مـديـنـة الـخـيـام

أكثر من ٥ سنوات فى الشبيبة

واشنطن - تكساس- رويترز - وكالاتيبلغ عدد سكان هيوستن في تكساس 4 ملايين شخص وهي ثاني أكثر مدينة في الولايات المتحدة تنوعا من حيث أصول سكانها والأولى من حيث استقبال اللاجئين. ويأتي اللاجئون إلى تكساس من جميع أنحاء العالم: من فيتنام وبورما وأفغانستان والعراق ومؤخرا من سوريا وتتم مساعدتهم من قبل وكالات إعادة التوطين لبدء حياة جديدة في هيوستن.على مدى السنوات الخمس الفائتة، تكساس استقبلت 42 ألف لاجئ. متجاوزة بشكل كبير باقي الولايات، لكن في الآونة الأخيرة عرف هذا الملاذ الآمن للاجئين بعض التغيّرات.ومؤخرا أنشأت السلطات المحلية مدينة خيام بصحراء غرب تكساس أقيمت لإيواء الأطفال المهاجرين وقد اتسعت الخيام وباتت تضم 3800 سرير، أي ما يقرب من عشرة أمثال طاقتها الابتدائية لدى افتتاحها في يونيو الفائت. كانت مدينة الخيام الواقعة في مدينة تورنيو الحدودية قد بدأت بأربعمئة سرير عندما أطلقت إدارة الرئيس دونالد ترامب سياسة «اللا تساهل» وطالبت بفصل الآباء عن أبنائهم لدى عبور الأسر الحدود مع المكسيك بصورة غير مشروعة.إيواءونما حجم المنشأة رغم أن المسؤولين يقولون إن تورنيو لم تعد تضم قاصرين بعد عدول الإدارة عن سياسة «اللا تساهل» أمام رفض شعبي وتحت ضغط من المحاكم الأمريكية. وهي تضم الآن أطفالا عبروا الحدود مع الولايات المتحدة بمفردهم.وقال مسؤولون من وزارة الأمن الداخلي ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية خلال جولة تفقدية إن تورنيو تؤوي 1465 قاصرا تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاما منهم ما يقرب من 900 احتجزوا لدى قدومهم من جواتيمالا. وقالت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية في بيان «لا يوجد في منشأة تورنيو أطفال تم فصلهم عن ذويهم».ولم يسمح المسؤولون الاتحاديون للصحفيين المرافقين لهم في الجولة بالحديث إلى القصر، وفرضت قيودا شديدة على دخول مدينة الخيام في تورنيو، وهي مدينة يسكنها حوالي 1600 نسمة.اللا تساهلوقال مسؤولون أمريكيون إن السلطات أدخلت تحسينات كثيرة على المدينة التي تضم مخيمات مكيفة الهواء بحيث باتت بها خدمات قانونية للقصر وكذلك رعاية طبية وتوعية دينية وأصبح بالإمكان متابعة الأحداث الرياضية على شاشات التلفزيون ولعب كرة القدم. وأوضحت الخدمات الصحية والإنسانية أن متوسط فترة بقاء القاصر في تورنيو 29 يوما يجري تسليمه بعدها لمن يتكفل برعايته.وتقول جماعات الدفاع عن الحقوق المدنية إنه مهما كانت الميزات المتاحة، فإن مجرد احتجاز أطفال في منشأة ما لفترة طويلة يمكن أن يكون انتهاكا لحقوق الإنسان. وقال مسؤولو إدارة ترامب إن سياسة «اللا تساهل» التي تم بموجبها فصل حوالي 2600 طفل عن أسرهم كانت مطلوبة لتأمين الحدود والحد من الهجرة غير المشروعة. أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فجدد رأيه بأن فصل العائلات المهاجرة على الحدود يمكن أن يردع الهجرة غير المشروعة وإنه يدرس عدة خيارات لتشديد أمن الحدود.وفي يونيو الفائت تخلى ترامب عن سياسته لفصل الأطفال المهاجرين عن والديهم على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك بعد أن أثارت صور الأطفال في الأقفاص غضبا في الداخل والخارج.تأمين الحدودلكن بعض مسؤولي إدارة ترامب قالوا إن هذه السياسة التي تم بموجبها فصل 2600 طفل عن والديهم كانت ضرورية لتأمين الحدود وردع الهجرة غير المشروعة.وقال عن المهاجرين خلال تصريحات للصحفيين في البيت الأبيض «إذا شعروا بأنه سيكون هناك انفصال، فانهم لا يأتون».وقال ترامب أيضا دون تقديم أدلة، إن المهاجرين كانوا «يجرون معهم الأطفال ويستخدمونهم للدخول إلى بلادنا في حالات كثيرة». لكن ترامب لم يعلن جولة جديدة من الفصل العائلي. وقال «نتطلع إلى أمور مختلفة كثيرة تتعلق بالهجرة بشكل غير مشروع» داعيا مرة أخرى الكونجرس إلى تمرير قانون الهجرة. وقال «سنقوم بكل ما في وسعنا... لإبطائها».ويمكن لسياسة جديدة أن تجعل الهجرة غير المشروعة موضوعا رئيسيا في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في السادس من نوفمبر حيث من المعتقد أن الديمقراطيين لديهم فرصة جيدة لاستعادة السيطرة على مجلس النواب. وقالت متحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي كاتي والدمان يوم السبت إن هناك أزمة على الحدود الأمريكية المكسيكية مع ارتفاع عدد البالغين الذين يدخلون البلاد بشكل غير قانوني برفقة أطفال. وأضافت «ستواصل وزارة الأمن الداخلي فرض القانون بشكل إنساني، وستواصل دراسة مجموعة من الخيارات لتأمين حدود بلادنا».محاسبة كاملةوعقب تقارير تفيد بأن ترامب ربما يجيز مرة أخرى الفصل الأسري، دعت السيناتور الديمقراطية ديان فينستاين والنائب جيرولد نادلر الإدارة يوم الجمعة الفائت إلى «تقديم محاسبة كاملة عن جهودها الفاشلة». وأفادت مراجعة حكومية صدرت في وقت فائت من هذا الشهر أن حملة إدارة «ترامب» الخاصة بعدم التسامح مطلقا مع الهجرة غير المشروعة على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك في وقت فائت من هذا العام كانت تفتقر إلى الإعداد وواجهت نقصا في الموارد وفشلا في الاتصالات. ووجدت المراجعة أنه تم احتجاز مئات من الأطفال المهاجرين لمدة أطول من الحد المسموح به البالغ ثلاثة أيام في مرافق حرس الحدود الأمريكية بما في ذلك طفل تعرض للاحتجاز 25 يوما.وقبل فترة قامت ميلانيا ترامب، زوجة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بزيارة مخيّم للأطفال المحتجزين من أولاد المهاجرين في تكساس. وبحسب الناطقة باسم المرأة الأولى، قرّرت ميلانيا ترامب زيارة أحد مخيّمات اعتقال الأطفال «لأنها تولي لهذه المسألة المثيرة للجدل أهمية كبيرة».غير أن عدسات الصحافة رصدت بضع كلمات «ملتبسة» كُتبت بالأبيض على سترة ميلانيا ترامب خلال الزيارة التي قامت بها.وكتب على السترة «أنا لا آبه حقّاً، هل تأبه أنت؟». وعلّقت الناطقة باسم ميلانيا ترامب، ستيفاني جريشام، للصحافة قائلة «إنها مجرّد سترة» وإنه «لم يكن هناك أيّ قصد بتوجيه أيّ رسالة مبطّنة» متمنية من الوسائل الإعلامية ألا تولي هذا الأمر أهمية كبيرة. الرئيس الأمريكي نفسه دافع عن زوجته عبر حسابه على تويتر وكتب التالي «الجملة التي كتبت على سترة ميلانيا تشير إلى الوسائل الإعلامية التي تفبرك الأخبار. تعلّمت ميلانيا مدى خداع هذه الوسائل، وهي حقا لم تعد تأبه (لها) بعد اليوم.والسوريونالأب ماهر جنداري، هو واحد من 125 سوريا استقروا في هيوستن منذ اندلاع الحرب. ماهر جاء مع زوجته وأطفاله الخمسة قبل عام. وعن الأسباب وراء تركه وطنه يقول جنداري: “ذهبت بسبب المشاكل وصعوبات الحياة اليومية. كان الوضع في سوريا سيئا للغاية، الدمار والكل يتقاتل لم نكن نعرف من يقتل من. حتى أنا، أوقفوني يوما وأرادوا قتلي”. وعن رغبته في الالتحاق بالولايات المتحدة يقول: “كنت أريد المجيء هنا هذا أكيد.. أشعر بهدوء نفسي رغم حاجز اللغة والاختلافات الثقافية. أنا سعيد هنا لأنني أشعر بالأمان. وهذا شيء لم أشعر به في بلد عربي”.ولاجئ عراقيعلي السوداني، هو لاجئ عراقي جاء إلى هيوستن في العام 2009. وهو اليوم مواطن أمريكي ومدير لجمعية تساعد اللاجئين في هيوستن. بالنسبة له، ترامب وسياسيون آخرون اقترفوا خطأ فيما يتعلق باللاجئين.وعن تعالي بعض الأصوات التي تطالب بوقف استقبال اللاجئين يقول السوداني:“أجد ذلك سخيفا عندما أسمع، هذا النوع من التصريحات. الجماعات الإرهابية أو المتطرفة إذا كانت تريد اختراق الحدود، فمن المؤكد أنها لن تختار هذه الطريقة لأنها ليست الأسرع لدخول الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى. عندما تريد تقديم طلب لجوء، فأنت تخضع لتحقيق دقيق وصارم، أكثر من أي مسافر آخر يريد القدوم إلى الولايات المتحدة”. وبنفس الإجراءات الصارمة تطبق برامج الدعم لإعادة توطين اللاجئين عند وصولهم إلى الولايات المتحدة، هؤلاء النساء الأفغانيات يأخدن دروسا في اللغة الإنجليزية. وإلى جانب دروس اللغة، يقدم السكن والتعليم مجانا للاجئين وتتم مساعدتهم من أجل الحصول على وظيفة.وتقول إحدى المسؤولات عن تعليم اللغة الإنجليزية: “أعتقد أنه من المهم للغاية بالنسبة لهم الاستقرار والبدء في بناء حياة جديدة هنا. معظم لم يذهبوا إلى المدرسة في بلدانهم. وهذه قد تكون هي فرصتهم الوحيدة للحصول على التعليم وإنه لأمر رائع أن نتمكن من إعطائها لهم”.العديد من موظفي مطعم القرية الأفغانية في هيوستن هم لاجئون كصاحب المطعم الذي غادر أفغانستان قبل 17 عاما.حصل عمر يوسفزاي على شهادة في القانون في هيوستن، وعمل في وكالة لخدمة اللاجئين قبل أن يفتح مطعمه. ويقول عمر إنه لم يتعرض أبدا للميز العنصري. ويتهم وسائل الإعلام اليمينية والسياسيين بتأجيج لهيب نار لا وجود لها. ويضيف: “أنا مسلم وأحب هذا البلد. عملت للحكومة ويمكنني أن أكرر ذلك في أي وقت، سأكون سعيدا بتقديم يد المساعدة إذا طلب مني ذلك.لكن لماذا المطالبة باستثناء المسلمين لأنهم يشكلون تهديدا؟ لماذا؟ لو كنت تهديدا، لما أتيتي للوقوف أمامي الآن. أقدم الطعام والخدمات للناس، ولو كنت أرغب في الضرر بهم لما تعذر علي ذلك. المئات والآلاف من الناس في هذه المدينة هم مسلمون، إذا تحدثنا عن الجالية الباكستانية فقط، فهي تمثل أكثر من مئة ألف شخص. لو كانوا سيئين، لكانت هناك، اعتداءات خلال كل دقيقة وكل ساعة“.

شارك الخبر على