ابن بطوطة

ابن بطوطة

أَبُو عَبْدِ اللّٰهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ ٱللّٰهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ٱللَّوَاتِيّ ٱلطَّنْجِيّ المعروف بابْنِ بَطُّوطَةَ، ولد في (٢٤ فبراير ١٣٠٤ - ١٣٧٧م بطنجة) (٧٠٣ - ٧٧٩هـ) هو رحالة ومؤرخ وقاض من قبيلة لواتة بالمغرب الأقصى، لقب بـأمير الرحالين المسلمين. خرج من طنجة سنة ٧٢٥ هـ فطاف بلاد المغرب العربي ومصر والحبشة والشام والحجاز وتهامة ونجد والعراق وبلاد فارس واليمن وعمان والبحرين وتركستان وما وراء النهر وبعض الهند والصين وجاوة وبلاد التتار وأواسط أفريقيا و<nowiki/>الأندلس. واتصل بكثير من الملوك والأمراء فمدحهم - وكان ينظم الشعر - واستعان بهباتهم على أسفاره، واللقب «ابن بطّوطة» هو لقب أطلقه الفَرَنجة على محمد بن عبد الله الطنجي، وتابَعَهم أكثر الناس. ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بابن بطوطة؟
أعلى المصادر التى تكتب عن ابن بطوطة
إنجاز الطاغية "القاتل" بقلم محمد مصطفى موسى ملأ النعمان بن امرئ القيس عينيه من الصرح الشامخ، مزهوًا منتشيًا، تحدّثه نفسه ليس كمثله شيء، يليق بعظيم مثلي حقًا، أنّى لملك الفرس أن يحظى بنظير له، ما أجمل قبابه حين تدور الشمس حولها، فتهديها ذهب شعاعها، كناسك يضحي بالقرابين زلفى، وزخارفه تلك آية من آيات الإبداع الفني، والطلّة من شرفاته المفتوحة على حدائق "الحيرة" الغنّاء، كم تغسل من هموم القلب، وتسري عن النفوس. كان قصر "الخورنق" أعجوبة زمانه، وكل زمان، حتى أن ولاة الكوفة بعد الإسلام، اهتموا بترميمه باعتباره "من التراث الإنساني"، قبل أن تعتريه يد الدهر، التي تفل الحديد، وتُبلي الحجر، فلا تبقي من شواهد السابقين شيئًا، مصداقًا لبيت المتنبي "أينَ الأكاسرةُ الجبابرةُ الأُولى كنزوا الكنوزَ فما بقينَ ولا بقوا". في الرواية التاريخية، تختلط الوقائع، خاصة أن الأحداث وقعت في القرن الخامس الميلادي، حيث لم يُعرف التأريخ علمًا بعد، وحيث الاعتماد على النقل شفاهيًا، ومن ثم لا يتسنى الجزم بما كان يقينًا، لكن تبقى العبرة خالصة، لمن أراد أن يأخذها. يقال إن النعمان أسند إلى مهندس اسمه "سنمار"، أن يشيد له قصرًا، لم ير الناس لهم مثيلًا، فأنفق الرجل في مهمته عشرين عامًا، وفي رواية أخرى ستينًا، حتى فرغ من تحفته المعمارية "الخورنق"، وأخذ يمني نفسه بمكافأة مجزية، لكنه لم يلق إلا غدرًا إبليسيًا، وهكذا شاعت عبارة جزاء سنمار، مثلًا لوصف من يُحسن فيجازى بالإساءة. وفي التفاصيل، ثمة روايتان، بينهما اختلاف هامشي، لا يؤثر في منطقية النهايات، ولا في السياق الدرامي العام، فالقصر المنيف قتل مهندسه، بطريقة ما، والجزاء لم يكن من جنس العمل. رواية تذهب إلى أن النعمان، سأل مهندسه العبقري، لما فرغ من عمله هل هُناك قصر مثل هذا؟ فأجاب بالنفي، فسحب الملك شهيقًا عميقًا، ثم مضى يقول وهل هناك بنّاء غيرك يستطيع أن يبني مثله؟ فقال سنمار كلا... ثم استطرد وقد امتلكته "نرجسية المبدعين" "أما والله لو شئت حين بنيته جعلته يدور مع الشمس". عندئذٍ طاشت الشكوك في رأس النعمان "ماذا لو أن ملكًا آخر أغراه بالمال فأقام له ما هو أفضل؟.. سأقتله حتى يبقي قصري الأعظم، يجب أن يظل فريدًا من نوعه، فلا يفاخر، ولا يختال ملك من الفرس بامتلاك مثله". أما الرواية الثانية، فمفادها أن المهندس قال للملك تدليلًا على براعته إني لأعلم موضع آجرة "أي حجر" فيه، لو زالت لسقط القصر كله، فقال النعمان هل يعرفها غيرك؟ فقال لا، فقال النعمان ولا ينبغي أن يعرفها أحد، وقد أضمر في نفسه الخلاص منه. وكما تتفق الروايتان على أن دوافع الجريمة هي الغرور والكبرياء والطمع، والخوف على "متاع الدنيا"، وما إلى ذلك من نوازع "دونية" ما إن داخلت إنسانًا جعلته وحشًا كاسرًا، فإن المأثور أن النعمان رمى المهندس البارع، من شرفة القصر، ويروى في هذا الصدد شعر على لسان سنمار، حين كان يلفظ أنفاسه الأخيرة "جزاني لا جزاه الله خيرًا إن النعمان شرًا جزاني رصصتُ بنيانه عشرينَ حجةً أتممتهُ عنه رماني".. وهذه قصة تبدو من قبيل الزيادات التي يميل الرواة إلى إضافتها إلى الحكايات، كما يضيف الطبّاخ الحاذق التوابل إلى طعامه، إذ ليس معقولًا أن ينشد رجل بين الحياة والموت شعرًا، كما أن المتواتر أن سنمار ذاك كان روميًا، وبالتالي ليس من أهل الشعر والفصاحة. على أن المأساة، رغم ذلك، ألهمت شعراء آخرين، ومنهم مجهول يقول "جزاني جزاه الله شرَّ جزائِه‏ جزاءَ سنمارٍ وما كان ذا ذنبِ وقال اقذفوا بالعلجِ من فوق رأسه‏ فهذا لعمرِ اللهِ من أعجبِ الخطبِ". أيما يكونُ، من أمر الشعر وحكمته، فقد أعان القتيل طاغيةً فانقلب عليه، وهذا ما نطالعه كثيرًا في صفحات التاريخ، وأيضًا في مشاهد الحاضر، غير أن التراجيديا لم تقف عند تلك المأساة، إذ يُروى أن النعمان الذي بلغ حبه القصر حد الجنون، جلس في يوم من أيام الربيع إزاء شرفته، فراقت له مناظر البساتين والأنهار، وأنعشه النسيم العليل، فسأل وزيره هل رأيت مثل هذا المنظر قط؟ فقال لا، لو كان يدوم.. قال فما الذي يدوم؟ قال ما عند الله في الآخرة، قال فيما يُنال؟ قال بترك الدنيا والتماس ما عنده عز وجل. ووقعت كلمات الوزير في نفس الملك كالسهام في القلب، فأدمته بعمق وقسوة، فما كان إلا أن عافت نفسه القصر الذي شهدت قبابه على جريمته، ومضى الأرق يفنيه على مهل، ورأى في "مناماته" المهندس نازفًا، حتى هرب إلى حيث لا يعلم بمكانه أحد، وكالعادة تشعبت الحكاية إلى روايتين، منها أنه لبس المسوح، وساح في الصحارى، ونام في العراء مثل أي مجذوب تافه، وسُمي لذلك بالنعمان السائح، ويروى أيضًا أنه دخل المسيحية، وعاش منقطعًا عن الدنيا. هكذا انتهى النعمان، فيما صمد قصره أمام الزمان، كما يقرر ابن بطوطة، ثمانية قرون، ثم زال ليصير أثرًا تنقب عنه البعثات إلى العراق، التي وجدت في بداية الألفية الثالثة، سورًا من الطوب اللبن، عرضه نحو مائة وعشرة أمتار، رجحت أنه من بقايا "الإنجاز المعماري" الذي أودى بحياة مهندسه، وأذهب عقل صاحبه. إن الطغاة ينشغلون بالحجر، وكلما ارتفعت القباب والعمدان، كلما توهموا أنهم بلغوا الجبال طولًا، فمشوا في الأرض مرحًا، ثم صرخوا في الوجوه عابسين "اسمعوني أنا بس"، أو "التاريخ سيقف أمام إنجازاتي.. وسُبحاني وما أحلاني، أنا طبيب فيلسوف"، حتى يصبحون عبرة تختلط فيها الحقائق بالأساطير، على ألسنة الرواة.
قارن ابن بطوطة مع:
شارك صفحة ابن بطوطة على