أحمد علي

أحمد علي

هذا الإسم ينتمى لأكثر من شخص طبقأ لويكيبيديا، يرجى الأخذ فى الإعتبار ان جميع البيانات المعروضة فى تلك الصفحة قد تنتمى لأى منهم.

أحمد عوض علي سياسي مصري. أحمد علي (كاتب) أحمد علي - لاعب كرة قدم مصري لعب للأهلي المصري أحمد علي كامل - لاعب كرة قدم مصري لعب للإسماعيلي المصري والهلال السعودي أحمد علي عطية الله - كاتب مصري أحمد علي عبد الله صالح - ابن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أحمد علي لاعب كرة قدم إماراتي. ويكيبيديا

أحمد علي وهو لاعب كرة قدم مصري يلعب لنادي المقاولون العرب. <br />في ٣٠ مايو ٢٠١٨ انتقل لنادي الجونة لمدة ثلاث مواسم. ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بأحمد علي؟
أعلى المصادر التى تكتب عن أحمد علي
أحمد علي يكتب في كلمة صدق "صباح" يحلق في القمة .. قبل وبعد انعقاد "القمة" ........................................................ "قمة التعاون" .. غاب كبارهم وحضر كبيرنا "تميم المجد" ......................................................... الكويتيون يرحبون بضيوفهم القطريين ولسان حالهم يقول "حي الله هل قطر" ........................................................ «الأمين العام» يتابع حصار قطر بانبهار .. وكأنـه يشـاهد لـوحـة «مخـلص العــالم» ....................................................... على مدى ٥ أيام كنت في الكويت، حاضراً بين أبراجها الثلاثة، التي تعكس شموخها، وثباتها على موقفها، وعلو مكانها وكــــيانها وبنــيانها، شاهداً على نجاحها، في تجاوز أزمتيــــن فــــي غاية التعـــقيد والحــــساســـية، أولاهما استضافة الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس التعاون لدول الخليج العربية كاملة النصاب، بكل ما رافقها من تعقيدات المشهد الخليجي المعقد، على وقع عقدة الحصار الجائر المفروض على قطر، حيث تعصف الخلافات الحادة بين أعـــــضاء «مجـــلس التــــعاون»، بشـــأن كيفية التـــــعاطي مع هذه الأزمة المفتعلة، التي تم افتعالها ضد الدوحة منذ شهر مايو الماضي. أما الأزمة الأخرى التي نجحت الكويت في تجاوزها ،فهي رفع الإيقاف الدولي عن حركتها الرياضية، بما يسمح لانطلاق شبابها ورياضييها للمشاركة في ساحات البطولات وكافة المنافسات الدولية، بعــــد رفع الحــظر الدولي المـــــفروض على النـــــشاط الريــــاضي الكويتــــي خارجـــياً، مما يــــعد انتصاراً لقيادتها الرشيدة، التي ساهمت في إقرار القوانين ذات الصلة بهذه القضية، بفضل التوجيهات الأبوية لسمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الشقيقة، انطلاقاً من حرصه على إعلاء مكانة بلاده. إضافة إلى التعاون البنّاء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مما أسهم في استئناف النشاط الرياضي الكويتي، الذي سيتوج باستضافة بطولة «خليجي ٢٣»، بعد موافقة قطر على نقلها إلى الكويت، صاحبة الحق الشرعي في استضافتها. .. وما من شك في أن هذا الإنجاز الريـــــاضي لا يــقل في قيمته بل قوته عن المنجز السياسي الذي حققتـــــه الكويـــــت، عبــــر نجاحــــها في اســــتضافة القمة الخليجية، رغم الصعوبات التي واجهتها، والعقبات التي رافقتها، والعراقيل التي وضعت لإفشالها! .. وقبل أن أخوض في قمة مجلس التعاون الثامنة والثلاثين، وأكشف بقلمي عن ما دار في كواليسها، أتوجه بأسمى آيات الشكر والعرفان إلى الكويت، أميراً وحكومة وشعباً، على استضافتهم الكريمة للحدث الخليجي، وجهودهم الحثيثة لإنقاذ القمة، ومساعيهم الصادقة لانعقادها في موعدها، مكتملة النصاب، في إطار الحرص الكويتي المعهود على وحدة الصف الخليجي. .. والشكر موصول إلى سعادة الشيخ محمد العبدالله الصباح وزير الدولة لــــــشؤون مجلـس الوزراء وزيــــر الإعــــلام بالوكالة، وإلى الأخ الصديــــق طارق المزرم وكيل وزارة الإعلام الكويتية. .. وشكري متواصل ومتصل إلى كوادر الوزارة، وفي مقدمتهم الأخ والصديق محمد البداح مدير المركز الإعلامي للقمة، الذي قدم كافة التسهيلات للوفود المدعوة، وكان حريصاً على توفيــــر كل ما يساهم في أداء دورهم، وإنجاح مهمتهم. .. ووسط كل تلك الجهود المقدرة، والترتيب المتميز، والتنظيم عالي المستوى للاستضافة الكويتية، التي أظهرت الوجه الحضاري للشعب الكويتي الشقيق، كانت دول الحصار تقود، على الطرف الآخر، حملة شرسة، هدفها التشويش على «قمة الكويت» لمنع انعقادها بمشاركة قطر! لكن دولة الكويت الشقيقة صمدت في وجه تلك الحملة الضارية، وواجهتها بحكمتها المعهودة، وتوجت مســاعيـــها الحكيمة بعقد القمة في موعدها كاملة النصاب، دون استثناء أي دولة عن حضورها. .. وانطلاقاً من ذلك الحرص الكويتي، سادت الأوساط الكويتية حالة من التفاؤل عشية انعقاد القمة الخليجية، بعد شيوع خبر أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز سيرأس وفد بلاده، لكن فرحة الكويتيين سرعان ما انقلبت إلى حالة من الإحباط والاستياء الشديدين، اللذين سريا في مختلف الأوســـــاط الشــعبـــية، بعد قيـــام السعــــودية والإمــــارات والبحرين بتخفيض مستوى تمثيلها إلى المستويات الأدنى! لقد حاولت دول الحصار إفراغ القمة الخليجية من فحواها والتقليل من قيمتها ومحتواها، عبر تخفيض مستوى تمثيلها، إلى أدنى مسـتويات التمثيل، وهذا لا يشـــكل رســــالة سياسية سلبية موجهة إلى قطــــر، بقــــدر ما يعكــــس عدم تقدير الجهود الحثيثة التي بذلتها الدولة المضيفة لعقد القمة في موعدها كاملة النصاب. .. والمؤسف أن رئيسة الدورة السابقة لمجلس التعاون، وهي مملكة البحرين، لم تحترم القواعد البروتوكوليـــة ، حــــيث كــــان من الواجــــب حـــــضور العـــــاهـــل البحرينـــي بصـــفته رئيــــساً للــــــدورة الســــابعــــة والثــــلاثيـــــن، وتسليم الأمانة إلى رئيسها الجديد سمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الشقيقة. .. ورغم كل المحاولات التي بذلتها دول الحصار لإفشال القمة الخليجية، جـــاءت المشاركة القطرية في قمة الكــــويت، برئاسة حـــــضرة صاحب الســــمو الشــــيخ تميــم بن حمد آل ثاني أميــــر البــــلاد المفـــدى، لتشـــكل انتصاراً سياسياً للدولة المضيــــــفة وقيادتـــها وشعبها، كما شكـــل حــــضور «تميم المجد» فــي القـــمة نصراً دبلوماسيا لدولتنا المحاصرة قطر، ودحضاً للمزاعـــم والادعــــاءات التي روجتـــها دول الحـــــصار، حـــــول ما يســـــــمى «الدعــــــم القطـــري للإرهــاب»، خــــاصــــــة بــعــــد جلـــــوس ممــــثـــلي السعودية والإمارات والبحرين جـــــــنباً إلى جــــنب مـــع صاحــب الســـــمو صانع القرار القطري، والتقاط الصور التذكارية مع سموه. .. ورغــــم أن الأمــــور ســــارت في قــــمة الكــــويـــــت بعــــيداً عــــــن أجـــواء الحل النهائي للأزمة الخليجية، إلا أنه يكـــفي أن أصحـــاب الادعـــــاء الذين يتهمون قطر بدعم «الإرهاب» جلسوا مع وفدنا الرسمي على طاولة واحدة. .. ولكل هذا، فإن مجرد انعــــقاد قمة مجلس التعاون في موعدها ومكانها كاملة النـــصاب، بعدمـــــا كانــــت حتى الأمـــــس القريــــب مهــددة بالإلغاء، أو مرشحة للتأجيل، يعد مكسباً للدبــلوماســـية الكويتـــــية، التي تبــــذل جهوداً خارقة لتسوية الأزمة الخليجية. .. ويكفي أن نعلم أن قمــة الكويـــت كانت حتى أواخــــر الشهر الماضي بحكم الملغاة، بسبب إصرار دول الحصار على عدم المشاركة في قمة تحضرها قطر، ولهذا سعت تلك الدول المتآمرة على الدوحة لنقل القمة إلى عاصمة خليجية أخرى، وهذا ما رفضتـــه الكويــــت، التي أصــــــرت على عقــــد قـــــمتــــها مكتملة النصاب، بحضور قطري رفيع المستوى، رافضة استبعاد أي من الــدول الـــــست عن القمة الخليجية التي تستضيفها. لقد حرصت دولتنا على المشاركة في قمة الكويت بوفد عالي المستوى، برئاسة قائد الوطن، ولم تكن تلك المشاركة القطرية السامية نابعة من ظرف سياسي طارئ، وإنما جاءت لتــؤكــــد إيمان قطــــــر، قـــيادة وشعــباً، بـــضــــرورة دعم العمل الخليجي المشترك، والإيمان القطري بأهمية استمرار مسيرة مجلس التعاون، والحرص القطري على إنجاح قـــمة الكــــويت، تقديرا لجهود حكيم الخليج الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله. .. وما من شك في أن مشاركة قطر في القمة الخليجية، ممثــــلة بأميرنا «تميم المجـــد»، جــــاءت ترسيـــخاً للمبـــــادئ القطريـــة الثابتة بضـــــرورة وحدة الصف الخليجــــــي، وتــــرك الخلافات المفتــــعلة جانــــباً، خاصــــــة أن تحديات المرحلة تتــطلب المزيــــد من التكاتــــف الأخــــــوى، إدراكـــــاً من قيــــادتنـــا الرشيــدة أن «مجلس التعاون» بعد مرور ٣٧ عاماً على تأسيسه، بات، بدوله كلها، يواجه واقعاً خطيراً، في ظل التحديات والتهديدات التي تستهدف دول المنطقة، مما يستدعي ضرورة اللحمة الخليجية.. .. وليس سراً أن قمة الكويت انعقدت في ظل ظروف إقليمية معقدة، وتقلبات عربية بالغة التعقيد، أبرزها التطورات الحادة، والمستجدات الجادة على الساحة الفلسطينية، على وقع تسريبات إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وهو القرار الذي تم إعلانه بالفعل في اليوم التالي للقمــــة، في إطــــار اعتــــرافــــه، غــــير القانوني وغير الشرعي وغير المشروع، بأنها «عاصمة إسرائيل». .. وما من شك في أن هذا «القرار الترامبي» الأحادي الجانب يخالف قرارات الشرعية الدولية، بشأن الوضع السياسي والقانوني والتاريخي والإنساني للمدينة المقدسة، وينتهك قــــرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، كما يشكل استفزازاً لمشاعر المسلمين، وإخلالاً بركائز عملية السلام في الشرق الأوسط، وخرقاً من الرئيس الأخرق، ولا أقول الخارق لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة. عدا تقلبات الأزمة اليمنية المتقلبة، التي لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها في أي اجتماع خليجي، خاصة بعد مقتل الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح على يد ميليشيات الحوثي. .. ووسط كل تلك التحديات الخطيرة كان عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية يحلق وحيداً في عالم الخيال، متناسياً أن هناك شرخاً كبيرا أحدثته أزمة الحصار الجائر المفروض على قطر، على جميع المستويات السياسية والشعبية والاقتصادية والاجتماعية. .. لقد نسي «الأمين العام» في خطابه أمام قمة الكويت أن المرحلة الواهنة بإشــــــكالــياتها الراهنــــة ينبـــغي أن تـــدفـــع الجمــــيع إلى ضــــرورة تسوية الأزمة الخليجية، بشكل جذري، بعيداً عن محركات التأزيم. .. ولا أبالغ عندما أقول إن خطاب عبداللطيف الزياني الذي أطــــلقه فـــي الجلسة الافتتاحية لقمة الكويت، ينتمي إلى الخيال العلمي، حيث امتطى «الأمين العام» مركبة خيالية سارت به عبر «نفق الزمان» ليصل إلى عام ١٩٨١، وبالتحديد إلى يوم الخامس والعشرين من مايو، الذي شهد تأسيس مجلس التعاون. لقد تحدث الزياني عن ضرورة تعزيز التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء، معبراً عن تطلعاته إلى الغد المشرق، ويبدو أنه كان مستعجلاً لإنهاء القمة الخليجية بسرعة خيالية، لضــــمان العودة الســـريعة إلى مكتــــبه في الريــــاض، ولــــهذا اضــــطر ــ اضــــطراراً ــ للاســــتعانــــــة بأرشيف خطابات عبدالله يعقوب بشارة الأمين العام الأول لمجلس التعاون، خلال الفترة من مايو ١٩٨١ حتى أبريل ١٩٩٣. كــــان خطـــاب عـــــبداللطــــيف الـــزياني فـــي قـــمــة الـــــكويــــت خـــيالـــياً، وخالياً من أي إشارة إلى أزمة حصار قطر، التي يعاني منها شعبنا القطري منذ شهر مايو الماضي! .. ولا أدري كيف يمكن أن يتحقق التعاون والتكامل والترابط الذي تحدث عنهم الزياني، بينما مملكة البحرين، تفرض تأشيرة دخول على القطريين، رغم أنها كانت تتولى رئاسة الدورة السابقة لمجلس التعاون، ويفترض أن تكون أكثر الدول حرصاً على مصالح المواطن الخليجي! .. ولا أدري أيضاً كيف يمكن أن يترسخ ما ورد في خطاب الزياني، الذي ألقاه في قمة الكويت، بينما القطري لا يستطيــع أن يزور جدته فــــي البــــحــرين، أو خالته في الإمارات، أو يتواصل مع أبناء عمومته في السعودية! .. وكيف يمكن أن تتحقق الأفكار الخيالية التي طرحها عبداللطيف الزياني، في خطابه، أمام القمة الخليجية، بينما الإمارات تعاقب مواطنيها لمجرد قيام أحدهم برد السلام على مواطن قطري، في حال الالتقاء معه بالصدفة في أحد المحافل الدولية الخارجية، كما حدث مع يوسف السركال رئيس هيئة الرياضة العامة في الامارات، الذي واجه «إرهاباً الكترونياً» لمجرد أنه صافح سعادة الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني، رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم، عنـــدما التــــــقـــاه في بــــــانـكــــوك، لـــدرجــــــة أن «مــــــزروعـــــي أبـــوظــــبي» زارع الفتنة في الأوساط الخليجية، وصف «السركال» بأنه «نعال» أعزكم الله!. لقد تحدث الزياني خلال القمة الخليجية بأسلوب فولكلوري، ولن أقول فكاهي، عن التعاون الخليجي، رغم أنه يعلم جيداً أن دول الجوار تفرض حصاراً جائراً على المواطن القطري، لا يستطـــيع من خـــلاله حتى متابعة أعماله التجارية، واستثماراته المحتجزة في الإمارات! .. وكنا نتوقع أن يكون خطاب الأمين العام لمجلس التعاون في قمة الكويــــت، خطـــاباً واقــــعــــياً، ولـــيس إنـــشائيـــــاً، يطـــــرح مــــن خـــــلاله حلولاً جذرية للأزمة الخليجية، تتناسب مع حدتها، وتتوافق مع عمقها، ويتعــــاطى معــــها برؤيــــة استراتيجية، ويـــــقــــدم من خــــلال خطــــابه مخارج واقعية قابلة للتنفيذ، تتضـــمن الحلول المناسبـــة التي تــــساهــــم في حل عقدتها. لكننا فوجئنا أن الزياني يتحدث بلغة لا تنتمي إلى واقعنا المؤلم، ولا تنسجم مع وضعـــــنا الخليـجي المتأزم، ناســــياً أو متـــناسياً أن في عهده اندلعت شرارة الأزمة الخليجية، التي ظل يتفرج عليها بانبهار، ولا أقول انهيار، وكأنه يشاهد لوحة «مُخَلِّص العالم»، المعروفة باسم «سالفاتو موندي»، التي رسمها الفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي عام ١٥٠٥، وقام أحد أمراء السعودية بشرائها بمبلغ نصف مليار دولار تقريباً، في زمن «مكافحة الفساد» والمفسدين، في حين أن راتب الخريج السعودي المتخرج من أعرق الجامعات العالمية لا يكفي لتغطية أبسط احتياجاته اليومية، ولا يغطي التزاماته الشهرية! .. ورغم علمي وعلم جميع الخليجيين، أن الأمين العام لمجلس التعاون مجرد موظف تنـفيذي، لا يستطــــيع سوى تنفـــــيذ مـــا يــــؤمر بــه، لكنـــنا أردناه أن يحترم عقولنا، ولا يطرح في قمة الكويت خطاباً خيالياً، عقيماً في أسلوبه، سقيماً في معانيه، لا ينتمي إلى العصر الذي نعيشه، ولا ينسجم مع مخاطر الأزمة الخليجية التي تحاصرنا. .. والمؤسف أن خطاب الزياني أمام القمة الخليجية غلبت عليه اللغة الإنشائية الخيالية الفضفاضة البعيدة عن الواقع الذي نعيشه في قطر، رغم أن لنا في «مجلس التعاون» نصيباً متساوياً، مثلنا مثله، ولهذا نريده أن لا ينسى أننا شركاء في تأسيس ذلك المجلس، مثل أشقائنا البحرينيين والسعوديين والإماراتيين وغيرهم، ولنا حقوق كمواطنين قطريين ينبغي عليه بصفته «الأمين العام» أن يكون أميناً عليها، ويسعى للدفاع عن مصالحنا، نيابة عنا.. .. وليعذرني الأميــــن العـــام لمجــلس التـــعاون عـلى صراحتي معه، لأن «إعلان الكويت» المنبثق عن القمة الخليجية دعا الكتّاب والمفكرين ووسائل الإعلام في دول المجلس إلى تحمل مسؤولياتهم أمام المواطن الخليجي، والقيام بدور بناء وفـاعل لـــدعـــم وتعـــــزيــز مــــسيرة مجلـــــس التـــعاون، بمــــا يحـــقق المصالح المشتركة لدوله وشعوبه. .. وانطلاقاً من تلك الدعوة، فإنني أوجه خطابي بكل وضوح وصراحة وشفافية، إلى معالي «الأمين العام» عبر تسجــيل ملاحظـــاتي على خطابه الخيالي في القمة الخليجية، الخالي من أي إشارة إلى الأزمة التي تحيط بنا، وتحاصرنا حتى في لقمة عيشنا، وتسبب الكثير من العذابات والمعاناة لنا، في ظل استمرارها بلا حل. لقـــــــد تحـــدث الزيــاني عن «التـــعاون الخليــــجي» ناســـياً أو متـــناســياً ضياع سنة دراسية كاملة على العديد من الطلبة القطريين، الذين يتلقون تعليمهم في جامعات الإمارات، بعدما تم «طردهم» منها، دون مراعاة أبسط حقوقهم الدراسية. تحدث الزياني عن «التكامل الخليجي» بشكل جعلني أشعر، من خلال خطابه، أنه يعيش في غيبـــوبة، ولـــن أقول أنه غائب أو مغيب، حيث تحشد الرياض بالقرب من مكتبه في مقر «الأمانة العامة» لمجلس التعاون قبائلها ضد قطر، وتحرضهم على الانقلاب على الدوحة، وتقوم بتشجيع وإحياء النزعة القبلية على حساب المواطنة الخليجية، ولم نسمع للزياني صوتاً يدين هذه الأعمال التحريضية، أو يشجب تلك الأفعـــال التــخريبــــية، أو يستنكر تلك المواقف التآمرية! أخيراً إذا كان هناك من زاوية لا بد من التركيز عليها في القمة الخليجية، فهي توجيه الشكر مجدداً إلى أهلنا الكرام الأعزاء في الكويت، على كرم الضيافة، وحسن الاستقبال، حيث كان الكويتيون يستقبلوننا في كل موقع نزوره، ولسان حالهم يقول «حيّ الله هل قطر». كنت في الكويت شاهداً، وليس مشاهداً، على نجــــاحـــها في استضافة القمة الخليجية، تلبية لدعوة كريمة تلقيتها من وزارة الإعلام الكويتية، برفقة عدد من الأكاديميـــين والإعلاميــين القطـرييـــن، من بيـــنهم الدكــتور ماجد الأنصاري، والدكتــــور نايــف بـــن نهار الشـــمري، والــــزمـــيل جابر الحرمي، والإعلامي عبدالعزيز آل اسحق، ومشعــــل الهاجري، وعبـــدالله العمادي، وعــــمـــر الجمــــيلي مــــــن تليــــفــــزيــــون قــــطر، وريم يوسف الحرمي من المكتب الإعلامي بوزارة الخارجية. كنت هـــناك على مــــدى ٥ أيــــام، مقــــيماً عـــلى شاطئ المســـيلة، حيث الموجة الخليجية تسابق أختها، لتتهادى أمواج الخليج على الساحل الكويتي، وحيث البحر يروي قصة الشراكة الأخوية التاريخية الجغرافية العائلية بين الكويت وقطر. كنت في الكويت، بلد الوساطة الحكيمة، التي لم يدخر أميرها صباح الأحمد جهداً إلا بذله، ولا باباً إلا طرقه، ولا سبيلاً إلا سعى إليه، ولا منفذاً إلا حرص على النفاذ منه، لحل الأزمة الخليجية. .. ولكل هذا يستحق سموه أن يكون مرشحاً دائماً لنيل «جائزة نوبل» للسلام، تقديرا لما يبذله من جهود خيّرة لتقريب وجهات النظر المتباعدة بين الفرقاء الخليجيين، وصولاً إلى تسوية أزمتهم المفتعلة، بما يساهم في تعزيز الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة. لقـــد أثبـــت صبـــــاح الأحمـــد بإرادته التي لا تليــن، وعزيمـته التي لا تستـــكين، وحرصه المشهود، وإخلاصه المعهود، تمسكه بوحدة الصف الخليجي، مؤكداً من خلال دبلوماسيته الحكيمة، أهمية أن يبقى «مجلس التعاون» بمنأى عن الخلافات، مهما كانت ضراوتها، بحيث لا تتعطل آليات انعقاده. .. ولعل مبادرته المتمثــــلة في الدعــــوة لتشكـيل لجــــنة تعـــمل على تعديل النظام الأساسي لمجلس التعاون، تعكس هذه الحقيقة، حيث يحرص سموه على إقرار آلية واضحة ومحددة لفض النزاعات، في إطار احترام سيادة الدول الأعضاء في المجلس. هكذا بـــدأت وانتـــهت القمـــة الخليجــية الثامـنة والثلاثون، التي استضافتها دولة الكويت الشقيقة، وشهدت أرقاماً غير مسبوقة من ناحية مستوى تمثيلها، ومدة انعقادها، ومستويات تعقيدها، والظروف المسبببة لعقدتها. .. ورغم كل هذه العقدة الخليجية المتورمة, لا يعيب قمة الكويت أنها كانت الأدنى تمثيلاً, والأسرع زمناً، والأقل عدداً, في المتحدثين خلال جلساتها، والأقصر زمناً، حيث استمرت جلستها الافتتاحية نحو ربع ساعة، فيما استغرقت جلستها الختامية ٧ دقائق! .. ويكفي الكويت فـــخراً أن أميـــــرها صبــاح الأحــــمد يحلـق عالياً في القمة، قبل وبعــد انعقاد «القمة»، عـــالي الهـــمة، ســــاعياً بحكــــمــته لتـــوحيد الأمة، وإزالة مسببات الغمة، وتسوية الأزمة. أحمد علي مدير عام صحيفة الوطن القطرية
أحمد علي يكتب «صباح» يحلق في القمة .. قبل وبعد انعقاد «القمة» «قمة التعاون» .. غاب كبارهم وحضر كبيرنا «تميم المجد» الكويتيون يرحبون بضيوفهم القطريين ولسان حالهم يقول «حيّ الله هل قطر» «الزياني» يستعين بخطابات «بشارة» في مرحلة تأسيس «مجلس التعاون» دون الإشارة إلى الأزمة الخليجية «الأمين العام» يتابع حصار قطر بانبهار .. وكأنـه يشـاهد لـوحـة «مخـلص العــالم» على مدى ٥ أيام كنت في الكويت، حاضراً بين أبراجها الثلاثة، التي تعكس شموخها، وثباتها على موقفها، وعلو مكانها وكــــيانها وبنــيانها، شاهداً على نجاحها، في تجاوز أزمتيــــن فــــي غاية التعـــقيد والحــــساســـية، أولاهما استضافة الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس التعاون لدول الخليج العربية كاملة النصاب، بكل ما رافقها من تعقيدات المشهد الخليجي المعقد، على وقع عقدة الحصار الجائر المفروض على قطر، حيث تعصف الخلافات الحادة بين أعـــــضاء «مجـــلس التــــعاون»، بشـــأن كيفية التـــــعاطي مع هذه الأزمة المفتعلة، التي تم افتعالها ضد الدوحة منذ شهر مايو الماضي. أما الأزمة الأخرى التي نجحت الكويت في تجاوزها ،فهي رفع الإيقاف الدولي عن حركتها الرياضية، بما يسمح لانطلاق شبابها ورياضييها للمشاركة في ساحات البطولات وكافة المنافسات الدولية، بعــــد رفع الحــظر الدولي المـــــفروض على النـــــشاط الريــــاضي الكويتــــي خارجـــياً، مما يــــعد انتصاراً لقيادتها الرشيدة، التي ساهمت في إقرار القوانين ذات الصلة بهذه القضية، بفضل التوجيهات الأبوية لسمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الشقيقة، انطلاقاً من حرصه على إعلاء مكانة بلاده. إضافة إلى التعاون البنّاء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مما أسهم في استئناف النشاط الرياضي الكويتي، الذي سيتوج باستضافة بطولة «خليجي ٢٣»، بعد موافقة قطر على نقلها إلى الكويت، صاحبة الحق الشرعي في استضافتها. .. وما من شك في أن هذا الإنجاز الريـــــاضي لا يــقل في قيمته بل قوته عن المنجز السياسي الذي حققتـــــه الكويـــــت، عبــــر نجاحــــها في اســــتضافة القمة الخليجية، رغم الصعوبات التي واجهتها، والعقبات التي رافقتها، والعراقيل التي وضعت لإفشالها! .. وقبل أن أخوض في قمة مجلس التعاون الثامنة والثلاثين، وأكشف بقلمي عن ما دار في كواليسها، أتوجه بأسمى آيات الشكر والعرفان إلى الكويت، أميراً وحكومة وشعباً، على استضافتهم الكريمة للحدث الخليجي، وجهودهم الحثيثة لإنقاذ القمة، ومساعيهم الصادقة لانعقادها في موعدها، مكتملة النصاب، في إطار الحرص الكويتي المعهود على وحدة الصف الخليجي. .. والشكر موصول إلى سعادة الشيخ محمد العبدالله الصباح وزير الدولة لــــــشؤون مجلـس الوزراء وزيــــر الإعــــلام بالوكالة، وإلى الأخ الصديــــق طارق المزرم وكيل وزارة الإعلام الكويتية. .. وشكري متواصل ومتصل إلى كوادر الوزارة، وفي مقدمتهم الأخ والصديق محمد البداح مدير المركز الإعلامي للقمة، الذي قدم كافة التسهيلات للوفود المدعوة، وكان حريصاً على توفيــــر كل ما يساهم في أداء دورهم، وإنجاح مهمتهم. .. ووسط كل تلك الجهود المقدرة، والترتيب المتميز، والتنظيم عالي المستوى للاستضافة الكويتية، التي أظهرت الوجه الحضاري للشعب الكويتي الشقيق، كانت دول الحصار تقود، على الطرف الآخر، حملة شرسة، هدفها التشويش على «قمة الكويت» لمنع انعقادها بمشاركة قطر! لكن دولة الكويت الشقيقة صمدت في وجه تلك الحملة الضارية، وواجهتها بحكمتها المعهودة، وتوجت مســاعيـــها الحكيمة بعقد القمة في موعدها كاملة النصاب، دون استثناء أي دولة عن حضورها. .. وانطلاقاً من ذلك الحرص الكويتي، سادت الأوساط الكويتية حالة من التفاؤل عشية انعقاد القمة الخليجية، بعد شيوع خبر أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز سيرأس وفد بلاده، لكن فرحة الكويتيين سرعان ما انقلبت إلى حالة من الإحباط والاستياء الشديدين، اللذين سريا في مختلف الأوســـــاط الشــعبـــية، بعد قيـــام السعــــودية والإمــــارات والبحرين بتخفيض مستوى تمثيلها إلى المستويات الأدنى! لقد حاولت دول الحصار إفراغ القمة الخليجية من فحواها والتقليل من قيمتها ومحتواها، عبر تخفيض مستوى تمثيلها، إلى أدنى مسـتويات التمثيل، وهذا لا يشـــكل رســــالة سياسية سلبية موجهة إلى قطــــر، بقــــدر ما يعكــــس عدم تقدير الجهود الحثيثة التي بذلتها الدولة المضيفة لعقد القمة في موعدها كاملة النصاب. .. والمؤسف أن رئيسة الدورة السابقة لمجلس التعاون، وهي مملكة البحرين، لم تحترم القواعد البروتوكوليـــة ، حــــيث كــــان من الواجــــب حـــــضور العـــــاهـــل البحرينـــي بصـــفته رئيــــساً للــــــدورة الســــابعــــة والثــــلاثيـــــن، وتسليم الأمانة إلى رئيسها الجديد سمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الشقيقة. .. ورغم كل المحاولات التي بذلتها دول الحصار لإفشال القمة الخليجية، جـــاءت المشاركة القطرية في قمة الكــــويت، برئاسة حـــــضرة صاحب الســــمو الشــــيخ تميــم بن حمد آل ثاني أميــــر البــــلاد المفـــدى، لتشـــكل انتصاراً سياسياً للدولة المضيــــــفة وقيادتـــها وشعبها، كما شكـــل حــــضور «تميم المجد» فــي القـــمة نصراً دبلوماسيا لدولتنا المحاصرة قطر، ودحضاً للمزاعـــم والادعــــاءات التي روجتـــها دول الحـــــصار، حـــــول ما يســـــــمى «الدعــــــم القطـــري للإرهــاب»، خــــاصــــــة بــعــــد جلـــــوس ممــــثـــلي السعودية والإمارات والبحرين جـــــــنباً إلى جــــنب مـــع صاحــب الســـــمو صانع القرار القطري، والتقاط الصور التذكارية مع سموه. .. ورغــــم أن الأمــــور ســــارت في قــــمة الكــــويـــــت بعــــيداً عــــــن أجـــواء الحل النهائي للأزمة الخليجية، إلا أنه يكـــفي أن أصحـــاب الادعـــــاء الذين يتهمون قطر بدعم «الإرهاب» جلسوا مع وفدنا الرسمي على طاولة واحدة. .. ولكل هذا، فإن مجرد انعــــقاد قمة مجلس التعاون في موعدها ومكانها كاملة النـــصاب، بعدمـــــا كانــــت حتى الأمـــــس القريــــب مهــددة بالإلغاء، أو مرشحة للتأجيل، يعد مكسباً للدبــلوماســـية الكويتـــــية، التي تبــــذل جهوداً خارقة لتسوية الأزمة الخليجية. .. ويكفي أن نعلم أن قمــة الكويـــت كانت حتى أواخــــر الشهر الماضي بحكم الملغاة، بسبب إصرار دول الحصار على عدم المشاركة في قمة تحضرها قطر، ولهذا سعت تلك الدول المتآمرة على الدوحة لنقل القمة إلى عاصمة خليجية أخرى، وهذا ما رفضتـــه الكويــــت، التي أصــــــرت على عقــــد قـــــمتــــها مكتملة النصاب، بحضور قطري رفيع المستوى، رافضة استبعاد أي من الــدول الـــــست عن القمة الخليجية التي تستضيفها. لقد حرصت دولتنا على المشاركة في قمة الكويت بوفد عالي المستوى، برئاسة قائد الوطن، ولم تكن تلك المشاركة القطرية السامية نابعة من ظرف سياسي طارئ، وإنما جاءت لتــؤكــــد إيمان قطــــــر، قـــيادة وشعــباً، بـــضــــرورة دعم العمل الخليجي المشترك، والإيمان القطري بأهمية استمرار مسيرة مجلس التعاون، والحرص القطري على إنجاح قـــمة الكــــويت، تقديرا لجهود حكيم الخليج الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله. .. وما من شك في أن مشاركة قطر في القمة الخليجية، ممثــــلة بأميرنا «تميم المجـــد»، جــــاءت ترسيـــخاً للمبـــــادئ القطريـــة الثابتة بضـــــرورة وحدة الصف الخليجــــــي، وتــــرك الخلافات المفتــــعلة جانــــباً، خاصــــــة أن تحديات المرحلة تتــطلب المزيــــد من التكاتــــف الأخــــــوى، إدراكـــــاً من قيــــادتنـــا الرشيــدة أن «مجلس التعاون» بعد مرور ٣٧ عاماً على تأسيسه، بات، بدوله كلها، يواجه واقعاً خطيراً، في ظل التحديات والتهديدات التي تستهدف دول المنطقة، مما يستدعي ضرورة اللحمة الخليجية.. .. وليس سراً أن قمة الكويت انعقدت في ظل ظروف إقليمية معقدة، وتقلبات عربية بالغة التعقيد، أبرزها التطورات الحادة، والمستجدات الجادة على الساحة الفلسطينية، على وقع تسريبات إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وهو القرار الذي تم إعلانه بالفعل في اليوم التالي للقمــــة، في إطــــار اعتــــرافــــه، غــــير القانوني وغير الشرعي وغير المشروع، بأنها «عاصمة إسرائيل». .. وما من شك في أن هذا «القرار الترامبي» الأحادي الجانب يخالف قرارات الشرعية الدولية، بشأن الوضع السياسي والقانوني والتاريخي والإنساني للمدينة المقدسة، وينتهك قــــرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، كما يشكل استفزازاً لمشاعر المسلمين، وإخلالاً بركائز عملية السلام في الشرق الأوسط، وخرقاً من الرئيس الأخرق، ولا أقول الخارق لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة. عدا تقلبات الأزمة اليمنية المتقلبة، التي لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها في أي اجتماع خليجي، خاصة بعد مقتل الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح على يد ميليشيات الحوثي. .. ووسط كل تلك التحديات الخطيرة كان عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية يحلق وحيداً في عالم الخيال، متناسياً أن هناك شرخاً كبيرا أحدثته أزمة الحصار الجائر المفروض على قطر، على جميع المستويات السياسية والشعبية والاقتصادية والاجتماعية. .. لقد نسي «الأمين العام» في خطابه أمام قمة الكويت أن المرحلة الواهنة بإشــــــكالــياتها الراهنــــة ينبـــغي أن تـــدفـــع الجمــــيع إلى ضــــرورة تسوية الأزمة الخليجية، بشكل جذري، بعيداً عن محركات التأزيم. .. ولا أبالغ عندما أقول إن خطاب عبداللطيف الزياني الذي أطــــلقه فـــي الجلسة الافتتاحية لقمة الكويت، ينتمي إلى الخيال العلمي، حيث امتطى «الأمين العام» مركبة خيالية سارت به عبر «نفق الزمان» ليصل إلى عام ١٩٨١، وبالتحديد إلى يوم الخامس والعشرين من مايو، الذي شهد تأسيس مجلس التعاون. لقد تحدث الزياني عن ضرورة تعزيز التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء، معبراً عن تطلعاته إلى الغد المشرق، ويبدو أنه كان مستعجلاً لإنهاء القمة الخليجية بسرعة خيالية، لضــــمان العودة الســـريعة إلى مكتــــبه في الريــــاض، ولــــهذا اضــــطر ــ اضــــطراراً ــ للاســــتعانــــــة بأرشيف خطابات عبدالله يعقوب بشارة الأمين العام الأول لمجلس التعاون، خلال الفترة من مايو ١٩٨١ حتى أبريل ١٩٩٣. كــــان خطـــاب عـــــبداللطــــيف الـــزياني فـــي قـــمــة الـــــكويــــت خـــيالـــياً، وخالياً من أي إشارة إلى أزمة حصار قطر، التي يعاني منها شعبنا القطري منذ شهر مايو الماضي! .. ولا أدري كيف يمكن أن يتحقق التعاون والتكامل والترابط الذي تحدث عنهم الزياني، بينما مملكة البحرين، تفرض تأشيرة دخول على القطريين، رغم أنها كانت تتولى رئاسة الدورة السابقة لمجلس التعاون، ويفترض أن تكون أكثر الدول حرصاً على مصالح المواطن الخليجي! .. ولا أدري أيضاً كيف يمكن أن يترسخ ما ورد في خطاب الزياني، الذي ألقاه في قمة الكويت، بينما القطري لا يستطيــع أن يزور جدته فــــي البــــحــرين، أو خالته في الإمارات، أو يتواصل مع أبناء عمومته في السعودية! .. وكيف يمكن أن تتحقق الأفكار الخيالية التي طرحها عبداللطيف الزياني، في خطابه، أمام القمة الخليجية، بينما الإمارات تعاقب مواطنيها لمجرد قيام أحدهم برد السلام على مواطن قطري، في حال الالتقاء معه بالصدفة في أحد المحافل الدولية الخارجية، كما حدث مع يوسف السركال رئيس هيئة الرياضة العامة في الامارات، الذي واجه «إرهاباً الكترونياً» لمجرد أنه صافح سعادة الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني، رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم، عنـــدما التــــــقـــاه في بــــــانـكــــوك، لـــدرجــــــة أن «مــــــزروعـــــي أبـــوظــــبي» زارع الفتنة في الأوساط الخليجية، وصف «السركال» بأنه «نعال» أعزكم الله!. لقد تحدث الزياني خلال القمة الخليجية بأسلوب فولكلوري، ولن أقول فكاهي، عن التعاون الخليجي، رغم أنه يعلم جيداً أن دول الجوار تفرض حصاراً جائراً على المواطن القطري، لا يستطـــيع من خـــلاله حتى متابعة أعماله التجارية، واستثماراته المحتجزة في الإمارات! .. وكنا نتوقع أن يكون خطاب الأمين العام لمجلس التعاون في قمة الكويــــت، خطـــاباً واقــــعــــياً، ولـــيس إنـــشائيـــــاً، يطـــــرح مــــن خـــــلاله حلولاً جذرية للأزمة الخليجية، تتناسب مع حدتها، وتتوافق مع عمقها، ويتعــــاطى معــــها برؤيــــة استراتيجية، ويـــــقــــدم من خــــلال خطــــابه مخارج واقعية قابلة للتنفيذ، تتضـــمن الحلول المناسبـــة التي تــــساهــــم في حل عقدتها. لكننا فوجئنا أن الزياني يتحدث بلغة لا تنتمي إلى واقعنا المؤلم، ولا تنسجم مع وضعـــــنا الخليـجي المتأزم، ناســــياً أو متـــناسياً أن في عهده اندلعت شرارة الأزمة الخليجية، التي ظل يتفرج عليها بانبهار، ولا أقول انهيار، وكأنه يشاهد لوحة «مُخَلِّص العالم»، المعروفة باسم «سالفاتو موندي»، التي رسمها الفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي عام ١٥٠٥، وقام أحد أمراء السعودية بشرائها بمبلغ نصف مليار دولار تقريباً، في زمن «مكافحة الفساد» والمفسدين، في حين أن راتب الخريج السعودي المتخرج من أعرق الجامعات العالمية لا يكفي لتغطية أبسط احتياجاته اليومية، ولا يغطي التزاماته الشهرية! .. ورغم علمي وعلم جميع الخليجيين، أن الأمين العام لمجلس التعاون مجرد موظف تنـفيذي، لا يستطــــيع سوى تنفـــــيذ مـــا يــــؤمر بــه، لكنـــنا أردناه أن يحترم عقولنا، ولا يطرح في قمة الكويت خطاباً خيالياً، عقيماً في أسلوبه، سقيماً في معانيه، لا ينتمي إلى العصر الذي نعيشه، ولا ينسجم مع مخاطر الأزمة الخليجية التي تحاصرنا. .. والمؤسف أن خطاب الزياني أمام القمة الخليجية غلبت عليه اللغة الإنشائية الخيالية الفضفاضة البعيدة عن الواقع الذي نعيشه في قطر، رغم أن لنا في «مجلس التعاون» نصيباً متساوياً، مثلنا مثله، ولهذا نريده أن لا ينسى أننا شركاء في تأسيس ذلك المجلس، مثل أشقائنا البحرينيين والسعوديين والإماراتيين وغيرهم، ولنا حقوق كمواطنين قطريين ينبغي عليه بصفته «الأمين العام» أن يكون أميناً عليها، ويسعى للدفاع عن مصالحنا، نيابة عنا.. .. وليعذرني الأميــــن العـــام لمجــلس التـــعاون عـلى صراحتي معه، لأن «إعلان الكويت» المنبثق عن القمة الخليجية دعا الكتّاب والمفكرين ووسائل الإعلام في دول المجلس إلى تحمل مسؤولياتهم أمام المواطن الخليجي، والقيام بدور بناء وفـاعل لـــدعـــم وتعـــــزيــز مــــسيرة مجلـــــس التـــعاون، بمــــا يحـــقق المصالح المشتركة لدوله وشعوبه. .. وانطلاقاً من تلك الدعوة، فإنني أوجه خطابي بكل وضوح وصراحة وشفافية، إلى معالي «الأمين العام» عبر تسجــيل ملاحظـــاتي على خطابه الخيالي في القمة الخليجية، الخالي من أي إشارة إلى الأزمة التي تحيط بنا، وتحاصرنا حتى في لقمة عيشنا، وتسبب الكثير من العذابات والمعاناة لنا، في ظل استمرارها بلا حل. لقـــــــد تحـــدث الزيــاني عن «التـــعاون الخليــــجي» ناســـياً أو متـــناســياً ضياع سنة دراسية كاملة على العديد من الطلبة القطريين، الذين يتلقون تعليمهم في جامعات الإمارات، بعدما تم «طردهم» منها، دون مراعاة أبسط حقوقهم الدراسية. تحدث الزياني عن «التكامل الخليجي» بشكل جعلني أشعر، من خلال خطابه، أنه يعيش في غيبـــوبة، ولـــن أقول أنه غائب أو مغيب، حيث تحشد الرياض بالقرب من مكتبه في مقر «الأمانة العامة» لمجلس التعاون قبائلها ضد قطر، وتحرضهم على الانقلاب على الدوحة، وتقوم بتشجيع وإحياء النزعة القبلية على حساب المواطنة الخليجية، ولم نسمع للزياني صوتاً يدين هذه الأعمال التحريضية، أو يشجب تلك الأفعـــال التــخريبــــية، أو يستنكر تلك المواقف التآمرية! أخيراً إذا كان هناك من زاوية لا بد من التركيز عليها في القمة الخليجية، فهي توجيه الشكر مجدداً إلى أهلنا الكرام الأعزاء في الكويت، على كرم الضيافة، وحسن الاستقبال، حيث كان الكويتيون يستقبلوننا في كل موقع نزوره، ولسان حالهم يقول «حيّ الله هل قطر». كنت في الكويت شاهداً، وليس مشاهداً، على نجــــاحـــها في استضافة القمة الخليجية، تلبية لدعوة كريمة تلقيتها من وزارة الإعلام الكويتية، برفقة عدد من الأكاديميـــين والإعلاميــين القطـرييـــن، من بيـــنهم الدكــتور ماجد الأنصاري، والدكتــــور نايــف بـــن نهار الشـــمري، والــــزمـــيل جابر الحرمي، والإعلامي عبدالعزيز آل اسحق، ومشعــــل الهاجري، وعبـــدالله العمادي، وعــــمـــر الجمــــيلي مــــــن تليــــفــــزيــــون قــــطر، وريم يوسف الحرمي من المكتب الإعلامي بوزارة الخارجية. كنت هـــناك على مــــدى ٥ أيــــام، مقــــيماً عـــلى شاطئ المســـيلة، حيث الموجة الخليجية تسابق أختها، لتتهادى أمواج الخليج على الساحل الكويتي، وحيث البحر يروي قصة الشراكة الأخوية التاريخية الجغرافية العائلية بين الكويت وقطر. كنت في الكويت، بلد الوساطة الحكيمة، التي لم يدخر أميرها صباح الأحمد جهداً إلا بذله، ولا باباً إلا طرقه، ولا سبيلاً إلا سعى إليه، ولا منفذاً إلا حرص على النفاذ منه، لحل الأزمة الخليجية. .. ولكل هذا يستحق سموه أن يكون مرشحاً دائماً لنيل «جائزة نوبل» للسلام، تقديرا لما يبذله من جهود خيّرة لتقريب وجهات النظر المتباعدة بين الفرقاء الخليجيين، وصولاً إلى تسوية أزمتهم المفتعلة، بما يساهم في تعزيز الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة. لقـــد أثبـــت صبـــــاح الأحمـــد بإرادته التي لا تليــن، وعزيمـته التي لا تستـــكين، وحرصه المشهود، وإخلاصه المعهود، تمسكه بوحدة الصف الخليجي، مؤكداً من خلال دبلوماسيته الحكيمة، أهمية أن يبقى «مجلس التعاون» بمنأى عن الخلافات، مهما كانت ضراوتها، بحيث لا تتعطل آليات انعقاده. .. ولعل مبادرته المتمثــــلة في الدعــــوة لتشكـيل لجــــنة تعـــمل على تعديل النظام الأساسي لمجلس التعاون، تعكس هذه الحقيقة، حيث يحرص سموه على إقرار آلية واضحة ومحددة لفض النزاعات، في إطار احترام سيادة الدول الأعضاء في المجلس. هكذا بـــدأت وانتـــهت القمـــة الخليجــية الثامـنة والثلاثون، التي استضافتها دولة الكويت الشقيقة، وشهدت أرقاماً غير مسبوقة من ناحية مستوى تمثيلها، ومدة انعقادها، ومستويات تعقيدها، والظروف المسبببة لعقدتها. .. ورغم كل هذه العقدة الخليجية المتورمة, لا يعيب قمة الكويت أنها كانت الأدنى تمثيلاً, والأسرع زمناً، والأقل عدداً, في المتحدثين خلال جلساتها، والأقصر زمناً، حيث استمرت جلستها الافتتاحية نحو ربع ساعة، فيما استغرقت جلستها الختامية ٧ دقائق! .. ويكفي الكويت فـــخراً أن أميـــــرها صبــاح الأحــــمد يحلـق عالياً في القمة، قبل وبعــد انعقاد «القمة»، عـــالي الهـــمة، ســــاعياً بحكــــمــته لتـــوحيد الأمة، وإزالة مسببات الغمة، وتسوية الأزمة.
«كتارا» تستحضر أمجاد الماضي في زمن «تميم المجد» .......................................................... أحمد علي يكتب رحلة «فتح الخير» رسالة خير قطرية إلى دول الخير .......................................................... على إيقاعات «لفجري»، وهو ذلك الفن التراثي البحري، المرتبط برحلات الغوص خلال العقود القديمة، بحثاً عن اللؤلؤ، انطلقت رحلة «فتح الخير ٣»، إلى أهل الخير، في البلدين الشقيقين الكويت وسلطنة عُمان، تحمل على متنها رســـالة خير قطــــرية إلى دول الخير. هناك على «سيف كتارا» وشاطئه، الذي يعانق البحر، كان الحضور الجماهيري كثيفاً في وداعية «المحمل القطري»، يتقدمهم سعادة الشيخ خالد بن حمد آل ثاني ــ حفظه الله ــ وسعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري، الذي بات شخصية ثقافية عالمية، بعد خوضه الباهر انتخابات «اليونسكو»، لدرجة أن حضــــوره أصـــبح يضيف ألقاً علمياً، وزخماً ثقافياً على الفعاليات التي يحضرها! إضافة إلى حضور الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي المدير العام لمؤسسة الحي الثقافي «كتارا»، التي أصبحت ملتقى لثقافات العالم، في إطار إحياء موروثنا الشعبي، والحفاظ على هويتنا الوطنية، وإظهارها أمام العالم بالصورة التي تليق باسم وطننا قطر. .. ومثلما نجح الدكتور السليطي بصفته «نوخذة» مؤسسة «كتارا» التي يقودها من نجاح إلى آخر، فقد نجح الشاب القطري محمد بن يوسف السادة في تجسيد شخصية «النوخذة»، وجعلها تنبض بالحياة، على ظهر «فتح الخير»، بصفته ربان السفينة وقائدها، التي يقودها نحو أهدافها، لتحمل رسالة قطر الخير للغير، ضمن فعالية حقيقية، تحاكي الرحلات البحرية القديمة، بمشاركة «اليزوة»، وهم فريقه البحري، الذين يشاركونه متاعب الرحلة، معبراً بذلك عن حياة أهل قطر في زمن الغوص، وعصر جمع المحار، بحثاً عن اللؤلؤ، وسبر أغوار البحار، لكشف الخبايا والأسرار. .. وما من شك في أن رحلة «فتح الخير» تعد توثيقـــاً ميدانـــياً حياً لموروثــنا البحــري، وسعياً وطنياً حثيثاً للمحافظـــــة عليـــه، حيــــث يشكـــل تراث البحــر جزءاً أصيلاً من الموروث الشعبي القطري، ويأتي اهتمام «كتارا» ورعايتها لهذا التراث العريق، دعماً للجهود الرامية إلى توثيق ما خلفه الأجداد. .. ولأن إنسان قطر قبل اكتشاف النفط كان يعيش على ساحل البحر، فقد كان يمتهن مهنة الغوص، بشغف نادر، حيث لا مورد رزق آخر. .. وحرصاً على ربط الأجيال بتاريخهـــا وتراثهــــا، وتأصيـــل الموروث الثــــقافي البحــــري، لا ننسى أن «فتح الخير» تعتبر من أشهر «المحامل» القطرية في تلك الحقبة، وكان يملكها المغفور له بمشيئة الله الشيخ حمد بن عبدالله بن جاسم آل ثاني، رحمه الله. .. ولعل ما يميز رحلة السفينة القطرية العريقة لهذا العام أن شراعها المشرع تصدرته لوحة «تميم المجد»، التي أصبحت شعاراً وطنياً، ورمزاً قطرياً، يرمز إلى أمجاد القطريين، وارتباطهم بصانع أمجادهم. .. وتشكل رحلة السفينة القطرية، وعلى متنها قائدها «النوخذة»، يرافقه فريق «اليزوة» المكون من ١٦ شاباً قطرياً من ذوي السواعد الوطنية القوية، رسالة شكر وعرفان إلى أهلنا الكرام في الكويت وسلطنة عمان، تقديراً لموقفهم المشرف قيادة وشعباً من الأزمة الخليجية. .. وخلال هذه الرحلة البحرية، يعيد أولئك الشباب إحياء قصة القطريين مع البحر قبل اكتشاف النفط، وكيف كانوا يركبون أمواجه بسفنهم الخشبية، ويتنقلون بين «بنادر» المنطقة، وصولاً إلى الموانئ البعيدة، ترافقهم دعوات الأهالي، والأهازيج الشعبية، وأنغام الأغاني البحرية. .. وعندما أتوقف عند «نوخذة» محمل «فتح الخير» لا بد أن أفتح أبواب الخير على أشهر «نواخذة قطر»، وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر سلمان بن حمد الحسن المهندي، وأحمد بن عيسى المهندي وغيرهما كثيرون، برعوا في هذا المجال. أما أشهر «الطواشين» وهم تجار اللؤلؤ، فيأتي في مقدمتهم الشيخ علي بن جاسم آل ثاني وشقيقه سلطان بن جاسم آل ثاني، وعبدالله بن علي المسند، وسلطان بن خلف المريخي. أما أشهر «الغاصة» الذين يقومون بالغوص حتى الوصول إلى «صك القوع»، ويواجهون أخطار البحر، ويتحدون «اليريور»، و«اللخمة» وغيرهما من الكائنات البحرية الخطيرة، أذكر أبرزهم إبراهيم بن علي المريخي، وعيد بن ثاني المريخي، وناصر بن سيف المريخي، وغيرهم من أصحاب النفس الطويل. .. ولا جدال في أن إطلاق رحلات «فتح الخير» تعيد إحياء ذكريات هؤلاء الرواد، وتبعث روح التجدد في ثقافة البحر، وفنونه المختلفة، وتساهم في تحفيز إشراقات التراث في الذاكرة الجماعية للشعب القطري، وتسويق هذه الصورة التراثية المجتمعية، ونقلها إلى الشعوب الأخرى، من خلال انفتاح قطر على دول الجوار، رغم الحصار. لقد التئم المهرجان السابع للمحامل التقليدية هناك على شاطئ «كتارا»، متحدياً الحصار الجائر المفروض على قطر، بمشاركة دولية واسعة، ومن خلال ذلك اللقاء البحري السنوي، أظهر القطريون كيف كان الإنسان القطري في حقبة ما قبل النفط يلتقي مع الحضارات الأخرى، ويتواصل معها، وينقل منها وعنها ما يتناسب مع بيئته. هناك على شاطئ «كتارا» جسد شباب قطر العلاقة التي تربط أجدادهم مع البحر، وقاموا بإحياء تاريخنا البحري، حين كان الرواد الأوائل يقومون بدور مهم في التواصل مع الآخرين. هناك حيث البحر يعانق شاطئ «كتارا» تم في المهرجان السابع للمحامل التقليدية استحضار دور الأجداد الذين خاضوا عباب البحار، بحــــثاً عن اللؤلؤ في «الهيرات» والمغاصات البحرية، وأشــــهرهـــــا عـــلى الإطـــلاق «بلهمبــار»، و«ملجلــــج» و«صـــــوفــان»، و«أم الشيف» و«الريعة»، وكلها أماكن يكثر فيها اللؤلؤ، حيــــث «الدانات» تســـكن فـــي أحشاء المحارات. هناك على شاطئ «كتارا»، تحدى القطريون الحصار الجائر المفروض على دولتهم، ونظموا مهرجاناً تراثياً حافلاً بالكثير من الفعاليات المتنوعة، التي استهدفت تعريف الآخرين بقدرات القطريين البحرية، وإظهار مهاراتهم في وسائل ارتياد البحر، واكتشاف أسراره، طلباً للرزق، حتى أصبحوا من أمهر شعوب المنطقة في التعامل معه، لا سيما فيما يتعلق بالصيد والغوص وصناعة السفن والسفر البحري. لقد شكل المهرجان التراثي للمحامل التقليدية، في نسخته السابعة، التي اختتمت أمــــــس، امتـــداداً للنســــخ الـــــسابقة، التــــي ســـعى المنظـــــمون من خــــلالها إلـــــى إحياء تراثنا البحري، بشكل يعكس التاريخ العريق الذي عاشه مجتمعنا، قبل انطلاق مسيرة النهضة المباركة، التي انبثقت من رحم أهوال البحر، وقسوة البيئة الصحراوية، وصولاً إلى الإعمار والتعمير والعمران، والتطلع إلى مستقبل أكثر اشراقاً وازدهاراً، في ظل قيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى. .. ولأن دولتنا تحظى بموقع جغرافي بحري مميز، فقد نجح أبناؤها في مرحلة ما قبل اكتشاف النفط في تطوير علاقتهم مع البحر، بامتداده الشاسع، ومجاله الواسع، حيث شكل لهم مصدراً للرزق والغذاء، وممراً يضمن اتصالهم وتواصلهم مع العالم الخارجي. لقد شكل ارتياد البحــر تحدياً كبيراً لأبناء قــــطر الأوائـــل، في إطـــار حرصــــهم على اكتشاف المجهول، بحثاً عن آفاق جديدة، فاكتسبوا خبرات ومهارات بحرية واسعة، ساهمت في تفاعلهم، ووثقت تعاملهم، وزادت تواصلهم مع الحضارات والثقافات الأخرى. .. وفي إطار الثقافة البحرية القطرية المتوارثة، كان صوت «النهام» الذي عرفته حقبة الغوص «ينهم» بصوته هناك على شاطئ «كتارا»، مخففاً أوجاع الحصار الجائر المفروض على قطر، مثلما كان أسلافه يبددون هواجس الخوف عند البحارة، ووجع الغربة عند «الغاصة»، الذين شدهم الحنين لعائلاتهم، عندما كانوا يحاولون بعث الحماس في نفوسهم، لتشجيعهم على العمل، وبذل الجهد، من أجل العودة الغانمة، بعيداً عن سحب الخوف القاتمة. لقد كان «النهام» يتصدر كافة فنون البحر والسمر لدى مجتمع البحــــارة، مـــن خلال أدائه الغنائي الحماسي التشجيعي، الذي كان يشـــــكل فعـــلاً تضامنــياً مهـــــماً بل ملهماً لهم، لتخفيف عناء العمل ومشقاته، من خلال «التنزيلة البحـــرية»، التي تعكس عمـــق الشعور الإنساني، في تفاعل البحار مع الأحداث المحيطة به، وردود أفعاله حيالها، عبر خليط من المشاعر الإنسانية المتأرجحة، بين الشـــوق والهــجـــــر، والصبر والضــجــــر، واليأس والأمل، والقدرة على التحمل، أو نفاذ قدرة الاحتمال! .. وفي إطار احتفال القطريين بمهرجانهم البحري هناك على شاطئ «كتارا»، حيث أمواج البحر تتهادى برشاقة، وحيث صرير الصواري المشرعة، وحيث فعل رياح شهر نوفمبر في الأشرعة المسافرة، تكاد تسمع دقات طبل سعد بن عواد الهتمي، تأتي من بعيد مع كل موجة زاحفة! ولا عجب في ذلك، فقد كان «بن عواد» ــ رحمه الله ــ ملك الإيقاع البحري في رحلات الغوص، وكانت ابتسامته لا تفارق وجهه، معبرة عن استمتاعه الشديد بدقات الطبل، وهو يضبط ايقاعاته على «تنزيلة النهام» ، الذي كان يتولى إشعال الحماس في نفوس البحارة، وكأنه يمثل لسان حالهم، أو الناطق بلسان أحوالهم، وهو «ينهم» بصــــوتــــه القوي الشجي، داعياً الله تسهيل مهمتهم. .. وعندما أكتب عن «بن عواد» ورفاقه، فهذا أبسط ما يمكن كتابته، وفاء لكل ما يمت بصلة لتاريخنا البحري العريق الذي نفخر به، وعرفاناً بتضحيات أجدادنا، التي ستظل عالقة في ذاكرتنا، ومستقرة في ذكرياتنا، حرصاً على إطلاع الجيل الجديد من شباب قطر على خصائص الحياة البحرية في الماضي، وما اكتنفتها من صعوبات قبل اكتشاف النفط وتطوير صناعة الغاز. لقد كانت في مهرجان «كتارا» السابع للمحامل التقليدية أكثر من قصة تستحق أن تروى، لكن أروعها أن هذه الاحتفالية التراثية التئمـــت بمشاركة دولية، رغم ظروف الحصار الجائر المفروض على قطر. .. ومن أجـــل قطـــر، وحرصـــــاً على نــــشــر تراثــنا البحــــري العــريق، والتــعريف بموروثنا الثقافي الأصيل، حتماً سنكون جمــــيعاً هنـــاك على شـــاطئ «كـــتارا» الذي يعانق البحر، في استقبال «فتح الخير» في رحلة عودة «محمل الخير»، من دول الخير، التي ستكون بالتزامن مع احتفالاتنا باليوم الوطني لدولتنا الحبيبة قطر، بلد الخير. أحمد علي مدير عام صحيفة الوطن القطرية
أحمد علي يكتب رحلة «فتح الخير» رسالة خير قطرية إلى دول الخير «كتارا» تستحضر أمجاد الماضي في زمن «تميم المجد» الوطن على إيقاعات «لفجري»، وهو ذلك الفن التراثي البحري، المرتبط برحلات الغوص خلال العقود القديمة، بحثاً عن اللؤلؤ، انطلقت رحلة «فتح الخير ٣»، إلى أهل الخير، في البلدين الشقيقين الكويت وسلطنة عُمان، تحمل على متنها رســـالة خير قطــــرية إلى دول الخير. هناك على «سيف كتارا» وشاطئه، الذي يعانق البحر، كان الحضور الجماهيري كثيفاً في وداعية «المحمل القطري»، يتقدمهم سعادة الشيخ خالد بن حمد آل ثاني ــ حفظه الله ــ وسعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري، الذي بات شخصية ثقافية عالمية، بعد خوضه الباهر انتخابات «اليونسكو»، لدرجة أن حضــــوره أصـــبح يضيف ألقاً علمياً، وزخماً ثقافياً على الفعاليات التي يحضرها! إضافة إلى حضور الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي المدير العام لمؤسسة الحي الثقافي «كتارا»، التي أصبحت ملتقى لثقافات العالم، في إطار إحياء موروثنا الشعبي، والحفاظ على هويتنا الوطنية، وإظهارها أمام العالم بالصورة التي تليق باسم وطننا قطر. .. ومثلما نجح الدكتور السليطي بصفته «نوخذة» مؤسسة «كتارا» التي يقودها من نجاح إلى آخر، فقد نجح الشاب القطري محمد بن يوسف السادة في تجسيد شخصية «النوخذة»، وجعلها تنبض بالحياة، على ظهر «فتح الخير»، بصفته ربان السفينة وقائدها، التي يقودها نحو أهدافها، لتحمل رسالة قطر الخير للغير، ضمن فعالية حقيقية، تحاكي الرحلات البحرية القديمة، بمشاركة «اليزوة»، وهم فريقه البحري، الذين يشاركونه متاعب الرحلة، معبراً بذلك عن حياة أهل قطر في زمن الغوص، وعصر جمع المحار، بحثاً عن اللؤلؤ، وسبر أغوار البحار، لكشف الخبايا والأسرار. .. وما من شك في أن رحلة «فتح الخير» تعد توثيقـــاً ميدانـــياً حياً لموروثــنا البحــري، وسعياً وطنياً حثيثاً للمحافظـــــة عليـــه، حيــــث يشكـــل تراث البحــر جزءاً أصيلاً من الموروث الشعبي القطري، ويأتي اهتمام «كتارا» ورعايتها لهذا التراث العريق، دعماً للجهود الرامية إلى توثيق ما خلفه الأجداد. .. ولأن إنسان قطر قبل اكتشاف النفط كان يعيش على ساحل البحر، فقد كان يمتهن مهنة الغوص، بشغف نادر، حيث لا مورد رزق آخر. .. وحرصاً على ربط الأجيال بتاريخهـــا وتراثهــــا، وتأصيـــل الموروث الثــــقافي البحــــري، لا ننسى أن «فتح الخير» تعتبر من أشهر «المحامل» القطرية في تلك الحقبة، وكان يملكها المغفور له بمشيئة الله الشيخ حمد بن عبدالله بن جاسم آل ثاني، رحمه الله. .. ولعل ما يميز رحلة السفينة القطرية العريقة لهذا العام أن شراعها المشرع تصدرته لوحة «تميم المجد»، التي أصبحت شعاراً وطنياً، ورمزاً قطرياً، يرمز إلى أمجاد القطريين، وارتباطهم بصانع أمجادهم. .. وتشكل رحلة السفينة القطرية، وعلى متنها قائدها «النوخذة»، يرافقه فريق «اليزوة» المكون من ١٦ شاباً قطرياً من ذوي السواعد الوطنية القوية، رسالة شكر وعرفان إلى أهلنا الكرام في الكويت وسلطنة عمان، تقديراً لموقفهم المشرف قيادة وشعباً من الأزمة الخليجية. .. وخلال هذه الرحلة البحرية، يعيد أولئك الشباب إحياء قصة القطريين مع البحر قبل اكتشاف النفط، وكيف كانوا يركبون أمواجه بسفنهم الخشبية، ويتنقلون بين «بنادر» المنطقة، وصولاً إلى الموانئ البعيدة، ترافقهم دعوات الأهالي، والأهازيج الشعبية، وأنغام الأغاني البحرية. .. وعندما أتوقف عند «نوخذة» محمل «فتح الخير» لا بد أن أفتح أبواب الخير على أشهر «نواخذة قطر»، وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر سلمان بن حمد الحسن المهندي، وأحمد بن عيسى المهندي وغيرهما كثيرون، برعوا في هذا المجال. أما أشهر «الطواشين» وهم تجار اللؤلؤ، فيأتي في مقدمتهم الشيخ علي بن جاسم آل ثاني وشقيقه سلطان بن جاسم آل ثاني، وعبدالله بن علي المسند، وسلطان بن خلف المريخي. أما أشهر «الغاصة» الذين يقومون بالغوص حتى الوصول إلى «صك القوع»، ويواجهون أخطار البحر، ويتحدون «اليريور»، و«اللخمة» وغيرهما من الكائنات البحرية الخطيرة، أذكر أبرزهم إبراهيم بن علي المريخي، وعيد بن ثاني المريخي، وناصر بن سيف المريخي، وغيرهم من أصحاب النفس الطويل. .. ولا جدال في أن إطلاق رحلات «فتح الخير» تعيد إحياء ذكريات هؤلاء الرواد، وتبعث روح التجدد في ثقافة البحر، وفنونه المختلفة، وتساهم في تحفيز إشراقات التراث في الذاكرة الجماعية للشعب القطري، وتسويق هذه الصورة التراثية المجتمعية، ونقلها إلى الشعوب الأخرى، من خلال انفتاح قطر على دول الجوار، رغم الحصار. لقد التئم المهرجان السابع للمحامل التقليدية هناك على شاطئ «كتارا»، متحدياً الحصار الجائر المفروض على قطر، بمشاركة دولية واسعة، ومن خلال ذلك اللقاء البحري السنوي، أظهر القطريون كيف كان الإنسان القطري في حقبة ما قبل النفط يلتقي مع الحضارات الأخرى، ويتواصل معها، وينقل منها وعنها ما يتناسب مع بيئته. هناك على شاطئ «كتارا» جسد شباب قطر العلاقة التي تربط أجدادهم مع البحر، وقاموا بإحياء تاريخنا البحري، حين كان الرواد الأوائل يقومون بدور مهم في التواصل مع الآخرين. هناك حيث البحر يعانق شاطئ «كتارا» تم في المهرجان السابع للمحامل التقليدية استحضار دور الأجداد الذين خاضوا عباب البحار، بحــــثاً عن اللؤلؤ في «الهيرات» والمغاصات البحرية، وأشــــهرهـــــا عـــلى الإطـــلاق «بلهمبــار»، و«ملجلــــج» و«صـــــوفــان»، و«أم الشيف» و«الريعة»، وكلها أماكن يكثر فيها اللؤلؤ، حيــــث «الدانات» تســـكن فـــي أحشاء المحارات. هناك على شاطئ «كتارا»، تحدى القطريون الحصار الجائر المفروض على دولتهم، ونظموا مهرجاناً تراثياً حافلاً بالكثير من الفعاليات المتنوعة، التي استهدفت تعريف الآخرين بقدرات القطريين البحرية، وإظهار مهاراتهم في وسائل ارتياد البحر، واكتشاف أسراره، طلباً للرزق، حتى أصبحوا من أمهر شعوب المنطقة في التعامل معه، لا سيما فيما يتعلق بالصيد والغوص وصناعة السفن والسفر البحري. لقد شكل المهرجان التراثي للمحامل التقليدية، في نسخته السابعة، التي اختتمت أمــــــس، امتـــداداً للنســــخ الـــــسابقة، التــــي ســـعى المنظـــــمون من خــــلالها إلـــــى إحياء تراثنا البحري، بشكل يعكس التاريخ العريق الذي عاشه مجتمعنا، قبل انطلاق مسيرة النهضة المباركة، التي انبثقت من رحم أهوال البحر، وقسوة البيئة الصحراوية، وصولاً إلى الإعمار والتعمير والعمران، والتطلع إلى مستقبل أكثر اشراقاً وازدهاراً، في ظل قيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى. .. ولأن دولتنا تحظى بموقع جغرافي بحري مميز، فقد نجح أبناؤها في مرحلة ما قبل اكتشاف النفط في تطوير علاقتهم مع البحر، بامتداده الشاسع، ومجاله الواسع، حيث شكل لهم مصدراً للرزق والغذاء، وممراً يضمن اتصالهم وتواصلهم مع العالم الخارجي. لقد شكل ارتياد البحــر تحدياً كبيراً لأبناء قــــطر الأوائـــل، في إطـــار حرصــــهم على اكتشاف المجهول، بحثاً عن آفاق جديدة، فاكتسبوا خبرات ومهارات بحرية واسعة، ساهمت في تفاعلهم، ووثقت تعاملهم، وزادت تواصلهم مع الحضارات والثقافات الأخرى. .. وفي إطار الثقافة البحرية القطرية المتوارثة، كان صوت «النهام» الذي عرفته حقبة الغوص «ينهم» بصوته هناك على شاطئ «كتارا»، مخففاً أوجاع الحصار الجائر المفروض على قطر، مثلما كان أسلافه يبددون هواجس الخوف عند البحارة، ووجع الغربة عند «الغاصة»، الذين شدهم الحنين لعائلاتهم، عندما كانوا يحاولون بعث الحماس في نفوسهم، لتشجيعهم على العمل، وبذل الجهد، من أجل العودة الغانمة، بعيداً عن سحب الخوف القاتمة. لقد كان «النهام» يتصدر كافة فنون البحر والسمر لدى مجتمع البحــــارة، مـــن خلال أدائه الغنائي الحماسي التشجيعي، الذي كان يشـــــكل فعـــلاً تضامنــياً مهـــــماً بل ملهماً لهم، لتخفيف عناء العمل ومشقاته، من خلال «التنزيلة البحـــرية»، التي تعكس عمـــق الشعور الإنساني، في تفاعل البحار مع الأحداث المحيطة به، وردود أفعاله حيالها، عبر خليط من المشاعر الإنسانية المتأرجحة، بين الشـــوق والهــجـــــر، والصبر والضــجــــر، واليأس والأمل، والقدرة على التحمل، أو نفاذ قدرة الاحتمال! .. وفي إطار احتفال القطريين بمهرجانهم البحري هناك على شاطئ «كتارا»، حيث أمواج البحر تتهادى برشاقة، وحيث صرير الصواري المشرعة، وحيث فعل رياح شهر نوفمبر في الأشرعة المسافرة، تكاد تسمع دقات طبل سعد بن عواد الهتمي، تأتي من بعيد مع كل موجة زاحفة! ولا عجب في ذلك، فقد كان «بن عواد» ــ رحمه الله ــ ملك الإيقاع البحري في رحلات الغوص، وكانت ابتسامته لا تفارق وجهه، معبرة عن استمتاعه الشديد بدقات الطبل، وهو يضبط ايقاعاته على «تنزيلة النهام» ، الذي كان يتولى إشعال الحماس في نفوس البحارة، وكأنه يمثل لسان حالهم، أو الناطق بلسان أحوالهم، وهو «ينهم» بصــــوتــــه القوي الشجي، داعياً الله تسهيل مهمتهم. .. وعندما أكتب عن «بن عواد» ورفاقه، فهذا أبسط ما يمكن كتابته، وفاء لكل ما يمت بصلة لتاريخنا البحري العريق الذي نفخر به، وعرفاناً بتضحيات أجدادنا، التي ستظل عالقة في ذاكرتنا، ومستقرة في ذكرياتنا، حرصاً على إطلاع الجيل الجديد من شباب قطر على خصائص الحياة البحرية في الماضي، وما اكتنفتها من صعوبات قبل اكتشاف النفط وتطوير صناعة الغاز. لقد كانت في مهرجان «كتارا» السابع للمحامل التقليدية أكثر من قصة تستحق أن تروى، لكن أروعها أن هذه الاحتفالية التراثية التئمـــت بمشاركة دولية، رغم ظروف الحصار الجائر المفروض على قطر. .. ومن أجـــل قطـــر، وحرصـــــاً على نــــشــر تراثــنا البحــــري العــريق، والتــعريف بموروثنا الثقافي الأصيل، حتماً سنكون جمــــيعاً هنـــاك على شـــاطئ «كـــتارا» الذي يعانق البحر، في استقبال «فتح الخير» في رحلة عودة «محمل الخير»، من دول الخير، التي ستكون بالتزامن مع احتفالاتنا باليوم الوطني لدولتنا الحبيبة قطر، بلد الخير.
٤ "سيناتورات" في "الكونغرس القطري" .. نقلة نوعية في "مجلس الشورى" ...................................................................... أحمد علي يكتب في كلمة صدق صانع الأجيال .. وصانعة الرجال ..................................................................... الحراك النسائي الإيجابي يصب في إطار جهود "صاحبة السمو" الدائمة .. ومبادراتها الداعمة ...................................................................... "تميم المجد" الداعم الأول للمرأة القطرية لأنها ركيزة الأسرة الصالحة ......................................................................... استوقفتني صورة، ليست كغيـــرها من الصور، فــــهي مليئة بالمعـانــي والعبـــر، وذلك لأنك عندما تتأملها تخطف بصرك، وتخاطب بصيرتك. هذه الصورة المنشورة على صدر الصفحة تفيض في تفاصيلها بالكثير من الدلالات الاجتماعية، وتحفل في أبعادها بالعديد من القيم المجتمعية، التي تعكس بعداً سديداً، ونموذجاً فريداً من نماذج الأسرة القطرية، بطرفيها المؤسسين الشريكين أباً وأماً. هــــذا النمــوذج العــــائلي يمـــثل النـــواة الصلـــبـــة في بنياننا الوطني، حيث تقف الأم «الوالدة العظيمة»، جـــنباً إلــى جنــــب مــع الأب «الوالد الجليل»، تــشاركــــه مســــيرة البنــاء والنماء والولاء والانتماء والعطاء لهذا الوطن المعطاء. .. وعندما نتأمل سوياً بعيوننا الفاحصة، ورؤيتنا الشاخصة تفاصيــــل الصورة المذكورة، بعـــيداً عن إطارهــــــا الرســــمي الجامـــــع لصــاحــــب الســــمو «الأميــــر الوالـــد» الشـــيخ حمــد بن خليفة آل ثاني، و«صاحبـــة السمـــو» الشـــيخــة مــوزا بنــت ناصـــر، نجــدها تجــــمع فـــــي إطـــارها الوطــــني صــانع الأجيال وصانعة الرجال. .. وما من شك في أن صاحب السمو «الأمير الوالد» ــ حفظه الله ــ صنـــــع عـــلى مــــدى العقـــدين الماضــيين أجيالاً واعدة من القادة الشباب، الذين يتبوأون حالياً مناصب قيادية، في مختلف قطاعات الدولة، ومنحهم زخماً لا ينضب مـــن صفـــاته القيادية، المتمــــثلة فــــي الاستــــــقلالية ورفـــض التبعـــية، والــقدــرة عــــلـــى مواجهة التحدي، والتصدي، وعدم التعدي، يتقدمهم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الذي يعكــــس في شخصيته عنـــــوان بــل عنــــفوان قـــطـــر، وروحــها وطموحها، وحاضرها ومستقبلها. كل هذه الصفات والسمات نجدها حاضرة بكل ثبات في شخصية أميرنا «تميم المجد»، ولمسناها ظاهرة قولاً وفعلاً، في خطابه غير المسبوق بجرأته، الذي ألقاه في افتتاح دور الانعقاد العادي السادس والأربعين لمجلس الشورى، ويمكنني تلخيصها في النقاط التالية، حيث خاطب سموه الحاضرين قائلا تريد دول الحصار إشغالنا في الجبهات التي تفتحها ضد قطر في كل مكان، بحيث تتعطل سياساتنا الداخلية والخارجية، ولكن هذا لن يكون. نحـــن لا نخــــشى مقاطــــعة هــــذه الدول لنا، فنحن بألف خير من دونها. المجتمع القطري يعرف كيف يعيش حياته، ويزدهر ويتطور سواء أطال الحصار أم قصر. الإجـــــــراءات التي اتخذتـــــها دول الحصــــار هـــدفت إلى إحداث صدمة ســــياسية، تؤثــــر على استــــــقرار قطــــــر، وتجــــبرنا عـــــلى قبــــول الوصـــــاية، والتخـــلي عـــن اســــتقلالــــنا، لكنــــهـــــا أخطأت في عدم تقدير إرادة الشعب القطري. .. ولأن الوفاء من السمات المتوارثة في الشخصية القطرية، فقد ظهر ذلك جلياً في خطاب «صاحب السمو»، عندما وجه الشكر إلى سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، على ما يبذله من جهد في الوساطة الكويتية لحل الأزمة الخليجية، مقدراً حكمته وإرادته الصلبة، وحرصه على مستقبل مجلس التعاون. .. ورغم ظروف الحصار فقد حرص «صاحب السمو» أن يزف البشرى إلى شعبه الوفي، معلناً أن الحكومة تعكف حالياً على إعداد الانتخابات لمجلــــس الشورى، وتجــــهيـــــز مشروعات الأدوات التشــريعية اللازمــــة لذلــــك الاستحقاق الانتخابي، على نحو يضمن سير هذه الانتخابات بشكل مكتمل، مصارحاً شعبه أن ثمة نواقص وإشكاليات قانونية لا بد من التغلب عليها، لكي تكــــــــون انتــــخـــابــات مجلـــس الــــشورى منصفة، دون الحاجة إلى تعديلها كل فترة. لقد امتاز خطاب «صاحب السمو» بالصراحة والصرامة، والشهــــــامــة والكرامـــة، والعـــزة والاعتـــزاز بالنفـــس، والشموخ وعدم الرضوخ، وهي صفات تزرعها الأم القطرية في نفوس أبنائها، وترضعها لهم في حليبها. .. وعندما أكتب عن الأم القطرية، فإنني أستمد النموذج من «صاحبة السمو» الشيخة موزا بنت ناصر، التي تحـــــرص دومــــاً على الظهــــور، باعـــتبارهـــا المربية الفاضلة لأسرتها، والأم الكبيرة لوطنها قطر. .. وإذا كان العطاء عنوان الأمومة فإن «صاحبة السمو» هي أم القطريين جميعاً. .. وإذا كانت التضحية رمز الأمومة، فإنها بتضحياتها هي «أم الوطن القطري» بمختلف مكوناته، على امتداد مساحته المحددة رقمياً بمساحة ١١٥٧١ كيلومترا مربعا، الكبيرة معنويا، والتي تتعدى كل حدود، ولا تقف أمامها أي عوائق أو سدود. .. وإذا كانت التربية الصالحة هي التي تصنع الرجولة، فإن سموها من خلال مبـــادراتها التـــربويـــة، هــــي المربية الفاضلة، وهي صانعة الرجال بلا جدال، خلال العقدين الماضيين في كل الأجيال. .. وما من شك في أن صورة «صاحبة السمو» المنشورة على الصفحة، ترسخ حقيقة أن «المرأة نصف المجتمع»، بل تؤكــــد أنهــــا أم مجتمــعـــها، وصـــانعة رجـــالــــه، ومربية أجياله، وملهمة أبطاله وقياداته، رجالاً ونساء. لقــــد أدركــــــت ســــموهـــــا أن صــــناعـــة الـــتاريـــــخ ليست حكراً على الرجال، وأن المرأة القطرية تستطيع أن تؤدي دوراً حضارياً في هــــذا المجال، ولــــهذا كــــــان تركيزها الأكبر على تفعيل مشاركات المرأة القطرية، خارج إطار أدوارها التقليــدية، عبر تفعيل دورها كمواطنة فاعلة في وطنها، متفاعلة مع قضاياها الوطنية. .. وعلى مدى العشرين عاماً الماضية ويزيد، بذلت «صاحبة السمو» جــــهوداً كبـــــيرة للنهوض بأوضــــــاع المرأة القطــرية، فأصبحنا نجـــدها تشارك اليوم بحيوية وفاعلية في جميع المواقع القيادية. .. وأستطيع القول إن تعيين ٤ سيدات فاضلات في «مجلس الشورى» يعد ثمرة من ثمار «السدرة الكبيرة»، التي زرعتها «صاحبة السمو» الشيخة موزا بنت ناصر، منذ أكثر من عقدين من الزمن، في «ليوان» بيتنا القطري «العود»، وهي شجرة مثمرة، وارفة الظلال، يستظل بظلها النساء والرجال، وسائر الأجيال. لقد جاءت هذه الخطوة في توقيت مهم للغاية، والبلاد تشهد حصاراً ضارياً ضاغطاً على المجتمع القطري، بكل مكوناته رجالاً ونساء، لكن قيادتنا الرشيدة، بفضل توجهات وتوجيهات حضرة صاحب السمو الشــــيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وحرصاً من ســـموه على تعزيز شخصية المرأة القطـــــرية، وتأكــــيد حضورها في وطنها، تأكيداً على تحضرها في مجتمعها، آثر أن يمنحـــها دوراً أكبــــر فــــــي صنـــــع القـــرار، فـــــي إطـــار آلية وميكانيكية صناعته داخل «مجلس الشورى»، دون انحياز لجنس على آخر. .. وهذا ما عكسه القرار الأميري رقم (٢٢) لسنة ٢٠١٧، الذي يعد خطوة غير مسبوقة في تاريخ المشاركة الشعبية في البلاد. .. وما من شك في أن العضــــويـــــة النــــسائيــــة في مجلس الشورى لا تعني مجرد مشاركتها التشريعية فحسب، بل تتعداها، لتشمل عرض الرأي ومناقشته، وصناعة القرار وصياغته، في إطار عملية التنمية الشاملة، بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها. .. وبهذه الخطوة التي تعد الأولى من نوعها، حصلت المرأة القطرية على حقوقها التشريعية غير ناقصة، وحققت شراكتها البرلمانية غير منقوصة أو منقوضة، رغــــم أنهـــا لـــم تكــــن يـــومــاً منفصلــة عن دائرة صنع القرار السياسي في وطنها، عبر وجودها وتمثيلها في «مجلس الوزراء» الموقر، ومـــــشاركتهـــا الايجابيــــة الميدانيــة في «المجلس البلدي». .. ولعل ما يزيد من فاعلية الدور الحضاري الذي تحظى بـــــه المـــرأة القطريــة حالياً، أنه يندرج ضمن رؤية شاملة تتبناها دولتنا، بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الذي يعتبر الداعم الأول للمرأة القطرية، باعتبارها تشكل نــــــواة الأســـرة الصالحـــة، وهذا ما يزيد من فاعلية دورها، ويوسع من تأثيرها على الساحة الوطنية. .. ويؤمن «صاحب السمو» أن الإنسان القطري ــ ذكراً وأنثى ــ هو محور البناء التنموي، وهو مرتكز الوجود الحضاري، وأن بناء المواطـــــن، هو الركـــيزة الأولى فـــي بناء الوطن. .. وانطلاقاً من ذلك، حرص أميرنا «تميم المجد» على بذل كل جهد لبناء الإنسان القطري ــ رجلاً وامرأة ــ وتطويـــــره علمـــياً وعملـــياً، وتنمـــية قـــــدراتــه، وتفعيل طاقاته، باعتبار أن ذلك يشكل أهم وسائل نهوضنا الوطني، ونهضتنا الحضارية. .. وعلى هذا الأساس، حرصت قطر على مدار السنوات الماضية على إعــــــداد المواطـــن القطـــري الأكثر علماً، والأكبر وعياً، والأغزر ثقافياً, والأوسع معرفياً، خارج إطار البحث عن البناء الأطول، والمعمار الأضخم، وهذا هو الأهم، انطلاقاً من أن الدول التي تستثمر علمياً وعملياً في بناء البشر، تحقق عائداً استثمارياً أفضل من تلك المشغولة في رص الحجر. .. ولهـــــــذا ركـــزت صاحــــبة الســــمو الشــــــيخـــة موزا بنت ناصر على تدشين «المدينة التعليمية»، وتطوير التعليم، باعتـــــبــاره الاستثمار الأضمن، وحــرصـــت على استنهاض المرأة القطرية، لتلعب دورها في مسيرة التنمية العلمية، في مختلف المجالات التنموية. .. ويكفي التوقف عند مؤتمر «وايز» للابتكار في التعليم، المنعقد حالياً في الدوحة، وقامت بافتتاحه «صاحبة السمو» الشيخة موزا بنت ناصر، بحضور السيدة أمينة أردوغان حرم فخامة الرئيس التركي، بمشاركة حوالي ٢٠٠٠ مشارك يمثلون ١٠٠ دولة، لتأكيد ما يعنيه العلم والتعليم في دولتنا، قيادة وشعباً. فهذا المؤتمر العالمي ينعقد تحت عنوان «بين التعايش والإبداع»، لاستكشاف الأفكار وتبادلها، والتعاون من أجل العمل الإبداعي في مجال تطوير الحركة التعليمية، واقتراح الحلول للتحديات التي تواجه التعليم، حاضراً ومستقبلاً. وليــــس ببعيـــد عـــــن قـضايا التعليــم فـــقـــد حـــظي ملف المرأة القطرية باهتــــمام خـــاص فــــي فــــكر «صاحبة السمو»، وكان ولا يزال يشكل أولوية من أولوياتها، ومنهجاً عملياً من مناهجها، وركيزة أساسية في مبادراتها، التي ساهمت في تحقيق المرأة القطرية الكثير من إنجازاتها ونجاحاتها، التي تتمتع بها حالياً في مختلف المجالات. .. ولست بحاجة إلى استعراض النجاحات التي حققتها المرأة القطرية ــ وما أكثرها ــ بفضل دعم وتشـــجيع «صاحبة السمو»، في جميع المناصب التي شغلتها، والمواقع التي تبوأتها، ويكفي أنها أصبحت عنصراً فاعلاً في مجتمعها، متفاعلاً في محيطها، مساهماً بإيجابية في مسيرة وطنها. .. وما من شك في أن دخول ٤ «سيناتورات» في «الكونغرس القطري»، وأقــــصد بــــذلك تعييـــن العضوات الأربع في «مجلس الشورى»، وهن السيدات الفاضلات حصــــــة سلطـــان الجـــابــــر، وعائشــــة يوســـف المناعـــي، وهند عبدالرحمن المفتاح، وريم محمد المنصوري، يـــشكـــل علامة فارقة في تطور الحركة النسائية في البلاد. .. ولعل ما يدفعني لإطلاق مسمى «السيناتور» على أعضاء المجلس الموقر، رجالاً ونساء، أن هذه التسمية تطلق على أعضاء «مجلس الشيوخ» الأميركي، تأكيداً على رفعة مكانتهم، باعتبارهم نواباً يمثلون شعبهم، فكيف عندما تتشرف المرأة القطرية بنيل هذا الحق التشريعي والشرف البرلماني؟ .. وما كان لكل هذا الحراك النسائي الإيجابي أن يتحقق لولا جهد «صاحبة السمو»، ومبادراتها الداعمة للمرأة القطرية، على مدى العشرين عاماً الماضية، التي استطاعت من خلالها أن تمازج بين ثقافتها الإسلامية، وتقاليدها الاجتماعية، فأصبحت نموذجاً مشرفاً، لنجاحها في المزج المتوازن المتزن بين أصالتها وحداثتها. .. وتقديراً لهذا الإنجاز الوطني الحضاري، الذي يرسخ بعداً جديداً للنقاش الحواري، داخل «مجلس الشورى»، بمشاركــــــــة المــــرأة القطــرية، أتــــشرف بتــوجــيه التهنئة الخالـــــصة المخلـــــصة إلى «صاحـــــبة السمو»، وفاء وعرفاناً وإجلالاً واحتراماً، لكل ما قدمته وتقدمه لوطنها وشعبها، وللحركة النسائية في البلاد. .. والتهنئة موصولة إلى «السيناتورات الأربع»، عضوات «الكونغرس القطري»، لفوزهن بالثقة الأميرية، التي أوصلتهن إلى منصة مؤسستنا التشريعية، مما يثبت جــــدارة المــــرأة القطرية، وقـــدرتها على تحمل مسؤولياتها الوطنية، وممارسة دورها في الرقابة الواعية المسؤولة علـــى أداء أجهــــزتــنا التنفيـــذية، وطــــــرح مشاريع القوانين التي تصب في مصلحة الوطن، في إطار مبدأ «الشـــــورى»، وهو مبــــدأ شــــرعــــي مـــن مــبادئ الحكم الإسلامي، يستمد مشروعية من القرآن الكريم ويؤكد ذلك قوله تعالى «وأمرهم شورى بينهم». .. وهو منهاج مرتبط بالعقيدة والشريعة، كما أنه قاعدة عميقة الجذور في كيان المجتمع المسلم، الذي يحث على التشاور، وتقليب الآراء، وتغليب وجهات النظر المناسبة، في مختلف الموضوعات وسائر الملفات الوطنية من أجل تحقيق أفضل النتائج. .. ووســـــــط الأصـــداء الإيجـــابيــــة الــــــتي تحــــظى بـــــها الخطوة القطرية، يــــبقــــى التـــــوقـــف عـــــنـــد معــــــــانـــاة الكثيـــر من النســـاء في المنطقة، اللـــواتي توقفت طموحـــاتــــهن بعـــد «مكرمة» الســـماح لـــهن بقيادة السيارة، على حلم الحصول على «الليسن»، لسياقة «وانيت العراوي» المزود بأربع «رفارف وردية»، حيث يسعين لتحقيق الحلم الأكبر المتمثل في ممارسة هواية «التفحيط» أو «التفحيص» أو «التحفيص» من باب اللهو والتسلية، بعيداً عن الأعين، في شارع «التحلية»! أحمد علي مدير عام صحيفة الوطن القطرية
أحمد علي يكتب في كلمة صدق صانع الأجيال .. وصانعة الرجال ٤ "سيناتورات" في "الكونغرس القطري" .. نقلة نوعية في "مجلس الشورى" الحراك النسائي الإيجابي يصب في إطار جهود "صاحبة السمو" الدائمة .. ومبادراتها الداعمة "تميم المجد" الداعم الأول للمرأة القطرية لأنها ركيزة الأسرة الصالحة الوطن استوقفتني صورة، ليست كغيـــرها من الصور، فــــهي مليئة بالمعـانــي والعبـــر، وذلك لأنك عندما تتأملها تخطف بصرك، وتخاطب بصيرتك. هذه الصورة المنشورة على صدر الصفحة تفيض في تفاصيلها بالكثير من الدلالات الاجتماعية، وتحفل في أبعادها بالعديد من القيم المجتمعية، التي تعكس بعداً سديداً، ونموذجاً فريداً من نماذج الأسرة القطرية، بطرفيها المؤسسين الشريكين أباً وأماً. هــــذا النمــوذج العــــائلي يمـــثل النـــواة الصلـــبـــة في بنياننا الوطني، حيث تقف الأم «الوالدة العظيمة»، جـــنباً إلــى جنــــب مــع الأب «الوالد الجليل»، تــشاركــــه مســــيرة البنــاء والنماء والولاء والانتماء والعطاء لهذا الوطن المعطاء. .. وعندما نتأمل سوياً بعيوننا الفاحصة، ورؤيتنا الشاخصة تفاصيــــل الصورة المذكورة، بعـــيداً عن إطارهــــــا الرســــمي الجامـــــع لصــاحــــب الســــمو «الأميــــر الوالـــد» الشـــيخ حمــد بن خليفة آل ثاني، و«صاحبـــة السمـــو» الشـــيخــة مــوزا بنــت ناصـــر، نجــدها تجــــمع فـــــي إطـــارها الوطــــني صــانع الأجيال وصانعة الرجال. .. وما من شك في أن صاحب السمو «الأمير الوالد» ــ حفظه الله ــ صنـــــع عـــلى مــــدى العقـــدين الماضــيين أجيالاً واعدة من القادة الشباب، الذين يتبوأون حالياً مناصب قيادية، في مختلف قطاعات الدولة، ومنحهم زخماً لا ينضب مـــن صفـــاته القيادية، المتمــــثلة فــــي الاستــــــقلالية ورفـــض التبعـــية، والــقدــرة عــــلـــى مواجهة التحدي، والتصدي، وعدم التعدي، يتقدمهم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الذي يعكــــس في شخصيته عنـــــوان بــل عنــــفوان قـــطـــر، وروحــها وطموحها، وحاضرها ومستقبلها. كل هذه الصفات والسمات نجدها حاضرة بكل ثبات في شخصية أميرنا «تميم المجد»، ولمسناها ظاهرة قولاً وفعلاً، في خطابه غير المسبوق بجرأته، الذي ألقاه في افتتاح دور الانعقاد العادي السادس والأربعين لمجلس الشورى، ويمكنني تلخيصها في النقاط التالية، حيث خاطب سموه الحاضرين قائلا تريد دول الحصار إشغالنا في الجبهات التي تفتحها ضد قطر في كل مكان، بحيث تتعطل سياساتنا الداخلية والخارجية، ولكن هذا لن يكون. نحـــن لا نخــــشى مقاطــــعة هــــذه الدول لنا، فنحن بألف خير من دونها. المجتمع القطري يعرف كيف يعيش حياته، ويزدهر ويتطور سواء أطال الحصار أم قصر. الإجـــــــراءات التي اتخذتـــــها دول الحصــــار هـــدفت إلى إحداث صدمة ســــياسية، تؤثــــر على استــــــقرار قطــــــر، وتجــــبرنا عـــــلى قبــــول الوصـــــاية، والتخـــلي عـــن اســــتقلالــــنا، لكنــــهـــــا أخطأت في عدم تقدير إرادة الشعب القطري. .. ولأن الوفاء من السمات المتوارثة في الشخصية القطرية، فقد ظهر ذلك جلياً في خطاب «صاحب السمو»، عندما وجه الشكر إلى سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، على ما يبذله من جهد في الوساطة الكويتية لحل الأزمة الخليجية، مقدراً حكمته وإرادته الصلبة، وحرصه على مستقبل مجلس التعاون. .. ورغم ظروف الحصار فقد حرص «صاحب السمو» أن يزف البشرى إلى شعبه الوفي، معلناً أن الحكومة تعكف حالياً على إعداد الانتخابات لمجلــــس الشورى، وتجــــهيـــــز مشروعات الأدوات التشــريعية اللازمــــة لذلــــك الاستحقاق الانتخابي، على نحو يضمن سير هذه الانتخابات بشكل مكتمل، مصارحاً شعبه أن ثمة نواقص وإشكاليات قانونية لا بد من التغلب عليها، لكي تكــــــــون انتــــخـــابــات مجلـــس الــــشورى منصفة، دون الحاجة إلى تعديلها كل فترة. لقد امتاز خطاب «صاحب السمو» بالصراحة والصرامة، والشهــــــامــة والكرامـــة، والعـــزة والاعتـــزاز بالنفـــس، والشموخ وعدم الرضوخ، وهي صفات تزرعها الأم القطرية في نفوس أبنائها، وترضعها لهم في حليبها. .. وعندما أكتب عن الأم القطرية، فإنني أستمد النموذج من «صاحبة السمو» الشيخة موزا بنت ناصر، التي تحـــــرص دومــــاً على الظهــــور، باعـــتبارهـــا المربية الفاضلة لأسرتها، والأم الكبيرة لوطنها قطر. .. وإذا كان العطاء عنوان الأمومة فإن «صاحبة السمو» هي أم القطريين جميعاً. .. وإذا كانت التضحية رمز الأمومة، فإنها بتضحياتها هي «أم الوطن القطري» بمختلف مكوناته، على امتداد مساحته المحددة رقمياً بمساحة ١١٥٧١ كيلومترا مربعا، الكبيرة معنويا، والتي تتعدى كل حدود، ولا تقف أمامها أي عوائق أو سدود. .. وإذا كانت التربية الصالحة هي التي تصنع الرجولة، فإن سموها من خلال مبـــادراتها التـــربويـــة، هــــي المربية الفاضلة، وهي صانعة الرجال بلا جدال، خلال العقدين الماضيين في كل الأجيال. .. وما من شك في أن صورة «صاحبة السمو» المنشورة على الصفحة، ترسخ حقيقة أن «المرأة نصف المجتمع»، بل تؤكــــد أنهــــا أم مجتمــعـــها، وصـــانعة رجـــالــــه، ومربية أجياله، وملهمة أبطاله وقياداته، رجالاً ونساء. لقــــد أدركــــــت ســــموهـــــا أن صــــناعـــة الـــتاريـــــخ ليست حكراً على الرجال، وأن المرأة القطرية تستطيع أن تؤدي دوراً حضارياً في هــــذا المجال، ولــــهذا كــــــان تركيزها الأكبر على تفعيل مشاركات المرأة القطرية، خارج إطار أدوارها التقليــدية، عبر تفعيل دورها كمواطنة فاعلة في وطنها، متفاعلة مع قضاياها الوطنية. .. وعلى مدى العشرين عاماً الماضية ويزيد، بذلت «صاحبة السمو» جــــهوداً كبـــــيرة للنهوض بأوضــــــاع المرأة القطــرية، فأصبحنا نجـــدها تشارك اليوم بحيوية وفاعلية في جميع المواقع القيادية. .. وأستطيع القول إن تعيين ٤ سيدات فاضلات في «مجلس الشورى» يعد ثمرة من ثمار «السدرة الكبيرة»، التي زرعتها «صاحبة السمو» الشيخة موزا بنت ناصر، منذ أكثر من عقدين من الزمن، في «ليوان» بيتنا القطري «العود»، وهي شجرة مثمرة، وارفة الظلال، يستظل بظلها النساء والرجال، وسائر الأجيال. لقد جاءت هذه الخطوة في توقيت مهم للغاية، والبلاد تشهد حصاراً ضارياً ضاغطاً على المجتمع القطري، بكل مكوناته رجالاً ونساء، لكن قيادتنا الرشيدة، بفضل توجهات وتوجيهات حضرة صاحب السمو الشــــيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وحرصاً من ســـموه على تعزيز شخصية المرأة القطـــــرية، وتأكــــيد حضورها في وطنها، تأكيداً على تحضرها في مجتمعها، آثر أن يمنحـــها دوراً أكبــــر فــــــي صنـــــع القـــرار، فـــــي إطـــار آلية وميكانيكية صناعته داخل «مجلس الشورى»، دون انحياز لجنس على آخر. .. وهذا ما عكسه القرار الأميري رقم (٢٢) لسنة ٢٠١٧، الذي يعد خطوة غير مسبوقة في تاريخ المشاركة الشعبية في البلاد. .. وما من شك في أن العضــــويـــــة النــــسائيــــة في مجلس الشورى لا تعني مجرد مشاركتها التشريعية فحسب، بل تتعداها، لتشمل عرض الرأي ومناقشته، وصناعة القرار وصياغته، في إطار عملية التنمية الشاملة، بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها. .. وبهذه الخطوة التي تعد الأولى من نوعها، حصلت المرأة القطرية على حقوقها التشريعية غير ناقصة، وحققت شراكتها البرلمانية غير منقوصة أو منقوضة، رغــــم أنهـــا لـــم تكــــن يـــومــاً منفصلــة عن دائرة صنع القرار السياسي في وطنها، عبر وجودها وتمثيلها في «مجلس الوزراء» الموقر، ومـــــشاركتهـــا الايجابيــــة الميدانيــة في «المجلس البلدي». .. ولعل ما يزيد من فاعلية الدور الحضاري الذي تحظى بـــــه المـــرأة القطريــة حالياً، أنه يندرج ضمن رؤية شاملة تتبناها دولتنا، بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الذي يعتبر الداعم الأول للمرأة القطرية، باعتبارها تشكل نــــــواة الأســـرة الصالحـــة، وهذا ما يزيد من فاعلية دورها، ويوسع من تأثيرها على الساحة الوطنية. .. ويؤمن «صاحب السمو» أن الإنسان القطري ــ ذكراً وأنثى ــ هو محور البناء التنموي، وهو مرتكز الوجود الحضاري، وأن بناء المواطـــــن، هو الركـــيزة الأولى فـــي بناء الوطن. .. وانطلاقاً من ذلك، حرص أميرنا «تميم المجد» على بذل كل جهد لبناء الإنسان القطري ــ رجلاً وامرأة ــ وتطويـــــره علمـــياً وعملـــياً، وتنمـــية قـــــدراتــه، وتفعيل طاقاته، باعتبار أن ذلك يشكل أهم وسائل نهوضنا الوطني، ونهضتنا الحضارية. .. وعلى هذا الأساس، حرصت قطر على مدار السنوات الماضية على إعــــــداد المواطـــن القطـــري الأكثر علماً، والأكبر وعياً، والأغزر ثقافياً, والأوسع معرفياً، خارج إطار البحث عن البناء الأطول، والمعمار الأضخم، وهذا هو الأهم، انطلاقاً من أن الدول التي تستثمر علمياً وعملياً في بناء البشر، تحقق عائداً استثمارياً أفضل من تلك المشغولة في رص الحجر. .. ولهـــــــذا ركـــزت صاحــــبة الســــمو الشــــــيخـــة موزا بنت ناصر على تدشين «المدينة التعليمية»، وتطوير التعليم، باعتـــــبــاره الاستثمار الأضمن، وحــرصـــت على استنهاض المرأة القطرية، لتلعب دورها في مسيرة التنمية العلمية، في مختلف المجالات التنموية. .. ويكفي التوقف عند مؤتمر «وايز» للابتكار في التعليم، المنعقد حالياً في الدوحة، وقامت بافتتاحه «صاحبة السمو» الشيخة موزا بنت ناصر، بحضور السيدة أمينة أردوغان حرم فخامة الرئيس التركي، بمشاركة حوالي ٢٠٠٠ مشارك يمثلون ١٠٠ دولة، لتأكيد ما يعنيه العلم والتعليم في دولتنا، قيادة وشعباً. فهذا المؤتمر العالمي ينعقد تحت عنوان «بين التعايش والإبداع»، لاستكشاف الأفكار وتبادلها، والتعاون من أجل العمل الإبداعي في مجال تطوير الحركة التعليمية، واقتراح الحلول للتحديات التي تواجه التعليم، حاضراً ومستقبلاً. وليــــس ببعيـــد عـــــن قـضايا التعليــم فـــقـــد حـــظي ملف المرأة القطرية باهتــــمام خـــاص فــــي فــــكر «صاحبة السمو»، وكان ولا يزال يشكل أولوية من أولوياتها، ومنهجاً عملياً من مناهجها، وركيزة أساسية في مبادراتها، التي ساهمت في تحقيق المرأة القطرية الكثير من إنجازاتها ونجاحاتها، التي تتمتع بها حالياً في مختلف المجالات. .. ولست بحاجة إلى استعراض النجاحات التي حققتها المرأة القطرية ــ وما أكثرها ــ بفضل دعم وتشـــجيع «صاحبة السمو»، في جميع المناصب التي شغلتها، والمواقع التي تبوأتها، ويكفي أنها أصبحت عنصراً فاعلاً في مجتمعها، متفاعلاً في محيطها، مساهماً بإيجابية في مسيرة وطنها. .. وما من شك في أن دخول ٤ «سيناتورات» في «الكونغرس القطري»، وأقــــصد بــــذلك تعييـــن العضوات الأربع في «مجلس الشورى»، وهن السيدات الفاضلات حصــــــة سلطـــان الجـــابــــر، وعائشــــة يوســـف المناعـــي، وهند عبدالرحمن المفتاح، وريم محمد المنصوري، يـــشكـــل علامة فارقة في تطور الحركة النسائية في البلاد. .. ولعل ما يدفعني لإطلاق مسمى «السيناتور» على أعضاء المجلس الموقر، رجالاً ونساء، أن هذه التسمية تطلق على أعضاء «مجلس الشيوخ» الأميركي، تأكيداً على رفعة مكانتهم، باعتبارهم نواباً يمثلون شعبهم، فكيف عندما تتشرف المرأة القطرية بنيل هذا الحق التشريعي والشرف البرلماني؟ .. وما كان لكل هذا الحراك النسائي الإيجابي أن يتحقق لولا جهد «صاحبة السمو»، ومبادراتها الداعمة للمرأة القطرية، على مدى العشرين عاماً الماضية، التي استطاعت من خلالها أن تمازج بين ثقافتها الإسلامية، وتقاليدها الاجتماعية، فأصبحت نموذجاً مشرفاً، لنجاحها في المزج المتوازن المتزن بين أصالتها وحداثتها. .. وتقديراً لهذا الإنجاز الوطني الحضاري، الذي يرسخ بعداً جديداً للنقاش الحواري، داخل «مجلس الشورى»، بمشاركــــــــة المــــرأة القطــرية، أتــــشرف بتــوجــيه التهنئة الخالـــــصة المخلـــــصة إلى «صاحـــــبة السمو»، وفاء وعرفاناً وإجلالاً واحتراماً، لكل ما قدمته وتقدمه لوطنها وشعبها، وللحركة النسائية في البلاد. .. والتهنئة موصولة إلى «السيناتورات الأربع»، عضوات «الكونغرس القطري»، لفوزهن بالثقة الأميرية، التي أوصلتهن إلى منصة مؤسستنا التشريعية، مما يثبت جــــدارة المــــرأة القطرية، وقـــدرتها على تحمل مسؤولياتها الوطنية، وممارسة دورها في الرقابة الواعية المسؤولة علـــى أداء أجهــــزتــنا التنفيـــذية، وطــــــرح مشاريع القوانين التي تصب في مصلحة الوطن، في إطار مبدأ «الشـــــورى»، وهو مبــــدأ شــــرعــــي مـــن مــبادئ الحكم الإسلامي، يستمد مشروعية من القرآن الكريم ويؤكد ذلك قوله تعالى «وأمرهم شورى بينهم». .. وهو منهاج مرتبط بالعقيدة والشريعة، كما أنه قاعدة عميقة الجذور في كيان المجتمع المسلم، الذي يحث على التشاور، وتقليب الآراء، وتغليب وجهات النظر المناسبة، في مختلف الموضوعات وسائر الملفات الوطنية من أجل تحقيق أفضل النتائج. .. ووســـــــط الأصـــداء الإيجـــابيــــة الــــــتي تحــــظى بـــــها الخطوة القطرية، يــــبقــــى التـــــوقـــف عـــــنـــد معــــــــانـــاة الكثيـــر من النســـاء في المنطقة، اللـــواتي توقفت طموحـــاتــــهن بعـــد «مكرمة» الســـماح لـــهن بقيادة السيارة، على حلم الحصول على «الليسن»، لسياقة «وانيت العراوي» المزود بأربع «رفارف وردية»، حيث يسعين لتحقيق الحلم الأكبر المتمثل في ممارسة هواية «التفحيط» أو «التفحيص» أو «التحفيص» من باب اللهو والتسلية، بعيداً عن الأعين، في شارع «التحلية»!
أحمد علي يكتب في كلمة صدق قولوا للإمارات كلنا قطر .. كلنا تميم المجد .................... أغنية "قولوا لـ قطر" وصمة عار .. وليست مجرد عوار في سجل أصحابها ....................... لم نرصد شاعرا إماراتيا استنكر .. أو مطربا تذكر قضية الجزر المنسية منذ قيام «إيران الشاهنشاهية» باحتلال جزر الإمارات الثلاث، في الثلاثين من نوفمبر عام ١٩٧١، في عهد الشـــاه الإيـــراني محمـــد رضـــا بهلوي، لم تجرؤ أبوظبي على إنتاج أغنية واحدة، أو حتى «نشيدة» وحيدة، تندد بذلك الحدث الجلل، أو تهدد طهران بأنها ستستخدم القوة ضدها لتحرير جزرها، التي مضى على احتلالها نصف قرن تقريباً! .. وعلى امتداد ذلك التاريخ الموغل في التاريخ، الذي انطلقت تداعياته الأولى قبل أيام من إعلان قيام «الدولة الاتحادية»، في الثاني من ديسمبر عام ١٩٧١، لم نسمع أن «بوزايد» أو «بوخالد» أو «بوهزاع» أو حتى «بومهير»، بطل «شعبية الكرتون» حمل بندقيته التي لا تفارق يده في مسلسل الرسوم المتحركة، وهدد إيران التي تحتل الجزر الإماراتية، متوعداً بالويل والثبور وعظائم الأمور! .. وخـــــــلال العـــقـــود التي مـــضــــــت، والعــــهــــــود الـــتــي مــــــــرت، صارت الجزر نسياً منسياً، حيث لم نجد شــــاعراً إمــــاراتياً استنكر، أو مطرباً تذكر في إحدى أغنياته تلك الجزر المحتلة المنسية! .. ولا يتضمن رصيد المطربين الإماراتيين من عهد «علي بن روغة»، حتى عهد «المناضل بصوته» حسين الجسمي، أي عمل فني وطني يحث على استعادة الجزر، وإعادتها إلى حضن الوطن الأم، المتمثل في دولتهم الاتحادية. بل يعرف القاصي والداني عن أهلنا في الإمارات عشقهم للثقافة الفارسية، رغم احتلال جزرهم، ولهذا لا تخلو أعراس الكثيرين منهم إلى يومنا هذا من رقصـــات «الدســمال بازي»، مما يعكــــس حجم التـــوغل ولا أقـــــول التغول الإيراني، ممثلاً في تراثه الشعبي، في مفاصل الدولة الاتحادية، غنائياً وطربياً وثقافياً واجتماعياً وتجارياً. كما أن معظم «قوم الإمارات» يحبون، بل يحفظون الأغنيات الإيرانية عن ظهر قلب، حيث لا يوجد إماراتي في مرحلة السبعينيات من القرن الماضي، لم تطربه مطربة فارس الأولى في ذلك الوقت «كوكوش»، وخصوصاً أغنيتها الشهيرة «من آمدة أم .. أوي أوي»، التي كادت تصـــــبح نشــيداً قومياً في الإمــــارات، حيــــث كــــــانوا يرددونهـــا في «فريج البستكية» ومنطقة «الصبخة»، و«هور العنز»، وغيرها من المناطق ذات الكثافة السكانية، التي لا تستغني عن وجبة «المشاوة» أو «المهياوة» على فطور الصباح، بعيداً عن صخب «المعلاية» وإسفافها، خاصة أغنية «صب الماي على الباجلة»، التي يتقلب فيها الراقصون على إيقاعات «المكوسرجي» و«الرحماني»، وروادهم ومشاهيرهم في هذا المجال، الذي يخلو من صفات الرجال «طبقات» و«عنتروه» و«عبود خوصة» و«نايلون» ولا أقصد نابليون! .. وقبل أيام انتفض رموز الغناء الإماراتي فجأة، ليس ضد إيران التي تحتل جزرهم، ولكن ضد قطر، التي تصاهرهم وتناصرهم وتجاورهم، وترتبط بهم ومعهم بصلات القرابة والدم والنسب، ولهذا لا تستحق منهم «إطلاق موجات السب»، غنائياً وغوغائياً، وهذا ما يثير في رأسي العجب، كما يثير في نفسي العتب، ولن أقول الغضب. لقد سقط رموز الغناء الإماراتي في وحل الإسفاف الغنائي، عبر إطلاق أغنية ساقطة، يسمونها «قولوا لقطر»، وهي لا تقل إسفافاً وسقوطاً في كلماتها ولحنها عن أغاني «النخي» و«الباجلا» و«البلاليط» وغيرها! .. وإذا كانت «الوطنية الإماراتية» عبارة عن أغنية، فالأجدر توجيهها نحو إيران وليس إلى قطر، أما إذا كان أصحاب الأغنية الهابطة يملكون ذرة واحدة من الشجاعة، فينبغي عليهم إحياء «قادسية غنائية» ضد طهران، وليس ضد الدوحة، عبر تفريغ طاقاتهم الوطنية المكتوبة، ولا أقول المكبوتة، أو المنكوبة بل المسلــــوبــــة، على ساحة جزرهم المحتلة. .. ويمكن وصف أغنيتهم الساقطة بأنها تقدم نموذجاً حياً، ومثالاً ناطقاً على الجنون المتـعـاظم في عــقول أصحــابها، ولا أقـــول جنون العظمة، لأنه أرفع من جنونهم الفكري. .. وما من شك في أنه إذا ابتليت مجموعة ــ ولا أقول جماعة ــ بهذا النوع المريض من فيروس الجنون، تراجع مستوى تفكيرها إلى الحضيض، ليقودها نحو الانحدار إلى أقصى درجات الانهيار، وهذا ما حدث لأصحاب الأغنية الهابطة، وفي مقدمتهم ملحنها فايز السعيد، صاحب «الخشم» الجديد! .. ومشكلـــة هذا الخاســر، في فنه الداثــــر، وخشمه العاثر، أنه يعاني من عقدة نفسية حادة بسبـــب شكــــل أنــــفــه، ولهـــــذا خــــــضع لعملية تجميل لتعديل الزاوية العمودية في ذلك الأنف الأفقي، داخل أحد «الكراجات» في منطقة «القصيص»! .. ويعد فايز السعيد، بخشمه الجديد، سفير «الخسافة» الغنائية، ولا أقول السخافة الموسيقية، وهو معروف في الوسط الفني بأنه لا يملك في رصيده سوى لحن واحد، يكرره في معظم الأغاني، التي يقوم بتركيب ألحانها، بعيداً عن الإبداع الموسيقي، ولهذا أستطيع القول ــ بثقة ــ إنه بألحانه المركبة، وأعمــــاله المــــكررة وليـــست المبتكرة يمثل النسخة الإماراتية من «شعبولا»! .. والمؤسف أن ينتشر «الأسلوب الشعبولي»، ولا أقول الشعبوي في أوساط رموز الغناء الإماراتي، فنجد كبارهم، بدءاً من «ميحد حـــمد» مـــروراً بفــــنانهم «حسين الجـــسمي» وصولاً إلى «عيضة المنهالي» وغيرهم يجسدون «الحالة الشعبولية» في أغنيتهم الأخيرة عن قطر. .. وإذا كان أًصحاب أغنـية، «قولوا لقطر» على مستوى أقوالــهم، ويملكون ذرة واحدة من الرجـــولة، ولا أقول البــطولة في أفــعالهم، فليتجهوا نحو جزرهم المحتلة طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى ويحرروها. .. ووفقاً لحالتهم الوطنية المتصاعدة، التي ظهرت في أغنيتهم ضد قطر، ينبغي عليـــهم تشــكيل فرقــــة «كومــــاندوز»، يقــــودها مناضلهـــم «خالد حرية»، لتحرير الجزر الثلاث، وإعادتها إلى فضاء الحرية، على إيقاعات «العيالة» ولا أقول «المعلاية»! أما «علي الخوار» كاتب أغنية «قولوا لقطر»، فيكفي أنه يطلق خواراً في كلماته، والخوار في اللغة هو «صوت الثور»، ولا أريد القول، إن كاتب الأغنية المسيئة للشعب القطري بأسره، أراد أن يصبح «ثائراً» ضد قطر، لكنه أصبح ثوراً. .. وما دام صاحب الخوار الخائر، أصبح منظراً سياسياً، «يخور» في السياسة، فليته يفسر لنا الصفة السياسية أو القانونية أو القومية أو حتى العاطفية أو الرومانسية، التي جعلت أبوظبي تحتضن المفسد محمد دحلان، المطرود من حركة «فتح»، بسبب تورطه في قضايا فساد. لقد وجه كاتب الأغنية انتقاداً شديد اللهجة إلى المفكر عزمي بشارة، الذي تستضيفه قطر، عزيزاً مكرماً، مثل ســــائر المقيمــــين فيها، بصفته صاحب تفكير وليس تكفـــــير، لكنـــــنا نتمنى من صاحب «الخــوار» أن يوضح لنا في سياق نفس الإطـــار، على أي أســــاس تستـــضيف عاصــمتــه رمز الفساد الفلسطيني دحلان؟ هل بصفته مناضلاً فلسطينياً؟ أم قاتلاً مأجوراً، حسب الطلب؟ أم مستشاراً أمنياً لإدارة الملفات القذرة؟ أم فاسداً من المفسدين في الأرض، وخصوصاً في «المخيمات»، التي يقود داخلها استقطاباً، بل صراعاً ضد «السلطة الوطنية»، حيث تقوم زوجته «الجليلــــة» بشــــــــراء الـــولاءات، في أوســاط الشـــــباب العـــاطـــل، للسيطرة على الساحة الفلسطينية، بالأموال الإماراتية! لقد أساء كاتب الأغنية في أغنيته المسيئة إلى فضيلة الشيخ العلامة يوسف القرضاوي، ويكفي تذكير صاحب «الخوار الثوري» المشتق من حركة الثور، وليس حراك الثوار، أن الإمارات هي التي منحت ــ قبل غيرها ــ فضيلة رئيـــس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين جائزة شخصية العام الإسلامية، في دورتها الرابعة عام ٢٠٠٠، وهو لم يحصل على هذه الجائزة المرموقةمن قطر أو إيران أو تركيا، ويومها حظي الفائز بسيل من قبلات الإجلال والاحترام على رأسه من كبار رجالات دولته الاتحادية. لقدــ خاطب سمــــو الشـــيــــــخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، الشيخ القرضاوي يومها، خلال حفل تكريمه، الذي أقيم في قاعة مركز دبي التجاري العالمي، أمام أكثر من ثلاثة آلاف من الحضور غصت بهم القاعة قائلا «إن السياسي قد يخطئ في عمله ومهامه، وعلى علماء الدين أن ينبهونا للأخطاء، وأن يصححوها إن وجدت، دون خوف أو وجل، لأننا وإياهم مسؤولون أمام الله عز وجل عن تصويب الخطأ». وأضاف سموه موجهاً حديثه للقرضاوي «إن اللجنة التحكيمية عندما أخبرتني أنك فزت بالجائزة فرحت جداً، لأن الخبر كما توقعت، رغم أنني لا أتدخل في أعمال لجان التحكيم، لا من بعيد ولا من قريب»، مضيفاً «عندما أرادت اللجنة أن تعرفني عليك، قلت لهم إنني أعرفه جيداً، فهو شخصية إسلامية عالمية معروفة، وليس بحاجة إلى تعريف، لأن أعماله وخدماته للإسلام والقرآن تُعرف عليه». .. وبعيداً عن ذلك التكريم الذي حظي به الشيخ يوسف القرضاوي في الإمارات نفسها، فمن المؤسف أن يتدنى مستوى أغنية «قولوا لقطر» إلى حضيض الحضيض، ولا يقتصر حضيضها على كلماتها الهابطة، التي صاغها علي الخوار، أو ألحانها الساقطة «الخربوطية» المركبة، التي قام بتـــــركيبــــها فايـــز الســـعيد، صــــاحب «الخــــشم» الجـــديـــد، بــــل يتعـــدى خرابها جميع مكوناتها، وعلى رأسها المطربون الذين قاموا بأدائها، حيث تشكل أغنيتهم وصمة عار، وليست مجرد عوار في تاريخ أصحابها. .. وأقل ما يقال عن هذه الأغنية أنها فاسدة في محتواها، وضالة في فحواها، وأداء الذين مارسوا «فحيح الثعابين» فيها! .. وبصراحة، لم نتخيل يوماً في منطقة الخليج، التي تتسم بأخلاقياتها المتوارثة، وعلاقاتها الأخوية العائلية، أن يتطاول مطرب مأجور، مهما بلغت قيمته في بورصة الأجور، على رموز لهم مكانتهم السياسية والوطنية في ضمير ووجدان الشعب القطري، وسائر شعوب المنطقة، ولم نتصور أن يتجرأ أي فنان على الإساءة إلى بناة الأوطان. .. وعندما أقول ذلك، نفهم أن بيننا حالياً وبين أبوظبي خلافاً سياسياً عميقاً، حول العديد من ملفات وقضايا المنطقة. .. ونعلـــم أن الإمــــــارات، بعاصــمتهـــــا الاتـــحـــاديــــة، تقـــــود حصاراً جائراً ظالماً ضارياً ضد قطر، على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعائلية، لم تشهد له المنطقة مثيلاً. .. ونعرف أن هذا الحصار الجائر لم تجرؤ أبوظبي على تطبيقه ضد إيران، التي تحتل جزر الإمارات الثلاث! لكن لم نتخيل يوماً أن تصل الاختلافات بيننا وبين أهلنا في الإمارات، على المستوى الرسمي وليس الشعبي، إلى درجة إطلاق أغنية هابطة عبر «قناة أبوظبي» تسيء إلى رموزنـــا، تـــصل فـــــيهــــا لغة الغناء إلى هذا المستوى الهابط من الغثاء! .. ولعل من سخـــريات الـــــقدر، أن يكون اســـم أغنيتــــهم الهابــطة «قولوا لقطر»، علمــــاً أن الســــخريــــة الأكــــبر تكمن وتتجلى في أصــحابها الكـــــبار، الذيــن أداروا ظهورهم لتاريخهم الغنائي، وصدموا جمهورهم العربي بإسفافهم بل سفاهاتهم وسفالتهم. .. وما من شك في أن الأغنية المذكـــورة تعكــــس سقوطاً موجعاً لقيم الفن الأصيل، وانحداراً ســـافراً لأخــــلاقـــــيات الإبداع الغنائي الجميل، يقود أصحابها نحو دهاليز القاع. لقد انحرفت عربة الغناء الإماراتي من خلال أغنية «قولوا لقطر» انحرافات عميقة، وانحدرت برموزها إلى هاوية سحيقة. .. ومن المؤكد أن فناناً مثل «ميحد حمد» سيظل يشعر بالخجل من نفسه طيلة حياته، بسبب مشاركته في الأغنية المسيئة المسماة «قولوا لقطر»، خاصة أنه صاحب رائعة «خمس الحواس»، التي صاغها الشاعر المبدع سعيد بن حمد بن مصلح الأحبابي ويقول فيها «خمس الحواس يسألني» «عنك وقلبي فيه جرحين» «جرح التجافي والتجني» «وجرح سكن في قلبي سنين» «كل ما نسيت يذكرني» «الشم والتفكير والعين» «إحساس قلبي ليك عني» «ويحير دمي في الشرايين» «ترى حياتي بين قوسين» «صنت الليالي واعذرني» «والحين وين أنته وأنا وين». .. وأجــــد نفـسي مضـــــطراً إلى الـــــقـــــول، إن صــــاحبــــة أغــــنيــــة «حد مثلي بات مشجن» التي غناها «ميحد حمد»، وهي الشاعرة الإماراتية الراحـــلة عـــــوشـــــة بنــــت خلـــيفـــة السويـــدي ــ رحمــــها الله ــ التـــــي عاشت سنين من حياتها في قطر، لو ردت إليــــها روحـــها لاستــــنكــــرت حالة الإسفاف التي وصل إليها مطرب أغنيتها الشهيرة، بعد مشاركته في أغنية «قولوا لقطر»! .. وما من شك في أننا وسط الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة، في خضـــــــم الأزمـــة الخليجــــية، في أمــــس الحاجـــة إلى فـــنانيـــــن يرتقون بمستوى الفن، ويؤمنون بالدور الحضــــاري للموسيـقى، في تحقيق التقارب بين الشعوب، ويساهمون في رفع مستوى الأغنية، وليس المساهمة في هبوطها، لدرجة أن أغنياتهم الهابطة صارت ضرباً من الهذيان، بدلاً من أن تحرك المشاعر والوجدان! .. ووسط ذلك الغثيان، بانتظار أن تصدر المنامة أغنيتها المرتقبة ضد الدوحة، ومن المتوقع أن تحمل اسم «خبروا قطر»، يشارك فيها نخبة من الفنانين البحرينيين، وحبذا لو يكون لحنها على إيقاعات «المراويس» التي تميز فن «الصوت» على طريقة محمد فارس أو محمد زويد! عدا ترقبنا صدور أغنية أخرى ضدنا من القاهرة، تحمل اسم «عاوزين شوال رز من أطر .. علشان نسلك المسائل في مصر»! لكننا رغم كل ذلك الهجوم المنظم، والدور المبرمج، والفن المؤدلج المؤدي إلى الغثيان، الذي تقوده أبوظبي سياسياً وغنــائياً ضــدنا، بمشاركة عواصم التآمر المتحالفة ضد الدوحة، ستبقى الإمارات غالية على قلوبنا، وسيبقى شعبها أخوة أعزاء لنا. .. وتأكيداً على ذلك، ليس عندي ما أختم به مقالي أفضل من ترديد الأغنية الرائعة، التي تعكس محبتنا لأهلنا الكرام الأعزاء في الإمارات، التي نظم كلماتها الزعيم الراحل الكبير، مؤسس دولتهم الاتحادية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ــ رحمه الله ــ ويقول فيها «إن هويتونا هويناكم .. وبنتصبر لي جفيتونا» رحم الله «حكيم الإمارات»، وأسكنه فسيح جناته، وألهم «أهل شرق» الحكمة في مواقفهم غير الحكيمة تجاه قطر. .. وقولوا للإمارات إننا لن نتنازل عن سيادتنا الوطنية. .. وقولوا لهم في أبوظبي, إن دولتــــنا المحـــاصـــــرة مصطـــــفة بكل مكونـــــاتها خــــلـــف قائـــدنا وأميـــرنا ورمــــزنا، حـــضرة صـــــــاحـــب الســمو الشـــيــــــخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى. .. وقولوا لهم ولغيرهم «كلنا قطر .. كلنا تميم المجد».
قارن أحمد علي مع:
شارك صفحة أحمد علي على