فى ذكرى فض أكبر تجمع إرهابى مسلح فى التاريخ رابـعـة الـدم!

أكثر من ٥ سنوات فى الموجز

روزاليوسف 
بقلم/ أحمد باشا 
لا تندهش إذا عرفت أن جماعة الإخوان ليست إرهابية بل إن الإرهاب هو ما يجب أن يتصف بأنه إخوانى، الإخوان فكرة قاتلة تعلو على أى فكرة إرهابية وتفرزها.. بمعنى أدق؛ كل إخوانى يقينًا هو إرهابى وكل إرهابى حتمًا هو مستند لفكرة أو نظرية إخوانية استعلائية أو عنصرية أو تكفيرية أو إقصائية، باختصار الإرهاب هو الإخوان.
من مفارقات القدر أن تقرر الجماعة بناء مظلوميتها حاملة شعار الأصابع الأربعة دليلًا على البصمة الإجرامية لهذا التنظيم تدمغ بها سيرته فى سجلات التاريخ.
  تنظيم «الدماء المستباحة» و«الدماء المسترخصة» كتب تاريخه بالدماء ويصر على أن يدنس مستقبله أيضا بها!
أكتب لكم عن «رابعة الدم» وليس عن السلوك الظاهر للتجمع الإخوانى الذى عرف خطأً بالاعتصام، لم يكن أبدًا اعتصامًا!
لغويًا «الاعتصام» هو امتناع عن الفعل.. لكن التنظيم هنا كان فاعلًا مستدعيًا وداعيًا للدماء، الاعتصام لغويًا - فى معنى آخر - هو الاحتماء، لكن التنظيم لم يلجأ هنا للاحتماء بالدولة أو حتى بنصح الناصحين أو بتكليف تنظيمى، لم تكن هذه غايته بل كان فاعلًا قاتلًا منتجًا لكل مشتقات الدم الإخوانى!
على أرض رابعة كان الهدف هو تجديد دماء الإرهاب الإخوانى فى عروق كافة تنظيمات الإرهاب التى خرجت أساسًا من رحم التنظيم، لم يكن أبدا اعتصامًا امتناعا أو احتماء بل معسكرا تدريبياً وتأهيلياً لملتقى الإرهاب الإخوانى.
ليس صحيحا أن ما أسماه التنظيم بالاعتصام كان من أجل الضغط على الدولة وصولا إلى مرحلة التفاوض معها، التنظيم كان يدرك جيدا أن عزل مرسى بقرار الإرادة الشعبية قد حسم استحالة ذلك الاحتمال، لم يكن أمام التنظيم للخروج من أزمته الوجودية إلا استدعاء الدم لبناء مظلومية جديدة دون أى اعتبار لحرمة الدماء، قادة التنظيم قرروا التوضؤ بدماء كوادرهم، قادة الجماعة قرروا تقديم دماء وأرواح الكوادر قربانًا لوجه الوثن التنظيمى.
  السلوك الظاهر على أرض رابعة كشف عن حالة غيبوبة جماعية وتغييب تنظيمى بنتها الجماعة من أجل ضمان استمرار بقاء ضحاياها من الكوادر التى كان يتم إعدادها للذبح استغلالًا لدمائهم فى كتابة فصل جديد من حياة الجماعة التى طالما أدارها قيادات من مصاصى دماء الأجيال.
على أرض رابعة كانت لحظة إلى اليقين التاريخى التى التقت فيها كل تيارات الإرهاب التى خرجت من عباءة الجماعة، وفِى لحظة النداء التنظيمى عادت إليها، فى ميدان الدماء أثبت التنظيم للعالم أنه آلة القتل الكبرى، فى نفس الميدان نشأ تنظيم أنصار بيت المقدس وتنظيم أجناد مصر وتكونت خلايا العمليات النوعية التى استباحت دماء المصريين.
ما حدث بعد فض هذا الاعتصام دليل دامغ على أن العمل الإرهابى هو جزء أصيل من تأهيل الكادر الإخوانى لأن درجة الخطورة والاحترافية التى اتسمت بها العمليات كشفت عن تدريب لا يمكن أن يكون وليدا للحظته أو ردا لفعل غير محسوب!
فى الذكرى الخامسة للجريمة الإخوانية المعلنة.. تظل القضية الرئيسية مطروحة، قضية المسئولية عن الدماء التى سالت والأرواح التى أزهقت، يقينًا أن ما حدث قد حدث لسببين رئيسيين من إنتاج التنظيم الإخوانى:
- إيهام المتجمعين أنه يمكن مواجهة الدولة بقوة السلاح.
- خلق حالة جهادية باطلة.
لعل هذين السببين تحديدًا هما ما ساهما فى خلق حالة العنف التى بدت عليها حالة المواجهة، والتى قصدتها الجماعة لإشراك أطراف متعددة فى جريمتها لخلق حالة شيوع إرهابى بهدف توسيع مظلة المظلومية الكاذبة التى ستمكن الإخوان من استخدام أطراف متعددة ليست محسوبة على الجماعة تنظيميًا وإن كانت خارجة من نفس معينها الفكرى الإرهابى.
الآن ننتقل إلى الوقائع التى تقطع الشك باليقين وتثبت أن التنظيم غير متورط فى الدماء -التورط هو فعل لا إرادى -بل إن التنظيم هو صانع حالة القتل مع سبق الإصرار، بعدما اتجهت إرادته لإسالة الدماء، هو الفاعل الرئيسى فى تلك الحالة التى أرادها عامدا متعمدا غير متورط فى أى لحظة.
  لنستعرض الملابسات المحيطة بعملية فض الاعتصام.. إليك مايلى:
- يوم الجمعة ٥ يوليو - أى بعد العزل بيومين - كان قد حدث اتفاق غير مباشر مع مرشد التنظيم محمد بديع ليظهر أعلى المنصة ويدعو المعتصمين للانصراف حقنًا للدماء، مقابل أن تشارك الجماعة كطرف سياسى فى تنفيذ خارطة الطريق المتفق عليها شعبيًا، لكن المرشد نكث بعهده واعتلى المنصة وحرض على الاعتصام والتمسك بالشرعية التى كانت قد أسقطت بفعل الإرادة الشعبية.
- قبل فض الاعتصام كان أحد قياداتها ويدعى «محمد على» قد نصح قيادات التنظيم بضرورة الفض منطلقًا من أن مواجهة الدولة مهلكة لافراد التنظيم وقد أدت نصيحته إلى نشوب مشادات حادة غادر بعدها القيادى المذكور مكان تواجد القيادات داخل الميدان واتجه ليستكمل اعتصامه فى صحن الميدان، لكن القيادات اعتقدت أنه سيفت فى عضد المعتصمين ويدعوهم للمغادرة، هذا الرجل وقبل بدء الفض وجد مقتولًا داخل الميدان بعدما أطلقت النيران عليه من مسافة قريبة، تقرير الصفة التشريحية أثبت أنه قتل متأثرا بإصابته بطلق نارى عيار ٩ مم فى الرأس، أى أن عملية قتله قد تمت داخل الميدان ومن مسافة قريبة لأن الفض لم يكن قد بدأ ولأن القنص من الخارج لا يمكن أن يستخدم فيه هذا العيار أبدا.
- قبل بدء الفض حرصت الدولة على تسريب الخبر تسريبًا مكثفًا والإعلان عن ممر آمن لدفع المتواجدين للمغادرة، كانت الدولة تقصد ما تفعل.
- قبل الفض كان الشيخ محمد حسان قد توسط لتخفيف الاحتقان بعد لقاء مع وزير الدفاع آنذاك عبدالفتاح السيسى التقى بعدها قيادات التنظيم داخل الاعتصام ولما سأل مفتيهم عبد الرحمن البر عن الدماء المتوقعة هل هى ظنية أم يقينية؟ أجاب البر على الفور بأنها متيقنة هكذا قال مفتى التنظيم المكلف بالرد ليكون رده فتوى شرعية للقتل والتقتيل، من هذا المنطلق أسالت الجماعة دماء يقينيا من أجل مظلومية ظنية.
- قبل الفض وخلال شهر رمضان كانت فترة الاعتصام قد طالت دون أى إجراء من الدولة فغلب الظن على التنظيم أن الدولة ستتبع سياسة التجاهل حتى ينتهى الاعتصام من تلقاء ذاته وبالتالى لن يكون هناك دماء، هكذا اعتقد التنظيم فراح يدفع بمجموعات إلى خارج الميدان للتحرش بالدولة لعل الدماء تسقط ويبدأ رصيد المظلومية فى التراكم، حتى أن أحد هذه التحركات كان أن وصل إلى قسم شرطة الأزبكية دون مراعاة لحرمة الشهر الكريم الذى تصفد فيه الشياطين إلا شيطان الجماعة لم يجد من يصفده.
هنا يجب التفرقة بين السلوك الجمعى للعناصر التى توجهت للمشاركة فى الاعتصام قادمة من كافة المحافظات وقد صحبت معها أسرا وزوجات وأطفالا، ليس فقط استجابة للتكليف التنظيمى بل اتقاء لحالة الغضب الشعبى التى طالت بعض البيوت الإخوانية فى القرى والنجوع، والتى تدل على أنها بحق ثورة شعبية، نقول وجب التفرقة بين سلوك الأعضاء وسلوك القيادات التى تعاملت ولازالت بأسلوب عنصرى استعلائى مع اعتصام رابعة باعتباره الأرقى والأكثر تأثيرًا لكونه قد ضم القيادات العليا وذويهم، حتى حجم الإنفاق ونوعية الطعام والاهتمام الإعلامى تفوق على اعتصام النهضة الذى تم التعامل معه فى الوعى الجمعى الاخوانى باعتباره قد ضم جمهور الدرجة الثالثة دليلا على العنصرية الإخوانية حتى مع المتعاطفين معها.
ليس هذا فحسب بل وجب التوقف عند سلوك القيادات التى كشفت عن نفسية إخوانية لا تقيم وزنًا للدماء أو للأرواح مقابل بقاء التنظيم الذى أصبح يمثل خضوعًا لحالة وثنية تعكس خللا عقائديا جسيما لدى هذا التنظيم.
ليس هنا المقصود إعادة البحث فى المسئولية عن الدماء فالجريمة الإخوانية ثابتة منذ قرارها بالخروج عن الدولة حتى قبل العزل، التجمع بدأ قبل ٣٠ يونيو كدليل واضح على أن الرئيس الذى لم يكن قد عزل بعد ينتهج نهجا ثابتا فى الخروج عن الدولة التى كان يحكمها آنذاك باستخدام ميليشيات التنظيم الذى ينتمى إليه ظنًا أنها ستنجح فى إرهاب الدولة أو إرهاب الجموع الثائرة، وهى نفس الميليشيات التى كان قد استخدمها من قبل ضد الثائرين على إعلانه غير الدستورى الذى أصدره خلال شهر نوفمبر عام ٢٠١٢.
عموم السلوك الإخوانى يعبر عن حالة تنظيمية لا تتسق مع مفردات الدولة، لقد عزل محمد مرسى نفسه عّن الدولة وعن الشرعية قبل أن يعزله الشعب عن الحكم، فخرجت ثورة ٣٠ يونيو ليس للمبادرة بفرض واقع ثورى إنما لإقرار وتوثيق هذا الواقع جماهيريا وإعلاميًا بعد أن بادر هذا التنظيم باختيار الخروج عن الشرعية منذ أحداث الاتحادية، لذلك فإن السند المزعوم للاعتصام وهو الدفاع عّن الشرعية هو مفقود أساسا.
لقد كنّا أمام أكبر تجمع إرهابى مسلح عرفه التاريخ،  نظمته جماعة غير شرعية، ومارست خلاله كل أشكال الخروج عن الشرعية لتطالب بعودة الشرعية، الحالة فى عمومها باطل مبنى على باطل.
هذا الخروج عن الدولة لم يكن أبدًا اضطراريًا، بل اختيارًا تنظيميًا مقصودًا هدفه الاستثمار فى الدماء من أجل ضمان إعادة بناء التنظيم، الذى كان قد تصدع بفعل قوة الهتاف الشعبى المنادى بسقوط حكم المرشد فى الشوارع والميادين.
تخيل الحالة النفسية المسيطرة على حركة التنظيم، لدرجة أن توحى لكهنة مكتب الإرشاد أن حياة التنظيم يمكن أن تقوم على جثة أعضائه وكوادره. بهذا الاضطراب والخلل النفسى والإنسانى ظنت الجماعة أنها قادرة على مواجهة الدولة المصرية، فانهار التنظيم بقرار من التنظيم.

شارك الخبر على