الرئيس بشار الأسد أنا والرئيس عون متفقان... (بقلم جورج عبيد)

حوالي ٥ سنوات فى تيار

بقلم جورج عبيد -
بداءة الكلام، وصيّة أعلنها الرئيس السوريّ بشّار الأسد لمقرّبين منه ومن الرئيس اللبنانيّ العماد ميشال عون، مفادها: "الرئيس عون رئيس استثنائيّ راق، وصاحب مواقف تعبّر عن الحقّ. لا تتركوه يتعثّر، ونعرف أنّه لن يتعثّر، فهو يملك القدرة على الاحتواء والمواجهة، عليكم أن تحافظوا عليه في رؤيته البعيدة النظر ونظافة كفّه ورجاحة عقله ووضوح فكره، وظللت على التواصل معه خلال الأحداث في سوريا وكنا نتبادل الرؤى والأفكار، وتوحّدت مواقفنا الرؤيويّة والاستراتيجيّة في الحرب على الإرهاب التكفيريّ، وفي كلّ تلك المرحلة كان ضنينًا بسوريا كما هو ضنين بلبنان. بمواقفه وحراكه كان الرجل ضمانة استراتيجيّة لنا، والضمانة تنبع من الوفاء. الكلمة عنده كالسيف، يكفي أنّه كان الرئيس العربيّ الوحيد الذي أشهر موقفه معنا، داعمًا إيانا، في كلّ المحافل الداخليّة والعربيّة والدوليّة ومن أعلى منابرها، والموقف عنده لم يتغيّر منذ ما قبل الرئاسة وخلالها. هو الوحيد الذي رأى سوريا تتغلّب على حربها وسعى من أجل نصرها فيما كثيرون عندكم في لبنان اعتبروا حلفاء حقيقيين لنا في الشكل، وفي العمق والوا سوانا وكان لا يوفرون الحراب والسهام للطعن والرمي، وراهنوا خفية على سقوط سوريا وتبدّل الموازين فيها، فيما العماد ميشال عون كالسيد حسن نصرالله تعاطى معنا برهافة وصدق وإخلاص."
وحين سئل الرئيس الأسد حول مسألة عدم دعوة سوريا إلى القمة الاقتصاديّة العربيّة لكونها ستبحث عن الإعمار فيها، أجاب: أنا والرئيس عون متفقان، ولا أحد يستطيع أن يفرّق بيننا. لاحظوا كيف أنّ من تآمروا على سوريا وشنوّا الحرب عليها بتحالف شيطانيّ محكم يعودون إلى أحضانها، هي منتصرة وهم منكسرون صاغرون، هي شامخة وهم زاحفون، وسوريا قلب العروبة وقلب المشرقيّة كما يطيب للرئيس عون القول. فلا أحد يقدر أن يضرب عمق العلاقة، وللبنان مصلحة أن تنعقد تلك القمة على أرضه فلتنعقد بلا عثرات ولا تأزّمات، ونحن سنواكبها، وغالبًا سنكون على موعد مع القمة العربيّة المقبلة في تونس..." وحين سئل عن عدم زيارة عون لدمشق أجاب سوريا بلده الثاني، وهو محبوب من شعبها ومقدّر منّا جميعًا. وهو مرحّب به دائمًا ساعة يشاء. وأنا جدًّا متفهّم لظروفه وفخامته يعلم أنني متفهّم، وسيأتي اليوم الذي فيه ترونني قريبًا في بيروت وبعبدا وترون الرئيس عون في دمشق وصولاً إلى حلب وبراد... هذه بلاده كما لبنان فأهلا وسهلا به ساعة يشاء". وعن مسألة النازحين أكّد الأسد بأنهم سيعودون ويجب ان يعودوا ولا شيء يمنعهم من العودة ونحن على تواصل مع لبنان في هذا الشأن.
في حمأة النقاش الدائر عن القمّة العربيّة الاقتصاديّة، كان لا بدّ من نقل هذا الموقف الكليّ الوضوح للرئيس بشار الأسد بأمانة تامّة منعًا لأي تأويل وتحريف. لقد بات واضحًا لمن سمع هذا الموقف، بأن سوريا وبقيادة رئيسها لا تسمح على الإطلاق بتجويف عهد رئيس نقيّ قاد ويقود شعبه وقومه على الطريق الصحيح قبل الرئاسة وفي أثنائها.
أمّا لماذا نقل هذا الموقف في حمأة النقاش؟ لقد تنامى للقيادة السوريّة، بأنّ ثمّة حملة يقودها عدد من الشخصيات المتضررة من العهد، ستستهدفه بعنف وشراسة، مستخدمة عناوين شتّى. من هذه العناوين العلاقة اللبنانيّة-السوريّة، حيث سيتموضع فيها من نأوا بأنفسهم عن زيارة سوريا خلال الأحداث فيها والحرب عليها أي طوال سبع سنوات، بل قد أساءوا في الخفاء إليها برهانات فاسدة كانوا قد أبلغوها إلى مراحع دوليّة، وعملوا على توطيدها وتدعيمها لقاء أثمان واضحة. وبعد انكشاف النصر قرّروا ضخّ المياه في الينابيع الناشفة مظهرين براءة زائفة، لكن الينابيع لن تتفجّر بتلك المياه، فمن لم يزر سوريا في مأساتها فلماذا سيزورها في نصرها؟ فلينتظر سبع سنوات أخرى وبعدها يرى السوريون، إذا كان مرحّبًا به أو لا. وتعلن تلك المصادر المقرّبة من دمشق بأن ليس ضروريًّا أن يعمد هؤلاء إلى التشويش على موقف الرئيس عون تملّقًا بالسوريين، فهم يعرفون جيّدًا بأن لسوريا في لبنان مجموعة حلفاء وأصدقاء. لكن رأس العهد، وسيّد المقاومة يمثلان سوريا في كلّ شيء وثقة السوريين بهم غالية وراسخة وثابتة.
إنطلاقًا من ذلك يتبيّن من الزوار اللبنانيين إلى الديار الدمشقيّة، بأنّ سوريا متفاهمة مع لبنان حول مسألة القمة العربيّة الاقتصادية المنعقدة في بيروت، والرئيس ميشال عون يعرف كيف سيتصرّف. ويتبيّن أيضًا بأنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي يتوثّب باتجاه المزيد من الاستهلاك لعناوين بعضها القليل محقّ كمسألة اختفاء الإمام موسى الصدر وبعضها بهدف استمرار تطويق العهد. لقد تمّ تذكير الرئيس برّي ولا بأس من إعادة تذكيره بأن ليبيا سنة 2001 مع التريكي شاركت في قمّة بيروت خلال عهد الرئيس المقاوم إميل لحود، ولم يكن عنده أيّ اعتراض. قضيّة الرئيس برّي كانت مع القذّافي مات القذّافي، فمع من هي قضيّته لماذا لا يتمّ الإيضاح؟ لماذا إثارة قضيّة الإمام موسى الصدر في هذه اللحظة المعدّة للبنان لكي يكون منصّة لإعمار سوريا، ويرى بعض المراقبين وبعضهم قريب من دمشق بأنّ مواقفه لا تضرّ بلبنان فقط بل تضرّ ايضًا بسوريا، التي لها مصلحة في انعقاد القمّة العربيّة الاقتصاديّة في لبنان وبرئاسة فخامة الرئيس العماد ميشال عون. ويخشى هؤلاء من أن الرئيس برّي يتعاطى في تلك اللحظة مع قضيّة الإمام موسى الصدر كمطيّة أو شمّاعة لمنع قيام القمة العربيّة الاقتصادية في بيروت. لقد سمعه بعضهم يقول بعيد انتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهوريّة بأن عون انتصر لكن دعونا نرى هل سينطلق العهد؟ الرئيس نبيه برّي وإلى جانبه رجل الأعمال جيلبير شاغوري وآخرون يعملون على تطويق العهد وتجويفه والإخلال بتوازنه وشلّ قدرته على الإصلاح والتغيير ومنعه من مكافحة الفساد، ووضع الشروط بالنسبة للاستثمارات النفطية في لبنان، وتقول الأوساط بأن جيلبير شاغوري لا يختلف عن علاء الخواجا بشيء البتّة. بمعنى أن الرئيس نبيه برّي كما هو واضح يضغط باتجاه عدم تأليف الحكومة إلى أن تتوفّر بعض الضمانات، فيما تؤكّد الأوساط أيضًا بأنّ حزب الله يسير بالاتجاه المعاكس وسيبقى السند لعهد لم يخذله مرّة واحدة بل جعل من المقاومة بسلاحها الردعيّ وقتالها الاستباقيّ حقًّا وطنيًّا وحقًّا مشرقيًّا وحقًّا عربيًّا وحقًّا إنسانيًّا لكلّ الشعوب.
وفي سياق متصل، وقفت بعض الأوساط السياسيّة أمام بيان المجلس الشيعيّ الأعلى لترى بأن انعقاده بهذا الشكل السريع جاء نتيجة الضغوطات التي مارسها بقوّة الرئيس نبيه برّي. وتساءلت ماذا لو كان الإمام موسى الصدر قد عاد وهي ترجو أن يعود، فهل سيرضى عن تلك السلوكيات والأدبيات الظاهرة بهذا الشكل النافر، فيقود لبنان إلى انسداد الآفاق بشعارات طائفيّة ولّى عليها الزمن وهي ممجوجة، في حين أن موسى الصدر كان إمام المسيحيين وبطريرك المسلمين إذا جاز التعبير. وتذكّر تلك الأوساط بأن من تكوكب إلى جانب الإمام كانوا من النوعيّة الراقية التي عملت على رفعة لبنان ووحدة أبنائه. لقد دخل الإمام الكنيسة وخطب في الصوم الكبير والصليب خلف عمامته السوداء، لقد أسّس مع المطران جورج خضر والرئيس حسين الحسيني والأب يواكيم مبارك وآخرين حركة المحرومين. لن ينسى اللبنانيون اعتصام الإمام ضدّ الحرب اللبنانية في الكليّة العامليّة وإلى جانبه المطران خضر والمطران غريغوار حداد والرئيس حسين الحسيني وغسان تويني والرئيس شارل حلو وميشال إدّه...فيما من تورّط في الحرب اللبنانية بل في مجموعة الحروب يرفع لواء تحريره، وليته يتحرّر ويعود بعد ثقل السنوات العجاف والظالمة بحق من أحبوه حبًّا صادقًا وبحقّ لبنان واحد.
في النهاية القمة العربية الاقتصادية ستحدث بتصميم من الرئيس ميشال عون، وهذا ما أكدت عليه اللجنة الإعلامية الخاصة بالقمّة، ومن يعرف الرئيس يعرف عمق تصميمه وإقدامه من دون تراجع. ليس الخطر من الداخل بل من إسرائيل التي تخترق الأجواء، فمن يشاء تفجير الداخل سيكون خادمًا حتمًا للمشروع الإسرائيليّ المنكبّ على تفجير لبنان بسبب ما يعانيه نتنياهو من إذلال وتحقير في الداخل نتيجة فساده. وليفهم الجميع بأنه طالما أن رئيس الجمهورية متفاهم مع سيد المقاومة والرئيس السوريّ، وبوجود قوى دولية ضامنة فإن الأمان راسخ في لبنان ولن يمسّه سوء وعطب. ويبقى ميشال عون الإنسان والعماد والرئيس المؤمن والقائد التاريخيّ القدوة صخرة لبنان والمشرق الصلبة وجبله الأشمّ الذي لا ولن يتزعزع.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على