هل يحق للمتزوجين «عرفيا» المشاركة في الميراث؟

أكثر من ٥ سنوات فى التحرير

يتأهب مجلس النواب، خلال دور الانعقاد الرابع، والمقرر له مطلع أكتوبر المقبل، لمناقشة حزمة من مشروعات القوانين، غير أن ما أعلنته النائبة البرلمانية آمنة نصير، عن تقديم مشروع قانون لتجريم الزواج العرفي، أثار حالة من البلبلة وردود الفعل الواسعة بين مؤيد ومعارض.

"التحرير" تستعرض خلال هذا التقرير، مشروع الميراث فى الزواج العرفي، وهل يحق لأحد الطرفين أن يرث من الآخر فى حالة الزواج العرفي، وموقف القانون من مسألة الميراث فى هذا الزواج؟

ما هو الزواج العرفي؟

أكد الدكتور محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء، أن هناك خلطا فى المفاهيم بين قطاع عريض من الناس بشأن الزواج العرفي ونظيره السري، مؤكدا أن الزواج العرفى المعمول به شرعا هو ما توافر به الإيجاب والقبول وأن يكون عقد القرآن داخل المسجد، ويتحقق معه الإشهار والعلن حسب ظروف كل مكان، أما الزواج السري هو الزواج الذى لا يتوافر به تلك الشروط، وبالتالي فالأخير ليس زواجا بل زنا ولا يترتب عليه أى حقوق بين أطرافه.

وأضاف عضو هيئة كبار العلماء لـ"التحرير"، أن الزواج العرفى الذى توافرت به الشروط التى أقرتها الشريعة الإسلامية لصحته وقبوله شرعا، يترتب عليه جميع الحقوق الزوجية، وفى مقدمتهم الميراث، فيحق للزوجين أن يرث كل منهما الآخر بموجب عقد الزواج العرفي، أعمال لقوله تعالي: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۚ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم ۚ مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ ۚ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ۚ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ".

وتابع: من الناحية الشرعية يحق لكل طرف بموجب عقد الزواج العرفى الصحيح أن يرث الآخر، أما القانون فله كلمة أخرى، إذ لا يعترف فى مسالة الميراث إلا بعقود الزواج المحررة رسميا فى مكاتب توثيق الزواج، واقتصر القانون إثبات النسب للزواج العرفي، حفاظا على حقوق الطفل.

التوريث مباح

وأوضح الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه بجامعة الأزهر، أن الزواج العرفى المستوفي أركانه يعد زواجا صحيحا شرعا، يترتب عليه جميع الآثار التى تترتب على الزواج عند المأذون من نكاح وإنجاب وميراث.

وأشار كريمة لـ"التحرير"، أن الزواج العرفي لكى يكون صحيح شرعا، لا بد من وجود ولي والحصول على إذنه فى إتمام الزواج، وكذلك تحديد المهر أو الصداق، وشهود عدول اثنين على الأقل، وتوافر الإشهار والإعلان، والقبول، وبناء عليه يترتب على الزواج فى هذه الحالة أن يرث كل طرف الآخر، شأنه شأن الزواج أمام المأذون.

وتابع: الزواج السري الذى يتم فى السر دون وجود ولي أو إشهار، ليس زواجا عرفيا ولا شرعيا على الإطلاق، بل عقد زواج باطل وفاسد، ولا يترتب عليه أى حقوق سواء نكاح أو إنجاب أو ميراث.

عوار دستوري

أكدت المستشارة تهانى الجبالى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، أن قانون الأحوال الشخصية، تمت عليه تعديلات خلال الفترة الماضية، أقرت بحق إثبات النسب بموجب وثيقة الزواج، احتراما لحق الطفل، وبالتالي يجب على القانون بموجب أنه تضمن الاعتراف بحق النسب، أن يشمل وينص صراحة على حق الطفل فى الميراث أسوة بحق ثبوت النسب.

وأضافت الجبالى لـ"التحرير"، أنه لو خلى قانون الأحوال الشخصية من الاعتراف بحق الطفل فى الميراث، وتضمن فقط إثبات نسبه، يصبح القانون به عوار دستوري، وبالتالى إذ عرض الأمر على المحكمة الدستورية العليا، سيتقضي بحق الطفل فى الميراث أسوة بالاعتراف بنسبه، حتى لا يكون هناك تفرقة بين الأخوة أو الأخوات.

الميراث مشروط

وقالت الدكتورة فتحية الحنفى، أستاذ الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة، ان من أسباب الميراث القرابة النسبية والقرابة السببية، والرقابة النسبية هي كل من ينتسب إلى الميت سواء من جهة الأصول والفروع، وأما القرابة السببية وهي التي سببها عقد الزواج الصحيح فهي سبب للتوارث بين الزوجين المسلمين.

وأشارت "الحنفى" في تصريح لـ"التحرير"، أنه من المتفق عليه أن عقد الزواج الصحيح الموثق في الجهات الرسمية هو الذي يترتب عليه حكم الميراث، أما بالنسبة للزواج العرفي وهذا النوع من الزواج غير موثق، ولكن له صور مختلفة منها ما هو محرم ومنها ما هو صحيح، فالزواج العرفي بصوره المحرمة لا يترتب عليه أي حكم شرعي من نسب أو نفقة أو ميراث، أما إذا تم بين زوج وزوجة وولي وشهود وإن لم يوثق فقد أخذ صورته الصحيحة حيث الرضا بينهما وهو أساس العقد على ما كان سابقا فقد كان العقد يتم دون توثيق، فإذا تم العقد بهذه الصورة فهو عقد صحيح وترتب عليه آثاره وهي النسب والميراث والنفقة ولكن هذه الحقوق دعاوي لا تثبت أمام القضاء إلا بتوثيق، خصوصا في حالة إنكار الزوج.

وتابعت: ثم إننا في يومنا هذا خربت الذمم ولم يمكن إثبات أي حق إلا بأوراق رسمية، فعدم توثيق العقد فيه تضييع لحقوق الزوجة والأولاد وبخاصة عند إنكار الزوج، ثم ما الذي يدفع المراة إلى الزواج العرفي وهو في الحقيقة فيه شيء من الغش والخداع وأكل الأموال بالباطل، لأن المراة تلجأ إليه للاحتفاظ بالمعاش، أو أن الزوج في وضع اجتماعي لا يسمح له بالتوثيق خوفا على أولاده وزوجته إلى غير ذلك من الأمور التي يترتب عليها ضياع الحقوق خاصة بالنسبة للمرأة وما يفرزه هذا الزواج من أولاد.

شارك الخبر على