«الخوف».. كتاب جديد يفضح فوضى بيت ترامب الأبيض

أكثر من ٥ سنوات فى التحرير

'الفوضى" كانت عنوان الأيام التى قضاها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى البيت الأبيض، والذى لم يصل حتى إلى نصف فترته الرئاسية الأولى.

ويومًا تلو الآخر، كان يظهر بعض من ملامح الفوضى على السطح، إلا أنه يبدو أننا على أعتاب كشف العديد من المعلومات التى تؤكد حالة الفوضى التى يمر بها البيت الأبيض.

حيث يستعد الصحفى الأمريكى المخضرم بوب وودوارد، إلى نشر كتاب جديد بعنوان "الخوف: ترامب فى البيت الأبيض"، يكشف كواليس البيت الأبيض.

الكتاب المقرر نشره اليوم، يحمل شهادات من مسؤولين ومساعدين بارزين حاليين وسابقين فى الإدارة الأمريكية.

وكان وودوارد قد تسبب هو وزميله كارل برنستين فى كشف فضيحة "ووترجيت" فى السبعينيات من القرن الماضى، وتسببت فى سقوط الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون.

ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، مقتطفات من الكتاب، الذى قالت إنه يكشف "انهيار عصبى" داخل البيت الأبيض.

عنوان الكتاب مستمد من تصريحات أدلى بها ترامب فى مقابلة مع وودوارد عام 2016، عندما كان مرشحًا فى انتخابات الرئاسة، حيث قال ترامب إن "القوة الحقيقية تكمن فى الخوف".

وأشارت الصحيفة إلى أن الموضوع الرئيسى للكتاب هو المكائد السرية التى قام بها العديد من المقربين من ترامب داخل البيت الأبيض، فى محاولة للسيطرة على تصرفاته ومنع وقوع كوارث سواء للرئيس شخصيًا أو للبلاد.

اقرأ المزيد: «لستُ أنا».. مسؤولو إدارة ترامب يتنصلون من مقال «نيويورك تايمز»

ويصف وودوارد فى كتابه "الانقلاب الإدارى" و"الانهيار العصبى" فى البيت الأبيض، حيث يتآمر كبار المساعدين لإخفاء أوراق ومستندات رسمية من مكتب الرئيس حتى لا يتمكن من رؤيتها أو التوقيع عليها.

طفل في الصف الخامس

يروى الصحفى الأمريكى باستفاضة، كيف عانى فريق ترامب للأمن القومى بسبب جهله بالشأن العالمى، واحتقاره وجهات نظر القادة العسكريين والاستخباراتيين.

ففى اجتماع لمجلس الأمن القومى فى 19 يناير، تجاهل ترامب أهمية الوجود العسكرى الأمريكى فى شبه الجزيرة الكورية، وحاول إلغاء عملية للقوات الخاصة، تسمح للولايات المتحدة باكتشاف إطلاق كوريا الشمالية صاروخا فى سبع ثوان بدلًا من 15 دقيقة.

وتساءل ترامب عن السبب وراء إنفاق الحكومة مواردها فى هذه المنطقة من العالم من الأساس، ليرد وزير الدفاع جيم ماتيس: "نحن نفعل هذا من أجل منع نشوب الحرب العالمية الثالثة".

وتنقل "واشنطن بوست" عن وودوارد قوله فى الكتاب، بعد أن ترك ترامب الاجتماع: "كان ماتيس غاضبًا ومنزعجًا للغاية، وأخبر المقربين منه، أن الرئيس تصرف كما لو كان يفكر كطفل فى الصف الخامس أو السادس".

ووفقًا لكتاب وودوارد، كان العديد من كبار المستشارين فى الإدارة يشعرون بالضيق من تصرفات ترامب، وأبدوا فى أكثر من مناسبة آراءً تقلل منه.

حيث قال ماتيس لأصدقائه: "إن وزراء الدفاع لا يختارون دائمًا الرئيس الذين يعملون معه"، مما أثار موجة من الضحك بين الحاضرين لهذا الموقف.

كبير موظفى البيت الأبيض، جون كيلى، فقد أعصابه أكثر من مرة، وقال لزملائه إنه يعتقد أن الرئيس "غير خلوق"، كما كتب وودوارد فى كتابه. 

اقرأ المزيد: ترامب يواجه «الخوف»: لم أصدر أوامر باغتيال بشار الأسد

وأضاف الكتاب أن كيلى فى اجتماع مصغر، قال عن ترامب "إنه أحمق، فمن العبث محاولة إقناعه بأى شىء، لقد خرج عن السيطرة، نحن فى مدينة المجانين، أنا لا أعرف حتى لماذا نحن هنا، هذه أسوأ وظيفة عملت بها على الإطلاق".

إهانات متكررة لمساعديه

قليلون فى دائرة ترامب المقربة كانوا محميين من إهاناته المتكررة، حيث يذكر وودوارد أن الرئيس الأمريكى كان كثيرًا ما يستهزئ بمستشار الأمن القومى السابق، إتش آر ماكماستر، خلف ظهره، وقال ذات مرة إن ماكماستر يرتدى بدلات رخيصة "مثل بائع بيرة".

وزير التجارة ويلبر روس، لم يكن بمنأى عن إهانات ترامب، والذى قال له "أنا لا أثق بك، لا أريدك أن تجرى المزيد من المفاوضات، لقد فقدت بريقك"، وفقًا لما ذكره وودوارد.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن كتاب وودوارد، إشارته إلى الإهانات المتكررة من ترامب ضد وزير العدل جيف سيشنز، الذى وصفه الرئيس بـ"الخائن"، بعد أن قرر عدم الإشراف على التحقيق فى التدخل الروسى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة الذى يجريه المحقق الخاص روبرت مولر. 

ولم يكتف ترامب بذلك، حيث قال عن سيشنز إن "هذا الرجل متخلف عقليًا، إنه هذا الغبى الجنوبى فشل حتى فى شغل منصب النائب العام فى ولاية ألاباما".

وفى مأدبة عشاء مع ماتيس وجوزيف دنفورد رئيس هيئة الأركان المشتركة، وآخرين، انتقد ترامب السيناتور الجمهورى الراحل جون ماكين، حيث وصف ترامب، الطيار السابق فى البحرية بـ"الجبان"، مشيرًا على نحو خاطئ إلى أنه أُطلق سراحه فى وقت مبكر من معسكر أسرى الحرب فى فيتنام، بسبب رتبة والده العسكرية، متخليًا عن زملائه.

ووفقًا لوودوارد، صحح ماتيس معلومات ترامب المغلوطة قائلًا: "لا يا سيدى الرئيس، أعتقد أن الأمر اختلط عليك"، وأوضح وزير الدفاع أن ماكين، الذى توفى فى 25 أغسطس الماضى، قد رفض الإفراج المبكر وتعرض للتعذيب الوحشى خلال فترة أسره التى استمرت لخمس سنوات.

سرقة أوراق من مكتب الرئيس

وتقول "واشنطن بوست" إنه مع استحالة احتواء غضب ترامب وعناده، تعلم وزراء ومسؤولون كبار فى الإدارة الأمريكية كيفية التصرف برصانة. 

اقرأ المزيد: بعد انتشار التسريبات.. «البارانويا» تسيطر على البيت الأبيض

حيث كشف وودوارد وجود تحالف بين عدد من المقربين لترامب، يضم ماتيس وجارى كوهن، المستشار الاقتصادى الأسبق للرئيس، لإعاقة ما يعتبرونه قرارات خطيرة لترامب.

ونقل عن روب بورتر سكرتير شؤون موظفى البيت الأبيض السابق، قوله: "كنا نشعر دائمًا وكأننا نسير على حافة الهاوية"، وأضاف: "فى أحيان أخرى، كنا نشعر أننا سنسقط من الحافة، وأن قرارًا خطيرًا سيُتخذ".

حيث يذكر وودوارد فى كتابه إنه بعد أن شن الرئيس السورى بشار الأسد، هجومًا كيميائيًا على المدنيين فى إبريل 2017، اتصل ترامب بماتيس وقال إنه يريد اغتيال الديكتاتور، "دعنا نقتله! دعنا نتدخل ونقتل الكثير منهم".

ماتيس أكد للرئيس أنه سيعمل على تحقيق ذلك، ولكن بعد انتهاء المكالمة، أخبر أحد كبار مساعديه: "لن نفعل أيًا من ذلك، سنقوم بالإجراءات المعتادة".

وقام فريق الأمن القومى بوضع خيارات للغارة الجوية التقليدية التى أمر ترامب بتنفيذها فى نهاية المطاف.

كوهن، من جانبه، حاول إخماد النزعة القومية الصارمة التى اتبعها ترامب فيما يتعلق بالتجارة، ووفقًا لما قاله وودوارد، فإن كوهن "سرق رسالة من مكتب ترامب" مفادها أن الرئيس كان ينوى التوقيع على سحب الولايات المتحدة رسميًا من اتفاقية التجارة مع كوريا الجنوبية. 

وفى وقت لاحق أخبر كوهن أحد زملائه فى الإدارة أنه أخفى الرسالة لحماية الأمن القومى الأمريكى، وأن ترامب لم يلاحظ اختفاء الرسالة من مكتبه.

قام كوهن بلعب دور مماثل لمنع ترامب من سحب الولايات المتحدة من اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية "نافتا"، وهو أمر طالما هدد به الرئيس. 

ففى ربيع عام 2017، كان ترامب حريصًا على الانسحاب من "نافتا" وأخبر بورتر "لماذا لا يتم ذلك؟ إنك تخدعنى، أريد فعل هذا الآن".

اقرأ المزيد: «المقاومة» داخل البيت الأبيض: لا نثق في ترامب

وبموجب أوامر من الرئيس، وضع بورتر رسالة الانسحاب من "نافتا" على مكتب الرئيس، لكنه شعر وغيره من المستشارين بالقلق من احتمال أن يؤدى ذلك إلى أزمة فى العلاقات الاقتصادية والخارجية، لذا استشار كوهن، الذى أخبره، حسب وودوارد "يمكننى إيقاف هذا، سآخذ الورقة من مكتبه".

حالة من الارتباك

يوضح وودوارد فى كتابه حالة الارتباك التى انتشرت بين بعض الموظفين والوزراء على مدى السنة الأولى من حكمه، بسبب عدم فهم الرئيس للكيفية التى تعمل بها الحكومة وعجزه وعدم رغبته فى التعلم.

وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن حالة الارتباك هذه أصبحت سمة روتينية فى الإدارة الأمريكية، لكنها لا تمثل جوهر كتاب وودوارد الذى يركز فى الغالب على القرارات الجوهرية والخلافات الداخلية، بما فى ذلك التوترات مع كوريا الشمالية وكذلك مستقبل السياسة الأمريكية فى أفغانستان.

حيث يروى وودوارد حالة القلق المستمرة داخل الحكومة بشأن تعامل ترامب مع التهديد النووى الكورى الشمالى، فبعد مرور شهر على رئاسته، طلب ترامب من الجيش الأمريكى وضع خطة لضربة عسكرية وقائية ضد كوريا الشمالية، وهو ما أثار الرعب بين قادة الجيش بسبب تداعياته المستقبلية.

فى خريف عام 2017، عندما كثف ترامب حربه الكلامية ضد الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون، الذى وصفه بـ"رجل الصواريخ الصغير" فى خطاب ألقاه فى الأمم المتحدة، أعرب مساعدو ترامب عن قلقهم من أن الرئيس قد يستفز كيم. 

ويشرح الكتاب تفاصيل نفاد صبر ترامب من الحرب فى أفغانستان، التى أصبحت أطول صراع فى تاريخ الولايات المتحدة، حيث وبخ فى اجتماع لمجلس الأمن القومى فى يوليو 2017، قادة الجيش فى جلسة استمرت لمدة 25 دقيقة.

وقال لهم ترامب، وفقا لما ذكره وودوارد إنه "كان بإمكان الجنود العاديين أن يديروا الأمور بشكل أفضل بكثير منكم"، وأضاف: "لا أعرف ما الذى نفعله بحق الجحيم".

بدلة السجن

كان جون دود المحامى الشخصى للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، مقتنعا بأن ترامب سوف يرتكب جريمة الحنث باليمين إذا تحدث مع المحامى الخاص روبرت مولر. 

اقرأ المزيد: ترامب يكشف تعرضه لخيانة داخل البيت الأبيض

لذلك، فى السابع والعشرين من يناير الماضى، قام محامى الرئيس فى ذلك الوقت بتنظيم جلسة تدريبية لترامب لمحاولة توضيح كيف سيكون الأمر عليه.

ويقول وودوارد فى كتابه، إن "دود" أمطر ترامب فى الجلسة التى عقدت فى البيت الأبيض، بتساؤلات حول التحقيق فى التدخل الروسى فى الانتخابات، وهو الأمر الذى شهد العديد من العثرات والتناقضات والأكاذيب إلى أن فقد الرئيس فى النهاية هدوءه.

ليدخل ترامب فى نوبة من الصراخ استمرت لثلاثين دقيقة أكد فيها أن "هذا الأمر مجرد خدعة"، انتهت بقوله "أنا لا أريد أن أجلس مع مولر".

حيث وصف "دود" الرئيس بأنه "كذاب سخيف"، وقال إن سينتهى المطاف بترامب فى "بدلة السجن البرتقالية"، إذا أدلى بشهادته أمام المحقق الخاص روبرت مولر.

تناقض ترامب

ترامب من جانبه هاجم الكتاب، ووصفه عبر حسابه الشخصى على "تويتر"، بـ"الاحتيال" ونفى ما ذكره وودوارد بأنه وصف وزير العدل بـ"المتخلف عقليًا"، وأضاف الرئيس أن الكتاب ملىء بـ"الكثير من الأكاذيب".

وكان قد كتب فى وقت سابق "إن كتاب وودوارد قد تم دحضه وتكذيبه من وزير الدفاع جيم ماتيس، وكبير موظفى البيت الأبيض جون كيلى".

وأضاف أن "ما ذكره الكتاب ما هو إلا احتيال وخداع للمواطنين، من الواضح أن وودوارد يعمل لصالح الديمقراطيين".

إلا أن هذه التصريحات، تتناقض مع ما ذكره ترامب فى المكالمة الهاتفية التى أجراها مع وودوارد فى أغسطس الماضى، ونشرتها صحيفة "واشنطن بوست".

حيث أكد ترامب فى المكالمة الهاتفية التى استمرت لنحو 11 دقيقة، أنه على علم بأن وودوارد "شخص نزيه"، وذكّره بلقاءاتهما السابقة فى برج ترامب.

شارك الخبر على