مرض.. خطير

حوالي ٥ سنوات فى الشبيبة

لميس ضيفمن أخطر أمراض العصر الاجتماعية، وأكثرها شيوعا وفتكا، داء تبلد المشاعر، حيث تتلاشى الفروقات بين الإنسان والكرسي الذي يجلس عليه، فلا يتأثر بمشاعر من أمامه ولا يستشعر ضيقهم ولا يقدر مواقفهم، وعندما تتفجر مشاعره بسبب تعرضه للظلم أو الإهمال، ويتناثر قطعا صغيرة من القهر والغبن، فإنه -في تلك اللحظة- يتقمص دور الضحية تماما ويتناسى ما أقترفه في حق آخر، في ذات الصباح أحيانا، ويعود لسيرته الأولى في اللامبالاة بمشاعر الآخرين وضيقهم.في ساعات الدوام الرسمي، يمتلك الموظفون العموميون بعض السلطة، سلطة تمكنهم من تسهيل حياتك أو مفاقمة صعوبتها، سلطة تجعله يضيء يوم شخص أو يكسف شمسه، وذات القوانين والتنظيمات التي يستطيع أستخدامها لمساعدته؛ يمكنه أستخدامها لمضايقته، لهذا تلعب المحاباة دورا كبيرا في حياة الأفراد في مجتمعاتنا، لأنه وبمساعدته للشخص " أ" لم ينتهك القانون، وبعرقلته للشخص "ب" لم ينتهك القانون أيضا، وهناك مصطلح مهم في علم الإدارة يتغافل الناس عنه يُدعى "التعسف في استخدام السلطة".وهي ليست ضرورة تنظيمية كما يُخيل لممارسيها بل هي نزعة سلوكية لا أكثر، فالبعض ترتوي نفسه إن سمع عبارات الرجاء أو رأى نظرات التوسل في عيون من أمامه، كما وتتفجر لديه رغبة في الانتقام لو رأى نظرات التحدي والرفض، وقد تكون سلطته ضئيلة لا تتجاوز فتح الباب ولكنه يستخدمها بآلية تشبع في نفسه جوعاً لإذلال الآخرين.المفارقة أن هؤلاء الأفراد، الذين يمارسون بلا وعي خطيئة إلحاق الأذى بمن أمامهم بلا سبب وتجاهل مشاعرهم باستخفاف يتعرضون لمواقف، تقترب أو تبتعد عن ما يعرضون الآخرين له، ولكنهم لا يرون الأمر كـ "كارما" كونية، لذا يلعنون سرا أو جهرا من أمامهم متناسين أنهم صورة لذات الأفعال التي مارسوها في مكان وزمان آخر.نعم؛ تفيض الحياة بمشاكل لا تعد، وتبدو الحياة على الأرض أصعب عاما بعد عام، ولكن انعدام الرحمة والدعة في التعامل بين الناس يجعل كل شيء أسوأ بأضعاف مضاعفة، إن الدّعة والرحمة واللطف أمور كفيلة بتغيير حياتنا اليومية للأفضل، وهي أمور مجانية لا كلفة لها، ولا تحتاج إلا للإنسانية والأحساس لا أكثر.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على