«مباراة.. وصدام حسين» بطلان لأزمة جديدة بين العراق والجزائر

أكثر من ٥ سنوات فى التحرير

طرقت أزمة دبلوماسية جديدة أبواب العراق والجزائر على خلفية أحداث المباراة التي جمعت بين فريقي القوة الجوية العراقية مع مضيفه نادي اتحاد الجزائر ضمن بطولة الأندية العربية.

شهدت مباراة كرة القدم أحداثا مثيرة من جانب الجماهير الجزائرية، والتي هتفت بعبارات سياسية وطائفية خلال المباراة تشيد بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين، تلك الهتافات دفعت فريق النادي العراقي "القوة الجوية العراقية" للانسحاب من المباراة، التي أقيمت أمس في العاصمة الجزائرية، احتجاجا على ما وصفته مصادر عراقية بترديد الجماهير الجزائرية شعارات تسيء للشعب العراقي.

تسلسل الأحداث

كانت نتيجة المباراة تشير إلى تقدم أصحاب الأرض بهدفين دون مقابل، قبل أن تهتف الجماهير الجزائرية "الله أكبر صدام حسين"، الأمر الذي دفع لاعبي الضيف للانسحاب، حسبما نشرت صحيفة "النهار" الجزائرية.

الفريق العراقي كان مهزوما في ملعبه بالذهاب (1-0)، قبل أن يتأخر (2-0) في لقاء الإياب الذي لم يكتمل بسبب قرار الفريق الضيف الانسحاب من اللقاء.

اقرأ أيضا : المصالحة الجزائرية.. هل تحل الأزمات العربية؟ 

وقبل نهاية المباراة بأقل من 20 دقيقة أطلقت الجماهير الجزائرية المتحمسة بجنون في ملعب المباراة ألعاب نارية وهتفت بعبارات أغضبت الفريق العراقي.

هتافات الجماهير الجزائرية حملت أبعادا سياسية ودينية مما جعل الفريق العراقي يتوقف عن اللعب ويخرج بعض من لاعبيه ليعود إلى الملعب بعلم العراق الذي طافوا به الملعب.

كما أظهر البث الحي للمباراة قيام بعض أنصار الفريق الجزائري بإلقاء الشعلات النارية على أرضية الملعب، عقب توقف المباراة وانسحاب لاعبي الفريق العراقي إلى غرفة تبديل الملابس.

وردت الجماهير الجزائرية بمزيد من الهتافات والألعاب النارية التي جعلت ملعب "5 جويلية" أشبه بساحة حرب، لينهي الحكم اللقاء إعلانا بانسحاب الضيوف، وتأهل أصحاب الأرض.

اقرأ أيضا : هل نظمت الجزائر رحلات جوية إلى إسرائيل؟ 

مصور الفريق محمد عامر العزاوي قال: "لا نستطيع مغادرة الملعب، بعد أن قرر نادي القوة الجوية في الجزائر الانسحاب، على خلفية الشعارات الطائفية التي هتف بها الجمهور الجزائري في الشوط الثاني من مواجهة فريق اتحاد العاصمة الجزائري"، مضيفا "الهتافات كانت بحق أحد المكونات الرئيسية في العراق، الأمر الذي دفع الفريق إلى الانسحاب من المباراة ومغادرة الملعب".

وتوجه السفير العراقي بالجزائر لغرف تغيير ملابس الفريق لإقناعهم بالعودة للملعب وإكمال المباراة، لكن دون جدوى ، وفقا لوكالة "سبوتنيك".

استياء واستدعاء

وفي أول رد فعل لها، أعلنت بغداد أنها ستستدعي السفير الجزائري لديها لإبلاغه رفض واستياء العراق من سلوك بعض الجماهير الرياضية الجزائرية خلال مباراة نادي القوة الجوية واتحاد الجزائر.

وأعربت وزارة الخارجية العراقية، في بيان لها عن استنكارها لسلوك بعض الجماهير الرياضية الجزائرية في مباراة نادي القوة الجوية العراقي المشارك في البطولة العربية، والتي أساءت حسب قولها، إلى عمق العلاقة الأخوية بين البلدين الشقيقين.

وطالبت الخارجية العراقية بتوضيح من الجهات ذات العلاقة عن هذا التصرف، مشيرة إلى أنها ستستدعي سفير الجمهورية الجزائرية لدى بغداد لإبلاغه "رفض واستياء العراق، حكومة وشعبا، وتذكره بمسؤولية حماية المواطنين العراقيين المتواجدين في الجزائر والابتعاد عن كل ما من شأنه إثارة شعبنا العزيز في تلميع الوجه القبيح للنظام الدكتاتوري الصدامي البائد".

اقرأ أيضا : «الحكومة الافتراضية» بالجزائر.. هل ستكون بداية لنهاية «أويحيى»؟ 
 

وأشار بيان الخارجية إلى أن "الشعب العراقي المحب لأشقائه الجزائريين كان ومازال مثالا ونموذجا في التعامل الأخوي"، حسب "النهار" الجزائرية.

تهديد بالانسحاب من البطولة

الاتحاد العراقي لكرة القدم، هدد أيضا بالانسحاب من البطولة العربية للأندية، بعد الأحداث التي شهدتها مباراة القوة الجوية واتحاد العاصمة الجزائري.

وأعرب رئيس الاتحاد عبد الخالق مسعود عن رفضه التام لما حدث من إساءة للفريق العراقي، منتظرا وصول الفريق العراقي إلى البلاد وتقديم اعتراض شديد اللهجة معززا بالوثائق والإثباتات لما حدث، كما أشار إلى أنه في انتظار قرار الاتحاد العربي برفض أي إساءة تحمل عنوان الهتافات العنصرية والطائفية التي تفرق ولا تجمع جماهيرنا العربية، على حد قوله.

وأكد رئيس الاتحاد أنه في حالة عدم اتخاذ الاتحاد العربي قرارا منصفا يعيد للكرة العراقية وجودها واحترامها فإنه سيقدم استقالته كنائب لرئيس الاتحاد العربي مع انسحاب الفرق العراقية من المشاركة فيها.

أزمات سابقة

وهذه ليست الأزمة الأولي التي يشهدها البلدان، فهذه هي المرة الثانية خلال ثلاثة أعوام، التي تتسبب فيها التجاذبات الطائفية في تعكير العلاقات العراقية الجزائرية، حيث كانت الحكومة الجزائرية وجّهت في يوليو عام 2016 تحذيرات إلى السفارة العراقية في الجزائر بشأن نشاط التشيع وتشجيع سفر الجزائريين إلى المراكز الدينية والأماكن المقدسة لدى الشيعة في العراق.

وقال وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري محمد عيسى حينها إن "البيان الذي نشرته أخيرًا سفارة العراق بالجزائر، والذي يقترح تسهيلات للسياحة الدينية على الجزائريين هو عبارة عن تدخل في المرجعية الدينية للجزائر".

وخلال الفترة الأخيرة تزايد الحديث عن نشاط شيعي في الجزائر، وتتناقل تقارير إعلامية وجود حسينيات شيعية غير معلنة في مناطق في ولاية تبسة في شرق الجزائر ووهران بغربها.

أما أبرز الأزمات التي شهدتها العلاقات العراقية الجزائرية فترجع إلى 2005، بعد حادثة اختطاف وإعدام الدبلوماسيين الجزائريين بالعراق سنة 2005 من طرف جماعات إرهابية.

اقرأ أيضا: بعد الإساءة لبوتفليقة.. العلاقات الجزائرية الأوروبية على صفيح ساخن 
خلفت هذه الجريمة حالة من السخط والأسى الشعبي والرسمي، الأمر الذي فرض سحب التواجد الدبلوماسي الجزائري من العراق، ثم العودة بالحد الأدنى من التمثيل.

وطوت الجزائر والعراق صفحة الأزمة الدبلوماسية التي استمرت ما يقرب من عشر سنوات، حتى إرسال سفير جديد سنة 2013، بعد أن أبدى العراق والجزائر رغبتهما المشتركة لإعادة بعث العلاقات الدبلوماسية بينهما، وقررا فتح صفحة جديدة من الوئام السياسي في إطار التقارب الدبلوماسي الجديد بين البلدين بعد الضمانات والتعهدات الرسمية التي قدمتها السلطات العراقية بتوفير الحماية الأمنية اللازمة للسفارة الجزائرية وبعثتها الدبلوماسية حتى لا يتكرر سيناريو 2005، حيث تعرضت سفارة الجزائر ببغداد لاعتداء إرهابي مسلح واختطاف دبلوماسيها وإعدامهم.

شارك الخبر على