المطران مطر الربّ يريد لكلّ الناس أن يكونوا عائلة واحدة وأن يتعايشوا بالحبّ والسلام

أكثر من ٥ سنوات فى تيار

احتفلت بحمدون بعيد شفيعها مار الياس الحيّ. وفي المناسبة ترأس رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر الذبيحة الإلهيّة في الكنيسة التي اتخذت من صاحب العيد شفيعًا لها وشارك فيها النائب العام لأبرشيّة بيروت المونسنيور جوزف مرهج وكاهن الرعيّة الخوري جان باخوس وأمين سرّ المطران الخوري عمّانوئيل قزّي.
وشارك في القداس رئيس بلدية بحمدون قسطة أبو رجيلي وأبناء البلدة والجوار.
وبعد الإنجيل المقدّس ألقى المطران مطر عظة تحدّث فيها عن النبي إيليا وإيمانه الصلب وحبّه لله ولتعاليمه، وقال: مبارك هذا العيد نحتفل به بحسب تقاليد قديمة في كنيسة مار الياس في بحمدون العزيزة ونقدّم القداس على نيّة المرحوم الياس ضومط وعائلته وأحفاده الذين بنوا هذه الكنيسة مرّة أولى، ثمّ أعادوا بناءها بعد الحرب مع معالي الوزير ميشال إده، لمجد الله وإكرامه فنذكرهم بالخير أحياءً وأمواتًا، طالبين لهم التوفيق وبركات الله على كل ما يعملون. كما أذكر في القدّاس المثلث الرحمة المطران اغناطيوس زيادة الذي رسمني كاهنًا والذي كان يأتي إلى هذه الكنيسة كلّ عام ليحتفل بالذبيحة الإلهيّة، كما المثلث الرحمة المطران خليل أبي نادر، كما أذكر الخوري يوسف عسّاف الذي خدم هذه الكنيسة وكان فيها لسنوات طويلة ونصلّي من أجل عائلته. كما نذكر كلّ الأيام الجميلة التي عرفتها بحمدون، أيّام العزّ يوم كانت عاصمة لبنان في الصيف، ونسأل الله أن يعيدها إلى لبنان وطننا العزيز وعلى الشرق بأسره. وقد سمعتم يا إخوتي، في الإنجيل المقدّس ربّنا يسوع يذكر إيليّا النبي مكرّمًا إياه. كانوا يعتقدون أن إيليّا لم يمتّ. صعد بمركة من نار إلى السماء وإنه سيعود في آخر الزمان، ليحضّر مجيء المسيح. فقال يسوع أن إيليّا عاد بشخص يوحنّا المعمدان وغيرته، لأن يوحنّا أعدّ مجيء المسيح، كما كانوا يتصوّرون عن إيليا النبيّ. موسى هو مؤسّس العهد القديم، الذي صنع العهد بين الله والشعب وأخرج الشعب من مصر يوم كانوا عبيدًا لفرعون وأخذهم إلى سيناء وأرض ميعاده ليعبدوا الله بحريّة. موسى رجل العهد القديم. ولماذا إيليّا مع موسى؟ لأن إيليّا مجدّد العهد. الشعب بعدما وصل إلى أرض ميعاده، لا ليحتلها ويطرد الآخرين، بل ليعيش عليها بكرامة وحريّة مع الناس. الربّ لا يريد أن يطرد أحدًا من بيته ومقامه. الربّ يريد لكلّ الناس أن يكونوا عائلة واحدة وأن يتعايشوا بالحبّ والسلام. هذا هو ملكوت الله. وصلوا إلى هذه الأرض وبعد سنوات، طالت أم قصرت نسوا ربّهم ونسوا العهد ونسوا موسى وراحوا يعبدون الأصنام. ما هي الأصنام، يا إخوتي؟ كلّ شيء غير الله هو صنم نعبده خلافًا لمشيئة الله. عندما أعبد ذاتي، أعبد صنمًا. عندما أعبد مالي أعبد صنمًا. مالي هو للخدمة لمساعدة الناس وبناء الكون. عندما أعبد سلطتي، أعبد صنمًا. عندما أعبد قوميتي، أعبد صنمًا. وحده الله يُعبد وننحني كلّنا له إجلالًا. وإذا اعترفنا بالله أبًا وخالقًا ومعبودًا، تنتظم علاقتنا مع الناس، إذ نُصبح كلّنا إخوّة. لا أُخوة في الأرض من دون أب والله هو الأب للجميع. عالم اليوم لا يمكن أن يكون عالمًا سلاميًا إذا فقد الله. لذلك إيليا وقف أمام هذا الشعب المتهوّر، الناسي ربّه، فصنع حربًا روحيّة عظيمة ضدّ عبادة الأصنام وكسرّهم، وقال: عودوا إلى ربّهم. لذلك إيليّا هو مجدّد العهد القديم، الذي صحّح الأمور وعاد إلى نصابها. نأخذ من إيليّا هذه الغيرة وهذه المحبّة للربّ، أن نعبده وحده ولا بعبد ذواتنا أو بعضنا بعضًا. نعود إلى الله ونقول له أنت إيماننا. أنت ملجانا وعليك رجانا. والربّ يسوع أظهر لنا كلّ ذلك بإنجيله الطاهر، بشخصه وبشخص كنيسته وقديّسيه. إيليّا النبيّ يذكرّنا بواجباتنا الأساسيّة تجاه ربّنا وتجاه الآخرين. إيليّا لا يخاف شيئًا ويقول أنا حيّ أمام الله. اضطهده الملوك وهرب إلى الصحراء. يئس في بعض الأحيان وقال لربّه، يئست أعفني من هذه الخدمة. وقال له: أصبحت وحيدًا بعدما قتلوا أنبياءك وهدّموا مذابحك. ماذا قال له الربّ؟ قال له لا. قد استبقيت 7 آلاف رجل في اسرائيل لم يسجوا على ركبهم للبعل. هناك 7 آلاف إنسان يحبّون الله. وأسألكم، يا إخوتي، أليس لدينا 7 آلاف إنسان يحبّون الله اليوم؟ بلى لدينا أكثر بكثير، وهؤلاء هم الخميرة وبفضلهم يخمّر الله العجنة من جديد. بفضل القديسين والطيبين والإنسانيين وبصلوات وخشوع المؤمنين يرضى الربّ عن المدينة كلّها. يسامح. أنظروا إلى مار شربل كيف بدّل كل الدنيا. إذهبوا إلى ديره في عنّايا، الناس بالآلاف للتبرّك ولطلب النعمة ولتجديد القلب. وهذا نقول أننا شعب لا ييأس. الربّ ملك التاريخ، ويمسكه بيده والغلبة للحقّ والحبّ والغلبة لملكوت الله.
وقال المطران مطر: طبعًا في الأرض شرّ، ولكنّ ماذا يقول الكتاب؟ حيث كثُرت الخطيئة، فاضت النعمة. نعم هناك خطيئة في العالم ولكن هناك نعمة وخير أيضًا. علينا ألا نيأس. الربّ هو الذي بنعمته يفتدينا ودمه سُفك من أجل إنسانيّة جديدة. مار الياس يضع فينا رجاءً جديدًا. نحن لن نترك الله ولن نترك رجاءنا بالربّ. ونقول: السلام سيتحقق في لبنان وفي كلّ دول المنطقة والعالم. الله سينظر إلى من سقطوا في الحروب لأن دماءهم عزيزة عليه. ولا بدّ منهم أن يبدّلوا وجه العالم، ويفتحون آفاقًا جديدة. يسوع علّمنا أن الفداء هو جسر عبورإلى حياة جديدة. القديسون هم مخلصو الدنيا بقوّة يسوع المسيح.
هذا هو إيليا النبي وهو الذي قال: حيّ هو الله الذي أنا واقف أمامه. الربّ يريدنا واقفين وأقوياء بالحقّ والحبّ ولا يريدنا مستسلمين بل أبناء الرجاء الحقيقي، الذي لا يُخزى. الرجاء الذي لا يخيّب صاحبه أبدًا، كما يقول الكتاب.
إيليّا نذكره، اليوم، بعد 2800 سنة على مروره بالأرض، لأن الله أعطاه رسالة قام بها خير قيام ودمغ البشريّة.
عندما تحدّى إيليا أنبياء البعل، ركع إيليا وصلّى وقال: استجبني يا ربّ.. استجبني يا ربّ.. فنزلت النار على ذبيحة إيليّا وظهر الإله الحيّ. وفي القدّاس، ومن أجل إيليّا، يسجد الكاهن بعد كلام التقديس ويقول ثلاث مرّات: استجبني يا ربّ وليأتي روحك ويحلّ علينا وعلى هذا القربان. إيليّا له محبّون في هذا الشرق هناك 20 كنيسة في أبرشيّة بيروت على اسم مار الياس. ولأننا نحبّه علينا أن نأخذ مواقفه ومحبّته للربّ الذي يجب أن يكون ألأول في حياتنا ونحن خدّام له صالحون.
 

شارك الخبر على