مصلوبة من المهد للحد..

حوالي ٥ سنوات فى الشبيبة

د.لميس ضيفمن القضايا التي استفزتني، لسبب ما، شكوى أم ستينية من رفض أولادها لفكرة زواجها!في التفاصيل اجتمعت تلك السيدة بابن خالتها بعد طول غياب، وكلاهما أرمل نهشت الوحدة عظامه، فعرض عليها أن يمضيا خريف عمرهما معا. علما بأنها - الأم - كانت حبه العذري الأول لكن أهلها لم يروه كفئا للزواج لصغر سنة وافتقاده لمهنة يتكئ عليها حينها.كل شيء ذبل وتغير إلا تلك المشاعر العذرية الشفيفة. وعندما عرض عليها الزواج تقول السيدة إنها نسيت أنها جدة، وأحست بانها فتاة في السادسة عشرة، واختفت آلام مفاصلها ودبت فيها الحياة من جديد. لكن رفض أبنائها الشرس، وقسوتهم في استقبال الفكرة وسخرية ابنتها الوحيدة؛ أدخل اليأس والانهزام لنفسها وأقصت فكرة بدت طوق نجاة من حياتها الخاوية.إن كانت هذه القصة حبلى بفكرة. فهي أن المرأة كائن مهدور الحقوق من المهد للحد!لو كان الراغب بالزواج هنا أباهم لما ترددوا في تشجيعه. ولو كانت "العروس" بعمر أبنته أيضا!كلامي هذا لا أقوله من فراغ بل عن تجارب معاشه أقربها شهدته في جدي لوالدتي. الذي فشلت بناته في تعويض غياب أمهم فاقترح عليه أخوالي الزواج، وتحمس للفكرة، رغم أنه كان وقتها قد تخطى السبعين. لا اشارع على حقه في وجود من تملأ حياته بالطبع ولكن.. لم اسمع احدا قد احتج على زواجه بحجة العيب او الخوف من ألسنة الناس، كما ولم يستهجن احد انجابه لأطفال أصغر من أحفاده. لكن شابة من عائلتي لما ترملت وهي ثلاثينية قيل لها "مالك والزواج الآن، ربي أولادك وعيشي لهم خير لك"!!ليس من السهولة بمكان أن ننسف الأفكار الرجعية ممتدة من الجاهلية ليومنا هذا وإن تغيرت الحلل. فالمرأة هي أداة لمهام. وعمرها موزع بدقة لتكون في كل محطة منه محكومة بفكر ذكوري ما. أهلها في البدء وصولا لزوجها ثم أبنائها بالطبع. وفي كل تلك المراحل يرى الرجل في حياتها صورة "مثلى" لدورها عليها أن تكون وفية لها وإلا...لا يمكن تغيير ذلك الشرقي المتشدد في داخل كل منهم، ولكن.. تستطيع المرأة أن تغير نفسها وتكسر الأصفاد التي تكبلها. بماذا نصحتُ تلك السيدة - قد تتساءلون- وسأجيبكم:نصحتها أن تشاور نفسها وعندما تقرر "تخبر" أولادها بقرارها سادّة كل باب للنقاش. فهم ليسوا ولاة أمرها. وعليها أن تهدد من يبالغ منهم في الرفض بأنها ستسكن عنده لأنها لم تعد تطيق صدى صوتها. وسترى كيف سيرقص هو وزوجته في عقد قرانها بكل سرور.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على