البورصة

جريدة البورصة تعرف على تفاصيل مشروعات الطرق التى نفذتها الإسكان خلال ٣ سنوات. انتهت وزارة الإسكان خلال السنوات الثلاث الماضية، من تنفيذ عدد من الطرق بطول أكثر من ٧٠٠ كيلو متر بتكلفة ٢.٢٤٤ مليار جنيه. ومن أهم الطرق المنفذة محور بنى مزار – الباويطى، بطول ١٩٦ كم، بتكلفة ٨٧٥ مليون جنيه، وهو طريق مزدوج، وكل اتجاه به ٣ حارات مرورية لربط الوادى من مدينة بنى مزار بالواحات مع تخفيض حوالى ٣٠٠ كم من طول الرحلة، وتم تنفيذ أحد الاتجاهين كأسبقية أولى ويتم تأهيل المناطق المرتفعة والمنخفضة فى الاتجاه الآخر. كما تم تنفيذ طريق سيوة الواحات البحرية، بتكلفة ٩٧٠ مليون جنيه، وهو طريق أسفلتى مفرد بطول ٣٦٠ كم، لربط واحة سيوة بالواحات البحرية ومحاور الوادى الجديد والقاهرة، وربط مواقع الإنتاج بواحة سيوة بمواقع التسويق والاستهلاك بالقاهرة والمحافظات، وتنمية الصحراء الغربية وخلق تجمعات عمرانية جديدة (زراعية – صناعية – سياحية). ونفذت الوزارة طريق القسيمة الكونتلا رأس النقب، بتكلفة ١٩٠ مليون جنيه، وهو محور تبادلى لطريق الحدود الدولية الشرقية، ويعتبر طريق التنمية الرئيسى شرق سيناء، ويصل محافظة شمال سيناء بجنوب سيناء، ويربط البحر المتوسط بخليج العقبة، ومحور تنموى موازى للحدود الدولية بطول ١٥٠ كم. بجانب الطريق الدائرى غرب مدينة الجمالية بالدقهلية، بتكلفة ٦٠ مليون جنيه، وهو طريق دائرى فى اتجاهين لنقل حركة النقل الثقيل بين محافظات الدقهلية ودمياط والشرقية خارج الكتلة السكنية لمدينة الجمالية بطول ٢.٧٥٠ كم. بالإضافة إلى كوبرى عزمى بمحافظة بورسعيد، بتكلفة ٧٥ مليون جنيه، وهو كوبرى حمولة ٩٠ طناً بطول ١٣٦م وعرض ١٥م لنقل حركة مرور السيارات الثقيلة والحاويات القادمة من ميناء شرق التفريعة إلى ميناء بورسعيد والعكس عبر محور شارع عزمى إلى خارج نطاق المدينة عن طريق منفذ النصر دون المرور بالطرق الداخلية للمحافظة. وكوبرى ميدان الساعة بفيكتوريا بمحافظة الإسكندرية، بتكلفة ٥١ مليون جنيه، وهو كوبرى خرسانى فى اتجاهين بطول ٤٧٠ م، ويسهم فى حل مشكلة المرور بميدان الساعة بفيكتوريا، كما تم ازدواج الطريق الموازى لترعة السلام بمحافظة بورسعيد بطول ١٠ كم، بتكلفة ٢٣ مليون جنيه. وقال الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان إنه يجرى تنفيذ عدد من مشروعات الطرق بطول أكثر من ٩٠٠ كم، بتكلفة ٩.٧٧٥ مليار جنيه، ومنها محور ديروط – الفرافرة، بطول ٣١٠ كم، بتكلفة ١.٥٥٠ مليار جنيه، وهو طريق مزدوج كل اتجاه به ٣ حارات مرورية لربط الوادى بمحافظة أسيوط بواحة الفرافرة كمحور تنمية، ونقل البضائع من وإلى الوادى، ويتم تنفيذ أحد الاتجاهين كأسبقية أولى. والمحور التبادلى للطريق الموازى لقناة السويس «محور ٣٠ يونيو»، بتكلفة ٣،٥ مليار جنيه، وهو طريق حر بطول ٩٥ كم، فى اتجاهين بكل اتجاه ٣ حارات مرورية للسيارات، وحارتين مروريتين للشاحنات، بجانب أعمال صناعية على محور الطريق، ويبدأ من كم ٥ الطريق الدولى الساحلى حتى كم ٩٤ طريق القاهرة الإسماعيلية الصحراوى. ويمر الطريق بالتقاطعات الرئيسية الآتية (الطريق الرابط مع نفق جنوب بورسعيد – طريق شادر عزام (ترعة السلام) – طريق القنطرة الصالحية – طريق الفردان الصالحية – طريق ٣٦ الحربى – طريق الإسماعيلية الزقازيق الزراعى (ترعة الإسماعيلية – سكة حديد الإسماعيلية الزقازيق)، وبه ١٥ كوبرى، و١٨ نفقاً عرضياً للسيارات والمشاة لخدمة المناطق المأهولة بالسكان. أضاف مدبولى أنه يجرى أيضاً تنفيذ رافد أبوالروس مطوبس فــوة، بتكلفة إجمالية مليار جنيه، وهو أحد روافد الطريق الدولى الساحلى لنقل الحركة مباشرة بين الطريق الدولى الساحلى ومحافظتى كفر الشيخ والبحيرة والمنطقة الصناعية الجديدة بمطوبس، لخدمة المناطق المستصلحة الجديدة والمناطق الزراعية. والمرحلة الأولى من الطريق بطول ١٦ كم وبها ٨ كبارى علوية وسطحية، بتكلفة ٥٠٠ مليون جنيه شاملة نزع الملكية، والمرحلة الثانية بطول ١٦ كم وبها ١٠ كبارى علوية وسطحية، بتكلفة ٥٧٥ مليون جنيه شاملة نزع الملكية. كما يجرى تنفيذ محور التعمير بمحافظة المنوفية (طريق شبين الكوم طملاى المزدوج)، بتكلفة ٥٠٠ مليون جنيه، وهو طريق يربط مدينة شبين الكوم بطريق السادات من خلال كوبرى طملاى على النيل بطول ١٦ كم، وبه ١٨ عملاً صناعياً (كبارى – أنفاق). وطريق الجارة سيوة، وهو طريق مفرد بطول ١١٠ كم، لربط واحة الجاره بطريق مطروح سيوه وتنمية الواحة حضارياً وتشجيع سياحة السفارى والسياحة العلاجية وخلق محور تنموى جديد، بتكلفة ٦٥ مليون جنيه. بجانب تنفيذ محور ربط طريق شرق العوينات (جنوب الداخلة) منفلوط (أسيوط)، بتكلفة تقديرية ١،٢ مليار جنيه، وهو محور تنموى جديد للربط المباشر بين مركز الداخلة وأسيوط ويساهم فى تنمية الداخلة (ربط طريق شرق العوينات منفلوط) بطول ٣٠٠ كم. وطريق هضبة أسيوط الغربى، وهو طريق يربط مدينة أسيوط بطريق (القاهرة – أسيوط) الصحراوى الغربى عبر هضبة أسيوط بطول ٢٢ كم، بتكلفة ٤٢٥ مليون جنيه، ويجرى تنفيذ المرحلة الأولى بطول ١٢ كم، من طريق (القاهرة – أسيوط) الصحراوى الغربى عند مدخل مطار أسيوط حتى التجمع العمرانى الذى يجرى التخطيط لإنشائه فوق الهضبة، بتكلفة ١٧٥ مليون جنيه. والطريق الإقليمى الشرقى حول مدينة أسوان، ويبدأ من طريق اسوان برنيس وحتى كوبرى أسوان الملجم بطول ٢٣ كم، بتكلفة ٢٧٠ مليون جنيه، والمرحلة الأولى منه بطول ٨ كم بداية من تقاطع الطريق مع طريق أسوان حلايب لخدمة التجمعات السكنية غرب الطريق، بتكلفة ٩١ مليون جنيه. أشار الوزير إلى أنه من مشروعات الطرق التى يجرى تنفيذها، محور صفط اللبن (المرحلة الثانية) بمحافظة الجيزة، بتكلفة تقديرية ٧٠٠ مليون جنيه، ويتكون من نفق سيارات اتجاهين بطريق الكورنيش أمام مدخل كوبرى الجامعة، وبه حارتان مروريتان بعرض ٧.٢٥ م بكل اتجاه مع جزيرة فاصلة، ونفق سيارات اتجاه واحد لنقل الحركة المرورية من شارعى النهضة والجامعة إلى شارع أحمد زويل المؤدى إلى محور صفط اللبن، ونفق سيارات اتجاه واحد لنقل الحركة المرورية من شارعى أحمد زويل والجامعة إلى شارع الدقى، ويهدف لتحقيق السيولة المرورية بطريق الكورنيش وميدان النهضة، وربط مباشر لكوبرى الجامعة مع منطقة الجامعة بدون تقاطعات سطحية، وتخفيف العبء المرورى وطوابير الانتظار بمنطقة الجامعة، وتأكيد محور صفط اللبن كمحور شريانى بمحافظة الجيزة، كما يتم تنفيذ مشروع نفق مراد بمحافظة الجيزة ويجرى تنفيذ الأسبقية الأولى بتكلفة تقديرية ٢٦٨ مليون جنيه. بالإضافة إلى مشروع تطوير محور الفنجرى وامتداده من جهتيه، بدءاً من تلاقيه بمحور روض الفرج وحتى تلاقيه مع محور الشهيد عبدالمنعم رياض، ويهدف لربط محور روض الفرج الضبعة بالعاصمة الإدارية الجديدة مروراً بالمناطق الآتية (شبرا – الزاوية الحمراء – حدائق القبة – كوبرى القبة – أرض المعارض – قاعة المؤتمرات – المخيم الدائم وجامعة الأزهر – الحى السادس بمدينة نصر – محور الشهيد – محور المشير طنطاوى – شارع التسعين – محور الشيخ محمد بن زايد – العاصمة الإدارية). والمرحلة الأولى منه تشمل تطوير المحور بدءاً من تقاطعه مع شارع على أمين (امتداد مصطفى النحاس) حتى منطقة حدائق القبة ويتم تنفيذها فى ٣ أسبقيات، ويجرى حالياً تنفيذ الأسبقية الأولى، وتبدأ من شارع المخيم الدائم أمام البوابة الجانبية لجامعة الأزهر وحتى منطقة أرض المعارض عبوراً علوياً بمحور الأتوستراد وشارع ممدوح سالم علوياً مع توسعة حارات المرور على جانبى الكوبرى، بتكلفة ٢٢٢.٦٧ مليون جنيه.
جريدة البورصة الصين فى أفريقيا.. عين على السياسة وعين على الاقتصاد. يضع السياسيون والمقرضون والشركات فى الصين أعينهم على فرص النمو، وكسب مزيد من التأثير الجيوسياسى فى قارة أفريقيا. وعلى جزيرة «بات»، قُبالة ساحل شمال كينيا يعمل الأفارقة ذوو البشرة الفاتحة بملامح صينية معهم شظايا من الخزف الصينى القديم، فى مكان أطلقوا عليه نيو شانجا. وتشير القصة المحلية إلى غرق سفينة على متنها بحارة من أسطول تشنج هو، وهو مستكشف صينى فى القرن الخامس عشر، فاستقر بعض البحارة فى الجزيرة، قبل سنوات من وصول كولومبوس للولايات المتحدة. وبغض النظر عن وجود أحفاد لحملة الاستكشاف الصينية فى كينيا، فإن السجلات تشير إلى أن سفناً ضخمة وصلت إلى ساحل شرق أفريقيا منذ أكثر من ٥٠٠ سنة لمبادلة الكنوز الصينية «الإكسوتيكا» بسلع مثل العاج والنعام والحمير الوحشية. والواقع أن هناك تاريخاً طويلاً من الاتصال بين الصين وأفريقيا، تم تدعيمه فى عصر ماو تسى تونج فى الستينيات من القرن الماضى؛ حيث تضامن مع الحركات المناهضة للاستعمار، وبناء الأعمال الهندسية، ولا سيما خط سكة حديد تنزانيا الذى يبلغ طوله ١٨٦٠ كيلومتراً والذى يربط بين زامبيا والساحل التنزانى. بيد أن مستوى مشاركة الشركات الصينية المملوكة للدولة والقادة السياسيين والدبلوماسيين ورجال الأعمال فى الـ١٥ عاماً الماضية وضعت هذه العلاقات التى تمتد لقرون فى الظل. وتعتبر العلاقات الصينية – الأفريقية عفوية من جهة وثمرة دفعة مدبرة من بكين من جهة أخرى، لكن فى النهاية لها تأثير على حدوث تحول فى المحور التجارى والجيوسياسى للقارة السمراء بأكملها وسط تخلى حكومات غربية كثيرة عنها. وبينما ينظر الأوروبيون والأمريكيون إلى أفريقيا على أنها مصدر مقلق لعدم الاستقرار والهجرة والإرهاب، وبالطبع المعادن الثمينة، ترى الصين أنها أرض الفرص المتاحة. وتمتلك أفريقيا البترول والنحاس والكوبالت وخام الحديد، ولذلك فهى سوق كبير للشركات الصينية وشركات البناء التى تعد وسيلة واعدة لحمل النفوذ الجيوسياسى الصينى لقلب القارة. ونقل تحليل لصحيفة فاينانشيال تايمز عن جينج قو، مديرة مركز القوى الصاعدة والتنمية العالمية فى إيست ساسكس قوله، إن علاقات بكين الجيدة مع الحكومات الأفريقية فى ٥٤ دولة مهمة جداً بالنسبة للصين، لكنها تتناقض مع العلاقات المتوترة مع جيرانها من طوكيو إلى هانوى. ويشعر كثيرون بالريبة من هذا السلوك الصينى المتناقض بما فى ذلك بعض الأفارقة؛ حيث يرون أنها جهود تهدف إلى الاستيلاء على الأراضى بطريقة استعمارية جديدة عن طريق الشركات الصينية التى تعمل لاستخراج المعادن فى مقابل البنية التحتية والأموال التى ستثقل الحكومات بديون كبيرة. وكثيراً ما كان سلوك الصينيين فى أفريقيا، على نحو مماثل للجهات الفاعلة من الغرب، دون المستوى المثالى. وكانت هناك شكاوى مشروعة حول الشركات الصينية التى توظف عدداً قليلاً من السكان المحليين، فضلاً عن إساءة معاملتهم، وعدم إيلاء اهتمام كافٍ للبيئة. ومع ذلك، هناك اعتراف قد يكون محزناً للغرب بأن الصين قد أفادت أفريقيا إجمالاً وأن منافسيها فى القارة قد تعلموا الدرس. ويحمل انخراط بكين مع أفريقيا أكثر من مستوى معترف به فى كثير من الأحيان. فالصين كما تقول جينج تستخدم القارة تقريباً كمجال اختبار لطموحها الدولى المتنامى سواء من خلال بعثات حفظ السلام أو مشروعات بناء الطرق والموانئ والسكك الحديدية التى تهدف إلى ربط جزء كبير من العالم النامى بها عبر طريق الحرير الجديد. ويوافق هوارد فرينش فى كتابه «قارة الصين الثانية» تجربة حوالى مليون رجل أعمال صينى استقروا فى أفريقيا على هذا الرأى. وأضاف أن أفريقيا كانت مجالاً يمكن للصين أن تجرب فيه أشياء مختلفة فى بيئة شديدة الخطورة جداً على حد تعبيره. وأشار إلى أن أفريقيا عبارة عن ورشة عمل لدراسة الأفكار التى لها اﻵن نطاق أكبر وأهمية استراتيجية. وهناك عدد قليل من الأرقام توضح حجم التحول، ففى عام ٢٠٠٠ كانت التجارة بين الصين وأفريقيا ١٠ مليارات دولار فقط، وبحلول عام ٢٠١٤ ارتفع هذا المبلغ إلى أكثر من ٢٠ ضعفاً ليصل إلى ٢٢٠ مليار دولار، وفقاً لمبادرة بحوث الصين فى كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة فى واشنطن، وذلك بالرغم من تراجع نسبى مؤخراً؛ بسبب انخفاض أسعار السلع الأساسية. وخلال تلك الفترة، ارتفعت مخزونات الاستثمار الأجنبى المباشر الصينية من ٢% فقط من مستويات الولايات المتحدة إلى ٥٥%، مع استثمارات جديدة تبلغ مليارات الدولارات كل سنة. وتسهم الصين بحوالى سدس الإقراض لأفريقيا، وفقاً لدراسة مركز جون ال ثورنتون للشئون الصينية فى معهد بروكينجز. ومن المؤكد، أن الصين قد اجتذبتها موارد أفريقيا الوفيرة مثل البترول من أنجولا ونيجيريا والسودان وكذلك النحاس من زامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، فضلاً عن اليورانيوم من ناميبيا. وفى الشهور الأخيرة، يبدو أن الشركات الصينية بذلت جهوداً لاقتحام سوق الكوبالت، وهو أمر ضرورى لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، مع دفع مليارات الدولارات مقابل المناجم فى الكونغو، أكبر منتج فى العالم. ومن ليبيا وزامبيا إلى غانا وموزامبيق، اكتسبت الشركات الصينية سمعة للاستخراج العالى، سواء من الأخشاب القديمة للغابات والبترول والذهب أو حتى العاج وهى تجارة غير قانونية. ومع ذلك، فإن العلاقة الناشئة بين الصين وأفريقيا تتجاوز كثيراً السلع الأساسية فمن أهم وجهات الاستثمار الصينى فى أفريقيا إثيوبيا، وهى بلد فقير فى معظمه ويبلغ عدد سكانه نحو ١٠٠ مليون شخص، لكنه ينمو بفضل الدعم الصينى لمشروعات تقودها الدولة. ولا تملك إثيوبيا سوى القليل من الموارد التى تهم الصين، لكنها تمتلك موقعاً استراتيجياً وسوقاً كبيراً للاستهلاك، وكان نموها السريع فى السنوات الـ١٥ الماضية مستداماً. ومنذ عام ٢٠٠٠، كانت إثيوبيا ثانى أكبر مستفيد من القروض الصينية لأفريقيا، حيث بلغ تمويل السدود والطرق والسكك الحديدية ومصانع التصنيع أكثر من ١٢.٣ مليار دولار أمريكى، وفقاً لما ذكره باحثون فى جامعة جونز هوبكنز. وهذا يزيد على ضعف المبلغ المعطى للسودان الغارق بالبترول والكونغو الغنية بالمعادن. والواقع أن جزءاً أكبر بكثير من الاستثمارات المباشرة الأمريكية ٦٦% مقابل ٢٨% للصين يدخل فى قطاع التعدين. وانتشرت العلاقات الصينية الأفريقية فى مناطق أخرى، حيث تجدر الإشارة إلى أن بكين لديها ٥٢ بعثة دبلوماسية فى العواصم الأفريقية مقابل ٤٩ لواشنطن. من بين الأعضاء الخمسة فى مجلس الأمن الدولى، تمتلك الصين أكبر عدد من قوات حفظ السلام فى القارة مع نشر أكثر من ألفى جندى فى الكونغو وليبيريا ومالى والسودان وجنوب السودان. من وجهة نظر أفريقيا، على الرغم من أن الصين قد تكون مصدراً للخطر، فإنها تجلب فوائد ملموسة فى مجالات التمويل والأعمال الهندسية، والأهم من ذلك أنه يتيح لها أن تمتلك خيارات أخرى غير غربية، وهذا أمر مرحب به للحكومات الأفريقية التى ظلت، على مدى عقود، فى علاقات غير منتجة فى كثير من الأحيان مع المانحين الأجانب الذين جلبوا مليارات الدولارات كمساعدات، ولكن أيضاً فى الثمانينيات والتسعينيات صمم الغرب على أن تلتزم دول القارة السمراء بالتنمية القائمة على قواعد السوق الحر وإجراء إصلاحات وفقاً لنموذج أمريكى. وتقول دامبيسا مويو، وهى خبيرة اقتصادية زامبية، إن كتابها «مساعدة الميت» لعام ٢٠٠٩، تساءل عن العلاقات القائمة على المساعدات فى أفريقيا من أوروبا والولايات المتحدة، مشيرة إلى أن أسلوب المانحين والمتلقين شهد تغيراً كبيراً مع دخول الصين للساحة. وأضافت أن الدول الأفريقية تحتاج إلى تجارة وتحتاج إلى استثمارات، وهذا ما يميز الصين ودولاً أخرى مثل الهند وتركيا وروسيا والبرازيل؛ حيث تجلب فرصاً تجارية واستثمارية جديدة لأفريقيا، وهذا هو الخبر السار، فالأمر لم يعد مجرد حفنة أموال من المساعدات لعدد من الفقراء. ويصف جيفرى ساكس، مدير معهد الأرض بجامعة كولومبيا، الحماس الصينى الجديد بأنه أهم تطور وحيد لأفريقيا فى هذا الجيل، مؤكداً أن بكين يمكن أن تساعد على تغيير وجه القارة. وأضاف أن الصينيين يعرفون كيفية بناء المشاريع الكبيرة، مشيراً إلى خبراتهم فى بناء السدود والموانئ والمطارات والسكك الحديدية وشبكات الاتصالات والطرق التى تقوم بها المجموعات الصينية حتى فى أكثر الزوايا الغامضة من القارة، فهم يعرفون كيفية تنفيذها. ويشعر الجميع فى أفريقيا بلا استثناء بصدى التواجد الصينى بداية من الناس فى الشوارع إلى الحكومات، فسياسة بكين الرسمية القائمة على عدم التدخل فى شئون الدول تجعلها شريكاً جذاباً للقادة الأفارقة فى بلدان مثل أنجولا وزيمبابوى التى تضررت الأنظمة فيها من محاضرات القوى الاستعمارية السابقة بشأن حقوق الإنسان أو الديمقراطية. وقالت دراسة استقصائية أجراها أفروباروميتر فى ٣٦ بلداً أفريقياً، إن ٦٣% من الأفارقة وجدوا نفوذ الصين إيجابياً نوعاً ما أو إيجابياً جداً. ورداً على سؤال عن البلدان التى قدمت أفضل نموذج للتنمية لأفريقيا، قال ٣٠% الولايات المتحدة و٢٤% الصين، ووضعهما رقم واحد واثنين. ومع ذلك، هناك قلق بشأن صعود نفوذ الصينيين، كما يقول بلو لومبا، مدير كلية كينيا للقانون لأنهم يعرفون ما يريدون مقابل خدماتهم على العكس من الأفارقة الذين لا يعرفون ما يريدون. وأضاف أن الصين تريد السيطرة على القارة لتكون قوة عالمية، محذراً من أن إفراط الحكومات الأفريقية فى الاستدانة من المؤسسات الصينية سيضعها فى صراع اقتصادى وسياسى معها. وفى مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز الشهر الماضى، أعرب أوهورو كينياتا، الرئيس الكينى الذى استخدم المليارات الصينية والخبرة الهندسية فى تقديم دفعة ضخمة للهياكل الأساسية لمشروعات البنية التحتية، عن قلقه إزاء تحول أفريقيا إلى حالة العجز التجارى مع الصين. وقال إننا بدأنا نقدر أنه إذا كانت استراتيجية الفوز التى ينتهجها الجميع يمكن أن تنجح، فإن ذلك يعنى أنه يجب على الصين، أيضاً، أن تفتح أبوابها ﻷفريقيا كما تفتح أفريقيا أبوابها أمام الصين. ويقول «فرينش»، إن رؤية الأفارقة للصين لا تزال إيجابية، ولكن ليس بالدفء المعروف قبل سنوات، فالناس يرحبون بالبنية التحتية، ولكنهم يصرون على ضرورة عدم تكبيل حكوماتهم إما عن طريق التمويل الزائد، وإما قبول العمل بجودة غير مطابقة للمواصفات، وإما السماح للشركات الصينية باستخدام جميع العمال من دولتهم على حساب العمالة المحلية. وأكد أن الأفارقة يستاءون من ذلك خصوصاً مع تضخيم الحكومات الفاسدة لتكلفة المشاريع، حيث أعلن أن خط سكة حديد مومباسا – نيروبى الذى تم افتتاحه هذا الشهر بلغت قيمته ٤ مليارات دولار. ومع ذلك، تسعى الشركات الصينية للتعامل مع هذه القضايا المنتقدة لها فقبل عقد من الزمن اعتقدوا أن التعامل مع الحكومة كان كافياً، لكنهم يدركون الآن أنهم بحاجة أيضاً إلى إشراك المجتمع المدنى والمنظمات غير الحكومية الدولية فى قضايا تتنوع من استغلال المهارات المحلية إلى مشكلات البيئة. وترغب الشركات الصينية فى أن ينظر إليها على أنها تقوم بنقل المهارات؛ حيث تقوم شركة هواوى، التى تكسب ١٥% من إيراداتها العالمية فى أفريقيا، بتدريب ١٢ ألف طالب فى مجال الاتصالات سنوياً فى مراكز فى أنجولا والكونغو ومصر وكينيا والمغرب ونيجيريا وجنوب أفريقيا. ووفقاً لباحثى جونز هوبكنز، فإن ٨٠% من العاملين فى المشاريع الصينية أفارقة، حتى لو كان العديد منهم فى وظائف متدنية المهارات مثل أعمال الحفر. وقالت جينج، إن الصين تريد أن ينظر إلى هذه العلاقة على أنها مفيدة للطرفين، مضيفة أن بكين تتابع بنشاط استراتيجية التصنيع الأفريقية، وتعمل على نقل الإنتاج منخفض الأجور إلى أفريقيا خلال الأعوام العشرة القادمة. تقول خبيرة مركز القوى الصاعدة، إن الشيء الحاسم بالنسبة للحكومات الأفريقية هو السيطرة على علاقاتها، سواء مع الغرب أو الصين، وهذا يعنى تحديد الأولويات، وضمان نقل المهارات والتفاوض مع الشركاء الأجانب بشروطهم الخاصة. وأضافت أن الأمر يرجع إلى الأفارقة، فيجب أن تكون الأمور واضحةً حول من يمكنه أن يكون له تأثير وليس من المصلحة أن يقرر الغرباء. والعلاقة بين الصين وأفريقيا المتطورة ليست متجانسة، لكن تقوم بها جهات فاعلة متعددة ذات أجندات مختلفة. فمن ناحية، هناك ٥٤ دولة أفريقية، ومن ناحية أخرى هناك العديد من البنوك الصينية والشركات المملوكة للدولة وحكومات المقاطعات والشركات الخاصة والأفراد تشكل طرفى المعادلة. ويرى مينكسين بى، الباحث الصينى، الذى يرفض فكرة وضع استراتيجية صينية كبرى لأفريقيا، أنه عندما تنظر إلى ما تقوم به الصين فى مجملها، ترى أن الأمر يخضع للفوضى، وليس لخطة متماسكة. كما يحذر أوى ويسنباك، الخبير فى المشروعات الصينية فى أفريقيا من فكرة وضع «خطة رئيسية» فى بكين. وقال إن بناء خط السكك الحديدية الذى تبلغ قيمته ٤ مليارات دولار من مومباسا إلى نيروبى هى فكرة كينيا وليس الصين. وعلى الرغم من أن السكك الحديدية قد تمتد إلى أوغندا وربما رواندا، فإنها ليست استراتيجية بكين العمل على ربط شرق أفريقيا، بل هو محاولة انتهازية من قبل شركة الطرق والجسور الصينية المملوكة للدولة لتحقيق الأرباح. وأكدت الصحيفة البريطانية، أن عدم وجود استراتيجية شاملة لا يعنى عدم وجود دور للدولة الصينية، فقد كان القادة نشطين فى دعم الحكومات الأفريقية، ففى عام ٢٠١٥، تعهد شى جين بينج، الرئيس الصينى، بتقديم ٦٠ مليار دولار للمشاريع الأفريقية على مدى ثلاث سنوات على الرغم من التراجع فى أسعار السلع الأساسية. وشجعت بكين باستمرار الشركات الصينية، والكثير منها لديها قدرة بفضل فائض مالى ضخم فى الداخل، على الفوز بالعقود فى أفريقيا.
جريدة البورصة مدحت نافع يكتب ابن خلدون يعلّمنا الاقتصاد. هو عبدالرحمن أبوزيد بن محمد بن خلدون رجل الدولة والقاضى والمؤرخ والعالم، سار فى تعليمه على نمط تقليدى فبدأ بحفظ القرآن والحديث الشريف وعلوم الشريعة وقواعد اللغة والشعر.. ثم قام فيما بعد بدراسة علوم الفلسفة والتصوف الإسلامى. تقلّب ابن خلدون فى مناصب سياسية عديدة فى مراكش وتولى رئاسة وزراء إحدى المقاطعات عام ١٣٦، ثم تعرّض للسجن والاعتقال لأسباب سياسية. وتعد مقدمة ابن خلدون أشهر أعماله على الإطلاق، وهى ذلك العمل الذى يعد مقدمة لكتابه «العبر» والذى أهمل ولم يشتهر كما اشتهرت مقدمته التى انتهى منها فى عام ١٣٧٧ وأصبحت بعد ترجمتها إلى لغات عدة مرجعاً مهماً فى علم الاجتماع ومنطق التاريخ. وعلى الرغم من الإسهامات الاقتصادية المهمة لابن خلدون والتى يمكن استخلاصها من مقدمته الشهيرة فإن أبرز مؤرخى التحليل الاقتصادى «جوزيف شومبيتر» لم يتناول الإسهام الاقتصادى لابن خلدون إلا فى بضعة أسطر لا تتجاوز نصف صفحة من كتاب كبير يضم ١٢٦٠ صفحة. ولقد تعرّض ابن خلدون للمشكلة الاقتصادية فى معرض دراسته لوقائع التاريخ وعلم العمران البشرى، حيث لم يكن علم الاقتصاد قد عرف بهذا الاسم وحظى بالاستقلال حتى القرن السابع عشر الميلادى. تعرّض ابن خلدون للحاجات البشرية، أصلها وتطورها وأنواعها قبل أن يطور المفكرون الاقتصاديون الغربيون فكرة المشكلة الاقتصادية التى يمكن اختصارها فى تعدد الحاجات وندرة الموارد. يقرر ابن خلدون، أن الإنسان بطبعه مفتقر إلى أشياء أساسية وأخرى تتفرّع عنها وتنشأ مع رقى وتقدم المجتمع، ويؤكد ابن خلدون أن حجم السكان عامل مهم فى تحديد حجم الاحتياجات الكلية للمجتمع. ويتفرّع ابن خلدون فى مقدمته من فكرة تعدد الاحتياجات وانقسامها إلى ضرورية وكمالية وتنوّعها كلما كبر حجم السكان والمجتمع، إلى فكرة لازمة لهذا التطور العمرانى أطلق عليها توزيع العمل وهى فى تعريفه لها لا تختلف عن فكرة التخصص وتقسيم العمل التى اشتهر بها آدم سميث مؤسس علم الاقتصاد كما نعرفه اليوم. ويقرر ابن خلدون بعد أن يصف تعقد العملية الإنتاجية وترابط وتشابك أجزائها، ان الناتج الذى يحصله عدد من الأفراد نتيجة التعاون بينهم يكفى لسداد حاجاتهم ويفيض ليسد حاجات عدد أكبر منهم بكثير، وهذا المفهوم للعائد من تقسيم العمل يختلف عمّا ذهب اليه أرسطو والذى كان يرى المواهب البشرية الفطرية أساس تقسيم العمل. كذلك ميّز ابن خلدون عناصر الإنتاج من رأسمال وعمل وموارد طبيعية، وإن كان لفظ رأس المال لم يكن يتناوله كما هو بل بمفرداته الدالة عليه من آلات ومعدات وأدوات تساعد فى العملية الإنتاجية. تناول ابن خلدون فى مقدمته أيضاً مفاهيم اكتساب الدخل أو المكسب وإنفاقه فإذا كان الدخل بمقدار الحاجة سمّى معاشاً، وإذا زاد عن ذلك سمى رياشاً، وتطرّق أيضاً إلى أنواع النشاط الاقتصادى فى فصل عنوانه «وجوه المعاش وأصنافه»، وميز فيه بين الإمارة والتجارة والفلاحة والصناعة، وتلك الأخيرة أكد على أن التطور فيها مرتبط بسعى الإنسان الى انتاج سلع كمالية وان هذا الأمر مرتبط بالتفكير والابتكار الذى يحدث بصورة متدرجة. لكن أهم الأفكار الاقتصادية التى تضمّنها تحليل ابن خلدون فى مقدمته من وجهة نظرى هى ارتباط فكرة العمران بزيادة الإنفاق، وهى الفكرة التى ميّزت الفكر الكينزى بعد مساهمتها فى خروج الاقتصاد العالمى من أزمة الكساد الكبير، كذلك يعتبر تحليله لأسباب العمران ونموه ونقصانه نظرية متكاملة فى النمو الاقتصادى بمصطلحات عصره، اتساع العمران ثم وفوره ثم اضمحلاله مراحل مرتبطة أولاً بالموقع الجغرافى للدولة، ومرتبطة ثانياً بنمو الدولة السياسى والاجتماعى منذ النشأة وحتى الخراب. تعرّض ابن خلدون أيضاً لتحليل الأسعار باستخدام فكرة العرض والطلب، ولاحظ أن السلع الضرورية ترخص فى البلاد التى يتسع فيها العمران والعكس بالنسبة للسلع الكمالية. وعلى حد تعبيره وصف المعروض السلعى بالموجود من السلع، وعبّر عن نقص العرض بقوله إن السلعة قليلة أو عزيزة، بينما عبّر عن الطلب بالحاجات وأحياناً بلفظ الطلب كما هو شائع الآن فى علم الاقتصاد الحديث. ولفت الى خطورة ظاهرة التضخم أو غلاء الأسعار كما أطلق عليها، ولم يفضّل أيضاً الرخص المغالى فيه لأثره السلبى على النشاط والصناعة ومن ثم فضّل التوسّط بين الغلاء والرخص. كذلك تناولت المقدمة تحليلاً للنشاط الاقتصادى للدولة من السكة (اى سك النقود) الى إدارة ديوان الأعمال والجبايات أى الضرائب والرسوم والإتاوات، وخصص فصلاً لتحليل أسباب قلة الجباية وكثرتها. ويقر ابن خلدون العلاقة الطردية بين قوة الدولة وعدالة وزائعها أى ضرائبها، فيرى أن نهاية العمران وقرب فشل الدولة مقترن بزيادة الأعباء الضريبية وقلة ايراداتها الإجمالية. تعرّض ابن خلدون فى مقدمته أيضاً لقيام الدولة بنشاط إنتاجى أو تجارى، ويرى أن الدولة لا تقدم على مشاركة الناس فى التجارة والإنتاج إلا لقلة إيراداتها من الجباية بالنسبة لنفقاتها (أى عجز الموازنة العامة)، والذى يقترن بنهاية الدولة حينما يزيد إنفاقها على الأمراء والجند والترف ويتعرض مجمل نشاط الاقتصاد للخلل المزمن. وختاماً يقول ابن خلدون وكأنه ينظر بعين القارئ لمآلات الأمور فى بعض الدول « أعلم أن الدولة إذا ضاقت جبايتها بما قدمناه من الترف وكثرة العوائد والنفقات وقصر الحاصل من جبايتها على الوفاء بحاجتها ونفقاتها واحتاجت الى المزيد من المال والجباية فتارة توضع المكوس على بياعات الرعايا وأسواقهم وتارة بالزيادة فى ألقاب المكس وتارة بمقاسمة العمال والجباة وامتلاك عظامهم..»
جريدة البورصة هانى أبوالفتوح يكتب العملات الرقمية .. فوائد عظيمة ومخاطر بالجملة. يشهد العالم منذ عقد مضى حركة متسارعة نحو التحول الرقمى فى جميع المجالات، وتميز عالم المال والأعمال بنصيب وافر من الثورة الرقمية التى بدأت تقود البوصلة تجاة العالم الافتراضى، فظهر للوجود أسواق وبنوك وبورصات وشركات ومكتبات ومذادات افتراضية. فلماذا لا نتوقع ظهور العملة الافتراضية والتعامل بها جنباً إلى جنب مع العملات التقليدية؟ العملة الافتراضية – وتُعرف أيضاً بالعملة الرقمية أو النقود الإلكترونية – هى رصيد المال المسجل إلكترونياً على بطاقة القيمة المخزنة أو جهاز وسيط إلكترونى آخر أو المخزنة على شبكات إلكترونية، مما يسمح بنقل القيمة عبر شبكة الإنترنت، وهى عملة افتراضية مُشفرة فى جميع جوانب التعامل بها، وليست عملة رسمية لها قوة إبراء قانونية، ويمكن الحصول على العملات الرقمية، وتخزينها، والوصول إليها، والتعامل معها إلكترونياً، كما يمكن استخدامها لمجموعة متنوعة من الأغراض، طالما أن التعامل توافق عليه أطراف المتعاملين بها. فى حين أن بعض العملات الرقمية قابلة للتحويل إلى عملات رسمية، يوجد أنواع من العملات الرقمية غير قابلة للتحويل، وهى محفوفة بدرجة عالية من المخاطر، وفى جميع الأحوال يتم إصدار العملات الرقمية دون مشاركة أو دعم الدولة. سوف نتناول بالشرح لمحة موجزة عن أنواع العملات الرقمية التى تكتسب أهمية فى السوق اليوم، والمنافع والمخاطر المرتبطة بأنظمة العملات الرقمية. قبل بضع سنوات فقط، كانت العملات الرقمية غير معروفة خارج مجتمع ألعاب الفيديو عبر الإنترنت، أما اليوم، تتجاوز القيمة السوقية الإجمالية لأكبر ١٠٠ عملة افتراضية قابلة للتحويل ٩ مليارات دولار أمريكى. ومن ثم تعمل الحكومات فى جميع أنحاء العالم من أجل تحديد ما إذا كان ينبغى تنظيم العملات الرقمية وكيفية إخضاعها للتنظيم. توفر العملات الرقمية للمتعاملين خياراً جديداً لطريقة الدفع وتحفز استثمارات كبيرة فى تكنولوجيا المدفوعات التى تنطوى على إمكانية خلق المزيد من الخيارات الجديدة للمتعاملين والمستثمرين فى المستقبل. غير أن التنظيم والرقابة المحدودين الحاليين المطبقين على سوق العملات الرقمية والمعاملات بالعملة الرقمية يعنيان أن المتعاملين والمستثمرين الذين يدفعون أو يحتفظون بعملة إفتراضية يتعرضون لمخاطر كبيرة. وقد أدى الانتشار السريع للتجارة الإلكترونية باستخدام الإنترنت وتكنولوجيا الهواتف الذكية – مدعومة بالتقدم فى أساليب التشفير والتقدم المذهل فى استخدامات الشبكات الإلكترونية – إلى تطوير العديد من التكنولوجيات المبتكرة فى مجال أنظمة الدفع الآمنة عبر الإنترنت والدفع عبر الهاتف المحمول، ونتيجة لهذا التطور ظهرت الحاجة إلى اختراع العملات الرقمية التى غالباً ما تستخدم تكنولوجيات توفر سجلات معاملات آمنة دون استخدام سجل مركزى ومن ثم، تتيح هذه التكنولوجيات إجراء معاملات مباشرة بين الأقران peer to peer وتلغى الحاجة إلى وجود آلية مقاصة مركزية، مما يؤدى إلى تعزيز الكفاءة المالية مع تقليل أوقات تنفيذ المعاملات وتكاليفها، لا سيما عبر الحدود، وعلى المدى الأطول، فإن هذه التكنولوجيات لديها القدرة على تعميق الشمول المالى من خلال توفير خيارات دفع آمنة وذات تكلفة أقل. على الرغم من وجود نحو ٨٨٧ عملة إفتراضية للتداول وفقاً لتقدير موقع كوين ماركت كابس المتخصص فى تداول العملات الإلكترونية، تعتبر عملة بيتكوين أشهر العملات الإلكترونية يليها ليتكوين، وإثيريوم، وريبل، وداش. تستند العملات الإلكترونية المشفرة على بروتوكول بيتكوين المعتمد على المصدر المفتوح open source، ولاتزال عملة بيتكوين أكبر عملة افتراضية من حيث القيمة السوقية، إذ تمثل القيمة السوقية لها حوالى ٤٧% من إجمالى العملات الرقمية، وتعد أبرز العملات فى هذا المجال، بالإضافة إلى ذلك، ونتيجة لحجمها وتأثيرها على تطوير العملات الرقمية الأخرى، تعتبر عملة بيتكوين محور التركيز الرئيسى للجهات التنظيمية وواضعى السياسات فى جميع أنحاء العالم. غير أن التعامل بالعملات الرقمية ينطوى على مخاطر كبيرة سوف نوجزها فيما يلي ١ الفقدان أو السرقة يمكن فقدان العملة الرقمية من خلال الخرق الأمني، أو خطأ المستخدم، أو الفشل التكنولوجى فى محفظة العملة الرقمية، فعند حدوث أحد هذه الأحدات، فلا يمكن استعادة العملة الرقمية. ٢ الاحتيال أو الاستخدام غير المصرح به عموماً، يمكن لشخص ما حصل بطريقة احتيالية على بيانات الملكية الخاصة بصاحب محفظة النقود الرقمية – مثل كلمة السر – أن ينفق منها، حينئذ لا يمكن عكس المعاملات فى معظم العملات، حتى لو كانت نتيجة الاحتيال أو الاستخدام غير المصرح به. ٣ أخطأ فى معالجة المعاملات فى حالة تنفيذ مدفوعات بطريق الخطأ، مثل الدفع إلى مستفيد آخر، أو تحويل مبلغ غير صحيح أو عدم إتمام المعاملة فى الوقت المناسب بسبب خطأ منصة محفظة العملة أو غيرها من الأسباب الفنية، فإنه فى معظم أنظمة العملات الرقمية لا يمكن عكس المعاملة الخطأ، ولا يكون للمتعامل حق الرجوع على الأطراف الأخرى. ٤ أخطاء مرتبطة بمنصات التعامل لا تتوفر آلية تأمين لتعويض أصحاب المحافظ فى حالة إخفاق المنصة الإلكترونية التى تنفذ عمليات المحفظة أو فى حال الأعطال التى لا يمكن معها الوصول إلى المحفظة. ٥ قابيلة الاستخدام لغسل الأموال وتمويل الإرهاب والأنشطة الإجرامية المتصلة بالإنترنت العملات الرقمية هى عملات مُشفرة، يتم تسجيل المعاملات والتعريف بهوية المستخدمين فقط من خلال «عناوين» رقمية افتراضية تصدرها أنظمة التعامل بالعملات الرقمية، والتى لا يمكن أن تعكس الهوية الحقيقية للمتعاملين. على هذا النحو، تعتبر معاملات العملات الرقمية أكثر مجهولية من الأنواع الأخرى من وسائل الدفع عبر الإنترنت، لذلك يمكن إساءة استخدام العملات الرقمية كوسيلة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب والتهرب الضريبى وغير ذلك من أشكال النشاط غير المشروع نظراً لصعوبة تتبع معاملات العملة الرقمية مما يجعل التعامل اكثر قابلية للاستخدام من قبل غاسلى الأموال أو ممولى الارهاب. هذه الثغرات ليست نظرية فقط، ولكن تم استغلالها بالفعل فى الممارسة العملية، فالعملات الرقمية غالباً ما تكون «العملة» المفضلة فى النشاط الإجرامى المتصل بالإنترنت. وعلى الرغم اتساع رقعة التعامل بالعملات الرقمية حول العالم وقبولها كبديل للعملات التقليدية، إلا أنه فى ضوء المخاطر المرتبطة بها، أصدرت وكالة الرقابة المصرفية الأوروبية تحذير رسمى إلى المتعاملين الذين يستخدمون العملة الإلكترونية إلى احتمالية حدوث خسائر عن التعامل بها وأن مسئولية خسارتهم المحتملة ستكون على عاتقهم. وبالمثل حذرت بعض البنوك المركزية العربية من التعامل بالعملات الإلكترونية، فقد حذر مصرف الإمارات المركزى من الاستثمارات الرقمية غير المرخصة، كما حذر اتحاد البنوك فى الكويت من مخاطر التعامل بالنقود الإلكترونية. أما عن استخدام العملات الرقمية فى مصر، فإنى أرى أنها خطوة سابقة للأوان فى ضوء التحديات والمخاطر المرتبطة بمثل هذه التعاملات، ولا سيما التعقيدات الناشئة عن عدم وجود تشريعات ولوائح محلية ذات صلة تنظم التعاملات التى هى بطبيعتها تتم عبر عدة دول، وتحيط بها مخاطر مرتفعة، وغياب الحماية التى يوفرها البنك المركزى للمتعاملين بالعملات الرقمية، وقد نفى البنك المركزى ما تم تداوله مؤخراً فى بعض وسائل الإعلام حول دراسة السماح بتداول عملة «البيتكوين» داخل القطاع المصرفى المصرى. حتى فى ضوء حجم المخاطر الكبيرة المرتبطة بالعملات الرقمية، إلا أنها ليست كلها شر يجب البعد عنه، فقد علقت المدير العام لصندوق النقد الدولى كريستين لاغارد على العملات الرقمية وتقنياتها الأساسية بأنها “يمكن أن توفر خدمات مالية أسرع وأرخص، ويمكن أن تصبح أداة قوية لتعميق الشمول المالى فى العالم النامى. غير أن التحدى سيكون كيفية فى جنى كل هذه الفوائد وفى نفس الوقت منع الاستخدامات غير القانونية مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب والاحتيال”.
إبراهيم مصطفى يكتب وصدر قانون الاستثمار اقتصادنا يا تعبنا.. الحلقة ٤٤.. ماذا يهم المستثمر فى بيئة الاستثمار؟ نما الى علمنا انه جارى العمل حاليا على صياغة اللائحة التنفيذية فى وزارة الاستثمار بالتنسيق مع الاطراف المعنية.. ولكن ونحن فى مرحلة الصياغة ينبعى ان نعى ونجيب على أسئلة كثيرة موضوعية.. أولها ما المشاكل التى واجهت القوانين السابقة ولوائحها من حيث التطبيق؟ اين تعارضت مع قوانين اخرى؟ اين تضاربت مع اختصاصات اخرى؟ هل تم تحليل لاهم المشاكل التى واجهت المستثمرين موضوعيا وقطاعيا؟ يحضرنى هنا مثال اضربه للتوضيح فى الحصول على تراخيص البناء من المسح الذى اجريناه بالتعاون مع البنك الدولى فى ٢٠٠٧ لثلاث محافظات (القاهرة ـ الإسكندرية ـ أسيوط).. لدراسة عدد محدود من مؤشرات فى التقرير الرئيسى تركزت حول (تاسيس الشركات ـ تراخيص البناء ـ التجارة عبر الحدود (تم حذف الأخير لاحقا من نتائج التقرير).. المهم يا سيدى كلنا اتفاجئنا ان اسيوط جاءت فى المرتبة الأولى من حيث الحصول على تراخيص البناء.. إيه الكلام ده؟! معقولة اسيوط اللى فى الصعيد تيجى الأولى.. وأثارت النتيجة حفيظة محافظى الإسكندرية والقاهرة.. وكان التساؤل الرئيسى حينها إزاى؟ وتفاخر محافظ أسيوط وصال وجال حين إعلان النتائج واعتبر ذلك بمثابة انجاز له؟ حينها كنت اشرف برئاسة فريق العمل عن الجانب المصرى ومنسقا عاما للعمل فى هذا المشروع الذى يقوم به البنك الدولى ـ مؤسسة التمويل الدولية. بالإضافة إلى رئاستى فريق العمل تحت مظلة المسئولين بالوزارة والهيئة حينها لفريق العمل القائم على تحسين مؤشرات مصر فى هذا التقرير بالتنسيق بين القطاع الحكومى والخاص.. لدرجة ان فريق عمل مؤسسة التمويل الدولية بالبنك الدولى كان يسمينى the efficient doing business man. يأتى التساؤل إزاى أسيوط تكسب فى المؤشر ده بالذات وتسبق القاهرة والإسكندرية المحافظتين الأعتى؟ فوضح للجميع ان القانون واحد ولكن اختلاف التطبيق.. إذن المشكلة لم تكن فى القانون واللائحة.. بل كانت فى التطبيق والموظفين المشرفين على التطبيق.. تطبيق المحليات اختلف من محافظة لأخرى.. فكان الحى بالمحافظة يطبق إجراءات أقل لنفس المستندات.. وتحت مظلة نفس القانون واللائحة.. وحينها فى اجتماع مغلق مع محافظ القاهرة سالته لماذا تقرون عدد مرات تفتيش (١٠ مرات) لمهندس الحى دون سند قانونى أو إجرائى أو حتى قرار تنظيمى.. حينها نصحته بإصدار قرار محافظ يقنن عدد مرات التفتيش على البناء ليكون ثلاث مرات فقط مرة عند بدء البناء ومرة ثانية فى نصف مرحلة البناء والأخيرة عن الانتهاء من البناء.. حينها اذا صدر القرار كان سينخفض عدد الاجراءات من ١٠ إلى ٣، وبالتالى التوقيت الخاص بها من ١٠ أيام إلى ثلاثة أيام.. وحيث ان وزن الاجراء والتوقيت والتكلفة متساوى (٣٣.٣٣%) لكل منها.. وبالتالى التاثير بنسبة ٦٦.٦٦% على الترتيب.. وكان ذلك مدخلا للعب التكتيكى الناجح.. حيث كانت ستنتقل مصر إلى ترتيب أفضل بكثير.. إذا ما اصدر المحافظ ذلك القرار.. هنا يحضرنى مقولة اذا اردت ان تلعب وتنافس محليا ودوليا فعليك بمعرفة قواعد اللعب ونقاط ضعفك وقوتك مقارنة باللاعبين الآخرين.. وإن تتحدث بنفس اللغة.. وما الأدوات واللاعبين والتشكيلة التى يمكن لك استخدمها لتحرز أهدافا فى ضوء معرفتك بقواعد اللعب.. وفهمك لمنهاجية وتفكير خبراء التقرير.. هذا ما فعلناه فى طابا عندما استرددناها.. وهذا ما فعلته مصر فى كاس الأمم الأفريقية لثلاث مرات متتالية ٢٠٠٦ و٢٠٠٨ و٢٠١٠. معرفتك بقواعد اللعب وإمكاناتك بمقارنة بمنافسيك اقليميا وعالميا طريقك للأفضل.. ماذا نستفيد مما سبق؟ تحليل نقاط القوة والضعف ومناطق التهديد والفرص.. تحليل واقعك ومشاكلك ثم خطة التحرك فى ضوء قواعد اللعب المعروفة للجميع ثم روح الفريق لإحراز الأهداف.. فإذا كان هدفك تحسين ترتيبك فى جدول المتسابقين للحصول على المراكز العشر الأولى فعليك عدم المكابرة بقولك احنا عاملين خطة اصلاح وانجزنا فى المجال الفلانى والمجال العلانى.. لا..لو سمحت.. بعد إذنك.. ان لم يشعر مجتمعك المحلى بانجازك وكذلك المجتمع الاقليمى والدولى فلن تفيدك مؤتمراتك ورحلاتك المكوكية ولا حتى اعلاناتك بتشجيع الاستثمار لأن العبرة بالنتائج. عليك بتحديد الرؤية والأهداف.. وتحديد خطط اللعب الأساسية والبديلة والتحركات المناسبة.. واختيار التشكيل المناسب الأساسى والاحتياطى.. وتوجيه ذلك نحو تحقيق الهدف لتحصل على النتائج المشرفة. العبرة بالتطبيق.. وبعد إذنك ميكن خدماتك واربطها ببعض pls automate your services and connect them الله يحفظك إنت مش محتاج جيش موظفين بيروقراطيين.. ميكن ودرب capacity building حتى تتخلص من السلطة التقديرية والموظف.. وتقلل منافذ الفساد.. مش عايزين كلاكيع البيرواقراطية.. وللمكينة فوائد كثيرة.. سنتحدث عنها بين سطور الحلقات القادمة. وما نبغى إلا إصلاحا
مدحت نافع يكتب ابن خلدون يعلّمنا الاقتصاد هو عبدالرحمن أبوزيد بن محمد بن خلدون رجل الدولة والقاضى والمؤرخ والعالم، سار فى تعليمه على نمط تقليدى فبدأ بحفظ القرآن والحديث الشريف وعلوم الشريعة وقواعد اللغة والشعر.. ثم قام فيما بعد بدراسة علوم الفلسفة والتصوف الإسلامى. تقلّب ابن خلدون فى مناصب سياسية عديدة فى مراكش وتولى رئاسة وزراء إحدى المقاطعات عام ١٣٦، ثم تعرّض للسجن والاعتقال لأسباب سياسية. وتعد مقدمة ابن خلدون أشهر أعماله على الإطلاق، وهى ذلك العمل الذى يعد مقدمة لكتابه «العبر» والذى أهمل ولم يشتهر كما اشتهرت مقدمته التى انتهى منها فى عام ١٣٧٧ وأصبحت بعد ترجمتها إلى لغات عدة مرجعاً مهماً فى علم الاجتماع ومنطق التاريخ. وعلى الرغم من الإسهامات الاقتصادية المهمة لابن خلدون والتى يمكن استخلاصها من مقدمته الشهيرة فإن أبرز مؤرخى التحليل الاقتصادى «جوزيف شومبيتر» لم يتناول الإسهام الاقتصادى لابن خلدون إلا فى بضعة أسطر لا تتجاوز نصف صفحة من كتاب كبير يضم ١٢٦٠ صفحة. ولقد تعرّض ابن خلدون للمشكلة الاقتصادية فى معرض دراسته لوقائع التاريخ وعلم العمران البشرى، حيث لم يكن علم الاقتصاد قد عرف بهذا الاسم وحظى بالاستقلال حتى القرن السابع عشر الميلادى. تعرّض ابن خلدون للحاجات البشرية، أصلها وتطورها وأنواعها قبل أن يطور المفكرون الاقتصاديون الغربيون فكرة المشكلة الاقتصادية التى يمكن اختصارها فى تعدد الحاجات وندرة الموارد. يقرر ابن خلدون، أن الإنسان بطبعه مفتقر إلى أشياء أساسية وأخرى تتفرّع عنها وتنشأ مع رقى وتقدم المجتمع، ويؤكد ابن خلدون أن حجم السكان عامل مهم فى تحديد حجم الاحتياجات الكلية للمجتمع. ويتفرّع ابن خلدون فى مقدمته من فكرة تعدد الاحتياجات وانقسامها إلى ضرورية وكمالية وتنوّعها كلما كبر حجم السكان والمجتمع، إلى فكرة لازمة لهذا التطور العمرانى أطلق عليها توزيع العمل وهى فى تعريفه لها لا تختلف عن فكرة التخصص وتقسيم العمل التى اشتهر بها آدم سميث مؤسس علم الاقتصاد كما نعرفه اليوم. ويقرر ابن خلدون بعد أن يصف تعقد العملية الإنتاجية وترابط وتشابك أجزائها، ان الناتج الذى يحصله عدد من الأفراد نتيجة التعاون بينهم يكفى لسداد حاجاتهم ويفيض ليسد حاجات عدد أكبر منهم بكثير، وهذا المفهوم للعائد من تقسيم العمل يختلف عمّا ذهب اليه أرسطو والذى كان يرى المواهب البشرية الفطرية أساس تقسيم العمل. كذلك ميّز ابن خلدون عناصر الإنتاج من رأسمال وعمل وموارد طبيعية، وإن كان لفظ رأس المال لم يكن يتناوله كما هو بل بمفرداته الدالة عليه من آلات ومعدات وأدوات تساعد فى العملية الإنتاجية. تناول ابن خلدون فى مقدمته أيضاً مفاهيم اكتساب الدخل أو المكسب وإنفاقه فإذا كان الدخل بمقدار الحاجة سمّى معاشاً، وإذا زاد عن ذلك سمى رياشاً، وتطرّق أيضاً إلى أنواع النشاط الاقتصادى فى فصل عنوانه «وجوه المعاش وأصنافه»، وميز فيه بين الإمارة والتجارة والفلاحة والصناعة، وتلك الأخيرة أكد على أن التطور فيها مرتبط بسعى الإنسان الى انتاج سلع كمالية وان هذا الأمر مرتبط بالتفكير والابتكار الذى يحدث بصورة متدرجة. لكن أهم الأفكار الاقتصادية التى تضمّنها تحليل ابن خلدون فى مقدمته من وجهة نظرى هى ارتباط فكرة العمران بزيادة الإنفاق، وهى الفكرة التى ميّزت الفكر الكينزى بعد مساهمتها فى خروج الاقتصاد العالمى من أزمة الكساد الكبير، كذلك يعتبر تحليله لأسباب العمران ونموه ونقصانه نظرية متكاملة فى النمو الاقتصادى بمصطلحات عصره، اتساع العمران ثم وفوره ثم اضمحلاله مراحل مرتبطة أولاً بالموقع الجغرافى للدولة، ومرتبطة ثانياً بنمو الدولة السياسى والاجتماعى منذ النشأة وحتى الخراب. تعرّض ابن خلدون أيضاً لتحليل الأسعار باستخدام فكرة العرض والطلب، ولاحظ أن السلع الضرورية ترخص فى البلاد التى يتسع فيها العمران والعكس بالنسبة للسلع الكمالية. وعلى حد تعبيره وصف المعروض السلعى بالموجود من السلع، وعبّر عن نقص العرض بقوله إن السلعة قليلة أو عزيزة، بينما عبّر عن الطلب بالحاجات وأحياناً بلفظ الطلب كما هو شائع الآن فى علم الاقتصاد الحديث. ولفت الى خطورة ظاهرة التضخم أو غلاء الأسعار كما أطلق عليها، ولم يفضّل أيضاً الرخص المغالى فيه لأثره السلبى على النشاط والصناعة ومن ثم فضّل التوسّط بين الغلاء والرخص. كذلك تناولت المقدمة تحليلاً للنشاط الاقتصادى للدولة من السكة (اى سك النقود) الى إدارة ديوان الأعمال والجبايات أى الضرائب والرسوم والإتاوات، وخصص فصلاً لتحليل أسباب قلة الجباية وكثرتها. ويقر ابن خلدون العلاقة الطردية بين قوة الدولة وعدالة وزائعها أى ضرائبها، فيرى أن نهاية العمران وقرب فشل الدولة مقترن بزيادة الأعباء الضريبية وقلة ايراداتها الإجمالية. تعرّض ابن خلدون فى مقدمته أيضاً لقيام الدولة بنشاط إنتاجى أو تجارى، ويرى أن الدولة لا تقدم على مشاركة الناس فى التجارة والإنتاج إلا لقلة إيراداتها من الجباية بالنسبة لنفقاتها (أى عجز الموازنة العامة)، والذى يقترن بنهاية الدولة حينما يزيد إنفاقها على الأمراء والجند والترف ويتعرض مجمل نشاط الاقتصاد للخلل المزمن. وختاماً يقول ابن خلدون وكأنه ينظر بعين القارئ لمآلات الأمور فى بعض الدول « أعلم أن الدولة إذا ضاقت جبايتها بما قدمناه من الترف وكثرة العوائد والنفقات وقصر الحاصل من جبايتها على الوفاء بحاجتها ونفقاتها واحتاجت الى المزيد من المال والجباية فتارة توضع المكوس على بياعات الرعايا وأسواقهم وتارة بالزيادة فى ألقاب المكس وتارة بمقاسمة العمال والجباة وامتلاك عظامهم..» د مدحت نافع خبير الاقتصاد والتمويل وإدارة المخاطر
هانى أبوالفتوح يكتب العملات الرقمية.. فوائد عظيمة ومخاطر بالجملة يشهد العالم منذ عقد مضى حركة متسارعة نحو التحول الرقمى فى جميع المجالات، وتميز عالم المال والأعمال بنصيب وافر من الثورة الرقمية التى بدأت تقود البوصلة تجاة العالم الافتراضى، فظهر للوجود أسواق وبنوك وبورصات وشركات ومكتبات ومذادات افتراضية. فلماذا لا نتوقع ظهور العملة الافتراضية والتعامل بها جنباً إلى جنب مع العملات التقليدية؟ العملة الافتراضية – وتُعرف أيضاً بالعملة الرقمية أو النقود الإلكترونية – هى رصيد المال المسجل إلكترونياً على بطاقة القيمة المخزنة أو جهاز وسيط إلكترونى آخر أو المخزنة على شبكات إلكترونية، مما يسمح بنقل القيمة عبر شبكة الإنترنت، وهى عملة افتراضية مُشفرة فى جميع جوانب التعامل بها، وليست عملة رسمية لها قوة إبراء قانونية، ويمكن الحصول على العملات الرقمية، وتخزينها، والوصول إليها، والتعامل معها إلكترونياً، كما يمكن استخدامها لمجموعة متنوعة من الأغراض، طالما أن التعامل توافق عليه أطراف المتعاملين بها. فى حين أن بعض العملات الرقمية قابلة للتحويل إلى عملات رسمية، يوجد أنواع من العملات الرقمية غير قابلة للتحويل، وهى محفوفة بدرجة عالية من المخاطر، وفى جميع الأحوال يتم إصدار العملات الرقمية دون مشاركة أو دعم الدولة. سوف نتناول بالشرح لمحة موجزة عن أنواع العملات الرقمية التى تكتسب أهمية فى السوق اليوم، والمنافع والمخاطر المرتبطة بأنظمة العملات الرقمية. قبل بضع سنوات فقط، كانت العملات الرقمية غير معروفة خارج مجتمع ألعاب الفيديو عبر الإنترنت، أما اليوم، تتجاوز القيمة السوقية الإجمالية لأكبر ١٠٠ عملة افتراضية قابلة للتحويل ٩ مليارات دولار أمريكى. ومن ثم تعمل الحكومات فى جميع أنحاء العالم من أجل تحديد ما إذا كان ينبغى تنظيم العملات الرقمية وكيفية إخضاعها للتنظيم. توفر العملات الرقمية للمتعاملين خياراً جديداً لطريقة الدفع وتحفز استثمارات كبيرة فى تكنولوجيا المدفوعات التى تنطوى على إمكانية خلق المزيد من الخيارات الجديدة للمتعاملين والمستثمرين فى المستقبل. غير أن التنظيم والرقابة المحدودين الحاليين المطبقين على سوق العملات الرقمية والمعاملات بالعملة الرقمية يعنيان أن المتعاملين والمستثمرين الذين يدفعون أو يحتفظون بعملة إفتراضية يتعرضون لمخاطر كبيرة. وقد أدى الانتشار السريع للتجارة الإلكترونية باستخدام الإنترنت وتكنولوجيا الهواتف الذكية – مدعومة بالتقدم فى أساليب التشفير والتقدم المذهل فى استخدامات الشبكات الإلكترونية – إلى تطوير العديد من التكنولوجيات المبتكرة فى مجال أنظمة الدفع الآمنة عبر الإنترنت والدفع عبر الهاتف المحمول، ونتيجة لهذا التطور ظهرت الحاجة إلى اختراع العملات الرقمية التى غالباً ما تستخدم تكنولوجيات توفر سجلات معاملات آمنة دون استخدام سجل مركزى ومن ثم، تتيح هذه التكنولوجيات إجراء معاملات مباشرة بين الأقران peer to peer وتلغى الحاجة إلى وجود آلية مقاصة مركزية، مما يؤدى إلى تعزيز الكفاءة المالية مع تقليل أوقات تنفيذ المعاملات وتكاليفها، لا سيما عبر الحدود، وعلى المدى الأطول، فإن هذه التكنولوجيات لديها القدرة على تعميق الشمول المالى من خلال توفير خيارات دفع آمنة وذات تكلفة أقل. على الرغم من وجود نحو ٨٨٧ عملة إفتراضية للتداول وفقاً لتقدير موقع كوين ماركت كابس المتخصص فى تداول العملات الإلكترونية، تعتبر عملة بيتكوين أشهر العملات الإلكترونية يليها ليتكوين، وإثيريوم، وريبل، وداش. تستند العملات الإلكترونية المشفرة على بروتوكول بيتكوين المعتمد على المصدر المفتوح open source، ولاتزال عملة بيتكوين أكبر عملة افتراضية من حيث القيمة السوقية، إذ تمثل القيمة السوقية لها حوالى ٤٧% من إجمالى العملات الرقمية، وتعد أبرز العملات فى هذا المجال، بالإضافة إلى ذلك، ونتيجة لحجمها وتأثيرها على تطوير العملات الرقمية الأخرى، تعتبر عملة بيتكوين محور التركيز الرئيسى للجهات التنظيمية وواضعى السياسات فى جميع أنحاء العالم. غير أن التعامل بالعملات الرقمية ينطوى على مخاطر كبيرة سوف نوجزها فيما يلي ١ الفقدان أو السرقة يمكن فقدان العملة الرقمية من خلال الخرق الأمني، أو خطأ المستخدم، أو الفشل التكنولوجى فى محفظة العملة الرقمية، فعند حدوث أحد هذه الأحدات، فلا يمكن استعادة العملة الرقمية. ٢ الاحتيال أو الاستخدام غير المصرح به عموماً، يمكن لشخص ما حصل بطريقة احتيالية على بيانات الملكية الخاصة بصاحب محفظة النقود الرقمية – مثل كلمة السر – أن ينفق منها، حينئذ لا يمكن عكس المعاملات فى معظم العملات، حتى لو كانت نتيجة الاحتيال أو الاستخدام غير المصرح به. ٣ أخطأ فى معالجة المعاملات فى حالة تنفيذ مدفوعات بطريق الخطأ، مثل الدفع إلى مستفيد آخر، أو تحويل مبلغ غير صحيح أو عدم إتمام المعاملة فى الوقت المناسب بسبب خطأ منصة محفظة العملة أو غيرها من الأسباب الفنية، فإنه فى معظم أنظمة العملات الرقمية لا يمكن عكس المعاملة الخطأ، ولا يكون للمتعامل حق الرجوع على الأطراف الأخرى. ٤ أخطاء مرتبطة بمنصات التعامل لا تتوفر آلية تأمين لتعويض أصحاب المحافظ فى حالة إخفاق المنصة الإلكترونية التى تنفذ عمليات المحفظة أو فى حال الأعطال التى لا يمكن معها الوصول إلى المحفظة. ٥ قابيلة الاستخدام لغسل الأموال وتمويل الإرهاب والأنشطة الإجرامية المتصلة بالإنترنت العملات الرقمية هى عملات مُشفرة، يتم تسجيل المعاملات والتعريف بهوية المستخدمين فقط من خلال «عناوين» رقمية افتراضية تصدرها أنظمة التعامل بالعملات الرقمية، والتى لا يمكن أن تعكس الهوية الحقيقية للمتعاملين. على هذا النحو، تعتبر معاملات العملات الرقمية أكثر مجهولية من الأنواع الأخرى من وسائل الدفع عبر الإنترنت، لذلك يمكن إساءة استخدام العملات الرقمية كوسيلة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب والتهرب الضريبى وغير ذلك من أشكال النشاط غير المشروع نظراً لصعوبة تتبع معاملات العملة الرقمية مما يجعل التعامل اكثر قابلية للاستخدام من قبل غاسلى الأموال أو ممولى الارهاب. هذه الثغرات ليست نظرية فقط، ولكن تم استغلالها بالفعل فى الممارسة العملية، فالعملات الرقمية غالباً ما تكون «العملة» المفضلة فى النشاط الإجرامى المتصل بالإنترنت. وعلى الرغم اتساع رقعة التعامل بالعملات الرقمية حول العالم وقبولها كبديل للعملات التقليدية، إلا أنه فى ضوء المخاطر المرتبطة بها، أصدرت وكالة الرقابة المصرفية الأوروبية تحذير رسمى إلى المتعاملين الذين يستخدمون العملة الإلكترونية إلى احتمالية حدوث خسائر عن التعامل بها وأن مسئولية خسارتهم المحتملة ستكون على عاتقهم. وبالمثل حذرت بعض البنوك المركزية العربية من التعامل بالعملات الإلكترونية، فقد حذر مصرف الإمارات المركزى من الاستثمارات الرقمية غير المرخصة، كما حذر اتحاد البنوك فى الكويت من مخاطر التعامل بالنقود الإلكترونية. أما عن استخدام العملات الرقمية فى مصر، فإنى أرى أنها خطوة سابقة للأوان فى ضوء التحديات والمخاطر المرتبطة بمثل هذه التعاملات، ولا سيما التعقيدات الناشئة عن عدم وجود تشريعات ولوائح محلية ذات صلة تنظم التعاملات التى هى بطبيعتها تتم عبر عدة دول، وتحيط بها مخاطر مرتفعة، وغياب الحماية التى يوفرها البنك المركزى للمتعاملين بالعملات الرقمية، وقد نفى البنك المركزى ما تم تداوله مؤخراً فى بعض وسائل الإعلام حول دراسة السماح بتداول عملة «البيتكوين» داخل القطاع المصرفى المصرى. حتى فى ضوء حجم المخاطر الكبيرة المرتبطة بالعملات الرقمية، إلا أنها ليست كلها شر يجب البعد عنه، فقد علقت المدير العام لصندوق النقد الدولى كريستين لاغارد على العملات الرقمية وتقنياتها الأساسية بأنها “يمكن أن توفر خدمات مالية أسرع وأرخص، ويمكن أن تصبح أداة قوية لتعميق الشمول المالى فى العالم النامى. غير أن التحدى سيكون كيفية فى جنى كل هذه الفوائد وفى نفس الوقت منع الاستخدامات غير القانونية مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب والاحتيال”.