.. في جزيرة القطن!

أكثر من ٥ سنوات فى الشبيبة

لميس ضيفمن بين كل الردود التي وصلتني تعقيبا على مقال «أين سنقضي الإجازة» استوقفني رد الـ د. سمير محمود، وهو كاتب صحفي مصري، أقام في السلطنة ردحاً من الزمن، وعشقها كما يفعل كل من يقطنها. وقد أشار فيها لنقاط تستحق التمعن، فبعد ديباجة جميلة يقول:مقالة الكاتبة قلبت المواجع بشأن هشاشة السياحة الداخلية العربية، وأتذكر أثناء الأعياد والمناسبات الوطنية التي كنا نأخذ فيها عطلة بمصر، أننا كنا نردد السؤال نفسه مع كل عطلة، وكأننا نطرحه لأول مرة، وكأن هذه المناسبة تأتي فجأة للمرة الأولى في حياتنا.أتذكر حين كان أحدهم يسأل الآخر بمصر: أين ستقضي هذه الإجازة؟يرد الجميع بلغة يفهمها المصريون: طبعًا سنقضي الإجازة في «جزيرة القطن» أو «سريراميس»، وكلاهما يعبران عن المعنى نفسه، فجزيرة القطن هي إشارة إلى مرتبة السرير المحشوة بالقطن المصري أيام العز، قبل زمن المراتب الصناعية الجاهزة الآن، وسريراميس نحت ومزج لمفردة تربط بين السرير والفندق الأشهر بمصر» فندق سميراميس» الحافل ببرامج ترفيهية عالية التكلفة، والخلاصة أننا سنقضي الإجازة داخل البيت، فلا برامج للسياحة الداخلية، ولا قدرات مالية للسياحة الخارجية.الأمر ليس بهذه البساطة، خاصة في سلطنة عمان، ذلك البلد الذي اجتمع فيه سحر الطبيعة كلها، بمرافق سياحية متنوعة، حتمًا لا تضيق بأهلها أو المقيمين على أرضها ولعلني أتساءل مع الكاتبة:أين الحملات الترويجية الإعلامية الشاملة للسياحة الداخلية بعمان؟ألا يمكن التعاون بين وزارة السياحة والإعلام والتعليم لتنظيم رحلات مخفضة التكاليف لتعريف طلاب الجامعات والمدارس وذويهم بتاريخ وتراث وحضارة بلادهم بما يعزز الوعي والانتماء لدى النشء والكبار على السواء؟ماذا يعرف الجيل العماني الجديد عن المحميات والأودية والجبال والكهوف والصحاري والشواطئ والجزر وعيون الماء والأخوار وحدائق الصخور والفوالق العمانية؟ماذا يعرف الآباء والأبناء عن الرحلات البحرية ورياضات الغوص وتسلق الجبال والتخييم والجولف والتزلج على الماء والتسوق ومشاهدة الحيتان والدلافين والسلاحف وسباقات الهجن والخيل وسيارات الدفع الرباعي؟ أم أن هذه الأنشطة لغيرهم؟ماذا يعرف الجيل الجديد عن المتاحف والقلاع والحصون والمواقع الأثرية والحرف التقليدية وصناعة اللبان والمدن العمانية الأثرية؟أليس من حق أولئك وهؤلاء أن يعرفوا، أن يتعلموا ويتثقفوا، أن يرتبطوا بالتاريخ، الزمان والمكان، والأرض التي تحتضنهم بكل رحابة؟ أليست السياحة الداخلية مصدرًا مهما لتنويع الدخل والاقتصاد العماني، يمكن التعويل عليه في زمن يتهدد النفط خطر النضوب والتقلبات الحادة في الأسعار؟!أتصور أن هناك خططًا وترتيبات وجهود كبيرة في هذا الخصوص، لكنها لم تثبت فاعليتها بعد، وأعتقد أن دراسة ميول واتجاهات المواطنين والمقيمين بعمان، وطرح حزمة ميسرة من الحوافز التي تعزز قيمة السياحة الداخلية وتستفيد من مرافقها، وتقديم برامج سياحية مخفضة وميسورة وفي متناول الجميع، وتوفير كل الخدمات المساندة من نقل وخدمات طرق وإعاشة ورعاية وتأمين وصحة وطوارئ وغيرها، وقتها سيرتفع حجم الإشغال الداخلي، وستضج المزارات بزوارها من أهل عمان والزائرين والمقيمين الوافدين، ووقتها ستعرف الكاتبة وأنا معها: أين سنقضي هذه الإجازة؟

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على