مدى مصر

حول قضية زياد دويري أين وصلت السياسة في لبنان؟ هلال شومان ١٤ سبتمبر ٢٠١٧ دائمًا ما أتناقش مع أصدقائي الفلسطينيين في تفاصيل ماهية التطبيع. بيننا «أخذ وعطا». نتحدَّث في مدى «موضعية» حركة الـBDS التي تقارب اللا سياسة، وفي ضرورة وجودها في الوقت عينه. يخبرونني عن أزمات فلسطينيي الداخل وعن توقهم لزيارة بيروت. يفيض آخرون منهم عن كون أزمات فلسطينيي الداخل أزمات «كماليات» قبالة الخنق اليومي للحياة في غزة. نتكلَّم في مدى كون الثقافة نفسها واحدة من الكماليات أو في كونها فعلًا يخوض في الممنوع ضمنيًا ويدفع تجاه ما ليس متاحًا. يتطرقون للتنسيق الأمني. أخبرهم عن عدم فهمي لسبب وسم مهرجان ثقافي في فلسطين بـ«التطبيع»، في مقابل السكوت عن مهرجان آخر. نتحدَّث عن استخفافنا بالأعمال التي يصفها صناعها بـ«الانسانية»، متخففين من لفظ «السياسة»، وعن كرهنا للأعمال التي تدعي التسيّس، بينما هي خطاب ما بعد حدثي واعظ وآمن حفظناه بتكرار الأحداث. قبل الخوض في حديث التطبيع «اللبناني»، يجب إيضاح بضعة أمور. اتَّجه لبنان نحو اللا سياسة منذ زمن. ضمرت السياسة في الـ١٢ عامًا الماضية على دفعات. في لبنان، المسألة مقلوبة. السعي لوجود دولة هدفه استعادة السياسة وإخراجها من منطقها العصابي. وهو سعي إن توقَّف عند الحد الذي توقًّف عنده مع نهاية الحرب الأهلية (أي إيقاف النقاش الفعلي عن هوية البلد وعدم الخوض في نقاش ماهية الأمة الشعب اللبنانيين)، فسينتهي إلى ما انتهت إليه الدولة حاليًا تجمعاتٍ لتوافقات عائلية وحزبية ومذهبية ومصرفية تتفاوت بحسب ميزان القوى ومع قوة منع طاغية يحوزها حزب مسلح. عوضًا عن النقاش المؤسِّس عن الهوية الجامعة، تُستحضر مزاجات وطنية مع كل فاجعة تتسبب بها ميليشيا من ميليشيات تحالف الحكم، ثمَّ يتمدد المزاج إعلاميًا وشعبيًا بشكل يقبض القلب، أولًا لأن المزاج المفروض يفتقد للأصالة، وثانيًا لأنها علامة إضافية على مزاج النكران الطاغي لماهية توازن الحكم، وثالثًا لأن هذا المزاج يتَّسم بعنف كامن وهستيريا عنفية (ولو كلامية) لا معقولة. لذا ينتهي الأمر في لبنان، لأن يصير الخطاب الميليشياوي رافعةً للخطاب الوطني، ولأن يبدوَ أكثر الخطابات تماسكًا. لهذا لم يكن مستغربًا أن تقف كل الميليشيات و«شعوبها» ومثقفيها وصحافييها قبالة حركات صغيرة مضيئة، مثل مظاهرات «النفايات» أو خوض مدنيين لتجربة الانتخابات البلدية، إما بالتخوين أو بالهزء أو بالاصطفاف والتحالف المواجه. في لحظة حدثية واحدة، وعند أول احتكاك فعلي لهذه الحركات بالسياسة، أمكن للمنظومة أن تصطف في نمط عصابي واحد، وأن تهضم الحدث. في لبنان، يمكن لعضو مؤسِّس في حملة المقاطعة أن يتهم، هو والحملة، كاتبًا مشهورًا بكونه أحد أبرز مرسيي السرديات الفلسطينية الروائية، بـ«التطبيع»، وأن تبقى دار النشر التابعة لعائلة العضو تنشر للكاتب رواياته في نفس الوقت. يمكن للعضو المؤسِّس نفسه «تخفيف» حدة اتهامه لإدوارد سعيد (مقارنة بمتهمين آخرين) بـ«التطبيع»، لتعاونه مع موسيقي إسرائيلي، وأن تبقى الدار، بالطبع، تنشر كتبًا لسعيد. أما الصحف، فأين نبدأ من الصحف؟ من واقعة تقلُّب صفحة ثقافية بين اتهام سينمائيين مصريين بالتطبيع في مهرجان كندي، وبين إسباغ الوطنية عليهم بعد يوم أو يومين؟ أو من كون العمالة حصرية لرئيس تيار سياسي، بينما يُطنَب المديح لوزير إعلام من التيار السياسي نفسه، بوصفه منقذًا للصحافة الورقية، فقط لأنه يقترح أن تدفع الحكومة ٥٠٠ ليرة لبنانية عن كل عدد ورقي للصحف اللبنانية؟ من واقعة قرار رئيس تحرير الصحيفة أن محمود درويش «مزق تاريخه»، وطلبه منه مواصلة اللحاق بالصبايا اللواتي لم يحصل عليهن، فقط لأنه قرر الذهاب إلى حيفا؟ من أين نبدأ؟ هذا مدخل بسيط يشرح كيف تخرِّب مجموعات ثقافية وصحافية، بشكل مؤسساتي، الثقافة، عبر اعتمادها الخطاب الوطني النفعي. هذا المدخل ليس تهربًا من النقاش، ولا هو مقدمة للدفاع عن زياد دويري، المخرج حامل الجنسيتين اللبنانية والفرنسية، والذي صودر جوازا سفره في مطار بيروت ليوم، بعد عودته من مهرجان البندقية حيث عرض فيلمه الجديد «قضية رقم ٢٣»، واستُدعيَ للمحكمة العسكرية، وأُفرِج عنه. لقد قيل كل ما يجب قوله، قانونًا وأخلاقيًا وفنيًا وسياسيًا، خلال السنوات الماضية، عن ذهاب المخرج لتل أبيب وإقامته فيها، وتصوير فيلمه السابق «الصدمة» عام ٢٠١١ مع طاقم عمل فلسطيني إسرائيلي مشترك. كُتِب أيضًا الكثير عن مضمون فيلمه السابق، أو في الردّ على المتوازية اللا معقولة للفن والسياسة، ويبدو أن المخرج يحسن صنع الأفلام أكثر من الكلام أو تبرير أفعاله. لكنَّ استدعاء القضية والنقاش الآن بمثابة تنمُّر غير مفهوم سيخمد بفعل توازنات سياسية مصرفية يحتمي بها المخرج نفسه. كلما فُتِح موضوع التطبيع أفكِّر في الأسئلة التالية ١ هل تخدم مقاطعة هذا العمل فلسطين والفلسطينيين؟ ٢ هل أكون، بإعلاني لموقفي، جزءًا من حملة سياسية محلية، أكثر من كوني مفيدًا للقضية الفلسطينية؟ ٣ هل أشارك بموقفي هذا في الدفع نحو إقصاء أو عنف عصابي يسهل حدوثه أصلًا في لبنان؟ ٤ هل يفتح العمل محل المقاطعة الباب أمام سابقة يمكن تكريسها بالتتابع، وتضر بالقضية الفلسطينية؟ ٥ ما جدوى مقاطعة الأعمال التي تمكن مشاهدتها على الانترنت؟ ٦ هل يندرج العمل محل المقاطعة ضمن سياق مؤسساتي ثقافي مالي لتطبيع وجود «إسرائيل»؟ تتفاوت الإجابات عندي في كل مرة، ويختلف الموقف باختلاف السياق. لكني، ورغم تفاوت إجاباتي، أشعر بوجوب ضبط النفس وعدم الركون لموقف عنفي لفظي أو إقصائي من جهة، وعدم الانزلاق إلى ذلك الاستقطاب الذي يستسهله لبنانيون في الضفة المواجهة لحملة المقاطعة، عبر كلامهم عن تحضُّر «إسرائيل»، وعن «عزل الفن عن السياسة» وعن « خلصونا بقى!». ما أفكِّر فيه أولًا هو أصدقائي الفلسطينيون، ولا يعنيني الخطاب الوطني في لبنان ولا الخطاب المواجه. أمّا ما حدث مع قضية زياد دويري، فهو أنه جرى القفز من فعل المقاطعة، للمطالبة بالمحاسبة، للدفع نحو المنع الضمني لعمل فني جديد، لاحتجاز مؤقت لشخص بعد خمس سنوات من الفعل الأساسي، عبر مناشدة السلطات الأمنية، ومن ثمَّ توجيه التحيات لهم، وإعلان الانتصار. والمطلوب؟ اعتذار! كل هذه «الهمروجة الصحافية» كانت من أجل اعتذار. أي مشاهد للأخبار اليومية في لبنان، يمكنه إدراك مدى سماجة مثل هذا الطلب. غريب أن تُبنى حملة مقاطعة دعمًا لفلسطين على توجيه مناشدات وتحيَّات للسلطات الأمنية، ومستهجَن أن تلعب الصحافة اللبنانية دور «المخبر الأمني» تحت عناوين مثل «المحاسبة» و«الخطاب الوطني». أما فيلم دويري الجديد، والذي زُجَّ به بعد أشهر من الأخبار عن صناعته في هذا الصراع المستعاد، فيبدو أنَّه جزء من صراع سياسي داخلي، سواء عبر موضوعه أو عبر تمويله المصرفي (القواتي). رغم كل ذلك، يبقى مكان الفيلم الصالات، ويبقى مكان النقد (لا الإخبارات الأمنية) الصحف. ويمكن بعد المشاهدة تحديد إن كان الفيلم الجديد هو خطوة ثانية في مسار «سياسي» بدأه صاحب «ويست بيروت» مع فيلم «الصدمة» قبل سنوات، أم أنَّ ما شهدناه في الأيام الماضية كان محض نكايات على الطريقة اللبنانية المعتادة. يبقى سؤالان أساسيان في ما حدث أين صارت السياسة في لبنان؟ وهل هذا بالفعل ما تبقى من الصحافة اللبنانية؟
الداخلية مقتل «المنفذ الرئيسي» لهجوم البدرشين خلال تبادل إطلاق نار مع الشرطة بالإسكندرية مدى مصر ١٣ سبتمبر ٢٠١٧ أعلنت وزارة الداخلية اليوم، اﻷربعاء، عن مقتل «المنفذ الرئيسي» للهجوم على قوة أمنية بالبدرشين منتصف يوليو الماضي، خلال تبادل لإطلاق النار أثناء محاولة القبض عليه في شقة سكنية بمنطقة البيطاش بالدخيلة في محافظة الإسكندرية، ويُدعى عز عيد محمد مليجى، وشهرته «عز الأسود»، بحسب بيان للوزارة. وسبق أن داهمت الداخلية شقتين في منطقتي السادس من أكتوبر والهرم في شهر يوليو الماضي للقبض على المتهمين في هجوم البدرشين، إلا أن تبادلًا ﻹطلاق النار أدى إلى مقتل أربعة أشخاص، هم حسن محمد أبو سريع عطا الله، وعماد صلاح عبد العزيز محمد جمعة «من مُنفِّذي الحادث»، وأحمد ربيع أحمد عبد الجواد، وعبد الرحمن محمد عبد الجليل محمد الصاوى، اللذين «شاركا فى رصد تحركات القوة الأمنية المستهدفة»، حسب بيان سابق للداخلية في ٢٦ يوليو الماضي، في حين ذكر. وكانت مجموعة مسلحة قد هاجمت قوة أمنية بمنطقة أبو صير في البدرشين، منتصف شهر يوليو الماضي، ما أسفر عن مقتل خمسة من قوات الشرطة. وكان ثلاثة أشخاص مجهولين يستقلون دراجة نارية أطلقوا أعيرة من سلاح آلى كان بحوزتهم على أحد سيارات القول اﻷمني، ما تسبب في مقتل أمين شرطة وفرد شرطة وثلاثة مجندين، فيما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم حتى اﻵن. في سياق مشابه، أعلنت الداخلية مطلع اﻷسبوع الحالي عن مقتل عشرة مسلحين، وإصابة أربعة ضباط وثلاثة مجندين واثنين من أفراد البحث الجنائي، في اشتباكات مسلحة أثناء مداهمة قوات الأمن وحدتين سكنيتين بمنطقة «أرض اللواء» بالجيزة، اتخذتهما «العناصر التكفيرية الهاربة من شمال سيناء» وكرين للاختباء، بحسب بيان للوزارة. كما أدت مداهمة أمنية لوحدة سكنية بوادي النطرون في أغسطس الماضي إلى مقتل عنصرين من تنظيم «حركة حسم» أثناء تبادل لإطلاق النار.
«القوائم الحمراء» للإنتربول.. كيف تُعد ومتى تُلغى؟ محمد حمامة ١٣ سبتمبر ٢٠١٧ جدد ما نشرته تقارير إعلامية بشأن إلغاء النشرة الحمراء الصادرة من منظمة الشرطة الدولية «اﻹنتربول» بحق يوسف القرضاوي، جدلًا ثار مؤخرًا حول خلو القوائم الحمراء قبل أيام من معظم المتهمين الذين سبق إضافتهم بناءً على طلب السلطات المصرية من قبل. ورغم أن مصدرًا مسؤولًا بقطاع الأمن العام بوزارة الداخلية قد نفى ما ورد بشأن إلغاء نشرة القرضاوي بحسب ما نشرت صحيفة «المصري اليوم»، مؤكدًا أن الوزارة بالتنسيق مع الإنتربول كشفت أن النشرة مازالت سارية، إلا أن المنظمة رفضت التعليق لـ«مدى مصر» على حالة القرضاوي أو حذف أعضاء جماعة اﻹخوان من نشراتها الحمراء، واكتفت بتوضيح أن التعليق على حالات بعينها يتم في ظروف خاصة وبموافقة الدولة المعنية. الخطوة أثارت تساؤلات كثيرة خصوصًا أنها تمت دون إخطار الجانب المصري، وبعد أقل من شهر من احتجاز عبد الرحمن عز، الناشط المحسوب على جماعة اﻹخوان المسلمين، في مطار شونفيلد في برلين بسبب نشرة صادرة بحقه بواسطة اﻹنتربول، قبل أن يُخلى سبيله. ما هو اﻹنتربول؟ اﻹنتربول هو اختصار لمنظمة الشرطة الدولية International Police Organization. وتم تأسيسها في فيينا عام ١٩٢٣ بمشاركة ١٥ دولة من بينها مصر تحت اسم «اللجنة الدولية للشرطة الجنائية». بعد احتلال ألمانيا النازية للنمسا عام ١٩٣٨، خضعت اللجنة لسيطرة اﻷلمان وانتقل مقرها إلى برلين، وانسحب معظم الدول اﻷعضاء من اللجنة احتجاجًا. بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في ١٩٤٥، أعيد إحياء المنظمة مرة أخرى تحت الاسم الجديد؛ اﻹنتربول. وصل عدد الدول اﻷعضاء في المنظمة إلى ١٩٠ دولة، ويعمل بها ما يزيد على ٧٠٠ شخص، بميزانية تبلغ حوالي ١١٣ مليون يورو. يحدد القانون اﻷساسي للمنظمة أهدافها في تأمين وتنمية التعاون المتبادل على أوسع نطاق بين سلطات الشرطة الجنائية كافة، وإنشاء وتنمية المؤسسات القادرة على المساهمة الفعالة في الوقاية من جرائم القانون العام ومكافحتها. ويتركز عمل المنظمة في مكافحة جرائم اﻹرهاب، والجرائم الإلكترونية، واﻹتجار بالمخدرات، واﻹتجار بالبشر، والجرائم المرتكبة ضد اﻷطفال، واﻷعمال الفنية المسروقة، والجرائم البيئية، حسبما أوضح التقرير السنوي اﻷخير للمنظمة والصادر في ٢٠١٥. وعلى عكس الشائع، لا يملك اﻹنتربول وحدات شرطية خاصة به تعمل في الدول اﻷعضاء، لكنه يعتمد على التنسيق بين وحدات الشرطة المحلية في هذه الدول وفقًا للقوانين الداخلية للأعضاء. كيف يعمل نظام اﻹنتربول؟ يتم التنسيق بين وحدات الشرطة المحلية للدول اﻷعضاء بواسطة نشرات ترسلها عبر الإنتربول. تنقسم هذه النشرات إلى ثمانية أنواع الحمراء وتطلب القبض على أحد المطلوبين وترحيله، وتقدم طلباتها إلى السكرتارية العامة للإنتربول لفحصها وتمريرها. الصفراء لتحديد موقع أشخاص مفقودين. الزرقاء وتطلب جمع معلومات إضافية حول هوية أحد اﻷشخاص وموقعه أو نشاطاته فيما يتعلق بالجريمة قيد التحقيق. السوداء وتطلب جمع معلومات حول جهات غير محددة الهوية. الخضراء وتقدم تحذيرات واستخبارات حول أشخاص ارتكبوا جرائم، ويرجح أن يعيدوا ارتكابها في بلدان أخرى. البرتقالية للتحذير من حدث أو شخص يمثل تهديدًا ملحًا على السلامة العامة. البنفسجية لتوفير معلومات حول طرق العمل واﻷدوات واﻷجهزة ووسائل اﻹخفاء المستخدمة بواسطة المجرمين. نشرة مجلس اﻷمن وتختص باﻷشخاص والمجموعات المستهدفين من قبل لجان العقوبات التابعة لمجلس اﻷمن. وتحظر المادة ٣ من القانون اﻷساسي للمنظمة عليها «حظرًا باتًا أن تتدخل في مسائل أو شؤون ذات طابع سياسي أو عسكري أو ديني أو عنصري». مصر واﻹنتربول أوضح اﻹنتربول في رده على أسئلة «مدى مصر» الحالات التي يمكن من خلالها رفع بعض اﻷسماء من قوائم النشرات الحمراء المنشورة على موقعها. تنحصر هذه الحالات في اعتقال المتهم وترحيله، أو موته، أو سحب الدولة للطلب، أو إلغاء السلطات القضائية في هذه الدولة ﻷمر الضبط واﻹحضار. كما تُرفع اﻷسماء من النشرات الحمراء في حالة طلب الدولة تغيير حالتها من علنية إلى سرية، أو في حالة تقدم الشخص المطلوب باستئناف على إضافته للقائمة. وبحسب تصريحات الداخلية، فإن الوزارة لم تكن على علم برفع أسماء هذه المجموعة من نشراتها الحمراء، وهو ما يعني أن رفع اﻷسماء من القوائم المنشورة لم يأت بناء على طلب من الحكومة المصرية لتحويل هذه النشرات من علنية إلى سرية. وﻷن المتهمين قيد التحقيق لم يموتوا أو تُلغى أوامر ضبطهم وإحضارهم، فإن سبب الرفع هو على اﻷرجح تقدمهم بطلبات استئناف ضد قرار إدراجهم. يقول عبد الرحمن عز لـ«مدى مصر» إن السلطات اﻷلمانية احتجزته منتصف أغسطس الماضي لفترة تقترب من ستة ساعات بسبب ورود اسمه على قوائم اﻹنتربول، وأخبروه بأنه قد يتم ترحيله إلى مصر أو عرضه على أحد القضاة هناك. وأضاف أنه في نهاية فترة احتجازه حضر إليه رئيس شرطة الهجرة في المطار واعتذر له، مبررًا احتجازه بأنه أمر إجرائي بسبب نشرة اﻹنتربول، موضحًا أنهم لم يجدوا أي دليل ﻹدانته وأن بوسعه الانصراف. كما أوضح عز أنه وكًل أحد المحامين اﻷلمان لمتابعة تطورات المسألة، لكنه لا يعرف ما إذا كان رفع اسمه من قوائم اﻹنتربول المنشورة جاء بسبب إجراء اتخذه محاميه أم بسبب من جانب اﻹنتربول. واعتبر عز أن النظام المصري يستخدم اﻹنتربول للنيل من معارضيه، مطالبًا المنظمة الدولية ألا تتحول إلى أداة تستخدمها السلطات الاستبدادية لملاحقة معارضيها. الانتقادات الموجهة واﻹصلاحات الجديدة واجه اﻹنتربول انتقادات متعددة بسبب طريقة عمله، والتي أدت إلى تداخل عمل المنظمة مع اﻷمور السياسية بعكس ما يحدده قانونها اﻷساسي. أحد اﻷمثلة على هذا كان حالة الناشط السياسي اﻹيراني رسول مزراي. طلبت السلطات اﻹيرانية إصدار نشرة حمراء بخصوص مزاري، والذي كان متوجهًا إلى النرويج عبر سوريا عام ٢٠٠٦. وبحسب تحقيق نشرته الرابطة الدولية للصحفيين الاستقصائيين، احتجزت السلطات السورية مزاري بناء على النشرة التي أصدرتها اﻹنتربول وقامت بترحيله إلى إيران، حيث واجه حكمًا باﻹعدام. ولم يُعرف ما إذا تم تنفيذ الحكم فعلًا أم لا. كما كشف تحقيق نشرته نيويورك تايمز في نوفمبر الماضي عن استخدام الحكومة الروسية الإنتربول لملاحقة معارضيها السياسيين. لهذه اﻷسباب، طالب عدد من المنظمات الحقوقية بإصلاح نظام عمل اﻹنتربول. في تقرير لها حمل عنوان «نظام اﻹنتربول في حاجة للإصلاح»، أشارت منظمة الحوار المفتوح إلى نقاط الضعف في نظام عمل المنظمة. ﻹصدار نشرة حمراء بخصوص أحد المطلوبين، ترسل الدولة طلبًا ممهورًا من جهة قضائية إلى السكرتارية العامة للإنتربول، والتي ترسل بدورها تنويهًا إلى باقي الدول اﻷعضاء بعد التحقق من الطلب. وتمتلك الدولة العضو التي يقيم بها المطلوب حق تقرير الخطوة التي ستتخذها، وما إذا كانت ستلقي القبض عليه أم لا. يلاحظ التقرير أن عملية التحقق التي يفترض أن تجريها السكرتارية العامة ليست علنية وتفتقر للشفافية. «في بعض اﻷحيان، تظهر النشرات الحمراء في قاعدة البيانات قبل التحقق منها وإقرارها»، يقول التقرير. كما يلاحظ التقرير غياب أي بيانات إحصائية عن عدد النشرات الحمراء التي يصدرها كل عام، ونسبة النشرات المتعلقة بمعارضين سياسيين. في قسم اﻷسئلة الشائعة، يحيل موقع اﻹنتربول إلى خريطة تحمل بيانات عدد هذه النشرات، لكن زيارة الرابط المتوفر ينتهي برسالة «ممنوع الدخول ليس لديك صلاحية الولوج إلى هذه الصفحة». وحين سألت الرابطة الدولية للصحفيين الاستقصائيين اﻹنتربول عن نسبة النشرات السياسية إلى مجموع النشرات التي تصدرها، جاءت اﻹجابة تقريبية «حوالي ٣%». وتقدمت منظمة الحوار المفتوح بعدد من المقترحات لتحسين عمل اﻹنتربول من بينها تطوير نظام التحقق من طلبات النشرات، وتغيير نظام الاستئناف عليها، وخلق آلية لحماية حقوق اﻷفراد الذين يتمتعون باللجوء، وتطبيق عقوبات على منتهكي قواعد اﻹنتربول. نتيجة للضغوط المختلفة، بدأ اﻹنتربول في التوسع في تطبيق المادة ٣ من قانونه اﻷساسي، والذي يمنعها من التدخل في المسائل السياسية. أصدرت المنظمة في ٢٠١٣ دليل ممارسات حول تطبيق المادة.
تجديد حبس متهمي «يوم التجمع النوبي» على ذمة التحقيق في «التظاهر دون ترخيص وتعطيل المواصلات» مدى مصر ١٣ سبتمبر ٢٠١٧ قرر قاضي المعارضات بمحكمة أسوان اليوم، الأربعاء، تجديد حبس ٢٥ من المواطنين النوبيين لمدة ١٥ يومًا على ذمة التحقيقات في التهم الموجهة لهم بالتحريض على التظاهر أثناء تجمعهم لإحياء مسيرة سلمية في «يوم التجمع النوبي»، بحسب تصريح المحامي أحمد رزق لـ«مدى مصر». انتقل القاضي صباح اليوم، إلى مقر معسكر قوات الأمن المركزي بمنطقة الشلال بأسوان، حيث يحتجز المتهمين، بعد أن تعذر نقلهم إلى مقر محكمة أسوان لدواعٍ أمنية، بحسب رزق، الذي أضاف أن التحقيقات شهدت حضور قرابة ٦٠ محاميًا للدفاع عن المتهمين، أبرزهم المحامين الحقوقيين خالد علي ومالك عدلي وزياد العليمي وآخرين. وتعود الأحداث إلى الثالث من سبتمبر الجاري، حينما تجمع العشرات من الناشطين النوبيين لإحياء مسيرات «يوم التجمع النوبي» الذي تضمن تنظيم مسيرات بالمدينة من أجل تجديد المطالبة بـ«حق العودة» إلى مناطقهم الأصلية التي تم إجلائهم منها، وفقًا لما نَصّت عليه المادة ٢٣٦ من الدستور. إلا أن قوات الأمن ألقت القبض على ٢٤ من المتظاهرين، من بينهم المحاميين محمد عزمي ومنير بشير، حيث وجهت النيابة لهم تهم «التحريض على التظاهر، وتعطيل وسائل المواصلات العامة، والتظاهر بدون ترخيص»، فضلًا عن «حيازة منشورات»، قبل أن تقرر حبسهم أربعة أيام على ذمة التحقيقات. وكان من المقرر نظر قرار تجديد حبس المتهمين في ٦ سبتمبر، إلا أن قاضي المعارضات قرر تأجيل نظر أمر تجديد الحبس حتى اليوم، بسبب عدم حضور المتهمين، وهو ما نتج عنه إعلان تسعة من المقبوض عليهم عن بدء إضراب عن الطعام احتجاجًا على ما وصفوه بـ«تعمد الشرطة عدم إحضارهم لمقر التحقيقات لإطالة زمن احتجازهم»، بحسب تدوينة للمحامي مصطفى الحسن على صفحته بموقع فيسبوك الجمعة الماضي. وأضاف الحسن أن بعض من المضربين أصيب «بهبوط حاد بالأمس [الخميس الماضي] في منتصف الليل وقاموا بالخبط علي الأبواب لنقلهم الى المستشفى الا ان ادارة السجن تجاهلتهم تماما. حضرت ظهر اليوم سيارة اسعاف وقد حاول المسعف تقديم العون اللازم إلا أن إمكانياته لم تسمح وطلب نقلهم إلى العناية المركز نظرا لخطورة حالتهم إلا انهم رفضوا بحجة عدم وجود أوامر بذلك»، وذلك قبل أن يعلن الشباب عن فك إضرابهم عن الطعام. وارتفع عدد المقبوض عليهم إلى ٢٥ شخصًا بعد ما ألقت قوات الأمن على فهد حسين، أثناء توجهه لزيارة المتهمين يوم الأحد الماضي، حيث قال المحامي أحمد رزق لـ «مدى مصر» أن النيابة العامة قد أصدرت قراراً بضبطه وإحضاره على ذمة التحقيقات، مما أدى لإلقاء القبض عليه، بالإضافة إلى سبعة آخرين مطلوب القبض عليهم في نفس الواقعة. وفي سياق متصل، طالبت منظمة العفو الدولية في بيان لها أمس، الثلاثاء، السلطات المصرية بالإفراج عن الناشطين النوبيين، حيث اتهمت مسؤولة الحملات بالمنظمة عن منطقة شمال أفريقيا، نجية بونعيم، السلطات المصرية بـ «بتهميش النوبيين، وتجاهل مطالبهم بالعودة إلى أراضيهم التاريخية ومعاملة النشاط النوبي بأنه أمر مشبوه من الناحية الأمنية. فبدلاً من الاستخفاف الصارخ بحق النوبيين في حرية التعبير والتجمع من خلال الاستمرار في احتجازهم بسبب تظاهرهم السلمي، يجب على السلطات الإفراج عن هؤلاء الناشطين الـ ٢٤ المُحتجزين فورًا». وأضافت «منذ سنوات طويلة، قامت السلطات بتجريد النوبيين من ممتلكاتهم، وتهجيرهم من أراضيهم التاريخية، ومنعهم من التمتع بحقوقهم الثقافية. فهذه الممارسات، واستمرار عزوف السلطات المصرية عن السماح لهم بالعودة إلى أراضيهم، يتنافى مع دستور البلد نفسه، وكذلك مع التزامات مصر الدولية». وتنص المادة ٢٣٦ من الدستور على أن «تكفل الدولة وضع وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية، والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية والمحرومة، ومنها الصعيد وسيناء ومطروح ومناطق النوبة، وذلك بمشاركة أهلها فى مشروعات التنمية وفى أولوية الاستفادة منها، مع مراعاة الأنماط الثقافية والبيئية للمجتمع المحلى، خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون. وتعمل الدولة على وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلي مناطقهم الأصلية وتنميتها خلال عشر سنوات، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون». وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أصدر، في ٢٠١٤، القرار رقم ٤٤٤، الذي قضى بإعلان جزء من المناطق الحدودية كمناطق عسكرية لا يجوز للمدنيين العيش فيها أو الاستفادة منها، والذي شمل ١٦ قرية من قرى العودة النوبية. وكانت مجموعة من النشطاء النوبيين قد تقدمت بطعن أمام مجلس الدولة، العام الماضي، ضد القرار. وأوصت هيئة مفوضي مجلس الدولة، في أغسطس الماضي، بإلغاء القرار ٤٤٤. وقالت، في تقريرها، إنه عمل إداري وليس سياديًا. ويطالب النوبيون بالعودة إلى ضفاف بحيرة ناصر جنوب البلاد استنادًا لتعرضهم، تاريخيًا، لموجات من التهجير. وقد بدأت الموجتان الأولى والثانية، في عامي ١٩١٢ و١٩٣٣، بالتزامن مع تعلية سد أسوان خلال فترة الاحتلال البريطاني لمصر، وكانت المرة الثالثة، بين عامي ١٩٦٣ و١٩٦٤، خلال فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر بالتزامن مع بناء السد العالي.
حبس مؤسس «أُسر المختفين قسريًا» ١٥ يومًا بتهمة «نشر أخبار كاذبة» مدى مصر ١٣ سبتمبر ٢٠١٧ قررت نيابة أمن الدولة العليا اليوم، الأربعاء، حبس المحامي إبراهيم متولي حجازي، أحد مؤسسي رابطة «أُسر المختفين قسريًا»، والذي كان من ضمن المحامين المتعاونين مع أسرة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، لمدة ١٥ يومًا. وحُقق مع حجازي أمس، الثلاثاء، بمقر «أمن الدولة» في ضاحية التجمع الخامس بشأن اتهامه بـ «تأسيس جماعة على خلاف القانون» و«نشر أخبار كاذبة»، حسبما قال المحامي حليم حنيش لـ «مدى مصر». وكانت كلٍ من رابطة «أُسر المختفين قسريًا» وحملة «أوقفوا الاختفاء القسري» قد أعلنتا أمس، الثلاثاء، عن إجراء نيابة أمن الدولة العليا لتحقيق مع حجازي، وذلك بعد يومين من توقيفه بمطار القاهرة حينما كان متوجهًا لسويسرا للمشاركة في وقائع الجلسة الثالثة من الدورة رقم ١١٣ بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بشأن حالات الاختفاء القسري. وينظم فريق العمل التابع للأمم المتحدة جلسات مع المنظمات غير الحكومية وأُسر المختفين قسريًا، وتستمر الجلسة الثالثة، والأخيرة، من جلسات الفريق حتى ١٥ سبتمبر الجاري. وقد عَقَدَ الفريق جلستين، واحدة بجنيف في مايو الماضي، وأخرى بكوريا الجنوبية في فبراير الماضي. ومن المقرر أن يُبلغ فريق الأمم المتحدة، بعد كل دورة، حكومات كل بلد تقع داخل حالات اختفاء بقراراته بشأن هذه الحالات. وكان حجازي قد شارك في تأسيس رابطة «أُسر المختفين قسريًا» بعد اختفاء ابنه عمرو، ٢٢ عامًا، الطالب بكلية الهندسة، منذ أحداث الحرس الجمهوري في ٢٠١٣. وقالت الرابطة، في بيان لها، أمس «ليس لنا أي توجه سياسي أو حزبي.. (نحن) مجرد مجموعة من الأُسر جمعها الألم.. كما نُناشد السلطات إجلاء مصير ذوينا». وأكدت على أن الاتفاقيات الدولية والدستور والقانون كَفَلَ لهم الحق فى التجمّع والبحث عن ذويهم المخفيين من قبل السلطة، حسب البيان. فيما أوضحت حملة «أوقفوا الاختفاء القسري»، في بيان نشرته أمس على فيسبوك، أن حجازي حُقق معه على خلفية محضر رقم ٩٠٠\ ٢٠١٧، حصر أمن الدولة. وكانت المفوضية المصرية للحقوق والحريات قد أسست الحملة، في ٣٠ أغسطس ٢٠١٥، بمناسبة اليوم الدولي للاختفاء القسري. وقد حصرت الحملة في تقريرها السنوي الثاني، وجود ٣٧٨ حالة اختفاء في مصر خلال الفترة من أول أغسطس ٢٠١٦ حتى منتصف أغسطس ٢٠١٧. وكانت مجموعة من منظمات حقوق الإنسان المصرية قد أصدرت بيانًا مشتركًا أمس، الثلاثاء، وذلك قبل معرفة مكان احتجاز المحامي أمس. وكانت أسرة المحامي قد أعلنت عن اختفاء حجازي، الأحد الماضي، حتى الإعلان عن احتجازه لدى نيابة أمن الدولة للتحقيق معه. وقالت المنظمات في بيانها إن توقيف السلطات لحجازي كان «لمعاقبته على دفاعه عن المختفين قسريًا، و بحثه عن ابنه المختفي قسريًا منذ يوليو ٢٠١٣». وفي سياق متصل، كان إبراهيم متولي حجازي أحد المحامين المتعاونين مع أسرة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، حسب جريدة ريبوبليكا الإيطالية. وكان ريجيني قد اختفى في القاهرة أثناء الذكرى الخامسة لثورة يناير، وقد ظهرت جثته في فبراير من العام الماضي وعليها آثار تعذيب، مما أحدث أزمة دبلوماسية بين مصر وإيطاليا. في حين تزايدت الاتهامات للشرطة المصرية بكونها متورطة في خطف ريجيني وتعذيبه حتى الموت. وكانت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية قد أعلنت أمس، الثلاثاء، أن السفير الإيطالي الجديد جيامباولو كانتيني سيصل إلى القاهرة غدًا، الخميس. ويأتي ذلك بعد أن أبلغت وزارة الخارجية الإيطالية وزير الخارجية المصري سامح شكري، في أغسطس الماضي، «بقرار الحكومة الإيطالية بالتقدم بطلب الموافقة على تعيين سفير جديد لدى مصر، وذلك بعد سحبه على خلفية أزمة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني»، حسب الوكالة الرسمية.
الخيط الواصل بين جوليو ريجيني وصفقة إيطاليا بخصوص المهاجرين ماتيا توالدو ١٣ سبتمبر ٢٠١٩ هناك خيط غير خفي تمامًا يصل بين قرار إعادة السفير الإيطالي لمصر والموقف السياسي الإيطالي تجاه المهاجرين من ليبيا، فمخاطبة أي طرف ليبي حول هذا الموضوع يتطلب إجراء مفاوضات مع مصر، ولكن هناك عدة عقد في ذلك الخيط. العقدة الأولى في هذه الرابطة المشتركة هي سياساتنا بشأن الهجرة. حيث يتدفق المهاجرون نحو إيطاليا أساسًا من غرب أفريقيا، مرورًا بالنيجر ثم ليبيا وصولًا إلى البحر الأبيض المتوسط. قبل عامين، اقترحت حكومة رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماتيو رينزي «ميثاق الهجرة». ومنذ ذلك الحين، نفذ الاتحاد الأوروبي سلسلة من التدابير والاتفاقيات مع أفريقيا جنوب الصحراء، تشمل تمويل التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وجهودًا رامية لمراقبة الحدود والحد من الهجرة بواسطة بعض البلدان الأفريقية الرئيسية. وقد أصبحت النيجر نموذجًا يحتذى لهذا النهج، فبين عامي ٢٠١٦ و٢٠١٧، انخفض عدد المهاجرين الذين يدخلون ليبيا عبر النيجر بشكل كبير. وقد يكون هذا أحد الأسباب الرئيسية وراء تراجع الأرقام في إيطاليا أيضًا في يوليو. ولكن من المفيد أن نتذكر أن انخفاضًا مماثلًا حدث قبل الاشتباك بين المنظمات غير الحكومية وحرس السواحل الليبي العدائي. الحد من تدفق المهاجرين من المنبع لم يكن فعالًا بما فيه الكفاية، حيث استمر عدد أكبر من المهاجرين في التدفق، بينما أغلقت بقية البلدان الأوروبية حدودها. التدخل الإيطالي في ليبيا، الذي فرضه بالأساس الوزير ماركو منيتي، أشد قسوة، ويشمل مشاركة فعلية من خفر السواحل الليبي، الذي يخضع بشكل عام لسلطة حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، رغم هشاشة هذه السلطة ودورانها في فلك المجموعات المسلحة التي تتحرك داخل وخارج دائرة التعاون مع الحكومة. رسميًا، يعترف المجتمع الدولي، بما في ذلك مصر، بالسراج، حتى لو كان هذا الاعتراف هشًا على مستوى التنفيذ. إلا أن إيطاليا تملك أفضل العلاقات معه ومع مجمل إقليم الشمال الغربي. إيطاليا هي الدولة الوحيدة التي لا تزال سفارتها مفتوحة في طرابلس، والوحيدة التي تحافظ على علاقات عميقة بالمستويات الأدنى من الحكومة، بما يتضمن القابلية لإرسال الشركات والوفود هناك. مخطط مينيتي هو منع تدفق المهاجرين، ليس فقط من النيجر وإنما أيضًا من ليبيا. ولتحقيق ذلك، فقد دعم مينيتي خفر السواحل الليبي بالسفن الإيطالية، وبتدريب الاتحاد الأوروبي، ما يسمح له بإنشاء منطقة «للبحث والإنقاذ». وقد أعيد المهاجرون «الذين جرى إنقاذهم» في هذه المنطقة إلى ليبيا، وبالتالي لم يتمكنوا من طلب اللجوء. وافق السراج على هذه الخطة، لكن داعميه اتهموه ببيع سيادة ليبيا للقوة الاستعمارية. هنا تكمن العقدة الثانية في الخيط الواصل بين ريجيني وتعامل إيطاليا مع قضية الهجرة، ذلك أن معارضي السراج هم أيضًا حلفاء مصر. رئيس الوزراء السراج رجل ضعيف نسبيًا، لا يسيطر بشكل مباشر على أي شيء، وخفر السواحل ليسوا أكثر من أرخبيل من الميليشيات المحلية، وبعضها مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمهربين أنفسهم. أما الجانب الآخر من ليبيا، ما بين بني غازي والحدود المصرية، فهو تحت سيطرة رجل قوي للغاية؛ الجنرال خليفة حفتر، العدو العنيد للإسلاميين، والذي يحصل على السلاح والدعم السياسي من القاهرة والإمارات العربية المتحدة. استغل حفتر فرصة «رضوخ السراج»، لاتهامه بالخيانة لتعاونه مع إيطاليا. لهذا السبب، يمكن للمرء أن يقرأ في وسائل الإعلام الإيطالية أننا نحتاج للاتفاق مع حفتر، مثلما نحتاج للاتفاق مع السراج، لمنع القوارب من الرحيل من الشرق، لو كانت الدوريات متواجدة في الغرب بالفعل. إلا أن نظرة سريعة على الخريطة تبين أن بُعد مياهنا الإقليمية عن برقة يكفي لفهم ألا خطر فوري هناك. هنا تكمن العقدة الثالثة مصر. تقلصت العلاقات بين إيطاليا ومصر منذ مقتل ريجيني، بالتحديد منذ استدعت إيطاليا سفيرها من القاهرة. الكثيرون، حول مينيتي، كانوا يقولون إنه لا يمكن التعامل مع ليبيا بدون مصر، ومع رحيل السفير فقدنا الاتصال اليومي والمباشر بمصر. من الممكن صياغة الصلة بين خطة مينيتي ومصر على النحو التالي علينا صد المهاجرين في ليبيا. ولكن، حيث أننا غير قادرين على القيام بذلك بأنفسنا (حيث ليس لدينا الحق في ذلك)، فسنتعاقد مع الليبيين من الباطن. هؤلاء الليبيون يتعرضون لتهديد ليبيين آخرين، هم حلفاء مصر. لذلك فمن الضروري إعادة تنشيط علاقاتنا مع مصر. ليس هناك الكثير من الأمور الحتمية في هذه الخطة. أحدها هو عدم تضامن أوروبا. فبالكاد كان هناك تضامن وقت مقتل ريجيني؛ بعد أسبوع من استدعاء السفير الإيطالي، زار فرانسوا هولاند القاهرة لتوقيع عقود بقيمة مليارات، وعلى وجه التحديد في قطاعي الدفاع والأمن، واللذين يشير الكثيرون لدورهما في مقتل ريجيني. وانعدام التضامن هذا نفسه يميز وجهات نظر أوروبا بشأن قضية اللاجئين. ومع ذلك، يمكن اتباع مناهج سياسية مختلف إزاء الهجرة. أحدها، على سبيل المثال، ذلك الذي يقترح على الدول الأفريقية الاتفاق التالي سنقدم تأشيرات للمهاجرين القانونيين، وأنتم تستعيدون المهاجرين غير القانونيين. لقد اقترحت المفوضية إعادة توطين عشرين ألف مهاجرًا قانونيًا في أوروبا، ولكن الاتحاد الأوروبي رفض. من شأن هذا النهج أن يسمح لنا بالالتفاف حول السؤال الليبي، لأن المهاجرين القانونيين سيتمكنون وقتها من السفر بالطائرات، وليس بالقوارب المطاطية التابعة للمهربين الليبيين. هذا النهج سيحررنا من الشبكة الليبية، ولكنه سيتطلب خيارات سياسية شجاعة، تهدف حقًا إلى «إدارة التدفقات» بتعبير مينيتي، أي الإدارة والتنظيم بدلًا من الصد. إذا ما نُفّذت هذه الخيارات، فسيمكن لإيطاليا إرسال أكثر من سفير إلى مصر. لا تتعلق المشكلة بإرسال شخص مهمته المحافظة على علاقاته مع بلد أجنبي، وإنما تكمن المشكلة في مهمة السفير. حينها يمكن لمهمته أن تكون (بل يجب أن تكون) تذكيرًا بلا هوادة للحكومة المصرية بكوننا نريد الحقيقة حول مقتل جوليو ريجيني، ما لن يكون ممكنًا إلا مع سياسة مختلفة للهجرة، تحرّر أيدينا وتحل العقد المذكورة أعلاه. هذا النص نُشر بالأصل في ٢٢ أغسطس في ليسبرسو الإيطالية ترجمة عن الإنجليزية عايدة سيف الدولة
وكالة كورية مصر تقطع علاقتها العسكرية مع «بيونج يانج» مدى مصر ١٢ سبتمبر ٢٠١٧ قالت وكالة أنباء كوريا الجنوبية الرسمية، أمس، إن وزير الدفاع المصري صدقي صبحي أبلغ نظيره الكوري بقطع كافة العلاقات العسكرية مع كوريا الشمالية، مؤكدًا على التعاون المشترك بين البلدين في ملف التسلح ومواجهة ممارسات بيونج يانج. ونقلت وكالة «يونهاب»،عن مصدرها الوزاري، التي لم تذكر اسمه، قوله إن الوزيرين اتفقا على زيادة التعاون العسكري بينها في ما يتعلق بتطوير التسلح ومواجهة ممارسات كوريا الشمالية، التي وصفت بـ«تهديد السلام واستقرار النظام العالمي». كما أضافت أن «صبحي» أكد لنظيره الكوري افتتاح ملحقية للدفاع في سيول الشهر المقبل. وسافر وزير الدفاع صدقي صبحي إلى كوريا الجنوبية السبت الماضي، في زيارة رسمية تستغرق ٥ أيام، لبحث تطوير العلاقات بين البلدين، وكذلك لمتابعة تطبيق مذكرة التفاهم الخاصة بالتعاون الدفاعي بين البلدين الموقعة في مارس الماضي. وكانت تقارير صحفية أشارات إلى أن قرار الولايات المتحدة بتجميد معونتها المقدمة إلى مصر في أغسطس الماضي، مرتبط باستمرار العلاقات العسكرية بين كل من القاهرة وبيونج يانج. وعقبت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية على هذه المعلومات، قائلة «أجرينا محادثات مع مصر ودول أخرى كثيرة حول العالم عن الحاجة إلى عزل كوريا الشمالية، ونحن نفعل ذلك لأننا ندرك أن الدول التي لديها أعمال مع كوريا الشمالية تسمح بوصول المال إلى البرامج الصاروخية والنووية غير الشرعية لكوريا الشمالية». وأعقب ذلك بأيام إدانة مصر لما تقوم به كوريا الشمالية من انتهاكات متكررة لقرارات مجلس الأمن وتهديد للسلم والأمن الدوليين والإقليمي، وذلك في جلسة مجلس الأمن الطارئة، على لسان السفير عمرو أبوالعطا، مندوب مصر الدائم بمجلس الأمن. كما أدانت وزارة الخارجية المصرية، التجربة النووية السادسة لكوريا الشمالية، وعبرت عن قلق مصر البالغ من عدم التزام كوريا الشمالية بقرارات مجلس الأمن ذات الصِّلة. وتعرضت بيونج يانج لسلسلة من الانتقادات والاعتراضات الدولية ردًا على التجارب النووية والباليستية الأخيرة، وجاءت آخر الردود بموافقة مجلس الأمن الدولي بالإجماع على مشروع القرار الأميركي بتشديد العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية. من جانب آخر، تتزامن تصريحات قطع العلاقات مع استئناف مصر والولايات المتحدة تدريبهما العسكري المشترك «النجم الساطع» بعد توقف دام ثمانية سنوات، للتدريب على عمليات مواجهة التنظيمات الإرهابية والإنزال والاقتحام.
اختفاء أحد مؤسسي رابطة أُسر المختفين قسريًا بعد توقيفه في مطار القاهرة مدى مصر ١١ سبتمبر ٢٠١٧ أعلنت أسرة المحامي إبراهيم عبد المنعم متولي حجازي، أحد مؤسسي رابطة أُسر المختفين قسريًا، عن توقيفه في مطار القاهرة أمس، الأحد، وذلك أثناء توجهه إلى جنيف، حسب بيان نشرته الرابطة على فيسبوك. فيما قال المحامي حليم حنيش، أحد المدافعين عن حجازي، لـ «مدى مصر» إنه لم يستطع الوصول إلى مكان احتجاز موكله، وذلك بعد التواصل مع شرطة المطار. وأوضح حنيش أن فريق الدفاع أرسل أمس تلغرافًا للنائب العام من أجل إثبات واقعة إيقاف حجازي وعدم إفصاح الداخلية عن مكان احتجازه. فيما قالت أسرة المحامي، الذي يبلغ من العمر ٥٣ عامًا، إنها فقدت الاتصال به منذ وصوله إلى المطار في الساعة الثامنة من صباح أمس، الأحد، بحسب البيان،. وتواصلت الأسرة مع سلطات مطار جنيف، وتأكدت من عدم وصوله على متن رحلة مصر للطيران رقم «MS ٧٧١»، مما يدفع باحتجاز المحامي داخل مصر، وفقًا للبيان. كان حجازي في طريقه إلى جنيف لتلبية دعوة من فريق العمل على حالات الاختفاء القسري بالأمم المتحدة، وذلك لحضور وقائع الجلسة الثالثة والأخيرة من الدورة رقم ١١٣ من جلسات العام الحالي بشأن حالات الاختفاء، وذلك في الفترة من ١١ إلى ١٥ من سبتمبر الجاري بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة. وكانت المجموعة قد سبق وأن عقدت جلستين إحداهما في جنيف بمايو الماضي، وأخرى بكوريا الجنوبية في فبراير. وينظم فريق العمل التابع للأمم المتحدة، جلسات مع المنظمات غير الحكومية وأُسر المختفين قسريًا، من أجل تبادل المعلومات والآراء، ويُبلغ الفريق الحكومات بعد اختتام كل دورة، كتابةً، بقراراته بشأن حالات الاختفاء في كل بلد. وقال البيان إن إيقاف حجازي بالمطار والغموض بشأن مكان احتجازه يهدف «لإسكات أصوات ذوي المختفين قسريًا في مصر ومنع تواصلهم مع المجتمع الدولي لعرض قضاياهم». وطالب البيان بالإفراج عن كلٍ من حجازي وابنه عمرو. وشارك حجازي في تأسيس رابطة أُسر المختفين قسريًا بعد اختفاء ابنه عمرو، ٢٢ عامًا، طالب بكلية الهندسة، منذ أحداث الحرس الجمهوري في ٢٠١٣. وكانت السلطات المصرية قد ألقت القبض على حنان بدر، من مؤسسي الرابطة، وزوجة المختفي قسريًا خالد محمد حافظ عز الدين، في مايو الماضي، وذلك أثناء زيارتها لمحتجز كان قد اختفى قسريًا في سجن القناطر، بحسب بيان من ١٠ منظمات حقوقية طالبت بالإفراج عنها حينها. وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على إسلام سلامة، وهو محامٍ آخر يدافع عن المختفين قسريًا، في مارس ٢٠١٦، وأُخلى سبيله في شهر يونيو من العام الماضي. في حين أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان تقريرًا، في العام الماضي، عن الاختفاء القسري وثّق فيه ٢٦٦ حالة، بناء على تقدم أهالي المختفين باستمارات في الفترة بين أبريل ٢٠١٥ وحتى نهاية مارس ٢٠١٦. وكان العامان الماضيان قد شهدا حالات اختفاء قسري لناشطين سياسيين فضلًا عن متهمين بالقيام بأعمال إرهابية. فيما حصرت حملة أوقفوا الاختفاء القسري، في تقريرها السنوي الثاني، وجود ٣٧٨ حالة اختفاء في مصر خلال الفترة من أول أغسطس ٢٠١٦ حتى منتصف أغسطس ٢٠١٧.
بسبب تقرير التعذيب.. «حقوق الإنسان» بالبرلمان تقود حملة سياسية وقانونية ضد «هيومن رايتس ووتش» رنا ممدوح ١١ سبتمبر ٢٠١٧ أعلنت لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب في ختام اجتماعها اليوم، الإثنين، عن مجموعة من الإجراءات للرد على تقرير منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أهمها سفر وفد من اللجنة إلى الكونجرس الأمريكي لتفنيد ما وصفته بـ«أكاذيب» المنظمة أمام أعضائه و«توضيح الحقائق»، ودراسة مقترح بمقاضاة المنظمة محليًا، بتقديم بلاغ للنائب العام، ودوليًا بإقامة دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية. كانت المنظمة قد أصدرت الأربعاء الماضي، تقريرها «هنا نفعل أشياء لا تصدق التعذيب والأمن الوطني في مصر تحت حكم السيسي»، قالت فيه إن «التعذيب ممارسة منتظمة تحت حكم الرئيس عبد الفتّاح السيسي»، مستندةً إلى مقابلات أجرتها مع عدد من الضحايا تم تعذيبهم ما بين عامي ٢٠١٤ و٢٠١٦. حضر اجتماع اللجنة إلى جانب أعضائها، محمد فائق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، وضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، وممثلون عن وزارة الخارجية ومنظمات المجتمع المدني. قلل رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان خلال كلمته في الاجتماع من أهمية تقرير المنظمة، قائلًا «لا يجب على الإطلاق إعطاء هذا التقرير أكبر من حجمه ولا يجب أن تُجيش دولة بأكملها ضده فهو لا يستحق كل هذا الاهتمام»، مضيفًا أن «السبب الوحيد وراء الاهتمام بتقارير هذه المنظمة هي أنها بمثابة مرجعية أساسية للولايات المتحدة الأمريكية، على الرغم أنه يفتقد للمهنية»، مشيرًا إلى أنها منظمة «مسيسة وليست حقوقية». وأشار فائق إلى أن المنظمة «اعتادت دعم الإخوان منذ فض اعتصام رابعة العدوية المسلح، وانحازت حينها للإخوان، ومن وقتها وهي تعمل بشكل كامل لحساب الإخوان، ومخصصة دائمًا لمهاجمة مصر». ومن جانبه، قال محمد الغول، وكيل لجنة حقوق الإنسان، إن «الجميع يعرف أجندة منظمة هيومن رايتس ووتش الإخوانية»، مضيفًا لـ«مدى مصر» أن المنظمة «خالفت أبسط مبادئ الأمم المتحدة التي تلزم أي منظمة دولية باستئذان الجهات الحكومية عند إعداد تقارير حقوقية تخصها»، مدللًا على ذلك بأن المنظمة «طلبت العام الماضي من حكومة دولة إسرائيل تمكينها من تشكيل لجنة تقصي حقائق، وعندما رفضت إسرائيل الطلب امتثلت المنظمة، ولكن عندما تعلق الأمر بمصر، لم تستأذن أي جهة رسمية للحصول على معلومات بشأن السجون». وأشا الغول إلى أن «المنظمة أخفت أسماء المتهمين، ولكن في المقابل عرضّت حياة الضباط للخطر بالكشف عن أسمائهم، وهذه جريمة». وقال علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، إن المنظمة «اعتادت الهجوم على مصر لصالح جماعة الإخوان الإرهابية، وتتلقى دعمًا ماديًا بالملايين من قطر وتركيا من أجل تحقيق أغراضها واستكمال مخطط تقسيم مصر». وأشار عابد إلى أن المنظمة اعتمدت في تقريرها على أشخاص تبين أنهم «شاركوا في عمليات إرهابية»، وتعمدت إصدار التقرير في التوقيت الحالي الذي يتحدث فيه الإعلام العالمي عن تقدم مصر وتحسن الوضع الاقتصادي بها، وأضاف «التقرير مسبش حد ... يروحوا يشوفوا اللي بيحصل في ميانمار من قتل وتعذيب وتهجير». وقال ضياء رشوان إن هناك «حقائق يجب أن يعرفها العالم، فهناك ١١٠ ضباط شرطة، بحسب تقارير منظمات المجتمع المدني المصرية، وجهت لهم تهم تعذيب، ٦٠ ضابطًا منهم تمت محاكمتهم بالفعل، و٤٥ ما زالوا أمام المحكمة الجنائية». وتابع رشوان «لدينا في وزارة الداخلية ٤٠ ألف ضابط و٣٠٠ ألف موظف مدني»، مضيفًا أن المنظمة قالت في تقريرها إن هناك ١٩ حالة تعذيب، «وبفرض أن الرقم صحيح فهو يمثل نسبة ضئيلة جدًا»، كما أن المنظمة «أعدت التقرير خلال ١٩ شهرًا»، بحسب رشوان. عقب اجتماع اللجنة، عقدت الهيئة العامة للاستعلامات بمقرها مؤتمرًا صحفيًا للمراسلين الأجانب، للإعلان عن بيان مترجم إلى خمس لغات للرد على تقرير المنظمة. وقال المستشار منصف سليمان، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن المجلس قام بزيارة إلى سجن العقرب، والتقى بقيادات الإخوان الإرهابية، وأقروا في حديث مسجل بالصوت والصورة عدم وجود تعذيب وأنهم يعاملون أحسن معاملة»، وأشار إلى أن تقرير المنظمة «تجاهل العمليات الإرهابية التي تتعرض لها مصر، من سيناء حتى أسوان، وسقوط شهداء من الجيش والشرطة والأقباط، وأن مصر في حالة دفاع شرعي عن نفسها». وكشفت داليا زيادة، مديرة المركز المصري لدراسات الديمقراطية الحرة، في كلمتها خلال الاجتماع عن تبنيها حملة لنزع صفة الاستشارية من المنظمة.
١٨ قتيلًا و٦ مصابين من الشرطة إثر استهداف «ولاية سيناء» قافلة أمنية غرب العريش مراد حجازي ١١ سبتمبر ٢٠١٧ لقي ١٨ شرطيًا مصرعهم وأصيب ستة آخرين، إثر تعرض قول أمني تابع لقوات الشرطة لهجوم ظهر اليوم، الإثنين، أثناء مروره على الطريق الدولي «العريش القنطرة» بالقرب من قرية «التلول» غرب مدينة العريش عاصمة شمال سيناء، وهو الهجوم الذي أعلن تنظيم ولاية سيناء مسؤوليته عنه. أسفر الهجوم عن إعطاب ثلاث مدرعات وسيارة تشويش إلكتروني، فيما استولى المهاجمون على سيارة دفع رباعي تابعة للشرطة، بحسب مصادر أمنية تحدثت لـ «مدى مصر». وقالت مصادر طبية إن القتلى الثمانية عشر بينهم ضابط إثنين؛ الأول برتبة نقيب والآخر ملازم أول، وأوضحت المصادر لـ «مدى مصر» أن أعداد المصابين مرشحة للزيادة، ومن ضمنهم ضابط برتبة عميد. فيما قال شهود عيان لـ «مدى مصر» إن الهجوم وقع بالقرب من منطقة «الحصيني»، الواقعة بين قرية التلول وكمين الميدان اﻷمني. وأضاف الشهود أن الهجوم بدأ بتفجير سيارة التشويش الإلكتروني، وذلك قبل أن يتمّ تفجير أربع عبوات ناسفة في المدرعات الثلاثة، وتلا ذلك إطلاق نيران بكثافة تجاه موقع القول المستهدف، واشتبكت العناصر المهاجمة مع الناجين من أفراد الأمن، وأضرموا النيران في مدرعتين من الثلاث المستهدفة، قبل أن يستولوا على سيارة الدفع الرباعي بعد إطلاق النيران على من كان فيها. فيما أقامت مجموعة أخرى من المهاجمين حاجزًا لمنع وصول سيارات الإسعاف القادمة من العريش لإجلاء المصابين. وبحسب أحد العاملين في مرفق الإسعاف والذي أوضح لـ «مدى مصر» أنهم اضطروا للتوقف بعيدًا عن موقع الاشتباكات حتى غادره المسلحون، مما سمح لهم بإجلاء المصابين والقتلى. فيما قال أحد سائقي سيارات الإسعاف لـ «مدى مصر» إن المهاجمين فجروا عبوات ناسفة أمام سيارات الإسعاف، مما أسفر عن تضرر سيارتين، ونُقل مسعفين وسائقين إلى مستشفى العريش، وذلك بعد إصابتهم بشظايا، وأوضح المصدر أن حالة أطقم الإسعاف مستقرة. وأشار مصدر أمني إلى أن القول المستهدف كان قادمًا من مدينة بئر العبد، ويحمل أفراد أمن قد انتهت إجازتهم. وكان القول في طريقه إلى العريش، لتنتهي مأموريته عند ارتكاز الميدان داخل المدينة. وقد تمّ استهدافه قبل وصوله لنقطة ارتكازه بكيلومترات قليلة. وفيما قال شاهد عيان لـ «مدى مصر» إن دعم قوات اﻷمن وصل لمكان الحادث بعد أكثر من ساعة من انسحاب المهاجمين، وأغلقت قوات اﻷمن الطريق الدولي «العريش القنطرة» في الاتجاهين، وتمّ كذلك إغلاق كميني الميدان والحربية. من جانبها، اكتفت وزارة الداخلية بإصدار بيان رسمي، لم يوضح عدد القتلى أو المصابين، قالت فيه إنه «صباح اليوم الإثنين الموافق ١١ الجارى وحال مرور قول أمنى بطريق "القنطرة العريش" دائرة بئر العبد لتمشيط وتطهير الطريق .. اشتبهت القوات فى إحدى السيارات أثناء محاولة قائدها اقتحام خط سير القول.. وحال قيام القوات بالتعامل مع السيارة انفجرت مما أسفر عن حدوث تلفيات بعدد من سيارات القول الأمنى.. وأعقب ذلك تبادل لإطلاق النيران مع بعض العناصر الإرهابية التى كانت مختبئة بالمنطقة الصحراوية المتاخمة للطريق.. أسفر ذلك عن استشهاد بعض أفراد القول وإصابة آخرين. على الفور تمّ الدفع بقوات تعزيز وفرض طوق أمنى وتمشيط المنطقة محل الواقعة.. ونقل المصابين للمستشفى لتلقي العلاج». كانت منطقة الحصيني، والتي وقع الهجوم بقربها، قد شهدت في الفترة الماضية نشاطًا لتنظيم ولاية سيناء، الذين أقاموا، في التاسع من أغسطس الماضي، حاجزًا أمنيًا واستوقفوا سيارات تابعة لشركة النصر للملاحات، واختطفوا أحد اﻷشخاص، قبل أن يذبحوه هو وآخر تمّ اختطافه من مقر الشركة، بدعوى تعاونهم مع قوات اﻷمن. وبعد هذا التاريخ، بثلاثة أيام، استوقفت عناصر من التنظيم اﻷهالي الخارجين من مسجد القرية بعد صلاة الجمعة، واختطفوا ثلاثة منهم لا يزال مصيرهم مجهولًا. يأتي هجوم اليوم بعد أقل من شهر من تنفيذ قوات الجيش حملة عسكرية مكبرة على مناطق جنوب مدينة العريش «الزهور، والمسمي، والكيلو ١٧، وزارع الخير، والدهيشة، وجنوب المساعيد»، التي ينشط فيها التنظيم المسلح، والتي أقامت القوات المسلحة في عدد منها ارتكازات عسكرية ثابتة. وتزامن الهجوم الجديد مع زيارة يقوم بها وفد من حركة حماس، برئاسة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، إلى مصر، وبدأت الزيارة أمس الأول، السبت، في استمرار لتفاهمات قائمة بين الحركة والحكومة المصرية منذ عدة شهور. وأسفرت التفاهمات عن بدء الحركة لمحاولة ضبط حدود قطاع غزة مع سيناء، فضلًا عن ملاحقة عدد من المشتبه في تورطهم في عمليات تنظيم ولاية سيناء ضد قوات الجيش والشرطة هناك. وكان التنظيم قد نفذ ثلاث هجمات كبيرة خلال الشهرين الماضيين، تزامن اثنان منهما مع زيارتين قام بهما وقد من حماس للقاهرة في يوليو وأغسطس الماضيين.
مقتل ١٠ مسلحين وإصابة ٩ شرطيين في مداهمة لشقتين بمنطقة «أرض اللواء» في الجيزة مدى مصر ١٠ سبتمبر ٢٠١٧ أعلنت وزارة الداخلية عن مقتل عشرة مسلحين، وإصابة أربعة ضباط وثلاثة مجندين واثنين من أفراد البحث الجنائي، في اشتباكات مسلحة فجر اليوم، الأحد، أثناء مداهمة قوات الأمن وحدتين سكنيتين بمنطقة «أرض اللواء» بالجيزة، اتخذتهما «العناصر التكفيرية الهاربة من شمال سيناء» وكرين للاختباء، بحسب بيان للوزارة. وأضاف البيان أنه أثناء مداهمة القوات للوحدة السكنية الأولى بادر المسلحون بإطلاق النار تجاهها، وحاول أحد المسلحين إلقاء عبوة متفجرة إلا أنها انفجرت فيه، ما أسفر عن مصرع ثمانية مسلحين، كما بادرت العناصر المسلحة بالوحدة السكنية الثانية بإطلاق أعيرة نارية تجاه القوات، واستمرت الاشتباكات لمدة أربع ساعات، ما أسفر عن مقتل اثنين آخرين. وقال البيان إنه تم التعرف على هوية ستة من القتلى العشرة هم أكرم الأمير سالم، ٣٨ عامًا، وعمر إبراهيم رمضان، ٢٣ عامًا، ومعاذ أحمد يحيى أحمد، ٢٢ عامًا، وحمزة هشام حسين إبراهيم، ٢٢ عامًا، وشريف لطفي خليل عبد العزيز، ٤٣ عامًا، وخليل سيد خليل أحمد، ٢٧ عامًا. وشهدت شمال سيناء بداية حملة أمنية جديدة بنهاية أغسطس الماضي تضمنت غارات جوية شنتها قوات الجيش أسفرت عن مقتل القيادي بتنظيم «ولاية سيناء» عودة حمادين و١٣ من مرافقيه. كما أعلن المتحدث العسكري للقوات المسلحة، يوم الإثنين ٢٩ أغسطس، عن مقتل سبعة مسلحين، بينهم اثنين وصفهم البيان بـ «القيادات التكفيرية»، وذلك أثناء مداهمات لقوات الجيش في شمال سيناء، باﻹضافة إلى القبض على ثلاثة مسلحين آخرين خلال مداهمات في وسط سيناء. فيما دفعت الحملة اﻷمنية عددًا من مواطني مدينة رفح لمغادرة منازلهم، كما تسببت في انقطاع الاتصالات عن مدن شمال سيناء ﻷكثر من أسبوع. الحملة اﻷمنية الجديدة جاءت بعد شهر واحد من أخرى سبقتها في يوليو الماضي في مدينة العريش، واستمرت ١٤ يومًا.
الشلاتين قصص عن الدولة والناس وبراح يضيق ويتسع آلاء عطية ١٠ سبتمبر ٢٠١٧ «حضرتك مصري ولا سوداني؟» «أنا يا بنتي من الجبل دا. والجبل دا بتاع جدود جدودي. عايزة تسميه مصر، أنا مصري. عايزة تسميه السودان، أنا سوداني.» «في يوم من الأيام جا واحد، حط خط وسمى دي مصر ودي السودان. أنا ابن عمي الناحية التانية.» في الشلاتين، أدركت سذاجة سؤالى، وانفتح أمامي براح من الأسئلة الأخرى والتصورات عن الحدود والدولة والوطن. براح الطريق زرت الشلاتين عدة مرات مع مبادرة «المشاركة المعرفية»، بالإضافة لمرات أخرى زرتها بشكل شخصي. كفتاة من القاهرة ذهبت هناك. تعلمت كثيرًا وأغرمت بالمكان، لكنى ظللت غريبة عنه وظللت أحمل عين المدينة في نظرتي له. على طول الساحل من مرسى علم للبرانيس، يمنّينا الجميع بالشلاتين؛ كل شيء في الشلاتين ومن الشلاتين. ومنذ أول الطريق يلفت نظري إضافة اللام والألف لاسمها، على خلاف ما اعتدناه في القاهرة. كان الطريق طويلًا جدًا؛ يتراوح الوقت الذي يستغرقه المسافر من القاهرة لمرسى علم بين ثماني لعشر ساعات، ومن مرسى علم للشلاتين خمس أو ست ساعات، لكن كل شيء بالتأكيد يتوقف على وسيلة النقل المستخدمة. قد تأخد المسافة من مرسى علم للشلاتين وبالعكس أضعاف هذا الوقت. على الطريق أمر بالكثير من القرى المتشابهة من الخارج، ولكن الأهم بالنسبة لي، كمسافرة، كانت نقاط الجيش المنتشرة على الطريق، والتي عانيت منها كثيرًا. يركب المجندون من نقطة لنقطة، لا يدفعون للسائق، ويكون الوضع أسوأ اذا ما ركب ظابط، لا يدفع ولكنه أيضًا يبدأ بإساءة التعامل مع المجندين بشكل مستفز غالبًا. لكثرة وقوف الأوتوبيس لتحميل المجندين والأهالي كذلك، أو لإنزالهم، فقد أصبح هو الوسيلة الوحيدة للربط بين القرى على الساحل. الكثير من علاقات المركز بالأطراف تظهر في الفروق بين الطرق التي بنتها الدولة والتي بناها الناس. ترغب الدولة في إثبات وجودها من خلال الطرق. قديمًا، كان الطريق إلى الشلاتين هو طريق الحج، حيث كانت لدى الحجاج المسافرين من ميناء عيذاب وإليه قصص وأساطير لا تنتهي. يحمل الطريق لي أيضًا قصص الكبار في السن عن أول مرة سمعوا فيها عن أن هناك شيئًا يسمى «الأوتوبيس» بمقدوره نقلك من الشلاتين لأسوان في ثلاث ساعات، بينما كانت المسافة تُقطع سابقًا بالجمال في أسابيع، وكيف اعتقدوا أن الأوتوبيس جني أو شيطان، بل وأن هناك من حرّم ركوبه. كما أسمع عن أول مرة رأى أحدهم فيها سيارة، وهو يرعى الغنم، وكيف أخافته السيارة فقرر الاختباء خلف الجبل منها. الطريق الآن هو الطريق المؤدي لمقام الشيخ الشاذلي، ومات عليه الكثيرون من العطش والتيه قبل أن يُسفلت. على الطريق تتواجد العديد من الرايات البيضاء، تمثل من ماتوا عليه وهم يحجون، أو وهُم في طريقهم للشيخ، أو أنها الأماكن التي شوهد فيها نور الشيخ الشاذلي كما سمعت في بعض القصص. تزور بعض القبائل أماكن الرايات البيضاء، ويطلقون على من وُجد تحتها، اسم «الشادليين»، نسبة إلى الشيخ الشاذلي. *** قبل زيارتي لها، لم أكن سمعت عن الشلاتين سوى إشارات معدودة وحسب، فبالإضافة لكتب المدرسة بالطبع، عرفت عددًا من الأجانب الذين يذهبون لمشاهدة حركة الجمال بين مصر والسودان، وعرفت مصريين اثنين كانا يذهبان هناك في رحلات لصيد الأسماك والحيوانات، ولم يكونا يتحدثان عنها إلا وفق النظرة الاستعلائية المعهودة التي ينظر بها المركز للأطراف. فيما بعد علمت أن هناك سياحة إيطالية للشلاتين. لم أعرف لماذا إيطالية بالتحديد، ولكن ما لفت انتباهي أن هؤلاء السياح يأتون كل سنة لمشاهدة الهجرة السنوية للجمال بين مصر والسودان. وللحظة غبطت الجمال فهي أكثر حرية مني ومن أصحابها. كنت كالطفلة التي تبحث عن وطن أو بلد خارج حدود القاهرة التي قتلت الثورة التي أحببتها. صحيح أن الفتاة الصغيرة بداخلي وجدت مصر أوسع وأكبر، لكنها لم تجد جنة الله على أرضه؛ لا يزال الواقع مركبًا ومُربكًا ومتعدد الزوايا والاتجاهات، ولا يزال البراح يتسع ويضيق في عيني وقلبي. ضيق البراح، ضيق الموارد في الشلاتين، اكتشفت لأول مرة تأثير الطبيعة الذي تخفيه المدينة طوال الوقت، فبسبب الجفاف قلَّ الرعي ونزل البدو للوديان ليستقروا، ما فاقم، مع الاستقرار وغزو الحداثة والمدنية، من احتياجهم للدولة. يقال لي إن مواسم الجفاف مستمرة من ١٥ عامًا، وإن الشلاتين قبلها كانت قبلها عبارة عن مراعٍ خضراء. اتسع براح الحدود أمامي لدى رؤيتي البضاعة الآتية من السودان ولدى زيارتي للسوق ومعرفتي بنظام إدارته. يحدد هذا النظام لكل عائلة يومًا في السوق؛ الحمالون أو العتالون والكبار في السن يأخذون يوميتهم، لكن الصغار هم من يحملون عنهم تأدبًا. وعاد البراح ليضيق عندما عرفت أن تلك النظم لم تلغِ الاحتكار في السوق، ولم تلغ ثقافة نخبة كبار التجار التي أتت مع التجارة من المدن القناوية. في أواخر التسعينيات، كان السوق في الشلاتين هو مركز التشديدات الأمنية وإعلان السلطة عن وجودها ومكانًا للعديد من ممارسات السلطة القمعية، وحكى لي الكثيرون عن تغير أغلب معالمه من أواخر التسعينات إلى الآن، قبل أن يتعرض الآن لهجمة شرسة من أجهزة الدولة، أدت لهدم الكثير من أجزائه. براح الحدود كان ممتدًا أمامي أيضًا في الطرق البرية للتنقل بين مصر والسودان، الطرق التي يعبرها البدو بعيدًا عن الحدود الرسمية. الذهب، ورحلات البحث عنه، بما فيها من أساطير، من أهم ما يتردد في المكان. يتسع البراح في صدري لدى السماع عن الثروات التي كوّنها البدو منه، ويضيق لدى السماع عن كيفية تعامل الحكومة مع أجهزة الذهب، حيث أخذ الذهب من الأرض في حد ذاته غير ممنوع، ولكن امتلاك جهاز الكشف عن الذهب هو الممنوع قانونًا. وبالنبرة المعهودة القائمة على لوم الأجيال الصغر سنًا، يشكو الكبار فى السن أحيانًا من خروج الشباب للخلاء بحثًا عن الذهب، بدلًا من خروجهم قديمًا لرعي الغنم، وكيف أنه عندما قلَّ الذهب في الأرض، لم يستطع الشباب العودة للرعي مجددًا، كما لم تعد الموارد تكفى تطلعاتهم. سمعت عن شبكات المصالح في بيع الذهب وقصص منجم السكري وإدارته، وهو واحد من أشهر وأكبر مناجم الذهب في العالم، بكل ما يثار حولها من علاقة آل مبارك بإيراداته، وقرارات عدلي منصور بخصوصه قبل تركه لمنصبه بساعات. هذا غير التاريخ الطويل للاحتجاجات العمالية بالمنجم وسياسات التوظيف به، وكيف أن التوظيف شبه ممنوع على أبناء المنطقة. الناس والدولة وصراع على البراح صحيح أن هذه البقعة من العالم تذكرنا بعالم ما قبل الدولة القومية وما قبل الاستعمار الذي رسم حدودها، حيث يميزها التنوع قبل أي شيء، ولكني سرعان ما اكتشفت وضعي كـ«غريبة» على حدود بلدي. ضاق صدري، مثله مثل تلك الحدود المستحدثة، فلكي أدخل حلايب أو أبو رماد أحتاج لتصريح من المخابرات العسكرية في القاهرة، مع الأخذ في الاعتبار أن حلايب مدينة لا تفتح أبوابها، وحتى على أهلها، إلا من السادسة صباحًا وحتى السادسة مساء. نعم، هناك حظر تجول بعد السادسة. ضاق البراح لدى سماعي قصص التجنيس في الشلاتين، وعن كيفية إجراء الحصر الرسمي لاستخراج بطاقة الرقم القومي، وكيف أن من كان مسافرًا أو يرعى، بينما الحكومة تجري الحصر الرسمي، لم يُدرج في الكشوف، وأن الكثيرين بالتالي لا يملكون بطاقات شخصية حتى الآن، مما يصعّب بشدة خروجهم من مدينة الشلاتين، وينعكس الأمر على الكثير من أمور الحياة. فمن لا يملك بطاقة رقم قومي لا يحق له التموين مثلًا، ويستمر الوضع في التعقيد. لكل عائلة مكان أو واد، كما رأيت أن مكان بعض العائلات يقع ما بين الجبلين، ومن أداب المكان أن تستأذن للدخول، وقد يُسمح لك بالدخول أو لا يُسمح. إذا كانت مساحتك ما بين الجبلين فقد لا تحتاج لبيت كبير، لكني وجدت براحًا في البيوت التي دخلتها، سواء ما كان منها بيتًا من طابق واحد، أو حتى العشش والخيم التي تقل تدريجيًا مقابل أشكال البناء المختلفة. كل هذا بجانب العمائر متعددة الطوابق التي لا يسكن فيها إلا الغرباء من أهل «قبلي» و«بحري». رغم اختلاف سياسات المحميات الطبيعية هناك واختلاف أشكال إدارتها بشكل كبير تبعًا لمن يدير المحمية، ورغم كل البراح الذي يتسع في عيني لدى سماعي عن المحميات والحياة فيها ولدى رؤيتي الجمال الخالص النقي البكر فيها، إلا أن تجربتي الشخصية الصغيرة في التعامل مع إدارة المحميات كانت تضيّق صدري، وكذلك معرفة شبكات مصالح رجال الأعمال الدائرة حولها، أو سياسات المحميات التي تهمّش البدو لصالح الطبيعة، وتتعامل معهم كجزء من الطبيعة يأتي الزوار للفرجة عليهم وعلى تراثهم، لا كبشر لهم خصوصيتهم وحقوقهم. يضيق صدري أيضًا لدى رؤية المؤسسات الدولية والمجتمع المدني وفرضهم رؤيتهم عن «الحياة الأفضل للناس»، ولا يراها الناس بدورهم ملائمة. مثلًا، أقامت وكالة «يو إس إيد» الأمريكية، مجموعة من البيوت في قرية ملحقة بالشلاتين، ولم يسكنها أحدهم هناك. برّرت لي سيدة عجوز لاحقًا عدم رغبتها في السكنى هناك، بأنها غير قادرة على السكنى في مكان لا ترى منه السماء. بالإضافة لهذا، أنتج صراع الشواطئ بين البدو وبين الدولة والمستثمرين قرى ومدنًا ومناطق لبدو هُجّروا من أماكنهم، وأخذت، بجانب مكان مشوه باسم «بورتو حماطة»، أسماء مثل «قلعونا»، «شحترونا»، «طردونا» «ظلمونا». عندما سمعت، وأنا في الشلاتين، ولست واثقة من دقة المعلومة، أن أحد كبار المستثمرين أخذ حق الانتفاع بشواطئ الشلاتين، بدا الموضوع هزليًا، لكنه يصبح شديد الواقعية وأنا في القاهرة. وهكذا تتوالى الصراعات، فتدخل شركات الصيد الكبيرة في الشلاتين، وتمتد إلى القرى فيستمر تضييق الدولة على الصيادين من أهل المكان، تحت اسم «البيئة» و«المحميات»، أو حتى باسم «التصاريح الأمنية». لم أجلس على الشاطئ في الشلاتين، وجاءني انطباع بأن أهل البلد هناك، على خلاف مناطق أخرى، لا تربطهم علاقة حميمة بالشواطئ. على طول الساحل كانت الاختلافات جلية بين تعامل أهل المراكز مع الشواطئ، وتعامل أهل القرى معها. ففي القرى، الشاطئ جزء من الحياة اليومية، لا مكان يُزار ويُتنزه فيه. وتختلف علاقات السيدات مع البحر، بوصفه جزءًا من المجال العام، تبعًا لعادات المكان ونمطه الاجتماعي والقبائل المتواجدة به. اتسع البراح أمامي عندما علمت بوجود المجالس العرفية، التي تمثل النظام القضائي للبدو، وضاق مجددًا عندما علمت عن الشبكة المعقدة للمصالح، والتي نشأت مع بدء تدخل الدولة في تعيين شيوخ القبائل، واستمر الضيق عندما علمت بوجود سبع أجهزة أمنية بالشلاتين؛ جهاز شؤون القبائل، المخابرات العامة، المخابرات العسكرية، الشرطة، الجيش، الشرطة العسكرية والأمن الوطني. براح الألوان تفتح حفلات الزفاف في الشلاتين عيني على براح الألوان والحلي بأشكالها المختلفة، منها ما هو شديد الشبه بحلي الفراعنة، وما هو أقرب للشكل الأفريقي والهندي. يميزها أنها كلها من الفضة أو الذهب أو مطلية بهما. البدو هناك مشهورون بالأعمال اليدوية من حلي وشنط من الجلد والخرز. «توب الأفراح» يأتي بلون واحد غالبًا وغير منقوش، لذا فاللون بدرجاته المختلفة عنصر مهم جدًا هناك، وتعدد ألوان الأتواب يجعل المكان كله كأنه «باليتة ألوان»، وعلى عكس الألوان القليلة المتواجدة خارج المكان، حيث لا ألوان هناك سوى لون الجبل والسماء والبيوت الرمادية غالبًا. فتبدو ألوان الأتواب وكأنها تنشر الحياة والبهجة في ليل الوديان. في الفرح تُؤدَّى رقصة التَرْبَلة التي دائمًا ما شغلتني وأربكتني، فهي تعتمد على الرقبة والشعر والكتفين، ولها طقوس تختلف اختلافات طفيفة من مكان لآخر ومن قبيلة لأخرى، وللسيدات فيها أدوار تختلف عن أدوار الرجال؛ هن في أماكنهن يرقصنها مغطيات وجوههن، والرجال يرقصون بالسيوف والعصي، والعريس بالكرباج. في عادات جديدة نوعًا ما، بدأت العرائس تظهرن بالفساتين البيضاء والزينة المبالغ فيها، غير أن الرجال لم يغيروا ملابسهم التقليدية. يستمر الفرح لعدة أيام حسب المكان. ولكل قبيلة طقوسها الخاصة، طبقًا لمدى قربها من المدينة. الأفراح من أهم التجمعات الاجتماعية في الشلاتين، وليس بالضرورة أن يحضر العروسان كل أيام الفرح. في الشلاتين، تلبس النساء الأتواب القادمة من السودان، أما خارجها، وفي المدينة، فغالبًا لا ترتدينها، وإنما ترتدين ثياب المدينة من الجينز وغيره، وهكذا الرجال. في المدن، رأيت رجالًا في ثيابهم البدوية، لكني لا أذكر أني رأيت نساء بالأتواب هناك. براح الروح تتوجس الدولة من الصوفيين والأشراف، فـ«الطريقة الميرغنية» من الطرق التي لها نشاط سياسي كبير في السودان، كحال العديد من الطرق الصوفية في أفريقيا. لم أسمع إنشادًا أو مدحًا في الشلاتين، لكني سمعت كثيرًا عن المولد النبوي وتجهيزاته هناك، ومكانة الأشراف وجمعهم للكرامات وتوسطهم للصلح بين القبائل والعائلات. تملأ الشلاتين صور الشريف أدروب، الذي عاش في السودان قبل أن يتوفى من أسابيع قليلة، والذي كان طلبة العلم يذهبون إليه من أماكن مختلفة في الجنوب ليدرسوا التوحيد والتصوف وعلوم الفقه، ولكي يباركهم بعلمه وينقل بعضًا من معرفته لهم. كان الشيخ أدروب رحمه الله من قبيلة الأشراف الممتدة بين مصر والسودان. تصل تعاليم الشريف أدروب لكل بيت، والصدقة التي أمر بدفعها كل ثلاثاء، لتتطهر الشلاتين من الذنوب، من أهم ما يحرص عليه الكثيرون هناك. مجالس الجَبَنَة وكل الحكايات المتعلقة بها من أجمل ما عشت وسمعت. الجبنة هي بُنٌّ أخضر يُحمّص ويُدق. وتشرب في فناجين صغيرة في جلسة تتسامر فيها العائلة أو القرية ليلًا في الغالب، ويضاف لها جنزبيل أو بهارات مختلفة حسب المكان، ومن تقاليد المكان أن يُشرب ٣ أو ٧ أو ١١ فنجانًا. البن أمر مقدس في العادات والتقاليد لا يشربه إلا الأطهار ولا تشربه المرأة الحائض. يقرأ بعض كبار السن الفاتحة قبل كل فنجان، وتقول الحكايات إن أول من جاء بالبن، ليتقوى به على السهر والعبادة، هو الشيخ أبو الحسن الشاذلي، المدفون على بعد حوالي أربع ساعات من الشلاتين. «البشايرة» هي إحدى القبائل الرئيسية في منطقة جنوب البحر الأحمر كلها، وتتركز في الشلاتين، بجانب قبيلة «الأشراف» المنسوبة لآل البيت. ولكل قبيلة نسبها وقصصها وعادتها وتقاليدها، ولكن هذا لا يمنع من التمازج بينهم في أمور كثيرة. وهناك أيضًا قبيلة «الرشايدة»، وهم مهاجرون من الجزيرة العربية، ولكنهم حتى الآن بدون جنسيات. تنتابني مشاعر مرتبكة تجاههم، فهم بلا جنسيات، غير محبوبين من غالبية من التقيتهم، متفرقين على عدة بلاد، مشهورين بالتجارة غير المشروعة، لكن لماذا هم بدون جنسيات؟ من يتحمل مسؤولية هذا؟ كم يكفي أن يقيم المرء في أرض حتى يصبح منها؟ يتحدث البشارية «الرَطْنة» أو «الرطانة»، وسمعت قصصًا كثيرة عن كون اللغة جاءت من أمهم الأصلية، التي انتمت لقبائل «البِجَا»، ثم تزوجت بعربي، فأنتج زواجهما قبائل البشارية. هناك قصص أخرى تُروى عن أصول قبيلة «البجا»، وبمفادها فالجد تزوج من الجبل فتكونت القبيلة، ولذلك لا يحرّك الكبار في السن أي حجارة أو رمال دون أن يمسحوا عليها باللبن استئذانًا واحترامًا، لأن الحجارة تنتمي للجبل الذي يمثل أصلهم وأمهم. وحتى اليوم، لا يزال البعض يعتقد أن أي محاولة للتغيير في الطبيعة قد تجلب الشؤم أو المرض أو الجن. الكثير من الحكايات والأراء والأساطير، والمختلفة باختلاف المكان والزمان والراوي والمستمع، تُروى في أصول قبائل البجا (البشارية)، غير أن الأكيد أنه قد مر عليهم العديد من الديانات. يتضح ذلك من عادتهم وتقاليدهم، فإلى جانب العديد من البيوت التي تحتوي على صلبان للتبرك بها، هناك تحضيرات الأفراح التي تجري في «مجلس السنكاب»، وهو المجلس الذي يخاط فيه «السنكاب»، أو «السعف»، ليوضع على باب العروسين. في هذا المجلس تتجمع النساء على عمل السنكاب وترديد أغاني المديح والذكر. *** يتحدث أغلب كبار السن في الشلاتين بـ«الرطانة». أما العربية فقد تعلمتها الأجيال الجديدة في المدارس، أو بالاحتكاك بالصعيد ووجه بحري عند من سافر منهم بعد مواسم الجفاف. الرطانة لغة شفوية غير مدونة وبالتالي كذلك تراثها تراث شفوي. دائمًا ما شغلني سؤال حول ما إذا كان يجب تدوينها لحفظها أم أن تدوينها سيفرض عليها قواعد الثقافات المكتوبة، فيحددها بعدد معين من الحروف والأصوات. لا أعلم! يتسع البراح دائمًا أمامي في المقامات ولدى سماع حكايات المقامات وكرامات الأولياء، ودائمًا ما يحتوي المقام على سجائر وخبزًا وحنة وجَبَنَة. في الشلاتين، يدور الزمن كسجاجيد الصلاة المستديرة التي لم أر مثلها إلا هناك؛ دائرة مربوطة وموصولة. العرافات وقراء الودع في الشلاتين هم جزء من الحياة اليومية، ودائمًا ما تساءلت عن سر هذا الشغف الدائم هناك بمعرفة المستقبل، أم أنه موجود في كل مكان، ولكل منا طريقته في التعامل معه؟ قابلت العديد من العرافات، لكل عرّاف أو عرّافة طريقة. هناك واحدة منهم أصابت في كل ما تنبأت أنه سيحدث لي بعد سنة من وجودي هناك. هناك من يقول إنه تعلم قراءة الودع في أحلامه، وهناك من تلقاه عن قريب وهناك من علّمه الجن. تختلف الطرق والطقوس، ولكنها تبقى حاضرة بكثافة في الحياة اليومية. وبجانب العرافات، هناك المشايخ والأشراف الذين يعالجون بالقرآن أو بسبل أخرى، ولكن الجميع يذهبون للشيخ أو للشريف، وإذا قال الشريف إن هذا «تعب مستشفيات»، يذهب المريض للطبيب من فوره. *** على طول قرى الساحل كنت دائمًا ما ألاحظ أن تاريخ دخول المدارس للمكان وتاريخ دخول التلفزيون، أو الكهرباء بشكل عام، هما من أهم التواريخ في حركة تغير الأماكن وتطورها، وأضاف لي صديق تاريخ إقامة أول فندق أو مكان ضيافة مستقل للغرباء بعيدًا عن بيوت الأهالي. ومن المثير للاهتمام أنه إلى وقت قريب، وفي بعض القرى، كان يجب أن يكون المدرسون من خارج المكان، وكانت الحكومة تدفع للأهالي ليرسلوا أولادهم للمدارس. ولكن هناك مكانًا يقابل المدرسة أيضًا للأطفال هناك؛ الخلوة، وهي مكان يتعلم فيه الصغار القرآن الكريم، ويكون شيخ الخلوة غالبًا مرسلًا من شيخ الطريقة الميرغنية في السودان، وتعلم على يده في خلوته. في الخلوة، وبسبب التكرار اللانهائي للأذكار وأوراد القرآن، يعود الزمن ليصبح مستديرًا في عيني. في الخلوة وجدت كل ما قرأته أو تخيلته عن طرق التعلم التقليدية؛ حبرًا طبيعيًا وأقلامًا من البوص وألواحًا من الخشب للكتابة. وعندما حكى شيخ الطريقة عن نسبة الطريقة لسيدنا النبي وطريقة أخذ العهد والأوراد من النبي نفسه، دارت بي دائرة الزمن، ليمتزج الماضي بالحاضر في اللحظة الحالية. ولم يضق عليّ البراح إلا عندما سمعت عن الخلاوي الخاصة بأولاد الأشراف وصعوبة دخول غيرهم في الطريقة. وسّعت الشلاتين من روحى وعقلى، والأهم أنها وسّعت خيالى عن الأرض والوطن والزمن. الطريق من الشلاتين وإليها، بالنسبة لي، هو رحلة في المكان والزمان، رحلة باتجاه العديد من الأسئلة والاكتشافات والتعلم والحب. ضاق الطريق واتسع مرات عديدة لكن أهله لم يخذلوني أبدًا.