علي النمر

علي النمر

علي النمر هو أحد الشخصيات التاريخية، ورجل حرب، وشهيد من شهداء الثورة التحريرية الجزائرية من منطقة مروانة بجبال الأوراس.ولد علي النمر في ١٦ مارس ١٩٢٥ في مشتة أم الرخاء بدوار حيدوسة قرب مروانة التي كانت تدعى في العهد الاستعماري البائد بالبلدية المختلطة بلزمة أو كورناي، التابعة لولاية باتنة في سلسلة جبال الشلعلع، من أب يدعى مختار بن علي بن ملاح والمولود عام ١٨٨٨ بحيدوسة، والذي كان عاملا في أحد المناجم قرب قريته تستغله شركة استعمارية، أما جده فكان طبيبا شعبيا يمارس مهنة التداوي بالأعشاب على الطريقة التقليدية، ومن أم تدعى (الطاوس حجام) المولودة في ١٨٩٢ وأصلها من بلدية (افرحونن) ولاية تيزي وزو من جبال جرجرة الشامخة، وقد انجب أبواه عددا كبيرا من الأطفال فتوفوا جميعا ولم يعش منهم إلا طفلين وهما ذهبية وعلي. ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بعلي النمر؟
أعلى المصادر التى تكتب عن علي النمر
يوميات السجن – الحياة العادية للمسجون العادي (حلقة ٢) حفلة الاستقبال محمد فهمي ٢٧ أكتوبر ٢٠١٧ في الطريق لسجن طرة، حيث جرى ترحيلي، كنا جميعًا مكدسين في تلك السيارة الملعونة المسماة بـ«عربة الترحيلات»، التي لا تختلف كثيرًا، في نظر أغلب من بداخلها، عن القبر، حيث الحرارة مرتفعة وأكوام من لحوم البشر مكدَّسة فوق بعضها البعض. كانت ملامح الخوف ترتسم على وجوه كل من حولي، وكأنهم يعرفون ما نحن مقبلون عليه، حتى وصلنا إلى ذلك المكان، المعروف بقسوة ضباطه ومخبريه، بأسواره المرتفعة وأسلاكه الشائكة. أما آلامي أنا فكانت من نوع آخر، حيث كنت أشعر بالوحدة والخوف كلما انتقلت من مكان لآخر. وما أن وصلت العربة إلى ذلك المكان الملعون حتى استقبلنا أحد المخبرين، موجّهًا إيانا لبوابة صغيرة عن طريق الصراخ بشكل سريع في وجوهنا، وتُمّم علينا هناك بناء على أوراقنا التي بحوزتنا. وما أن اقتربنا من ذلك الباب الضيق الذي كنا نجهل ما يدور وراءه، حتى سمعنا صرخات مدوية ممن سبقنا من المساجين ممن كانوا يمرون خلف الباب، أوشك جسدي وقدماي لهولها على التوقف عن العمل. عندما اقتربنا أكثر من البوابة وجدنا مجموعة مقنَّعة من الجنود يُطلق عليها اسم «القوة الضاربة»، ممسكين بكابلات كهربائية مجدولة لضرب كل من يدخل، بعد أن يطلبوا منه خلع ملابسه والركض بسرعة. كانوا يقفون على صفين بالداخل؛ بعضهم يضرب بتلك الكابلات وبعضهم بهراوات الشرطة وبعضهم كان يحمل نخلًا صغيرًا وشائكًا، وبعضهم بالأحزمة الجلدية، وهم من الشرطة السرية أو المخبرين، بالإضافة لبعض الشاويشية والسجانين ممن كانوا يضربون بالأيدي والأقدام. كل هذا من خلف الباب، أما خارج الباب فكان الضرب ممنوعًا بسبب تواجد الأهالي القادمين للزيارة. خرجنا من تحت أيديهم ليجري توقيفنا بعد خلع ملابسنا. وبدأوا ينظرون إلينا ويسألون كلًا منا إن كان حُبس من قبل، ويتمعّنون في أجسادنا ليروا إن كان فيها وشمٌ أو دقٌ، حيث يعني هذا أن الموشوم «سوابق». وبدأوا في استجوابنا عن قضايانا، وجميع من معي يتألمون وتسيل دماؤهم. ثم أتى الضباط ووجهوا إلينا نفس الأسئلة والنظرات لأجسادنا، لتبدأ معركة أخرى من التعذيب والاحتفال بقدومنا. جلبوا «الفلكة»، وهي عبارة عن عصي غليظة تُربط بالأقدام وتُلفُّ جيدًا، ويمسكها مخبران اثنان كانا معروفين في المكان ببراعتهما في التعذيب ومسؤوليتهما عنه، حتى أُطلق عليهما اسم «رجال التعذيب». ويقوم رئيس المباحث أو الضابط في احتفالية الدخول، ويضرب كل مسجون حتى يصرخ أنه «مرة» وليس رجلًا، كي يتوقف عنه ضربه. كنا نُضرب على باطن أقدامنا وأطرافها عن طريق كابل الكهرباء المجدول، ويُطلب منا الجري حاملين معنا بطانيتين واللبس الميري، أو «الكَحُول» كما يُسمّى في السجن، ثم نتوجه إلى العنبر حيث يقابلنا مجددًا مسؤولا التعذيب، وفي يد كل منهما ماسورة خضراء من البروبلن، وتُستخدم في أعمال السباكة، وهي مقفولة من الطرفين ومحشوة بالرمال حتى تصبح أثقل وأكثر تأثيرًا أثناء الضرب بها، ونحن لا نزال ننزف دمًا من الاحتفالية السابقة، كانت الكابلات تترك علامات على ظهورنا وتقطّع اللحم تقطيعًا. من هؤلاء؟ هل هم بشر أم كلاب متوحشة تهاجم بشراسة كل من أمامها؟ أين الموت في هذه اللحظات، ولماذا لم يدركني؟ دخلنا على هؤلاء المجرمين ليخلعوا لنا ملابسنا ويكشفوا على مؤخرات الجميع طالبين منا شرب خمس زجاجات، كل زجاجة تحوي لترًا من المياه المخلوطة بمسحوق الغسيل والصابون المبشور والبيريل، وتُسمّى «تركيبة»، وتساعد على استرجاع كل ما في المعدة. وأثناء الشرب يسدّدون الضربات بتلك الماسورة على الظهر، ومن لا يقبل شرب التركيبة يُكتّف ويُكلبش خلفيًا، أي تُمد اليدان على الظهر ويوضع كلبش من الحديد في معصم اليد من ناحية وفي القدم، بعد رفعها، من ناحية أخرى، بينما المسجون نائم على ظهره، ويترك لساعات في هذا الوضع، مُلقى على الأرض بلا ملابس، ويُسكب الماء تحته وعلى جسده ويُضرب بالأيدي على الوجه والظهر. بعد انتهاء احتفالية الضرب والسب والإهانة من جانب هؤلاء الملاعين، نُوجَّه إلى الغرف، أو «الإيراد»، وهو أول مكان يدخله السجناء قبل أن يُوزَّعوا على الغرف بحسب تهمتهم. أتحرك ببطء من الألم، وتسيل الدماء من كل أنحاء جسمي. لا أقوى على الحركة، وكل ما أرغب فيه بعد هذا اليوم العاصف أن أغمض عيني فقط وأن أضمد جراحي. دخلنا إلى طرقة صغيرة مظلمة، متجهين لغرفة مكدسة بالبشر. قطرات من الماء على الباب الحديدي، هواء ساخن يخرج من النضارة ورائحة عرق تهب علينا من الداخل، أكوام من البشر ملقاة على الأرض في تلك الغرف التي يسميها السجناء «مقابر الأحياء». الإيراد الأيام الأولى في طرة وصلت لسجن طرة بعد ثلاثة أشهر من الحبس، قضيت منها شهرين في حبس انفرادي في قسم فاقوس وشهرًا في قسم عابدين. كانت الكهرباء تُقطع عنا كل ليلة بعد أذان المغرب، وكان في الغرفة المجاورة لي أحد شباب الإخوان، وكنت نتبادل الكلام سويًا من خلال النضارة، وهي فتحة صغيرة في الباب الحديدي للغرفة. صحيح أن الفترة كانت عصيبة ولكني حاولت فيها التغلب على وحدتي عن طريق التركيز على استرجاع الذكريات التي مررت بها، حتى أخرج بها خارج هذه الجدران، وحتى لا يسيطر عليّ إحساس الوحدة ولا أقع فريسة له. كنت أحاول الخروج من الغرف المغلقة والأبواب الموصدة. كلما ابتعدت عن بلدتي كلما زاد عندي الشعور بالوحدة والغربة. ماذا فعلت كي يحدث لي كل هذا؟ لا أعرف. أنظر إلى هذا المكان المرعب في سجن طرة فأجده مختلفًا تمامًا عن كل ما مررت به؛ الوضع أسوأ كثيرًا مما ظننت أو سمعت. لا وصف يعبّر عن هذا المكان سوى أنه فعلًا «مقبرة الأحياء». دخلنا «الإيراد»، وهي كلمة تُطلق على الأيام الأولى في السجن. كل من كانوا بالداخل كانوا ينظرون إلينا ويعرفون ما قد تعرضنا له من تعذيب وإهانة، فحالنا لم يكن مختلفًا عن حالهم كثيرًا. لم أسمع سوى أنين وآهات من سبقونا من سكان الإيراد الممتلئ، سواء كانوا إخوانًا أو جنائيين، الجميع هنا كانوا يتألمون. وضعت من على كتفي أغراضي التي أحملها وتقاسمت معها الشقاء. وبحثت عن مكان أرتمي فيه، لا لأنام وإنما لأغيب عن الوعي وأنسى الألم. رآني أحد الأشخاص في حالة يُرثى لها فقام وحمل عني أغراضي ووضعها بجواره مفسحًا لي مكانًا بجواره. خلعت ملابسي كي أغسلها من الدماء، التي لا تزال تنزف من جروح ظهري، ولا أقوى على مجرد لمسها؛ ألم شديد ونار تخرج من صدري. قص الشخص ملابسي وبدأ في سكب الماء الدافئ على ظهري وأنا ممدد على الأرض، وبدأ في تضميد جراحي. سألني عن جريمتي وماذا فعلت، ولكني لم أقدر على الكلام من فرط الألم، وإذ به يوصيني بعدم الكلام مع أي أحد في أمر يخصني. كان من الشرقية أيضًا، وكأنه كان يوصيني لأنه يعرف أننا لن نلتقي ثانية، فبعد يومين سُكّن في عنبر آخر. عرفت فيما بعد أن هناك في الإيراد مرشدين أو ناقلي كلام، أو بلغة السجن «عصافير» ينقلون كل حركة وهمسة تدور هنا إلى المخبرين وضباط المباحث. بدأت أتعافى وأتحرك قليلًا، ولكني التزمت بالنصيحة وبالصمت طول فترة الإيراد. وبدأت أتساءل كيف سأعيش في هذا المكان الملعون. عندما أشرفت مدة مكوثنا في الإيراد على الانتهاء، بدأوا في عرضنا على المستشفى. حيث لا يُسمح لنا بالزيارة إلا لدى خروجنا من الإيراد، أما أثناء بقائنا هناك فلا يُسمح للأهل برؤية ذويهم سوى بإذن من النيابة. بدأت أحاول معرفة كيف يعيش المساجين هنا، حتى أستطيع أنا أيضًا البقاء، دون أن يتملكني الإحساس بالإحباط وحتى أظل واقفًا على قدميّ؛ هنا رأيت من أنهكه المرض، كما رأيت من تغلّب عليه اليأس فحاول التخلص من حياته للأبد. وتذكرت كلمات كنت أسمعها وظلت تترّدد في أذني أثناء حفلة التعذيب. كان هناك من يصرخ متوسلًا «ارحموني، هاموت»، وكانوا يردون عليه، في ثقة شديدة بعدم إمكانية تعرضهم للمحاسبة، قائلين «لو مت مش مشكلة. كل اللي هنعمله إننا هنلفّك في بطانية ميري ونرميك لأهلك بعد ما يدفعوا لنا عشرين جنيه تمنها». بعد مرور خمسة أيام في الإيراد وصل زوار جدد، ولكنهم تعرضوا لتعذيب أشد مما تعرضت له؛ كانت أجسادهم ممزقة، ولونها أزرق داكن، ولم يكن بمقدورهم النوم ولا الحركة من شدة مصابهم. ولفتوا انتباهنا جميعًا من هول ما رأيناه عليهم. علّقنا «شدّادات» في السقف من «داير البطاطين»، وفككنا خمس ملاءات وربطناها في الشدادات ووضعنا كلًا منهم على سرير طائر، عن طريق الملاءات المربوطة في دواير البطاطين، فلن يكون بمقدور الوافدين الجدد النوم على النمر الضيقة، خشية التعرض لأي لمسة، فجراحهم شديدة ومنتشرة في مختلف أنحاء أجسادهم. فيما بعد، عرفت أنهم كانوا مختفين قسريًا لمدة شهرين في موقع أمن الدولة في مدينة نصر، وكانوا يتعرضون للتعذيب لإجبارهم على الاعتراف بأنهم هم من كوّنوا خلية «قناة السويس»، بينما ما هم في الحقيقة سوى طلاب في جامعة الزقازيق، قُبض عليهم أمام الجامعة دون أن يعرف أحد من ذويهم بمكانهم، ولا بتهمتهم حتى. مرت الأيام وجاء وقت تسكيننا، وإذ بي أسكّن في غرفة لا تناسب تهمتي؛ حيازة سلاح دون ترخيص، وإذ بمن معي في هذه الغرفة يطلبون مني أن أكلم أحد المخبرين وأخبره بذلك حتى أُسكّن في غرفة جرائم النفس، لا في غرفة المخدرات. عرضتُ الأمر على المخبرين ولكنهم رفضوا، ثم جاء السؤال الثاني، لماذا أنا في غرفة للجنائيين؟ فلم يجبني أحد، وقيل لي «تسكينك هنا. وأحسن لك تسكت، وماتكلّمش حد عشان ما تتأذيش». عدت إلى الغرفة غير راغب في الكلام مع أحد، فقد تسلل داخلي إحساسٌ بأني سأمكث هنا طويلًا وأن عليّ أن أؤقلم نفسي على هذا الوضع، حتى لا أصاب بالاختناق. وقررت التفريق بين حياتي في الداخل وحياتي في الداخل والاندماج مع من هم معي في الغرفة والسماع لقصصهم وتدوينها، وشَغْل وقت فراغي وتفكيري بالكتابة والقراءة واسترجاع الذكريات. كنت أقرأ الرسائل التي تصلني من الأهل أو الأصدقاء عدة مرات في اليوم الواحد، فلم تكن أمامي خيارات كثيرة لتمضية الوقت. كانت الغرفة مزدحمة جدًا، ولا فرق فيها بين صيف وشتاء، فهي لهيب شديد الحرارة في معظم السنة. في البداية نمت في الطُرقة خلف الباب، وهو ما عُدَّ تكديرًا لي، فكل من يتحرك يدوس على النائم خلف الباب. عانيت كثيرَا حتى رُحّل عدد من المحكومين إلى سجون أخرى، وبدأت مرحلة الحصول على نمرة في الطرقة، والنمرة هي وحدة قياس بحجم «شبر وقبضة» بمقياس السجن، وتُطوى البطاطين حسب مقاس النمرة، وتُغطى بالملاءات. فترة النوم في الطرقة كانت من أسوأ فترات السجن، حيث انتشرت الحبوب في جسمي، ولم أستطع النوم بسببها، لا ليلًا ولا نهارًا، ولا رعاية طبية هناك، كما لا يُسمح لنا بالنزول إلى العيادات. فكنت أسأل من هم أقدم مني عن العلاج اللازم لهذا الأمر. وبدأت أضع العلاج ولكنه لم يجدِ نفعًا، بل استفحل الأمر وكنت أهرش في جسمي لحد تقطيعه، وقيل لي تارة إن هذا بسبب عوامل نفسية، وتارة لأني أُحبس لأول مرة. بدأت التركيز على تكوين صداقات في الغرفة، حتى أستطيع تمضية كل هذا الوقت الذي يطول فيه الليل فيصبح كأنه دهر كامل. كنت أنتظر الصباح بفارغ الصبر حتى يُفتح هذا الباب اللعين وأستمتع ببعض الهواء النقي، وأسلّي نفسي بالوقوف وراء الشَبَك الحديدي متطلعًا للعمارات المنتشرة حول السجن، ولقاطنيها، متمنيًا أن أصبح عصفورًا بجناحين حتى أطير وأعلو فوق هذه الأسوار دون أن توقفني الأسوار أو الأبواب المصفحة. رسوم رنوة يوسف
من ذكر فى نفس الأخبار؟
قارن علي النمر مع:
شارك صفحة علي النمر على