عبد الله يعقوب بشارة

عبد الله يعقوب بشارة

عبد الله يعقوب بشارة (مواليد ٦ نوفمبر ١٩٣٦) سياسي كويتي، أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربي في الفترة من عام ١٩٨١ حتي عام ١٩٩٣. تخرج في كلية الآداب جامعة القاهرة عام ١٩٥٩. التحق بجامعة أوكسفورد في الفترة من عام ١٩٦١ إلى عام ١٩٦٢.وتلقى دراسات في الدبلوماسية والعلاقات الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية، حصل بعدها على درجة الماجستير في العلوم السياسية عام ١٩٧٣. تولى منصب سكرتير ثان للشؤون السياسية في سفارة الكويت في تونس، كما عمل ممثلاً دائمًا للكويت في الأمم المتحدة لمدة ١٠ سنوات في الفترة من عام ١٩٧١ إلى عام ١٩٨١. ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بعبد الله يعقوب بشارة؟
أعلى المصادر التى تكتب عن عبد الله يعقوب بشارة
أحمد علي يكتب في كلمة صدق "صباح" يحلق في القمة .. قبل وبعد انعقاد "القمة" ........................................................ "قمة التعاون" .. غاب كبارهم وحضر كبيرنا "تميم المجد" ......................................................... الكويتيون يرحبون بضيوفهم القطريين ولسان حالهم يقول "حي الله هل قطر" ........................................................ «الأمين العام» يتابع حصار قطر بانبهار .. وكأنـه يشـاهد لـوحـة «مخـلص العــالم» ....................................................... على مدى ٥ أيام كنت في الكويت، حاضراً بين أبراجها الثلاثة، التي تعكس شموخها، وثباتها على موقفها، وعلو مكانها وكــــيانها وبنــيانها، شاهداً على نجاحها، في تجاوز أزمتيــــن فــــي غاية التعـــقيد والحــــساســـية، أولاهما استضافة الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس التعاون لدول الخليج العربية كاملة النصاب، بكل ما رافقها من تعقيدات المشهد الخليجي المعقد، على وقع عقدة الحصار الجائر المفروض على قطر، حيث تعصف الخلافات الحادة بين أعـــــضاء «مجـــلس التــــعاون»، بشـــأن كيفية التـــــعاطي مع هذه الأزمة المفتعلة، التي تم افتعالها ضد الدوحة منذ شهر مايو الماضي. أما الأزمة الأخرى التي نجحت الكويت في تجاوزها ،فهي رفع الإيقاف الدولي عن حركتها الرياضية، بما يسمح لانطلاق شبابها ورياضييها للمشاركة في ساحات البطولات وكافة المنافسات الدولية، بعــــد رفع الحــظر الدولي المـــــفروض على النـــــشاط الريــــاضي الكويتــــي خارجـــياً، مما يــــعد انتصاراً لقيادتها الرشيدة، التي ساهمت في إقرار القوانين ذات الصلة بهذه القضية، بفضل التوجيهات الأبوية لسمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الشقيقة، انطلاقاً من حرصه على إعلاء مكانة بلاده. إضافة إلى التعاون البنّاء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مما أسهم في استئناف النشاط الرياضي الكويتي، الذي سيتوج باستضافة بطولة «خليجي ٢٣»، بعد موافقة قطر على نقلها إلى الكويت، صاحبة الحق الشرعي في استضافتها. .. وما من شك في أن هذا الإنجاز الريـــــاضي لا يــقل في قيمته بل قوته عن المنجز السياسي الذي حققتـــــه الكويـــــت، عبــــر نجاحــــها في اســــتضافة القمة الخليجية، رغم الصعوبات التي واجهتها، والعقبات التي رافقتها، والعراقيل التي وضعت لإفشالها! .. وقبل أن أخوض في قمة مجلس التعاون الثامنة والثلاثين، وأكشف بقلمي عن ما دار في كواليسها، أتوجه بأسمى آيات الشكر والعرفان إلى الكويت، أميراً وحكومة وشعباً، على استضافتهم الكريمة للحدث الخليجي، وجهودهم الحثيثة لإنقاذ القمة، ومساعيهم الصادقة لانعقادها في موعدها، مكتملة النصاب، في إطار الحرص الكويتي المعهود على وحدة الصف الخليجي. .. والشكر موصول إلى سعادة الشيخ محمد العبدالله الصباح وزير الدولة لــــــشؤون مجلـس الوزراء وزيــــر الإعــــلام بالوكالة، وإلى الأخ الصديــــق طارق المزرم وكيل وزارة الإعلام الكويتية. .. وشكري متواصل ومتصل إلى كوادر الوزارة، وفي مقدمتهم الأخ والصديق محمد البداح مدير المركز الإعلامي للقمة، الذي قدم كافة التسهيلات للوفود المدعوة، وكان حريصاً على توفيــــر كل ما يساهم في أداء دورهم، وإنجاح مهمتهم. .. ووسط كل تلك الجهود المقدرة، والترتيب المتميز، والتنظيم عالي المستوى للاستضافة الكويتية، التي أظهرت الوجه الحضاري للشعب الكويتي الشقيق، كانت دول الحصار تقود، على الطرف الآخر، حملة شرسة، هدفها التشويش على «قمة الكويت» لمنع انعقادها بمشاركة قطر! لكن دولة الكويت الشقيقة صمدت في وجه تلك الحملة الضارية، وواجهتها بحكمتها المعهودة، وتوجت مســاعيـــها الحكيمة بعقد القمة في موعدها كاملة النصاب، دون استثناء أي دولة عن حضورها. .. وانطلاقاً من ذلك الحرص الكويتي، سادت الأوساط الكويتية حالة من التفاؤل عشية انعقاد القمة الخليجية، بعد شيوع خبر أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز سيرأس وفد بلاده، لكن فرحة الكويتيين سرعان ما انقلبت إلى حالة من الإحباط والاستياء الشديدين، اللذين سريا في مختلف الأوســـــاط الشــعبـــية، بعد قيـــام السعــــودية والإمــــارات والبحرين بتخفيض مستوى تمثيلها إلى المستويات الأدنى! لقد حاولت دول الحصار إفراغ القمة الخليجية من فحواها والتقليل من قيمتها ومحتواها، عبر تخفيض مستوى تمثيلها، إلى أدنى مسـتويات التمثيل، وهذا لا يشـــكل رســــالة سياسية سلبية موجهة إلى قطــــر، بقــــدر ما يعكــــس عدم تقدير الجهود الحثيثة التي بذلتها الدولة المضيفة لعقد القمة في موعدها كاملة النصاب. .. والمؤسف أن رئيسة الدورة السابقة لمجلس التعاون، وهي مملكة البحرين، لم تحترم القواعد البروتوكوليـــة ، حــــيث كــــان من الواجــــب حـــــضور العـــــاهـــل البحرينـــي بصـــفته رئيــــساً للــــــدورة الســــابعــــة والثــــلاثيـــــن، وتسليم الأمانة إلى رئيسها الجديد سمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الشقيقة. .. ورغم كل المحاولات التي بذلتها دول الحصار لإفشال القمة الخليجية، جـــاءت المشاركة القطرية في قمة الكــــويت، برئاسة حـــــضرة صاحب الســــمو الشــــيخ تميــم بن حمد آل ثاني أميــــر البــــلاد المفـــدى، لتشـــكل انتصاراً سياسياً للدولة المضيــــــفة وقيادتـــها وشعبها، كما شكـــل حــــضور «تميم المجد» فــي القـــمة نصراً دبلوماسيا لدولتنا المحاصرة قطر، ودحضاً للمزاعـــم والادعــــاءات التي روجتـــها دول الحـــــصار، حـــــول ما يســـــــمى «الدعــــــم القطـــري للإرهــاب»، خــــاصــــــة بــعــــد جلـــــوس ممــــثـــلي السعودية والإمارات والبحرين جـــــــنباً إلى جــــنب مـــع صاحــب الســـــمو صانع القرار القطري، والتقاط الصور التذكارية مع سموه. .. ورغــــم أن الأمــــور ســــارت في قــــمة الكــــويـــــت بعــــيداً عــــــن أجـــواء الحل النهائي للأزمة الخليجية، إلا أنه يكـــفي أن أصحـــاب الادعـــــاء الذين يتهمون قطر بدعم «الإرهاب» جلسوا مع وفدنا الرسمي على طاولة واحدة. .. ولكل هذا، فإن مجرد انعــــقاد قمة مجلس التعاون في موعدها ومكانها كاملة النـــصاب، بعدمـــــا كانــــت حتى الأمـــــس القريــــب مهــددة بالإلغاء، أو مرشحة للتأجيل، يعد مكسباً للدبــلوماســـية الكويتـــــية، التي تبــــذل جهوداً خارقة لتسوية الأزمة الخليجية. .. ويكفي أن نعلم أن قمــة الكويـــت كانت حتى أواخــــر الشهر الماضي بحكم الملغاة، بسبب إصرار دول الحصار على عدم المشاركة في قمة تحضرها قطر، ولهذا سعت تلك الدول المتآمرة على الدوحة لنقل القمة إلى عاصمة خليجية أخرى، وهذا ما رفضتـــه الكويــــت، التي أصــــــرت على عقــــد قـــــمتــــها مكتملة النصاب، بحضور قطري رفيع المستوى، رافضة استبعاد أي من الــدول الـــــست عن القمة الخليجية التي تستضيفها. لقد حرصت دولتنا على المشاركة في قمة الكويت بوفد عالي المستوى، برئاسة قائد الوطن، ولم تكن تلك المشاركة القطرية السامية نابعة من ظرف سياسي طارئ، وإنما جاءت لتــؤكــــد إيمان قطــــــر، قـــيادة وشعــباً، بـــضــــرورة دعم العمل الخليجي المشترك، والإيمان القطري بأهمية استمرار مسيرة مجلس التعاون، والحرص القطري على إنجاح قـــمة الكــــويت، تقديرا لجهود حكيم الخليج الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله. .. وما من شك في أن مشاركة قطر في القمة الخليجية، ممثــــلة بأميرنا «تميم المجـــد»، جــــاءت ترسيـــخاً للمبـــــادئ القطريـــة الثابتة بضـــــرورة وحدة الصف الخليجــــــي، وتــــرك الخلافات المفتــــعلة جانــــباً، خاصــــــة أن تحديات المرحلة تتــطلب المزيــــد من التكاتــــف الأخــــــوى، إدراكـــــاً من قيــــادتنـــا الرشيــدة أن «مجلس التعاون» بعد مرور ٣٧ عاماً على تأسيسه، بات، بدوله كلها، يواجه واقعاً خطيراً، في ظل التحديات والتهديدات التي تستهدف دول المنطقة، مما يستدعي ضرورة اللحمة الخليجية.. .. وليس سراً أن قمة الكويت انعقدت في ظل ظروف إقليمية معقدة، وتقلبات عربية بالغة التعقيد، أبرزها التطورات الحادة، والمستجدات الجادة على الساحة الفلسطينية، على وقع تسريبات إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وهو القرار الذي تم إعلانه بالفعل في اليوم التالي للقمــــة، في إطــــار اعتــــرافــــه، غــــير القانوني وغير الشرعي وغير المشروع، بأنها «عاصمة إسرائيل». .. وما من شك في أن هذا «القرار الترامبي» الأحادي الجانب يخالف قرارات الشرعية الدولية، بشأن الوضع السياسي والقانوني والتاريخي والإنساني للمدينة المقدسة، وينتهك قــــرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، كما يشكل استفزازاً لمشاعر المسلمين، وإخلالاً بركائز عملية السلام في الشرق الأوسط، وخرقاً من الرئيس الأخرق، ولا أقول الخارق لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة. عدا تقلبات الأزمة اليمنية المتقلبة، التي لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها في أي اجتماع خليجي، خاصة بعد مقتل الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح على يد ميليشيات الحوثي. .. ووسط كل تلك التحديات الخطيرة كان عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية يحلق وحيداً في عالم الخيال، متناسياً أن هناك شرخاً كبيرا أحدثته أزمة الحصار الجائر المفروض على قطر، على جميع المستويات السياسية والشعبية والاقتصادية والاجتماعية. .. لقد نسي «الأمين العام» في خطابه أمام قمة الكويت أن المرحلة الواهنة بإشــــــكالــياتها الراهنــــة ينبـــغي أن تـــدفـــع الجمــــيع إلى ضــــرورة تسوية الأزمة الخليجية، بشكل جذري، بعيداً عن محركات التأزيم. .. ولا أبالغ عندما أقول إن خطاب عبداللطيف الزياني الذي أطــــلقه فـــي الجلسة الافتتاحية لقمة الكويت، ينتمي إلى الخيال العلمي، حيث امتطى «الأمين العام» مركبة خيالية سارت به عبر «نفق الزمان» ليصل إلى عام ١٩٨١، وبالتحديد إلى يوم الخامس والعشرين من مايو، الذي شهد تأسيس مجلس التعاون. لقد تحدث الزياني عن ضرورة تعزيز التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء، معبراً عن تطلعاته إلى الغد المشرق، ويبدو أنه كان مستعجلاً لإنهاء القمة الخليجية بسرعة خيالية، لضــــمان العودة الســـريعة إلى مكتــــبه في الريــــاض، ولــــهذا اضــــطر ــ اضــــطراراً ــ للاســــتعانــــــة بأرشيف خطابات عبدالله يعقوب بشارة الأمين العام الأول لمجلس التعاون، خلال الفترة من مايو ١٩٨١ حتى أبريل ١٩٩٣. كــــان خطـــاب عـــــبداللطــــيف الـــزياني فـــي قـــمــة الـــــكويــــت خـــيالـــياً، وخالياً من أي إشارة إلى أزمة حصار قطر، التي يعاني منها شعبنا القطري منذ شهر مايو الماضي! .. ولا أدري كيف يمكن أن يتحقق التعاون والتكامل والترابط الذي تحدث عنهم الزياني، بينما مملكة البحرين، تفرض تأشيرة دخول على القطريين، رغم أنها كانت تتولى رئاسة الدورة السابقة لمجلس التعاون، ويفترض أن تكون أكثر الدول حرصاً على مصالح المواطن الخليجي! .. ولا أدري أيضاً كيف يمكن أن يترسخ ما ورد في خطاب الزياني، الذي ألقاه في قمة الكويت، بينما القطري لا يستطيــع أن يزور جدته فــــي البــــحــرين، أو خالته في الإمارات، أو يتواصل مع أبناء عمومته في السعودية! .. وكيف يمكن أن تتحقق الأفكار الخيالية التي طرحها عبداللطيف الزياني، في خطابه، أمام القمة الخليجية، بينما الإمارات تعاقب مواطنيها لمجرد قيام أحدهم برد السلام على مواطن قطري، في حال الالتقاء معه بالصدفة في أحد المحافل الدولية الخارجية، كما حدث مع يوسف السركال رئيس هيئة الرياضة العامة في الامارات، الذي واجه «إرهاباً الكترونياً» لمجرد أنه صافح سعادة الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني، رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم، عنـــدما التــــــقـــاه في بــــــانـكــــوك، لـــدرجــــــة أن «مــــــزروعـــــي أبـــوظــــبي» زارع الفتنة في الأوساط الخليجية، وصف «السركال» بأنه «نعال» أعزكم الله!. لقد تحدث الزياني خلال القمة الخليجية بأسلوب فولكلوري، ولن أقول فكاهي، عن التعاون الخليجي، رغم أنه يعلم جيداً أن دول الجوار تفرض حصاراً جائراً على المواطن القطري، لا يستطـــيع من خـــلاله حتى متابعة أعماله التجارية، واستثماراته المحتجزة في الإمارات! .. وكنا نتوقع أن يكون خطاب الأمين العام لمجلس التعاون في قمة الكويــــت، خطـــاباً واقــــعــــياً، ولـــيس إنـــشائيـــــاً، يطـــــرح مــــن خـــــلاله حلولاً جذرية للأزمة الخليجية، تتناسب مع حدتها، وتتوافق مع عمقها، ويتعــــاطى معــــها برؤيــــة استراتيجية، ويـــــقــــدم من خــــلال خطــــابه مخارج واقعية قابلة للتنفيذ، تتضـــمن الحلول المناسبـــة التي تــــساهــــم في حل عقدتها. لكننا فوجئنا أن الزياني يتحدث بلغة لا تنتمي إلى واقعنا المؤلم، ولا تنسجم مع وضعـــــنا الخليـجي المتأزم، ناســــياً أو متـــناسياً أن في عهده اندلعت شرارة الأزمة الخليجية، التي ظل يتفرج عليها بانبهار، ولا أقول انهيار، وكأنه يشاهد لوحة «مُخَلِّص العالم»، المعروفة باسم «سالفاتو موندي»، التي رسمها الفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي عام ١٥٠٥، وقام أحد أمراء السعودية بشرائها بمبلغ نصف مليار دولار تقريباً، في زمن «مكافحة الفساد» والمفسدين، في حين أن راتب الخريج السعودي المتخرج من أعرق الجامعات العالمية لا يكفي لتغطية أبسط احتياجاته اليومية، ولا يغطي التزاماته الشهرية! .. ورغم علمي وعلم جميع الخليجيين، أن الأمين العام لمجلس التعاون مجرد موظف تنـفيذي، لا يستطــــيع سوى تنفـــــيذ مـــا يــــؤمر بــه، لكنـــنا أردناه أن يحترم عقولنا، ولا يطرح في قمة الكويت خطاباً خيالياً، عقيماً في أسلوبه، سقيماً في معانيه، لا ينتمي إلى العصر الذي نعيشه، ولا ينسجم مع مخاطر الأزمة الخليجية التي تحاصرنا. .. والمؤسف أن خطاب الزياني أمام القمة الخليجية غلبت عليه اللغة الإنشائية الخيالية الفضفاضة البعيدة عن الواقع الذي نعيشه في قطر، رغم أن لنا في «مجلس التعاون» نصيباً متساوياً، مثلنا مثله، ولهذا نريده أن لا ينسى أننا شركاء في تأسيس ذلك المجلس، مثل أشقائنا البحرينيين والسعوديين والإماراتيين وغيرهم، ولنا حقوق كمواطنين قطريين ينبغي عليه بصفته «الأمين العام» أن يكون أميناً عليها، ويسعى للدفاع عن مصالحنا، نيابة عنا.. .. وليعذرني الأميــــن العـــام لمجــلس التـــعاون عـلى صراحتي معه، لأن «إعلان الكويت» المنبثق عن القمة الخليجية دعا الكتّاب والمفكرين ووسائل الإعلام في دول المجلس إلى تحمل مسؤولياتهم أمام المواطن الخليجي، والقيام بدور بناء وفـاعل لـــدعـــم وتعـــــزيــز مــــسيرة مجلـــــس التـــعاون، بمــــا يحـــقق المصالح المشتركة لدوله وشعوبه. .. وانطلاقاً من تلك الدعوة، فإنني أوجه خطابي بكل وضوح وصراحة وشفافية، إلى معالي «الأمين العام» عبر تسجــيل ملاحظـــاتي على خطابه الخيالي في القمة الخليجية، الخالي من أي إشارة إلى الأزمة التي تحيط بنا، وتحاصرنا حتى في لقمة عيشنا، وتسبب الكثير من العذابات والمعاناة لنا، في ظل استمرارها بلا حل. لقـــــــد تحـــدث الزيــاني عن «التـــعاون الخليــــجي» ناســـياً أو متـــناســياً ضياع سنة دراسية كاملة على العديد من الطلبة القطريين، الذين يتلقون تعليمهم في جامعات الإمارات، بعدما تم «طردهم» منها، دون مراعاة أبسط حقوقهم الدراسية. تحدث الزياني عن «التكامل الخليجي» بشكل جعلني أشعر، من خلال خطابه، أنه يعيش في غيبـــوبة، ولـــن أقول أنه غائب أو مغيب، حيث تحشد الرياض بالقرب من مكتبه في مقر «الأمانة العامة» لمجلس التعاون قبائلها ضد قطر، وتحرضهم على الانقلاب على الدوحة، وتقوم بتشجيع وإحياء النزعة القبلية على حساب المواطنة الخليجية، ولم نسمع للزياني صوتاً يدين هذه الأعمال التحريضية، أو يشجب تلك الأفعـــال التــخريبــــية، أو يستنكر تلك المواقف التآمرية! أخيراً إذا كان هناك من زاوية لا بد من التركيز عليها في القمة الخليجية، فهي توجيه الشكر مجدداً إلى أهلنا الكرام الأعزاء في الكويت، على كرم الضيافة، وحسن الاستقبال، حيث كان الكويتيون يستقبلوننا في كل موقع نزوره، ولسان حالهم يقول «حيّ الله هل قطر». كنت في الكويت شاهداً، وليس مشاهداً، على نجــــاحـــها في استضافة القمة الخليجية، تلبية لدعوة كريمة تلقيتها من وزارة الإعلام الكويتية، برفقة عدد من الأكاديميـــين والإعلاميــين القطـرييـــن، من بيـــنهم الدكــتور ماجد الأنصاري، والدكتــــور نايــف بـــن نهار الشـــمري، والــــزمـــيل جابر الحرمي، والإعلامي عبدالعزيز آل اسحق، ومشعــــل الهاجري، وعبـــدالله العمادي، وعــــمـــر الجمــــيلي مــــــن تليــــفــــزيــــون قــــطر، وريم يوسف الحرمي من المكتب الإعلامي بوزارة الخارجية. كنت هـــناك على مــــدى ٥ أيــــام، مقــــيماً عـــلى شاطئ المســـيلة، حيث الموجة الخليجية تسابق أختها، لتتهادى أمواج الخليج على الساحل الكويتي، وحيث البحر يروي قصة الشراكة الأخوية التاريخية الجغرافية العائلية بين الكويت وقطر. كنت في الكويت، بلد الوساطة الحكيمة، التي لم يدخر أميرها صباح الأحمد جهداً إلا بذله، ولا باباً إلا طرقه، ولا سبيلاً إلا سعى إليه، ولا منفذاً إلا حرص على النفاذ منه، لحل الأزمة الخليجية. .. ولكل هذا يستحق سموه أن يكون مرشحاً دائماً لنيل «جائزة نوبل» للسلام، تقديرا لما يبذله من جهود خيّرة لتقريب وجهات النظر المتباعدة بين الفرقاء الخليجيين، وصولاً إلى تسوية أزمتهم المفتعلة، بما يساهم في تعزيز الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة. لقـــد أثبـــت صبـــــاح الأحمـــد بإرادته التي لا تليــن، وعزيمـته التي لا تستـــكين، وحرصه المشهود، وإخلاصه المعهود، تمسكه بوحدة الصف الخليجي، مؤكداً من خلال دبلوماسيته الحكيمة، أهمية أن يبقى «مجلس التعاون» بمنأى عن الخلافات، مهما كانت ضراوتها، بحيث لا تتعطل آليات انعقاده. .. ولعل مبادرته المتمثــــلة في الدعــــوة لتشكـيل لجــــنة تعـــمل على تعديل النظام الأساسي لمجلس التعاون، تعكس هذه الحقيقة، حيث يحرص سموه على إقرار آلية واضحة ومحددة لفض النزاعات، في إطار احترام سيادة الدول الأعضاء في المجلس. هكذا بـــدأت وانتـــهت القمـــة الخليجــية الثامـنة والثلاثون، التي استضافتها دولة الكويت الشقيقة، وشهدت أرقاماً غير مسبوقة من ناحية مستوى تمثيلها، ومدة انعقادها، ومستويات تعقيدها، والظروف المسبببة لعقدتها. .. ورغم كل هذه العقدة الخليجية المتورمة, لا يعيب قمة الكويت أنها كانت الأدنى تمثيلاً, والأسرع زمناً، والأقل عدداً, في المتحدثين خلال جلساتها، والأقصر زمناً، حيث استمرت جلستها الافتتاحية نحو ربع ساعة، فيما استغرقت جلستها الختامية ٧ دقائق! .. ويكفي الكويت فـــخراً أن أميـــــرها صبــاح الأحــــمد يحلـق عالياً في القمة، قبل وبعــد انعقاد «القمة»، عـــالي الهـــمة، ســــاعياً بحكــــمــته لتـــوحيد الأمة، وإزالة مسببات الغمة، وتسوية الأزمة. أحمد علي مدير عام صحيفة الوطن القطرية
أحمد علي يكتب «صباح» يحلق في القمة .. قبل وبعد انعقاد «القمة» «قمة التعاون» .. غاب كبارهم وحضر كبيرنا «تميم المجد» الكويتيون يرحبون بضيوفهم القطريين ولسان حالهم يقول «حيّ الله هل قطر» «الزياني» يستعين بخطابات «بشارة» في مرحلة تأسيس «مجلس التعاون» دون الإشارة إلى الأزمة الخليجية «الأمين العام» يتابع حصار قطر بانبهار .. وكأنـه يشـاهد لـوحـة «مخـلص العــالم» على مدى ٥ أيام كنت في الكويت، حاضراً بين أبراجها الثلاثة، التي تعكس شموخها، وثباتها على موقفها، وعلو مكانها وكــــيانها وبنــيانها، شاهداً على نجاحها، في تجاوز أزمتيــــن فــــي غاية التعـــقيد والحــــساســـية، أولاهما استضافة الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس التعاون لدول الخليج العربية كاملة النصاب، بكل ما رافقها من تعقيدات المشهد الخليجي المعقد، على وقع عقدة الحصار الجائر المفروض على قطر، حيث تعصف الخلافات الحادة بين أعـــــضاء «مجـــلس التــــعاون»، بشـــأن كيفية التـــــعاطي مع هذه الأزمة المفتعلة، التي تم افتعالها ضد الدوحة منذ شهر مايو الماضي. أما الأزمة الأخرى التي نجحت الكويت في تجاوزها ،فهي رفع الإيقاف الدولي عن حركتها الرياضية، بما يسمح لانطلاق شبابها ورياضييها للمشاركة في ساحات البطولات وكافة المنافسات الدولية، بعــــد رفع الحــظر الدولي المـــــفروض على النـــــشاط الريــــاضي الكويتــــي خارجـــياً، مما يــــعد انتصاراً لقيادتها الرشيدة، التي ساهمت في إقرار القوانين ذات الصلة بهذه القضية، بفضل التوجيهات الأبوية لسمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الشقيقة، انطلاقاً من حرصه على إعلاء مكانة بلاده. إضافة إلى التعاون البنّاء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مما أسهم في استئناف النشاط الرياضي الكويتي، الذي سيتوج باستضافة بطولة «خليجي ٢٣»، بعد موافقة قطر على نقلها إلى الكويت، صاحبة الحق الشرعي في استضافتها. .. وما من شك في أن هذا الإنجاز الريـــــاضي لا يــقل في قيمته بل قوته عن المنجز السياسي الذي حققتـــــه الكويـــــت، عبــــر نجاحــــها في اســــتضافة القمة الخليجية، رغم الصعوبات التي واجهتها، والعقبات التي رافقتها، والعراقيل التي وضعت لإفشالها! .. وقبل أن أخوض في قمة مجلس التعاون الثامنة والثلاثين، وأكشف بقلمي عن ما دار في كواليسها، أتوجه بأسمى آيات الشكر والعرفان إلى الكويت، أميراً وحكومة وشعباً، على استضافتهم الكريمة للحدث الخليجي، وجهودهم الحثيثة لإنقاذ القمة، ومساعيهم الصادقة لانعقادها في موعدها، مكتملة النصاب، في إطار الحرص الكويتي المعهود على وحدة الصف الخليجي. .. والشكر موصول إلى سعادة الشيخ محمد العبدالله الصباح وزير الدولة لــــــشؤون مجلـس الوزراء وزيــــر الإعــــلام بالوكالة، وإلى الأخ الصديــــق طارق المزرم وكيل وزارة الإعلام الكويتية. .. وشكري متواصل ومتصل إلى كوادر الوزارة، وفي مقدمتهم الأخ والصديق محمد البداح مدير المركز الإعلامي للقمة، الذي قدم كافة التسهيلات للوفود المدعوة، وكان حريصاً على توفيــــر كل ما يساهم في أداء دورهم، وإنجاح مهمتهم. .. ووسط كل تلك الجهود المقدرة، والترتيب المتميز، والتنظيم عالي المستوى للاستضافة الكويتية، التي أظهرت الوجه الحضاري للشعب الكويتي الشقيق، كانت دول الحصار تقود، على الطرف الآخر، حملة شرسة، هدفها التشويش على «قمة الكويت» لمنع انعقادها بمشاركة قطر! لكن دولة الكويت الشقيقة صمدت في وجه تلك الحملة الضارية، وواجهتها بحكمتها المعهودة، وتوجت مســاعيـــها الحكيمة بعقد القمة في موعدها كاملة النصاب، دون استثناء أي دولة عن حضورها. .. وانطلاقاً من ذلك الحرص الكويتي، سادت الأوساط الكويتية حالة من التفاؤل عشية انعقاد القمة الخليجية، بعد شيوع خبر أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز سيرأس وفد بلاده، لكن فرحة الكويتيين سرعان ما انقلبت إلى حالة من الإحباط والاستياء الشديدين، اللذين سريا في مختلف الأوســـــاط الشــعبـــية، بعد قيـــام السعــــودية والإمــــارات والبحرين بتخفيض مستوى تمثيلها إلى المستويات الأدنى! لقد حاولت دول الحصار إفراغ القمة الخليجية من فحواها والتقليل من قيمتها ومحتواها، عبر تخفيض مستوى تمثيلها، إلى أدنى مسـتويات التمثيل، وهذا لا يشـــكل رســــالة سياسية سلبية موجهة إلى قطــــر، بقــــدر ما يعكــــس عدم تقدير الجهود الحثيثة التي بذلتها الدولة المضيفة لعقد القمة في موعدها كاملة النصاب. .. والمؤسف أن رئيسة الدورة السابقة لمجلس التعاون، وهي مملكة البحرين، لم تحترم القواعد البروتوكوليـــة ، حــــيث كــــان من الواجــــب حـــــضور العـــــاهـــل البحرينـــي بصـــفته رئيــــساً للــــــدورة الســــابعــــة والثــــلاثيـــــن، وتسليم الأمانة إلى رئيسها الجديد سمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الشقيقة. .. ورغم كل المحاولات التي بذلتها دول الحصار لإفشال القمة الخليجية، جـــاءت المشاركة القطرية في قمة الكــــويت، برئاسة حـــــضرة صاحب الســــمو الشــــيخ تميــم بن حمد آل ثاني أميــــر البــــلاد المفـــدى، لتشـــكل انتصاراً سياسياً للدولة المضيــــــفة وقيادتـــها وشعبها، كما شكـــل حــــضور «تميم المجد» فــي القـــمة نصراً دبلوماسيا لدولتنا المحاصرة قطر، ودحضاً للمزاعـــم والادعــــاءات التي روجتـــها دول الحـــــصار، حـــــول ما يســـــــمى «الدعــــــم القطـــري للإرهــاب»، خــــاصــــــة بــعــــد جلـــــوس ممــــثـــلي السعودية والإمارات والبحرين جـــــــنباً إلى جــــنب مـــع صاحــب الســـــمو صانع القرار القطري، والتقاط الصور التذكارية مع سموه. .. ورغــــم أن الأمــــور ســــارت في قــــمة الكــــويـــــت بعــــيداً عــــــن أجـــواء الحل النهائي للأزمة الخليجية، إلا أنه يكـــفي أن أصحـــاب الادعـــــاء الذين يتهمون قطر بدعم «الإرهاب» جلسوا مع وفدنا الرسمي على طاولة واحدة. .. ولكل هذا، فإن مجرد انعــــقاد قمة مجلس التعاون في موعدها ومكانها كاملة النـــصاب، بعدمـــــا كانــــت حتى الأمـــــس القريــــب مهــددة بالإلغاء، أو مرشحة للتأجيل، يعد مكسباً للدبــلوماســـية الكويتـــــية، التي تبــــذل جهوداً خارقة لتسوية الأزمة الخليجية. .. ويكفي أن نعلم أن قمــة الكويـــت كانت حتى أواخــــر الشهر الماضي بحكم الملغاة، بسبب إصرار دول الحصار على عدم المشاركة في قمة تحضرها قطر، ولهذا سعت تلك الدول المتآمرة على الدوحة لنقل القمة إلى عاصمة خليجية أخرى، وهذا ما رفضتـــه الكويــــت، التي أصــــــرت على عقــــد قـــــمتــــها مكتملة النصاب، بحضور قطري رفيع المستوى، رافضة استبعاد أي من الــدول الـــــست عن القمة الخليجية التي تستضيفها. لقد حرصت دولتنا على المشاركة في قمة الكويت بوفد عالي المستوى، برئاسة قائد الوطن، ولم تكن تلك المشاركة القطرية السامية نابعة من ظرف سياسي طارئ، وإنما جاءت لتــؤكــــد إيمان قطــــــر، قـــيادة وشعــباً، بـــضــــرورة دعم العمل الخليجي المشترك، والإيمان القطري بأهمية استمرار مسيرة مجلس التعاون، والحرص القطري على إنجاح قـــمة الكــــويت، تقديرا لجهود حكيم الخليج الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله. .. وما من شك في أن مشاركة قطر في القمة الخليجية، ممثــــلة بأميرنا «تميم المجـــد»، جــــاءت ترسيـــخاً للمبـــــادئ القطريـــة الثابتة بضـــــرورة وحدة الصف الخليجــــــي، وتــــرك الخلافات المفتــــعلة جانــــباً، خاصــــــة أن تحديات المرحلة تتــطلب المزيــــد من التكاتــــف الأخــــــوى، إدراكـــــاً من قيــــادتنـــا الرشيــدة أن «مجلس التعاون» بعد مرور ٣٧ عاماً على تأسيسه، بات، بدوله كلها، يواجه واقعاً خطيراً، في ظل التحديات والتهديدات التي تستهدف دول المنطقة، مما يستدعي ضرورة اللحمة الخليجية.. .. وليس سراً أن قمة الكويت انعقدت في ظل ظروف إقليمية معقدة، وتقلبات عربية بالغة التعقيد، أبرزها التطورات الحادة، والمستجدات الجادة على الساحة الفلسطينية، على وقع تسريبات إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وهو القرار الذي تم إعلانه بالفعل في اليوم التالي للقمــــة، في إطــــار اعتــــرافــــه، غــــير القانوني وغير الشرعي وغير المشروع، بأنها «عاصمة إسرائيل». .. وما من شك في أن هذا «القرار الترامبي» الأحادي الجانب يخالف قرارات الشرعية الدولية، بشأن الوضع السياسي والقانوني والتاريخي والإنساني للمدينة المقدسة، وينتهك قــــرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، كما يشكل استفزازاً لمشاعر المسلمين، وإخلالاً بركائز عملية السلام في الشرق الأوسط، وخرقاً من الرئيس الأخرق، ولا أقول الخارق لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة. عدا تقلبات الأزمة اليمنية المتقلبة، التي لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها في أي اجتماع خليجي، خاصة بعد مقتل الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح على يد ميليشيات الحوثي. .. ووسط كل تلك التحديات الخطيرة كان عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية يحلق وحيداً في عالم الخيال، متناسياً أن هناك شرخاً كبيرا أحدثته أزمة الحصار الجائر المفروض على قطر، على جميع المستويات السياسية والشعبية والاقتصادية والاجتماعية. .. لقد نسي «الأمين العام» في خطابه أمام قمة الكويت أن المرحلة الواهنة بإشــــــكالــياتها الراهنــــة ينبـــغي أن تـــدفـــع الجمــــيع إلى ضــــرورة تسوية الأزمة الخليجية، بشكل جذري، بعيداً عن محركات التأزيم. .. ولا أبالغ عندما أقول إن خطاب عبداللطيف الزياني الذي أطــــلقه فـــي الجلسة الافتتاحية لقمة الكويت، ينتمي إلى الخيال العلمي، حيث امتطى «الأمين العام» مركبة خيالية سارت به عبر «نفق الزمان» ليصل إلى عام ١٩٨١، وبالتحديد إلى يوم الخامس والعشرين من مايو، الذي شهد تأسيس مجلس التعاون. لقد تحدث الزياني عن ضرورة تعزيز التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء، معبراً عن تطلعاته إلى الغد المشرق، ويبدو أنه كان مستعجلاً لإنهاء القمة الخليجية بسرعة خيالية، لضــــمان العودة الســـريعة إلى مكتــــبه في الريــــاض، ولــــهذا اضــــطر ــ اضــــطراراً ــ للاســــتعانــــــة بأرشيف خطابات عبدالله يعقوب بشارة الأمين العام الأول لمجلس التعاون، خلال الفترة من مايو ١٩٨١ حتى أبريل ١٩٩٣. كــــان خطـــاب عـــــبداللطــــيف الـــزياني فـــي قـــمــة الـــــكويــــت خـــيالـــياً، وخالياً من أي إشارة إلى أزمة حصار قطر، التي يعاني منها شعبنا القطري منذ شهر مايو الماضي! .. ولا أدري كيف يمكن أن يتحقق التعاون والتكامل والترابط الذي تحدث عنهم الزياني، بينما مملكة البحرين، تفرض تأشيرة دخول على القطريين، رغم أنها كانت تتولى رئاسة الدورة السابقة لمجلس التعاون، ويفترض أن تكون أكثر الدول حرصاً على مصالح المواطن الخليجي! .. ولا أدري أيضاً كيف يمكن أن يترسخ ما ورد في خطاب الزياني، الذي ألقاه في قمة الكويت، بينما القطري لا يستطيــع أن يزور جدته فــــي البــــحــرين، أو خالته في الإمارات، أو يتواصل مع أبناء عمومته في السعودية! .. وكيف يمكن أن تتحقق الأفكار الخيالية التي طرحها عبداللطيف الزياني، في خطابه، أمام القمة الخليجية، بينما الإمارات تعاقب مواطنيها لمجرد قيام أحدهم برد السلام على مواطن قطري، في حال الالتقاء معه بالصدفة في أحد المحافل الدولية الخارجية، كما حدث مع يوسف السركال رئيس هيئة الرياضة العامة في الامارات، الذي واجه «إرهاباً الكترونياً» لمجرد أنه صافح سعادة الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني، رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم، عنـــدما التــــــقـــاه في بــــــانـكــــوك، لـــدرجــــــة أن «مــــــزروعـــــي أبـــوظــــبي» زارع الفتنة في الأوساط الخليجية، وصف «السركال» بأنه «نعال» أعزكم الله!. لقد تحدث الزياني خلال القمة الخليجية بأسلوب فولكلوري، ولن أقول فكاهي، عن التعاون الخليجي، رغم أنه يعلم جيداً أن دول الجوار تفرض حصاراً جائراً على المواطن القطري، لا يستطـــيع من خـــلاله حتى متابعة أعماله التجارية، واستثماراته المحتجزة في الإمارات! .. وكنا نتوقع أن يكون خطاب الأمين العام لمجلس التعاون في قمة الكويــــت، خطـــاباً واقــــعــــياً، ولـــيس إنـــشائيـــــاً، يطـــــرح مــــن خـــــلاله حلولاً جذرية للأزمة الخليجية، تتناسب مع حدتها، وتتوافق مع عمقها، ويتعــــاطى معــــها برؤيــــة استراتيجية، ويـــــقــــدم من خــــلال خطــــابه مخارج واقعية قابلة للتنفيذ، تتضـــمن الحلول المناسبـــة التي تــــساهــــم في حل عقدتها. لكننا فوجئنا أن الزياني يتحدث بلغة لا تنتمي إلى واقعنا المؤلم، ولا تنسجم مع وضعـــــنا الخليـجي المتأزم، ناســــياً أو متـــناسياً أن في عهده اندلعت شرارة الأزمة الخليجية، التي ظل يتفرج عليها بانبهار، ولا أقول انهيار، وكأنه يشاهد لوحة «مُخَلِّص العالم»، المعروفة باسم «سالفاتو موندي»، التي رسمها الفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي عام ١٥٠٥، وقام أحد أمراء السعودية بشرائها بمبلغ نصف مليار دولار تقريباً، في زمن «مكافحة الفساد» والمفسدين، في حين أن راتب الخريج السعودي المتخرج من أعرق الجامعات العالمية لا يكفي لتغطية أبسط احتياجاته اليومية، ولا يغطي التزاماته الشهرية! .. ورغم علمي وعلم جميع الخليجيين، أن الأمين العام لمجلس التعاون مجرد موظف تنـفيذي، لا يستطــــيع سوى تنفـــــيذ مـــا يــــؤمر بــه، لكنـــنا أردناه أن يحترم عقولنا، ولا يطرح في قمة الكويت خطاباً خيالياً، عقيماً في أسلوبه، سقيماً في معانيه، لا ينتمي إلى العصر الذي نعيشه، ولا ينسجم مع مخاطر الأزمة الخليجية التي تحاصرنا. .. والمؤسف أن خطاب الزياني أمام القمة الخليجية غلبت عليه اللغة الإنشائية الخيالية الفضفاضة البعيدة عن الواقع الذي نعيشه في قطر، رغم أن لنا في «مجلس التعاون» نصيباً متساوياً، مثلنا مثله، ولهذا نريده أن لا ينسى أننا شركاء في تأسيس ذلك المجلس، مثل أشقائنا البحرينيين والسعوديين والإماراتيين وغيرهم، ولنا حقوق كمواطنين قطريين ينبغي عليه بصفته «الأمين العام» أن يكون أميناً عليها، ويسعى للدفاع عن مصالحنا، نيابة عنا.. .. وليعذرني الأميــــن العـــام لمجــلس التـــعاون عـلى صراحتي معه، لأن «إعلان الكويت» المنبثق عن القمة الخليجية دعا الكتّاب والمفكرين ووسائل الإعلام في دول المجلس إلى تحمل مسؤولياتهم أمام المواطن الخليجي، والقيام بدور بناء وفـاعل لـــدعـــم وتعـــــزيــز مــــسيرة مجلـــــس التـــعاون، بمــــا يحـــقق المصالح المشتركة لدوله وشعوبه. .. وانطلاقاً من تلك الدعوة، فإنني أوجه خطابي بكل وضوح وصراحة وشفافية، إلى معالي «الأمين العام» عبر تسجــيل ملاحظـــاتي على خطابه الخيالي في القمة الخليجية، الخالي من أي إشارة إلى الأزمة التي تحيط بنا، وتحاصرنا حتى في لقمة عيشنا، وتسبب الكثير من العذابات والمعاناة لنا، في ظل استمرارها بلا حل. لقـــــــد تحـــدث الزيــاني عن «التـــعاون الخليــــجي» ناســـياً أو متـــناســياً ضياع سنة دراسية كاملة على العديد من الطلبة القطريين، الذين يتلقون تعليمهم في جامعات الإمارات، بعدما تم «طردهم» منها، دون مراعاة أبسط حقوقهم الدراسية. تحدث الزياني عن «التكامل الخليجي» بشكل جعلني أشعر، من خلال خطابه، أنه يعيش في غيبـــوبة، ولـــن أقول أنه غائب أو مغيب، حيث تحشد الرياض بالقرب من مكتبه في مقر «الأمانة العامة» لمجلس التعاون قبائلها ضد قطر، وتحرضهم على الانقلاب على الدوحة، وتقوم بتشجيع وإحياء النزعة القبلية على حساب المواطنة الخليجية، ولم نسمع للزياني صوتاً يدين هذه الأعمال التحريضية، أو يشجب تلك الأفعـــال التــخريبــــية، أو يستنكر تلك المواقف التآمرية! أخيراً إذا كان هناك من زاوية لا بد من التركيز عليها في القمة الخليجية، فهي توجيه الشكر مجدداً إلى أهلنا الكرام الأعزاء في الكويت، على كرم الضيافة، وحسن الاستقبال، حيث كان الكويتيون يستقبلوننا في كل موقع نزوره، ولسان حالهم يقول «حيّ الله هل قطر». كنت في الكويت شاهداً، وليس مشاهداً، على نجــــاحـــها في استضافة القمة الخليجية، تلبية لدعوة كريمة تلقيتها من وزارة الإعلام الكويتية، برفقة عدد من الأكاديميـــين والإعلاميــين القطـرييـــن، من بيـــنهم الدكــتور ماجد الأنصاري، والدكتــــور نايــف بـــن نهار الشـــمري، والــــزمـــيل جابر الحرمي، والإعلامي عبدالعزيز آل اسحق، ومشعــــل الهاجري، وعبـــدالله العمادي، وعــــمـــر الجمــــيلي مــــــن تليــــفــــزيــــون قــــطر، وريم يوسف الحرمي من المكتب الإعلامي بوزارة الخارجية. كنت هـــناك على مــــدى ٥ أيــــام، مقــــيماً عـــلى شاطئ المســـيلة، حيث الموجة الخليجية تسابق أختها، لتتهادى أمواج الخليج على الساحل الكويتي، وحيث البحر يروي قصة الشراكة الأخوية التاريخية الجغرافية العائلية بين الكويت وقطر. كنت في الكويت، بلد الوساطة الحكيمة، التي لم يدخر أميرها صباح الأحمد جهداً إلا بذله، ولا باباً إلا طرقه، ولا سبيلاً إلا سعى إليه، ولا منفذاً إلا حرص على النفاذ منه، لحل الأزمة الخليجية. .. ولكل هذا يستحق سموه أن يكون مرشحاً دائماً لنيل «جائزة نوبل» للسلام، تقديرا لما يبذله من جهود خيّرة لتقريب وجهات النظر المتباعدة بين الفرقاء الخليجيين، وصولاً إلى تسوية أزمتهم المفتعلة، بما يساهم في تعزيز الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة. لقـــد أثبـــت صبـــــاح الأحمـــد بإرادته التي لا تليــن، وعزيمـته التي لا تستـــكين، وحرصه المشهود، وإخلاصه المعهود، تمسكه بوحدة الصف الخليجي، مؤكداً من خلال دبلوماسيته الحكيمة، أهمية أن يبقى «مجلس التعاون» بمنأى عن الخلافات، مهما كانت ضراوتها، بحيث لا تتعطل آليات انعقاده. .. ولعل مبادرته المتمثــــلة في الدعــــوة لتشكـيل لجــــنة تعـــمل على تعديل النظام الأساسي لمجلس التعاون، تعكس هذه الحقيقة، حيث يحرص سموه على إقرار آلية واضحة ومحددة لفض النزاعات، في إطار احترام سيادة الدول الأعضاء في المجلس. هكذا بـــدأت وانتـــهت القمـــة الخليجــية الثامـنة والثلاثون، التي استضافتها دولة الكويت الشقيقة، وشهدت أرقاماً غير مسبوقة من ناحية مستوى تمثيلها، ومدة انعقادها، ومستويات تعقيدها، والظروف المسبببة لعقدتها. .. ورغم كل هذه العقدة الخليجية المتورمة, لا يعيب قمة الكويت أنها كانت الأدنى تمثيلاً, والأسرع زمناً، والأقل عدداً, في المتحدثين خلال جلساتها، والأقصر زمناً، حيث استمرت جلستها الافتتاحية نحو ربع ساعة، فيما استغرقت جلستها الختامية ٧ دقائق! .. ويكفي الكويت فـــخراً أن أميـــــرها صبــاح الأحــــمد يحلـق عالياً في القمة، قبل وبعــد انعقاد «القمة»، عـــالي الهـــمة، ســــاعياً بحكــــمــته لتـــوحيد الأمة، وإزالة مسببات الغمة، وتسوية الأزمة.
أحمد علي يكتب في كلمة صدق «الـلامــوقـــــف» فــــي مــــوقـــــف «الأمين العام» ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الزياني أدار ظهره لأزمة الحصار الجائر المفروض على قطر ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يتجاهل الأزمة الخليجية ويبحث إحياء العملية السياسية في الساحة اليمنية ! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لا يحــــتاج الأمر إلى دليـــل، لإثبات الأداء العليل، الذي أدى إلى إخفاق الأمين العام لمجلس التعاون، في القيام بمتطلبات مسؤولياته، وفشله في الالتزام بأداء واجباته، بعدما أدار ظهـــره لأكبــر، بل أخطر أزمة داخلية بين أعضاء المجلس، منذ تأسيسه عام ١٩٨١. .. ويكفي لتأكيد هذه الحقيقة، التي لا يمكن له ولغيره إنكارها، التوقف عند اختفائه المثـــير للتساؤلات، وللكثير من علامات الاستفهام، وإشارات التعجب، طيلة الشهرين الماضيين. .. ومنذ اندلاع الأزمة الخليجية في الرابع والعشرين من شهر مايو الماضي، وفرض الحصار الجائر على قطر في الخامس من يونيو، لم نرصد حــــراكـاً أو تحـــــركاً من «الأمين العام» باتجاه حل الأزمة، رغم أن مــــن صميــــم واجباته الســــعي لتسويـــتها، عــبر النظــــــــر إليهــــا بأبــــعاد متساوية، في إطـــار الحــــياد الكـــامل، وعدم الانحياز لأي طرف من أطرافها، كما فعل وزراء خارجية الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وتركيا والجزائر وغيرها. .. ويبدو أن الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني كان مشغولاً بالتجول في «سكيك المحرق»، بحكم أنه محرقي المولد والنشأة، محاولاً استرجاع ذكرياته المحروقة مع قصيدة الشاعر الغنائي الكبير الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، التي غناها إبراهيم حبيب ويقول مطلعها «ولهان يا محرق، وأدور في السكة، محد عرفني فيج، يا محرق شدعوة»! .. ونحـــــن فــــي الدوحـــــة يؤسفنا أن نــقول للأمين العام لمجلس التعاون «يالزياني شـدعـــوة»، بعـــدما وجدناه يدور بعيداً متجاهلا الأزمة الخليجية، ويستأنف نشاطه فجأة في مقر «الأمانة العامة»، ساعياً لإحياء العملية السياسية في اليمن، بشكل يثير الدهشة! لقد جاءت «الإطلالة الزيانية»، غير المرحب بها جماهيرياً وشعبياً من «دريشة» الأزمة اليمنية، وكأن شيئاً لم يكن، بين «دول التحالف» ضد قطر، محاولاً إحياء دوره «الرميم»، واستئناف جهده العـــقيم، وأدائه السقيم، بعدما ظل غائباً عن الظهور والحضور ومتابعة الأمور ذات الصلة بطبيعة عمله، على مسرح الأحداث الخليجيـــــة، لدرجة أننا نســـــينا أن لدينا مجلساً اسمه «مجلس التعـــاون»، ونسينا فعلاً أن أمينه العام اسمه «عبداللطيف الزياني»! .. وكنت أعتقد شخـــصياً أن «الأمــــين العام» لما يسمونه «مجلس التعاون» كان متأزماً صحياً، بسبب تناوله جرعة زائدة من «العشرق»، وهو العشبة المعروفة في الخليج بأنها تعالج حالات الإمساك، بعدما أمسك عن الظهور العلني، والخروج الإعلامي، وغابت عنه الحلول، فاضطر لشرب «الحلول»! أو أنه تناول «حبة منومة» شديدة القوة، ليلة الرابع والعشرين من مايو الماضي، التي تمت فيها عملية القرصنة الإلكترونية، على موقع وكالة الأنباء القطرية، ولم يفق من ســـباته العمــــيق من يومــها، حـــتى صحا يـــوم الأربــعاء الماضي، ليستقبل «اسماعيل ولد الشيخ»، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن! .. ولعل ما يثير الدهشة أن يظهر عبداللطيف الزياني في دور الساعي لإيجاد حل للأزمة اليمنية، ناسياً، أو متناسياً، وجود أزمة تعصف بمجلس التعاون، اسمها الأزمة الخليجية! .. ووفقاً للبــيان الصـــادر عن الأمانة العامة بالرياض، الــذي بثــته وكالة الأنبــاء الســـــعودية (واس)، ونظيـــرتها الإمـــاراتية (وام)، والبحرينية (بنا)، فقد بحث الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني آخر تطورات الأوضاع السياسية والأمنية والإنسانية في اليمــــــن، والجهــود التي يبذلــــها المبعــــوث الأمــــمي لإعــادة إحياء العملية السياسية في البلاد، وفق المبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن رقم ٢٢١٦. .. وأضاف البيان أن «الأمين» استعرض مع «المبعوث» تفاصيل مبادرته الخاصة بميناء «الحديدة»، التي تنص على انسحاب «الحوثيين» مــــــــن الميـــــناء الواقع على البــــحر الأحمر، وتسليمه لطرف ثالــث محــــايد، مقابل وقف «التحالف العربي» عملياته العسكرية في الساحل الغربي. .. ولعل ما يثيــــر دهشـــــتنا أن «ولد الزياني» وجد وقتاً لمقابلة «ولد الشيخ»، في الوقت الذي يواصــــل فيه غيـــــابه الواضح، واختفاءه الفاضح عن تطورات الأزمة الخليجية، التي ظل يتابعها من مـــــوقــــف المتفــــرج ــ ولا أقـــــول المهــــــرج ــ وكأنـــــها لا تعــــنيه، أو ليس معنياً بشكل مباشر بالسعي لحلها. .. ومـــــع كــــامل دعمنـــا للأشـــقاء في اليــــمن، وحرصــــنا عـــــلى إنهاء أزمتهم ومعاناتهم، المستمرة من أكثر من عامـــين، التي يدفعــــــون ثمنــــها من أرواحهــــم ودمائهـــم، إلا أننا نعجب من صمت الأمين العام لمجلس التعاون طيلة الــشهرين الماضيين، واختفائه عن الساحة الخليــــجية، ثم ظهوره فجأة لبحث جهود إحياء العملية السياسية في اليمــن، دون أن يبذل جهداً واحداً، أو مجهوداً وحيداً لإقنــــــاع الفرقـــــاء الخليجــــيين بالجــــلوس على طاولة الحوار لحل أزمتهم! .. وكان يمكن للدكتــــور عبداللطيف الزياني، بحكم منصبه أميناً عاماً لمجلس التعاون، أن يقوم بزيارات إلى عواصم دول المجلس، لتقريب وجهات النظر المتباعدة بينهم، أو حتى التقاط الصور التذكارية معهم! .. وكــــــان يمكــــنه أيــــضاً الســـــعي لـــــدى قــــادة المجلس لوقف الحملات الإعلامية، التي تسببت في تسميم الأجواء الخليجية. .. وكان يستطــــيع إقــــــــناع وزراء الخارجــــية، الذيـــن يشكلون «المجلس الوزاري» الخليجي، لوقف «تغريداتهم» السلبية، في حساباتهــــم «التويترية»، لإفـــساح المال لإنجاح الوساطة الكويتية. .. وربـــــمــــــــا يـــــــقــــــــول قــــــائــــــل إن «الأمـــــيـــــــن العــــــام» مجــــرد موظــــف يتلــــــقى الأوامر الفوقـــــية، ويقوم بتنــــفيــذ التعليمات القيادية، وأرد عليه بقـــولي إن «المادة الســــادسة عـــشــرة» مــــــــن النظــــــام الأســـــاســـــي لمجلـــــس التــــعــــــــاون تعــــطـــيه كــــامــل الاستقلالية في أداء مهامه الوظيفية، حيث تنص بالحرف الواحد «يمارس الأمين العام والأمناء المساعدون وكافة موظفي الأمانة العامة مهام وظائفهم باستقلال تام». أما «المادة العاشرة» من النظام الأساسي فهي تنص على ما يلي «يكون لمجلس التعاون هيئة تسمى (هيئة تسوية المنازعات) تتبع المجلس الأعلى، وإذا نشأ خلاف حول تفسير أو تطبيق النظام الأساسي، ولم تتم تسويته في إطار المجلس الوزاري، أو المجلس الأعلى تتم إحالته إلى هيئة تسوية المنازعات». .. ولو توقفنا عند «المادة التاسعة» من النظام الأساسي لمجلس التعاون فسنجد أنها تدحض ادعاءات وافتراءات كل «جاهل جهول»، بآليات عمل هذه المنظومة الخليجية، وخصوصاً مسألة التصويت في «المجلس الأعلى», حيث تنص على ما يلي «يكون لكل عضو من أعضاء المجلس الأعلى صوت واحد، وتصدر القرارات في المسائل الموضوعية بإجماع الدول الأعضاء، وفي المسائل الإجرائية تصدر قراراته بالأغلبية». .. ومـــــــن خــــلال هذه المــــادة يبـــدو واضـــحاً صــعوبة، بل استحالة تنفيذ ما يروجه بعض «الجهلة»، الذين يحاولون إعادة «مجلس التعاون» إلى عصور الجاهــلية، عبر ترويـــج المزاعــــم بـــأن «دول التحــــالف تستطيع إخراج قطر من المجلس»، لأن اتخاذ هذا «القرار الموضوعي» يحتاج إلى إجماع خليــجي، تــــشارك فيه جميع الدول الأعضاء، بما فيهم قطر، وهذا من سابع المستحيلات! .. والمؤسف أنه منذ اندلاع الأزمــــة الخليــــــجية لم يســــجل «الأمين العام» موقفاً واحداً يتوافق مع مواد النظام الأساسي لمجلس التعاون، ولم يبادر بتفعيل تلك المواد القانونية الملزمة للجميع، ولم يسع لاتخاذ موقف ينسجم مع تطلعات شعوب المنطقة، حيث وجدناه ساكناً في مكتبه بمقر «الأمانة العامة»، لا يحرك ساكنا! لقد تبنى عبداللطيف الزياني موقف «اللاموقف» من الأزمة الخليجية، وتعامل معها بلا موقف، وكأنها خارج أولويــــاته، وأن إيجاد الحلول لها لا يدخل في اختصاصاته، وأثبت بوقوفه ذلك الموقف أنه لا يضع قطر والحصار الجائر المفروض على شعبها ضمن اهتماماته، حيث وجدناه منشغلاً بإيجاد حل للأزمة اليمنية! .. والذي نعرفه أن «مجلس التعاون» ليس «عزبة خاصة» لأي دولة من الدول الأعضاء، حتى تقوم بتسييره وتوجيهه وفقاً لمصالحها، وهو ليس من «ممتلكات الزياني» أو غيره، حتى يقوم بإيقاف نشاطه على مدى الشهرين الماضيين كما يحلو له، متجاهلاً القيام بأي خطوة في سبيل وقف الأزمة الخليجية! .. وأريد تذكير عبداللطيف الزياني بأنه عندما تولى منصبه في «الأمانة العامة»، في أبريل عام ٢٠١١، قال في حوار صحفي إن «طموحاته تتمثل في جعل كل مواطن يشعر أن العمل الخليجي المشترك يهمه، ويمثل إضافة له، ويشكل مسؤولية عليه، ومن ثم يسعى للحفاظ على المجلس وتعزيز دوره». .. وأقولها بصراحة؛ إننا في قطر لم نعد نشعر بذلك، بسبب الحصار الجائر المفروض علينا، من جــــانب ٣ دول أعضـــاء في «مجلس التعاون»، في ظل غياب «الأمين العام»، وانشغاله بالدوران في «سكيك المحرق»! لقد أثبت عبداللطيف الزياني أن موقفه تـــجاه الأزمة الخليـــجية «ليس لطيفاً»، وأن أداءه «ليس زيناً» ولا أقول «رزيناً»، وأثبت أيضاً من موقعه في «الأمانة العامة» أنه «لم يكن أميناً» في تعامله مع القطريين، والأزمة المحيطة بهم، والتي تلقي بانعكاساتها على مستقبل «مجلس التعاون». .. وكنا ننتــظر منــــه أن يـــــقرأ الأحــــــداث العــــاصــــفة التي تشــــــهدهـــا المنطـــقة، «بعـــــين الأميـــــــن» الحـــريص عـــــلى إدارة الأمانة العامة لمجلس التعاون، وبرؤية المسؤول الخليجي، المتمسك بوحدة الصف الخليجي. .. وما من شك في أن الأداء السلبي للأمين العام تسبب في تهميش دور «مجلس التعاون»، الذي عقدت عليه شعوب المنطقة آمالها في تعزيز قوتها، وتوطيد لحمتها، وترسيخ أمنها. .. وكنا نأمل من «الزياني» التحرك لاحتواء تداعيات الأزمة الخليجية، استناداً على نجاح سابقيه في مواجهة الأزمات التي اعترضت مسيرة المجلس، وما أكثرها. .. وأستطيع القول إن عبداللطيف بن راشد الزياني يستحق أن يوصف بأنه «صاحب أسوأ أداء في مجلس التعاون»، من بين جميع «الأمناء» الذين تعاقبوا على تولي منصب «الأمين العام»، وواجهوا الكثير من التحديات الإقليمية والدولية، ونجحوا في التعامل معها. لقد تولى منصب الأمين العام لمجلس التعاون أربعة أمناء قبله، أولهم كان الكويتي عبدالله يعقوب بشارة، الذي شغل منصبه لمدة ١٢ عاماً متتالية، منذ تأسيس المجلس عام ١٩٨١ حتى ١٩٩٣، تلاه الإماراتي الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي (١٩٩٣ ١٩٩٦)، ثم السعودي جميل إبراهيم الجحيلان (١٩٩٦ ٢٠٠٢)، وبعده القطري عبدالرحمن بن حمد العطية (٢٠٠٢ ٢٠١١)، وكل واحد من هؤلاء ترك بصمته الإيجابية على أداء المجلس، باستثناء «الزياني». لقد واجه «الأمين العام الأول» صعوبات تأسيس المجلس، وتثبيت أركانه، وإعلاء بنيانه، وترسيخ مكانه على خريطة المنظمات الدولية. .. واستثـــمر عبــــــدالله يعقوب بشـــــارة كـــــل ما لديـــــه مــــــن خبرات دبلوماسية، ومهارات إعلامية وعلاقات دبلوماسية، لحشد المجتمع الدولي خلال الأزمة الأخطر التي واجهت المجــــلس، وهي غزو العراق لدولــــة الكويـــت الشقيــقة، وكـــــان قريــــــباً مـــــــن القيادات الخليجية، بارعاً في استثمار التحديات التي اعترضت مسيرة المجلس، لتكون منطلقاً لتطويره، وليس لتدميره. أما الأمين العام الثاني الشيخ فاهم القاسمي، فرغم الفترة الزمنية القصيرة التي تولى فيها مسؤولياته في «الأمانة العامة»، إلا أن المجلس في عهده استطاع إحالة النزاع الحدودي القطري ــ البحريني رســــمــــياً إلى محكــــمة العـــــدل الدوليــــة عـــــام ١٩٩٤، بــــعد فشل الوساطة السعودية في حله. كما تولى متابعة وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بقضية الغزو العراقي لدولة الكويت الشقيقة، ورعاية المطالب الكويتية لدى العراق، المتمثلة في حل قضية الأسرى والمرتهنين، والتعويضات المستحقة، وترسيم الحدود العراقية ــ الكويتية. .. وبعده جاء الأمين العام الثالث جميل الجحيلان، الذي جمع في شخصيته ثلاثية الخبرات السياسية والدبلوماسية والإعلامية، فحافظ على استمرارية المجلس، كواحد من أهم التكتلات الإقليمية. .. وفي عهـــــــده صــــدر حكـــــم «محكمة العـــــدل الدوليــــة»، بشــــأن النزاع الحدودي بـــين قطـــــر والبـــــحريـــــــن عام ٢٠٠١، ولا أنــــــسى أنني كـــــنت حاضـــــراً في المحكـــــمة بمــــــقرها فــــي «لاهــــــاي»، لحـــظـــــة النــــــطـــــق بالحـــــكـــــم التـــــــاريخـــي، وبـــعــــده تعانقنا مع الوفد البحريني عناق الأشقاء، ترحيباً بالحكم الدولي، الذي شكل نموذجاً لحل النزاعات الحدودية بين الدول، كما تم في عهد «الجحيلان» تسوية معظم الخلافات الحدودية الأخرى بين دول المنطقة. .. ولاننسى أن «جميل الجحيلان» قاد حملة إعلامية مضادة، في أعقاب تفجير برجي «التجارة العالمي» في نيويورك، لتحسين صورة الدول التي تورط مواطنوها في تلك الأحداث الإرهابية، مطالباً الغرب بعدم التسرع في توجيه اتهاماتهم للدول الخليجية. .. ونصل إلى الأمين العام الرابع، الأخ الكبير والصديق العزيز عبدالرحمن بن حمد العطية، الذي نجح في تسوية الكثير من الملفات، والتعامل مع العديد من التحديــــــات الإقليمــــية، وأبــــــرزها العدوان الأميركي على العراق، وتصاعد أزمة الملف النووي الإيراني، وتنامي التهديدات الإرهابية. لقد اتسمت فترة العطية في الأمانة العامة لمجلس التعاون بالأداء الدبلوماسي الرفيع، فكان مبادراً بالدفاع عن مصالح دول المجلس دون تردد، أو تلكؤ أو تأخر، وكان حاضراً ومحاضراً في العديد من الفعاليات الدولية. .. ويحسب له مساهمته الإيجابية في تبني «مجلس التعاون» استراتيجية خليجية شاملة لمكافحة الإرهاب، تجسدت في الاتفاقية الصادرة بتاريخ الخامس من إبريل عام ٢٠٠٤، التي صادقت عليها قطر، كما تولى التنسيق بين «دول المجلـــس» لإنشاء مركز دولي لمحاربة الظاهرة الإرهابية، وهو ما أقرته القمة التشاورية، التي عقدت في مايو عام ٢٠٠٦. .. وعلى هذا الأساس وغيــــره تتضـــــح الفـــوارق في الأداء بين «الأمناء» الذيــــــن تعاقــــــــبوا على تــــــولي منصـــــــــــب «الأمــــــيـــن العــــام» لمجـــــــلـــــس التــــــعــــاون، ونـــــظـــــيرهــــــم الحــــالي عبداللطيـــــف الزيــــانـــي، صاحب الأداء السلبي، الذي ظهر جلياً خلال الأزمة الخليجية الراهنة، حـــيث أثبــــت أنه يفتـــقد دهـــــاء عبدالله يشارة ومفاهيم فاهم القاسمي، وذكاء جميل الجحيلان، كما يبدو واضحاً أنه لا يملك العلاقات الواسعة، والخبرات الدبلوماسية المتراكمة، في شخصية الدبلوماسي القطري المخضرم عبدالرحمن بن حمد العطية. .. ونـــــظــــــــراً لخــــــــروج عبــــداللــطيــــف الـــزيــــاني مـــــــــن الـــبــــــاب الواسع للأزمة الخليجية، واطلالته المفاجئة من «دريشة» الأزمة اليمنية، يستحــــق الأميـــــن العام لمجلـــــــس التعــــــــاون أن نـــــقــــول لــــــه «يا الزياني شدعوة»! نقولها له من قطر وبيوتها وأهلها وسكانها وساكنيها، على طريقة الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، بصوت إبراهيم حبيب، دون أن نـــــدور بحثــــا عن «الأميــــن العــــام» في الريـــــــاض، أو في «دواعيس المحرق»، لإشعاره بضـــــرورة القــــــيام بواجبـــاته، لحل الأزمة الخليــــــــجية، مثلما فعل يوم الأربعـــــاء الماضي، عنـــدمـــــــا اجتــــــمع مــــع «إســـــماعيل ولـــــــد الشـــــيخ» محـــاولاً إحياء العملية السياسية على الساحة اليمنية, ولسان حاله يردد الأغنية التي يحبها اليمنيون ويقول مطلعها «مقدر والنبي اودعك، خدني يا حبيبي معك، مثل الظل أنا بتبعك، حتى لو طلعت القمر»! أحمد علي مدير عام صحيفة الوطن القطرية
قارن عبد الله يعقوب بشارة مع:
ما هي الدول التي تتحدث صحافتها عن عبد الله يعقوب بشارة؟
شارك صفحة عبد الله يعقوب بشارة على