تمزق «النصر» يهدد بقاء العبادي على رأس الحكومة العراقية

أكثر من ٥ سنوات فى التحرير

تتضاءل فرص رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في الحصول على ولاية ثانية لقيادة الحكومة المقبلة، بعدما كان الأوفر حظا من بين جميع الشخصيات السياسية لهذا المنصب، بعد أن قاد البلاد في فترة حرجة ونجح خلالها في التخلص من تنظيم "داعش".

ففي الوقت الذي أعلن ائتلاف "النصر" الذي يتزعمه العبادي، خلال اجتماعه الدوري السادس الاثنين، تمسكه بالعبادي كمرشح لرئاسة الحكومة المقبلة، فإنه بعد ساعات قليلة من إعلان هذا الدعم كشفت مصادر سياسية عن تعرض "النصر" لهزات عنيفة قد تؤدي إلى تمزقه لعدة كيانات سياسية بسبب الولاية الثانية لزعيمه.

ائتلاف النصر رشح العبادي رسميا لرئاسة الحكومة، ولم تقدم أي كتلة أخرى مرشحا لهذا المنصب، وكانت الأمور تتجه نحو ولاية ثانية له، إلا أن الوضع بدأ في اتخاذ اتجاه آخر.

تهديدات بالانسحاب

جاءت توقعات المصادر بتمزق تحالف "النصر"، بعد تهديد قيادات ونواب حزب الفضيلة الاسلامي، وبيارق الخير، وكتلة عطاء المنضوين تحت ائتلاف النصر، بالانسحاب منه في حال إصرار العبادي على الولاية الثانية والتي تعني أنهم لن يتحصلوا على أي مناصب وزارية كانت أم إدارية بسبب اقتطاع نقاط كثيرة من الكتلة التي يخرج منها رئيس الوزراء.

اقرأ أيضا: هل ينجح العبادي في امتصاص الغضب الشعبي بـ3 مليارات دولار؟ 

ويشير مراقبون إلى أن نحو ثلثي مكونات ائتلاف النصر ينوون الانضمام إلى تحالف الكتلة الأكبر التي سُتشكل الحكومة المقبلة، بقيادة دولة القانون وتحالف الفتح، وتحديدا نواب الفضيلة وبيارق الخير وعطاء، والذين ينوون الحصول على مناصب وزارية في الحكومة الجديدة وهذا يعني أن النصر ليس تحالفا سياسيا بل هو تحالف انتخابي، حسب "الغد برس".

ونشر أمس بيان يحمل توقيعات حزب "عطاء" بزعامة فالح الفياض، مستشار الأمن الوطني، الذي أعلن انسحابه من سباق رئاسة الوزراء لصالح العبادي، و"بيارق الخير" الذي يقوده وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، فضلاً عن الحزب الإسلامي.

وجاء في البيان أنه "حرصا على وحدة العراق وسيادته واستجابة للمطالب الشعبية بالإصلاح واستجابة لتوجيهات المرجعية العليا بالإسراع بتشكيل الحكومة القادمة، ترى قيادات من ائتلاف النصر أنها مع أوسع تمثيل للكتل المعنية باختيار المرشح لرئاسة الوزراء".

كما رفض البيان "استبعاد أي طرف معني بذلك وستطلب هذه القيادات اجتماعا لائتلاف النصر للبت بهذا الشأن".

انحصرت المفاوضات بين الكتل في المنافسة على منصب رئيس الوزراء خلال الفترة الماضية بين زعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي من جهة وزعيم الفتح هادي العامري مع وجود منافسين آخرين لهما من داخل كتلهما فبينما كان ينافس فالح الفياض مستشار الأمن الوطني العبادي ضمن ائتلاف النصر لا يوجد منافس له من تحالف سائرون الذي يصر على البرنامج الحكومي وليس على اسم معين.

اقرأ أيضا : هل يغير اجتماع العبادي «خارطة التحالفات» في العراق؟ 

وحسب مصدر مطلع تحدث لـ "الشرق الأوسط" فإنه في الوقت الذي يبدو فيه العامري مرشح الفتح الوحيد، فإن له منافسون من أقرب حليف له وهو دولة القانون الذي كثيرا ما بات يزج باسم طارق نجم بوصفه أحد المرشحين المحتملين في حال تم البحث عن مرشح تسوية.

تحاف ثلاثي

وبالإضافة إلى تراجع قيادات "النصر" عن دعم العبادي هناك تحالف ثلاثي يهدد مصير الأخير، فقد تم الكشف عما يجري داخل أروقة الكتل الشيعية الفائزة بالانتخابات النيابية 2018، لتشكيل الكتلة الأكبر، وشخصية رئيس الوزراء المقبل.

وتثار أنباء حول وجود تحالف ثلاثي بين ائتلافات "الفتح والنصر ودولة القانون"، وترشيح أسماء لرئاسة الوزراء لا تمت للواقع بصلة ولم يتم التطرق لهذا الموضوع أصلا، مؤكدا "وجود غايات سياسية وراء تسريب هذه الأخبار غير الصحيحة"، حسب "أصوات العراق".

وكانت مصادر مطلعة على المفاوضات الجارية بين الكتل الشيعية، كشفت، في تصريحات صحفية، عن "انقسام الأحزاب الشيعية حول دعم حيدر العبادي من عدمه في الولاية الثانية".

وأوضحت تلك المصادر أن هناك إصرارا على التجديد للعبادي، لكن الرفض أيضا لا يقل قوة عن الطرف الآخر مما تسبب بتعميق الخلافات داخل الأحزاب الشيعية.

الاحتجاجات والعبادي

جاءت الاحتجاجات المتواصلة هذا الصيف في محافظات العراق ذات الغالبية الشيعية لتنهي الآمال في أن يتمكن حيدر العبادي من أن يحتفظ بمنصبه لولاية ثانية، مع قيام متظاهرين بتحويل امتعاضاتهم إزاء تدهور الخدمات الأساسية إلى شجب كاسح لقيادته.

اقرأ أيضا : المتظاهرون بالعراق يرفعون سقف مطالبهم.. و«العبادي» يفشل في امتصاص غضبهم

الاحتجاجات التي تحولت من مسيرات فوضوية وأحيانا شرسة إلى اعتصامات يومية، دفعت بشخصيات دينية وسياسية الى توجيه أصابع الاتهام لرئيس الوزراء حيدر العبادي على أنه المسبب لمشاكل العراق الكثيرة، هذا قد يكلفه خسارة الولاية الثانية رغم نجاحاته التي حظيت بترحيب واسع العام الماضي في قيادة الحكومة العراقية لتحقيق نصر على تنظيم داعش والحيلولة دون انفصال إقليم كردستان عن البلد.

وبينما كان أداء قائمته الانتخابية ضعيفا في انتخابات العراق البرلمانية هذا الربيع حيث حلت بالترتيب الثالث متخلفة عن قائمة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي حل أولا وقائمة الفتح بقيادة القيادي في الحشد الشعبي هادي العامري، فإنّ مراقبين سياسيين توقعوا أن العبادي قد يحتفظ بمنصبه ضمن حكومة ائتلافية، بحسب "واشنطن بوست".

يأتي هذا المصير الغامض الذي يحيط بالعبادي، ليعزز حظوظ زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري بوصفه مرشح الكتلة الوحيد دون منافس.

التطورات التي ذكرناها وفي مقدمتها تراجع عدد من قيادات تحالف النصر عن دعم الأخير العبادي لولاية ثانية، وذلك بعد يوم من إعلان التحالف تمسكه بالعبادي مرشحاً لرئاسة الوزراء، تهدد فرص بقاء الأخير على رأس الحكومة، ومن ثم غموض مصيره.

اقرأ أيضا : العبادي والصدر.. تحالف «عابر للطائفية» من أجل الحكومة العراقية 

شارك الخبر على