تجديد جورج أورويل.. الكتابُ الأخير لـ "جلال أمين"

أكثر من ٥ سنوات فى المدى

متابعة: المدى
رحل المفكر المصري الكبير جلال أمين، عن عمر يناهز 83 عاماً، بعد صراع مع المرض، تاركاً خلفه إرثًاً فكرياً كبيراً، وقد كان كتاب "تجديد جورج أورويل.. أو ماذا حدث للعالم منذ 1950؟" هو آخر كتبه. ويرى الكاتب الدكتور جلال أمين، أنه من المفيد، بل من الضرورى، "تجديد جورج أورويل"، أي تتبع ما جدَّ من تطورات في طبقة الممسكين بالسلطة الذين يمارسون القهر في العالم، والأسباب التي أدت إلى هذه التطورات، ونوع الرسائل التي يرسلها أصحاب السلطة الجُدد إلى الناس من قبيل غسيل المخ. فإن ما طرأ من تطور لا يقتصر على أساليب الكذب، بل يطال أيضاً مضمون الكلام الكاذب. ويُظهر كاتبنا كيف أن القهر النفسي، بإثارة الشهوات والرغبات التي يصعب أو يستحيل إشباعها، حل محل الحرمان من الأجر العادل والتعذيب المادي، وكيف تغيرت، تبعًا لذلك، طبيعة شعور المرء بالاغتراب، وما ضاع منه وما تبقى له من وسائل لمقاومة الأنواع المختلفة من القهر.الكتاب كاشف، فكما أكد "أورويل"، إن ظواهر الأمور غير بواطنها، وما يُقال لنا كثيراً ما يكون عكس الحقيقة بالضبط، وعلينا أن نبذل جهداً فائقاً لكي نرى ما يدور أمام أعيننا.وقد حاز الكاتب الكاتب والأكاديمي المصري، جلال أمين (1935-2018) الذي رحل عن عالمنا اليوم شعبية قلما حظي بها المتخصّصون في الاقتصاد. ربما يعود ذلك بالأساس إلى أسلوب مبسّط، يجمع بين العمق في التحليل والسخرية من الواقع، فلا تتحوّل الأفكار والنظريات إلى هدف في حدّ ذاتها بل مجرّد معابر لفهم الواقع وعرضه للناس ببساطة.ولد أمين في أسرة ذات مكانة ثقافية في النصف الأول من القرن العشرين، إذ كان والده المؤرّخ والكاتب أحمد أمين (1886-1954). درس الحقوق في مصر وفي بريطانيا وانفتح تدريجياً على علم الاقتصاد الذي تخصّص فيه لاحقاً، وتقلّد ضمنه مناصب أكاديمية وإدراية عدة وهو منذ 1979 أستاذ اقتصاد في الجامعة الأميركية بالقاهرة.لعل أبرز ما ميّز أمين هو قدرته على الجمع بين روافد عدة في مؤلفاته، ففي كتابه "وصف مصر في نهاية القرن العشرين"، يقدّم تصويراً لما آل إليه المجتمع في مجالات عدة مثل الاقتصاد والسياسة والثقافة والإعلام، وهو عمل يمكن يبدو تواصلاً لكتابه "ماذا حدث للمصريين؟" والذي يتعمّق به في شرح ميكانزمات التغيّر الاجتماعي والثقافي في الفترة الممتدة من 1945 إلى 1995.على المستوى السياسي، بدا العمل مثل شهادة ضد السياسات المصرية منذ عصر الملكية إلى زمن حسني مبارك، وكثيراً ما اعتبره مثقفون من بين أكثر الأعمال تأثيراً في الوعي الجمعي المصري ومن التمهيدات النظرية لـ "ثورة 25 يناير".

شارك الخبر على