامات، ورد وكالة رويترز وشبكة بي بي سي على البيان اﻷول للهيئة، وحديث مصدر طبي عن عدد الضحايا الذين استقبلتهم مستشفيات الشرطة، وقائمة متداولة بزعم أنها تخص ضحايا الحادث.
ماكرون ليس وارد إعطاء دروس للسيسي في حقوق الإنسان مدى مصر ٢٤ أكتوبر ٢٠١٧ علق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مؤتمر صحفي مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي، على المطالبات بشأن الالتفات إلى الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة المصرية، قائلًا «ليس وارد إعطاء دروس للرئيس السيسي في مجال حقوق الإنسان». وأضاف ماكرون، أنه مدرك للظروف الأمنية التي يتحرك فيها الرئيس السيسي، حيث لديه تحدى استقرار بلاده ومكافحة التطرف الديني. وكانت عدة منظمات حقوقية عالمية أصدرت أمس، الإثنين، بيانًا تطالب فيه ماكرون بإدانة الانتهاكات الحقوقية التي تمارسها الحكومة المصرية، وأخذها في الاعتبار قبل التوقيع على اتفاقيات تعاون وسلاح جديدة. ونددت المنظمات الموقعة على البيان وهي مراسلون بلا حدود، والشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان، وكورديناسيون سود، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ومعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، باستمرار تصدير فرنسا معدات عسكرية لمصر في ظل القمع المستمر للمدافعين عن حقوق الإنسان. فيما أعلن وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لو مير، في حديث لراديو أوروبا ١، اليوم، الثلاثاء، أن فرنسا تبحث عقد صفقة إضافية مع مصر لبيع ١٢ طائرة رافال عسكرية، مشيرًا إلى أن وزارة المالية الفرنسية ستبحث قدرة الحكومة المصرية على دفع ثمن الصفقة. وفي بيان منفصل، طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش، أمس، الإثنين، حكومة ماكرون بالتوقف عما أسمته «سياسات فرنسا المخزية» تجاه مصر، وطالبت ماكرون باستغلال اجتماعه الأول مع السيسي كـ «فرصة لمراجعة الدعم الاقتصادي والأمني والعسكري المقدم من فرنسا إلى الحكومة المصرية، وجعل ذلك الدعم مشروطًا بتحسن ملموس للحقوق». وأوضح بيان هيومن رايتس ووتش أن مصر من أكبر مستوردي الأسلحة من فرنسا، لافتًا إلى أن مصر وقعت صفقات شراء أسلحة ومعدات عسكرية مع فرنسا بقيمة ١٠ مليارات دولار منذ ٢٠١٤.
حكايات الإجهاض «الخلاص» غدير أحمد ٢٤ أكتوبر ٢٠١٧ *الحكاية الثانية في سلسلة حكايات الإجهاض. * القصة كما روتها صاحبتها، وفي بعض المناطق تنقل الكاتبة عنها نصًا. طبيب ومشرط، هذا كل ما احتجته في تلك اللحظة.. قليل من المُخدّر وقدر من النظافة، والكثير من المواساة. هناك في غرفة عمليات الولادة بإحدى المستشفيات الخاصة بكفر الشيخ، أغمضتُ عيني عمّا رأيته للتو؛ كان ابني ملفوفًا بكيس شفاف، يخفق قلبه ببطء أكثر كل ثانية، حتى توقف عن الحركة. وتوقفتُ عن الصراخ، وتوقَفَت أمي عن البكاء. وغبتُ عن الوعي. رأيت الدم وتمنيت لو أني ظللت نائمة، حتى لا أعيش التجربة مرة أخرى في صحوي، وعشرات في كوابيسي. حين أفقت رأيتني أخبط رأسي في الحائط، ورأيتُ جلد أختي في أظافري مخلوط بدمائها. أمسكتها بقوة، لم تأتني قبلها. هي تبكي وأمي تصرخ ووالدي يبحث عن دكتور أبلغنا بعد بدء الإجهاض أنه لن يُساعدني إلا لو رأى رأس الجنين تخرج من الرحم، «حرام»، هكذا قالها، وهكذا حكم عليّ بأسوأ تجربة أشفقت فيها على نفسي وكرهتها في الوقت نفسه. تركني الطبيب من الواحدة ظهرًا إلى الحادية عشر مساءً، أقتل ابني بنفسي، وبنصف وعي استطعت معه إدراك الأحداث. لماذا انتهى بي الحال هنا؟ أنا فعلت كل ما يجب فعله، طبقت كل ما قرأته. كل تعليمات الطبيب. كل ما وسعني فعله لأحافظ على الحمل. لماذا انتهى بي الحال وأنا أجهضه؟ مَرمية في مستشفى لا طبيب ولا تمريض. هذا رحمي، أنا أريد الحمل. لماذا يا رب؟ عدتُ بنصف وعيي إلى خمسة شهور مضت. إلى مطب في الشارع لم يره زوجي فاهتزت السيارة ووضعت يدي على بطني لأول مرة. كنتُ كالذي يربُت على كتف شخص مُرددًا «لا بأس، أنت بخير»، انتبهت لما فعلته وابتسمت وقلت «أنا حاسة إني حامل، هحلل بكره». في اليوم التالي قفزتُ فرحًا بعد نتيجة التحليل وأحمد لمعت عينيه من الفرحة. أنا حامل، رغم أني أجلت الحمل فترة، لكنها مفاجأة طيبة. أحببتها كما أحببت أحمد. أسابيع قضيناها بين محال ملابس الأطفال وبين زيارات الدكتور لمتابعة الحمل. حرصت في كل زيارة أن أسمع نبض الطفل، وعرفت أنه ولد. مضيتُ أيامًا أقرأ له وأغني وأتحسسه. تحمست وتخيلت زوجي يُدللني أكثر وأكثر. يُقبّل بطني بين الحين والحين. يُعد لي إفطارًا ذات يوم. اممم حسنًا، أحمد لن يُعد الإفطار، هذه تهيؤات. آه لو أنه فقط يتوقف عن طلب كوب الماء من المطبخ أو مُناداتي من غرفة الجلوس لإطفاء أنوار غرفة النوم. مؤكد ستُصبح حياتنا أكثر رومانسية. خمسة شهور مرّت وأنا أجهز وأرتب للولادة. وفي يوم استيقظت على ماء بين فخذيّ. فورًا توجهتُ إلى طبيب أخبرني أن الماء المحيط بالجنين، تم فقده بالكامل تقريبًا. وأنه لا فائدة من استمرار الحمل، سيموت في كل الأحوال. ولكنه سينتظر رأي دكتور علم أجنة ليتأكد من التشخيص. هذا الجنين سيموت. أجمع الطبيبان، وأعطياني تقارير طبية قالوا إنها تُبيح إجهاضي في أي مُستشفى، بما أني متزوجة، وبما أن هناك ضرورة طبية للإجهاض، لكن كلاهما شدد على أنه لن يُجهض لي بنفسه. كلمات الأطباء ما زالت تتكرر داخلي «الأولاني قالي بذوق وبشياكة أنا ما بعملش إجهاض. والتاني قالها صراحة أنا مش هعمل حاجة. طيب طمني، فهمني، أنا دي أول مرة ليّا. كان فيه إهمال. وكان فيه عدم شرعية. وكان في حاجات بتخليني أحس بالذنب وأنا كنت باقنع نفسي إن مفيش حاجة أحس بالذنب ناحيتها». «كان نفسي أحتفظ بالبيبي لحد السابع وبعدها يدخل الحضّانة، بس ما لحقتش». أيام قليلة، وبدأت أفقد كميات أكبر من الماء المحيط بالجنين وباتت حالتي الصحية من سيئ لأسوأ، وارتفعت حرارتي. كل شيء يدفعني إلى الإجهاض. هذا الذي لم يكن خيارًا بل أمر واقع. توجهت من القاهرة إلى كفر الشيخ لأكون بين عائلتي. وأعدتُ الكشف عند طبيب متدين، رغبة أخيرة مني في أن أسمع كلمة حرام. لم تفلح حيلتي؛ كانت حالتي الصحية أسوأ مما أتصور. وأُضيف صوت ثالث لصالح الأطباء. وظلت رغبتي صفرية مخلوطة بصورة طفل ميت. هنا، استسلمت، وأعطاني الطبيب دواء مهبلي مُحفز للإجهاض. كنا في الثانية عشر ظهرًا. «ما كانش باصص ناحيتي. كان باصص الناحية التانية. وإيديه عارفة هي رايحة فين بس بغشومية. وصوابعه كانت تخينة. بالإضافة إلى اللامبالاة بتاعة روحي دلوقتي ولما يبقى الطلق ينتظم ابقي كلميني. وأنا دي أول تجربة حمل ليا فبالتالي دي أول تجربة إجهاض أو ولادة ليّا. فأنا مش فاهمة يعني إيه الطلق ينتظم. مش عارفة يعني إيه طلق». انصرفت إلى المنزل حيث سمعت ما لم أحب سماعه في هذا اليوم تحديدًا. قالوا «ربنا هيعوض عليكي واللي جاي خير. وإن ربنا ما بيعملش حاجة وحشة. فأنا مش فاهمة إزاى ما بيعملش حاجة وحشة وأنا هنا دلوقتي؟» على أي حال لم يخبرني الطبيب أن الدواء يُسبب نزيفًا، وها قد بدأ النزيف وأنا الآن في الطريق إلى المستشفى لا أعرف أي مصير ينتظرني. اتصلنا بالطبيب الذي ترك هاتفه عن عمد بلا إجابة. ومنذ وصولي المستشفى وأنا بلا طبيب. تنصحني نساء عائلتي بالضغط أو (الحزق) لأدفع الجنين خارج الرحم، كمَن تلد في زمن آخر. ورغم معلوماتي بأنها خطوة أخيرة في وجود الطبيب، إلا أن الوجع صعب الاحتمال، ضغطت وضغطت وضغطت. انهارت قوايّ، وتزاحمت صرخاتي مع أنفاسي أيهما سيخرج أولًا. «طول الوقت وأنا في الإجهاض كنت حاسة إنه بيقاوم. وجسمي بيطرده. وإن أنا مكانه وأنا بطرده. وإن أنا أمانُه، وأنا بطرده. كنت حاسة إنه بيعافر علشان يفضل عايش، وأنا بعافر علشان يموت. أنا بعافر. الطلق معافرة. أنا بعافر بكل حاجة فيّا، باخبط في الحيطة. ليه؟ علشان الوجع يخلص. والوجع يخلص إمتى؟ لما أموت. بس أنا خايفة أموت». انخفض ضغطي وعرقت وبدأت أفقد الوعي. «افتحوا بطني وطلعوه. في اللحظة دي كنت حاسة بأعلى درجة إحساس بالذنب هو لسه عايش، ولسه بينبض. عايش وأنا جسمي عاوز يتخلص منه. أنا جسمي بيتخلص من بيبي عايش. البيبي ده أنا كنت باقول إني بحبه كل الحب ده. البيبي ده أنا محتفظة بصور السونار بتاعته. البيبي ده أنا كنت كل مرة عاوزة أسمع صوت دق قلبه. البيبي ده أنا كنت باروح كل أسبوعين للدكتور علشان بس عايزة أشوفه. فأنا في اللحظة دي، أنا عايزة أتخلص منه بأي شكل، حتى لو كان قيصرية. حتى لو كان هو كام سنتي ومش هيوجعني وهو طالع، بس أنا تعبت». هرول والدي مرات بين مكتب مدير المستشفى وبين طبيبة رفضت مُتابعتي لأن الأطباء لا يتعدّون على حالات زملائهم. هل يُمكنني الآن إضافة بعض من الإنسانية والمهنية إلى قائمة أمنياتي؟ كم تمنيت أن تراني. أن تفحص رحمي. أن تطُمئني. «أنا مفيش حد بيطمني. أنا مش عارفة إيه اللي ممكن يحصلي». بعد نزيف دام أكثر من سبع ساعات «البيبي نزل. في اللحظة دي ما كانش فيه دكتور موجود في المستشفى. الرحم كان فتح وأنا كان عندي الطلق، فـ خلاص الولد نزل. جسمي طلعه». «ما شوفتوش. حسيت بيه. وجع بشع. سكون. وهو بيخرج كان في لحظة كده موجعة وإحساس بدفع مريب وكأنه خلاص الموضوع خلص، حتى الوجع سكن كتير. اللحظة اللي قبل ما الدكتور ييجي ويقطع الخلاص كنت مستنية لحظة الدفع القوية دي علشان هو يخرج والموضوع ينتهي. كان كل اللي بفكر فيه حقيقي هو إن الموضوع ما بينتهيش. مش هينتهي. حتة مني لسه متعلقة بيّا، وأنا برضه بدور على حد يقطعها مني. يقطعها عني». هرول أبي مجددًا في طرقات المستشفى، يصيح كأنه يفقد شخصين، أحدهما ما زال ينازع الموت «محتاجين حد يقطع الخلاص». هنا، تدخّل مدير المستشفى أخيرًا، وقطع لي الخلاص بنفسه وبيديه. ورفض إعطاءنا أي أوراق تثبت مُتابعتي مع الطبيب. وقبل أن نغادر وفق طلبه، حضر صديق والدي لزيارتي وهو طبيب نساء وتوليد وطلب إدخالي غرفة العمليات لتنظيف الرحم. مشيت إلى غرفة العمليات، ودمائي على ساقيّ. ابني ميّت ورائي، وها أنا أنجو بنفسي. في غرفة تفتقر إلى أدنى درجات النظافة، شعرت بأني «أجهض في عيادة تحت بير السلم في القاهرة». صعدت إلى سرير الولادة على كرسي بلاستيكي قذر كالموجود في حمام جدتي. أتجمّد من البرد ولم يتعب أحد نفسه بتغطيتي. اعتمدوا على أني سأنام، ويا ليتني نمت. في انفراجة ساقيّ على السرير فقدت آخر ما علّقني بالطفل، كما فقدت حرارة جسمي بسبب التكييف. برد ورجفة لم ينتهيا إلا حين احتضنت الطفل قبل ساعات من تنظيفه ودفنه. كلانا الآن نظيف ولم يعُد بحاجة للآخر. هو تخلص من سوائلي كما لو أنه يولد. وأنا تخلصت من مشيمتي، ومن إيماني. هو يغادر إلى عالم جديد، وأنا باقية يلومونني على خسارتي وكأني تعمدتها. يمنعون المتزوجات حديثًا من زيارتي لأنه «فال وحش». نبذوني من البداية للنهاية. أنا هنا مع شعوري بذنبٍ لم أقترفه. «يمكن علشان خوفت على نفسي لما ما لقتش حد يقطع لي الخلاص. يمكن للدرجة دي حاسة بالذنب ناحيته. أنا خُفت على نفسي فعلًا. خُفت على حياتي». أنا هنا مع نصف وعي حفظ الموقف بتفاصيله. مع ثدي مُنتفخ ومُتأهب لإرضاع صغير منحته الحياة موتًا مُبكر. تسألينني كيف كان وجود الطبيب سيُغير الموقف؟ على الأقل «كان هيحسسني بالأمان. كان هيجنبني موقف الخلاص. كان هيجنبني موقف تأخر دخول العمليات. والخوف والهلع اللي كانوا في أهلي وفيا. كنت هاح س بالشرعية. لأن كلمته حسستني بالذنب زيادة. حسسني إن يا ستي كل التقارير اللي معاكي دي بليها واشربي ميّتها، أنا مش هاحط إيدي في حاجة. أنا مش هاساعدك». أنا هنا مع بقايا خوفي، مع توسلات وصلوات غير مسموعة «يا رب اختار لي ما تخيرنيش. يا تديني القوة والمعطيات اللي تخليني أقدر أكمل وده اختياري، يا تختار أي حاجة إنشالله يموت جوايا، ريحني من إحساس إني اخترت، وأنا ما اخترتش». أشهر قليلة وحملت للمرة الثانية. هذه المرة مسكت اختبار الحمل وعينيّ مفتوحة كأني أتحدى سوء اختياره «للحظة حسيت إن أنا مش عاوزه البيبي ده». ههه! طريف أني أكملت الحمل وأنجبت بنت مُتعايشة مع مرض مزمن ليس له علاج، وأحبها وأتقبلها. والأطرف أن تجربة الحمل اختلفت وكذلك الولادة. استمروا في تلك العبارات المستفزة «ربنا عوض عليكي أهو»، والولادة كانت في مستشفى تُشبه تلك التي لا تعرف الدولة عنها شيء. اهتمام ملحوظ أثناء الولادة. الجميع مُستعد. الطبيب حاضر. التمريض مُتعاون. واحتفاء لافت للانتباه بعد الولادة. نعم، أنجبت. هذا الرحم يُنجب. هذه المرأة مُنجبة. أنا مُنتجة بمقاييسهم. أما مقاييسي فمختلفة، كما هي دائمًا. ظلت ذكرى الطفل هاجس يُراودني. افترقنا وجمعتنا الكوابيس. أحلم بنساء مربوطات بحبال ومُعلقات من أرجلهن، مثلي تمامًا. وأغزل الكروشيه وأقص خيوطه. لأكتشف في كل مرة أني أنسجها حولي، وأني أتلاشى داخلها بأوجاعي وأفكاري الانتحارية واكتئابي. أقص الخيوط لأعقُدها، فلا تنفك. أقصها وأقص معها كل صرخة صرختها ذلك اليوم ليقطعوا عني حبل خلاصي، فأخلص. «أنا الحبل اللي بيني وبينه ما كُنتش لاقيه حد يقطعه. لسه أنا وهو مربوطين ببعض. حتى بعد ما طلع ومات. عرفت إن الخلاص ده مش خلاص. مفيش خلاص. التجربة دي مفيش منها خلاص». الصورة المرفقة لـ رنا رفيق
التغطية في غياب المعلومات الرسمية.. بين ما تريده الدولة وما يصل إليه الإعلام هبة عفيفي وعمر سعيد ٢٣ أكتوبر ٢٠١٧ «تجاهل الاستفسارات الإعلامية وعدم الرد على الطلبات وعدم توفير أي معلومات يقوض شفافية ودقة وإنصاف وحياد التغطية. يجب توفير المعلومات حتى لا يضطر الصحفي للبحث عن مصادر أخرى»، هكذا علّق فولكر شفينك، مدير مكتب التليفزيون اﻷلماني بالقاهرة على الاتهامات التي وجهتها الهيئة العامة للاستعلامات، فضلًا عن عدد من التقارير ومقالات الرأي في الصحف المصرية، للوكالات الأجنبية التي تناولت أخبار الهجوم اﻷخير الذي شهده طريق الواحات مساء الجمعة. كانت أنباء هجوم إرهابي في طريق الواحات قد بدأت في التواتر منتصف يوم الجمعة الماضي، دون وجود أي إفادات رسمية بهذا الشأن، قبل أن تبدأ مواقع الصحف المصرية والوكالات الأجنبية في نقل أخبار عن الاشتباكات، اعتمد معظمها على ما وصف بـ «مصادر أمنية»، في حين اعتمد بعضها على ما نقلته وكالة رويترز تحديدًا. وفي حين بدأت اﻷخبار بمقتل ثلاثة شرطيين، ارتفع العدد بعد ذلك إلى ١٤، ثم إلى ٢٠، ثم ٣٠، لتنشر الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية بيانًا حول الواقعة في العاشرة من مساء اليوم نفسه، لم تذكر فيه أية أرقام للضحايا، لتستمر المواقع الإخبارية المصرية واﻷجنبية في الاعتماد على «مصادرها اﻷمنية»، التي ارتفع العدد بحسبها إلى ما يزيد على ٥٠ مع حلول منتصف الليل. وفي الثامنة من مساء اليوم التالي، السبت، نشرت وزارة الداخلية بيانًا عن الهجوم، قالت فيه إن عدد القتلى بين صفوفها هو ١٦ شرطيًا فقط، فضلًا عن ضابط مفقود، بخلاف وجود ١٥ قتيلًا بين صفوف العناصر المسلحة. عقب بيان الداخلية بساعات شن ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، أثناء استضافته في برنامج هنا العاصمة على قناة سي بي سي، هجومًا على وكالة رويترز للأنباء، وشبكة بي بي سي، قبل أن تصدر الهيئة بيانًا بالمعنى نفسه، يدين تغطية الوكالة والشبكة العالميتين للحادث. واستنادًا للفارق في رقم الضحايا بين ما أعلنته الوكالات وما أعلنته وزارة الداخلية، وصفت «العامة للاستعلامات» كلًا من رويترز وبي بي سي بـ «عدم الدقة»، كما طالبتهما بنفي ما نشرتاه من أرقام والإلتزام بالحصيلة الرسمية الواردة في بيان الداخلية. وفي حين اعتبر رشوان أن تأخّر وزارة الداخلية في الإعلان عن المعلومات بشأن الهجوم كان مبررًا لاعتماد المؤسستين على مصادر خارجية. إلا أنه شكك في معرفة مصادر المؤسستَين بما جرى خلال الهجوم، مضيفًا أنه طالب مدير مكتب إحداهما بـ «رفد المصدر الذي يتعامل معه». وكرر المجلس اﻷعلى للإعلام المعنى نفسه الذي قاله رشوان حين اعتبر في اجتماع عقده أمس اﻷحد أن «غياب المعلومات لعدة ساعات ليس مبررًا لاستخدام الشائعات المنسوب صدورها لمصادر مجهولة، خاصة فيما يتعلق بأحداث تمس الأمن القومي للبلاد». وفيما اكتفت وزارة الداخلية بالبيانين اللذين أصدرتهما بخصوص الواقعة، استمرت الصحف المصرية في نشر تغطيات للحادث تضمنت تحليلات ﻷسباب حدوثه وملابساته، اعتمدت فيها على مصادر أمنية. من جهته، قال مدير مكتب التليفزيون الألماني لـ «مدى مصر» إن الممثلين الرسميين لوزارة الداخلية لم يردوا على استفساراتهم طوال يوم حادث طريق الواحات. وأضاف شفينك أن بعض ممثلي الداخلية أنهوا الاتصال بالصحفيين أثناء المكالمات. ولم تملك «الاستعلامات» معلومات تمد الصحفيين بها، بحسب شفينك. فضلًا عن إتاحة معلومات قليلة للتليفزيون المصري تضمنت قائمة بأسماء الضحايا ومقاطع فيديو لموقع الحادث، نشرها التليفزيون عصر السبت. لم يكتفي بيان هيئة الاستعلامات بإدانة الوكالات اﻷجنبية في مسألة اﻷرقام فقط، بل انتقد كذلك اللغة المستخدمة في التغطية الخبرية. لام بيان الهيئة على بي بي سي تعليقها على اقتباس من بيان الداخلية حول الواقعة بـ «العناصر التي وصفتها بالإرهابية»، ما اعتبرته الهيئة إشارة إلى عدم موافقة الشبكة على وصف الوزارة لمنفذي الهجوم بـ «الإرهابيين»، ولام على رويترز كذلك استخدامها لفظ militants، (مقاتلين) التي اعتبرها رشوان تحمل مدلولًا إيجابيًا بدلًا من «إرهابيين». رشا عبد الله، الأستاذ المساعد والرئيس السابق لقسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكية في القاهرة، قالت لـ «مدى مصر » إن المعيار المهني يفرض على الصحفي استخدام ألفاظ حيادية مثل «قتيل» أو «مقاتل» بدلًا من الألفاظ المحملة بالأحكام؛ «شهيد» و «إرهابي». وأضافت «من حق المواطن أن يحتسب القتلى عند الله شهداء ولكن الصحفي لا يملك أن يقول ذلك». بدوره، اعتبر أحد المراسلين اﻷجانب في مصر أن بيان الهيئة العامة للاستعلامات ينمّ عن «أسلوب أبوي، فضلًا عن التحدث بشكل مهين إلى المراسلين الأجانب». المراسل، الذي تحدث لـ «مدى مصر» مفضلًا عدم ذكر اسمه، أضاف موضحًا «عندما يقع حادث كبير تهاجم الدولة مَن ينقل المعلومات بدلًا من المسؤول عنه، وذلك في محاولة من جانبها لإخفاء ما جرى». وأشار المراسل نفسه إلى أن الصحفيين أصبحوا يلجأون إلى مصادر أخرى غير بيانات وزارة الداخلية للتأكد من دقة المعلومات، وذلك بعدما فقدت بيانات وزارة الداخلية مصداقيتها، وذلك بعد أن تبيّن نشرها لمعلومات غير صحيحة في حوادث سابقة مثل «مقتل الطالب الإيطالي جيوليو ريجيني» أو «تفاصيل المعارك الدائرة في شمال سيناء». من جانبه قال محمود كامل، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إن المسئول عن التجاوزات أو الضعف في التغطية هو الجهة الرسمية التي لم تتح معلومات تسمح للإعلامي بنقل الصورة للمواطن. وأضاف أن التعتيم الذي حدث يؤكد على أهمية إصدار قانون حرية تداول المعلومات، والذي يعمل المجلس «الأعلى لتنظيم الإعلام» على إعداد مسودته حاليًا. فيما أشار كامل إلى تضاؤل قدرة اﻹعلام المحلي على التغطية المهنية، وذلك بعد استبعاد الكثير من الإعلاميين لأسباب سياسية فضلًا عن تصدير «مَن لا علاقة لهم بالمهنة ومَن لا يلتزمون بأبسط قواعد المهنية أو مواثيق الشرف الصحفي»، حسب تعبيره. كان المجلس الأعلى للإعلام قد انتقد في بيانه أمس ما وصفه بالتجاوزات من جانب الإعلام في تغطية «هجوم طريق الواحات» منها ظهور «خبراء روجوا لقصص لا أساس لها من الصحة». كما أصدرت نقابة الصحفيين من جانبها بيانًا، أمس اﻷول، لإدانة الحادث الإرهابي، دعت فيه المواطنين للإبلاغ للجهات الأمنية الشرطية أو العسكرية عن أي «تجمعات» أو «تحركات تثير الريبة». وهو البيان الذي قال محمود كامل لـ «مدى مصر» إنه صدر دون تشاور بين أعضاء المجلس. بينما قال سكرتير النقابة حاتم زكريا لـ «مدى مصر» إن البيان «صدر بشكل عاجل، ولا خلاف بشأن ما جاء فيه». وأضاف « إيه المشكلة.. كل المواطنين لازم تعمل كده (الإبلاغ عن أي تجمع). في ٢٥ يناير لما كنّا نشك في حد كنا بنسلمه لقوات الجيش». في الوقت نفسه أشارت رشا عبد الله إلى أن مناخ العمل في مصر، وبشكل خاص التغطية الصحفية للمناطق التي تحجم السلطات من حرية الوصول إليها مثل شمال سيناء أو مناطق العمليات بالصحراء الغربية، تجعل السبيل الوحيد أمام الصحفي للوصول إلى المعلومات هو اللجوء لمصادر غير معلنة. مما يحقق للمواطن حق المعرفة. وأضافت «لا توفر السلطات المعلومات، ولا يستطيع الصحفي التواجد بنفسه في مكان الحدث أو الاستعانة بشهود عيان، وذلك لخلو المناطق المستهدفة من التغطية الصحفية من السكان في حالة شمال سيناء أو المناطق الصحراوية». كما أوضحت الأستاذ بالجامعة الأمريكية أن المؤسسة الإعلامية تضع معاييرها الداخلية التي تحكم سياسة نشرها واستخدامها لمعلومات بعد التأكد من صحة المعلومات عن طريق مصدرين مختلفين. فيما اعتبر المدرب الإعلامي ياسر عبد العزيز أن استراتيجية الاتصال التي تتبعها الدولة حاليًا، في مواكبة الحرب على الإرهاب، تقوم «على ثلاثة مرتكزات أساسية، أولها التعتيم والتحفظ فى نشر أخبار الإرهاب ووقائع المواجهة معه، وثانيها السيطرة على مصادر الأخبار والمعلومات المتداولة فى هذا الصدد، عبر قصرها على المصادر الرسمية دون سواها، وثالثها «التقديم الإيجابى» للوقائع والأحداث، بما يخدم الروح المعنوية للقوات النظامية والمؤسسات والمواطنين». وفي مقاله المنشور بجريدة «الوطن» اليوم، اعتبر عبد العزيز أن «تلك الاستراتيجية فى حاجة إلى مراجعة لثلاثة أسباب رئيسة، أولها أن التعتيم والتحفظ لم يعد هدفاً قابلاً للتحقق بسبب التغيرات التى طرأت على المجال الاتصالى، والدور المتصاعد لـ«السوشيال ميديا». وأضاف أنه «بموازاة ما يصدر عن المصادر الرسمية بشكل رسمى، هناك ما يصدر عن تلك المصادر نفسها بشكل غير رسمى، وهناك أيضاً الطرف الآخر فى المواجهة الإرهابية، الذى يمتلك آلته الإعلامية الفعالة، بالإضافة بالطبع إلى المصادر الإعلامية والمعلوماتية الأخرى، وبعضها كما أسلفنا يقف فى معسكر المناوءة، وبذلك لا توجد فرصة للتعتيم غالباً». ورأى عبد العزيز كذلك أنه «لم يعد بالإمكان إلزام التغطيات الإخبارية المواكبة للعمليات الإرهابية بقصر التزود بالمعلومات على المصادر الرسمية، لأن تلك المصادر تتباطأ أحياناً، وتمتنع فى أحيان أخرى، وفى كل الأحوال فإنها تقدم جانباً واحداً من الصورة، ما يفرض على وسائل الإعلام أن تسعى إلى تغطية جوانب أخرى من مصادر معتبرة حتى وإن لم تكن رسمية». فضلًا عن أن «مفهوم «التقديم الإيجابى» الذى تعتمده الاستراتيجية الاتصالية بداعى المحافظة على الروح المعنوية للدولة والقوات النظامية والجمهور، ثبت أنه لم يعد إيجابياً… لأن الجمهور عادة ما يترك هذا النمط من المعالجة، بعدما يتيقن من أنه أخفق فى المعرفة من خلاله، ويلجأ مباشرة إلى أنماط أداء أخرى، تبقيه أكثر علماً بما يجرى من تطورات مهمة، والأخطر من ذلك، أنه يفقد الثقة فى المنظومة الإعلامية الوطنية بأكملها». كان أبريل الماضي قد شهد انتقاد الرئيس عبد الفتاح السيسي للتغطية الإعلامية لحادثتي تفجير كنيستي المرقصية بالإسكندرية، ومار جرجس في طنطا، مطالبًا القنوات الفضائية بالتوقف عن بث مشاهد تفجيرهما، وهو ما امتثلت له القنوات بالفعل بعدما كانت تذيع مشاهد التفجير بشكل مكرر. ويتصدر المشهد الإعلامي في مصر حاليًا هيئة الاستعلامات، وهي هيئة حكومية تتبع رئاسة الجمهورية وهي المسؤولة عن تنظيم عمل الصحافة اﻷجنبية في مصر، فضلًا عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الذي يترأس كلًا من «الهيئة الوطنية للصحافة» و«الهيئة الوطنية للإعلام»، والمشكلين بقرارات جمهورية من السيسي في أبريل الماضي. في الوقت نفسه يعاني عدد من المواقع الإخبارية، من بينها «مدى مصر»، ومنصات إلكترونية أخرى، من الحجب في مصر. ورصد تقرير قرار من جهة مجهولة، الصادر عن مؤسسة «حرية الفكر والتعبير»، مطلع الشهر الجاري، وصول عدد المواقع إلى ٤٣٤ موقعًا.
قبل لقاء السيسي وماكرون.. منظمات حقوقية عالمية تطالب الرئيس الفرنسي بإدانة الانتهاكات في مصر مدى مصر ٢٣ أكتوبر ٢٠١٧ في أولى أيام زيارة للرئيس عبد الفتاح السيسي لفرنسا والتي تتضمن أول لقاء له مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أصدرت عدة منظمات حقوقية عالمية اليوم، الإثنين، بيانًا تطالب فيه ماكرون بإدانة الانتهاكات الحقوقية التي تمارسها الحكومة المصرية، وأخذها في الاعتبار قبل التوقيع على اتفاقيات تعاون وسلاح جديدة. ونددت المنظمات الموقعة على البيان وهي مراسلون بلا حدود والشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان وكورديناسيون سود والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، باستمرار تصدير فرنسا معدات عسكرية لمصر في ظل القمع المستمر للمدافعين عن حقوق الإنسان. وفي بيان منفصل، طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش حكومة ماكرون بالتوقف عما أسمته «سياسات فرنسا المخزية» تجاه مصر، وطالبت ماكرون باستغلال اجتماعه الأول مع السيسي كـ «فرصة لمراجعة الدعم الاقتصادي والأمني ​​والعسكري المقدم من فرنسا إلى الحكومة المصرية، وجعل ذلك الدعم مشروطًا بتحسن ملموس للحقوق». وأوضح بيان هيومن رايتس ووتش أن مصر من أكبر مستوردي الأسلحة من فرنسا، وأن مصر قد وقعت صفقات شراء أسلحة ومعدات عسكرية مع فرنسا بقيمة ١٠ مليارات دولار منذ ٢٠١٤. كانت الإدارة الفرنسية السابقة بقيادة فرنسوا هولاند واجهت انتقادات مماثلة بسبب علاقتها الودية مع مصر واتفاقات تصدير الأسلحة بين البلدين التي تمت دون التفات من الحكومة الفرنسية للانتهاكات الحقوقية بمصر. وطالبت المنظمات في بيانها اليوم فرنسا بالالتزام بـ «الموقف المشترك للمجلس الأوروبي» الذي وقعته في ٢٠٠٨ والذي يتطلب «منع إصدار رخصة تصدير إذا كانت هناك مخاطر واضحة لاستخدام التكنولوجيا العسكرية أو المعدات التي سيتم تصديرها للقمع الداخلي» أو «في ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني». كان الكاتب الصحفي الفرنسي آلان جريش، رئيس التحرير السابق لجريدة «لو موند ديبلوماتيك»، فسر في حوار سابق مع «مدى مصر» استمرار العلاقات الودية بين مصر وفرنسا رغم توتر العلاقات مع بلدان أوروبية أخرى مع تصاعد القمع داخل مصر قائلاً «المبرر العلني في فرنسا للتحالف بين النظامين هو الحرب على الإرهاب، وأن مصر حليف قوي في هذه الحرب. لكن في الواقع فإن الجانب الأكثر أهمية في هذه العلاقة هو الاقتصاد. تحت الظروف الاقتصادية السيئة في فرنسا استطاعت عقد صفقة بيع طائرات الرافال، بعد أكثر من عقد من الزمن دون بيع أي منها، بالإضافة لبيع معدات عسكرية أخرى». يتضمن برنامج زيارة الرئيس لفرنسا والتي تستغرق ثلاثة أيام، مقابلات مع رئيسيّ الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ الفرنسيَّين، بالإضافة للقاءات مع كبار رجال الأعمال. كانت الحكومة المصرية قد شنت هجمة عنيفة على المجتمع المدني والعاملين في حقوق الإنسان في السنوات الماضية تضمنت فرض منع سفر وتحفظ على أموال عدد كبير من العاملين بحقوق الإنسان المتهمين بتلقي تمويل أجنبي بشكل غير مشروع في القضية رقم ١٧٣ لعام ٢٠١١ التي ما زال التحقيق فيها مستمرًا.