أوّل الغيث..

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

حسين الصدر 
- 1 -جاء في بعض كتب الأدب :إنّ امرأة دفعت رغيفَ خُبزٍ لقارئ القرآن وقالت له:إقرأ على قبر أبي شيئاً من القرآن فبدأ يقرأ:الآية (48) من سورة القمر وهي:"يومَ يُسحبون في النار على وجوههم ذُوقوا مَسَّ سقر"وهنا انزعجت المرأة فقالت له:أهكذا يُقرأ على المقابر؟قال:ماذا أقرأ برغيف واحدٍ من الخبز؟أتريدين أنْ اقرأ قوله تعالى:{متكئين على فُرُشٍ بطائنها من استبرق} ؟الآية 54 / من سورة الرحمن إن ذلك لا يكون إلا بأنْ تدفعي لنا ديناراً ..!!
- 2 -إنها مجرد حكاية، ربما حسبها البعض مجرد نكتةً للتسلية، ولكنها ليست كذلك يقيناً..!!
- 3 -إنَّ هناك نزعة تستقطب، الكثيرين تقوم على أساس الحصول على المراد بأبسط الأثمان وأقلّ الكُلف، وما فعلته المرأة الفاقدة لأبيها مِنْ دفعِ رغيفِ الخبز لقارئ القرآن رغبة في ايصال الثواب الكبير إليه، قام به الكثيرون في موسم الانتخابات النيابية العامة التي جرت في 12 / 5 / 2018، حيث قدّموا للبسطاء والسذج من الناس حفنة من الدنانير، واشترطوا عليهم أن يدلوا بأصواتهم يوم الانتخابات لصالحهم .وغاب عنهم أنَّ السذج والبسطاء من الناس ليسوا ممن لا يدرك تفاهة هذا القصد الدنيء ..!!إنّ دفع حفنة من الدنانير لشخص ما، أو بعض ما يحتاجه المنزل من أدوات، يعني أنّ المرشح جعل المواطن سلعة من السلع مطروحة للبيع في سوق الراغبين، وفي ذلك من الإهانة والمصادرة لكرامته وحريته ما فيه..!!قليلاً من الحياء أيها الحمقى المندفعون صوب الرغائب دون رويّة، إنكم بهذا العمل الدنيء أسأتم الى الناس ولم تحسنوا إليهم .كيف يبيع المواطن العراقي الصالح دينه لكم بحفنة من الدنانير ؟!وكيف يبيع مستقبله ومستقبل أولاده لمن لا يملك إلا المال المشبوه ؟!وكيف يبيع صوته بالرخيص من الأسعار ويجترح إثم التضييع للأمانة والمسؤولية الشرعية والوطنية ؟!
- 4 -لقد تعددت وسائل التزوير في الانتخابات العامة التي جرت في 12 /5/2018 ولم تقتصر فقط على شراء الأصوات بل تعدتها الى التلاعب بكل مفاصل العملية الانتخابية – للأسف الشديد- وما زلنا نئن من نتائج تلك التلاعبات الفجة..!!
- 5 -والسؤال الآن :هل حسم القضاء العراقي دابرَ المشكلة أم أنه سكّن الأوجاع ؟لا يبدو انّ المشكلة قد حُسمت بشكل نهائي ولكنها تجاوزت مرحلة الغليان ..!!
- 6 -إنّ عضوية مجلس النواب – في غالب الأحوال – أصبحت طريقاً للثراء الفاحش، وانتفاخ الأوداج على حساب البائسين والمستضعفين، وإحراز المكاسب والامتيازات الشخصية والعائلية والفئوية ...وهنا يكمن الخطر .
- 7 -إن الانتخابات التي جرت في 12/5/2018 على الرغم مما شابها واعتراها من مؤاخذات، حظيت بإشارات مهمة الى أن رؤساء القوائم لم يعودوا قادرين على إدخال من يريدونه في مجلس النواب ..إنّ بعضهم لم يحالفهم الحظ بأن يفوز بنفسه .وهناك من فاز لمهنيته ووطنيته كالدكتور محمد علي زيني دون أنْ يصرف دولاراً واحداً على الدعاية الانتخابية، وهذا أوّل الغيث .ولوحظ أيضاً تراجع التأثر بالعامل الطائفي لصالح مراعاة المعايير الموضوعية .
- 8 -ولكنّ الأهم من ذلك كله، وهذا هو جرس الإنذار الخطير، تراجع نسبة المشاركين في الاقتراع العام – الأمر الذي يكشف عن عمق الهوة بين المواطنين وبين المحترفين السياسيين والسلطويين عموماً .ولابد في النهاية أن لا يصُح إلاّ الصحيح .

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على