حقبة تقدمية جديدة في أمريكا

حوالي ٥ سنوات فى الشبيبة

لورا تايسون ليني ميندونكابيركلي ـ منذ نهاية عام 2014، قمنا بالدفاع عن نموذج الحوكمة الأمريكية الذي يستند على التعديل العاشر للدستور الأميركي، والذي ينص على أن: "السلطات التي لا يوليها الدستور للولايات المتحدة ككل، ولا يحجبها عن الولايات (انفراديا)، تُحفظ لكل من هذه الولايات والشعب". على نحو متزايد، تمارس ولاية كاليفورنيا هذه الحقوق الدستورية.في السنوات الأخيرة، لم تعد الحوكمة الدولية والمحلية تُثير الاهتمام. اعتقد معظم النقاد الذين قاموا بتغطية حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016 أن الديمقراطيين سيفوزون بغالبية مقاعد مجلس النواب الأمريكي وربما في مجلسي الكونجرس، مما يسمح لهم بمتابعة أجندة السياسة الوطنية التقدمية وتعيين قضاة المحكمة العليا.لم يكن التاريخ واضحا كما كان متوقعا. فقد أصبحت الفدرالية التقدمية - أي الإصلاح القائم على الدولة والقيادة - أكثر جاذبية، والذي يُعد بمثابة بريق أمل في العامين الماضيين من الجمود على المستوى الفيدرالي.بالنسبة للمطلعين على تاريخ الولايات المتحدة، تُعد الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الحالية مألوفة للغاية. على الرغم من ارتفاع أسواق الأسهم وتزايد الثروة، فإن معظم المكاسب تتوجه نحو الأغنياء. تعمل التكنولوجيا على تغيير الحياة اليومية، ولكنها أيضًا تزيد من القلق العميق بشأن فقدان الوظائف والمهن. ينجذب الأثرياء والطموحون نحو ازدهار المدن، في حين يشعر العديد من الأمريكيين القرويين، الذين تم التخلي عنهم، بالاستياء. أصبحت موجة العداء تجاه المهاجرين شديدة وعنيفة أحياناً، وأصبح الكثيرون يشعرون بخيبة أمل تجاه الحكومة. في حين يدافع الأثرياء عن الإصلاحات الاجتماعية من خلال العمل الخيري، فإن العديد من المواطنين مقتنعون بأن الأثرياء قاموا باستغلال الديمقراطية.تُشير هذه الصورة القاتمة إلى الولايات المتحدة بين الوقت الحالي وأوائل القرن العشرين، عندما ظهرت أول حركة تقدمية. في نهاية المطاف، عززت الإصلاحات الاجتماعية والسياسية التي تم تنفيذها خلال تلك الفترة الديمقراطية، وساهمت في إنشاء مؤسسات اقتصادية لا غنى عنها الآن، وجعلت أمريكا أكثر حرية وعدلاً.التاريخ لا يعيد نفسه، لكنه يتشابه كثيرا. خلال العصر التقدمي، واجهت ولايات كاليفورنيا، أوريغون، واشنطن، كولورادو، وويسكونسن النفوذ المتنامي للمال في السياسة واحتكار النفط، والسكك الحديدية، والقطاعات الرئيسية الأخرى. وعلى نحو مماثل، وسط حالة من الاستياء وعدم اليقين، تعرف الولايات المتحدة اليوم حقبة تقدمية جديدة، خاصة في الولايات الغربية، التي لها تاريخ غني في جعل الحكم الديمقراطي متماشياً مع الحقائق الاقتصادية المتغيرة.وبسبب مواطنيها من مختلفي الجنسيات واقتصادها العالمي، بدأت ولاية كاليفورنيا بالفعل بمعالجة العديد من التحديات التي تواجه البلاد. وذلك من خلال إتباع برنامج واسع للحد من انبعاثات الكربون واعتماد إصلاحات سياسية مثل إعادة تقسيم الدوائر على أساس عدد المواطنين، ونظام مفتوح أولي، وصندوق احتياطي لتجنب التباطؤ الاقتصادي.واليوم، يقود جافين نيوسوم، حاكم ولاية كاليفورنيا الجديد، مرحلة جديدة من الإصلاح. مع ازدهار الاقتصاد والأغلبية الديمقراطية في كل من المجلسين التشريعيين للولاية، فإنه يسعى إلى تنفيذ أجندة تقدمية يمكنها أن تحقق العدالة الاجتماعية وتتجنب الانكماش الاقتصادي القادم.وعلى وجه التحديد، تقدم ميزانية نيوسوم البالغة 209 مليار دولار خطة محددة للجمع بين الاحتياط المالي والنشاط التقدمي. ولجعل الميزانية أكثر مرونة على مدار دورة الأعمال، سيستخدم بعض الفائض الحالي الكبير في الولاية لتوسيع صندوق الاحتياطي وسداد الديون المسبقة، والمعاشات، والتزامات الرعاية الصحية للموظفين العموميين.علاوة على ذلك، ولضمان النمو المشترك على نطاق أوسع على المدى الطويل، سيقوم نيوسوم أيضا بتخصيص حصة من الفائض للاستثمارات - بما في ذلك ما يقرب من 2 مليار دولار لبرامج التعليم الابتدائي ورعاية الأطفال. وقد اقترح أيضًا توسيع ائتمان ضريبة الدخل المكتسب في الولاية لأكثر من مليون شخص آخر من سكان كاليفورنيا العاملين. وقد عين لجنة جديدة - "مستقبل العمل" - لتطوير المقترحات السياسية لخلق وظائف جيدة، حيث تعمل التكنولوجيا على تحويل سوق العمل.بالإضافة إلى ذلك، لمعالجة أزمة السكن الميسور في الولاية، يهدد نيوسوم بحجب أموال البنية الأساسية عن المدن التي لا تفي بالتزاماتها. فهو يعتقد أن "النقل هو السكن والسكن هو النقل"، وكلاهما يرتبط ارتباطا مباشرا بمناخ الولاية وأهداف النمو الشامل. كما أدرك إمكانيات "صناديق الفرص"، التي يمكن أن توجه المزيد من الاستثمارات إلى أجزاء من الدولة التي تخلفت عن الركب التكنولوجي. وقد شجع القطاع الخاص على بذل المزيد من الجهود، مما دفع العديد من المنظمات الكبرى غير الهادفة للربح إلى الإعلان عن صندوق بقيمة 500 مليون دولار للحفاظ وتوفير السكن بأسعار معقولة في منطقة الخليج.وبينما يقود نيوسوم الاستثمارات العامة والحوافز الجديدة، فإنه يعتمد أيضًا على مبدأ التبعية الذي أسسه سلفه جيري براون. بناء على ذلك، فإنه يفوض المزيد من سلطة اتخاذ القرار والسيطرة على الموارد للسلطات الإقليمية والمحلية، مُدركا أن أي ولاية كبيرة ومتنوعة لديها احتياجات متعددة.ولعل الأكثر إبداعًا هو جهود نيوسوم للاستفادة من حجم وقوة المساومة في اقتصاد ولاية كاليفورنيا البالغ 2.7 تريليون دولار (وهو خامس أكبر اقتصاد في العالم، بعد الولايات المتحدة والصين واليابان وألمانيا). وقد أصدر بالفعل أمراً تنفيذياً يسمح للحكومة بالتفاوض مباشرة مع الشركات المصنعة بشأن أسعار الأدوية لعمال الدولة والسجناء ومُتلقي برنامج "ميديكايد" البالغ عددهم 13 مليون شخص. وقد ساهم نيوسوم بحوالي 25 مليون دولار كمساعدات لأسر المهاجرين طالبي اللجوء. وفي الآونة الأخيرة، وقع نيوسوم أمرا بسحب معظم قوات الحرس الوطني التابعة لولاية كاليفورنيا من على الحدود مع المكسيك التي تم إرسالها سابقاً كجزء من أزمة الهجرة المُصطنعة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.أخيرًا، يعمل نيوسوم على ممارسة حق كاليفورنيا في فرض معايير كفاءة الوقود الخاصة بالسيارات، وفقًا لما هو مسموح به بموجب تنازل يعود إلى نصف قرن من قِبل وكالة حماية البيئة. نظرًا لسوقها الضخمة، تميل معايير كاليفورنيا إلى أن تصبح المعيار المعتمد من قبل الشركات المصنعة للسيارات على مستوى البلاد. في الواقع، أظهرت كاليفورنيا القوة الفيدرالية التقدمية في القيادة المناخية.كما هو الحال في أوائل القرن العشرين، تواجه كاليفورنيا تحديات كبيرة؛ لكن لديها أيضًا فرصة للقيادة. مع ازدهار حكومتها - والحكومات في الولايات التقدمية الأخرى - بدأ النقاد المتشككون سابقا يعيروناهتماما كبيرا بالأمر، و يتطلع الموظفون الحكوميون الموهوبون الذين يركزون عادة على واشنطن العاصمة، بشكل متزايد للعمل في الولايات والمدن التي توجد في طليعة التغيير.نعم، تواصل وسائل الإعلام القومية التركيز على تغريدات ترامب. ولكن للمرة الأولى منذ عقود، تم تعيين صحفيين في سكرامنتو لتقديم تقاريرعن الخطوط الأمامية للابتكار السياسي. بينما تستقبل ولاية كاليفورنيا حقبة تقدمية جديدة، ستتصدر سياساتها العناوين الرئيسية مستقبلا.لورا تايسون :الرئيسة السابقة لمجلس المستشارين الاقتصاديين لرئيس الولايات المتحدةليني ميندونكا هو المدير السابق لماكينزي آند كومباني

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على