مدى مصر

خالد علي وجنينة ويحيى قلاش كيف تنكّل بخصومك دون أن تُحاسَب محمد عادل سليمان ٥ أكتوبر ٢٠١٧ أصدرت محكمة جنح الدقي مؤخرًا حكمًا ضد المحامي والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية خالد علي، بالحبس لمدة ثلاثة أشهر، مع كفالة ألف جنيه لإيقاف تنفيذ الحكم لحين صدور حكم الاستئناف، وذلك على خلفية اتهامه بخدش الحياء العام، بسبب صورة يُزعم أنها التُقطت له أثناء احتفاله عقب حصوله مع محاميين آخرين على حكم يقضي ببطلان اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية، والمعروفة إعلاميًا بـ«قضية تيران وصنافير». محاكمة دون ضمانات وتسييس للعدالة منذ توجيه هذه التهمة الملفقة لخالد، تضمنت إجراءات التحقيق معه ومحاكمته العديد من الخروق القانونية. ففي ٢٣ مايو ٢٠١٧، مثُلَ خالد علي للتحقيق للمرة الأولى على ذمة القضية، وعندما طالب بالاطلاع على البلاغ وملف القضية، رفض رئيس النيابة طلبه دون إبداء أسباب، ما دفع خالد للتمسك بحقه الدستوري في الصمت. إلا أن تمسك خالد بحقه هذا أدى لحبسه لمدة ٢٤ ساعة بقسم الدقي بدعوى استكمال التحقيق في اليوم التالي، ثم فوجئ الجميع بإخلاء سبيله بكفالة قدرها ألف جنيه مع إحالة القضية إلى المحكمة، دون استكمال أي تحقيقات، وكأن الهدف ليس إلا التنكيل به وإيداعه الحبس ليوم كامل دون أي داع قانوني أو عملي أو إجرائي. أما المحاكمة نفسها فقد شهدت إهدارًا فجًا لحق الدفاع، إذ لم تُلبِ المحكمة طلبات فريق الدفاع وحكمت دون إبداء مرافعات. وطبقًا لما رواه مالك عدلي، عضو فريق الدفاع، فقد فاجأ القاضي فريق الدفاع بالحكم في القضية دون مرافعة، رغم تقديم المحامين طلبات للمحكمة ورغم تجاوب القاضي مع طلباتهم هذه، ولكن بدلًا من الاستجابة لها فوجئوا بإصدار الحكم. يردف مالك عدلي قائلًا «حضرنا الجلسة، وأبدينا اعتراضاتنا على محتوى التقرير الفني الصادر من قطاع الإذاعة بالتليفزيون –والذي انتهى إلى صحة الفيديو المقدم كدليل إدانة باعتبار أن من أعدّوه قد أدلوا بمعلومات خاطئة ومستحيلة علميًا وعمليًا». وتابع «طعنا بالتزوير علي خطاب الإذاعة والتليفزيون الذي أرسل للمحكمة لتبيان هوية ووظائف وتخصصات القائمين على التقرير، باعتبار أن رئيس تلك اللجنة قد أجاب المحكمة في محضر رسمي بجلسة سابقة بأنه ‘فني صوت’، ولاحظنا ولاحظت المحكمة فشله في تشغيل جهاز حاسب آلي لعرض الأسطوانة المحرزة في القضية.» فوجئ بعدها فريق الدفاع، كما أضاف مالك، بخطاب من ماسبيرو يؤكد أن الفني ليس «فني صوت»، كما قال هو نفسه من قبل، وإنما «فني صوت وصورة ومونتاج»، وهو ما يستحيل عمليًا لكون هذه الوظيفة غير موجودة أساسًا في هذا القطاع، بحسب توصيف الهيكل الوظيفي لقطاع الإذاعة الهندسية بماسبيرو. ملابسات تحريك الدعوى القضائية ضد المرشح المستقبلي بينما حبس النظام الحالي عشرات الشباب من المدافعين عن مصرية الجزر، إلا أنه، وعلى مدار الصراع القضائي، الذي استمر لمدة تسعة أشهر، صدر فيها ما يزيد على عشرة أحكام لصالح فريق الدفاع عن مصرية الجزر، لم يقترب قط من خالد علي في هذه المعركة القضائية بالغة الحساسية للنظام المصري. بعد صدور أي حكم لصالح فريق الدفاع عن مصرية الجزر، كانت تثور نداءات على مواقع التواصل الاجتماعي بترشح خالد علي لرئاسة الجمهورية، ومع هذا، لم يعبر خالد علي قط عن نيته في الترشح لرئاسة الجمهورية، وإنما كان كل ما قاله عن هذا الموضوع، في فبراير ٢٠١٧ ومن خلال حوار مطول مع وكالة «الأسوشييتد برس»، هو «بالطبع أنا مرشح محتمل.. ولكن حتى الآن لم أتخذ قرارًا نهائيًا». تزامنت تصريحات خالد هذه مع تحركات من بعض شباب الأحزاب السياسية لمعاودة النشاط الحزبي في المحافظات المختلفة، حيث أعطاهم حكم «تيران وصنافير» دفعة جديدة للعمل، ومثّل لهم الانتصار المؤقت في قضية «تيران وصنافير» حافزًا كبيرًا للمواصلة، شن النظام حملة أمنية واسعة في عدد من المحافظات، تجاوز عددها العشر، وقبض فيها على عدد من النشطاء مع شباب منتمين لأحزاب مختلفة، تخطى عددهم في ذلك الحين الثلاثين شابًا. وبالتزامن مع ذلك، حركت النيابة العامة بلاغًا كان سبق وتقدم به محام موال للنظام المصري في يناير ٢٠١٧، بعد صدور حكم المحكمة الإدارية العليا، متهمًا فيه خالد بخدش الحياء العام، بالقيام بـ«إشارة بذيئة» بأصابعه أمام محكمة مجلس الدولة أثناء احتفاله بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا ببطلان تنازل الحكومة المصرية عن جزيرتي تيران وصنافير. يفسر هذا تحريك البلاغ ضد خالد الآن، رغم وجوده لدى النيابة منذ أربعة أشهر كاملة، كما يشير لوجود علاقة بين تحريك البلاغ، وتصريح خالد علي عن كونه «مرشحًا محتملًا» للانتخابات الرئاسية القادمة. إيجاد مانع قانوني لعزل خالد عن الانتخابات الرئاسية لا يسعى النظام السياسي المصري فقط للسيطرة على مقاليد الأمور والحكم، وإنما يسعى أيضًا لتوحيد الخطاب السياسي، سواء الصادر عن الحكومة أو المعارضة، حيث يحاول السيطرة على الإعلام ومصادرة الصحف وحجب المواقع الإلكترونية. ولكن يبدو أن هذا كله غير كاف، وأن السلطة الحالية تسعي لتأميم خطاب مرشحي الانتخابات أيضًا، فلن تسمح لمن يمثل خطابهم خرقًا للخطاب السائد بمجرد الترشح والمنافسة، وليس بالفوز في الانتخابات بالطبع. طبقًا لنص المادة ١٤١ من الدستور، يجب أن تتوفر في المرشح لرئاسة الجمهورية عدة شروط، هي أن يكون مصريًا من أبوين مصريين، وألا يكون قد حمل، أو أي من والديه أو زوجه، جنسية دولة أخرى، وأن يكون متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، وأن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أُعفي منها قانونًا، وألا تقل سنه يوم فتح باب الترشح عن أربعين سنة ميلادية. ولكن هناك شروطًا أخرى يشترطها قانون الانتخابات الرئاسية، ومن بينها ألا يكون قد حُكم على المرشح في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، ولو رد إليه اعتباره. ما يعني أن إدانة خالد في هذه القضية الملفقة وصدور أي حكم ضده، حتى لو كان مشمولًا بوقف التنفيذ، سيكون مانعًا من الترشح للانتخابات. على خطى التنكيل بالمعارضين ما يحدث مع خالد الآن هو سيناريو متكرر لمنهج نظام ٣٠ يونيو في التعامل مع المعارضين له أو لسياساته، فقد سبق وأن جرى التحقيق مع المستشار هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، أعلى جهاز رقابي مصري. أدين جنينة بسبب تصريحاته عن حجم الفساد، ما اعتبره النظام ينال من مصداقيته، حيث أصدرت محكمة جنح القاهرة الجديدة حكمًا بحبسه سنة وتغريمه عشرين ألف جنيه، بتهمة نشر أخبار كاذبة عن الفساد وكفالة عشرة آلاف جنيه لوقف التنفيذ، وهو الحكم الذي أيدته محكمة جنح مستأنف القاهرة الجديدة، بعد أن رفضت الاستئناف المقدم من جنينة. هذا نفسه ما جرى مع نقيب الصحفيين واثنين من أعضاء المجلس، حيث جرى التحقيق معهم وإدانتهم بسبب قيامهم بدورهم النقابي في حماية صحفيين معرضين للاعتقال، وبسبب اعتراضهم على اقتحام قوات الأمن للنقابة، وأصدرت محكمة جنح مستأنف قصر النيل عليهم حكمها القاضي بقبول استئناف نقيب الصحفيين السابق يحيى قلاش، وعضوي المجلس خالد البلشي أمين لجنة الحريات السابق بالنقابة وجمال عبد الرحيم وكيل النقابة السابق وعضو المجلس الحالي، شكلًا، أما على مستوى الموضوع فقد حكمت المحكمة بتخفيض العقوبة إلى سنة مع إيقاف التنفيذ. السيناريو المتوقع وقف تنفيذ العقوبة عند الحكم في جناية أو جنحة بالغرامة أو بالحبس لمدة لا تزيد عن سنة، أجاز قانون العقوبات للمحكمة أن تأمر في نفس الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة إذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود لمخالفة القانون، كما ألزم القانون المحكمة بتبيان أسباب إيقاف التنفيذ في الحكم. ويجوز للمحكمة أن تجعل الإيقاف شاملًا لأية عقوبة تبعية ولجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم، على أن يكون الأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائيًا. ويجوز إلغاؤه إذا صدر ضد المحكوم عليه في خلال هذه المدة حكم بالحبس أكثر من شهر، عن فعل ارتكبه قبل الأمر بالإيقاف أو بعده. هكذا يكون القانون قد أعطى المحكمة صلاحية وقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات، بشرط ألا تصدر ضد المحكوم عليه أي أحكام أخرى خلال مدة الثلاث سنوات، وإلا أُلغي وقف التنفيذ. ما يعني أن ارتكاب المحكوم عليه لأي جريمة أخرى، تقتضي الحبس لمدة أكثر من شهر، يترتب عليه تنفيذ حكم الجريمة الجديدة، وإلغاء وقف تنفيذ العقوبة القديمة وتنفيذها هي الأخرى، ويبقى الأمر كذلك طوال الثلاث سنوات. خلال السنوات الثلاث الماضية، دأب النظام على استخدام ترخيص وقف العقوبة لمواجهة خصومه السياسيين، فرخّص لنفسه الاعتداء على فلسفة التشريع ذاته. وبعد أن كان هدف المشرع من إعطاء صلاحية وقف تنفيذ العقوبة للمحكمة هو إعمال روح القانون، بدأ النظام يتعامل مع هذا الظرف المخفف باعتباره وسيلة للتنكيل بخصومه، مع عدم إمكانية محاسبته في الوقت نفسه، لا سيما عندما تتعلق المواجهة بسوابق لم تجرؤ أي من الأنظمة السابقة على الاقتراب منها، كحبس نقيب الصحفيين أو رئيس أعلى جهاز رقابي بمصر. على ضوء هذا، لا نستبعد أن توقف محكمة الاستئناف تنفيذ العقوبة الصادرة بحق خالد علي، كما حدث مع نقيب الصحفيين ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، ليحقق النظام بهذا أمرين؛ الأول هو الإطاحة بخالد من المنافسة في الانتخابات، والثاني هو الحفاظ على صورته التي قد تتأثر بحبسه. ولا تبقى إلا الإشارة لكون الحكم على خالد قد صدر من نفس القاضي الذي سبق وأصدر العام الماضي حكمًا بالحبس لخمس سنوات وغرامة مائة ألف جنيه على متظاهرين اعترضوا على الاتفاقية نفسها، والخاصة بإعادة ترسيم الحدود البحرية، ما يقدم دليلًا جديدًا على الحالة المتردية التي وصلت لها مؤسسة العدالة في مصر، من حيث تسييس العملية القضائية وإهدار أبسط قواعد العدالة، وتوظيف القضاء في الانتقام من الخصوم السياسيين.
«إنترسبت» الإمارات دفعت ٣ ملايين دولار نظير حملتي دعاية للرئاسة المصرية والسفارة في واشنطن مدى مصر ٥ أكتوبر ٢٠١٧ نشر موقع إنترسبت أمس، اﻷربعاء، رسائل بريد إلكتروني لسفير اﻹمارات في واشنطن يوسف العُتيبة كشفت تفاصيل التكلفة التي تحملتها دولة اﻹمارات العربية المتحدة نظير عمل شركة علاقات عامة أمريكية في حملتين لتحسين صورة الحكومة المصرية خلال عامين منذ نهاية ٢٠١٣ وحتى نهاية ٢٠١٥. وكشفت الرسائل أن التكلفة التي تحملتها الإمارات تمثل أتعاب العام الثاني من حملتين قامت بهما مجموعة جلوفر بارك Glover Park Group في واشنطن، اﻷولى لصالح السفارة المصرية هناك، وبلغت تكلفتها ٢.٢٥ مليون دولار، والثانية لصالح الرئاسة المصرية بلغت تكلفتها ٤٨٥ ألف دولار، بحسب رسالة بعثها ريتشارد مينتز، المسؤول بمجموعة هاربور للضغط، إلى العتيبة في اﻷول من يوليو ٢٠١٥. وبحسب رسالة من العتيبة إلى جويل جونسون من مجموعة جلوفر بارك في ديسمبر ٢٠١٥، فإن اﻹمارات حولت مبلغ ٢.٧ مليون دولار إلى القاهرة لتغطية التكلفة، وذلك بسبب مخاوف من مخالفة قانون تسجيل الوكلاء اﻷجانب اﻷمريكي FARA والذي يشترط سداد التكاليف بواسطة طرف التعاقد وليس أطراف أخرى لا ينص عليها العقد. وأكد جونسون أن الشركة حصلت على مبلغ تجاوز ثلاثة ملايين دولار بعد التحويل اﻹماراتي. كانت مؤسسات حكومية مصرية مختلفة قد تعاقدت مع عدد من شركات العلاقات العامة في الولايات المتحدة منذ اﻹطاحة بالرئيس اﻷسبق محمد مرسي وتولي الرئيس السيسي مسؤولية الحكم. مجموعة جلوفر بارك كانت ضمن هذه الشركات، وتعاقدت معها الحكومة المصرية في أكتوبر ٢٠١٣. وأوضح بيان للخارجية المصرية وقتها أن الهدف من التعاقد هو تطوير الأدوات المتاحة لدى الحكومة المصرية للتواصل مع مختلف مراكز صنع القرار في الولايات المتحدة، على أن «تقوم الحكومة المصرية بتحديد مضمون الرسالة المراد توجيهها والأطراف المستهدفة سواء في الإدارة الأمريكية أو الكونجرس أو مراكز الأبحاث أو وسائل الإعلام، فضلاً عن تحديد الوسائل الخاصة بنقل هذه الرسائل وفقاً للمصلحة الوطنية المصرية». وأوضح بيان الخارجية أن هذا التعاقد لا يكلف الحكومة المصرية أي أعباء مالية، لكنه لم يوضح الجهة التي ستتحمل هذه اﻷعباء. وإلى جانب تحمل التكاليف المادية، نشر تقرير إنترسبت رسائل أظهرت تصدر العتيبة للدفاع عن السيسي في واشنطن في أوساط المراكز البحثية ووسائل اﻹعلام. آخر هذه المناسبات كان إبان زيارة السيسي لواشنطن في أبريل الماضي، حيث أرسل العتيبة إلى مايكل كراولي، الصحفي بمجلة بوليتيكو، عتابًا بعد نشر اﻷخير مقالًا صحفيًا بعنوان «ترامب يرحب بالدكتاتور المصري»، هاجم فيه انتهاكات حقوق اﻹنسان في مصر. واتهم العتيبة كراولي أنه «يحمل شيئًا ضد السيسي». كما أرسل العتيبة رسالة أخرى إلى إليوت أبرامز، الدبلوماسي السابق في إدارتي رونالد ريجان وجورج بوش، دافع فيها عن السيسي قبل يوم من شهادته حول الوضع في مصر في جلسة استماع عقدها الكونجرس اﻷمريكي في أبريل الماضي. وقارن العتيبة في رسالته بين موقف الولايات المتحدة المختلف من كل من الرئيس التركي، رجب أردوغان، والسيسي، معتبرًا أن الولايات المتحدة تغض الطرف عن انتهاكات أردوغان بسبب عضوية تركيا في حلف الناتو. كانت تقارير صحفية مختلفة كشفت عن مساعدات كبيرة، مادية ودبلوماسية، قدمتها اﻹمارات إلى حكومة السيسي خلال اﻷعوام الماضية. في يوليو الماضي، كشف تحقيق نشرته مجلة تيليراما الفرنسية عن إهداء اﻹمارات لمصر نظامًا للمراقبة الإلكترونية واسعة النطاق اسمه «سيريبر» تطوره شركة فرنسية تدعى «آميسيس»، وتكلف ١٠ ملايين يورو، في مارس ٢٠١٤.
«عندي صورة» بين رومانسية السينما وسلطوية الصناعة مداخلتان حول فيلم محمد زيدان التسجيلي بسام مرتضى وأحمد رفعت ٤ أكتوبر ٢٠١٧ بعد سبع سنوات من العمل على صناعة «عندي صورة الفيلم رقم ١٠٠١ في حياة أقدم كومبارس في العالم» جاء العرض الأول لفيلم المخرج محمد زيدان في الدورة الأولى لمهرجان الجونة، ليفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي عربي. فتح العمل نقاشًا في الوسط السينمائي، حول المشاكل التي تواجهها الأفلام التسجيلية في مصر، وحول سلطوية صناعة السينما بشكل عام. في هذا التقرير، نَعرِض مداخلتين عن الفيلم، تتكفل كلًا منهما بمناقشة إحدى هاتين الزاويتين، ومساءلة الفكرة الرومانسية عن فن السينما. فيلم طازِج تكبّله سنوات التطوير بسام مرتضى بسبب طول رحلته في صناعة فيلمه التسجيلي الطويل الأول «عندي صورة»، يعرف الوسط السينمائي جيدًا اسم «محمد زيدان»، المشهور أيضًا بكونه «أرشيفًا سينمائيًا متنقلًا»، يحفظ عن ظهر قلب الأسماء المكتوبة على تترات الأفلام، خاصة فترتي الستينيات والسبعينيات، مستغلًا تلك المعرفة في تأليف فوازير تثري السهرات والنقاشات السينمائية، فيفاجِئ أصدقاءه بتذكّره لأسماء أكثر زملاء الصناعة هامشية، من مساعدي «الكلاك» وحتى مصممى تترات المقدمة والنهاية. ومنذ سنوات عدة، ينتظر الجميع من زيدان الانتهاء من فيلمه التسجيلي، الذي يحكي قصة أحد أشهر الكومبارسات في تاريخ السينما المصرية، مطاوع عويس. بدأ زيدان رحلة بحثه الماراثونية بين أكثر من ألفي فيلم للعثور على مشاهد الممثل الثانوي، والتي يعبر فيها خلف البطل، صامتًا أغلب الوقت. يبدأ الفيلم بمشاهد عويس الكلاسيكية في أرشيف السينما، ما يربطه سريعًا بذاكرة المشاهد. ويعيد زيدان مشهد مساعدة عويس لفاتن حمامة في الصعود للقطار الذي يستقلّه صالح سليم في نهاية فيلم «الباب المفتوح»، في إشارة ملحة لدور عويس المحوري والمؤثر في الفيلم وفي الذاكرة المصرية. يحتفي فيلم «عندي صورة» بالسينما كصناعة. يحقق زيدان حلمه بصناعة الفيلم عبر المرور بخفة على كل عناصر صناعة الأفلام، مستعرضًا إياها لتصبح كلها مفكَّكة ومفتوحة أمام الكاميرا. وتساعده على تحقيق هذا الطموح الشخصية المحورية الثانية في الفيلم، «كمال الحمصاني»، الذي عمل كمساعد مخرج في العديد من الأفلام، وتوقف عن العمل منذ سنوات طويلة، واستعان به زيدان للعمل مساعدًا له، لكن من أمام الكاميرا، بحيث يشاهد المتفرج كل مراحل تطور الفيلم أمامه بكل ربكتها وعفويتها، ما يفتّت قدسية الصورة النهائية اللامعة المكتملة على شاشة العرض. يستعرض الفيلم جميع مراحل الرحلَة، من انتقاء مواقع التصوير، لاختيار الزوايا وأحجام اللقطات، وحتى كواليس إعادة تسجيل الصوت «الدابينج» مع مصمم شريط الصوت «مايكل فوزي»، والحوارات الجانبية الكلاسيكية الطريفة عن فن تكوين الصورة، وعلاقة المخرج بالمساعدين، بل وأيضًا التوجيهات المبتذلَة التي يلقّنها الحمصاني لعويس، لمعاونته على تقمُّص شخصيته الحقيقية أمام الكاميرا. الكاميرا المتحركة لمدير التصوير محمد الحديدي، مع تكوينات اللقطات المقلِّدة لمشاهد من أفلام السبعينيات الشهيرة التي عمل بها الحمصاني، نجحت في إضفاء إحساس التجريب وخلق صورة غير مهووسة بالكمال. كما أفلح مونتاج مي زايد في الحفاظ على هذا الانتقال السلس من الخفة والطرافة للتوتّر المصاحِب لعملية صناعة الفيلم، وعلى صياغة لغة سينمائية مختلفة عن أسلوب التقطيع التلفزيوني الذي تسقط فيه العديد من الأفلام المعتمدة على الأرشيف. سريعًا ستدرك أن الفيلم أبعد من كونه قصة حياة «عويس»، فهو مختلف كليًا عن الأفلام التسجيلية الدائرة في فلك شخصيتها الرئيسية، ليبدو نتاجًا للقاء ثلاثة أجيال بثلاثة تصورات مختلفة عن فن صناعة السينما. كان اختيار الحمصاني من البداية للعمل في الفيلم، بمثابة لمحة امتنان عميقة من زيدان، ومحاولة نبيلة منه لإعطاء فرصة للمهمشين في السينما. هذا قبل تطوّر الأحداث، واحتدام الصراع بين زيدان والحمصاني، وقرار زيدان أن الأفلام لا تصنع بـ«الامتنان»، رافضًا بدوره التحوّل لمهمَّش. هكذا تحدت عملية صناعة الفيلم أبطاله، بجرأة، وأنتجت فيلمًا يتجاوز فكرة العشق والافتتان بالسينما، ليُسائِل أساسيات الصناعة نفسها. بمعنى آخر، أنضج هذا التحدي رؤية زيدان الأوليّة، وحولّه لفيلم حقيقي وليس برقية تهنئة وحب. فبذكاء وموهبة ومغامرَة طموحة؛ استطاع زيدان صناعة فيلم ممتع ومليء بالحياة والشغف. تعود بداية رحلة تنفيذ الفيلم لعام ٢٠١٠، قبل توقفها بسبب انشغال زيدان وحديدي ومي زايد مع سينمائيين آخرين في صناعة الفيلم الروائي «أوضة الفيران». حاول بعدها زيدان إكمال الفيلم باشتراكه في ورشة «دوك ميد» للتطوير عام ٢٠١٣، ثم انضمامه لورشة «فاينال كات» بمهرجان فيسنيا. كل هذه السنوات من التطوير تكشف لنا عن أزمة أساسية تضرب الفيلم، وتتعلّق بالكيفية التي نصع بها أفلامنا التسجيلية في مصر، والمتأثرة بنقص فرص الإنتاج والتوزيع. فمثلًا، ورغم الأمل الكبير الذي صاحَب نزوله لدور السينما، بعد الاحتفاء الشديد به وفوزه بجوائز عدة، لم يحظ الفيلم التسجيلي الممتع، «اللي يحب ربنا يرفع إيده لفوق» لسلمى الطرزي، بنجاح تجاري في شباك التذاكر، بسبب خلل في خريطة توزيعه. هكذا يظل الفيلم في مصر لسنوات تائهًا بين قلة فرص الإنتاج من ناحية، وضعف فرص التوزيع بعد إكماله من ناحية أخرى. في كل هذه السنوات يتحرك المخرج للبحث محليًا ودوليًا عن مِنَح إنتاجية، تتدخل بدورها في مسار الفيلم، بتقديم اقتراحات جديدة لشكله وخطوطه العامة. تدريجيًا، ومع مرور الوقت، يخسر الفيلم جزءًا من روحه التي بدأ بها. مثلًا، في فيلم «عندي صورة»، تتجلّى هذه الإشكالية في انفصال التعليق الصوتي للمخرج، عن الروح الطريفة والمرتبكة للفيلم. فالتعليق به نوع من الحكمة المسبقة، وكأنه وصل لتحليل نهائي عن الكومبارس والتهميش والحياة، معبرًا عن أفكار زيدان الرومانسية في بداية رحلة صنع الفيلم، حين كان الذي كان لا يزال يتحرك بخفة. ومهما كان زيدان منتبهًا لهذا التحدي، فمن الصعب الدخول في حرب مع السنوات والحفاظ على نفس روح ما قبل ٢٠١١ التي بدأت فيها رحلة الفيلم. لرحلة التطوير الدولي مشاكلها أيضًا، حيثُ تنشغل بجعل الفيلم أكثر «عالمية». في لقاء بمهرجان الجونة، مع ألكسندرا أسبيسياليه، مديرة مشروع «فاينل كات» في مهرجان فينيسيا، والتي اختارت الفيلم لورشة التطوير، قالت إن تحدي الفيلم الأكبر كان في الوصول لجمهور أبعد من الجمهور المصري المعتاد على وجه عويس الأليف، والمرتبط بذكريات بصرية معه. أثقلت هذه الرؤية فيلم زيدان، الذي توسع في البحث عن اقتباسات عالمية لشرح فكرته، التي كانت لتصلنا كاملة، كجمهور محلي، باعتمادها على الذاكرة المشتركة، وعلى ما تنقله ملامح عويس والحمصاني من مشاعر الفرحة والخوف والخزن. فمن أجل خاطر مشاهِدين غير محليين، اضطر زيدان، مدفوعًا بفكرة أن للأفلام وطنًا، ولا يمكن نزعها من سياقها، للإسهاب في حواشٍ جاءت بعيدة عن نمط الحكي الذي اعتمد عليه في فيلمه. من المُلفِت أن تكون معضلة الفيلم المهتم بإرسال تحية للصناعة، والقائم على أساس الاشتباك معها وتفكيك قدسيتها والتعامل النقدي مع آلياتها؛ هي نفسها معضلة صناعة الفيلم التسجيلي في مصر، وكأن الصناعة تشتبِك مع الفيلم نفسه، لتخرج لنا فيلمًا جديدًا، يؤكد ضرورة النقاش عن إمكانية تحرير أفلامنا التسجيلية من أَسْر سنوات التطوير. «عندي صورة الفيلم رقم ١٠٠١ في حياة أقدم كومبارس في مصر» فيلم مليء بالسعادة والتجربة والتوهج، عن أبطال مهزومين ومهمّشين لا تلحظ مرورهم بجوارك. الفيلم الذي أهدى مخرجه جائزته لحي الورديان الشعبي بالإسكندرية، فارَق أبطاله الحياة قبل عرضه الجماهيري الأول، ولم يشهدوا لحظة تكريمهم في مهرجان، أمام نجوم شباك مصريين، ظلوا طويلًا وراءهم في الصورة. عن كسر البنية السلطوية في صناعة الأفلام أحمد رفعت «عندي صورة» هو الفيلم الطويل الأول لمحمد زيدان، والذي عمل كمساعد مخرج لفترة غير قصيرة. قرر زيدان صناعة فيلمه الأول عن أحد ممثلي الكومبارس، مطاوع عويس، والذي عرفه منذ بداية ظهوره في الأفلام المصرية الكلاسيكية، وحتى وقت اعتزاله في ٢٠١٣. لاحقه زيدان حتى عثر عليه في «قهوة الكومبارسات» حيثُ يحظى بلقب شيخ الكومبارسات. المشروع الذي بدأ بفكرة زيدان الرومانسية عن السينما وعن شخصية الكومبارس، الذي نعرف شكله من عشرات الأفلام التي عمل بها، في حين لا نعرف اسمه، اتخذ مسارًا آخر غير المقرّر له، بظهور «كمال الحمصاني» في الصورة. يحكي مارك لطفي منتج الفيلم، أنهم في مقابلتهم الأولى مع مطاوع عويس على القهوة، ظهر الحمصاني، وهو مخرج مساعد، مثلما كان زيدان حتى لحظة صناعة الفيلم، لكن بسبب عملِه مع مخرجين كبار، كان الحمصاني بدوره شاهدًا على تاريخ السينما المصرية. قرر فريق العمل الاستعانة بالحمصاني كمساعد مخرج في فيلمهم، وهو في رأيي القرار الذي جعل من «عندي صورة» فيلمًا مثيرًا للاهتمام. لفيلم زيدان وجه كلاسيكي ورومانسي، يفتتح به الفيلم، ويعاود الظهور من حينٍ لآخر، يتمثّل في صوت زيدان المصاحب لمشاهِد أفلام مصرية قديمة، حيث يحكي عن بداية ذهابه لقاعة السينما هربًا من المدرسة، وعن الأفلام التي كان يعرف أسماء النجوم بها ولا يعرف أسماء الكومبارسات. كما يحكى عن حسرته عند مروره بدور السينما المغلقة، والتي كانت تقدم فيلمين أو ثلاثة بالحفلة الواحدة، معبرًا عن افتقاده لزمن السينما الجميل، وهكذا. أما الوجه الثاني لفيلم زيدان، فهو الوجه التجريبي، المتمثّل في المساحات المتروكة لشخصيات فريق العمل نفسه، أمام الكاميرا، والتي فرضت رؤية طازجة على الفيلم، وكسرت العملية التقليدية في صناعة الفيلم، بسبب غياب هيمنة رؤية واحدة على الفيلم. فمن ناحية، هناك زيدان المخرج المساعد الذي بصدد إخراج أول أفلامه، والمفتون بحكي حكاية الكومبارس، ومن ناحية أخرى هناك مساعد المخرج العجوز الذي يؤدي واجبه كما عهده، بالطريقة الكلاسيكية، مستدعيًا خبرته في الأفلام القديمة، إلى موقع التصوير. أيضًا عندنا عويس الكومبارس في أول بطولة له أمام الكاميرا. هذا بالإضافة لمنتح الفيلم مارك لطفي والذي نراه من حين لآخر، وأيضًا المصور محمد الحديدي الذي نسمعه يعلق على أماكن وزوايا التصوير التي يختارها الحمصاني. أخلت تلك التركيبة بهيراركية صناعة الأفلام المتعارف عليها، من حيث وجود مخرج مسيطِر على جميع مجريات الأمور. وتعتبر لحظة خروج الفيلم عن سيطرة زيدان، في رأيي، هي لحظة انفتاح الفيلم على احتمالات غير محسوبة إخراجيًا، تفصِح عن علاقات القوى النشطة خلال عملية صنع الفيلم. في أحد مشاهد «عندي صورة»، يمتثل فريق العمل لتصوّر الحمصاني عن تنفيذ مشهد عودة عويس إلى بلدته، فيضعون لافتة على إحدى الطرق في ضواحي الاسكندرية، تشير للطريق إلى سوهاج. لكن بينما يحاول المساعد العجوز إقحام حوار رومانسي عن العودة إلى البلد، يحاول زيدان خلق مناخ يسهِّل علي عويس الارتجال والحديث، دون ضغط سيناريو يتطلّب حوارًا بعينه. المونتاج هو البطل الرئيسي في الفيلم، ويتحرك بين بعديه المختلفين؛ الرومانسي والمفتوح على التجريب، بالإضافة لرؤى شخوصه عن السينما، فيتبع حينًا أفكار عويس أو الحمصاني حين يطلبان إعادة المشهد بتخيلهما الشخصي، وفي أحيان أخرى يتبع رغبة زيدان في العفوية. أيضًا يناوِر بين كل ذلك، وبين اللقطات الأرشيفية التي تأتي في سياق حديث عويس عن عمله بالأفلام أو حكايات زيدان عن علاقته بالسينما، مشاهدًا وطرفًا في الصناعة. يلعب فريق العمل في «عندي صورة» بدون حسابات مسبقة، تاركين المساحة لجيل آخر من السينمائيين في تنفيذ رؤيتهم للفيلم. وهكذا يتحرر الفيلم من تراث سُلطوي لفكرة العمل السينمائي، فيصبح فيلمًا خفيفًا باحتمالات مفتوحة، ويثير أسئلة بنيوية عن طرق صناعة الأفلام سواء في سينما الاستوديو أو الأفلام الوثائقية. لكن رغم حضور ثيمة «العمل في السينما» في الفيلم، يختار زيدان الابتعاد عن تناول الجانب المادي من العمل في الصناعة، وعن «أكل العيش»، وهو ما برّره في النقاش الذي تبع الفيلم، برغبته في الابتعاد عن تراث التعامل مع الكومبارس بمنطق ضحية العمل السينمائي، وما يرتبط به من محاولات استدرار «الشفقة». يقف وراء «عندي صورة» فريق عمل قادم من الاستوديوهين السكندريين اللذين ينتجان أغلب الأفلام القادمة من هناك؛ روفيز وفيج ليف، في نموذج إنتاجي مثير للاهتمام، لا يفترض المثالية بالضرورة، أو الخلوّ من المشاكل، لكنّه بالتأكيد نموذج يؤخذ بجديّة، إن كنا نريد مناقشة النماذج الإنتاجية في صناعة السينما، والمرتبطة شرطيًا بالتمويل، ومحاولات إيجاد البدائل.
نيابة أسوان تحقق مع ٧ من المتضامنين مع «معتقلي الدفوف».. وناشطات نوبيات يضربن عن الطعام مدى مصر ٤ أكتوبر ٢٠١٧ بدأت النيابة العامة بأسوان اليوم، الأربعاء، التحقيق مع سبعة مواطنين نوبيين ألقت الشرطة القبض عليهم أمس، بعد اعتراضهم على قرار محكمة أسوان الجزئية بتجديد حبس ٢٥ من المقبوض عليهم في تظاهرة «يوم التجمع النوبي»، بحسب تصريحات المحامي أحمد رزق لـ «مدى مصر». وأضاف رزق أن التحقيق مع السبعة بدأ في الثامنة صباحًا بمعسكر الأمن المركزي بمنطقة الشلال بدون حضور محامين أو معرفة التهم الموجهة لهم تحديدًا، ولم يحدد بعد موعد إعلان قرار النيابة بشأنهم. كانت مجموعة من أهالي متهمي «يوم التجمع النوبي» والمتضامنين قد تجمعوا حتى وقت متأخر من مساء أمس أمام مقر محكمة أسوان انتظارًا لقرار قاضي المعارضات بمحكمة أسوان الجزئية، وعند صدور القرار بحبسهم لمدة ١٥ يومًا، اعترض الأهالي على القرار، فردت قوات الأمن بإطلاق الغاز المسيل للدموع والقبض على عدد منهم. وفي سياق متصل، أعلنت خمس ناشطات نوبيات البدء في إضراب جزئي عن الطعام مساء أمس الثلاثاء، اعتراضاً على استمرار حبس متظاهري «يوم التجمع النوبي» وإلقاء القبض على سبعة آخرين. وقالت الناشطة النسوية سهام عثمان، وهي إحدى المضربات عن الطعام وشقيقة أحد المعتقلين، لـ «مدى مصر» إن قرارهن أتى بعد تدهور الوضع أمس، وتكرار استهداف المواطنين النوبيين المطالبين بحقهم في تطبيق الدستور والعودة للأراضي النوبية. وأضافت سهام «لا يمكن حتى أن نسمي ما حدث بالأمس اشتباكات. على غير العادة تأخر قرار قاضي المعارضات مما تسبب في منعنا من تقديم استئناف على القرار الذي قد يمكننا من نظره اليوم. شكل قرار التجديد صدمة للأهالي وبدأت الأمهات بالصراخ. فوجئنا بعدها بسيارات الشرطة تطلق قنابل مسيلة للدموع بدون إطلاق صفارة الإنذار حتى، مما دفع بعض الشباب للاحتماء بالمباني المجاورة، وسارع بعضهم لمساعدة كبار السن والنساء الذين تأثروا من جراء إطلاق الغاز المسيل للدموع، فتم إلقاء القبض على بعضهم». تقول عثمان أن قرار الإضراب الجزئي عن الطعام أتى بعد أن أصبح الجميع «غير قادرين على اتخاذ أي خطوات للتضامن مع المقبوض عليهم أو الإفراج عنهم»، مضيفة أنهن بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية لإبلاغ النائب العام بقرارهن. وتعود الأحداث إلى الثالث من سبتمبر الماضي، حينما تجمع العشرات من الناشطين النوبيين لإحياء مسيرات «يوم التجمع النوبي» الذي تضمن تنظيم مسيرات بالمدينة من أجل تجديد المطالبة بـ «حق العودة» إلى مناطقهم الأصلية التي تم إجلاؤهم منها، وفقًا لما نَصّت عليه المادة ٢٣٦ من الدستور. إلا أن قوات الأمن ألقت القبض على ٢٤ من المتظاهرين، من بينهم المحاميين محمد عزمي ومنير بشير، حيث وجهت النيابة لهم تهم «التحريض على التظاهر، وتعطيل وسائل المواصلات العامة، والتظاهر بدون ترخيص»، فضلًا عن «حيازة منشورات». وأمر قاضي المعارضات في وقت سابق بإخلاء سبيل المقبوض عليهم، إلا أنه تم قبول طعن النيابة على قرار إخلاء السبيل لاحقًا، مما أدى لاستمرار حبسهم.
بعد تجديد حبس «متظاهري الدفوف»..القبض على عدد من المواطنين إثر اشتباكات مع الشرطة مدى مصر ٣ أكتوبر ٢٠١٧ ألقت قوات الأمن القبض على عدد من المواطنين اليوم، الثلاثاء، إثر اشتباكات مع الشرطة، اندلعت عقب احتجاجهم على تجديد حبس ذويهم من «متظاهري الدفوف»، بحسب المحامي أحمد رزق. كان قاضي المعارضات بمحكمة أسوان الجزئية، قرر اليوم، الثلاثاء، تجديد حبس ٢٥ من متظاهري يوم «التجمع النوبي» المعروفون إعلاميًا بـ«متظاهري الدفوف» على ذمة التحقيقات في اتهامات بالتحريض على التظاهر. وقال «رزق» إن بعض من أهالي المقبوض عليهم المتجمعين أمام المحكمة، اعترضوا على قرار المحكمة، ما دفع قوات الأمن للاشتباك معهم ومحاولة تفريقهم من خلال إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، كما قبضت على عدد منهم. وقال المحامي إنه لم يتأكد من عدد المقبوض عليهم حتى الآن. وقالت الناشطة النوبية بسمة عثمان، شقيقة أحد معتقلي «يوم التجمع النوبي» لـ «مدى مصر» إن قرار المحكمة كان تأخر كثيراً على غير العادة، ما زاد من توقعات الأهالي أن قرار المحكمة سيكون «شديدًا» على حد قولها، وهو ما تحقق بالفعل، مما أدى لاندلاع الاشتباكات وإطلاق الغاز المسيل للدموع على أهالي المقبوض عليهم. وأضافت «عثمان» «هناك العديد ممن تم إلقاء القبض عليهم، كنا نتحدث عن ٢٤ معتقلاً أضيف إليهم شاباً آخر أثناء التحقيقات، فهل يصل الآن عدد المقبوض عليهم إلى ٣٠ معتقلًا أو أكثر؟». وأضافت «عثمان» أن قوات الأمن أغلقت طريق كورنيش النيل، الذي تطل عليه محكمة أسوان أمام حركة السيارات، خاصة بعد احتماء عدد من المتظاهرين بالمباني المحيطة بالمحكمة، كما تم نقل بعض كبار السن ممن تأثروا بالغاز المسيل للدموع للمستشفيات، بما فيهم والدتها. وتعود الأحداث إلى الثالث من سبتمبر الجاري، حينما تجمع العشرات من الناشطين النوبيين لإحياء مسيرات «يوم التجمع النوبي» الذي تضمن تنظيم مسيرات بالمدينة من أجل تجديد المطالبة بـ «حق العودة» إلى مناطقهم الأصلية التي تم إجلائهم منها، وفقًا لما نَصّت عليه المادة ٢٣٦ من الدستور. إلا أن قوات الأمن ألقت القبض على ٢٤ من المتظاهرين، من بينهم المحاميين محمد عزمي ومنير بشير، حيث وجهت النيابة لهم تهم «التحريض على التظاهر، وتعطيل وسائل المواصلات العامة، والتظاهر بدون ترخيص»، فضلًا عن «حيازة منشورات». وأمر قاضي المعارضات في وقت سابق بإخلاء سبيل المقبوض عليهم، إلا أنه تم قبول طعن النيابة على قرار إخلاء السبيل لاحقًا، مما أدى لاستمرار حبسهم. وفي سياق متصل، طالبت منظمة العفو الدولية في بيان سابق السلطات المصرية بالإفراج عن الناشطين النوبيين، واتهمت مسؤولة الحملات بالمنظمة عن منطقة شمال أفريقيا، نجية بونعيم، السلطات المصرية بـ«بتهميش النوبيين، وتجاهل مطالبهم بالعودة إلى أراضيهم التاريخية ومعاملة النشاط النوبي بأنه أمر مشبوه من الناحية الأمنية. فبدلاً من الاستخفاف الصارخ بحق النوبيين في حرية التعبير والتجمع من خلال الاستمرار في احتجازهم بسبب تظاهرهم السلمي، يجب على السلطات الإفراج عن هؤلاء الناشطين الـ ٢٤ المُحتجزين فورًا». وأضافت «منذ سنوات طويلة، قامت السلطات بتجريد النوبيين من ممتلكاتهم، وتهجيرهم من أراضيهم التاريخية، ومنعهم من التمتع بحقوقهم الثقافية. فهذه الممارسات، واستمرار عزوف السلطات المصرية عن السماح لهم بالعودة إلى أراضيهم، يتنافى مع دستور البلد نفسه، وكذلك مع التزامات مصر الدولية».
الحركة الحقوقية في مصر المناورة في مساحات متآكلة أحمد عطاالله ٣ أكتوبر ٢٠١٧ بخبرة أعوام ما قبل الثورة، نظر النظام المصري بعد الثالث من يوليو لمطالب الدفاع عن الحريات وحقوق الانسان باعتبارها «محض دعوات سياسية»، غرضها التحريض على مؤسسات الدولة وتقويض مساعي الاستقرار وإعطاء مبرر للتدخل الخارجي في سياسات الدولة. ودفع هذا النظام لتوجيه عدد من الضربات المتلاحقة للحركة الحقوقية، أدت لانحسار نشاطها ومساحات اشتباكها بشكل ملحوظ، في نفس الوقت الذي تصاعد فيه خطاب حكومي، بمفاده فالدولة تحترم حقوق الانسان «لكن بما لا يعيق سياسات مكافحة الإرهاب، والذي لا يهدد مصر فقط ولكن العالم بأجمعه». في حواره مع مذيع قناة PBC الأمريكية في سبتمبر ٢٠١٦، تحدث السيسي عن أوضاع حقوق الانسان في مصر قائلًا «المنطقة بأسرها في سياق مضطرب وغيرها وأنا أؤمن أن الأصدقاء يفهمون ويقدرون الظروف التي نحن فيها… نحن نلتزم بحقوق الانسان لكن في النهاية نحتاج لأن يكون لدينا دولة مستقرة والا فسوف يكون هناك الكثير من انتهاكات حقوق الانسان وزعزعة الاستقرار، ونرى مظاهر هذا في دول أخرى كسوريا واليمن. » لا يختلف مضمون هذا الخطاب عن مضمون أي تصريح آخر يدلي به الرئيس للغرب بخصوص حقوق الإنسان، ولا يخفى انطواء أغلب هذه التصريحات على تهديد للدول الغربية ومحاولة ابتزازها، بكون البديل لهذا الوضع هو تصاعد الإرهاب وزيادة عدد اللاجئين. وهو ما قوبل بمنطلق براجماتي من جانب الأحزاب الحاكمة لهذه الدول، والتي رأت بدورها ضرورة إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع النظام رغم سجل انتهاكاته، بل التنسيق معه في بعض الملفات الإقليمية والأمنية والاقتصادية. منذ يوليو ٢٠١٣، تعرضت منظمات حقوقية لتضييقات واسعة استهدفت رقعة نشاطها ومساحة تأثيرها، حيث الاتهامات بالعمالة والتحريض ضد المدافعين عن حقوق الإنسان من قبل وسائل إعلامية مؤيدة للنظام، أثّرت سلبًا على النظرة الشعبية للمجال الحقوقي وزادت من التشكك في أهدافه. وعلى المستوى القضائي، وفي شتاء ٢٠١٦، أعادت محكمة شمال القاهرة فتح القضية ١٧٣ لسنة ٢٠١١، والمعروفة اعلاميًا باسم «قضية المجتمع المدني»، وأدرجت فيها أسماء ٣٧ منظمة، متهمة إياهم بتلقي أموال من الخارج، بهدف الإضرار بالأمن القومي، لتصدر المحكمة بعد شهور قلائل عددًا من القرارات، منها تجميد أموال عدد من الحقوقيين ومنعهم من السفر، على رأسهم الصحفي حسام بهجت والحقوقي جمال عيد. وعلى الناحية التشريعية، أصدر البرلمان قانونًا جديدًا للجمعيات الأهلية، برقم ٧٠ لسنة ٢٠١٧، وتضمن عقوبات أكثر تشددًا، وموادًا أكثر تدخلًا في نشاط الجمعيات من القانون الذي سبقه رقم ٨٤ لسنة ٢٠٠٢، ليضاف هذا القانون لترسانة التشريعات المقيدة للحقوق والحريات بعد يوليو ٢٠١٣. بالإضافة لتشريع مقيّد آخر، أصدرته السلطة في سبتمبر ٢٠١٤، بتعديل المادة ٧٦ من قانون العقوبات، والذي قضى بتغليظ عقوبة تلقي أموال من منظمة أو دولة أجنبية بقصد ارتكاب فعل يضر بمصلحة قومية أو «يخل بالأمن العام» على حد وصف القانون، حيث يواجه مرتكب هذا الفعل عقوبة السجن لمدة تصل لـ٢٥ عامًا وغرامة ٥٠٠ ألف جنيه. أثّرت كل هذه المخاطر والتهديدات على حجم وطبيعة نشاط العاملين في المجال الحقوقي في مصر، حيث دفعت هذه المتغيرات أغلب المنظمات لإعادة ترتيب أوراقها الإدارية والمالية والقانونية، محاولة التكيف مع هذه الظروف الجديدة، فبدأت المنظمات بابراز صفتها القانونية أكثر من الصفة البحثية، باعتبار المنظمة في الأساس «شركة» أو «مكتبًا للمحاماة»، كما نقلت منظمات أخرى، مثل «مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان» مقارها الرئيسية خارج مصر، وسرّحت بعض المنظمات الباحثين بها، أو خفضت عدد الملفات التي تعمل عليها؛ وهو ما يمكن اعتباره مؤشرًا على حجم التحديات التي يواجهها العاملون في هذه المنظمات. نظرة على استراتيجات العمل الحقوقي في مصر منذ ظهوره في بداية الثمانينيات، كان العمل الحقوقي في مصر انعكاسًا للظرف السياسي الراهن، حيث حاول العاملون فيه، والقادمون من خلفيات سياسية متباينة، الاشتباك مع سياسات النظام الحاكم وفق الأدوات المتاحة، والتأثير الإيجابي فيها، بالإضافة لسعيهم لتقديم الدعم للفئات الأضعف. مثلًا، نشأت «المنظمة المصرية لحقوق الانسان»، وهي من أوائل المنظمات الحقوقية المصرية، في عام ١٩٨٥، أي في وقت اتسعت فيه دائرة القمع والتعذيب على خلفية الحرب الطاحنة التي دارت رحاها بين الدولة والجماعات الإسلامية المسلحة عقب اغتيال السادات. في ورقة بحثية أصدرتها «مبادرة الإصلاح العربي»، رأت الباحثة ياسمين شاش أن تأسيسَ عدد من أعضاء «المنظمة المصرية» لمنظمات أخرى مستقلة بمنتصف التسعينيات، ساعد على اتساع رقعة الحركة الحقوقية الناشئة وتوزيع التركيز بينها على قضايا مختلفة، وإن ظلت استراتيجية العمل بينها متقاربة، حيث استمر الاعتماد على التقاضي كاستراتيجية رئيسية لوقف الانتهاكات الحقوقية، بالإضافة لأعمال المناصرة والتوثيق. وقد برعت منظمات حقوقية، على رأسها «مركز هشام مبارك» و«المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، في استخدام التقاضي كوسيلة لإيقاف الانتهاكات واسترداد الحقوق، أو للسعي لإرساء مبادئ قضائية جديدة داعمة للحقوق والحريات، وقد استطاع المركز المصري عبر هذه النوع من التقاضي الحصول على عدد من الأحكام القضائية الهامة والتي اشتبكت مع صلب سياسات النظام، مثل إلزام الحكومة بضرورة وضع حد أدنى للأجور يتناسب مع الأسعار، وحظر ترحيل اللاجئين من مصر وأحقية مصابي الثورة في الحصول على معاش استثنائي. وبالإضافة لتكتيك التقاضي، استخدمت المنظمات الحقوقية تكتيكات الرصد والتوثيق للانتهاكات الحقوقية كوسيلة للتصدي لها، وأيضًا لضمان حفظ الذاكرة وعدم الإفلات من العقاب، عن طريق العمل لتجميع البيانات الخاصة بضحايا الانتهاكات، وتوثيق الشهادات الخاصة بهم والتحقق منها، ثم تحليلها ورصد الأنماط المختلفة للانتهاكات، ما يسهّل ملاحظة تطور الانتهاك وقياس التغير فيه. ولا تكتفي أغلب المنظمات الحقوقية بهذا المجهود من تقاض ورصد وتوثيق، حيث تستخدم أيضًا استراتيجيات المناصرة وكسب التأييد للمطالب الهادفة لوقف هذا الانتهاك وذاك. عن طريق إدارة الحملات الاعلامية للتأثير على الرأي العام، ومحاولة التواصل مع صناع القرار والنقاش معهم حول المطالب والتوصيات المقترحة بوقف الانتهاكات الحقوقية، وتغيير السياسات المؤدية لحدوثها. وكذلك التواصل مع الهيئات الأممية والإقليمية بهدف دفع الحكومة للالتزام بالمواثيق والعهود الدولية. كيف يمكن تطوير أدوات الحركة الحقوقية؟ تلقي الطفرة في الحصار الذي يتعرض له نشطاء الحركة الحقوقية بمسؤولية إضافية على المنظمات والمدافعين عن حقوق الإنسان لتطوير منهجية عملهم، فقد أصبح من الملح البحث عن أفضل الطرق لتطوير آليات وأدوات العمل، والاستغلال الأمثل للموارد البشرية والتكنولوجية المتاحة، للوصول لأكبر تأثير ممكن. • الاهتمام بالجانب الاحصائي في ردها على التقرير الأخير الذي نشرته «هيومان رايتس واتش» عن التعذيب باسم «هنا نفعل أشياء لاتصدق» والذي توصلت فيه المنظمة، بالاستناد على توثيق شهادات ١٩ ضحية فحسب، لاستنتاج نهائي بوجود عمليات تعذيب ممنهجة داخل أماكن الاحتجاز، وهو ما دفع وزارة الخارجية المصرية للرد بأن مصادر المعلومات التي اعتمدت عليها المنظمة في تقريرها انتقائية. وبالنظر لواقع المجتمع الحقوقي، نجد أن الملاحقات القضائية والأمنية للمنظمات والعاملين في المجال الحقوقي، قد أدت لتراجع الموارد البشرية، ومن ثم القدرات الرصدية لهذه المنظمات، في مقابل تصاعد الانتهاكات الحقوقية، ما أثر على إمكانيات تتبع أنماط هذه الانتهاكات وملاحقتها، والخروج بأرقام واحصائيات موثقة عنها، وهو ما أعاق بدوره التعمق في هذه الظواهر والإلمام بأبعادها، وسهّل التشكيك في الاستنتاجات الصادرة. ورغم كل التضييق الذي يتعرض له المجتمع الحقوقي، تبرز بعض النماذج والتي تحاول، وبرغم العوائق، الاستمرار في عملها مع التمسك باستراتيجيتها في العمل الحقوقي عبر التناول الإحصائي لانتهاكات حقوق الانسان. وأهم هذه الأمثلة هو ما يقوم به مركز «دفتر أحوال»، وقبله مشروع «ويكي ثورة» والذي يمكن اعتباره أضخم أرشيف توثيقي مفصّل لحصر أعداد القتلى والمصابين والمقبوض عليهم بعد ثورة يناير. • التدقيق في رصد الانتهاكات أمر آخر يحتاج إليه العمل الحقوقي في مصر، وهو إحكام عملية التوثيق والتأكد من أي معلومة قبل تصنيفها واعتبارها انتهاكًا حقوقيًا. تُظهر التجربة أن معلومة واحدة خاطئة قد تؤدي لتبديد مجهود ملف حقوقي بأكمله. مثال لهذا، عندما احتسب عدد من المنظمات الحقوقية المستقلة الشاب أحمد عمر سويلم، وبناء على شهادة مقربين، مختفيًا قسريًا، ثم نعته بعدها جماعة مسلحة تطلق على نفسها اسم «حسم»، عقب مقتله في اشتباكات دارت بين هذه الجماعة والشرطة في المرج يوليو ٢٠١٧. استغلت الأجهزة الإعلامية المؤيدة للسلطة هذا التضارب للتشكيك في مصداقية الأرقام التي ترصدها المنظمات الحقوقية للمختفين قسريًا، فضلًا عن التضليل الكامن في مصطلح «الاختفاء القسري»، بحسب هذه الأجهزة الإعلامية. يلقي هذا على المنظمات الحقوقية والعاملين فيها عبئًا اضافيًا، حيث سيحتاج القائمون على الملفات الحقوقية لمراجعة منهجيات الرصد لديهم، للمزيد من التدقيق في الشهادات والتيقن منها، وعدم الاكتفاء بشهادات وروايات أهالي الضحايا، وإنما فحص وتحليل الروايات الأخرى، وعلى رأسها الرواية الرسمية، ومحاولة عقد المقارنات بينها. • تطوير حملات المناصرة باعتباره نشاطًا إصلاحيًا في الأساس، فمن مؤشرات نجاح العمل الحقوقي قدرته على التأثير على البيئة المحيطة والسياسات التي تتبعها الدولة. لذا يستعين المدافعون عن حقوق الإنسان بالحملات الاعلامية، لترويج نشاطهم وعرض ما يرصدونه من انتهاكات، بهدف إشراك الرأي العام في هذا الجدل، فضلًا عن كونه محاولة الضغط على النظام، بالاستناد على ما تصدره المجموعات الحقوقية من تقارير وبيانات تتابع بها الحالة الحقوقية في البلاد. وتحتاج الحركة الحقوقية في مصر لتطوير استخدامها لحملات كسب التأييد، لما تطرحه من توصيات تهدف بها لوقف الانتهاكات، فبالإضافة للبيانات التي تصدرها المنظمات، ورغم أهميتها، ولكن يمكن للحركة الحقوقية مثلًأ العمل على تصميم مواقع مخصصة لحملات الضغط وحفظ الذاكرة وجمع التوقيعات الإلكترونية لإيقاف الانتهاكات وتوجيه الرسائل المطالبة بوقف الانتهاكات للهيئات القضائية المختلفة، أو العمل على إنتاج مواد إعلامية مرئية تحوي المزيد من الشرح والاقتراب من أصوات ضحايا الانتهاكات والعمل على إيصالها للرأي العام. كما تحتاج المنظمات، والمدافعون عن حقوق الانسان، لفتح قنوات اتصال مع المنظمات الدولية والأحزاب الحاكمة ومجموعات الضغط في الدول الغربية لايصال حقيقة أوضاع حقوق الانسان في مصر. بالإضافة لضرورة سعي المنظمات أيضًا للعثور على موطئ قدم لها في المجتمعات الغربية، ومحاولة إيصال الصورة غير الحكومية للوضع الحقوقي في مصر، والاشتباك مع سياسات هذه الدول ودفعها لاتخاذ مواقف أكثر جدية تجاه ما يمارسه النظام من انتهاكات، والضغط عليه لايقافها. • توسيع مساحات التشبيك لم تؤد المشاكل التي تهدد المجتمع الحقوقي لتمتين العلاقات بين المنظمات الحقوقية، أو لسعيها لبناء سيناريوهات للتعامل مع المخاطر، حيث لا تزال بعض المشاكل الشخصية بين العاملين في المجال الحقوقي تقف عائقًا أمام ما يفرضه الأمر الواقع من استراتيجيات تقوم على التكاتف بين أفراد المجتمع الحقوقي. اعتمادًا على سياسة التشبيكات والتنسيقات، يستطيع العمل الحقوقي الاستفادة من تبادل الخبرات بين العاملين القدامى والقادمين الجدد، وضمان حد أدنى من المهنية للعمل الحقوقي، وضمان عدم تكرار العمل على نفس الملفات بنفس المواضيع، وتوزيع المهام والملفات بين العاملين، ما يؤدي لزيادة التخصص والتأثير، ويقلل من إهدار الموارد البشرية والمالية، الشحيحة بالأساس، خاصة في هذا الظرف السياسي. نوع آخر من التشبيك يختلف عن التنسيق بين الكيانات الحقوقية، هو محاولة مد الجسور مع أصحاب المصلحة المباشرة من ضحايا وروابط تكونت للتباحث حول إمكانيات التأثير، من خلال العمل المشترك، ودعمهم لوجستيًا وقانونيًا. يكسر هذا حالة العزلة التي تعيشها الحركة الحقوقية بحكم تركيبتها، والتي عزّزت منها القيود المفروضة عليها، ويضمن التحامها مع الناس، عبر تقوية روابطهم الطبيعية وتحسين قدراتهم في الحصول على حقوقهم. خاتمة القول، يراهن النظام الحالي على قصر نفس المدافعين عن حقوق الانسان، واستسلامهم لحالة الحصار والقيود المفروضة على النشاط الحقوقي. وهذا ما يضع الحركة الحقوقية المصرية أمام مسؤولية تاريخية، بالوقوف أمام الانتهاكات المتزايدة من جانب الدولة ومحاولة إيقافها، أو على الأقل رصدها وتوثيقها انتظارًا لمرحلة سياسية وبيئة تشريعية مغايرة يمكن فيها تقديم المتورطين للعدالة واسترداد حقوق من تعرضوا للانتهاكات، يومًا ما.
في واقعة «علم قوس قزح» اتهامات بالانضمام لـ«جماعة المثليين».. ومتهمة تتعرض للضرب مصطفى محيي ٣ أكتوبر ٢٠١٧ قررت نيابة أمن الدولة العليا أمس، الإثنين، حبس سارة حجازي وأحمد علاء ١٥ يومًا على ذمة التحقيقات في واقعة رفع علم «قوس قزح» المُعبر عن التنوع في الميول الجنسية، خلال حفل «مشروع ليلى» يوم ٢٢ سبتمبر الماضي. استمر التحقيق مع سارة حجازي نحو ست ساعات، بحسب المحامية دعاء مصطفى، التي أضافت أن سارة أصابها الذعر عندما علمت قرار النيابة بعودتها إلى محبسها بقسم شرطة السيدة زينب بسبب تعرضها للضرب على يد عدد من السجينات. وقالت المحامية إن سارة أظهرت آثار الضرب الذي تعرضت له، بعدما قام عدد من أفراد قسم الشرطة بإخبار السجينات أنها محتجزة على ذمة إحدى قضايا المثليين. ووجهت النيابة إلى سارة وعلاء اتهامات بالانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون والدستور هدفها الإضرار بالسلم الاجتماعي، والترويج لأفكار هذه الجماعة من خلال طرق العلانية، والتحريض على الفسق والفجور في المجتمع. وقالت المحامية إن المُحقق سأل حجازي إن كانت «مثلية»، وهو ما ردت عليه بالنفي مؤكدة أنها تدعم حقوق المثليين فحسب. كما سألها عن أشخاص بعينهم وجدهم بصفحتها على موقع «فيسبوك» فأنكرت معرفتها بهم خارج مواقع التواصل الاجتماعي، كما نفت معرفتها أي شيء بخصوص هويتهم الجنسية. وأنكرت سارة علاقتها بالصور المنسوبة إليها والتي تُظهر فتاة من ظهرها رافعة علم «قوس قزح» في حفل «مشروع ليلى». وبالتوازي مع التحقيق مع سارة، باشر مُحقق آخر التحقيق مع أحمد علاء المتهم بنفس المحضر رقم ٩١٦ حصر نيابة أمن الدولة العليا. واستمر التحقيق معه نحو أربع ساعات، بحسب محاميه رمضان محمد. وقال المحامي إن النيابة سألت موكله عن ميوله الجنسية فنفى أن يكون مثليًا، مضيفًا «لست من مُجتمع المثليين، لكن قناعتي الشخصية أن كل شخص حر طالما لا يؤذي غيره. ولا أعرف أي من مجتمع المثليين بشكل شخصي»، بحسب المحامي. وأضاف محمد أن النيابة سألت موكله عن واقعة رفع العلم في الحفل، فأجاب أن ما حدث كان بمحض الصدفة، دون ترتيب مُسبق. وأن العلم لم يكن معه في البداية، بل أخده من شخص آخر بجانبه ورفعه بشكل عفوي، بحسب المحامي. وعندما وجه المُحقق سؤالًا لعلاء عما رآه تعارضًا بين «قبوله وجود المثليين» وحفظه للقرآن الذي وردت به آيات «تدين المثلية»، بحسب المحقق، أجاب علاء بأن «الدولة تسمح ببيع الخمور رغم تحريمها، وأن قناعته أن كل شخص حر طالما لا يؤذي غيره، وأن حساب الأشخاص في النهاية عند ربهم»، بحسب ما نقله المحامي. وعلّق محمد أن موكله في المُجمل نفى عن نفسه الانتماء لأي تنظيم أو للمجتمع المثلي، كما نفى عن نفسه تهمة التحريض أو الترويج لأي شيء، مضيفًا أن «القانون لا يعاقب على القناعات الشخصية، فضلًا عن أنه لا يعاقب على الممارسات الجنسية الشخصية». وأكد أن الاتهامات جاءت بهذا الشكل لكي يصبح ممكنًا مقاضاة موكله، واصفًا من تم تقديمهم للمحاكمة بتهم مُتعلقة بالهوية الجنسية بأنهم «كبش فداء» بعد «الهجوم من الإعلام والشخصيات العامة الذي جاء عقب واقعة رفع العلم»، وحمّل ذلك الهجوم المسؤولية عن حملة الاعتقالات الأخيرة. ونقلت صحيفة «اليوم السابع» عن مصادر قانونية أن «تحريات الأمن توصلت إلى بعض المتهمين في القضية تلقوا تمويلات من بعض الجهات الخارجية، لتنفيذ مخطط لنشر أفكار تدعو إلى هدم المجتمع ونشر أفكار منافية للآداب العامة والأخلاق، من خلال ما يُسمي بمنظمات حقوقية وحركات تدعو إلى الحريات. وأن رفع هذه الأعلام في الحفل كان لتوجيه رسالة لهذه المنظمات بأن تنفيذ المخطط مستمر». وأضافت الصحيفة نقلا عن مصادرها أن «النيابة استعجلت الجهات الأمنية لإنهاء تحرياتها النهائية حول المتهمين، وضبط المتهمين الهاربين، وكذلك إمداد جهات التحقيق بشبكات (الشذوذ الجنسي) التي تم ضبطها مؤخرًا للتأكد من وجود علاقة اتصال بين المتهمين المتورطين في هذه القضايا، ومعرفة وجود مصادر للتمويل التي كشفت عنها التحريات الأولية». وشنت قوات اﻷمن حملة أمنية خلال الأسبوع الماضي، عقب واقعة رفع علم «قوس قزح» خلال حفل «مشروع ليلى» يوم ٢٢ سبتمبر الماضي. واستهدفت مواطنين بناءً على شكوك تجاه هويتهم الجنسية، ليبلغ عدد المقبوض عليهم حتى أمس نحو ٣٣ شخصًا على الأقل، بحسب مصادر حقوقية وإعلامية، في حين لم تتوافر أي بيانات رسمية حكومية حول حجم الحملة اﻷمنية، وتضاربت اﻷرقام المنشورة، في تقارير إعلامية مختلفة، حول عدد المُستهدَفين منها. ونشرت الصفحة الرسمية لفرقة «مشروع ليلى» على فيسبوك بيانًا أدانت فيه الحملة الأمنية الأخيرة. وجاء في البيان «لا يمكننا أن نصف كم الحزن والإحباط الذي نشعر به إزاء هيمنة الطغيان الرجعي مرّة جديدة على أقرب البلدان والجماهير إلى قلوبنا. يستحيل فصل حالة القمع القائمة حاليًا عن حالة الخوف والترهيب والانتهاك التي يتعرض لها المصريين والمصريّات بشكل يومي بغض النظر عن ميولهم ن وهويّاتهم ـهن الجنسيّة. ندين تجريم أي أفعال تحصل بالتراضي بين بالغين متوافقين فيمَ بينهما». وحمّل البيان المؤسسات الصحفية والإعلامية المسؤولية عن «المأساة التي ولّدتها»، ودعاها إلى التراجع عن «الأكاذيب التحريضية التي نشرتها على مدى الأيام العشرة الأخيرة». وأدان «بشدّة خطاب الكراهية والأكاذيب الصادرة عن الحكومة والإعلام على حدّ سواء». وطالب البيان «كل منتجي الثقافة، والنشطاء، والموسيقيين ات، خارج وداخل مصر، إلى التعبير والتصريح عن تضامنهم مع المجتمع المصري في ظل هذه المرحلة الصعبة. المسألة أشد خطورة من أن نتجاهلها. نحن بحاجة إلى إنتاج حركة تضامن دولية عازمة على الضغط على النظام المصري لوقف مطاراداته وملاحقاته، ومطالبته بالإفراج الفوري عن كل الموقوفين والموقوفات». وأضاف البيان «نذكّر الدولة المصرية وجهاز الأمن المصري بأنهم طرف في المعاهدة الدوليّة للحقوق السياسية والمدنية، وبأن اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب تصنف الفحوصات الشرجية القسرية كنوع من أنواع التعذيب». كانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت بيانًا يوم السبت الماضي، وصفت فيه الفحوص التي ينتظر أن يُجريها الطب الشرعي على المتهمين للتأكد من ممارستهم لجنس مثلي بأنها «تنتهك ما ينص عليه القانون الدولي فيما يخص مكافحة التعذيب». واعتبرت ناجية بونيم، مدير الحملات بشمال أفريقيا بالمنظمة، قرار النائب العام المصري بمنح اﻷولوية لاستهداف مواطنين بناءً على توجهاتهم الجنسية المفترضة أمر «بائس بشدة».
السياسة المصرية في غزة.. تنحية الخلافات أملًا في «ترتيب جديد» عمر سعيد ٢ أكتوبر ٢٠١٧ وصلت مساعي المصالحة الفلسطينية اليوم، الإثنين، إلى مرحلة متقدمة مع وصول رئيس حكومة الوفاق الوطني رامي الحمد الله لتسلّم أعمال حكومته في غزة، وذلك وسط حضور لدبلوماسيين ومسؤولين من المخابرات العامة المصرية. يطرح مشهد رئيس الحكومة الفلسطينية اليوم في القطاع تساؤلات حول أجندة الحكومة المصرية تجاه المسألة الفلسطينية، وتحديدًا فيما يتعلق بالعلاقات مع حركة حماس والسياسة الداخلية في القطاع، خاصة مع تواجد كل من السفير المصري في إسرائيل حازم خيرت، واللوائين في جهاز المخابرات العامة همام أبو زيد وسامح كامل. يقول المحلل السياسي الفلسطيني إبراهيم المدهون لـ «مدى مصر» إن « القاهرة تلعب الدور الأساسي في القضية الفلسطينية. لا يمكن أن تحدث مواجهة الآن مع الاحتلال دون تنسيق مع القيادة المصرية، ولا يمكن إعادة ترتيب الداخل الفلسطيني دون تنسيق معها». ويلخص المدهون الأجندة السياسية للدور المصري في بلاده كالتالي «إعادة تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية، وإشراك كل الأطراف الفلسطينية في القرار السياسي بما في ذلك حركة حماس وتيار النائب محمد دحلان ومنع احتكار الرئيس محمود عباس للسلطة». ويشير المحلل الفلسطيني إلى قرار المخابرات العامة المصرية بدفع الحوار مع حماس إلى الأمام، ورعاية العلاقة بين حماس والرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني محمد دحلان، وذلك فضلًا عن وجود وعي فلسطيني بأن قطاع غزة لا يجب أن يكون مدخلًا لأي تهديد موجه للأمن القومي المصري. وقد اتخذت حماس والحكومة في غزة، منذ أول العام الجاري، خطوات جدية في هذا الصدد، حسب المدهون. تنسيق أمني منذ قرار حماس الأخير بحَلّ اللجنة الإدارية، في سبتمبر الماضي، وتسليم الأعمال الحكومية لحكومة الوفاق الوطني، لا تزال أمورًا خلافية قيد البحث. مصدر مقرب من حماس، فضّل عدم ذِكر اسمه، قال لـ «مدى مصر» إنه «ليس خافيًا على أحد أن الحركة تتمسك بأن تشرف على الأعمال الأمنية في القطاع، وتتمسك باستمرار موظفيها في أعمالهم الإدارية بعد تسلم حكومة الوفاق الوطني لأعمالها». وأضاف «أعتقد أن الطرف المصري يُساند حماس في موقفها، على الأقل في مسألة الإشراف على الأعمال الأمنية، وذلك بعد التقدمات الكبرى التي شهدها ملف التعاون الأمني بين الحركة والأجهزة في مصر». ومن جانبه، يقول المدهون إن المخابرات المصرية تشرف على الملفات الفلسطينية الخلافية، ويوضح أن هناك استعداد من قِبل حماس للتعامل مع الرؤية المصرية. ويضيف «هناك تفاهم بين الطرفين على أن يتمّ القفز على الإشكاليات وأن تأخذ وقتها في المعالجة، خاصة مع وجود عشر سنوات من الانقسام، وقد تركت آثرًا كبيرًا سواء في القطاع أو في الضفة الغربية، وهذا يحتاج إلى نفس طويل». دور دحلان فيما يأتي دور النائب المفصول من حركة فتح، والرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، محمد دحلان سواء فيما يخص العلاقات مع حماس أو حتى في الدور المصري في القضية الفلسطينية بشكل عام. ويقول المصدر المقرب من حماس لـ «مدى مصر» إنه «لا يمكن تخيل حدوث هذه التقدمات بدون دور دحلان. وهذا لعدة اعتبارات. أولا دحلان له علاقات جيدة وتاريخية بالمخابرات المصرية. ثانيًا، العلاقات التنظيمية الفتحاوية في القطاع تقع تحت تأثير دحلان بالأساس أكثر من تأثير رجال رئيس السلطة محمود عباس. ناهيك عن علاقاته بالإمارات العربية المتحدة والأردن». ويؤكد المصدر على أن دحلان سيكون له دورًا في «الترتيب الجديد» للقطاع، ويشير إلى دور الأخير في إحراز التقدم الكبير في العلاقات الأمنية بين حماس ومصر. ويضيف «تنتظر القيادات السياسية في القطاع الكثير من الأمور التي يستطيع دحلان تقديمها، بدءًا من تخفيف إجراءات الحصار على القطاع، ومرورًا بتأمين الموارد المالية التي يحتاجها القطاع». وكان الملف الأمني قد شهد تقدمًا في العلاقات بين حركة حماس والأجهزة المصرية خلال الشهور القليلة الماضية. ووصلت حالة التعاون إلى شكلها الأوضح، في يونيو الماضي، حين شرعت الحركة الفلسطينية في إقامة منطقة عازلة بعمق ١٠٠ متر على طول الحدود مع مصر، من ناحية غزة، والبالغة ١٢ كيلو مترًا، وكذلك نشر منظومة كاميرات مراقبة وتركيب شبكة إنارة كاملة، بهدف ضبط الحدود ومنع عمليات التسلل من وإلى القطاع. وخلال الأسابيع الماضية، بدأ كل من تنظيم «ولاية سيناء» في مصر ومركز «ابن تيمية للدراسات» بغزة، في شَنّ هجوم واضح ضد حماس، على قاعدة تعاونها مع الأجهزة الأمنية في مصر، وما وصفوه بـ «محاصرة المجاهدين في القطاع». وفي أغسطس الماضي، فجّر جهادي فلسطيني نفسه في المنطقة الحدودية بين القطاع وشمال سيناء، مما أدى إلى مقتل أحد عناصر قوة الضبط الميداني التابعة لحماس. ونعى مركز «ابن تيمية للدراسات» الانتحاري، موضحًا أنه كان في طريقه لسيناء للمشاركة في القتال ضد الجيش المصري، عندما حاصرته شرطة حماس وحاولت منعه من التسلل عبر الحدود.
ارتفاع عدد المقبوض عليهم في الحملة الأمنية على المثليين إلى ٣٣ شخصًا مصطفى محيي ٢ أكتوبر ٢٠١٧ بلغ عدد المقبوض عليهم ضمن الحملة الأمنية التي تستهدف مواطنين بدعوى مثليّتهم الجنسية نحو ٣٣ شخصًا على الأقل، وفق مصدر حقوقي تحفظ على ذكر اسمه. وبدأت نيابة أمن الدولة العليا بمدينة نصر اليوم، الإثنين، التحقيق مع سارة حجازي وأحمد علاء بعد إلقاء القبض عليهما مساء أمس على خلفية رفع علم «قوس قزح» المُعبر عن التنوع في الميول الجنسية، خلال حفل «مشروع ليلى» يوم ٢٢ سبتمبر الماضي. وقالت محامية حقوقية، تحفظّت على ذكر اسمها، إن سارة أُلقي القبض عليها من القاهرة بينما أُلقي القبض على علاء من دمياط، قبل إحالتهما إلى نيابة أمن الدولة. فيما حجزت محكمة جنح الأزبكية أمس قضيتين متهم فيهما ١٦ شخصًا بـ«ممارسة الفجور»، للنطق بالحكم في جلسة ٢٩ أكتوبر الجاري. وقال مصدر حقوقي، تحفظ على ذكر اسمه، إن ستة من المتهمين قد أُلقي القبض عليهم بشكل عشوائي من أحدى المقاهي بميدان رمسيس. وأكد المصدر أن قوات الشرطة قد اقتحمت المكان واعتدت بالضرب على صاحب المقهى والعاملين به. بينما لم يتمكن بعد من معرفة ملابسات القبض على العشرة متهمين الآخرين. وأضاف المصدر نفسه أن نيابة العجوزة أحالت ستة آخرين إلى محكمة جنح العجوزة، بينما أحالت نيابة الدقي اثنين إلى محكمة الجنح، فيما يحاول المصدر معرفة قرار النيابة بخصوص اثنين متهمين آخرين. كما نشرت صحيفة الوطن أن نيابة الهرم قررت أمس حبس أربعة متهمين ١٥ يومًا على ذمة التحقيق بتهمة «ممارسة الفجور»، بعد إلقاء القبض عليهم من إحدى الشقق بمنطقة حدائق الأهرام بالجيزة، بحسب الصحيفة. وكانت داليا عبد الحميد، مسؤولة برنامج «النوع» في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، قد أكّدت لـ«مدى مصر» إن الشرطة قد ألقت القبض على المتهمين الأربعة يوم الجمعة الماضية. كانت محكمة جنح الدقي قضت في محاكمة عاجلة، الثلاثاء الماضي، بحبس مواطن لمدة ست سنوات وتغريمه ٣٠٠ جنيه بعد إدانته بتهمة «ممارسة الفجور بمقابل مادي»، بحسب مصدر حقوقي، طلب عدم ذكر اسمه. وأضاف المصدر أن المتهم ألقي القبض عليه في اليوم التالي لحفل «مشروع ليلى»، وبتفتيش هاتفه الشخصي عُثر على صور له أثناء حضوره الحفل. وشنت قوات اﻷمن حملة أمنية خلال الأسبوع الماضي، عقب واقعة رفع علم «قوس قزح» خلال حفل «مشروع ليلى» يوم ٢٢ سبتمبر الماضي. واستهدفت مواطنين بناءً على شكوك تجاه هويتهم الجنسية، ليبلغ عدد المقبوض عليهم حتى الآن نحو ٣٣ شخصًا على الأقل، بحسب مصادر حقوقية وإعلامية، في حين لم تتوافر أي بيانات رسمية حكومية حول حجم الحملة اﻷمنية، وتضاربت اﻷرقام المنشورة، في تقارير إعلامية مختلفة، حول عدد المُستهدَفين منها. وأصدرت منظمة العفو الدولية بيانًا يوم السبت الماضي يدين الحملة الأمنية. وجاء في البيان أن الفحوص التي يُنتظر أن يُجريها الطب الشرعي على المتهمين للتأكد من ممارستهم الجنسية «تنتهك ما ينص عليه القانون الدولي فيما يخص مكافحة التعذيب». واعتبرت ناجية بونيم، مدير الحملات بشمال أفريقيا بالمنظمة، أن قرار النائب العام المصري بمنح اﻷولوية لاستهداف مواطنين بناءً على توجهاتهم الجنسية المفترضة أمر «بائس بشدة». ومن جانبها، اتخذت هيئة مكتب نقابة المهن الموسيقية قرارًا بمنع أي حفلات لفرقة «مشروع ليلى» اللبنانية في مصر، وعدم التصريح لها إلا بموافقة الأمن العام. ومن المُنتظر أن يعرض القرار للتصديق عليه في اجتماع مجلس إدارة النقابة المقبل، حسبما أوضح رضا رجب، وكيل النقابة لـ«مدى مصر» في الأسبوع الماضي. كما حظر المجلس «الأعلى لتنظيم الإعلام» ظهور «المثليين» بكافة وسائل الإعلام، دون أن يكون ظهورهم مرتبط بإعلان «التوبة»، حسب تصريحات رئيسه مكرم محمد أحمد، يوم السبت الماضي.
حول مقاومة كتالونيا واستقلالها الكتالونيون يتوجهون للاستفتاء ومدريد لا تتوقف عن محاولة تقويضه ريكارد جونزاليس ٢ أكتوبر ٢٠١٧ كلمة المحرر في استفتاء حول الاستقلال الوطني، يواجه سكان كتالونيا تحديًا لمجرد محاولة دخول محطات الاقتراع حول استفتاء ١ أكتوبر من أجل الاستقلال. اشتبكت الشرطة الأسبانية مع آلاف الناخبين الذين خرجوا ليشاركوا في التصويت الذي اعتبرته السلطة في مدريد غير قانوني وحاولت تقويضه بكل ما وسعها. *** بعد سبع سنوات من تغطية الربيع العربي، وفي ٢٠ سبتمبر الماضي، وصلتُ إلى برشلونة، وشعرتُ هناك وكأنني أرى مشهدًا مألوفًا إلى حد ما. في نفس اليوم الذي وصلتُ فيه، اعتقلت الشرطة الأسبانية ١٤ مسؤولًا كتالونًيا وداهمت عدة مكاتب للحكومة الكتالونية. ردًا على ذلك، خرج عشرات الآلاف من الناس إلى شوارع برشلونة احتجاجًا. في الأسابيع التي سبقت استفتاء الأول من أكتوبر حول تقرير المصير، جرى نشر أكثر من عشرة آلاف فرد من قوات الحرس المدني (الشرطة الأسبانية شبه العسكرية) وقوات أمنية أخرى في كتالونيا. تمكن رؤية تلك القوات على السفن السياحية المزينة برسوم وارنر بروس المتحركة. برشلونة، المدينة المتمردة العصية على القمع، العاصمة العالمية للأناركية في أوائل القرن العشرين، تجتاحها رياح الثورة مجددًا. التوترات تتصاعد منذ فترة من الوقت. وفى يوم ١١ سبتمبر، يوم كتالونيا الوطني، تظاهر نحو مليون شخصًا في برشلونة لدعم الاستفتاء الذي اعتبرته الحكومة والمحاكم الأسبانية غير قانوني. كانت هذه هي السنة السادسة على التوالي التي يتظاهر فيها ما يزيد على عشرة في المائة من سكان كتالونيا دعمًا لحقهم في التصويت على تقرير المصير، في درجة غير مسبوقة من التعبئة في تاريخ أوروبا المعاصر. غير أن رئيس الوزراء الأسباني ماريانو راخوى، والقادم من الحزب الشعبي الوطني المحافظ، قرر تجاهلها كما فعل في كل الأعوام السابقة. قد يبدو موقف راخوي غير منطقي للمراقبين الدوليين، ولكنه يتسق مع مساره السياسي. ففي منتصف عام ٢٠٠٠، وفي وسيلة لاستعادة السلطة، أثار المشاعر المناهضة لكتالونيا، حين قاد حملة ضد قانون جديد منح كتالونيا قدرًا أكبر من الحكم الذاتي، وشملت حملته مقاطعة المنتجات الكتالونية، وجمع التوقيعات ضد هذا القانون الجديد، ما أدى لتعميق الانقسام بين الحكومة الأسبانية والكتالونيين لصالح الاستقلال. «لم أكن يومًا مهتمة بالسياسة، ولم أؤيد الاستقلال. لكن المقاطعة ثم التوقيعات مسّت كرامتي الكتالونية. وبحلول أول مظاهرة كبيرة في عام ٢٠١٢، كنت قد أصبحت بالفعل مؤيدة للاستقلال»، تقول مارتا، الممرضة البالغة من العمر ٣٩ عامًا، في فاعلية مؤيدة للاستقلال في سانت أدريا دي بيسوس، وهي إحدى ضواحي الطبقة العاملة في برشلونة. هذا مسار سياسي شائع بين الكتالونيين. فقبل عام ٢٠١٠، كانت الأحزاب الكتالونية المؤيدة للاستقلال تحصل على ما بين ١٠ إلى ١٥ في المائة من الأصوات، ووفقًا لمعظم الاستطلاعات، كانت الغالبية تصوت لصالح هوية مزدوجة، كتالونية – أسبانية. ولكن من وقتها، ارتفعت نسبة من يعرّفون أنفسهم بالـ«كتالونيين» بشكل كبير، كما اتضح في استفتاء غير ملزم أُجري عام ٢٠١٤. اتسع الصدع بين منطقة كتالونيا والدولة الإسبانية في ٢٠ سبتمبر، حين قرر راخوي منع الاستفتاء باستخدام القمع. منذ ذلك الحين، حُجب عدد من المواقع، وحاولت الشرطة الاسبانية، دون أمر قضائي، اقتحام مقار حزب كتالونى سياسي على أقصى اليسار، كما جرى منع عدد من الفعاليات الداعمة للاستفتاء في مناطق أخرى من أسبانيا. «هذا لا يتعلق بالاستقلال، إنما بحقوقنا وحرياتنا»، قالت آدا كولا، عمدة برشلونة التي تمثل جزءًا من ائتلاف الجماعات اليسارية الكتالونية المرتبطة بحزب «بوديموس». الحزب الذي يرأسه بابلو إجليسياس هو الوحيد، بين جميع الأحزاب الأسبانية الرئيسية، من يدعم الاستفتاء القانوني لتحديد مسألة الحكم الذاتي الوطني لكتالونيا، على غرار ذلك الذي جرى في اسكتلندا في عام ٢٠١٤. تحظى الحكومة الأسبانية بدعم غالبية حكومات الاتحاد الأوروبي الأخرى، والتي تشعر بالقلق إزاء انفصال أحادي الطرف قد يمثل سابقة في ظل التحديات الأخرى التي تهدد بزج المشروع الأوروبي في مزيد من الأزمات. قبل اشتباكات ١ أكتوبر، دعا نشطاء كتالونيون لعصيان مدني في حال لم تسمح مدريد بإجراء استفتاء قانوني، وهو واقع قد يتحقق قريبًا. صورة مارك ألمودافار
الداخلية تعلن مقتل ٣ عناصر من «حسم» بمدينة ١٥ مايو مدى مصر ٢ أكتوبر ٢٠١٧ قالت وزارة الداخلية اليوم، الإثنين، إنها قتلت ثلاثة من أعضاء تنظيم «حركة حسم» المسلح، وتمكنت من تحديد هوية اثنين منهم، عقب الاشتباك معهم في مدينة ١٥ مايو. وأوضحت الوزارة في بيان لها «توافرت معلومات لقطاع الأمن الوطنى تفيد تردد مجموعة من كوادر حسم الإرهابية على منطقة المقابر (تحت الإنشاء) والكائنة بمنطقة ١٥ مايو القاهرة ليلاً هروباً من الملاحقة الأمنية وأنهم بصدد الإعداد الفعلي لتنفيذ عمل عدائي خلال المرحلة الراهنة». وبحسب نص البيان «حال إقتراب القوات للمكان فوجئت بإطلاق أعيرة نارية كثيفه تجاهها مما دفعها للتعامل مع مصدر النيران وأسفر ذلك عن مصرع ثلاثة من العناصر أمكن تحديد شخصية إثنين منهم وهما الإرهابى محمد عبدالكريم مرعى عبدالرحمن (مواليد ١٦ ٩ ١٩٩٤٤ حاصل على بكالوريوس هندسة – إبشواى الفيوم). والإرهابى محمود بركات محمد محمد (مواليد ١٦ ٨ ١٩٨٨٨ – ترزى – قرية المنشية مركز ناصر بنى سويف)». وأشارت الوزارة إلى أن الإثنين المتعرف عليهما مطلوبان على ذمة القضية رقم ٧٦٠ ٢٠١٧ المعروفة إعلاميًا بقضية «حركة حسم». وكان تنظيم «حركة حسم» أعلن أمس، الأحد، تبنيه لعملية تفجير استهدفت سفارة ميانمار في القاهرة بعبوة ناسفة مساء السبت الماضي، وقال إن ذلك «لتشارك مواطني الروهينجا المسلمين همومهم وآلامهم هؤلاء الذين يتعرضون للقتل الوحشي والتشريد وتقطيع أجساد النساء والأطفال في إبادة جماعية قذرة». غير أن مسؤول من السفارة كان قد نفى استهدافها. وخلال الشهور الماضية، نَشَرَت وزارة الداخلية العديد من البيانات الأمنية أعلنت فيها عن تصفيتها لعددٍ من كوادر وأعضاء التنظيم. في ١٣ سبتمبر الماضي أعلنت وزارة الداخلية عن مقتل «المنفذ الرئيسي» للهجوم على قوة أمنية بمنطقة البدرشين بالجيزة، خلال تبادل لإطلاق النار أثناء محاولة القبض عليه في شقة سكنية بمنطقة البيطاش بالدخيلة في محافظة الإسكندرية، ويُدعى عز عيد محمد مليجى، وشهرته «عز الأسود»، بحسب بيان للوزارة. كانت مجموعة مسلحة قد هاجمت قوة أمنية بمنطقة أبو صير في البدرشين، منتصف شهر يوليو الماضي، ما أسفر عن مقتل خمسة من قوات الشرطة. وكان ثلاثة أشخاص مجهولين يستقلون دراجة نارية أطلقوا أعيرة من سلاح آلى كان بحوزتهم على أحد سيارات القول اﻷمني، ما تسبب في مقتل أمين شرطة وفرد شرطة وثلاثة مجندين، فيما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم حتى اﻵن. بعد الهجوم داهمت الشرطة شقتين في منطقتي السادس من أكتوبر والهرم في شهر يوليو الماضي للقبض على المتهمين في هجوم البدرشين، إلا أن تبادلًا ﻹطلاق النار أدى إلى مقتل أربعة أشخاص، هم حسن محمد أبو سريع عطا الله، وعماد صلاح عبد العزيز محمد جمعة «من مُنفِّذي الحادث»، وأحمد ربيع أحمد عبد الجواد، وعبد الرحمن محمد عبد الجليل محمد الصاوى، اللذين «شاركا فى رصد تحركات القوة الأمنية المستهدفة»، حسب بيان سابق للداخلية في ٢٦ يوليو الماضي، في حين ذكر. وكانت الداخلية قد أعلنت يوم ١٤ أغسطس الماضي، عن مقتل اثنين من التنظيم في تبادل لإطلاق النار أثناء مداهمة أمنية لمزرعة بمركز الخانكة في محافظة القليوبية. وذلك بعد يوم واحد من إعلانها عن مقتل اثنين من أعضاء التنظيم بوحدة سكنية بمدينة الخصوص في القليوبية أيضًا. واتهمت الوزارة القتلى الأربعة بالتورط في اغتيال ضابط الأمن الوطني، إبراهيم عزازي، الذي قُتل في يوليو الماضي. كما أعلنت الداخلية في شهر يوليو عن قتل ثمانية أفراد من التنظيم في اشتباك مسلح بمحافظة الفيوم، وإلقاء القبض على خمسة آخرين في محافظتي الجيزة والشرقية. إلا أن التنظيم نفى مقتل أيًا من عناصره في حملات أمنية، مضيفًا أنه لا يخجل ممن قُتلوا من أعضائه، ووصف الأرقام المعلنة في بيانات الداخلية بـ«الكاذبة»، كما وصف عمليات الأمن بأنها «تصفية وقتل ممنهج». وعُرف «حسم»، خلال السنة الأخيرة، بتبنيه لعدد من عمليات العنف المسلح، بينها استهداف كمين شرطة في شارع الهرم في ديسمبر الماضي، ما أدى إلى مقتل ستة شرطيين بينهم ضابطين. كما قام بمحاولة اغتيال القاضي أحمد أبو الفتوح بتفجير سيارة مفخخة قرب منزله، بحي التجمع الخامس، في نوفمبر الماضي.
إخلاء سبيل ٩ نقابيين بالضرائب العقارية والكهرباء.. والنيابة تستأنف مدى مصر ٢ أكتوبر ٢٠١٧ قرر قاضي محكمة القضايا المدنية بطنطا اليوم، الإثنين، إخلاء سبيل ٩ قيادات من النقابتين المستقلتين للعاملين بالضرائب العقارية والكهرباء، إلا أن نيابة كفر الزيات استأنفت على القرار. وستنظر محكمة جنح مستأنف طنطا غدًا، الثلاثاء، طلب الاستئناف، بحسب المحامي سيد الجمّال. وكانت الشرطة قد ألقت القبض، في يومي ١٦ و١٧ سبتمبر الماضي، على سبعة قياديين من النقابة المستقلة للضرائب العقارية، وهم طارق كعيب، رئيس النقابة، وأيمن فتحي الصباغ، ومحمود محمد زيدان، وسعيد علي محمد جامع، وعاطف فتحي، ومحمد عبد الحميد، وياسر بدري منصور. فيما ألقت الشرطة، في الوقت نفسه، القبض على محمد الهنداوي وعبده الغنيمي من النقابة المستقلة للعاملين بالكهرباء. وتنوع النطاق الجغرافي للحملة الأمنية التي استهدفت القياديين النقابيين لتشمل محافظات أسيوط والمنيا والمنوفية والمنصورة والقليوبية. وأُلقى القبض على معظمهم من منازلهم، بينما تمّ إلقاء القبض على كعيب من أمام مستشفى كفر شكر بمحافظة القليوبية أثناء توجهه إلى هناك لمتابعة حالته الصحية. وأوضح الجمّال لـ «مدى مصر» أن نيابة كفر الزيات كانت قد وجهت إلى القياديين التسع اتهامات بـ «التحريض على التظاهر» و«الإضراب»، و«تعطيل مرفق عام»، و«توجيه انتقادات لاذعة لقانون النقابات العمالية»، الذي يعتزم مجلس النواب مناقشته في دور الانعقاد الحالي، وذلك فضلًا عن «الإسقاط على البرلمان والقيادة السياسية». وأضاف المحامي أن «الحرز الوحيد المُقدم ضد المتهمين هو مُذكرة أرسلوها بأنفسهم إلى البرلمان بتعليقاتهم وانتقاداتهم لمشروع قانون النقابات الذي يعتزم البرلمان إقراره». وصدر تجديد الحبس الأول للتسعة قياديين، في ٢٠ سبتمبر الماضي، من قاضي معارضات محكمة استئناف طنطا بحبسهم ١٥ يوما على ذمة التحقيقات. وفي سياق متصل، سبقت الحملة الأمنية القبض على كل من القياديين بنقابة العاملين بالضرائب العامة طارق الكاشف، ومحمد بسيوني، وذلك أثناء تقديمهما لإخطار بمظاهرة إلى قسم شرطة السيدة زينب، فيما أيدت محكمة العمرانية، الأربعاء الماضي، قرار إخلاء سبيلهما.
استهداف مشروعات الجيش بوسط سيناء.. المدنيون يدفعون الثمن مراد حجازي ١ أكتوبر ٢٠١٧ قبل عام ونصف ترك صاحب سيارة نقل ثقيل، يبلغ من العمر ٢٦ عامًا، العمل في نقل الحاويات داخل ميناء شرق التفريعة بسبب الركود وانخفاض العائد المادي، وانتقل للعمل في نقل أطنان الأسمنت من مصنع «العريش للأسمنت» التابع للقوات المسلحة في وسط سيناء، ولكنه لم يعلم أن الأسوأ من الركود وقلة الدخل المادي ينتظره. مساء السابع والعشرين من سبتمبر الماضي، عبر بسيارته إلى شرق القناة واخترق الطريق الأوسط بين جبال وسط سيناء، في طريقه لتحميل حمولة أسمنت جديدة تُدر عليه بعض الأموال لدفع قسط سيارته الذي اقترب موعده، عبر منطقة «الخاتمية»، وبعدها «المشبة» وعند مشارف وادي الحِمة، بدأ كل شيء ينقلب رأسًا على عقب. فوجئ السائق بثمانية مسلحين يقفون على الطريق، فزاد من سرعة السيارة في محاولة لاجتيازهم، لكنهم أطلقوا وابلاً من الرصاص اخترق إطارات السيارة، ما اضطره للتوقف. أنزله المسلحون من السيارة قبل أن يأمروه «انزل على ركبك»، ثم أطلقوا الرصاص على جانبيه في الرمال. بعد وقت قصير مرت ثلاث سيارات أخرى، أنزل المسلحون منها خمسة أفراد جثوا على رُكبهم بجانب السائق، بعد أن تأكدوا أنهم جميعًا تابعين لمصنع القوات المسلحة، ثم توجهوا إلى السيارات وألقوا عليها مواد حارقة وأضرموا فيها النيران. الصدفة وحدها أنقذت رقاب الرهائن الستة على يد المسلحين، الذين أمروهم بنطق الشهادتين شاهرين السكاكين. في تلك اللحظة لاحت على مرمى البصر أضواء مبهرة لسيارة نقل تقترب، ظن المسلحون أنها تابعة للشرطةن ففروا هاربين بعد أن أطلقوا وابلاً من الرصاص تجاه السيارة. يقول السائق، ابن مركز المنزلة بمحافظة الدقهلية «كل ذلك مر في لحظات قليلة، ولا تزال تراودني في كل وقت حتى وأنا نائم، ولم أنس ما حدث حتى مماتي». سبق تلك الواقعة هجمات شنها مسلحون في سبتمبر الماضي على مواقع عمل ودمروا خلالها مُعدات ثقيلة تُستخدم في رصف طرق جديدة تشرف عليها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، على طريقي «بئر العبد جفجافة» الجديد جنوب مدينة بئر العبد، و«الإسماعيلية العوجة» الطريق الأوسط بين محافظتي شمال وجنوب سيناء، وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية على منصته الإعلامية «وكالة أعماق» تلك الهجمات. في الرابع عشر من شهر أغسطس الماضي، استوقف مسلحون بالقرب من منطقة «بغداد» في وسط سيناء، سيارات نقل ثقيل يملكها مدنيون وتعمل في نقل الأسمنت من مصنع القوات المسلحة في وسط سيناء إلى باقي محافظات الجمهورية، وحذروهم من العودة مرة أخرى إلى سيناء والعمل مع الجيش وأعطوهم بيان مطبوع بعنوان «مناصحة وإعذار»، تضمن تحذير لكل أصحاب السيارات التي تنقل منتجات أو خامات للمصنع، مؤكدًا أن المصنع هدف مشروع لأفراد التنظيم. تضم منطقة وسط سيناء مصنعين للأسمنت، الأول «أسمنت سيناء» يملكه رجل الأعمال حسن راتب، والآخر «العريش للأسمنت» تابع لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، وأنشأ عام ٢٠١١، وكلا المصنعين يقعان في منطقة «جبل لبني» على مشارف وسط سيناء جنوب مدينة العريش، على الطريق الدولي «الإسماعيلية العوجة»، المار بالمدينتين الأهم في وسط سيناء «نخل، والحسنة». يقول السائق «منذ فترة فوجئنا بيافطة كبيرة معلقة في المصنع، فيها تحذير للسواقين من السير على طريق وسط سيناء (الحسنة نخل صدر الحيطان)، والمطلوب هو نمشي في الطريق الأوسط (المصنع بغداد جفجافة كمين اللواء معدية نرمة٦)، لأنه طريق مؤمن وعليه كماين جيش كتيرة». وأضاف «على الرغم من اتباعنا التعليمات لكن الحادث وقع على الطريق بتاع الجيش، قبل كمين (الحمة)، وكانوا ٨ أفراد مسلحين ولابسين ملابس جيش مُموهة وصدادات رصاص، ومعاهم أجهزة لاسلكي (موتوريلا)، وكان فيه أفراد تبعهم فوق الجبال على جوانب الطريق». يصف ما حدث معه بعد إنزاله من السيارة «كانوا يضربوا الطلقة جنبنا تنفضنا من على الأرض»، ويتابع، «كنا ٦ أفراد، ٤ سواقين و٢ تباعين (مساعد سائق)، في الأول أتأكدوا إننا شغالين تبع مصنع الجيش مش حسن راتب، وحاولت أفهمهم أننا بنسترزق من أي مكان وإحنا مش طرف في شيء وبنجري ورا أكل عيشنا بس، لكن ماجبش الكلام معاهم نتيجة، قولتلهم خودوا الموبايل والفلوس اللي معايا، ردوا إحنا مش بتوع موبيلات. وبعدها ولعوا في كل العربيات». وعن أحواله المعيشية يقول السائق «كل شهر بسدد قسط ١٢ ألف للعربية والقسط الجاي يوم ١ أكتوبر، أنا حاليًا قاعد في البيت مش طايل سما ولا أرض». في السابع عشر من سبتمبر الماضي، تحول الطريق الجنوبي لمدينة بئر العبد في محافظة شمال سيناء وحتى مشارف وسط سيناء، إلى منطقة تشبه مناطق العمليات الحربية بعد أن تعرضت مواقع تحتوي على مُعدات ثقيلة تستخدم في رصف الطرق إلى الحرق من قِبل مجموعات مسلحة، ورُصت المعدات المحروقة مختلفة الأنواع على جانبي الطريق وكأن معركة حربية دارت في المكان، حسب شهود عيان تحدث معهم «مدى مصر» أكدوا أن أكثر من ٤٠ مُعدة ثقيلة متنوعة بين سيارات قلاب ونقل وهراسات ولودرات وخلاطات أسفلت وأوناش أُحرقت بالكامل. قبل إجازة عيد الأضحى أواخر شهر أغسطس الماضي، هاجمت مجموعة من المسلحين موقع خاص بأحد الشركات العاملة في رصف الطرق جنوب مدينة بئر العبد بالقرب من منطقة «جَعل» وحذروا العاملين من العودة مرة أخرى للعمل في هذه المنطقة والتعامل مع القوات المسلحة في آي مشروعات خاصة بها. صاحب معدات ثقيلة من مدينة العريش، لب عدم ذكر اسمه، قال لـ«مدى مصر» إنهم تلقوا «التهديد يوم الإثنين ٢٨ أغسطس الماضي، وقبل الحادث بيوم كنت تركت الموقع في منطقة (جَعل) ورجعت إلى مدينة العريش، اتصل بي أخي وأخبرني بما حدث، وأنه من الأفضل أن نترك المكان تحسبًا للأسوأ». يضيف «بعدها بيوم رجعت إلى الموقع وسحبت معداتي من المكان، ٣ سيارات قلاب ولودر، ورجعت إلى مدينة العريش. باقي أصحاب المعدات والعاملين في الموقع لم يعجبهم قرارنا، وقالولنا أنتوا مش رجالة وخوافين». بعد انقضاء إجازة عيد الأضحى، وفي منتصف شهر سبتمبر الماضي، وقع الأسوأ ونفذت التهديدات بالفعل. في مساء يوم الخميس، الرابع عشر من شهر سبتمبر، هاجم مسلحون موقعًا يضم معدات ثقيلة كانت تستخدم في إنشاء إحدى وصلات الطرق العرضية المتفرعة من الطريق الدولي «الإسماعيلية العوجة»، بالقرب من مدينة «نِخل» التابعة لوسط سيناء، وأحرقوا خمس سيارات قلاب ولودر، حسبما أفاد أحد المشرفين على موقع عمل آخر قريب من محيط المنطقة. بعد تلك الواقعة بثلاثة أيام، وفي السابع عشر من ذات الشهر، هاجم مسلحون أربعة مواقع أخرى على الطريق العرضي «بئرالعبد المغارة»، وأحرقوا جميع المعدات الموجودة بها. أحد المشرفين على واحد من هذه المواقع تحدث لـ«مدى مصر»، رافضًا الإفصاح عن هويته «مواقع العمل التي هُوجمت، كانت مهمتها تدشين طريق جديد يصل بين مدينة بئر العبد في الشمال وقرية الجفجافة في الوسط، تحت مسمى خط ٤ وتحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة». وأضاف، أن الطريق الرئيسي يوجد به كمينان عسكريان في بدايته ونهايته، الأول يسمى «جاعد» والآخر «زقدان»، وتغلق المنطقة بالكامل يوميًا من الساعة السابعة مساءً حتى السابعة صباحًا، ويمنع السير على الطريق في تلك الفترة. وأكد أن المنطقة آمنة جدًا ولم يظهر فيها عناصر مسلحة طوال الفترة الماضية نهائيًا، لافتًا إلى أن الحادثة الوحيدة التي وقعت هي الهجوم على كمين «زقدان» الواقع في نهاية الطريق على مشارف وسط سيناء. وكان هجوم مسلح على كمين «زقدان» العسكري في ١٤ أكتوبر من العام الماضي قد أسفر عن مقتل ١٢ جنديًا وإصابة ثمانية آخرين. يتابع مشرف الموقع رواية تفاصيل واقعة الحرق «بعد صلاة العشاء بقليل فوجئنا بثلاث سيارات ربع نقل تحمل بلح، ويجلس عليه أطفال وشباب، توقفت أمام الموقع وترجل منها الشباب وأخرجوا أسلحتهم الآلية من أسفل البلح في صندوق السيارة، وبدأوا بالاقتراب منا وركعونا على الأرض. بعد ذلك توجه البعض منهم إلى المُعدات الموجودة في الموقع، وألقوا على إطاراتها مواد تساعد على الاشتعال كانت بحوزتهم، ثم أشعلوا النيران فيها بالكامل». وأضاف «جمع المسلحون الهواتف المحمولة ممن كانوا في الموقع، وأدخلونا جميعًا إحدى خيام المبيت، وحضر شخص بلحية طويلة وشعر طويل، وقعد يتكلم كأنه بيخطب في جامع، لكن محدش كان مركز مع كلامه نهائيًا، كُنا فاكرين إنهم خلاص هيموتونا، بعدها خرجونا من الخيمة وحرقوها، ومشونا مسافة كبيرة بعيد عن الموقع وسابونا». مالك آخر لمعدات رصف من مدينة العريش، كان موجودًا بموقع آخر أثناء وقوع الهجمات، يقول لـ «مدى مصر» «حاولت إنقاذ ما يمكن إنقاذه والهروب بأحد السيارات، لكنهم تعدوا عليّ، وربطوني في عمود الخيمة، وأشعلوا النيران في السيارة»، مضيفًا «بعض الشباب حاولوا الهروب ببعض السيارات الكبيرة واللوادر، ولكن فشلوا بعد أن أرسل المسلحون خلفهم سيارات ربع نقل، لحقوا بهم وأنزلوهم وأحرقوا جميع المعدات وتعدوا بالضرب عليهم لمحاولتهم الهرب». واختتم حديثه «شيء صعب تشوف مالك وشقى عمرك بيولع قدام عينك وأنت مش قادر تعمل حاجة». أكد المصدران اللذان تحدثنا إليهما أن جميع السيارات الربع نقل في المواقع التي هوجمت، تم الاستيلاء عليها من قبل المسلحين. أحد المشرفين على موقع عمل نجا من الحرق في ذلك اليوم، يقول لـ«مدى مصر» «بعد حوالي الساعة الثامنة مساء يوم ١٧ سبتمبر، فوجئنا بعدد كبير من المُعدات الثقيلة سيارات نقل ولوادر وسيارات ربع نقل تسير بسرعة كبيرة على الطريق في اتجاه الجنوب، وقالوا لنا (اهربوا بسرعة، التكفيريين بيحرقوا اللوادر والقلابات)، في وقت قصير جمعنا أمتعتنا وتوجهنا إلى ميدان قرية الجفجافة القريبة من الموقع، وقضينا فيها ليلة عصيبة كنا نتوقع الهجوم علينا في أي لحظة، وفي الصباح عاد العمال إلى مدينة العريش ونقلت شركات المقاولات المعدات الثقيلة خارج سيناء». أحد أصحاب المعدات، من محافظة الجيزة، يقول «وصلت تاني يوم من الحادث، كانت العربيات لسه بيطلع منها دخان، والله ما قدرت أشوفها، مالي ومال عيالي وأكل عيشي، وكلها عليها أقساط لم تسدد، بيوتنا اتخربت والضربة جامدة». وأضاف أن الهدف من الحادث هو انسحاب جميع المقاولين والشركات من العمل لصالح الجيش في سيناء، «للأسف هذا ما حدث مع عدد كبير من أصحاب المعدات التي نَجت. انسحبت من سيناء إلى غرب قناة السويس ومعظم المشروعات توقفت»، يقول المصدر. وأكد أن المنطقة أصبحت غير آمنة، وهناك شركات مقاولات وأصحاب مُعدات نقلت معداتها إلى محيط كمائن الجيش على الطريق الأوسط لأنها الأكثر أمانًا، ومنهم من سحب المعدات حتى مشارف قناة السويس في انتظار «الكساحات» لنقل معداتهم عبر قناة السويس، مشيرًا إلى أن شركات مقاولات من أبناء سيناء لم ترجع المعدات لمدينتي العريش وبئر العبد، ولكنها أخرجتها غرب قناة السويس. وقدّر المصدر الخسائر، حسب ما شاهده في المواقع المحروقة، بنحو ٧٠ مليون جنيه، منها سيارات قلاب، ثمن السيارة يصل إلى مليون جنيه، ولوادر يتراوح ثمنها بين مليون ونصف و٢ مليون جنيه، وهراسات طرق وجليدرات من ٦٠٠ ألف وحتى ٩٠٠ ألف جنيه، وخلاطات أسفلت تبلغ قيمة الخلاطة ١٥ مليون جنيه، وأوناش يصل ثمن الواحد منها إلى أربعة ملايين جنيه، مؤكدًا أن معظم تلك المعدات كانت جديدة. المعدات المحروقة ما زالت موجودة في أمكانها بناءً على طلب القوات المسلحة من أصحابها حتى انتهاء المعاينات من لجان متخصصة، فيما يطالب من تحدثنا معهم بتعويضات عادلة عن خسائرهم الفادحة لبدء حياتهم من جديد.