العقوبات الأمريكية.. الخسائر والمكاسب

أكثر من ٥ سنوات فى الشبيبة

محمد محمود عثمانتفرض قضية العقوبات الأمريكية على إيران نفسها على مختلف دول المنطقة ولا أقول على مختلف دول العالم أجمع - ولو بنسب متباينة - بعد أن فرض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حزمة عقوبات جديدة على إيران.شملت مختلف القطاعات الاقتصادية والمالية والصناعية، وعلى رأسها قطاع النفط الذي يعتبر مصدر الدخل الأساسي للعملات الصعبة التي تحتاجها إيران، مشتريات الحكومة الإيرانية من النقد الأمريكي (الدولار)، وتجارة الذهب والمعادن الثمينة الأخرى، ومعادن الجرافيت والألمنيوم والحديد والفحم، فضلا عن برامج الكمبيوتر التي تستخدم في الصناعة، والتحويلات المالية بالريال الإيراني، والنشاطات التي تتعلق بأي إجراءات مالية لجمع تمويلات تتعلق بالدين السيادي الإيراني، وقطاع السيارات، ومشغلي الموانئ الإيرانية والطاقة وقطاعات النقل البحري وبناء السفن، والتحويلات المالية المتعلقة بالنفط الإيراني.بالإضافة إلى التحويلات والتعاملات المالية لمؤسسات أجنبية مع البنك المركزي الإيراني، بما يمثل حصارا قويا على مفاصل الاقتصاد، وكانت الولايات المتحدة قد رفعت العقوبات عن إيران بعد التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني عام 2015، تلك العقوبات التي أثلجت صدر البعض ممن لديهم طموحات للسيطرة على المنطقة، أو الذين يخشون من منافسة إيران لهم في أسواق النفط.فمنذ أكثر من ثلاثة عقود وأمريكا تفرض عقوبات على إيران، التي تقول إن العقوبات لن تغير فيها شيئا بل ستزيدها قوة، لأن الإدارة الأمريكية تهدف إلى تحجيم النفوذ الإيراني، ووقف برامجه النووية، بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاقية النووية مؤخرا.وكان الرئيس الأمريكي قد تعهد بتقليص صادرات إيران النفطية إلى الصفر، مع المحافظة على حركة صادرات النفط من منطقة الخليج العربي إلى بقية أرجاء العالم، لذلك أعلنت إدارة الرئيس ترامب استثناءات مدتها ستة أشهر لعدة دول منها الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية، فيما يتعلق باستيراد النفط الإيراني، - وربما يكون ذلك بسبب التخوف من الزيادة العشوائية في أسعار النفط - حيث بلغت واردات هذه الدول من النفط الإيراني 2.7 مليون برميل يوميا خلال شهر مايو 2018، بالإضافة إلى محاولات إيران في عرض النفط بأسعار تنافسية على عملائها التقليديين في آسيا وأوروبا، وإن كانت إيران قد استعــدت لقرار العقوبات، واستبقت بالاتفاق مع بعض التجار على تزويدهم بالنفط بأسعـــار تقل عن متوسط أسعار السوق بمعدلات تصل إلى 4 أو 5 دولارات فـــي البرميل، نظير مخاطرتهم بكسر حظر التعامل معها وعدم الاستجابة لقرار العقوبات الأمريكيـــة - هـــي مدربــة على التعامل من خارج الصندوق- وذلك تحسبا للأضرار التي ستلحق بالاقتصاد وسيتحمله الإيرانيون البسطاء.الأمر الذي سيحملهم أكثر من طاقتهم، ومن ثم يمثلون ضغوطا على المجتمع الداخلي، وقد يتسبب قرار الحظر في زعزعة الأسواق العالمية، والمزيد من الأزمات المالية، وتعرض أوروبا لموجه من البرد في الشتاء، والنقص في وقود السيارات وتأثير ذلك على التنمية العالمية وزيادة معدلات البطالة والتضخم، ويرى الخبراء أن الولايات المتحدة تتصرف وفق مصلحتها، وأن العقوبات ليست في الواقع منعا كليا لصادرات النفط الإيراني، لأن الناقلات الإيرانية شرعت في نقل النفط سرا إلى دول في آسيا، بما يوصف هذه العقوبات بأنها ولدت مشوهة أو عرجاء، وإن كان لها تداعيات كارثية على إيران، قد تكون قاسية على الاقتصاد الإيراني الذي يعاني من بطالة وتضخم وعجز في ميزان مدفوعاته في ظل الظروف الاقتصادية المتقلبة، مما قد ينتج عنه انكماشاً حاداً في نموه، مع انخفاض الصادرات والاستهلاك، بغض النظر عن أن هذه العقوبات تأتي في إطار مسلسل الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي، وفي المقابل فإن هناك فوائد تعود على دول أوبك التي سوف تستحوذ على حصة صادرات إيران النفطية، أو التي ستضخ المزيد من الخام في ظل العقوبات الأمريكية على مبيعات النفط الإيراني، وهى تحقق بذلك مكاسب إضافية من المبيعات ومن ارتفاع الأسعار، الذي ينعكس سلبا على اقتصاديات الدول المستوردة للنفط، التي يعاني بعضها في الأساس من هشاشة الاقتصاد وضعفه والتي سوف تتأثر مرتين الأولى من ارتفاع سعر برميل النفط، والثانية من ارتفاع أسعار وارداتها من منتجات الدول الصناعية الكبرى.محمد محمود عثمانmohmeedosman@yahoo.com

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على