دي أو

دي أو

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بدي أو؟
أعلى المصادر التى تكتب عن دي أو
محمد شرين الهوارى يكتب السوق الحرة المُدعمة تعجبت فى الحقيقة عندما سمعت عن توصل الحكومة إلى اتفاق لتعويض شركات المقاولات عن فارق سعر العملة ما بعد تعويم الجنيه بالنسبة للعقود التى أُبرمت معها قبل ٣ نوفمبر ٢٠١٦. وتعجبت أكثر من خبر إضافة فروق العملة التى كانوا يدفعونها كبار المستوردين (سواء مستوردى السلع الجاهزة أو من يجلبون خامات الإنتاج المحلى من الخارج) ما قبل تحرير سعر الصرف إلى الوعاء الخاضع للضريبة، وأثار دهشتى كذلك تدخل الدولة وحل مشكلة فروق العملة للمديونيات الدولارية التى تقل عن ٥ ملايين دولار أو ما يعادلها بأى عملة أخرى وتم صرفها فى وقت سابق على التعويم وأيضاً الحديث عن فعل الشىء نفسه مع مديونيات العملة الأجنبية التى تزيد على هذا الحد. فهى جميعها فى الواقع إجراءات قد يكون لها ما يبررها عملياً وقد تنقذ شركات عديدة من خسائر جمة وبما ربما يصل إلى الإفلاس وقطع الأرزاق، سواء بالنسبة لصاحب المنشأة أو العاملين بها، ولكن فى الوقت نفسه يطرح ما يحدث تساؤلات جادة حول الفكر الاقتصادى أو الفلسفة الاقتصادية لهذه الحكومة وما إذا كان هناك خط واحد تسير عليه أو منهج واضح ومتسق تتبعه أم أن الأمور تسير بشكل عشوائى وتُتخذ بالتالى القرارات بالقطعة دون أن يكون لها إطار متكامل يحيط بها لتصل فى النهاية إلى غايات أكثر شمولاً. لست معترضاً من حيث المبدأ على أن تقوم الدولة بمساندة شركات القطاع الخاص فى ظروف اقتصادية استثنائية كالتى نشهدها الآن، ولكن أن يصل الأمر إلى حد قريب جداً من الدعم النقدى المُباشر لتتلافى تلك الشركات آثار الإجراءات الإصلاحية التى تطبقها الحكومة بينما لا يحدث ذلك للمواطنين البسطاء، خاصة أفراد الطبقة الوسطى، إلا بقدر ضئيل للغاية، فهذا هو ما يتعدى فهمى المتواضع. أليست هذه هى الدولة التى تحدثنا ليل نهار عن ضرورة تجرع الدواء المر وتنادى بالسوق الحر الخاضع لميكانيزمات العرض والطلب؟ أليست هذه هى الشركات التى ظلت لسنوات تربح الملايين والمليارات فى بعض الأحيان ويُمكن بالتالى لمعظمها تحمل البعض من الخسارة دون التلويح بتسريح العمالة ولا مُطالبة الحكومة بدعمها؟ صحيح أن الولايات المتحدة الأمريكية، على اعتبار أنها أعلى النظم الرأسمالية فى العالم، أقدمت حكومتها على مساندة الشركات العملاقة المٌتعثرة عدة مرات منذ صدور قانون قروض الطوارئ عام ١٩٧١، ولكن هذه المساندة دائماً ما كانت تأتى على شكل تسهيلات مصرفية واجبة السداد أو من خلال شراء الدولة لبعض أصول الشركات التى تواجه ضائقة مالية من خلال برنامج «المساعدة فى التخلص من الأصول المتعثرة» – «Troubled Asset Relief Program» الذى أطلق عام ٢٠٠٨ إبان الأزمة الاقتصادية العالمية. ربما يوجد هناك البعض من المنطق فى التعامل مع الديون الدولارية القديمة من خلال مبادرة البنك المركزى لأن الدولة فى النهاية لا تُسقط هذه الديون عن المدين ولا تدفعها بالنيابة عنه، بل تعيد جدولتها فقط، لكن أن تقوم الدولة بالتنازل عن جزء من إيراداتها السيادية بزعم أن المستوردين كانوا يشترون العملة من السوق السوداء بأسعار أعلى من قيمتها الرسمية ولم يستطيعوا بالتالى إدراج القيمة الفعلية فى دفاترهم المحاسبية لأنهم فى لحظتها كانوا يرتكبون عملاً يجرمه القانون ويتربحون منه، فهذا درب من دروب العبث غير المفهوم بالمرة. وينطبق الأمر نفسه على مسألة شركات المقاولات التى تعاقدت بكامل إرادتها الحرة على تنفيذ مشروعات بعينها بأسعار مُحددة ثم تتغير هذه الأسعار بقدرة قادر فى عشية وضحاها لأن قيمة المُدخلات ارتفعت ويتم بالتالى تمرير الزيادات كاملة إلى المستهلك النهائى الذى يقف عارياً فى البرد القارص دون حماية ولا تعويض. الموضوع فى الواقع شديد البساطة يجب على الحكومة أن تتخذ قراراً واضحاً، إما أن تلعب دوراً مباشراً كفاعل رئيسى فى المنظومة الاقتصادية وتكُف بالتالى عن استخدام عبارة «السوق الحر» وتحمى منتجيها ومستهليكها على حد سواء من خلال التسعير الجبرى وما شابه أو أن تترك كل حى لمصيره وتراهن على قوى السوق لتحل هى المعضلة أى كان. وهذا وذاك أفضل من «الرقص على السلم».
قارن دي أو مع:
شارك صفحة دي أو على