"قانون ماغنيتسكي" يضع السعودية أمام تجميد استثمارتها في أميركا

أكثر من ٥ سنوات فى تيار

حتى الآن يترقب العالم رداً سعودياً على التساؤل التركي، حول ما الذي حدث للصحافي والكاتب جمال خاشقجي بعد دخوله القنصلية السعودية في إسطنبول، وبالتالي من السابق لأوانه الحديث عن فرض عقوبات اقتصادية أميركية أو غربية على السعودية.
لكن رغم ذلك، فإن الرياض استبقت الأحداث وبمجرد الحديث عن فرض عقوبات أميركية قالت إنها سترد وبقوة على أية عقوبات محتملة، قبل أن تعود لتخفيف لهجتها، لكن هل المملكة في وضع اقتصادي يسمح لها بالرد على العقوبات الأميركية إن وقعت؟
من السهل التهديد، ولكن من الصعب التنفيذ، بحسب مراقبين، خاصة حينما يأتي التهديد من دولة مثل السعودية يعاني اقتصادها من الانكماش وارتفاع حجم البطالة وزيادة التضخم، كما تعاني سمعتها الاستثمارية من التدهور المستمر وسط مناخ استثماري طارد، في أعقاب سجن كبار رجال الأعمال والأمراء في فندق ريتز كارلتون وتجميد حسابات الشركات ومصادرة أموالها من دون محاكمات.
يضاف إلى ذلك استخدام العقود التجارية كسلاح في شركات الدول التي تنتقد سجلها في حقوق الإنسان، مثلما حدث مع كل من كندا وألمانيا مؤخرا. والآن تأتي جريمة اختفاء خاشقجي التي تتجه لتوجيه ضربة موجعة لمستقبل السعودية كـ"دولة موثوق بها استثمارياً وتجارياً"، حيث انسحبت عشرات المصارف والمؤسسات المالية والشركات الكبرى من " منتدى دافوس في الصحراء".
فالسعودية وسط هذه الظروف الاقتصادية الصعبة تبحث عن تمويلات عبر إصدار سندات في أسواق المال العالمية وعبر الاستدانة المباشرة. وقد طلبت قبل أسبوعين ترتيب ديون بقيمة 50 مليار دولار عبر شركة أرامكو، حسب وكالة بلومبيرغ، كما استدانت في بداية الشهر الماضي قرابة 11 مليار دولار. وتقدر وزارة المالية، حسب إعلانها في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، أن تبلغ ديونها 153.6 مليار دولار في نهاية العام الجاري وترتفع إلى 180 مليار دولار في العام المقبل، وبالتالي فالمملكة بحاجة إلى مزيد من التمويل.
وبحسب مصادر مالية، فإن المصارف العالمية التي تنسحب حتى من حضور مؤتمر "دافوس في الصحراء" الاستثماري خوفاً على سمعتها سوف تتردد في المستقبل في إقراض السعودية أموالا، في حال وجدت التحقيقات التركية أنها متورطة في جريمة اختفاء خاشقجي أو أنه اغتيل في القنصلية.
وأدى التلويح الأميركي بورقة العقوبات إلى خسارة كبيرة في البورصة السعودية التي هبطت في بداية تعاملات يوم الأحد بنسبة 7% وفي بداية يوم الاثنين بنسبة 4%، وذلك رغم التدخل المكثف لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، وفقاً لما ذكرت وكالة بلومبيرغ. وسط هذا الوضع الاقتصادي الهش، ما هي وسائل الضغط التي تملكها السعودية لتهديد الاقتصاد الأميركي؟
حسب محللين ماليين في العاصمة لندن، فإن لدى السعودية ثلاث أدوات يمكن أن تهدد بها أميركا والدول الغربية، وهي سلاح حظر تصدير النفط أو تقليل الصادرات، وسلاح سحب الاستثمارات الخارجية من الدول والشركات، وسلاح منع شركات الدولة التي تعاقبها من العقود التجارية.
على صعيد النفط، من الصعب أن تستخدم السعودية النفط سلاحاً في وجه أميركا والدول الغربية، لأن مثل هذا السلاح ستكون له تداعيات وخيمة على بقاء النظام السعودي حسب هؤلاء.
أما على صعيد الاستثمارات الخارجية، فقدرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في يوليو/تموز 2018 قيمة استثمارات مؤسسة النقد السعودي "البنك المركزي السعودي" في الولايات المتحدة بنحو 506 مليارات دولار، ومن بين هذه الاستثمارات 162 مليار دولار في سندات الخزانة الأميركية.
أما صندوق الاستثمارات العامة "أشبه بصندوق الاستثمار السيادي" والمرتبط بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ويترأسه حالياً ياسر الرميان، ويدير استثمارات قيمتها 250 مليار دولار، واستثمر الصندوق مليارات الدولارات في السوق الأميركية وخاصة في قطاع التكنولوجيا.
وفي حال ثبت تورط السعودية في اختفاء خاشقجي، فيمكن للولايات المتحدة تفعيل الذي يستهدف الأشخاص والمسؤولين المتورطين في انتهاك حقوق الإنسان. ويمنح القانون الرئيس الأميركي صلاحية فرض عقوبات ورفض تأشيرة دخول إلى البلاد، وتجميد أموال أي مسؤول أجنبي متورط في انتهاك حقوق الإنسان.
والعقوبات الأميركية على أي دولة أو شخص تتحول إلى ما يشبه العقوبات الدولية لأنها في كثير من الأحيان تصاحبها "العقوبات الثانوية" التي تطاول أيضاً الأشخاص والمسؤولين والدول والجهات التي قد تتعامل مع المسؤول أو الشخص الخاضع للعقوبات الأميركية.
أما على صعيد العقود التجارية، فالسعودية ستحتاج إلى سنوات لتغيير الاستيراد من دولة إلى أخرى على صعيد الصناعات، لأنه لا يمكن أن تغير مصنعاً أو آليات حفر وبئر نفطية في عام أو ثلاثة أعوام.
ويلاحظ أن دول مثل الصين وروسيا بحاجة إلى التقنيات الأميركية في استخراج النفط، وبالتالي فإن التعاقد مع الشركات الروسية لن يكون مفيداً لصناعة النفط السعودية التي بنيت وأسست على التقنيات الغربية.
أما على صعيد الأسلحة، فإن السعودية استوردت العام الماضي حسب البيانات التي أوردتها صحيفة "ذا غارديان " معدات قيمتها 17 مليار دولار ولديها صفقات متفق عليها بقيمة 110 مليارات دولار. ويكفي فقط القول إن الجيش السعودي يعتمد في تدريباته على نظيره الأميركي، ولا يمكن أن يتحول بين عشية وضحاها إلى دولة أخرى.
المصدر: العربي

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على