صدر عن "المدى" سـاحرات السينما .. ســــينــما الحيـــاة والحـب والحريـة

أكثر من ٥ سنوات فى المدى

مقدمة كتاب الناقد السوري بندر عبدالحميد (ساحرات السينما) الذي يتناول مجموعة كبيرة من نجمات السينما على مر تاريخهن، حكاياتهن ،مغاراتهن واحلامهن..
في الطبيعة العارية الإنسان هو المُقنّع الوحيد.• بندر
ولدت السينما من معطف التصوير الضوئي وأسرار الفيزياء والكيمياء والطاقات البشرية المبدعة، بداية من المصباح السحري، وحمل القرن العشرون أوصافاً متنوعة ومثيرة فهو قرن العلم، قرن المعجزات الكبرى، والحربين العالميتين، وحركات التحرر من الاستعمار القديم، وهو قرن الأسلحة الذرية والكيميائية، وعصر النفط والغاز وموسيقى الجاز والطيران والاتصالات، وهو بذلك أخطر القرون وأكثرها غنى وإنجازاً ورعباً، ولكنه قرن السينما والتقنية الرقمية بامتياز.
• في هذا الكتاب رصد مكثف لشخصيات 145 نجمة سينمائية ساحرة من جنسيات ومراحل مختلفة، اخترتها من بين أكثر من 2500 نجمة عالمية تقريباً، مع التركيز على السيرة الذاتية لكل نجمة وأهم أدوارها السينمائية، مع مختارات من أعمالها وأقوالها، ومن المدهش أن عدداً كبيراً من ألمع نجمات السينما ينتمين إلى عائلات كانت تعيش تحت خط الفقر، وصعدن بقوة الدفع الذاتي إلى الذروة، في ما يشبه المعجزات، ومنهن: كلارا بو، بولا نيغري، غريتا غاربو، ماري بيكفورد، ريتا هيوارت، مارلين مونرو، جين تيرني، اغنيس مورهيد، جون اليسون، اودري هيبورن، بوليت غودار، نورما تالماج، مورين او سوليفان، نورما شيرر، دونا ريد، لانا تورنر... ولم أذكر شيئاً عن نجمات السينما العربية لأنهن حاضرات في كتب أخرى، خاصة في منشورات المهرجانات السينمائية العربية، وآثرتُ أن أكتب، بدلاً من المقدمات المكررة، هذه «اللقطات المقربة»، أو الأفكار الحرة، غير المراقبة، ذات الصلة بالقفزات العالية في إنجازات السينما العالمية، مصحوبة بملاحظات عابرة عن الظروف الكارثية المحيطة بالحياة والثقافة والفنون والسينما في العالمين المنكوبين: العربي والإسلامي.• كان القرن العشرون قرن التحولات الكبرى، ولا ثابت فيه سـوى التغيير، وهـو قرن العلم والحب والحرية، قرن غزو الفضاء (يوري غاغارين 1961 على أجنحة المركبة فوستوك)، والزيارة الودية إلى القمر(نيل ارمسترونغ، مايكل كولينز، باز الدرين، 1969على متن ابولو11)، وتأكيداً للعلاقة المتبادلة بين السينما والعلم، منحت جمعية المصورين السينمائيين عضوية الشرف لرواد الفضاء الذين هبطوا على سطح القمر وصوروه عن قرب، وصوروا الأرض عن بعد بعيد.• وفي القرن العشرين استمر التخلف العربي والإسلامي، وهو الأكثر حزناً وخراباً في العالم، بدرجات متفاوتة، في ظل طغيان التطرف المذهبي وديكتاتوريات موازية للحركات الدينية التي تمتد جذورها البعيدة إلى عصر الانحطاط العثماني.• من الصومال إلى أفغانستان تحولت أكثر البلدان العربية والإسلامية إلى مراكز استيراد الجوع وتصدير الخوف. • إن الغرب لم يستطع أن يطور نفسه إلا بعد أن وضع الكنيسة في مكانها الصحيح، وجرّدها من سطوة محاكم التفتيش وصكوك الغفران، وعزل الدين عن الدولة والسياسة، بخطوات جريئة وشجاعة.• في هذا الكتاب مختارات مدهشة من أقوال ساحرات السينما، فتقول جان مورو: السينما مرآة العالم. وتقول ميرنا لوي: ستكون الحياة مثل السينما. وتقول اودري هيبورن:إن كل ما تعلمته كان من السينما. وتقول رومي شنايدر: أنا في الحياة لا شيء، وعلى الشاشة كل شيء.وفي هذه الأقوال الكثير من الآراء الصريحة حول الرجال، مدحاً وقدحاً وتشريحاً، فتقول جيسيكا لانغ: أنا أحب الرجال، ويجذبني منهم الشاعر والفنان والمجنون، وأحياناً أجد كل هؤلاء الثلاثة في رجل واحد. وتقول ماي ويست: أحب نوعين من الرجال: المحلي والمستورد.• كان الساحر الفرنسي الشاب جورج ميليه مولعاً بالألعاب السحرية التي أضافها إلى خمسمئة فيلم قصير من أعماله في عشر سنوات وفي عام 1902 صنع أول فيلم خيال علمي عن رواية جول فيرن «رحلة إلى القمر»، وكان يكتب ويرسم ويصور ويطبع كل افلامه بنفسه، وفي عام 1928 أخرج فريتز لانغ في المانيا فيلم «امرأة على سطح القمر» عن رواية زوجته تيا فون هاربو، حول الصراع بين مجموعتين من المغامرين الذين يتسابقون على الانفراد بكنوز الذهب على سطح القمر، وفي هذا الفيلم اخترع فريتز لانغ طريقة العدّ العكسي (التنازلي) قبل انطلاق الصاروخ.• لا سينما بدون حرية، ولا حياة بدون فن وحب وحرية في ظل التطرف المذهبي والاحتلال، ولكن العالم كله وقف عاجزاً عن منع اسرائيل من خرق كل القوانين، وممارسة الاحتلال والقتل العشوائي والتفرقة العنصرية والتهجير القسري، فهي محكومة بالتطرف الديني وعسكرة المجتمع، وهذا ما يلغي كل علاقتها بالديموقراطية، وهو السبب في تخلف السينما والثقافة والفنون في الدولة العبرية.في عام 2013 رفضت المخرجة الهندية الأمريكية ميرا نائير دعوة ضيف شرف من مهرجان حيفا السينمائي، فرفضت الدعوة، وكتبت تغريدة تقول فيها: أنا لن أزور اسرائيل في هذا الزمن، سأزورها بعد أن تزيل الجدار العازل، وبعد أن تتخلى عن الاحتلال والتمييز العنصري.....• إن تصدير الأفكار المذهبية المتزمتة أخطر من تصدير المخدرات، وهو مصدر التطرف في ظل ثقافة الخوف من الثقافة.• في الهند صحف يومية عن السينما بلغات متعددة، ومجلات دورية تغطي أخبار النجوم والافلام الجديدة التي لا تخلو من الرقص والغناء وقبلات الحب الهندي.• الرقابة بأشكالها ومخالبها المتعددة مرض قديم ضد الإبداع وحرية المرأة والحريات العامة والفنون، وهناك مثل قديم يقول: من راقب الناس مات همّـاً.• كانت النجمة ماي ويست تتحدى الرقابة، فسُجنت ومُنعت بعض أعمالها، وفي إحدى محاكماتها سألها القاضي: هل كنت تحاولين أن تحتقري هذه المحكمة؟ فأجابته: لا، لم أحتقرها وإنما بذلت أقصى جهودي لإزالتها من الوجود.• حتماً كان يمكن أن تكون الحياة أفضل بدون الأخوان المسلمين والملالي وابن لادن وطالبان والقاعدة وداعش وبوكو حرام ومشتقاتهم، ممن شوهوا الإسلام الحقيقي، وسفحوا دماء العرب والمسلمين والأبرياء في العالم الجديد.• إن التزمت يدفع أصحابه إلى العزلة والخوف من الآخر، حرصاً على «إنجازات التخلف».• العلوم المذهبية المستجدة ليست علماً، لأنها خواطر غيبية وفتاوى دعاة مشعوذين متزمتين وعاطلين عن العلم والعمل والإبداع، وهي فتاوى صالحة للضحك والبكاء معاً.• كان للسياسة تعريف قديم يقول: السياسة علم وفن وأخلاق.• التحريم والتكفير والقتل بدعة تسربت من أروقة المؤسسات التعليمية الرسمية الغافلة، منذ كارثة الاحتلال العثماني في خمسة قرون، وتكاثرت بالانشطار الدودي منذ بدايات القرن العشرين، واخترعت الإرهاب الدولي في بداية القرن الجديد.• المذهبيون المتخلفون عقلياً، في حروبهم العشوائية المجانية، يمنحون القتلة صفة الأبطال، بينما الأبطال الحقيقيون هم الضحايا.• كان تطور السينما يتزامن مع تطور الطيران، وكان المخرج والمنتج الطيار الملياردير غريب الأطوار هوارد هيوز يرغب في زيادة سرعة طائراته الخاصة، فاستشار النجمة والمخترعة النمسوية الهاربة من النازية إلى هوليوود هيدي لامار، التي عاينت أجنحة طائراته، ورسمت لها أشكالاً انسيابية جديدة، بدلاً من الزوايا التكعيبية، لتشابه أجنحة الطيور والأسماك الرشيقة، فأدهشته الفكرة، فقال لها: أنت عبقرية، واستمتع بقيادة طائرات سريعة ورشيقة، وبعدها اخترعت لامار بالتعاون مع قائد الاوركسترا - خبير الصوتيات جورج انثيل «نظام الاتصالات السرية» المستخدم في توجيه الطوربيدات البحرية والصواريخ، وصولاً إلى الفاكس وBluetooth وWi - Fi. • كان توماس اديسون (1847 - 1931) أعظم المخترعين في عصره، وهو يحمل 1093 براءة اختراع، في مجالات متعددة من العلوم التطبيقية، في خدمات الطاقة والميكانيك والصوتيات والبرقيات والسينما، وقام بتطوير الكاميرا السينمائية وصناعة الافلام الخام، وتطوير منظومة العرض السينمائي، ومنذ ولادة السينما أنتج ستوديو اديسون أكثر من أربعين فيلماً قصيراً، وبرز بينها فيلم «القُبلة» في عام 1896، وطوله 18 ثانية، وأثار ردود فعل مختلفة، ومنعت عرضه الرقابة، ثم سمحت به، وانضم إلى التراث السينمائي، كأول فيلم عن القبلات وأنواعها في تاريخ السينما.• تحت تأثير ثقافة سماحة الملالي، ادّعى النبوة والوحي عدد من المرشحين الهواة في الانتخابات البرلمانية العراقية المرتبكة لعام 2018، وهذه ليست من نوادر صحيفة المجرشة، أو حبزبوز، أو ديوان الملا عبود الكرخي.• في ميثاق الجامعة العربية الذي صدر عام 1945 توصية حول استخدام السينما في مناهج التعليم، ولكن هذه الفقرة ذهبت مع الريح.• كتبت آني جيراردو: ابتعدوا عن الأغبياء، وكتب اينشتاين:الغباء لا حدود له. • نهضت السينما على أكتاف النساء الساحرات وكان الرجال مشغولين بالمغامرات والمنافسات في شباك التذاكر، وقيل إن ماري بيكفورد صنعت هوليوود. • إن الرجل الذي يقمع المرأة، يقمع نفسه أولاً، ويقمع السينما والحب والجمال والفنون.• كانت قبعات السيدات الأمريكيات تحجب الرؤية في صالات العرض فظهرت اعلانات تطلب من السيدات خلع قبعاتهن أثناء عرض الافلام.• في هامبورغ تدرّب انتحاريو عصابة «11 سبتمبر» على تقنية قيادة الطائرات في الإقلاع، ورفضوا التدرب على تقنية الهبوط في المطارات، فهم يعتقدون أنهم بعد خطف الطائرات من بوسطن وصدمها ببرجي التجارة، وقتل آلاف من المدنيين، سيهبطون في السماء السابعة.• على مدى سنوات طويلة، انحسرت أو هبطت السينما، إنتاجاً وعروضاً في غالبية الدول العربية، وهاجر عدد كبير من السينمائيين إلى بلاد أخرى، وانحسرت الطقوس الاحتفالية بالعروض السينمائية الجديدة، وتنوعت الجهات الرقابية، وتشددت وتمددت، في قمع الكتب والافلام والأفكار والفنون، وبرزت محرمات لم تكن معروفة من قبل، فصار إهمال السينما هو القاعدة، وصناعة الافلام هي الاستثناء.• يكتب بعض الصحفيين العرب في حب الوطن، ويظنون أن الوطن هو السلطة! • ربما لا يحق لنا أن نطلب من شعوب عاشت ألف عام من البكاء أن تصنع سينما، أو ألعاباً للأطفال، أوتحتفل بعيد الحب، وهي التي غادرت العلم بعد ابن الهيثم وابن رشد وابن خلدون، وتأقلمت قسراً مع الهزائم والمجازر التاريخية المتكررة، وأصيبت بمرض الكآبة الوطنية المزمنة.• يقول خورخي لويس بورخيس إنه عندما يتذكر «ألف ليلة وليلة» فإن أول ما يشعر به هو إحساس فسيح بالحرية، وأن لديه متسعاً للتفكير في أن الكتاب ضخم وأن القصة لن تنتهي أبداً، وأنه لن يصل إلى النهاية مطلقاً.• ثمة كارثة ثقافية مزمنة حول حكايات «ألف ليلة وليلة» التي أدهشت العالم بعد ترجمتها إلى اللغات الحية، وأصبحت منجماً خصباً للآداب والسينما والفنون الأخرى، وكانت أرقام طبعاتها تفوق كل الكتب باستثاء الإنجيل، وهي التي تركت تأثيراً واضحاً على كبار الكتاب والشعراء والفنانين في العالم ومنهم: غوته، والتر سكوت، الكسندر دوما، تولستوي، بوشكين، مارسيل بروست، اليزابيت غاسكيل، هنري فيلدنغ، كافافي، ايتالو كالفينو، بورخيس، كونان دويل، فلوبير، ماركيز، روبيرت لويس ستيفنسون، الفريد تنيسون، ييتس، هوفمانشتال، جورج بيرس، انجيلا كارتر، فولتير، ستندال، ادغار آلن بو، ويلكي كولينز، جيرار دي نيرفال، جول فيرن، هـ. جـ. ويلز، بورغيس، اندرو لانغ، اورهان باموق وغيرهم، ومن الكتاب العرب لم يتأثر بها سوى نجيب محفوظ، وتواصلت ترجماتها إلى اللغة اليابانية، وحمل غلاف إحدى طبعاتها عنوان «الكتاب الأكثر جاذبية في العالم كله»، وتركت تأثيراً واضحاً في الأدب الياباني، أما تأثيرها على السينما العالمية فإنه متواصل منذ بدايات السينما الصامتة، فهي المصدر الأغنى للافلام الروائية والقصيرة والكرتونية والمسلسلات التلفزيونية، والموسيقى والغناء، وأدب الأطفال، وأدب الخيال العلمي، وأدب البحر، وكان السواح الوافدون إلى الشرق يبحثون عما يوحي بحكايات شهرزاد والمصباح السحري وعلاء الدين والسندباد البحري ولص بغداد وعلي بابا والجن والعفاريت والسحرة والأميرة الجميلة الخيزران، وهارون الرشيد، والوزير جعفر، والبساط السحري، والحصان الطائر وبلاد الواق واق والجواري الشاعرات الفاتنات، وأطلق الغربيون على عصر شهرزاد – القرن العاشر الميلادي - «عصر بغداد الذهبي»، ومن المؤسف أن الشراكة العتيقة بين الأدبين العربي والفارسي، في أسطورة شهرزاد، ورباعيات عمر الخيام وروائع أبي نؤاس وابن المقفع وغيرها، تحولت إلى «شراكة في التخلف»، في منظومة «ثقافة الخوف من الثقافة»، من خلال التوافق على نبذ هذا التراث ومنعه وتجريمه وتحريمه، مع كل ما فيه من الرشاقة والأناقة والتشويق في السرد، في المبنى والمعنى، وجماليات المسامرات والمغامرات الخيالية والواقعية السحرية، في العشق والوجد والولع والهيام والهوى والغرام والكلام المباح، ثم الهمس، على طريقة النجمة جودي غارلاند: أنت لم تهمس في أذني بل في قلبي، أنت لم تقبّـل شفتيّ بل روحي.• ارتبطت كل هذه الوقائع بالأحداث المؤلمة، والحروب المجانية الخاسرة، والمجازر والتدمير والعسف والتعصب والتزمت، ثم الخوف من الآخر، الذي يعزل الناس عن العالم، حتى بعد أن أصبح العالم قرية صغيرة، مهددة بالعطش والجوع والهلوسة والإرهاب الدولي والانفجار الكبير.

شارك الخبر على