ماذا يملك الرئيس عون على مكتبه؟! (د. علا بطرس)

أكثر من ٥ سنوات فى تيار

د. علا بطرس-
 ليس صدفة أن يكون الرئيس عون محباً للبيئة والأرض، ولطالما افتخر أنه يعشق تراب الوطن الذي يعرف كل حبّة من كل بقعة فيه كونه كان ضابطا في الجيش دون أن يكفّ عن ممارسة الزراعة يوماً سواء في مرسيليا او فيلا غابي او حتى في الرابية وفِي الأمر دلالة كبيرة مرتبطة بجوهر تفكيره السياسي وكنه رؤيته للأزمات وتَصوُّره للحلول الناجعة لها.
يربط الرئيس عون ما يسميه ب"الارث الثقيل" للمشاكل على أنواعها في لبنان بنموذج تحليل الشجرة، الذي كان يعدّدها يوم كان رئيس تكتل التغيير والإصلاح من الخدمات غير المتوافرة والأكلاف الباهظة وهي النتائج التي يعاني منها اللبنانيون والتي تتمثّل بأغصان الشجرة كونها الجزء الأوضح للعيان، أما جذع الشجرة فهي المشكلة الظاهرة والتي تتطلب المعالجة سواء إجراء انتخابات نيابية وتأليف حكومة وما يطلق المحللون عليه "أزمات حكم" وهذا ما كان يراه اللبنانيون أيضاً، أما الجزء الخفي والمترسّخ للمشكلة والذي تصعب رؤيته فهي جذور الشجرة التي تعتبر الأسباب الحقيقية للمشاكل والتي لا يراها اللبنانيون إنما يعرفها الرئيس عن ظهر قلب ويعمل على معالجتها كخطة عمل موضوعة على مكتبه، فهل تطلق السهام على العهد ويُحمّل تبعات قديمة تعود بجذورها الى نشوء الدولة في العام ١٩٤٣ دون أن يعمد أي حزب او رئيس على معالجتها أم يقتنع الجميع أن مصلحة الوطن والأجيال المقبلة تقضي بدعم العهد دون عرقلة او دسائس؟!
للإنصاف والموضوعية، لا بدّ من تبيان المعالجات الجذرية التي نجح بها الرئيس عون وأخرى قادمة نوردها على الشكل التالي:أولاً- الديمقراطية التوافقية التي لا يمكن أن تستقيم دون حدوث إصلاح حقيقي طال عدالة التمثيل بنظام نسبي منعاً لحصول أزمات نظام كما كان يحصل في السابق والتي كانت تصل الى حدّ التهويل بهز الاستقرار ، لذلك أصبحت الانتخابات النيابية قاعدة للتمثيل الوزاري على قاعدة النسبية والتناسب. وعليه، يشدد الرئيس عون أمام القوى السياسية المتخاصمة ان صراعها سياسي واتفاقها سياسي ايضاً ما يعني ان السلم الأهلي مصان.ثانياً- يعتبر الاقتصاد السلاح الأفتك لإخضاع الشعوب لأن الجوع لا يمكن أن يبني دولاً حرّة ومزدهرة، ولكون اقتصاد لبنان قائم على الخدمات فلم تكن تتوانى اسرائيل قبل بداية كل موسم صيف على افتعال الهزات الأمنية والعسكرية لضرب السياحة فيه وللتهويل بالتوطين المبطن كحل مانع لعودة الفلسطينيين كلما أراد لبنان الاستدانة من الدول المانحة. لذلك طلب الرئيس عون وضع دراسة اقتصادية تولتها "ماكنزي" للمساعدة في الانتقال من نظام ريعي الى إنتاجي يُؤْمِن الاستقرار المستدام للبنان في الزراعة والصناعة دون الإغفال عن الدور الاساسي الذي قام به الوزير جبران باسيل في تنفيذ سياسة الأمن المائي والدبلوماسية الغذائية في الوزارات التي تولاها ذلك أن الدولة التي تنتج غلالها عصيّة على انتهاك سيادتها.وعليه، ان لبنان مع عهد الرئيس عون لا يمرّ بحقبة عادية وهو شبيه بما مرت به دول كالصين مع سياسة الإصلاح الاقتصادي لدينغ شاوبينغ او ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية ذلك أن الإصلاحات بعد الطائف لم تُطبق وبناء الدولة كمؤسسة المؤسسات لم يتحقق وعليه يجب إعطاء فرصة والتوقف عن ضخ الشائعات ومحاربة الفساد من خلال المواجهة السلمية الأقل كلفة والأكثر وقعاً والتي تبدأ بصوت الناخب في الانتخابات المحلية ما ينتج طبقة تكون بحجم آماله حرة قادرة على العمل بمهنية وشفافية لتحقيق المصلحة اللبنانية دون سواها.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على