أيمن الظواهري

أيمن الظواهري

أيمن محمد ربيع مصطفى عبد الكريم الظواهري (١٩ يونيو ١٩٥١ – ٣١ يوليو ٢٠٢٢) أحد مؤسسي تنظيم القاعدة وثاني أمير له خلفًا لأسامة بن لادن عقب مقتله في ٢٠١١ بعملية أمريكية، بعد أن كان ثاني أبرز قياديي منظمة القاعدة العسكرية التي تصنفها معظم دول العالم منظمة إرهابية حيث عمل مستشارًا لأسامة بن لادن، وزعيم تنظيم الجهاد الإسلامي العسكري المحظور في مصر. قُتل بغارة جوية أمريكية في كابل في ٣١ يوليو ٢٠٢٢، وقد نددت حكومة طالبان بذلك واعتبرته انتهاكًا لسيادة أفغانستان. ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بأيمن الظواهري؟
أعلى المصادر التى تكتب عن أيمن الظواهري
طريق الواحات هل يكون «داعش» هو من فعلها؟ أحمد كامل البحيري ٢٥ أكتوبر ٢٠١٧ في ٢٠ أكتوبر الجاري، شهد الكيلو ١٣٥ بطريق الجيزة الواحات اشتباكات بين قوات الأمن الشرطية وبعض العناصر المسلحة المتطرفة، أثناء محاولة قوات الأمن اقتحام أحد نقاط التمركز لتلك العناصر في صحراء جنوب الجيزة. بناء على بيان وزارة الداخلية، فقد أسفرت المداهمات عن استشهاد ١٦ من قوات الأمن وإصابة ما يقرب من الـ١٣، ولم تعلن الجهات الأمنية بعد أي معلومات عن العناصر المتطرفة التي جرت مواجهتها، مكتفية بوصفها بـ«العناصر الإرهابية». تطرح هذه العملية الأمنية تساؤلات حول الطبيعة التنظيمية لتلك العناصر المتطرفة، وحول سبب سقوط عدد كبير من قوات الأمن أثناء المداهمة. ١ من الفاعل؟ أدت حالة الغموض والارتباك التي صاحبت تلك الأحداث لتضارب المعلومات والأخبار، ما ساعد بدوره على تحقيق الهدف الأساسي للتنظيمات الإرهابية؛ إحداث حالة من الارتباك المجتمعي المصحوب بالخوف. فيما يلي نحاول طرح هذا الارتباك جانبًا، واقتراح سيناريوهات محتملة حول طبيعة العناصر المتطرفة التي جرى استهدافها من قبل قوات الشرطة، من ناحية مدى ارتباطها التنظيمي مع أحد التنظيمات الإرهابية، سواء كانت تنظيمات متطرفة داخلية أو عابرة للحدود. للإجابة على هذا التساؤل، نورد هنا ثلاثة احتمالات يمكن ترتيبها طبقًا لقوة كل منها بناء على بعض المؤشرات. أولًا، الاحتمال المستبعد حسم تداولت بعض وسائل الإعلام بيانًا منسوبًا لحركة حسم تعلن فيه تبعية العناصر المتواجدة في منطقة الاشتباكات لها، ولكن هناك ملاحظات عديدة تضعف من هذا الاحتمال، بل توصله لمرتبة الاحتمالات المستبعدة، ومنها أولًا، البيان المنسوب لحركة حسم لم يُعلن على صفحات الحركة، سواء على موقع تليجرام أو تويتر، وهو ما يضعف من صحة البيان. ثانيًا، بتحليل تكتيكات حركة حسم في مجمل العمليات الارهابية التي نفذتها خلال عام ونصف، نجد أغلب عملياتها الإرهابية تعتمد على مسارين، أولهما إطلاق النار مباشرة على نقاط ارتكاز أمنية أو على مركبات وعناصر شرطية وأمنية، كما حدث لدى استهداف مركبة شرطية أعلى الطريق الدائري بمحافظة الفيوم، ما أسفر عن استشهاد مجند وإصابة أربعة آخرين خلال شهر يوليو من العام الجاري. وثانيهما هو وضع عبوات ناسفة أسفل ارتكازات أمنية ثابتة أو على جانبي الطريق، كما حدث لدى استهداف سيارة للأمن المركزي على طريق أوتوستراد المعادي، ما أسفر عن مقتل ضابط شرطة وإصابة آخر وثلاثة مجندين. يشير هذا لكون تنظيم حركة حسم أقرب للتنظيمات البدائية، من حيث قدرات أفراده وإمكانياته التسليحية والتكتيكية. وبتحليل مضمون عملية المداهمة بطريق الواحات، بناء على المعلومات المتاحة، نجد أن العناصر المتطرفة استخدمت سلاحًا متوسطًا وثقيلًا شمل قذائف آر بي جي وقذائف هاون ومدافع ١٤.٥ مم.. إلخ. ومثل هذا التسليح يحتاج لقدرات خاصة للتدرب عليه. كما أننا نجد، بناء على تحليل بعض تفاصيل العملية، أن العناصر المتطرفة تمتعت بمستوى عال من التدريب والتأهيل والمعرفة بفنون المواجهات والتكتيكات القتالية. ثالثًا، بناء على تحليل عمليات المداهمة التي نفذتها قوات الأمن الشرطية خلال الأشهر الفائتة لأماكن اختفاء عناصر حركة حسم، نجد أن كثيرًا من هذه العناصر تتخفى في أوساط مناطق سكنية بقلب القاهرة. حيث تختلف تكتيكات القتال في المدن السكانية عن طبيعة المواجهة في الصحراء، التي لم تتدرب عليها عناصر حسم. تلك الملاحظات تضعف احتمالية تورط حركة حسم، أو تجعلها احتمالًا مستبعدًا. ثانيًا، الاحتمال الضعيف «المرابطون» بزعامة هشام عشماوي رجّح العديد من المتابعين احتمالية قيام تنظيم «المرابطون»، بزعامة الإرهابي هشام عشماوي، وهو واحد من أهم العناصر المطلوبة لدى قوات الأمن المصرية، خاصة قوات الجيش، حيث عشماوي، الضابط المفصول من القوات المسلحة ومسؤول التدريب بتنظيم بيت المقدس سابقًا، هو من أعلن فك الارتباط التنظيمي عن تنظيم بيت المقدس، بعد مبايعة الأخير لأبي بكر البغدادي (داعش) في سبتمبر ٢٠١٤، وبناء عليه تغيّر المسمى التنظيمي إلى «ولاية سيناء». دفع هذا عشماوي لإعادة التأكيد على الارتباط التنظيمي للقاعدة، واستمرار بيعته لأيمن الظواهري، مع تكوين تنظيم جديد باسم «المرابطون»، ونقل تمركز التنظيم الجديد خارج حدود الدولة المصرية، ليستقر بمنطقة درنة بليبيا، على بعد ما يقرب من ٢٠٠ كيلومترًا من الحدود الغربية المصرية، ونقل نشاطه الإرهابي للمنطقة الغربية خارج حدود سيناء، لسهولة التحرك من ليبيا، مقر التنظيم الجديد، وإليها، بالإضافة لخبرة عشماوي بالمنطقة الغربية لمصر، حيث خدم كضابط بالصاعقة بمنطقة الفرافرة، فخبرته بالمنطقة الغربية وبطبيعة الأرض الصحراوية وبمعلوماته عن نقاط التمركز الأمني لقوات الجيش بالمنطقة، جعلت من تلك المنطقة هدفًا سهلًا لدى تنظيم «المرابطون» بقيادته. دفعت تلك الأسباب البعض لترجيح احتمالية تبعية العناصر في منطقة الواحات لتنظيم «المرابطون»، ولكن بتحليل مسار تحركات «المرابطون»، منذ آخر عملية إرهابية نفّذها التنظيم عام ٢٠١٤ (الفرافرة ٢)٬ والتي انتهت بإصابة عشماوي ومجموعة من العناصر التابعة للتنظيم، نجد عددًا من الملاحظات التي تضعف احتمالية ترجيح هذا المسار، ومنها أولًا، أن تنظيم «المرابطون» يتمركز على مسافة تقترب من ٨٠٠ كيلومترًا من منطقة المواجهة، وهي مسافة كبيرة بالنسبة لعملية نقل الأفراد والمعدات، بجانب المصاعب في عملية تلقي التعليمات بشكل مستمر. ثانيًا، ضعف تواجد العناصر التابعة لتنظيم القاعدة في الداخل المصري، حيث أغلب التنظيمات تتبع داعش تنظيميًا، أما الباقي فتنظيمات متطرفة جديدة خرجت من عباءة اللجان النوعية التابعة للجنة الإدارية للإخوان في الداخل. ثالثًا، لكي تدخل عناصر من تنظيم «المرابطون» إلى البلاد، فهناك ثلاث مسارات. المسار الأول هو جنوب منطقة إمساعد الليبية حتى شمال واحة سيوة، وهي منطقة تقع تحت سيطرة الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر، من الناحية الليبية، ومن ناحية أخرى تعتبر من المناطق الأكثر تأمينًا من قبل الدول المصرية نتيجة دفع قوات الجيش بمعدات حديثة قادمة من روسيا ٢٠١٥، ومن الولايات المتحدة ٢٠١٧، خاصة بمراقبة الحدود في هذه المنطقة الممتدة من جنوب السلوم إلى واحة سيوة، ونتيجة التقارب في العلاقة بين القبائل في هذه المنطقة والقوات المسلحة، ما يساعد على ضبط الحدود بتلك المنطقة. أما المسار الثاني، فهو جنوب واحة جغبوب، وهي النقطة الأسهل بالنسبة للعناصر الإرهابية المسلحة، للتنقل من ليبيا وإليها، وتقع تلك المنطقة تحت سيطرة تنظيم داعش ليبيا، حيث جرت السيطرة عليها من قبل التنظيم بعد هزيمته في معركة سرت على يد قوات البنيان المرصوص خلال شهر يوليو من العام الجاري ٢٠١٧، فقد أشارت بعض التقديرات الليبية والدولية لانتقال مقاتلي داعش إلى جنوب شرق ليبيا على بعد ٣٥ كيلومترًا من الحدود المصرية، ما يضعف احتمالية انتقال عناصر «المرابطون» من هذا المسار، لوقوعها تحت سيطرة داعش. أما المسار الثالث فهو جنوب مصر بالقرب من مثلث العوينات على الحدود المصرية الليبية السودانية، وهو مسار طويل جدًا يتجاوز الألفي كيلومتر، لانتقال عناصر «المرابطون» من درنة في الشمال الشرقي إلى جنوب ليبيا، ثم الانتقال إلى وسط الصحراء حتى صحراء الجيزة، وهو ما يجعل من هذا المسار مستحيلًا بالنسبة لعناصر «المرابطون». رابعًا، رغم ارتفاع قدرات مسلحي تنظيم «المرابطون»، من الناحية القتالية والتكتيكية، إلا أن عدد عناصر تنظيم «المرابطون»، طبقًا لبعض التقديرات الدولية، لا تتجاوز بضع العشرات، ما يصعّب من قدرة التنظيم على الدفع بأعداد إلى هذه المنطقة، نتيجة الضعف العددي لعناصر التنظيم. خامسًا، إذا كانت عناصر تابعة لتنظيم «المرابطون» متواجدة بالفعل بالمنطقة، كانت قوات الجيش هي من ستأخذ مبادرة المداهمة، لأسباب ترجع لمعرفة قوات الجيش بقدرات تنظيم «المرابطون» القتالية من ناحية، ولأهمية التنظيم لدى القوات المسلحة، حيث يعتبر هشام عشماوي، مع ثلاثة من قيادات التنظيم، من أهم العناصر المطلوبة لدى قوات الجيش لأسباب عدة. ثالثًا، الاحتمال المرجّح جنود الخلافة الاحتمال المرجح حول طبيعة العناصر التي تواجدت أثناء عملية المداهمة بصحراء الواحات هو كونهم عناصر تابعة لتنظيم جنود الخلافة، أو ما يُطلق عليه تنظيم «الدولة الإسلامية مصر». ظهر هذا التنظيم في الربع الأخير من العام الفائت ٢٠١٦، ونفّذ العديد من العمليات الإرهابية الكبرى، بداية من العملية ضد كنيسة البطرسية في ١١ ديسمبر ٢٠١٦، وتفجيرات كنيستي مارجرجس ومارمرقس في ٩ أبريل ٢٠١٧، مرورًا بتفجيرات كمين النقب على طريق الواحات، بالقرب من منطقة المداهمة في الكيلو ١٣٥، وانتهاء بالعملية الإرهابية المعروفة باسم «أقباط المنيا»، والتي أسفرت عن مقتل ١٦ قبطيًا بصحراء المنيا في ٢٦ مايو ٢٠١٧. ترجيح هذا الاحتمال يأتي استنادًا لخمسة أسباب السبب الأول أن تلك المنطقة تعتبر موقع نشاط وتمركز لعناصر داعش، والذي بدأ منذ يوليو ٢٠١٥، حيث جرى اختطاف مهندس كرواتي يدعى «توماسلاف سلوبك»، من طريق الواحات، وأعلن تنظيم داعش في أغسطس ٢٠١٥ إعدامه بقطع رأسه. السبب الثاني سهولة انتقال الأفراد والسلاح من ليبيا، نتيجة سيطرة تنظيم داعش على المنطقة المقابلة بالداخل الليبي. السبب الثالث إعلان وزارة الداخلية خلال الأشهر الستة الماضية عن العديد من المداهمات بالمنطقة الصحراوية، الواقعة من جنوب الجيزة وصولًا لصحراء أسيوط، بحثًا عن عناصر تنظيم جنود الخلافة، ما يدل على تمركز هذا التنظيم في تلك المنطقة التي دارت بها اشتباكات الجمعة الماضية. السبب الرابع تنظيم «الدولة الاسلامية مصر» هو من التنظيمات التي تضم عناصر ذات قدرات عالية من حيث التدريب والتسليح، كما ظهر في مجمل العمليات الإرهابية التي نفذها التنظيم خلال عام. وتدل المقارنة بين تسليح ومهارات تلك العمليات الإرهابية وبين المُعلن عنه من معلومات حول المداهمة وتكتيكات صدِّ الهجوم الأمني على تشابه في فنون القتال واستخدام السلاح. السبب الخامس بالإطلاع على نص التحقيقات مع بالمتهمين في عمليات تفجيرات الكنائس المصرية، والمنشورة في وسائل الإعلام، نجد أن أحد المتهمين، وليد أبو المجد عضو تنظيم «الدولة الاسلامية مصر»، قد اعترف بمساعدة الإرهابي عمرو سعد في نقل أسلحة ومواد غذائية لعناصر التنظيم، المتواجدة بصحراء جنوب الجيزة بالقرب من منطقة الواحات، وهي نفس المنطقة التي دارت بها الاشتباكات الأخيرة. وبتحليل مضمون اعترافات المتهم أبو المجد نجد أن أغلب مواقع التنظيم تتمركز في المنطقة الصحراوية الواقعة بين الجيزة والواحات والفيوم. هذه الأسباب الخمسة ترجّح احتمالية تواجد تنظيم جنود الخلافة «الدولة الاسلامية مصر» في منطقة المداهمة التي نفذتها قوات الشرطة بالكيلو ١٣٥ طريق الواحات. ٢ لماذا سقط كل هذا العدد؟ ويأتي التساؤل الثاني حول أسباب سقوط ١٦ ضحية من قوات الشرطة، بناء على بيان وزارة الداخلية، خلال الاشتباك مع العناصر الإرهابية. والرد عليه ينطلق من احتمالين الاحتمال الأول هو تمكن العناصر الإرهابية المسلحة من رصد تحركات قوات المداهمة، بناء على ما جرى إعلانه من تفاصيل حول عملية المداهمة، حيث خرجت قوات أمنية من محافظة الفيوم لإجراء مسح بالمنطقة قبل المداهمة بثلاثة أيام، ما قد يكون سهّل عملية رصدها من قبل العناصر المتطرفة. الاحتمال الثاني يدور حول طبيعة المعلومات التي حصل عليها جهاز جمع المعلومات، فنقص المعلومات قد يؤدي لسيناريو أقرب لما حدث أثناء المداهمة بطريق الواحات، حيث المعلومة المخابراتية لا تعني فقط أماكن اختباء عناصر متطرفة، وإنما تشمل أيضًا أعداد تلك العناصر ونوعية التسليح المتوفر لديها، وبناء على تلك المعلومات يضع ضباط تحليل المعلومة وقيادات العمليات خطة المداهمة، والتي تشمل أعداد القوات وطبيعة العناصر المشاركة والتجهيزات من حيث السيارات ونوعية السلاح المتوافر لدى القوات، بجانب التنسيق مع بعض الأجهزة الأخرى المعنية، مثل القوات المسلحة، لطلب الدعم الجوي أو المساندة البرية منها. من وجهة نظري فالاحتمال الثاني هو الأرجح. فـ«عدم اكتمال المعلومات»، أو بالأحرى «المعلومات المنقوصة» هي ما أدت لوضع خطة اقتحام لم ترتق لمستوى العملية وطبيعتها. ٣ آليات المواجهة ويبقى التساؤل الأخير عن آليات مواجهة التنظيمات الارهابية في المحافظات الحدودية وفي العمق المصري، الدلتا والوادي، وتتطلب هذه المواجهة أمرين. أولًا فهم وتحليل طبيعة وبنية كل تنظيم من التنظيمات الإرهابية، فالحديث عن تكتيكات مواجهة تنظيم ولاية سيناء، بشكل مشابه للحديث عن تكتيكات مواجهة تنظيم «المرابطون»، وبشكل مشابه لمواجهة الكتل السائلة من العناصر الإرهابية وجماعات العنف، هو خطأ في فهم بنية كل تنظيم، وهو ما ينعكس على آليات المواجهة ويضعف احتمالية تحقيق نتائج ملموسة في مكافحة الإرهاب. ثانيًا من المهم الحديث سيكولوجيًا عن تكنيكات مواجهة العناصر الإرهابية ذات الطبيعة الانتحارية، فالطبيعة الانتحارية للإرهابيين لا تهتم كثيرًا بتشديد العقوبات في قانون الإجراءات الجنائية وإعلان حالة الطوارئ، ولكن هذا ينعكس على المجتمع العادي، ويؤثر على المجال العام، بل ويساعد على إحداث نتائج عكسية تهيئ المجال لتلك التنظيمات نحو المزيد من الاستقطاب. وفي النهاية، تظل التساؤلات حول ملابسات واقعة الكيلو ١٣٥ طريق الواحات مطروحة، وتظل السيناريوهات مفتوحة، ورحم الله شهداءنا وحفظ مصر.
«أطفال في محاضن الجهاد» عندما تتحدث «داعش» عن تربية الأطفال عمر سعيد ٢٠ أكتوبر ٢٠١٧ على الرغم من أن نشأة تنظيم الدولة الإسلامية، كانت على إثر خلاف فكري عميق بين قطبي الجهادية العالمية أيمن الظواهري وأبو بكر البغدادي، حول المُفاضلة بين تأسيس دولة للإمارة وتعيين حدودها وبين التخفي داخل حدود أعداء الأمة. إلا أن التنظيم الناشئ غاب عنه الإنتاج الفكري والنظري، فاعتمد على الأدبيات نفسها التي يعتمد عليها «القاعدة»، وعَجّل بالممارسة العملية لدور "الدولة" بداية من تنظيم المرور في الشوارع، وحتى عمليات تصدير النفط وبيعه في السوق الموازية. لكن مع سيطرته على مدينة الرقة السورية، وبداية تشكّل مظاهره المدينية، التي عكست فكره المتشدد من تنفيذ أحكام قطع الأيدي والرجم والجلد، أخذ التنظيم في الاهتمام بالبعد الاجتماعي، وما يتطلّبه من تنظير فكري. بالطبع كانت الأولوية لموضوع تربية الأطفال بهدف تخريج جيل جديد من المجاهدين. قراءة لكتاب «أطفال في محاضن الجهاد» لأم عمارة المهاجرة، يمكن أن تعطي فكرة جيدة عن وجهة نظر «المجاهدين» في تربية أطفال الدولة الإسلامية. تبدأ أم عمارة كتابها بالإشارة لأهمية الموضوع «إن حياة الهجرة والجهاد تعني أن الأطفال سيشاهدون الطائرات المتربصة ويعرفون معنى المطاردة والخطر منذ سن مبكرة وقد يعيشون القصف حيًا.. ألعابهم حربية، وأحلامهم حربية ونقاشاتهم حربية بل حتى نكتهم وطرائفهم حربية.. يتعلم الأطفال معنى الشهادة والجنة والموت، يعرفون معنى اليتم وافتقاد الأب». وقبل أن تدخل أم عمارة في إرشاداتها لتربية الأطفال، تصف سريعًا ملامح دور الوالدين في التنظيم. الأم هي «بهجة البيت، تقلبه سعادة بأبسط الموجود وتظهر أروع عطاءاتها في الأعياد وشعائر الإسلام، ذلك أنها تقود جبهة جهادية لوحدها، هدفها، تربية طفل مسلم مجاهد معتز بدينه وبأمته». أما الأب «متواجد وغير متواجد، بل إن أغلب الأسر في الجهاد يحرمون من تواجد الآباء، وإن وجد فهو في شغل منشغل.. قد يخفى عليه الكثير من أحوال أبنائه وقد يتفاجأ بهم وقد كبروا وفقهوا». وبعد حديث طويل عن حصرية حمل الأم لمسؤولية تربية الطفل، تبدأ الكاتبة رحلتها، بالأزمات التي تواجهها المربية مع رضيعها، بسبب الأوضاع الصعبة لحياة الجهاد من اختفاء التطعيمات واللقاحات مثلًا. تصف المأساة بقولها «أتحدث عن أمراض لا يفكر فيها أهل المدن ومرتادي المستشفيات التي توفر التطعيم في كل حين لأطفالهم، إنما أتحدث عن حياة أولئك الرحالة الذين لا يمكنهم توفير هذا النوع من التحصين لفلذات أكبادهم». بعد أن تحيل أم عمارة هذه الأزمات إلى «رحمة الله» وحدها، تنتقل في نفس الفقرة للحديث عن إجراءات الوقاية البدائية. فتشير إلى أهمية استخدام العسل والحبة السوداء وزيت الزيتون، واستعمال الناموسيات عند النوم. هذا بالإضافة إلى التوعية من ميل الطفل الطبيعي للاكتشاف. تقول أم عمارة «من أصعب فترات تربية الطفل هي فترة السنتين والثلاث سنوات.. غالبا ما تكون مرحلة استكشاف يريد من خلالها الطفل معرفة الكثير عما يدور حوله. وأخطر ما على الأم التنبه له هو الأسلحة والمسدسات وخاصة القنابل اليدوية أو السوائل الحارقة». بعد هذه المرحلة، ينتقل الكتاب للمرحلة الابتدائية، من سن ٤ إلى ٩ سنوات، وما تتضمنه من مهمة أساسية وهي التعليم. ولأن المدارس تتوقف عن العمل في بلاد الجهاد، أو حتى لأن المجاهدين قبل هجرتهم للدولة الإسلامية يفضلون عدم الزج بأطفالهم في المدارس التقليدية، تضع الكاتبة أمام الأمهات حلَّين إما المدارس الجماعية في المنازل أو التعليم الفردي في المنزل أيضًا. وهنا تطرح الكثير من الأفكار. ضرورة البدء بتحفيظ القرآن، تعليم الكتابة والقراءة والمفاهيم البسيطة للعقيدة، إدخال الفقه والسيرة النبوية في المناهج بحسب درجة استيعاب الطفل. ذلك مع ما يمكن إضافته من مناهج تعليمية يضعها الجهاديون بأنفسهم. كما تعرّضت لإمكانية استخدام بعض المناهج المقدَّمة في المدارس النظامية «بشرط أن تتم مراجعة المواد واستبدال العبارات التي تهدم لا تبني». وقدمت مثالًا لعملية المراجعة «تصفحت كتابًا لتعليم اللغة العربية في منهاج السعودية، كان مدرجًا كسؤال للطلبة، ماذا يمكننا أن نقدم لأهلنا في فلسطين؟ فكان الجواب المقتصد نقدم لهم الدعاء.. في مثل هذه الحالة نقوم بتصحيح الجواب ونجعله نقدم لهم الإعداد والجهاد والإنفاق وفي أضعف الإيمان الدعاء». في القسم الخاص بالمرحلة الإعدادية، الممتدة من سن العاشرة إلى سن البلوغ، أسدت الكاتبة بعض النصائح التعليمية والسلوكية. تبدأ من إدخال «لغة العدو الانجليزية» في المناهج التعليمية. وضرورة الحديث عن اغتصاب اليهود لفلسطين وعدوان الأمريكان على المسلمين. كما تتطرق لأهمية تكليف الطفل الذكر ببعض المهام، كإصلاح الأدوات أو ائتمانه على سر أو تحميله مسؤولية تُشعره بأهميته. كما تفرِد أم عمارة مساحة للإشارة لنوعية الهدايا المناسبة لمتطلبات العمر، مثل الكتب التي تحكي عن بطولات المسلمين، أو الإصدارات الجهادية والوثائقيات العلمية وحتى العسكرية. ولتعليمه الإدارة المالية، توصِي بمنحه مصروف صغير مع مراقبة سلوكه المالي. وأخيرًا تنادي بتعويد الذكور على حضور معسكرات التدريب المصغَّرة، لتلقي تدريبات رياضية وبدنية. يزداد الفضول عن الأفكار الواردة في الكتاب عندما تعرض الكاتبة تحذيراتها للأبوين بخصوص التربية، لاسيما إذا اضطرا لإنزال العقاب بالطفل، فتنبه لضرورة اللجوء للحوار قبل العقاب، لأن كثيرًا ما يعاقب الطفل بدون أن يعرف سبب عقابه. كما تضع ضوابط للعقاب، فلا يكون لسوء فهم أو بلادة أو قلة استيعاب إنما يكون لقلة أدب أو لسلوك وجب تقويمه. كما تحفز الأبوين لإتباع الوسائل الترغيبية والتشجيعية لكسب اهتمام الطفل ورفع همّته. نلاحظ من قراءة بعض إرشادات أم عمارة في هذا القسم؛ عدم اختلافها الشديد مع اتجاهات المدارس الحديثة في التربية، فتحذٍر الآباء مثلًا من الإهانة المستمرة والتحقير المتزايد للطفل لأن ذلك يفقده الثقة في نفسه ويولد الكره لأهله. كما تؤكد على مراعاة الحالة النفسية والمرضية للطفل وبحث أسباب التراجع الدراسي أو التغير في السلوك أو العنف، وتدعو لاعتماد اللعب والترفيه والعمل الجماعي كأساليب مهمة للتعليم. وعند اتخاذ الأبوين قرار العقاب، تنصح أم عمارة بأن يكون الضرب آخر الوسائل الترهيبية لا أولها، فتقترح أن يبدأ تقويم السلوك بالموعظة والإفهام، ثم بالتهديد والجدية في التأنيب، ثم إن تعدى فالحبس في غرفة لبضع دقائق بحسب حجم الخطأ وأيضًا بحسب سرعة توبته واعترافه بالخطأ. كما تشدد على أن يكون الضرب معقول في إيلامه، بحيث لا يسبب أذية واضحة أو مرض. وعلى الرغم من اهتمام أم عمارة بضرورة تنشئة الأطفال كمجاهدين، إلا أنها أفردت مساحة معتبرة للتحذير من مشاهدة الأطفال للإصدارات الجهادية التي تحتوي على مشاهد قاسية، وأكدت على ضرورة خضوع ذلك لإشراف الأم، ضاربة المثل بطفل شوهد يحاول ذبح شقيقه الأصغر وهو يردد «مرتد.. مرتد»، مقلِّدًا لمشهد رآه في إصدار جهادي. «الحفاظ على المتفجرات بعيدًا عن متناول الأطفال»، و«مراقبة مشاهد الذبح في الإصدارات الجهادية»، نصائح تتطرق إليها أم عمارة المهاجرة باعتياد شديد يتماشى مع الصورة النمطية لمقاتلي التنظيم ومواطني الدولة المزعومة. إلا أن الكثير من الأمور المدينية التي طرحتها في كتابها عن العقاب والثواب، وعن معالجة الآثار النفسية للأطفال والمراهقين، تُعيد فرضية بديهية إلى الأذهان، ربما حاول الكثيرون الهرب منها، وهي أن هؤلاء ليسوا ظواهر بشرية مفاجئة غريبة بالكلية عن المجتمع، يريدون إقناع أنفسهم بأنهم لم ينسلخوا تمامًا عن قيمه المرتبطة بالحياة، مهتمون بتصدير تلك الصورة «الإنسانية» عن أنفسهم إلى أتباعهم على الأقل.
قارن أيمن الظواهري مع:
شارك صفحة أيمن الظواهري على