«هان الود»

أكثر من ٥ سنوات فى الشبيبة

أحمد المرشد«قالوا لي هان الود عليه ونسيك وفات قلبك وحداني..رديت وقلت بتشمتوا ليه هو افتكرني عشان ينساني..أنا بحبه وأراعي وده إن كان في قربه ولا في بعده..وأفضل أمني الروح برضاه ألقاه جفاني وزاد حرماني..هو اللي حالي كده وياه كان افتكرني عشان ينساني..ليه ليه ليه ليه ليه»ربما أبدأ مقالي بالأغنية مباشرة دون التمهيد لها كما اعتدت في كتاباتي عن حكايات الحب والعشق والهيام وأغاني أم كلثوم والعندليب عبدالحليم حافظ وغيرهما، ولهذه المقدمة حكاية تتعلّق بأغنية «هان الود» للموسيقار محمد عبدالوهاب التي أبدع فيها بسبب معاناته العاطفية مع زوجته نهلة القدسي التي هجرته وتركت مصر وسافرت للأردن غاضبة منه لسبب لا يعلمه سواهما حتى الآن وإن كان الكل يعلم بقصة الهجران والود الذي هان حتى عادت العاطفة الجياشة تجري في الأوردة والعروق لعبدالوهاب ونهلة القدسي.. عبدالوهاب الذي أهدى عشاقه أغنية تعيش لتتغنى بها كل الأجيال ويحفظها عن ظهر قلب كل من عانى الهجران، ونهلة التي سرعان ما تخلّت عن قرارها بهجر حبيبها والعودة إلى محراب حبهما الذي جمعهما معا حتى وفاته لتعيش الزوجة على ذكراه. وقبل ما يهون الود على نهلة القدسي وتهجر زوجها لفترة محدودة، كانت عيناها هي السحر الذي وقع فيه عبدالوهاب، وجاء في مذكرات الموسيقار صاحب الحنجرة الذهبية صاحب النيل الخالد والجندول وكليوباترا، أنه عندما تعرّف على زوجته المقبلة نهلة القدسي لدى زيارتها له وهو مريض ببيروت مع أصدقاء مشتركين، كشف لها سر ارتدائها النظارة دائما، فسألته بتعجب كيف عرف ذلك؟! فجاء رد عبدالوهاب مباغتا خاصة وإنهما كانا ما يزالان في بداية تعارفهما، فماذا قال عبدالوهاب؟ مجرد جملة لا تتعدى سوى كلمات معدودة: «إنها -النظارة- تخفي كل هذا الجمال فأنتي رائعة الجمال»، مجرد جملة جعلته يسكن في قلبها. وكان عبدالوهاب قد استجمع كل قوته وملكاته العاطفية لينزع النظارة عن وجه حبيبته ليكتشف ما أخفت تلك النظارة من جمال عينيها التي غاص فيها ويتحدث معها ويكتشفا أنهما قد وقعا في الحب من أول نظرة وأنهما يعانيان في حياتهما الزوجية، الأمر الذي قرّبهما من بعض ليتماس القلبان ويخفق الحب بينهما. فقد وقع عبدالوهاب أسيرا لجمال عيني نهلة القدسي وقال فيها: «أر سوادا كلله النور كسواد عيني زوجتي نهلة».. وهكذا أيضا يقول صديقي الذي سأحكي قصته لاحقا في عيني حبيبته التي لا يمرّ يوما إلا ومتّع عينه وقلبه بعينيها وقال فيها شعرا وزجلا ونثرا، فهي في حياته بدر البدور والعيون الحور.ورغم قصة الحب الرائعة بين عبدالوهاب ونهلة القدسي، إلا أنها مثل بقية قصص الحب الشهيرة لم تخلُ من صعاب بلغت حد الهجران لتتركه وحيدا فترة زمنية وترفض العودة له، وتردد أنها كتبت مقالا أو جاء بحوار لها بإحدى المجلات المصرية بعنوان «هان الود» لتفسّر به سبب هجران زوجها ورحيلها عنه، وعندما علم عبدالوهاب من المقرّبين بأمر هذا المقال تأثر جدا بما جاء فيه ليذهب إلى صديقه الصدوق الشاعر أحمد رامي ليكتب له أغنية بعنوان «هان الود» ليرد بها على ما كتبته ملهمته وقصة حبه الخالدة. وقد كان لكلمات الأغنية التي بدأنا بها موضوعنا فعل السحر ليتبدل الهجران إلى جذوة حب جديدة وتنتهي فترة الخصام والبعاد ليعودا معا إلى عشهما ولتكون جملة «أنا بحبه وأراعي وده إن كان في قربه ولا في بعده» بداية لغرام يتجدد بين الزوجين.لم يبخل عبدالوهاب طوال حياته الزوجية مع نهلة القدسي بكلمة حب ودائما ما يتحدث عنها بود، فكانت له طوال حياته سيدة رائعة الجمال، لا يستطيع أن ينسى شكلها الذي رآها به أول مرة حينما رأى جمالا فاتنا لم يرَ مثله في حياته، وكثيرا ما تحدّث عن حكاية النظارة وعينيها، وكيف أحبها وشعر بأنها أجمل هدية في حياته، فقد كانت له امرأة مختلفة عن كل اللاتي عرفهن «فيها طعما حلوا كأنه الشهد في فمي والسند الذي أريد أن أستند عليه وأنطلق به في الحياة.. فهي نصف جمهوري وأجمل وأذكى معجباتي ونقادي». ولم تكن نهلة القدسي بأقل من عبدالوهاب روعة في وصف حبها له وإن كانت تعرف حق قدرها لديه فوصفت نفسها «لحن خالد في قلب عبدالوهاب». الجميل في قصة «هان الود» أن أحمد رامي توقع عودة نهلة القدسي لحبيبها بمجرد أن تستمع لجملة «أنا بحبه وأراعي وده إن كان في قربه ولا في بعده»، خاصة أن رامي كان له باع طويل في عالم الحب والهجران ويعرف مقدما موضع كلمات الغزل على أي قلب أي امرأة، وفعلا تحققت نبوءته وتأثرت أيقونة عبدالوهاب المهاجرة بها بمجرد سماع الأغنية، فالحب العظيم لا يضيع فالود أعظم دواء لمرض القلب الموجوع، وبالود تهون الدنيا كلها وبه يعود الصفاء والرضا العاطفي.والجميل أيضا في أغنية «هان الود» أنها تقترب جدا من حكاية صديق لي عاش نفس الأحداث تقريبا مع حبيبته وإن كان هو الذي حاول هجرانها لمّا شعر بغيرة من صديقاتها الكثيرات، ولكنه لم يستطع، فهي ملكت قلبه وتربعت به وسكنت عينيه ولم تغادرهما، وعندما اشتدت به الغيرة من لهوها أحيانا مع الصديقات في رحلة نسائية خالصة أرسل لها غاضبا ومعاتبا كلمات «هان الود» مصحوبة برابط الأغنية على موقع اليوتيوب الشهير، فهو عاش كلمات أحمد رامي وقد جن جنونه لبعادها في رحلة لم تدم سوى أيام قليلة، ولكنها كانت من الود أن اعتذرت بود ليرقصا بقلبيهما معا على ألحان الأغنية التي ما تزال تمس قلب كل عاشق ولهان لما لكلماتها ومعانيها من سحر يحرّك المشاعر، وبمجرد أن عاد الود لصديقي وحبيبته كتب لها قصته مع «هان الود» ولكن بطريقته وقال فيها:«بيسألوا ليه يهون الود عليه وينساني ويسيبني وقلبي وحداني..رديت وقلت بتحسدوني ليه هو دايما فاكرني وعمره ما ينساني..أنا بحبه وأراعي وده في قربه وفي بعده..وأفضل أمني الروح برضاه وألقاه دايما معايا..هو ده حالي كده وياه وبتمناه دايما قدامي..ليه ليه ليه ليه ليه..بيحسدوني ليه في حبي وليه يلوموني على قلبي..عشان دايما عايش في حبه وهو كمان بيرعاني..وسهرت في حبه أنام الليل وهو بحضني وعمره ما ينساني..خلوني أحبه على هواي وأشوف في حبه سعدي وهنايا..ده مهما طول شوقي إليه بيعود لي ولا زاد هجره ووهجاني..حبيبي عمره ما هان الود عليه ولا نسيني يوم وبكاني..ودايما فاكرني وعمره ما ينساني..».كاتب ومحلل سياسي بحريني

شارك الخبر على