حمد بن خليفة آل ثاني

حمد بن خليفة آل ثاني

حمد بن خليفة بن حمد بن عبد الله بن جاسم بن محمد بن ثاني (١ يناير ١٩٥٢ -)؛ أمير دولة قطر السابق. تولى الإمارة في ٢٧ يونيو ١٩٩٥م، بعد قيامه بانقلاب أبيض على والده أمير دولة قطر آنذاك خليفة بن حمد آل ثاني، حتى تنازله عن الحكم لابنه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في ٢٥ يونيو ٢٠١٣م. ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بحمد بن خليفة آل ثاني؟
أعلى المصادر التى تكتب عن حمد بن خليفة آل ثاني
٤ "سيناتورات" في "الكونغرس القطري" .. نقلة نوعية في "مجلس الشورى" ...................................................................... أحمد علي يكتب في كلمة صدق صانع الأجيال .. وصانعة الرجال ..................................................................... الحراك النسائي الإيجابي يصب في إطار جهود "صاحبة السمو" الدائمة .. ومبادراتها الداعمة ...................................................................... "تميم المجد" الداعم الأول للمرأة القطرية لأنها ركيزة الأسرة الصالحة ......................................................................... استوقفتني صورة، ليست كغيـــرها من الصور، فــــهي مليئة بالمعـانــي والعبـــر، وذلك لأنك عندما تتأملها تخطف بصرك، وتخاطب بصيرتك. هذه الصورة المنشورة على صدر الصفحة تفيض في تفاصيلها بالكثير من الدلالات الاجتماعية، وتحفل في أبعادها بالعديد من القيم المجتمعية، التي تعكس بعداً سديداً، ونموذجاً فريداً من نماذج الأسرة القطرية، بطرفيها المؤسسين الشريكين أباً وأماً. هــــذا النمــوذج العــــائلي يمـــثل النـــواة الصلـــبـــة في بنياننا الوطني، حيث تقف الأم «الوالدة العظيمة»، جـــنباً إلــى جنــــب مــع الأب «الوالد الجليل»، تــشاركــــه مســــيرة البنــاء والنماء والولاء والانتماء والعطاء لهذا الوطن المعطاء. .. وعندما نتأمل سوياً بعيوننا الفاحصة، ورؤيتنا الشاخصة تفاصيــــل الصورة المذكورة، بعـــيداً عن إطارهــــــا الرســــمي الجامـــــع لصــاحــــب الســــمو «الأميــــر الوالـــد» الشـــيخ حمــد بن خليفة آل ثاني، و«صاحبـــة السمـــو» الشـــيخــة مــوزا بنــت ناصـــر، نجــدها تجــــمع فـــــي إطـــارها الوطــــني صــانع الأجيال وصانعة الرجال. .. وما من شك في أن صاحب السمو «الأمير الوالد» ــ حفظه الله ــ صنـــــع عـــلى مــــدى العقـــدين الماضــيين أجيالاً واعدة من القادة الشباب، الذين يتبوأون حالياً مناصب قيادية، في مختلف قطاعات الدولة، ومنحهم زخماً لا ينضب مـــن صفـــاته القيادية، المتمــــثلة فــــي الاستــــــقلالية ورفـــض التبعـــية، والــقدــرة عــــلـــى مواجهة التحدي، والتصدي، وعدم التعدي، يتقدمهم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الذي يعكــــس في شخصيته عنـــــوان بــل عنــــفوان قـــطـــر، وروحــها وطموحها، وحاضرها ومستقبلها. كل هذه الصفات والسمات نجدها حاضرة بكل ثبات في شخصية أميرنا «تميم المجد»، ولمسناها ظاهرة قولاً وفعلاً، في خطابه غير المسبوق بجرأته، الذي ألقاه في افتتاح دور الانعقاد العادي السادس والأربعين لمجلس الشورى، ويمكنني تلخيصها في النقاط التالية، حيث خاطب سموه الحاضرين قائلا تريد دول الحصار إشغالنا في الجبهات التي تفتحها ضد قطر في كل مكان، بحيث تتعطل سياساتنا الداخلية والخارجية، ولكن هذا لن يكون. نحـــن لا نخــــشى مقاطــــعة هــــذه الدول لنا، فنحن بألف خير من دونها. المجتمع القطري يعرف كيف يعيش حياته، ويزدهر ويتطور سواء أطال الحصار أم قصر. الإجـــــــراءات التي اتخذتـــــها دول الحصــــار هـــدفت إلى إحداث صدمة ســــياسية، تؤثــــر على استــــــقرار قطــــــر، وتجــــبرنا عـــــلى قبــــول الوصـــــاية، والتخـــلي عـــن اســــتقلالــــنا، لكنــــهـــــا أخطأت في عدم تقدير إرادة الشعب القطري. .. ولأن الوفاء من السمات المتوارثة في الشخصية القطرية، فقد ظهر ذلك جلياً في خطاب «صاحب السمو»، عندما وجه الشكر إلى سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، على ما يبذله من جهد في الوساطة الكويتية لحل الأزمة الخليجية، مقدراً حكمته وإرادته الصلبة، وحرصه على مستقبل مجلس التعاون. .. ورغم ظروف الحصار فقد حرص «صاحب السمو» أن يزف البشرى إلى شعبه الوفي، معلناً أن الحكومة تعكف حالياً على إعداد الانتخابات لمجلــــس الشورى، وتجــــهيـــــز مشروعات الأدوات التشــريعية اللازمــــة لذلــــك الاستحقاق الانتخابي، على نحو يضمن سير هذه الانتخابات بشكل مكتمل، مصارحاً شعبه أن ثمة نواقص وإشكاليات قانونية لا بد من التغلب عليها، لكي تكــــــــون انتــــخـــابــات مجلـــس الــــشورى منصفة، دون الحاجة إلى تعديلها كل فترة. لقد امتاز خطاب «صاحب السمو» بالصراحة والصرامة، والشهــــــامــة والكرامـــة، والعـــزة والاعتـــزاز بالنفـــس، والشموخ وعدم الرضوخ، وهي صفات تزرعها الأم القطرية في نفوس أبنائها، وترضعها لهم في حليبها. .. وعندما أكتب عن الأم القطرية، فإنني أستمد النموذج من «صاحبة السمو» الشيخة موزا بنت ناصر، التي تحـــــرص دومــــاً على الظهــــور، باعـــتبارهـــا المربية الفاضلة لأسرتها، والأم الكبيرة لوطنها قطر. .. وإذا كان العطاء عنوان الأمومة فإن «صاحبة السمو» هي أم القطريين جميعاً. .. وإذا كانت التضحية رمز الأمومة، فإنها بتضحياتها هي «أم الوطن القطري» بمختلف مكوناته، على امتداد مساحته المحددة رقمياً بمساحة ١١٥٧١ كيلومترا مربعا، الكبيرة معنويا، والتي تتعدى كل حدود، ولا تقف أمامها أي عوائق أو سدود. .. وإذا كانت التربية الصالحة هي التي تصنع الرجولة، فإن سموها من خلال مبـــادراتها التـــربويـــة، هــــي المربية الفاضلة، وهي صانعة الرجال بلا جدال، خلال العقدين الماضيين في كل الأجيال. .. وما من شك في أن صورة «صاحبة السمو» المنشورة على الصفحة، ترسخ حقيقة أن «المرأة نصف المجتمع»، بل تؤكــــد أنهــــا أم مجتمــعـــها، وصـــانعة رجـــالــــه، ومربية أجياله، وملهمة أبطاله وقياداته، رجالاً ونساء. لقــــد أدركــــــت ســــموهـــــا أن صــــناعـــة الـــتاريـــــخ ليست حكراً على الرجال، وأن المرأة القطرية تستطيع أن تؤدي دوراً حضارياً في هــــذا المجال، ولــــهذا كــــــان تركيزها الأكبر على تفعيل مشاركات المرأة القطرية، خارج إطار أدوارها التقليــدية، عبر تفعيل دورها كمواطنة فاعلة في وطنها، متفاعلة مع قضاياها الوطنية. .. وعلى مدى العشرين عاماً الماضية ويزيد، بذلت «صاحبة السمو» جــــهوداً كبـــــيرة للنهوض بأوضــــــاع المرأة القطــرية، فأصبحنا نجـــدها تشارك اليوم بحيوية وفاعلية في جميع المواقع القيادية. .. وأستطيع القول إن تعيين ٤ سيدات فاضلات في «مجلس الشورى» يعد ثمرة من ثمار «السدرة الكبيرة»، التي زرعتها «صاحبة السمو» الشيخة موزا بنت ناصر، منذ أكثر من عقدين من الزمن، في «ليوان» بيتنا القطري «العود»، وهي شجرة مثمرة، وارفة الظلال، يستظل بظلها النساء والرجال، وسائر الأجيال. لقد جاءت هذه الخطوة في توقيت مهم للغاية، والبلاد تشهد حصاراً ضارياً ضاغطاً على المجتمع القطري، بكل مكوناته رجالاً ونساء، لكن قيادتنا الرشيدة، بفضل توجهات وتوجيهات حضرة صاحب السمو الشــــيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وحرصاً من ســـموه على تعزيز شخصية المرأة القطـــــرية، وتأكــــيد حضورها في وطنها، تأكيداً على تحضرها في مجتمعها، آثر أن يمنحـــها دوراً أكبــــر فــــــي صنـــــع القـــرار، فـــــي إطـــار آلية وميكانيكية صناعته داخل «مجلس الشورى»، دون انحياز لجنس على آخر. .. وهذا ما عكسه القرار الأميري رقم (٢٢) لسنة ٢٠١٧، الذي يعد خطوة غير مسبوقة في تاريخ المشاركة الشعبية في البلاد. .. وما من شك في أن العضــــويـــــة النــــسائيــــة في مجلس الشورى لا تعني مجرد مشاركتها التشريعية فحسب، بل تتعداها، لتشمل عرض الرأي ومناقشته، وصناعة القرار وصياغته، في إطار عملية التنمية الشاملة، بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها. .. وبهذه الخطوة التي تعد الأولى من نوعها، حصلت المرأة القطرية على حقوقها التشريعية غير ناقصة، وحققت شراكتها البرلمانية غير منقوصة أو منقوضة، رغــــم أنهـــا لـــم تكــــن يـــومــاً منفصلــة عن دائرة صنع القرار السياسي في وطنها، عبر وجودها وتمثيلها في «مجلس الوزراء» الموقر، ومـــــشاركتهـــا الايجابيــــة الميدانيــة في «المجلس البلدي». .. ولعل ما يزيد من فاعلية الدور الحضاري الذي تحظى بـــــه المـــرأة القطريــة حالياً، أنه يندرج ضمن رؤية شاملة تتبناها دولتنا، بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الذي يعتبر الداعم الأول للمرأة القطرية، باعتبارها تشكل نــــــواة الأســـرة الصالحـــة، وهذا ما يزيد من فاعلية دورها، ويوسع من تأثيرها على الساحة الوطنية. .. ويؤمن «صاحب السمو» أن الإنسان القطري ــ ذكراً وأنثى ــ هو محور البناء التنموي، وهو مرتكز الوجود الحضاري، وأن بناء المواطـــــن، هو الركـــيزة الأولى فـــي بناء الوطن. .. وانطلاقاً من ذلك، حرص أميرنا «تميم المجد» على بذل كل جهد لبناء الإنسان القطري ــ رجلاً وامرأة ــ وتطويـــــره علمـــياً وعملـــياً، وتنمـــية قـــــدراتــه، وتفعيل طاقاته، باعتبار أن ذلك يشكل أهم وسائل نهوضنا الوطني، ونهضتنا الحضارية. .. وعلى هذا الأساس، حرصت قطر على مدار السنوات الماضية على إعــــــداد المواطـــن القطـــري الأكثر علماً، والأكبر وعياً، والأغزر ثقافياً, والأوسع معرفياً، خارج إطار البحث عن البناء الأطول، والمعمار الأضخم، وهذا هو الأهم، انطلاقاً من أن الدول التي تستثمر علمياً وعملياً في بناء البشر، تحقق عائداً استثمارياً أفضل من تلك المشغولة في رص الحجر. .. ولهـــــــذا ركـــزت صاحــــبة الســــمو الشــــــيخـــة موزا بنت ناصر على تدشين «المدينة التعليمية»، وتطوير التعليم، باعتـــــبــاره الاستثمار الأضمن، وحــرصـــت على استنهاض المرأة القطرية، لتلعب دورها في مسيرة التنمية العلمية، في مختلف المجالات التنموية. .. ويكفي التوقف عند مؤتمر «وايز» للابتكار في التعليم، المنعقد حالياً في الدوحة، وقامت بافتتاحه «صاحبة السمو» الشيخة موزا بنت ناصر، بحضور السيدة أمينة أردوغان حرم فخامة الرئيس التركي، بمشاركة حوالي ٢٠٠٠ مشارك يمثلون ١٠٠ دولة، لتأكيد ما يعنيه العلم والتعليم في دولتنا، قيادة وشعباً. فهذا المؤتمر العالمي ينعقد تحت عنوان «بين التعايش والإبداع»، لاستكشاف الأفكار وتبادلها، والتعاون من أجل العمل الإبداعي في مجال تطوير الحركة التعليمية، واقتراح الحلول للتحديات التي تواجه التعليم، حاضراً ومستقبلاً. وليــــس ببعيـــد عـــــن قـضايا التعليــم فـــقـــد حـــظي ملف المرأة القطرية باهتــــمام خـــاص فــــي فــــكر «صاحبة السمو»، وكان ولا يزال يشكل أولوية من أولوياتها، ومنهجاً عملياً من مناهجها، وركيزة أساسية في مبادراتها، التي ساهمت في تحقيق المرأة القطرية الكثير من إنجازاتها ونجاحاتها، التي تتمتع بها حالياً في مختلف المجالات. .. ولست بحاجة إلى استعراض النجاحات التي حققتها المرأة القطرية ــ وما أكثرها ــ بفضل دعم وتشـــجيع «صاحبة السمو»، في جميع المناصب التي شغلتها، والمواقع التي تبوأتها، ويكفي أنها أصبحت عنصراً فاعلاً في مجتمعها، متفاعلاً في محيطها، مساهماً بإيجابية في مسيرة وطنها. .. وما من شك في أن دخول ٤ «سيناتورات» في «الكونغرس القطري»، وأقــــصد بــــذلك تعييـــن العضوات الأربع في «مجلس الشورى»، وهن السيدات الفاضلات حصــــــة سلطـــان الجـــابــــر، وعائشــــة يوســـف المناعـــي، وهند عبدالرحمن المفتاح، وريم محمد المنصوري، يـــشكـــل علامة فارقة في تطور الحركة النسائية في البلاد. .. ولعل ما يدفعني لإطلاق مسمى «السيناتور» على أعضاء المجلس الموقر، رجالاً ونساء، أن هذه التسمية تطلق على أعضاء «مجلس الشيوخ» الأميركي، تأكيداً على رفعة مكانتهم، باعتبارهم نواباً يمثلون شعبهم، فكيف عندما تتشرف المرأة القطرية بنيل هذا الحق التشريعي والشرف البرلماني؟ .. وما كان لكل هذا الحراك النسائي الإيجابي أن يتحقق لولا جهد «صاحبة السمو»، ومبادراتها الداعمة للمرأة القطرية، على مدى العشرين عاماً الماضية، التي استطاعت من خلالها أن تمازج بين ثقافتها الإسلامية، وتقاليدها الاجتماعية، فأصبحت نموذجاً مشرفاً، لنجاحها في المزج المتوازن المتزن بين أصالتها وحداثتها. .. وتقديراً لهذا الإنجاز الوطني الحضاري، الذي يرسخ بعداً جديداً للنقاش الحواري، داخل «مجلس الشورى»، بمشاركــــــــة المــــرأة القطــرية، أتــــشرف بتــوجــيه التهنئة الخالـــــصة المخلـــــصة إلى «صاحـــــبة السمو»، وفاء وعرفاناً وإجلالاً واحتراماً، لكل ما قدمته وتقدمه لوطنها وشعبها، وللحركة النسائية في البلاد. .. والتهنئة موصولة إلى «السيناتورات الأربع»، عضوات «الكونغرس القطري»، لفوزهن بالثقة الأميرية، التي أوصلتهن إلى منصة مؤسستنا التشريعية، مما يثبت جــــدارة المــــرأة القطرية، وقـــدرتها على تحمل مسؤولياتها الوطنية، وممارسة دورها في الرقابة الواعية المسؤولة علـــى أداء أجهــــزتــنا التنفيـــذية، وطــــــرح مشاريع القوانين التي تصب في مصلحة الوطن، في إطار مبدأ «الشـــــورى»، وهو مبــــدأ شــــرعــــي مـــن مــبادئ الحكم الإسلامي، يستمد مشروعية من القرآن الكريم ويؤكد ذلك قوله تعالى «وأمرهم شورى بينهم». .. وهو منهاج مرتبط بالعقيدة والشريعة، كما أنه قاعدة عميقة الجذور في كيان المجتمع المسلم، الذي يحث على التشاور، وتقليب الآراء، وتغليب وجهات النظر المناسبة، في مختلف الموضوعات وسائر الملفات الوطنية من أجل تحقيق أفضل النتائج. .. ووســـــــط الأصـــداء الإيجـــابيــــة الــــــتي تحــــظى بـــــها الخطوة القطرية، يــــبقــــى التـــــوقـــف عـــــنـــد معــــــــانـــاة الكثيـــر من النســـاء في المنطقة، اللـــواتي توقفت طموحـــاتــــهن بعـــد «مكرمة» الســـماح لـــهن بقيادة السيارة، على حلم الحصول على «الليسن»، لسياقة «وانيت العراوي» المزود بأربع «رفارف وردية»، حيث يسعين لتحقيق الحلم الأكبر المتمثل في ممارسة هواية «التفحيط» أو «التفحيص» أو «التحفيص» من باب اللهو والتسلية، بعيداً عن الأعين، في شارع «التحلية»! أحمد علي مدير عام صحيفة الوطن القطرية
أحمد علي يكتب في كلمة صدق صانع الأجيال .. وصانعة الرجال ٤ "سيناتورات" في "الكونغرس القطري" .. نقلة نوعية في "مجلس الشورى" الحراك النسائي الإيجابي يصب في إطار جهود "صاحبة السمو" الدائمة .. ومبادراتها الداعمة "تميم المجد" الداعم الأول للمرأة القطرية لأنها ركيزة الأسرة الصالحة الوطن استوقفتني صورة، ليست كغيـــرها من الصور، فــــهي مليئة بالمعـانــي والعبـــر، وذلك لأنك عندما تتأملها تخطف بصرك، وتخاطب بصيرتك. هذه الصورة المنشورة على صدر الصفحة تفيض في تفاصيلها بالكثير من الدلالات الاجتماعية، وتحفل في أبعادها بالعديد من القيم المجتمعية، التي تعكس بعداً سديداً، ونموذجاً فريداً من نماذج الأسرة القطرية، بطرفيها المؤسسين الشريكين أباً وأماً. هــــذا النمــوذج العــــائلي يمـــثل النـــواة الصلـــبـــة في بنياننا الوطني، حيث تقف الأم «الوالدة العظيمة»، جـــنباً إلــى جنــــب مــع الأب «الوالد الجليل»، تــشاركــــه مســــيرة البنــاء والنماء والولاء والانتماء والعطاء لهذا الوطن المعطاء. .. وعندما نتأمل سوياً بعيوننا الفاحصة، ورؤيتنا الشاخصة تفاصيــــل الصورة المذكورة، بعـــيداً عن إطارهــــــا الرســــمي الجامـــــع لصــاحــــب الســــمو «الأميــــر الوالـــد» الشـــيخ حمــد بن خليفة آل ثاني، و«صاحبـــة السمـــو» الشـــيخــة مــوزا بنــت ناصـــر، نجــدها تجــــمع فـــــي إطـــارها الوطــــني صــانع الأجيال وصانعة الرجال. .. وما من شك في أن صاحب السمو «الأمير الوالد» ــ حفظه الله ــ صنـــــع عـــلى مــــدى العقـــدين الماضــيين أجيالاً واعدة من القادة الشباب، الذين يتبوأون حالياً مناصب قيادية، في مختلف قطاعات الدولة، ومنحهم زخماً لا ينضب مـــن صفـــاته القيادية، المتمــــثلة فــــي الاستــــــقلالية ورفـــض التبعـــية، والــقدــرة عــــلـــى مواجهة التحدي، والتصدي، وعدم التعدي، يتقدمهم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الذي يعكــــس في شخصيته عنـــــوان بــل عنــــفوان قـــطـــر، وروحــها وطموحها، وحاضرها ومستقبلها. كل هذه الصفات والسمات نجدها حاضرة بكل ثبات في شخصية أميرنا «تميم المجد»، ولمسناها ظاهرة قولاً وفعلاً، في خطابه غير المسبوق بجرأته، الذي ألقاه في افتتاح دور الانعقاد العادي السادس والأربعين لمجلس الشورى، ويمكنني تلخيصها في النقاط التالية، حيث خاطب سموه الحاضرين قائلا تريد دول الحصار إشغالنا في الجبهات التي تفتحها ضد قطر في كل مكان، بحيث تتعطل سياساتنا الداخلية والخارجية، ولكن هذا لن يكون. نحـــن لا نخــــشى مقاطــــعة هــــذه الدول لنا، فنحن بألف خير من دونها. المجتمع القطري يعرف كيف يعيش حياته، ويزدهر ويتطور سواء أطال الحصار أم قصر. الإجـــــــراءات التي اتخذتـــــها دول الحصــــار هـــدفت إلى إحداث صدمة ســــياسية، تؤثــــر على استــــــقرار قطــــــر، وتجــــبرنا عـــــلى قبــــول الوصـــــاية، والتخـــلي عـــن اســــتقلالــــنا، لكنــــهـــــا أخطأت في عدم تقدير إرادة الشعب القطري. .. ولأن الوفاء من السمات المتوارثة في الشخصية القطرية، فقد ظهر ذلك جلياً في خطاب «صاحب السمو»، عندما وجه الشكر إلى سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، على ما يبذله من جهد في الوساطة الكويتية لحل الأزمة الخليجية، مقدراً حكمته وإرادته الصلبة، وحرصه على مستقبل مجلس التعاون. .. ورغم ظروف الحصار فقد حرص «صاحب السمو» أن يزف البشرى إلى شعبه الوفي، معلناً أن الحكومة تعكف حالياً على إعداد الانتخابات لمجلــــس الشورى، وتجــــهيـــــز مشروعات الأدوات التشــريعية اللازمــــة لذلــــك الاستحقاق الانتخابي، على نحو يضمن سير هذه الانتخابات بشكل مكتمل، مصارحاً شعبه أن ثمة نواقص وإشكاليات قانونية لا بد من التغلب عليها، لكي تكــــــــون انتــــخـــابــات مجلـــس الــــشورى منصفة، دون الحاجة إلى تعديلها كل فترة. لقد امتاز خطاب «صاحب السمو» بالصراحة والصرامة، والشهــــــامــة والكرامـــة، والعـــزة والاعتـــزاز بالنفـــس، والشموخ وعدم الرضوخ، وهي صفات تزرعها الأم القطرية في نفوس أبنائها، وترضعها لهم في حليبها. .. وعندما أكتب عن الأم القطرية، فإنني أستمد النموذج من «صاحبة السمو» الشيخة موزا بنت ناصر، التي تحـــــرص دومــــاً على الظهــــور، باعـــتبارهـــا المربية الفاضلة لأسرتها، والأم الكبيرة لوطنها قطر. .. وإذا كان العطاء عنوان الأمومة فإن «صاحبة السمو» هي أم القطريين جميعاً. .. وإذا كانت التضحية رمز الأمومة، فإنها بتضحياتها هي «أم الوطن القطري» بمختلف مكوناته، على امتداد مساحته المحددة رقمياً بمساحة ١١٥٧١ كيلومترا مربعا، الكبيرة معنويا، والتي تتعدى كل حدود، ولا تقف أمامها أي عوائق أو سدود. .. وإذا كانت التربية الصالحة هي التي تصنع الرجولة، فإن سموها من خلال مبـــادراتها التـــربويـــة، هــــي المربية الفاضلة، وهي صانعة الرجال بلا جدال، خلال العقدين الماضيين في كل الأجيال. .. وما من شك في أن صورة «صاحبة السمو» المنشورة على الصفحة، ترسخ حقيقة أن «المرأة نصف المجتمع»، بل تؤكــــد أنهــــا أم مجتمــعـــها، وصـــانعة رجـــالــــه، ومربية أجياله، وملهمة أبطاله وقياداته، رجالاً ونساء. لقــــد أدركــــــت ســــموهـــــا أن صــــناعـــة الـــتاريـــــخ ليست حكراً على الرجال، وأن المرأة القطرية تستطيع أن تؤدي دوراً حضارياً في هــــذا المجال، ولــــهذا كــــــان تركيزها الأكبر على تفعيل مشاركات المرأة القطرية، خارج إطار أدوارها التقليــدية، عبر تفعيل دورها كمواطنة فاعلة في وطنها، متفاعلة مع قضاياها الوطنية. .. وعلى مدى العشرين عاماً الماضية ويزيد، بذلت «صاحبة السمو» جــــهوداً كبـــــيرة للنهوض بأوضــــــاع المرأة القطــرية، فأصبحنا نجـــدها تشارك اليوم بحيوية وفاعلية في جميع المواقع القيادية. .. وأستطيع القول إن تعيين ٤ سيدات فاضلات في «مجلس الشورى» يعد ثمرة من ثمار «السدرة الكبيرة»، التي زرعتها «صاحبة السمو» الشيخة موزا بنت ناصر، منذ أكثر من عقدين من الزمن، في «ليوان» بيتنا القطري «العود»، وهي شجرة مثمرة، وارفة الظلال، يستظل بظلها النساء والرجال، وسائر الأجيال. لقد جاءت هذه الخطوة في توقيت مهم للغاية، والبلاد تشهد حصاراً ضارياً ضاغطاً على المجتمع القطري، بكل مكوناته رجالاً ونساء، لكن قيادتنا الرشيدة، بفضل توجهات وتوجيهات حضرة صاحب السمو الشــــيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وحرصاً من ســـموه على تعزيز شخصية المرأة القطـــــرية، وتأكــــيد حضورها في وطنها، تأكيداً على تحضرها في مجتمعها، آثر أن يمنحـــها دوراً أكبــــر فــــــي صنـــــع القـــرار، فـــــي إطـــار آلية وميكانيكية صناعته داخل «مجلس الشورى»، دون انحياز لجنس على آخر. .. وهذا ما عكسه القرار الأميري رقم (٢٢) لسنة ٢٠١٧، الذي يعد خطوة غير مسبوقة في تاريخ المشاركة الشعبية في البلاد. .. وما من شك في أن العضــــويـــــة النــــسائيــــة في مجلس الشورى لا تعني مجرد مشاركتها التشريعية فحسب، بل تتعداها، لتشمل عرض الرأي ومناقشته، وصناعة القرار وصياغته، في إطار عملية التنمية الشاملة، بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها. .. وبهذه الخطوة التي تعد الأولى من نوعها، حصلت المرأة القطرية على حقوقها التشريعية غير ناقصة، وحققت شراكتها البرلمانية غير منقوصة أو منقوضة، رغــــم أنهـــا لـــم تكــــن يـــومــاً منفصلــة عن دائرة صنع القرار السياسي في وطنها، عبر وجودها وتمثيلها في «مجلس الوزراء» الموقر، ومـــــشاركتهـــا الايجابيــــة الميدانيــة في «المجلس البلدي». .. ولعل ما يزيد من فاعلية الدور الحضاري الذي تحظى بـــــه المـــرأة القطريــة حالياً، أنه يندرج ضمن رؤية شاملة تتبناها دولتنا، بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الذي يعتبر الداعم الأول للمرأة القطرية، باعتبارها تشكل نــــــواة الأســـرة الصالحـــة، وهذا ما يزيد من فاعلية دورها، ويوسع من تأثيرها على الساحة الوطنية. .. ويؤمن «صاحب السمو» أن الإنسان القطري ــ ذكراً وأنثى ــ هو محور البناء التنموي، وهو مرتكز الوجود الحضاري، وأن بناء المواطـــــن، هو الركـــيزة الأولى فـــي بناء الوطن. .. وانطلاقاً من ذلك، حرص أميرنا «تميم المجد» على بذل كل جهد لبناء الإنسان القطري ــ رجلاً وامرأة ــ وتطويـــــره علمـــياً وعملـــياً، وتنمـــية قـــــدراتــه، وتفعيل طاقاته، باعتبار أن ذلك يشكل أهم وسائل نهوضنا الوطني، ونهضتنا الحضارية. .. وعلى هذا الأساس، حرصت قطر على مدار السنوات الماضية على إعــــــداد المواطـــن القطـــري الأكثر علماً، والأكبر وعياً، والأغزر ثقافياً, والأوسع معرفياً، خارج إطار البحث عن البناء الأطول، والمعمار الأضخم، وهذا هو الأهم، انطلاقاً من أن الدول التي تستثمر علمياً وعملياً في بناء البشر، تحقق عائداً استثمارياً أفضل من تلك المشغولة في رص الحجر. .. ولهـــــــذا ركـــزت صاحــــبة الســــمو الشــــــيخـــة موزا بنت ناصر على تدشين «المدينة التعليمية»، وتطوير التعليم، باعتـــــبــاره الاستثمار الأضمن، وحــرصـــت على استنهاض المرأة القطرية، لتلعب دورها في مسيرة التنمية العلمية، في مختلف المجالات التنموية. .. ويكفي التوقف عند مؤتمر «وايز» للابتكار في التعليم، المنعقد حالياً في الدوحة، وقامت بافتتاحه «صاحبة السمو» الشيخة موزا بنت ناصر، بحضور السيدة أمينة أردوغان حرم فخامة الرئيس التركي، بمشاركة حوالي ٢٠٠٠ مشارك يمثلون ١٠٠ دولة، لتأكيد ما يعنيه العلم والتعليم في دولتنا، قيادة وشعباً. فهذا المؤتمر العالمي ينعقد تحت عنوان «بين التعايش والإبداع»، لاستكشاف الأفكار وتبادلها، والتعاون من أجل العمل الإبداعي في مجال تطوير الحركة التعليمية، واقتراح الحلول للتحديات التي تواجه التعليم، حاضراً ومستقبلاً. وليــــس ببعيـــد عـــــن قـضايا التعليــم فـــقـــد حـــظي ملف المرأة القطرية باهتــــمام خـــاص فــــي فــــكر «صاحبة السمو»، وكان ولا يزال يشكل أولوية من أولوياتها، ومنهجاً عملياً من مناهجها، وركيزة أساسية في مبادراتها، التي ساهمت في تحقيق المرأة القطرية الكثير من إنجازاتها ونجاحاتها، التي تتمتع بها حالياً في مختلف المجالات. .. ولست بحاجة إلى استعراض النجاحات التي حققتها المرأة القطرية ــ وما أكثرها ــ بفضل دعم وتشـــجيع «صاحبة السمو»، في جميع المناصب التي شغلتها، والمواقع التي تبوأتها، ويكفي أنها أصبحت عنصراً فاعلاً في مجتمعها، متفاعلاً في محيطها، مساهماً بإيجابية في مسيرة وطنها. .. وما من شك في أن دخول ٤ «سيناتورات» في «الكونغرس القطري»، وأقــــصد بــــذلك تعييـــن العضوات الأربع في «مجلس الشورى»، وهن السيدات الفاضلات حصــــــة سلطـــان الجـــابــــر، وعائشــــة يوســـف المناعـــي، وهند عبدالرحمن المفتاح، وريم محمد المنصوري، يـــشكـــل علامة فارقة في تطور الحركة النسائية في البلاد. .. ولعل ما يدفعني لإطلاق مسمى «السيناتور» على أعضاء المجلس الموقر، رجالاً ونساء، أن هذه التسمية تطلق على أعضاء «مجلس الشيوخ» الأميركي، تأكيداً على رفعة مكانتهم، باعتبارهم نواباً يمثلون شعبهم، فكيف عندما تتشرف المرأة القطرية بنيل هذا الحق التشريعي والشرف البرلماني؟ .. وما كان لكل هذا الحراك النسائي الإيجابي أن يتحقق لولا جهد «صاحبة السمو»، ومبادراتها الداعمة للمرأة القطرية، على مدى العشرين عاماً الماضية، التي استطاعت من خلالها أن تمازج بين ثقافتها الإسلامية، وتقاليدها الاجتماعية، فأصبحت نموذجاً مشرفاً، لنجاحها في المزج المتوازن المتزن بين أصالتها وحداثتها. .. وتقديراً لهذا الإنجاز الوطني الحضاري، الذي يرسخ بعداً جديداً للنقاش الحواري، داخل «مجلس الشورى»، بمشاركــــــــة المــــرأة القطــرية، أتــــشرف بتــوجــيه التهنئة الخالـــــصة المخلـــــصة إلى «صاحـــــبة السمو»، وفاء وعرفاناً وإجلالاً واحتراماً، لكل ما قدمته وتقدمه لوطنها وشعبها، وللحركة النسائية في البلاد. .. والتهنئة موصولة إلى «السيناتورات الأربع»، عضوات «الكونغرس القطري»، لفوزهن بالثقة الأميرية، التي أوصلتهن إلى منصة مؤسستنا التشريعية، مما يثبت جــــدارة المــــرأة القطرية، وقـــدرتها على تحمل مسؤولياتها الوطنية، وممارسة دورها في الرقابة الواعية المسؤولة علـــى أداء أجهــــزتــنا التنفيـــذية، وطــــــرح مشاريع القوانين التي تصب في مصلحة الوطن، في إطار مبدأ «الشـــــورى»، وهو مبــــدأ شــــرعــــي مـــن مــبادئ الحكم الإسلامي، يستمد مشروعية من القرآن الكريم ويؤكد ذلك قوله تعالى «وأمرهم شورى بينهم». .. وهو منهاج مرتبط بالعقيدة والشريعة، كما أنه قاعدة عميقة الجذور في كيان المجتمع المسلم، الذي يحث على التشاور، وتقليب الآراء، وتغليب وجهات النظر المناسبة، في مختلف الموضوعات وسائر الملفات الوطنية من أجل تحقيق أفضل النتائج. .. ووســـــــط الأصـــداء الإيجـــابيــــة الــــــتي تحــــظى بـــــها الخطوة القطرية، يــــبقــــى التـــــوقـــف عـــــنـــد معــــــــانـــاة الكثيـــر من النســـاء في المنطقة، اللـــواتي توقفت طموحـــاتــــهن بعـــد «مكرمة» الســـماح لـــهن بقيادة السيارة، على حلم الحصول على «الليسن»، لسياقة «وانيت العراوي» المزود بأربع «رفارف وردية»، حيث يسعين لتحقيق الحلم الأكبر المتمثل في ممارسة هواية «التفحيط» أو «التفحيص» أو «التحفيص» من باب اللهو والتسلية، بعيداً عن الأعين، في شارع «التحلية»!
أحمد علي يكتب في كلمة صدق بيت من زجاج .. يسمونه «مملكة البحرين» ............................................ تقرير «الوكالة البحرينية» حول مزاعم «السيادة والأرض» يشكل انتهاكا لقرار «المحكمة الدولية» ............................................. "العدل الدولية" طوت الخلاف القطري البحريني بقرارها الملزم .. غير القابل للاستئناف ............................................ المنامة رحبت بشمولية "الحكم الدولي" والعاهل البحريني اعتبره "انتصارا تاريخيا" ............................................ من قرأ التقرير الذي بثته وكالة الأنباء البحرينية الرسمية، بعنوان «السيادة والأرض في المملكة»، يدرك جيداً أن كاتب التقرير يلعب بمادة «التيزاب»، التي حتماً ستحرق أصابعه. .. وقبل أن أشرح، بإسهاب، الملابسات، وأذكر، باستفاضة، الأسباب التي تدفعني لهذا القول، لا يحتاج الأمر إلى تأكيد، أن من يلهو بمادة «الأسيد»، المسماة «ماء النار» سيكون هذا مصيره، لأن سقوط قطرة واحدة على يده، من هذه المادة الحمضية القلوية الحارقة، سيجعله يعيش معاناة التشوه الدائم طيلة حياته. هذا إذا لم يتم قطع الأصابع المشوهة، التي صاغت ذلك التقرير، المليء بالادعاءات والغارق في المغالطات، في حال إقدام «مملكته الزجاجية» على تنفيذ الأراجيف الواردة في تقريرها، ومن بينها مزاعمها حول ما أسماه الكاتب الكاذب «حقها في مطالبة قطر بإعادة الحقوق التي سلختها من جسم البحرين على امتداد قرن من الزمن»! لقد زعم كاتب التقرير أن البحرين خسرت جزءا من كيانها السيادي، حين اقتطعت قطر من حدودها السيادية في بدايات القرن الماضي، وخسرت مرة أخرى جزءا من كيانها في الخمسينيات حين اقتطع منها البر الشــمالي، بقوة إسناد أجنبية، رسمت الحدود القطرية، فتوسعت شمالا على حساب حقوق البحرين الشرعية! وتابع «كاذب التقرير» بأن المنامة اضطرت عام ١٩٩٠ إلى عرض جزء مــــن كيانهــا الســـياسي للتحكـــــيم الدولي، مـــن أجـــــل المصلحة الجماعية، وقبلت بأن لا تطلب بمالها، في حين كانت قطر، في كل مرة، تطالب بما ليس لها! .. وخلص «بوشلاخ» التقرير، إلى أن «قطر تعمدت المساس بالسيادة السياســــية والأمنــــية للبحـــــريــن، واقتطــــعت أراضي مــــنـــا، و«من حقنا استعادتها» على حد تعبيره! .. والمؤسف أن التقرير المليء بالمغالطات يصدر من وكالة أنباء، تحمل الصفــــــة الرســـميـــة، ولهــــذا أدعو الجــــهـات المختــصة في وزارة الخارجية، وعلى رأســـــها إدارة الشؤون القانونية، لتقديم «تقرير المنامة» إلى «مجلس الأمن»، كوثيقة تدين النظام البحريني، لأن ما ورد فيه يشكل انتهاكاً لقرار «محكمة العدل الدولية»، الصادر في الــسادس عــــشر من مـــــارس عام ٢٠٠١، بشأن الخلاف الحدودي بين قطر والبحرين. كما يشكل استهتاراً، ما بعده استهتار، بالقانون الدولي، واستفزازاً، ما مثله استفزاز، لعلاقات حسن الجوار، لكونه يصدر بهذه الصورة، ويرتكز على معطيـات في غــــاية الخطورة، تلحق ضرراً بمملكة البحرين نفسها أكثر من غيرها. .. ومشكلة كاذب التقرير، أنه كتب كلاماً لا يستطيع إثباته، ولا يمكن لأحد تصديقه، ولا يقوى هو وغيره على تنفيذه، ويبدو واضحاً أن الذين أوعزوا لكاتب التقرير المدعو «بوشلاخ» لكتابة ما كذب، يريدون إشعال الأزمة الخليجية، أكثر من اشتعالها! .. ويكفي تذكير كاذب التقرير، بأن صدام حسين دفع ثمناً باهظاً، عندما ارتكز في خطابه على ادعــاءات «الحــق التاريـــخي»، في دولة الكويت الشقيقة. .. ولطالما دفعت المنطقة ثمن المغامرات الغادرة، التي تحركها الأطماع الشخصية، لتحقيق نفوذ مشبع بروح النرجسية، التي تغمر أصحابها فجأة، وتغرقهم في بحرها! .. ويخطئ كاتب التقرير وأصحابه ، إذا تصور واهماً أنه يمكن لبلاده أن تتعامل مع قطر على طريقة الأنظمة الأخطبوطية أو الاسفنجية، التي تملك القدرة على التمدد، أو امتصاص حقوق غيرها. .. وما دام أصحاب التقرير، الذي بثته وكالة الأنباء البحرينية، مغرمين بنبش التاريــــخ، ينبـــغي تذكـــيرهم بالكــــثير مــــن المواقف التاريخية، التي تشكل تهديداً لكيانهم السياسي، حتى يعلموا أن «مملكتهم» لا تعدو أن تكون «بيتا من زجاج»! .. وأريد تذكيرهم أن النخبة الإيــــرانية ما زالت تعتبر البحرين «محافظة» تابعة لجمهوريتهم، وهي تستند بذلك إلى أن طهران اعتبرت ذلك الكيان «المحافظة الرابعة عشرة» منذ عام ١٩٥٧، وقامت بتخصيص مقعدين في البرلمان الإيراني، لما يسمى «محافظة البحرين»، وكانت إيران تدعو حتى أوائل السبعينيات من القرن الماضي، إلى ضرورة القيام بعملية استفتاء لتقرير مصير الشعب البحريني، وتلبية تطلعاته نحو الاستقلال! .. وبعيداً عن الاستهبال الوارد في تقرير وكالة الأنباء البحرينية, نلاحظ أن كاذبه ــ ولا أقول كاتبه ــ يتجاهل الحكم التاريخي الصادر عن «محكمة العدل الدولية»، بشأن تسوية الخلاف الحدودي بين البحرين وقطر، وهو القرار الدولي الملزم للطرفين، وغير القابل للاستئناف، أو الاستنزاف أو الاستظراف! لقد نسي الكاتب الكاذب، أو تناسى، الترحيب الحار الذي ساد الأوســاط البحرينــية، بعـــد صدور حكــــم المحكــــمــــة، حــيث عبــر أمير البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ــ قبل أن يصبح ملكاً ــ في خطاب بثه التليفزيون البحريني، عن ترحيبه بالقرار الدولي، مؤكــداً قبول بلاده بحكم محكمة العدل الدولية في شموليته، وهو الحكم التاريخي الذي أعلن سيادة المنامة على جزر حوار وقطعة جرادة، مقابل تأكيد سيادة الدوحة على فشت الديبل والزبارة وجزيرة جنان وحد جنان. ..وفي قطــــر اعتبـــر صاحـــب السمـــــو «الأمير الوالــــد» الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وكان وقتها يتولى مقاليد الحكم في البلاد، أن قرار المحكمة يضع الأساس لعلاقات أوثق وأرحب، لا تشوبها شائبة بين قطر والبحرين، فضلاً عن أنه يعزز أمن واستقرار دولنا الخليجية، ويسهم في تقوية مجلس التعاون. .. وأكــــد ســـمـــوه ــ حــفظه الله ــ في خطــــابه التـــاريخـــي، أن القرار الدولي أنهى الخلاف القائم بين الدولتين، فأصبح جزءا من التاريخ وراء ظهورنا، داعياً إلى بدء صفحة جديدة يشارك فيها الشعبان الشقيقان في تعميق وتنظيم علاقاتهما المستقبلية، في إطار تفاعل البلدين، لما فيه مصلحتهما وخيرهما المشترك. لقد شكل حكم المحكمة حدثاً تاريخياً في المنطقة، وإنجازاً يحسب لقيادتي البلدين، وتغليباً لمنطق القانون الدولي، ولهذا لقي ترحيباً من الدول العربية والغربية، لا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وغيرها. .. ولعل ما يميز حكم «المحكــمة الدولــــية» أنه لم يمثل ربحاً أو خسارة لطــرف دون آخر، وإنما كان انتصاراً لكلتا الدولتين، وفــــوزاً لمبـــــدأ التحكيم الــــدولي، ونصراً لمســــار الإطـار القانـــــوني، بــــوصـــفه وسيلة حضارية لتسوية النزاعات الحدودية، وهو ما تتمناه الإمارات حالياً، وتسعى جاهدة لتحقيقه، لتسوية خلافها على الجزر الثلاث مع إيران. .. وبحكم حضوري جلسة النطق بالحكم، بشأن النزاع الحدودي بين قطر والبحرين، بمقر محكمة العدل الدولية، في مدينة لاهاي الهولندية، ضمن الوفد الإعلامي القطري، يمكنني التوقف عند الحقائق التالية، التي استند إليها قضاة المحكمة، برئاسة القاضي الفرنسي «جيلبار غيوم». الحقيقة الأولى أن حكام البحرين لم يمارسوا أي سلطة أو سيادة مباشرة على منطقة الزبارة، ولم تكن لهم فيها أي قوة عسكرية منذ اتفاقية عام ١٨٦٨، وبالتالي لا يمكن للمحكمة أن تقبل بوجهة نظر المنامة، بأحقيتــها في تلك المنطـــقة، ويــــزاد على ذلك، الموقف البريطاني من الأحداث التي شهدتها الزبارة عام ١٩٣٧، حيث أكدت بريطانيا أنه ليس للبحرين سيادة عليها. الحقيقة الثانية أكدت المحكمة سيادة قطر على «فشت الديبل»، الذي تغمره المياه عند حالة المد، ويظهر على السطح عند الجزر، بما في ذلك سيادتها على قاع البحر، والمياه التي تغمره، والفضاء الهوائي الفوقي الذي يشمله، مؤكدة أنه ليس هناك أي فرصة للاعتراف بحق البحرين في استخدام هذا النتوء الصخري المرتفع، لتحديد حقها في منطقة المطالبات المتداخلة بين البلدين، في تلك المنطقة الاستراتيجية، التي تقع في الشمال القطري، وتطل على حقل «غاز الشمال»، مؤكدة تمتع قطر بحقوق السيادة الإقليمية، والوظيفية على تلك المنطقة. الحقيقة الثالثة بـشـــــأن الســــيــــادة عـــلى «هـــيــرات» أو مغاصات اللؤلؤ التي تقع في المناطق البحريــة الشـــمالية، نظرت المحكــمة في الادعاء البحرينـــــي، وأكـــدت أن نشاطــــات الغـــوص بحــثاً عــــن اللؤلؤ انتهت منذ زمن بعيد، وأن المغاصات المذكورة كانت مشاعة، ولا يحق للبحرين فرض سيادتها عليـــها، مشـــيـــــرة إلى قـــــيام بريطانـــــيا بإبلاغ حــــاكم البحــــرين عام ١٩٠٣، بأنه ليس من حقه منح تراخيص مزاولة نشاط الغوص على اللؤلؤ، في تلك المناطق الخاضعة للسيادة القطرية. .. وعلى هذا الأساس القانوني، رفضت المحكمة ادعاء المنامة وجود مغاصات خاصة بها، أو خالصة لسيادتها، أو أنها كانت كائنة في شمال مياه الخليج، وقامت باستغلالها بصورة رئيسية، بواسطة صيادي الأسماك البحرينيين، أو «نواخذة» سفن الغوص في البحرين. الحقيقة الرابعة أعطت المحكمة الدولية، وهي أعلى سلطة قضائية، في إطار الأمم المتحدة، قطر، حق مرور سفنها في مياه الخليج، بين الجزر، وتحديداً بين جــــزيـــرة حـــوار، مما يعـــد منفـــذاً بحريــــاً مهـــــماً للملاحة القطرية، لا يمكن للمنامة إغلاقه في وجه الدوحة. .. واستناداً لكل هذه الحقائق وغيرها، فقد تضمن حكم المحكمة الكثير من الجوانب الإيجابية، التي أكدت حقوقنا السيادية في إقليمنا البحري، ومناطقنا المائية، وجرفنا القاري، ومياهنا الإقليمية الشمالية، ومنطقتنا الاقتصادية الخاصة بنا، الخالصة لنا، ولأجيالنا المقبلة. .. وحرصا على صيانة مصالح تلك الأجيال، فقد اضطرت قطر ــ اضطراراً ــ في الثامن من يوليو عام ١٩٩١، لتقديم طلبها بإقامة إجراءات قانونية، لحسم الخلاف الحدودي مع البحرين، حول السيادة على المناطق المتنازع عليها، في جزيرة حوار وفشت الديبل وقطعة جرادة وجزيرة جنان، وإعادة ترسيم الحدود البحرية الفاصلة بينها وبين المنامة. .. واستندت قطر، في طلبها، إلى اختصاص «المحكمة الدولية» النظر في هذه القضية، التي لم تجد حلاً لها طيلة ٦٠ عاماً من الخلاف، بمقتضى الاتفاقيتين الموقعتين في ديسمبر ١٩٨٧، وديسمبر عام ١٩٩٠، علماً بأن موضوع التزام واختصاص المحكمة ومجالها القانوني تم تحديده وفقاً للصيغة التي اقترحتها البحرين ذاتها على قطر، وتم إقرارها في قمة الدوحة لدول مجلس التعاون عام ١٩٩٠، ويشار إليها بالصيغة البحرينية. .. وفي الأول من يوليو عام ١٩٩٤ رأت محكمة العدل الدولية أن الخطابات الرسمية المتبادلة بين ملك السعودية وأمير قطر وأمير البحرين عام ١٩٨٧ بخصوص هذه القضية، إلى جانب الوثيقة التي تم توقيعها في الخامس والعشرين من ديسمبر عام ١٩٩٠، على هامش قمة الدوحة الخليجية، التي وقعها وزراء خارجية قطر والبحرين والسعودية تعد اتفاقاً دولياً ملزماً لأطرافه، وبموجبه حددت المحكمة يوم ٣٠ نوفمبر ١٩٩٤ موعـــداً نهــــائياً لتقـــديم قطر والبحرين الملفات والوثائق المتعلقة بالخلاف الحدودي بينهما. .. وفــــــي الخامـــس عـــشر من فـــبراير عام ١٩٩٥ أصدرت المحكمة الدولية حكمها بالاختصاص في النظر والفصل في تلك القضية الحدودية، التي كانت تعتبر من أهم القضايا الخلافية في المنطقة، باعتبارها أثّرت سلبياً على مشاريعها التنموية. لقد كان ضرورياً إحالة الخلاف الحدودي بـــــين قطر والبــــحرين إلى الجـــهـــــاز القـضــائـــي الــــتابـــــع للأمـــم المتحدة، المتــــمثل في «محــــكـــــمــة العـــــــدل الــــــدوليــــة»، لإســــــــــدال الســــتـــــار عــــــلــى نهاية ترضي الطرفين، وتـــضع حداً جذرياً، ونســــقاً نهائــــــياً، وإطــــاراً قانـــــونياً، وحلاً دولياً وديا، للخلاف الطويل بين الدولتين الشقيقتين. .. واستمر تداول القضية في محكمة العدل الدولية تسع سنوات، فيما يعتبر أطول نزاع حدودي ورد إليها، لدرجة أن المتحدثة باسم المحكمة وصفت الخلاف القطري ــ البحريني بأنه من أكثر القضايا جدلاً، وأكثرها حجماً، من حيث عدد الوثائق التي تم تداولها، لتصدر بعدها المحكمة، حكمها النهائي في السادس عشر من مارس عام ٢٠٠١، الملزم للطرفين، وغير القابل للاستئناف، حيث لا يجوز الطعن فيه، أو الاحتجاج عليه، من أي من الدولتين، وتلاه رئيسها القاضي الفرنسي «جيلبار غيـوم»، وكنت يومها حاضراً داخل المحكمة، وشاهدت كيف تبادل وفدنا القطري التهاني مع رئيس وأعضاء الوفد البــحريني الشــــقيق، بمـــشاركة «صاحب السمو» الشيخ تميم بن حمد آل ثاني, ولم يكن يومها قد تولى مناصبه الدستورية، حيث تولى ولاية العهد في الخامس من أغسطس ٢٠٠٣، ومقاليد الحكم أميراً للبلاد في الخامس والعشرين من شهر يونيو ٢٠١٣. .. وما من شــك في أن مكسب قطر الأكبر والأعظم والأهـم من قرار المحكمة، كان تأكيد سيادتنا على «فشت الديبل»، الذي يتميز بمقومات استراتيجية واقتصادية ضخمة، أبرزها اطلالته على حقل «غاز الشمال». .. وبهذا الواقع أو الموقع الاستراتيجي فقد حباه الله بالكثير من الثروات الطبيعية، على امتداد المنطقة البحرية الشمالية المحيطة حوله، أو الكامنة في أعماقه. .. وما من شك في أن كل هذا الازدهار، يفسر ــ باختصار ــ حالة الحقد ودرجة الحسد ضد قطر، التي تشتعل في نفوس أشقائنا الصـــــغار والكبــار، وخــــصوصاً بعـــدما منــحنا الله ــ عز وجل ــ ثروة الغاز الطبيعي، في حيـــــن لم يمنـحــوا ســـوى تعبئة «غراش المرقدوش»، وتصنيع «الآجار» البحريني من ثمار «البمبر»! أحمد علي مدير عام صحيفة الوطن القطرية
استعرض العلاقات الاخوية بين البلدين صاحب السمو يستقبل وزير الداخلية العماني الوطن أحمد علي يكتب في كلمة صدق بيت من زجاج .. يسمونه مملكة البحرين .................... تقرير الوكالة البحرينية حول مزاعم السيادة والارض يشكل انتهاكا لقرار المحكمة الدولية ....................... العدل الدولية طوت الخلاف القطري البحريني بقرارها الملزم .. غير قابل للاستئناف من قرأ التقرير الذي بثته وكالة الأنباء البحرينية الرسمية، بعنوان «السيادة والأرض في المملكة»، يدرك جيداً أن كاتب التقرير يلعب بمادة «التيزاب»، التي حتماً ستحرق أصابعه. .. وقبل أن أشرح، بإسهاب، الملابسات، وأذكر، باستفاضة، الأسباب التي تدفعني لهذا القول، لا يحتاج الأمر إلى تأكيد، أن من يلهو بمادة «الأسيد»، المسماة «ماء النار» سيكون هذا مصيره، لأن سقوط قطرة واحدة على يده، من هذه المادة الحمضية القلوية الحارقة، سيجعله يعيش معاناة التشوه الدائم طيلة حياته. هذا إذا لم يتم قطع الأصابع المشوهة، التي صاغت ذلك التقرير، المليء بالادعاءات والغارق في المغالطات، في حال إقدام «مملكته الزجاجية» على تنفيذ الأراجيف الواردة في تقريرها، ومن بينها مزاعمها حول ما أسماه الكاتب الكاذب «حقها في مطالبة قطر بإعادة الحقوق التي سلختها من جسم البحرين على امتداد قرن من الزمن»! لقد زعم كاتب التقرير أن البحرين خسرت جزءا من كيانها السيادي، حين اقتطعت قطر من حدودها السيادية في بدايات القرن الماضي، وخسرت مرة أخرى جزءا من كيانها في الخمسينيات حين اقتطع منها البر الشــمالي، بقوة إسناد أجنبية، رسمت الحدود القطرية، فتوسعت شمالا على حساب حقوق البحرين الشرعية! وتابع «كاذب التقرير» بأن المنامة اضطرت عام ١٩٩٠ إلى عرض جزء مــــن كيانهــا الســـياسي للتحكـــــيم الدولي، مـــن أجـــــل المصلحة الجماعية، وقبلت بأن لا تطلب بمالها، في حين كانت قطر، في كل مرة، تطالب بما ليس لها! .. وخلص «بوشلاخ» التقرير، إلى أن «قطر تعمدت المساس بالسيادة السياســــية والأمنــــية للبحـــــريــن، واقتطــــعت أراضي مــــنـــا، و«من حقنا استعادتها» على حد تعبيره! .. والمؤسف أن التقرير المليء بالمغالطات يصدر من وكالة أنباء، تحمل الصفــــــة الرســـميـــة، ولهــــذا أدعو الجــــهـات المختــصة في وزارة الخارجية، وعلى رأســـــها إدارة الشؤون القانونية، لتقديم «تقرير المنامة» إلى «مجلس الأمن»، كوثيقة تدين النظام البحريني، لأن ما ورد فيه يشكل انتهاكاً لقرار «محكمة العدل الدولية»، الصادر في الــسادس عــــشر من مـــــارس عام ٢٠٠١، بشأن الخلاف الحدودي بين قطر والبحرين. كما يشكل استهتاراً، ما بعده استهتار، بالقانون الدولي، واستفزازاً، ما مثله استفزاز، لعلاقات حسن الجوار، لكونه يصدر بهذه الصورة، ويرتكز على معطيـات في غــــاية الخطورة، تلحق ضرراً بمملكة البحرين نفسها أكثر من غيرها. .. ومشكلة كاذب التقرير، أنه كتب كلاماً لا يستطيع إثباته، ولا يمكن لأحد تصديقه، ولا يقوى هو وغيره على تنفيذه، ويبدو واضحاً أن الذين أوعزوا لكاتب التقرير المدعو «بوشلاخ» لكتابة ما كذب، يريدون إشعال الأزمة الخليجية، أكثر من اشتعالها! .. ويكفي تذكير كاذب التقرير، بأن صدام حسين دفع ثمناً باهظاً، عندما ارتكز في خطابه على ادعــاءات «الحــق التاريـــخي»، في دولة الكويت الشقيقة. .. ولطالما دفعت المنطقة ثمن المغامرات الغادرة، التي تحركها الأطماع الشخصية، لتحقيق نفوذ مشبع بروح النرجسية، التي تغمر أصحابها فجأة، وتغرقهم في بحرها! .. ويخطئ كاتب التقرير وأصحابه ، إذا تصور واهماً أنه يمكن لبلاده أن تتعامل مع قطر على طريقة الأنظمة الأخطبوطية أو الاسفنجية، التي تملك القدرة على التمدد، أو امتصاص حقوق غيرها. .. وما دام أصحاب التقرير، الذي بثته وكالة الأنباء البحرينية، مغرمين بنبش التاريــــخ، ينبـــغي تذكـــيرهم بالكــــثير مــــن المواقف التاريخية، التي تشكل تهديداً لكيانهم السياسي، حتى يعلموا أن «مملكتهم» لا تعدو أن تكون «بيتا من زجاج»! .. وأريد تذكيرهم أن النخبة الإيــــرانية ما زالت تعتبر البحرين «محافظة» تابعة لجمهوريتهم، وهي تستند بذلك إلى أن طهران اعتبرت ذلك الكيان «المحافظة الرابعة عشرة» منذ عام ١٩٥٧، وقامت بتخصيص مقعدين في البرلمان الإيراني، لما يسمى «محافظة البحرين»، وكانت إيران تدعو حتى أوائل السبعينيات من القرن الماضي، إلى ضرورة القيام بعملية استفتاء لتقرير مصير الشعب البحريني، وتلبية تطلعاته نحو الاستقلال! .. وبعيداً عن الاستهبال الوارد في تقرير وكالة الأنباء البحرينية, نلاحظ أن كاذبه ــ ولا أقول كاتبه ــ يتجاهل الحكم التاريخي الصادر عن «محكمة العدل الدولية»، بشأن تسوية الخلاف الحدودي بين البحرين وقطر، وهو القرار الدولي الملزم للطرفين، وغير القابل للاستئناف، أو الاستنزاف أو الاستظراف! لقد نسي الكاتب الكاذب، أو تناسى، الترحيب الحار الذي ساد الأوســاط البحرينــية، بعـــد صدور حكــــم المحكــــمــــة، حــيث عبــر أمير البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ــ قبل أن يصبح ملكاً ــ في خطاب بثه التليفزيون البحريني، عن ترحيبه بالقرار الدولي، مؤكــداً قبول بلاده بحكم محكمة العدل الدولية في شموليته، وهو الحكم التاريخي الذي أعلن سيادة المنامة على جزر حوار وقطعة جرادة، مقابل تأكيد سيادة الدوحة على فشت الديبل والزبارة وجزيرة جنان وحد جنان. ..وفي قطــــر اعتبـــر صاحـــب السمـــــو «الأمير الوالــــد» الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وكان وقتها يتولى مقاليد الحكم في البلاد، أن قرار المحكمة يضع الأساس لعلاقات أوثق وأرحب، لا تشوبها شائبة بين قطر والبحرين، فضلاً عن أنه يعزز أمن واستقرار دولنا الخليجية، ويسهم في تقوية مجلس التعاون. .. وأكــــد ســـمـــوه ــ حــفظه الله ــ في خطــــابه التـــاريخـــي، أن القرار الدولي أنهى الخلاف القائم بين الدولتين، فأصبح جزءا من التاريخ وراء ظهورنا، داعياً إلى بدء صفحة جديدة يشارك فيها الشعبان الشقيقان في تعميق وتنظيم علاقاتهما المستقبلية، في إطار تفاعل البلدين، لما فيه مصلحتهما وخيرهما المشترك. لقد شكل حكم المحكمة حدثاً تاريخياً في المنطقة، وإنجازاً يحسب لقيادتي البلدين، وتغليباً لمنطق القانون الدولي، ولهذا لقي ترحيباً من الدول العربية والغربية، لا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وغيرها. .. ولعل ما يميز حكم «المحكــمة الدولــــية» أنه لم يمثل ربحاً أو خسارة لطــرف دون آخر، وإنما كان انتصاراً لكلتا الدولتين، وفــــوزاً لمبـــــدأ التحكيم الــــدولي، ونصراً لمســــار الإطـار القانـــــوني، بــــوصـــفه وسيلة حضارية لتسوية النزاعات الحدودية، وهو ما تتمناه الإمارات حالياً، وتسعى جاهدة لتحقيقه، لتسوية خلافها على الجزر الثلاث مع إيران. .. وبحكم حضوري جلسة النطق بالحكم، بشأن النزاع الحدودي بين قطر والبحرين، بمقر محكمة العدل الدولية، في مدينة لاهاي الهولندية، ضمن الوفد الإعلامي القطري، يمكنني التوقف عند الحقائق التالية، التي استند إليها قضاة المحكمة، برئاسة القاضي الفرنسي «جيلبار غيوم». الحقيقة الأولى أن حكام البحرين لم يمارسوا أي سلطة أو سيادة مباشرة على منطقة الزبارة، ولم تكن لهم فيها أي قوة عسكرية منذ اتفاقية عام ١٨٦٨، وبالتالي لا يمكن للمحكمة أن تقبل بوجهة نظر المنامة، بأحقيتــها في تلك المنطـــقة، ويــــزاد على ذلك، الموقف البريطاني من الأحداث التي شهدتها الزبارة عام ١٩٣٧، حيث أكدت بريطانيا أنه ليس للبحرين سيادة عليها. الحقيقة الثانية أكدت المحكمة سيادة قطر على «فشت الديبل»، الذي تغمره المياه عند حالة المد، ويظهر على السطح عند الجزر، بما في ذلك سيادتها على قاع البحر، والمياه التي تغمره، والفضاء الهوائي الفوقي الذي يشمله، مؤكدة أنه ليس هناك أي فرصة للاعتراف بحق البحرين في استخدام هذا النتوء الصخري المرتفع، لتحديد حقها في منطقة المطالبات المتداخلة بين البلدين، في تلك المنطقة الاستراتيجية، التي تقع في الشمال القطري، وتطل على حقل «غاز الشمال»، مؤكدة تمتع قطر بحقوق السيادة الإقليمية، والوظيفية على تلك المنطقة. الحقيقة الثالثة بـشـــــأن الســــيــــادة عـــلى «هـــيــرات» أو مغاصات اللؤلؤ التي تقع في المناطق البحريــة الشـــمالية، نظرت المحكــمة في الادعاء البحرينـــــي، وأكـــدت أن نشاطــــات الغـــوص بحــثاً عــــن اللؤلؤ انتهت منذ زمن بعيد، وأن المغاصات المذكورة كانت مشاعة، ولا يحق للبحرين فرض سيادتها عليـــها، مشـــيـــــرة إلى قـــــيام بريطانـــــيا بإبلاغ حــــاكم البحــــرين عام ١٩٠٣، بأنه ليس من حقه منح تراخيص مزاولة نشاط الغوص على اللؤلؤ، في تلك المناطق الخاضعة للسيادة القطرية. .. وعلى هذا الأساس القانوني، رفضت المحكمة ادعاء المنامة وجود مغاصات خاصة بها، أو خالصة لسيادتها، أو أنها كانت كائنة في شمال مياه الخليج، وقامت باستغلالها بصورة رئيسية، بواسطة صيادي الأسماك البحرينيين، أو «نواخذة» سفن الغوص في البحرين. الحقيقة الرابعة أعطت المحكمة الدولية، وهي أعلى سلطة قضائية، في إطار الأمم المتحدة، قطر، حق مرور سفنها في مياه الخليج، بين الجزر، وتحديداً بين جــــزيـــرة حـــوار، مما يعـــد منفـــذاً بحريــــاً مهـــــماً للملاحة القطرية، لا يمكن للمنامة إغلاقه في وجه الدوحة. .. واستناداً لكل هذه الحقائق وغيرها، فقد تضمن حكم المحكمة الكثير من الجوانب الإيجابية، التي أكدت حقوقنا السيادية في إقليمنا البحري، ومناطقنا المائية، وجرفنا القاري، ومياهنا الإقليمية الشمالية، ومنطقتنا الاقتصادية الخاصة بنا، الخالصة لنا، ولأجيالنا المقبلة. .. وحرصا على صيانة مصالح تلك الأجيال، فقد اضطرت قطر ــ اضطراراً ــ في الثامن من يوليو عام ١٩٩١، لتقديم طلبها بإقامة إجراءات قانونية، لحسم الخلاف الحدودي مع البحرين، حول السيادة على المناطق المتنازع عليها، في جزيرة حوار وفشت الديبل وقطعة جرادة وجزيرة جنان، وإعادة ترسيم الحدود البحرية الفاصلة بينها وبين المنامة. .. واستندت قطر، في طلبها، إلى اختصاص «المحكمة الدولية» النظر في هذه القضية، التي لم تجد حلاً لها طيلة ٦٠ عاماً من الخلاف، بمقتضى الاتفاقيتين الموقعتين في ديسمبر ١٩٨٧، وديسمبر عام ١٩٩٠، علماً بأن موضوع التزام واختصاص المحكمة ومجالها القانوني تم تحديده وفقاً للصيغة التي اقترحتها البحرين ذاتها على قطر، وتم إقرارها في قمة الدوحة لدول مجلس التعاون عام ١٩٩٠، ويشار إليها بالصيغة البحرينية. .. وفي الأول من يوليو عام ١٩٩٤ رأت محكمة العدل الدولية أن الخطابات الرسمية المتبادلة بين ملك السعودية وأمير قطر وأمير البحرين عام ١٩٨٧ بخصوص هذه القضية، إلى جانب الوثيقة التي تم توقيعها في الخامس والعشرين من ديسمبر عام ١٩٩٠، على هامش قمة الدوحة الخليجية، التي وقعها وزراء خارجية قطر والبحرين والسعودية تعد اتفاقاً دولياً ملزماً لأطرافه، وبموجبه حددت المحكمة يوم ٣٠ نوفمبر ١٩٩٤ موعـــداً نهــــائياً لتقـــديم قطر والبحرين الملفات والوثائق المتعلقة بالخلاف الحدودي بينهما. .. وفــــــي الخامـــس عـــشر من فـــبراير عام ١٩٩٥ أصدرت المحكمة الدولية حكمها بالاختصاص في النظر والفصل في تلك القضية الحدودية، التي كانت تعتبر من أهم القضايا الخلافية في المنطقة، باعتبارها أثّرت سلبياً على مشاريعها التنموية. لقد كان ضرورياً إحالة الخلاف الحدودي بـــــين قطر والبــــحرين إلى الجـــهـــــاز القـضــائـــي الــــتابـــــع للأمـــم المتحدة، المتــــمثل في «محــــكـــــمــة العـــــــدل الــــــدوليــــة»، لإســــــــــدال الســــتـــــار عــــــلــى نهاية ترضي الطرفين، وتـــضع حداً جذرياً، ونســــقاً نهائــــــياً، وإطــــاراً قانـــــونياً، وحلاً دولياً وديا، للخلاف الطويل بين الدولتين الشقيقتين. .. واستمر تداول القضية في محكمة العدل الدولية تسع سنوات، فيما يعتبر أطول نزاع حدودي ورد إليها، لدرجة أن المتحدثة باسم المحكمة وصفت الخلاف القطري ــ البحريني بأنه من أكثر القضايا جدلاً، وأكثرها حجماً، من حيث عدد الوثائق التي تم تداولها، لتصدر بعدها المحكمة، حكمها النهائي في السادس عشر من مارس عام ٢٠٠١، الملزم للطرفين، وغير القابل للاستئناف، حيث لا يجوز الطعن فيه، أو الاحتجاج عليه، من أي من الدولتين، وتلاه رئيسها القاضي الفرنسي «جيلبار غيـوم»، وكنت يومها حاضراً داخل المحكمة، وشاهدت كيف تبادل وفدنا القطري التهاني مع رئيس وأعضاء الوفد البــحريني الشــــقيق، بمـــشاركة «صاحب السمو» الشيخ تميم بن حمد آل ثاني, ولم يكن يومها قد تولى مناصبه الدستورية، حيث تولى ولاية العهد في الخامس من أغسطس ٢٠٠٣، ومقاليد الحكم أميراً للبلاد في الخامس والعشرين من شهر يونيو ٢٠١٣. .. وما من شــك في أن مكسب قطر الأكبر والأعظم والأهـم من قرار المحكمة، كان تأكيد سيادتنا على «فشت الديبل»، الذي يتميز بمقومات استراتيجية واقتصادية ضخمة، أبرزها اطلالته على حقل «غاز الشمال». .. وبهذا الواقع أو الموقع الاستراتيجي فقد حباه الله بالكثير من الثروات الطبيعية، على امتداد المنطقة البحرية الشمالية المحيطة حوله، أو الكامنة في أعماقه. .. وما من شك في أن كل هذا الازدهار، يفسر ــ باختصار ــ حالة الحقد ودرجة الحسد ضد قطر، التي تشتعل في نفوس أشقائنا الصـــــغار والكبــار، وخــــصوصاً بعـــدما منــحنا الله ــ عز وجل ــ ثروة الغاز الطبيعي، في حيـــــن لم يمنـحــوا ســـوى تعبئة «غراش المرقدوش»، وتصنيع «الآجار» البحريني من ثمار «البمبر»!
أحمد علي يكتب في كلمة صدق قراءة في الرسائل الواردة في حوار الأمير ............................................... سيادتنا الوطنية خط أحمر .. ولن نغلق الجزيرة ..................................................... عاشت قطر فجر اليوم، بمواطنيها ومقيميها، وساكينها المسكونين بحبها، المصطفّــين خلـــف قائدها ورمزها الوطني «تميم المجد» حدثاً إعلامياً مهماً، من خلال متابعة مختلف أوساطها ووسائطها، الحوار التليفزيوني الذي أجراه المذيع الأميركي صاحب الشهرة العالمية «تشارلي روز»، الإعلامي المخضرم في شبكة (C.B.S) الأميركية، مع حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى. لقد جـــــاء الحـــوار صـــريحــاً في أسئلته من جـــانب المحاور، صادقاً في أجوبته من طرف أميرنا القطري التميمي العربي، الذي عرفنا الصدق في كل أقواله، ولمسناه في أفعاله, وعشناه وعايشناه في جميع مواقفه. .. ولكل هذا لم يكن الحوار المتلفز حواراً عادياً عابراً، وإنما كان حافلاً بالكثير من الرسائل القطرية الموجهة إلى الخارج والداخل، خاصة أنه جاء في ظروف استثنائية تعيشها البلاد، في ظل الحصار الجائر المفروض عليها من دول «التآمر الرباعي». .. ولعل ما زاد من أهمية الحوار، دخول الأزمة الخليجية المفتعلة منعطفاً جديداً، بعـــــد إعـــلان أمير دولة الكويـــت الشــقيـــقة ســـمو الشــــــيخ صبـاح الأحمد الجابر الصباح ــ صــاحــب الوساطة الكويتية ــ في خطابه أمام «مجلس الأمة»، أن الأزمة تحمل في طياتها احتمــــالات التـــطور، محـــــذراً من أن تصعــــيدها ســــتكون له نتائــــج بالغـــة الضـــرر والدمار على أمن دول الخليج وشعوبها. .. وفي إطار هذا التطور، من الواضح أن الأزمة لا تتجه إلى تسوية قريباً، حـــيث لا يبــدو ما يشــــير ــ حــــتى الآن ــ إلى ظــهور بوادر لانفراجها، مما يؤشر إلى أن الجميع خاسرون فيها، وفي مقدمتهم الذين افتعلوها وأشعلوها، وهو الأمر الذي يخدم في نهاية الأمر، مصالح غيرهم في المنطقة. لقد اعتقدت دول «التحالف الرباعي» المتآمر على قطر، أن بإمكانها تحقيق مكاسب فورية على حساب الدوحة، من خـــــلال تبــني مواقـــــفـــها العدائيــة المبــــالغ فيــها ضــــدها، وبـعـــد فشـــــل الاستــــــراتيجيـــة الـــــتي اعتمــدتها فــــي مؤامـــرتها لإخضاع الـــــقـــرار القــطري المستقـــل، سعت الدول المأزومة إلى تأزيم الأزمة المتأزمة، اعتقاداً منها أن قطر ستضعف معنوياً وسياسياً واقتصادياً، وأنها ستستسلم لمطالبهم مع مرور الوقت! .. وعلى هذا الأساس، ليس مفاجئاً لي ولغيري من الإعلاميين المتابعين لتطورات الأزمة الخليجية، أن تختلف قراءاتهم لإجابات «صاحب السمو» على أسئلة المحاور الأميركي البارع، غيــــــر أن الذيــــن تابعــــوها بدقة يدركــــون جيـــداً أن ســـــموه ــ حفظه الله ــ أجــــاب عـــن الأســـئلة المطــــروحـــــة بــروح المسؤولية الوطنية، التي تدرك خطورة تحديات الحاضر، وتستشرف، من رحمها، طموحات المستقبل. .. وكان مهماً لنا ونحن موطن الحدث، ومصدر الحديث المتلفز، ودولتنا المستقلة مستهدفة من أطراف «التحالف الرباعي» أن نعيد قراءة ما جاء في حوار الأمير، الذي خاطب مُحاوره بلسان المواطن القطري الواعي، وإرادة الوطن القوي، الذي كان وسيبقى حراً مستقراً مستقلا. .. ويمكن للمتابع أن يلحظ أن «صاحب السمو» أجاب عن الأسئلة بصراحة فائقة، ولهذا تميز الحوار بنسيج شامل متكامل من الصراحة والوضوح والشفافية. لقد وضع سموه النقاط على حروف الأزمة الخليجية المفتعلة منذ الخامـــــس مـــن يونــيو الماضي، مجـــدداً التأكيــــد على ثوابت الموقف القطري الثابت، وتضمنت إجاباته الصريحة، توصيفاً دقيقاً للأزمة الراهنة، بكل مسبباتها الواهنة، كاشفاً ملابساتها، وموضحاً تحدياتها، ومبيناً تداعياتها الضاغطة على شعوب المنطقة في جميع شؤونهم الحياتية. .. ومـــــا مــن شــك في أن ما ورد في إجابات الأمير ينبغي تأمله بشكل عميق، حيث توحي القراءة المتأنية المتعمقة للأجوبة بالعديد من المواقف القطرية الثابتة، والكثير من الرسائل المباشرة الموجهة إلى الداخل والخارج القطري. .. ومن خلال قراءتي العميقة لما ورد في الحوار، وجدت الكثير من النقاط التي ينبغي الوقوف عندها، وإعادة قراءتها، لأنها جاءت عميقة في مبانيها، غنية في معانيها، واضحة في مراميها. .. وعندما أعدت قراءة ما ورد في أجوبة «صاحب السمو»، لأكثر من مرة، استرعى انتباهي (٣) رسائل مهمة، يمكنني التركيز عليها، والارتكاز فوقها، وبناء محاور مقالي على أساساتها أولها إن سيادتنا الوطنية خط أحمر، لا نقبل من أي جهة التدخل في سياستنا المستقلة، أو توجيه شؤوننا الداخلية. .. ويمثل مبدأ السيادة الوطنية ركناً أساسياً في منظومة العلاقات الدولية، وينص على حق الدولة المستقلة في مباشرة الأمور الداخلة في صلاحياتها، لتحقيق مصالحها، وليس لأي جهة أخرى الحق في التدخل في شؤون غيرها، عبر فرض الإملاءات الفوقية، لتغيير سياساتها. .. ووفقاً للطرح الكلاسيكي لمبدأ السيادة ومقتضياتها، يكون مرجع الدولة المستقلة في مخلتف شؤونها إرادتها وحدها، بحيث تكون إدارتها لها دون غيرها، ويعني ذلك، أن سلطتها على شؤونها في الداخل والخارج لا تعلوها أي سلطة خارجية متسلطة عليها، فلا يقيدها في الميدان الدولي إلا العهود والاتفاقيات الدولية التي عقدتها هي نفسها، ووقعت عليها، معبرة في ذلك عن سيادتها واستقلالية قرارها الوطني. .. واستناداً لكل ما سبق لا نقبل استباحة سيادتنا الوطنية، عبر محاولات توجيهنا لإغلاق قناة «الجزيرة»، أو قطع علاقاتنا مع إيران أو غيرها، أو محاولة انتزاع قرارنا الوطني المستقل، أو انتهاكه، أو الانقضاض عليه أو الانتقاص منه، وهو ما تسعى إليه حالياً دول «التآمر الرباعي» عبر محاولاتها المستميتة فرض إملاءاتها وشروطها وطلباتها غير المنطقية علينا. .. وما من شك في أن سلطة دولتنا المستقلة على أرضنا لا تتجزأ، ولا تقبل التصرف من غيرها، وغير خاضعة لإملاءات الغير، حيث تعد السيادة الوطنية أساساً جوهرياً في العلاقات الدولية، ويعد احترامها من الركائز الأساسية، التي أسس عليها صرح وبنيان القانون الدولي المعاصر. هـــــذه هــي تفاصــيل «الرســـالة الأولى» الواضــــحـــة، الــــــتي جــــــاءت في معـــرض إجــــابــــة «صـاحب الســــمو» عما إذا كانت قطر سوف تستجيب لمطالب الدول الأربع. .. وفــــــــي ســــياق هــــذه الرســــالة، أكـــد ســـــموه أن قـطـــر لم ولن تغلق قناة «الجزيرة»، واضعاً نقطة آخر السطر، على ثوابت موقف قطر، ويمكنني القول إن من لا تعـــجبه بـــــرامج هــــــــذه القـــناة القطرية أو تغطياتــها الإخبــــارية، يمكــــنــــه إدارة مؤشر التليفزيون على قناة «سكاي نيوز» أو «العربية»، أو القنوات المتخـــصصة في برامج الترفيه والموسيقى, و«الهشك بشك»! أما الرسالة الثانية التي يمكن الاستدلال عليها من خلال الحوار، فهي أن «الدوحة لا تدعم الإرهاب»، حيث شدد سموه على ذلك قائلاً «عندما يتحدثون عن الإرهاب فنحن لا ندعمه على الإطلاق»، مشيراً سموه إلى أن «السبب الحقيقي لحصارهم هو أنهم لا يريدون استقلالنا، حيــــث تـدعو قطــــر إلى حــــرية التعبـــــير، وهو مـــــا ترى فـــيه دول الحصار تهديداً لها»! .. وفي سياق ذلك الجواب الأميري المعبر، وجه «صاحب السمو» رســــــالتـه الثالثـــة التـــي يمكــنــــني وصـــفها بــــأنــــهـــــا رسالة قطرية حضارية حوارية موجهة إلى دول «التحالف الرباعي»، حيث أعلن سموه على شاشة شبكة (C.B.S) الأميركية قائلاً «أدعو للحوار منذ وقت طويل، وإذا ساروا متراً واحداً باتجاهي، فأنا على استعداد للمشي لمسافة (١٠) آلاف ميل نحوهم». .. وتعكس تلك الرسائل الثلاث الواردة في الحوار وغيرها، قدرة «صاحب السمو» على تشخيص الداء، ووصف الدواء، لمعالجة حالة العداء المنتشرة في الأوساط الخليجية، على وقع الأزمة، مثل انتشار وباء «الكوليرا» في اليمن! .. ولعل ما يحسب لسمو الأمير ــ حفظه الله ــ أنه اتسم في إجاباته بالقراءة الهادئة لمجريات الأزمة وتطوراتها، فلم يكن انفعالياً في ردوده، بل كان في قمة الهدوء، وهو يتناول القضية برؤية عقلانية. .. وفي إطار طرحه العقلاني، كشف سموه، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اقترح عقد قمة في «كامب ديفيد» بين أطراف الأزمة، وأن قـطر رحبــت بالمشــاركة فيــها، بهدف وضع حل لها. .. وعن تفاصيل لقائه مع رئيس الولايات المتحدة، قال سموه إنه أبلغه بأنه لن يقبل باستمرار الحصار، ولن يســــمح بانجــــرار الأزمة نحو الاقــتتـــال، مشـــيراً إلى أنــــنا نتوقع تدخلاً عسكرياً ضد قطر قد يؤدي إلى الفوضى، ولهذا استقدمنا قوات من تركيا لحماية دولتنا المستهدفة. .. وبخصوص علاقة قطر مع الجمــــهورية الإيــــرانــــية قـــال «صاحب السمو» إن إيـــــران جارتــنا رغــــــم وجود الكثير من الاختلافات السياسية معها أكثر منهم، مضيفاً سموه «دعوني أقول أمراً واحداً عندما تقوم هذه الدول التي تعتبر إخوتنا بحظر كل شيء مثل الدواء والغذاء عنا، فالأمر الوحيد المتاح لنا توفير ذلك عبر إيران». .. وهكذا فقد تناول المحاور خلال حواره مع «صاحب السمو» الكثير من الأحداث التي تمر بها المنطقة، المرتبطة بتطورات ومستجدات الأزمة الخليجية. .. ولعل الأمر الذي ميّز الحوار، أن المحاور المخضرم على دراية كاملة بشؤون المنطقة وشجونها، وهو مطلع على ملفاتها المهمة، ومتابع لقضاياها الساخنة، بحكم حواراته العديدة التي أجراها مع قادة وزعماء الشرق الأوسط، منذ أكثر من عقدين من الزمن. .. ويعد المذيع اللامع البارع «تشارلي روز» المولود في الخامس من يناير عام ١٩٤٢، واحداً من أشهر المحاورين الإعلاميين في وسائل الإعلام الأميركية، حيث استضاف في برنامجه الشهير (٦٠ دقيقة) الذي يقدمه على شبكة (سي.بي.اس) العديد من الرؤساء والزعماء وقادة العالم. .. ولا أنسى أنه سبق له محاورة صاحب السمو «الأمير الوالد» الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ــ حفظه الله ــ كما أجرى أكثر من حوار مع معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء السابق، وزير الخارجية الأسبق. .. ويملك المحاور الشهير الحاصل عام ٢٠١٣ على جائزة «بيبودي» المرموقة، التي تمنح للأعمال التليفزيونية المميزة، سجلاً حافلاً بالحوارات الناجحة، أذكر منها على سبيل المثال، حواراته مع الرئيس الأميركي الـسابق باراك أوباما، والرئيس الروســـي فلاديميــــر بوتيـــن، والرئيـس التـــركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس الإيراني الأسبـــــق أحمــــدي نجــاد، فضلاً عن الزعيم الإفريقي الراحـــل نيلســون مانـــديـــلا، وهيلاري كلينــــتون، ومحمد جواد ظريف، وغيرهم من مشاهير وصناع القرار في العالم. .. واللافت أنه خلال تواجد الإعلامي «تشارلي روز» في الدوحة لإجراء حواره مع «صاحب السمو» قام المحاور بجولة في عدد من المواقع القطرية، لمس خلالها إصرار القطريين على كسر الحصار الجائر المفروض عليهم، وزار العديد من معالم العاصمة، من بينها «سوق واقف»، وتجول في «كتــــارا» حيـــث ســجل انطباعات إيجابية عن قطر ومواطنيها ومقيميها. .. وليت المذيع المصري المضطرب نفـــسياً، المتأزم عـــصبياً، أحمد موسى يتعلم أصول فن الحوار من الإعلامي الأميركي «تشارلي روز»، ليعرف أن التقديم التليفزيوني ليس زعيقاً ولا «نهيقاً»، ولكنه حوار حضاري ينبــــغي أن يتـــسم صاحبه بالأداء الراقي، وليس الخطاب العدائي، أو السلوك «البلطجي»! .. وليته يعلم أنه لا ينبغي على «المزيع»، عفواً، أقصد المذيع, استغلال منصات التليفزيون، و«استهبال» المشاهدين، لإثارة الضوضاء والبغضاء، وبث مشاعر العداء بين الأشقاء والأصدقاء على السواء! حتى لا يضطر المشاهد يوماً لاستخدام «عصا موسى» لتكسير شاشة التلفاز على رأس «مزيع» مريع فظيع اسـمه أحمد موسى!. أحمد علي مدير عام صحيفة الوطن القطرية
سيادتنا الوطنية خط أحمر .. ولن نغلق « الجزيرة» .......................................................... قراءة في الرسائل الواردة في حوار الأمير ................................................................... «صاحب السمو» وجه عبر شبكة (C.B.S) حزمة من الرسائل حول مختلف المسائل .................................................................................................... عاشت قطر فجر اليوم، بمواطنيها ومقيميها، وساكينها المسكونين بحبها، المصطفّــين خلـــف قائدها ورمزها الوطني «تميم المجد» حدثاً إعلامياً مهماً، من خلال متابعة مختلف أوساطها ووسائطها، الحوار التليفزيوني الذي أجراه المذيع الأميركي صاحب الشهرة العالمية «تشارلي روز»، الإعلامي المخضرم في شبكة (C.B.S) الأميركية، مع حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى. لقد جـــــاء الحـــوار صـــريحــاً في أسئلته من جـــانب المحاور، صادقاً في أجوبته من طرف أميرنا القطري التميمي العربي، الذي عرفنا الصدق في كل أقواله، ولمسناه في أفعاله, وعشناه وعايشناه في جميع مواقفه. .. ولكل هذا لم يكن الحوار المتلفز حواراً عادياً عابراً، وإنما كان حافلاً بالكثير من الرسائل القطرية الموجهة إلى الخارج والداخل، خاصة أنه جاء في ظروف استثنائية تعيشها البلاد، في ظل الحصار الجائر المفروض عليها من دول «التآمر الرباعي». .. ولعل ما زاد من أهمية الحوار، دخول الأزمة الخليجية المفتعلة منعطفاً جديداً، بعـــــد إعـــلان أمير دولة الكويـــت الشــقيـــقة ســـمو الشــــــيخ صبـاح الأحمد الجابر الصباح ــ صــاحــب الوساطة الكويتية ــ في خطابه أمام «مجلس الأمة»، أن الأزمة تحمل في طياتها احتمــــالات التـــطور، محـــــذراً من أن تصعــــيدها ســــتكون له نتائــــج بالغـــة الضـــرر والدمار على أمن دول الخليج وشعوبها. .. وفي إطار هذا التطور، من الواضح أن الأزمة لا تتجه إلى تسوية قريباً، حـــيث لا يبــدو ما يشــــير ــ حــــتى الآن ــ إلى ظــهور بوادر لانفراجها، مما يؤشر إلى أن الجميع خاسرون فيها، وفي مقدمتهم الذين افتعلوها وأشعلوها، وهو الأمر الذي يخدم في نهاية الأمر، مصالح غيرهم في المنطقة. لقد اعتقدت دول «التحالف الرباعي» المتآمر على قطر، أن بإمكانها تحقيق مكاسب فورية على حساب الدوحة، من خـــــلال تبــني مواقـــــفـــها العدائيــة المبــــالغ فيــها ضــــدها، وبـعـــد فشـــــل الاستــــــراتيجيـــة الـــــتي اعتمــدتها فــــي مؤامـــرتها لإخضاع الـــــقـــرار القــطري المستقـــل، سعت الدول المأزومة إلى تأزيم الأزمة المتأزمة، اعتقاداً منها أن قطر ستضعف معنوياً وسياسياً واقتصادياً، وأنها ستستسلم لمطالبهم مع مرور الوقت! .. وعلى هذا الأساس، ليس مفاجئاً لي ولغيري من الإعلاميين المتابعين لتطورات الأزمة الخليجية، أن تختلف قراءاتهم لإجابات «صاحب السمو» على أسئلة المحاور الأميركي البارع، غيــــــر أن الذيــــن تابعــــوها بدقة يدركــــون جيـــداً أن ســـــموه ــ حفظه الله ــ أجــــاب عـــن الأســـئلة المطــــروحـــــة بــروح المسؤولية الوطنية، التي تدرك خطورة تحديات الحاضر، وتستشرف، من رحمها، طموحات المستقبل. .. وكان مهماً لنا ونحن موطن الحدث، ومصدر الحديث المتلفز، ودولتنا المستقلة مستهدفة من أطراف «التحالف الرباعي» أن نعيد قراءة ما جاء في حوار الأمير، الذي خاطب مُحاوره بلسان المواطن القطري الواعي، وإرادة الوطن القوي، الذي كان وسيبقى حراً مستقراً مستقلا. .. ويمكن للمتابع أن يلحظ أن «صاحب السمو» أجاب عن الأسئلة بصراحة فائقة، ولهذا تميز الحوار بنسيج شامل متكامل من الصراحة والوضوح والشفافية. لقد وضع سموه النقاط على حروف الأزمة الخليجية المفتعلة منذ الخامـــــس مـــن يونــيو الماضي، مجـــدداً التأكيــــد على ثوابت الموقف القطري الثابت، وتضمنت إجاباته الصريحة، توصيفاً دقيقاً للأزمة الراهنة، بكل مسبباتها الواهنة، كاشفاً ملابساتها، وموضحاً تحدياتها، ومبيناً تداعياتها الضاغطة على شعوب المنطقة في جميع شؤونهم الحياتية. .. ومـــــا مــن شــك في أن ما ورد في إجابات الأمير ينبغي تأمله بشكل عميق، حيث توحي القراءة المتأنية المتعمقة للأجوبة بالعديد من المواقف القطرية الثابتة، والكثير من الرسائل المباشرة الموجهة إلى الداخل والخارج القطري. .. ومن خلال قراءتي العميقة لما ورد في الحوار، وجدت الكثير من النقاط التي ينبغي الوقوف عندها، وإعادة قراءتها، لأنها جاءت عميقة في مبانيها، غنية في معانيها، واضحة في مراميها. .. وعندما أعدت قراءة ما ورد في أجوبة «صاحب السمو»، لأكثر من مرة، استرعى انتباهي (٣) رسائل مهمة، يمكنني التركيز عليها، والارتكاز فوقها، وبناء محاور مقالي على أساساتها أولها إن سيادتنا الوطنية خط أحمر، لا نقبل من أي جهة التدخل في سياستنا المستقلة، أو توجيه شؤوننا الداخلية. .. ويمثل مبدأ السيادة الوطنية ركناً أساسياً في منظومة العلاقات الدولية، وينص على حق الدولة المستقلة في مباشرة الأمور الداخلة في صلاحياتها، لتحقيق مصالحها، وليس لأي جهة أخرى الحق في التدخل في شؤون غيرها، عبر فرض الإملاءات الفوقية، لتغيير سياساتها. .. ووفقاً للطرح الكلاسيكي لمبدأ السيادة ومقتضياتها، يكون مرجع الدولة المستقلة في مخلتف شؤونها إرادتها وحدها، بحيث تكون إدارتها لها دون غيرها، ويعني ذلك، أن سلطتها على شؤونها في الداخل والخارج لا تعلوها أي سلطة خارجية متسلطة عليها، فلا يقيدها في الميدان الدولي إلا العهود والاتفاقيات الدولية التي عقدتها هي نفسها، ووقعت عليها، معبرة في ذلك عن سيادتها واستقلالية قرارها الوطني. .. واستناداً لكل ما سبق لا نقبل استباحة سيادتنا الوطنية، عبر محاولات توجيهنا لإغلاق قناة «الجزيرة»، أو قطع علاقاتنا مع إيران أو غيرها، أو محاولة انتزاع قرارنا الوطني المستقل، أو انتهاكه، أو الانقضاض عليه أو الانتقاص منه، وهو ما تسعى إليه حالياً دول «التآمر الرباعي» عبر محاولاتها المستميتة فرض إملاءاتها وشروطها وطلباتها غير المنطقية علينا. .. وما من شك في أن سلطة دولتنا المستقلة على أرضنا لا تتجزأ، ولا تقبل التصرف من غيرها، وغير خاضعة لإملاءات الغير، حيث تعد السيادة الوطنية أساساً جوهرياً في العلاقات الدولية، ويعد احترامها من الركائز الأساسية، التي أسس عليها صرح وبنيان القانون الدولي المعاصر. هـــــذه هــي تفاصــيل «الرســـالة الأولى» الواضــــحـــة، الــــــتي جــــــاءت في معـــرض إجــــابــــة «صـاحب الســــمو» عما إذا كانت قطر سوف تستجيب لمطالب الدول الأربع. .. وفــــــــي ســــياق هــــذه الرســــالة، أكـــد ســـــموه أن قـطـــر لم ولن تغلق قناة «الجزيرة»، واضعاً نقطة آخر السطر، على ثوابت موقف قطر، ويمكنني القول إن من لا تعـــجبه بـــــرامج هــــــــذه القـــناة القطرية أو تغطياتــها الإخبــــارية، يمكــــنــــه إدارة مؤشر التليفزيون على قناة «سكاي نيوز» أو «العربية»، أو القنوات المتخـــصصة في برامج الترفيه والموسيقى, و«الهشك بشك»! أما الرسالة الثانية التي يمكن الاستدلال عليها من خلال الحوار، فهي أن «الدوحة لا تدعم الإرهاب»، حيث شدد سموه على ذلك قائلاً «عندما يتحدثون عن الإرهاب فنحن لا ندعمه على الإطلاق»، مشيراً سموه إلى أن «السبب الحقيقي لحصارهم هو أنهم لا يريدون استقلالنا، حيــــث تـدعو قطــــر إلى حــــرية التعبـــــير، وهو مـــــا ترى فـــيه دول الحصار تهديداً لها»! .. وفي سياق ذلك الجواب الأميري المعبر، وجه «صاحب السمو» رســــــالتـه الثالثـــة التـــي يمكــنــــني وصـــفها بــــأنــــهـــــا رسالة قطرية حضارية حوارية موجهة إلى دول «التحالف الرباعي»، حيث أعلن سموه على شاشة شبكة (C.B.S) الأميركية قائلاً «أدعو للحوار منذ وقت طويل، وإذا ساروا متراً واحداً باتجاهي، فأنا على استعداد للمشي لمسافة (١٠) آلاف ميل نحوهم». .. وتعكس تلك الرسائل الثلاث الواردة في الحوار وغيرها، قدرة «صاحب السمو» على تشخيص الداء، ووصف الدواء، لمعالجة حالة العداء المنتشرة في الأوساط الخليجية، على وقع الأزمة، مثل انتشار وباء «الكوليرا» في اليمن! .. ولعل ما يحسب لسمو الأمير ــ حفظه الله ــ أنه اتسم في إجاباته بالقراءة الهادئة لمجريات الأزمة وتطوراتها، فلم يكن انفعالياً في ردوده، بل كان في قمة الهدوء، وهو يتناول القضية برؤية عقلانية. .. وفي إطار طرحه العقلاني، كشف سموه، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اقترح عقد قمة في «كامب ديفيد» بين أطراف الأزمة، وأن قـطر رحبــت بالمشــاركة فيــها، بهدف وضع حل لها. .. وعن تفاصيل لقائه مع رئيس الولايات المتحدة، قال سموه إنه أبلغه بأنه لن يقبل باستمرار الحصار، ولن يســــمح بانجــــرار الأزمة نحو الاقــتتـــال، مشـــيراً إلى أنــــنا نتوقع تدخلاً عسكرياً ضد قطر قد يؤدي إلى الفوضى، ولهذا استقدمنا قوات من تركيا لحماية دولتنا المستهدفة. .. وبخصوص علاقة قطر مع الجمــــهورية الإيــــرانــــية قـــال «صاحب السمو» إن إيـــــران جارتــنا رغــــــم وجود الكثير من الاختلافات السياسية معها أكثر منهم، مضيفاً سموه «دعوني أقول أمراً واحداً عندما تقوم هذه الدول التي تعتبر إخوتنا بحظر كل شيء مثل الدواء والغذاء عنا، فالأمر الوحيد المتاح لنا توفير ذلك عبر إيران». .. وهكذا فقد تناول المحاور خلال حواره مع «صاحب السمو» الكثير من الأحداث التي تمر بها المنطقة، المرتبطة بتطورات ومستجدات الأزمة الخليجية. .. ولعل الأمر الذي ميّز الحوار، أن المحاور المخضرم على دراية كاملة بشؤون المنطقة وشجونها، وهو مطلع على ملفاتها المهمة، ومتابع لقضاياها الساخنة، بحكم حواراته العديدة التي أجراها مع قادة وزعماء الشرق الأوسط، منذ أكثر من عقدين من الزمن. .. ويعد المذيع اللامع البارع «تشارلي روز» المولود في الخامس من يناير عام ١٩٤٢، واحداً من أشهر المحاورين الإعلاميين في وسائل الإعلام الأميركية، حيث استضاف في برنامجه الشهير (٦٠ دقيقة) الذي يقدمه على شبكة (سي.بي.اس) العديد من الرؤساء والزعماء وقادة العالم. .. ولا أنسى أنه سبق له محاورة صاحب السمو «الأمير الوالد» الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ــ حفظه الله ــ كما أجرى أكثر من حوار مع معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء السابق، وزير الخارجية الأسبق. .. ويملك المحاور الشهير الحاصل عام ٢٠١٣ على جائزة «بيبودي» المرموقة، التي تمنح للأعمال التليفزيونية المميزة، سجلاً حافلاً بالحوارات الناجحة، أذكر منها على سبيل المثال، حواراته مع الرئيس الأميركي الـسابق باراك أوباما، والرئيس الروســـي فلاديميــــر بوتيـــن، والرئيـس التـــركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس الإيراني الأسبـــــق أحمــــدي نجــاد، فضلاً عن الزعيم الإفريقي الراحـــل نيلســون مانـــديـــلا، وهيلاري كلينــــتون، ومحمد جواد ظريف، وغيرهم من مشاهير وصناع القرار في العالم. .. واللافت أنه خلال تواجد الإعلامي «تشارلي روز» في الدوحة لإجراء حواره مع «صاحب السمو» قام المحاور بجولة في عدد من المواقع القطرية، لمس خلالها إصرار القطريين على كسر الحصار الجائر المفروض عليهم، وزار العديد من معالم العاصمة، من بينها «سوق واقف»، وتجول في «كتــــارا» حيـــث ســجل انطباعات إيجابية عن قطر ومواطنيها ومقيميها. .. وليت المذيع المصري المضطرب نفـــسياً، المتأزم عـــصبياً، أحمد موسى يتعلم أصول فن الحوار من الإعلامي الأميركي «تشارلي روز»، ليعرف أن التقديم التليفزيوني ليس زعيقاً ولا «نهيقاً»، ولكنه حوار حضاري ينبــــغي أن يتـــسم صاحبه بالأداء الراقي، وليس الخطاب العدائي، أو السلوك «البلطجي»! .. وليته يعلم أنه لا ينبغي على «المزيع»، عفواً، أقصد المذيع, استغلال منصات التليفزيون، و«استهبال» المشاهدين، لإثارة الضوضاء والبغضاء، وبث مشاعر العداء بين الأشقاء والأصدقاء على السواء! حتى لا يضطر المشاهد يوماً لاستخدام «عصا موسى» لتكسير شاشة التلفاز على رأس «مزيع» مريع فظيع اسـمه أحمد موسى!. احمد علي مدير عام صحيفة الوطن القطرية
قارن حمد بن خليفة آل ثاني مع:
شارك صفحة حمد بن خليفة آل ثاني على