في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري (البروفسور فريد البستاني)

حوالي ٥ سنوات فى تيار

مقال عضو تكتل لبنان القوي النائب البروفسور فريد البستاني في جريدة النهار، في الذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري.
البروفسور فريد البستاني -
الرابع عشر من شباط هذا العام يعني أربعة عشر عاما على إستشهاد أحد القادة الكبار في تاريخ لبنان الحديث هو الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي شكل ويشكل بعيون اللبنانيين رمزاً للإعمار والخروج من الحرب والخراب، ومهما تباينت الآراء في خطط الإعمار فالكل يجمع على أن الشهيد رفيق الحريري كان رجل الإعمار بما له وما عليه، وكان فوق ذلك رمزا لعالمية لبنان وجسرا متينا في علاقاته العربية، والأهم في سيرة الرئيس رفيق الحريري كان حرصه العميق على الوحدة الوطنية بين اللبنانيين، وتمسكه بالحضور والشراكة المسيحيتين في بناء الدولة والنهوض الإقتصادي، وثقته أن لبنان الدور والدولة لا يكتمل بدونهم، وبدون حضورهم الفاعل وشراكتهم الفعلية . ربما تكون واحدة من المعاني الدرامية للحظة إستشهاد الرئيس رفيق الحريري، هي تلك الوحدة الجامعة التي خرج فيها اللبنانيون يودعونه ويبكونه، متفقين ومختلفين معه وحوله، وربما تكون الكلمات الأشد تعبيرا التي يحفظها اللبنانيون عن ظهر قلب من أشياء كثيرة قالها الرئيس الشهيد قبل الرحيل، معادلتان حاضرتان، "لقد أوقفنا العد بين المسلمين والمسيحيين والمناصفة قرار وخيار لا رجعة فيهما"، و "مهما كبرنا فلبنان أكبر منا جميعا " . يحمل اليوم الرئيس سعد رفيق الحريري مشعل والده ويتابع مسيرته، وفي محطات كثيرة، أثبت الرئيس سعد الحريري تمسكه بالمعادلتين اللتين صاغهما والده الشهيد وأودعهما أمانة بين أيدي اللبنانيين، ويستقبل الرئيس سعد الحريري ومعه كل اللبنانيين الذكرى الرابعة عشرة لإستشهاد الرئيس رفيق الحريري بالتزامن مع ولادة حكومة جديدة ونيلها الثقة من المجلس النيابي لتنطلق إلى أول أيام العمل، ويا لها من مصادفة أن تكون هي أولى حكومات العهد الذي يترأسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الرمز الذي يجسد الحضور والشراكة المسيحيتين في الدولة والمجتمع، والحلقة المفقودة في دولة ما بعد إتفاق الطائف، حتى يمكن القول أنها ربما تكون الفرصة الأولى لمنح خططالإعمار والنهوض الإقتصادي، والإستقرار السياسي والإجتماعي والنفسي بين اللبنانيين، أول فرصة جدية، منذ إتفاق الطائف . لطالما كان على لبنان الاختيار بين تطبيق الديمقراطية بنصوصها الحرفية كحكم للأغلبية، والذهاب إلى انكسار في معادلاته الطائفية لاستحالة تشكل الأغلبية العابرة للطوائف في نظام طائفي تشكل الأغلبيات الممثلة لطوائفها شريكا ميثاقيا لا يستقيم حكم بدونه، وبين اعتبار الاستقرار والشراكة بين الطوائف شرطا ميثاقيا يتقدم على الديمقراطية كحكم للأغلبية والذهاب إلى مفهوم الديمقراطية التوافقية، بكل متاعبها ومصاعبها، إلى أن يتاح تحقيق ما تمناه الذين اجتمعوا في الطائف، من الخروج من الصيغة الطائفية للدولة . الحكومة التي يترأسها الرئيس سعد رفيق الحريري، ربما تكون الحلم الأهم الذي كان يريد تحقيقه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ويكون نجاحها الذي يشكل اليوم خشبة خلاص لبنان، الوصية الأهم التي تجسد معنى الإحياء الحقيقي لذكراه، والنجاح المعني هو مسؤولية كل المشاركين في الحكومة، لكن هذه الحكومة تشكل وبصورة أساسية الاختبار الأهم للبنان، بالقدرة على الجمع بين مرونة الحركة المؤسساتية في الدولة ومكافحة الفساد من جهة، وصيغة الشراكة الوطنية بين الطائفتين الإسلامية والمسيحية، بأبرز تشكيلاتهما السياسية وأكثرها تمثيلاً من جهة أخرى، وهذه المعادلة يجسدها نجاح تجربة التعاون بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وهي تجربة أظهرت الكثير من الآمال بدرجة التفهم والتفاهم التي أظهرها ما مضى منها من محطات وما واجهته من تحديات . سيتذكر اللبنانيون الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ذكراه الرابعة عشرة، وعيونهم على الآمال الكبار تجاه ما ستنجزه حكومتهم الجديدة التي يصح القول فيها أنها أول حكومات ما بعد الطائف، بمفهوم الشراكة الكاملة للمسيحيين، وأول حكومات الرئيس رفيق الحريري، لكن برئاسة إبنه الرئيس سعد الحريري، لحكومة تترجم ما تمثله هذه الشراكة من شرط لبناء الدولة ونجاح مشاريع الإعمار والنهوض الاقتصادي، حكومة تترجم وقف العد بين المسلمين والمسيحيين بروحية الاحترام العميق لمفهوم الشراكة والمناصفة، وحكومة لا يحكمها هاجس أن يكبر فيها أحد على أحد، لأنه "مهما كبرنا سيبقى لبنان أكبر منا جميعا" . * نائب الشوف في مجلس النواب اللبناني وعضو تكتل لبنان القوي
 

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على